Translate

الجمعة، 9 يونيو 2023

ج5.المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح /ج5.اول كتاب المناقب الي اخر الكتاب


ج5.المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح {من اول كتاب المناقب الي اخر الكتاب 

ج5.اول كتاب المناقب

المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

64 - كِتَاب الْمَنَاقِبِ

بَاب مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ

[2196] (3504) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ, نا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدٍ, وقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: نا أَبِي, عَنْ أَبِيهِ, حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ وَجُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَشْجَعُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ مَوَالِيَّ، لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ الله عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ».

وَخَرَّجَهُ في: مناقبهم (3512).

بَاب نِسْبَةِ الْيَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ عليه السلام مِنْهُمْ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ

[2197] (3508) خ نَا أَبُومَعْمَرٍ, نا عَبْدُ الْوَارِثِ, عَنْ الْحُسَيْنِ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ, حَدَّثَهُ عَنْ أبِي ذَرٍّ, أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ بالله، وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نسبٌ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ».

بَاب ذِكْرِ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ وَأَشْجَعَ

[2198] (3513) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ, نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ صَالِحٍ, نا نَافِعٌ, أَنَّ عَبْدَ الله, أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «غِفَارٌ غَفَرَ الله لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا الله، وَعُصَيَّةٌ عَصَتْ الله وَرَسُولَهُ».

(4/48)

[2199] (3515) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا ابْنُ مَهْدِيٍّ, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

(3516) خ قَالَ: نا ابْنُ بَشَّارٍ, نا غُنْدَرٌ, نا شُعْبَةُ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أبِي بَكْرَةَ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَجُهَيْنَةَ، شَكَّ ابْنُ أبِي يَعْقُوبَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي عَامِرٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ، فقَالَ: خَابُوا وَخَسِرُوا؟» قَالَ: نَعَمْ, (1) قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَأخَيْرُ مِنْهُمْ».

[2200] (3516) خ ونَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نَا حَمَّادٌ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ مُحَمَّدٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ: «أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ» الحديثَ.

وَخَرَّجَهُ في: النذور، باب والذي نفسي بيده (6635).

بَاب ذِكْرِ قَحْطَانَ

[2201] (3517) خ نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ, عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ, عَنْ أبِي الْغَيْثِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ».

_________

(1) قوله: فقَالَ: "خَابُوا وَخَسِرُوا؟ " هكذا وقع في النسخة، وبعضهم حذف قوله: فقَالَ، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله إن كانوا أخير هل خاب قومك وخسروا؟ فقَالَ الأقرع: نَعَمْ، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كذلك مؤكدا ذلك باليمين.

(4/49)

بَاب قِصَّةِ خُزَاعَةَ

[2202] (3520) خ نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا يَحْيَى بْنُ آدَمَ, نا إِسْرَائِيلُ, عَنْ أبِي حَصِينٍ, عَنْ أبِي صَالِحٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ (1) أَبُوخُزَاعَةَ».

[2203] (3524) خ ونَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ أبِي بِشْرٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} إلَى قَوْلِهِ {قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}.

بَاب مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} (2) وَقَوْلِهِ {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}.

[2204] (3532) خ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ, أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأنا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو الله بِهِ الْكُفْرَ, وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ».

[2205] (3533) خ ونَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, عَنْ أبِي الزِّنَادِ, عَنْ الْأَعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تَعْجَبُونَ

_________

(1) في الأصل: خنديف، وهو تصحيف.

(2) لم يكتب الأية من أولها في الأصل.

(4/50)

كَيْفَ يَصْرِفُ الله تبارك وتعالى عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ».

بَاب خَاتِمِ النَّبِيِّينَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[2206] (3535) خ نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ دِينَارٍ, عَنْ أبِي صَالِحٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ، (قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ) (1) وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ».

(بَاب وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[2207] (3536) خ ونا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, نا اللَّيْثُ, عَنْ عُقَيْلٍ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ, عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.

وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ) (2).

_________

(1) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(2) الذي ثبت من هذا الباب في الأصل كما يلي:

(خ ونا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ)، واستدركته من الصحيح، والله أعلم من الصواب.

(4/51)

بَاب صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا

[2208] (3544) خ نا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, نا ابْنُ فُضَيْلٍ, نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبِي خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُشْبِهُهُ.

قُلْتُ لِأَبِي جُحَيْفَةَ: صِفْهُ لِي، فقَالَ: كَانَ أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ، وَأَمَرَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثَة عَشْرَ قَلُوصًا فَقُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا.

[2209] (3546) خ وحَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ, نا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ: أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ الله بْنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكَانَ شَيْخًا؟ قَالَ: كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ.

[2210] (5905) خ ونا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, نا (وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ) (1) , نا أبِي عَنْ قَتَادَةَ.

و (3550) نَا أَبُونُعَيْمٍ, نا هَمَّامٌ, عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا.

و (5895) نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ ثَابِتٍ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ خِضَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَا يَخْضِبُ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتِهِ فِي لِحْيَتِهِ.

زَادَ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ: إِنَّمَا كَانَ شَيْءٌ فِي صُدْغَيْهِ.

_________

(1) في الأصل: (زهير نا أبي) وهو تصحيف.

(4/52)

[2211] (3547) خ ونا يحيى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ, عَنْ خَالِدٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي هِلَالٍ, عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ.

[2212] (3548) خ ونَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ, عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، وَليس بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ وَلَيْسَ بِالْآدَمِ، وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبْطِ.

زَادَ سَعِيدٌ: رجل أَزْهَرَ اللَّوْنِ.

بَعَثَهُ الله عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ.

زَادَ سَعِيدٌ: يُنْزَلُ عَلَيْهِ.

وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِين، وَتَوَفَّاهُ الله عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ.

زَادَ سَعِيدٌ: قَالَ رَبِيعَةُ: فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ: احْمَرَّ مِنْ الطِّيبِ.

قَالَ الْمُهَلَّبُ:

تَرَكَ أَنَسٌ ذِكْرَ الثَّلاثِ السِّنِينَ الَّتِي لَمْ يَنْزِلْ عَلَيهِ فِيهَا الْوَحْيُ، الْفَتْرة الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ نُبُوَّتِهِ إِلى أَنْ أُرْسِلَ, فَنُزُولُ سُورَةِ الْمُدَّثِرِ عَلَيهِ بَعْد الْفَتْرَةِ الَّتِي يَغْدُو إِلى وَادٍ مِنْ الْجِبَالِ لِيَتَرَدَّى مِنْهَا حَزَنَا عَلَى مَا كَانَ تَوَقَّفْ عَنْهُ مِنْ الْوَحْي، فِإِذَا أَوْفَى عَلَى ذِرْوَةِ جَبَلٍ لِيَتَرَدَّى مِنْهُ تَبَدَّى إِلَيْهِ جِبْرِيلُ فَيَقَوْل لَهُ: لاَ تَحْزَنْ فَإِنَّكَ الْنَّبِيَّ حَقًّا.

(4/53)

وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَكَثَ بِمَكَّةِ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ هُوَ أَبْيَنُ, وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ لِقَوْلِهِ: عَشْرَ سِنِين يُنْزَلُ عَلَيْهِ، وَتَرَكَ ذِكْرَ الثَّلاثِ الْفَتْرَةَ الَّتِي لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِ فِيهَا.

وَكَذلكَ رَوَتْهُ عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ: لَبِثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يَنْزِلُ عَلَيهِ الْقُرْآنُ (1).

وَخَرَّجَهُ في: باب الجعد (5900) (5903 5905).

[2213] (5901) خ ونَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا إِسْرَائِيلُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ.

و (3551) نَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ, عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ، رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ.

زَادَ أَبُوإِسْحَاقَ: سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ به غَيْرَ مَرَّةٍ مَا حَدَّثَ بِهِ قَطُّ إِلَّا ضَحِكَ.

(3551) وقَالَ يُوسُفُ بْنُ أبِي إِسْحَاقَ, عَنْ أَبِيهِ: إِلَى مَنْكِبَيْهِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ وَزُهَيْرٌ (2) عَنْ أَنَسٍ: بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ.

[2214] (3552) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ, نا زُهَيْرٌ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ, عن الْبَرَاءِ سُئِلَ (3): أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ.

[2215] (5906) خ وَنا مُسْلِمٌ, نا جَرِيرٌ، و (5907) نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ, عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ

_________

(1) سيأتي بحث هذه المسالة عند ذكر الوفاة النبوية حديث رقم: 2487.

(2) هكذا في الأصل، وهو تصحيف فالحديث حديث وهب بن جرير عن أبيه عن قتادة، ساق إسناده قريبا.

(3) في الأصل: قَالَ، والتصحيح من الصحيح.

(4/54)

الرأس (1) وَالْقَدَمَيْنِ, وَكَانَ بَسِيطَ الْكَفَّيْنِ (2) , لَمْ أَرَ بَعْدَهُ وَلَا قَبْلَهُ مِثْلَهُ.

زَادَ مُسْلِمٌ: ضَخْمَ الْيَدَيْنِ.

وَخَرَّجَهُمَا فِي بَابِ الجعد (5906) (5907).

[2216] (3557) خ ونَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ عَمْروٍ, عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا حَتَّى كُنْتُ مِنْ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ».

[2217] (3561) خ ونَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا حَمَّادٌ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2218] (3567) خ ونا حَسَنُ بْنُ الصَبَّاحِ الْبَّزَّارُ, نا سُفْيَانُ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عُرْوَةَ, عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لَأَحْصَاهُ.

الْمُهَلَّبُ:

نَا أَبُوعَبْدِالله بْنُ مَنَاسٍ نَا أَبُوالْحَسَنِ الدَّبَّاغِ نَا أَحْمَدُ بْنُ أبِي سُلَيْمَانُ عَنْ سَحْنُون عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ.

[2219] (3568) قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ الْلَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ

_________

(1) في الصحيح: ضَخْمَ الْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ.

والذي ثبت في النسخة سالم من التصحيف، بدليل ذكره الزيادة عن مسلم وفيها ذكر اليدين.

(2) هكذا في النسخة: بسيط، وهذا الحرف فيه ثلاث روايات ذكرها القاضي في المشارق وصححها (1/ 158).

(4/55)

أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ, عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَلَا تُعْجِبُكَ أَيَا فُلَانٍ (1)، جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْمِعُنِي ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ، فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ.

بَاب عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ

[2220] (3579) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, نا أَبُوأَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ, نا إِسْرَائِيلُ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا، كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ: «اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ»، فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ قَالَ: «حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ الله تعالى» , فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ.

[2221] (344) خ ونا مُسَدَّدٌ, نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ, نا عَوْفٌ, نا أَبُورَجَاءٍ.

و (3571) نَا أَبُوالْوَلِيدِ, نا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ, سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ, نا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَقَعْنَا وَلَا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ الْمُسَافِرِ مِنْهَا.

قَالَ سِلْمٌ: فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ.

قَالَ عَوْفٌ: فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ, قَالَ سِلْمٌ: مِنْ مَنَامِهِ أَبُوبَكْرٍ، قَالَ عَوْفٌ: ثُمَّ فُلَانٌ ثُمَّ فُلَانٌ يُسَمِّيهِمْ أَبُورَجَاءٍ فَنَسِيَ عَوْفٌ, ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الرَّابِعُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَامَ لَمْ يُوقَظْ حَتَّى

_________

(1) هكذا في الأصل، وقد يكون مصحفا، صوابه: يُعْجِبُكَ أَبُوفُلَانٍ.

(4/56)

يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ، لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ, قَالَ سِلْمٌ: وَقَعَدَ أَبُوبَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ، قَالَ عَوْفٌ: وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ, وَكَانَ رَجُلًا جَلِيدًا فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ, فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ لِصَوْتِهِ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ, قَالَ: «لَا ضَيْرَ أَوْ لَا يَضِيرُ ارْتَحِلُوا» , فَارْتَحَلَ فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ نَزَلَ، فَدَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِالنَّاس، قَالَ سِلْمٌ: الْغَدَاةَ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «يَا فُلَانُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟» قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ.

قَالَ عَوْفٌ: ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتُكِيَ إِلَيْهِ (1) مِنْ الْعَطَشِ، فَنَزَلَ فَدَعَا فُلَانًا كَانَ يُسَمِّيهِ أَبُورَجَاءٍ نَسِيَهُ عَوْفٌ، وَدَعَا عَلِيًّا فَقَالَ: «اذْهَبَا فَابغيا الْمَاءَ» (2) , فَانْطَلَقَا فَتَلَقَّيَا امْرَأَةً, قَالَ سِلْمٌ: سَادِلَة رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ, قَالَ عَوْفٌ: أَوْ سَطِيحَتَيْنِ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، فَقَالَا لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ؟ قَالَتْ: عَهْدِي بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَنَفَرُنَا خُلُوفٌ، قَالَا لَهَا: انْطَلِقِي إِذًا، قَالَتْ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَا: إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: الَّذِي يُقَالَ لَهُ الصَّابِئُ، قَالَا: هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ فَانْطَلِقِي، فَجَاءَا بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَاهُ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا، وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ أَوْ السَّطِيحَتَيْنِ وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا وَأَطْلَقَ الْعَزَالِيَ وَنُودِيَ فِي النَّاسِ: اسْقُوا وَاسْتَقُوا، فَسَقَى مَنْ سقى وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ، وَكَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي

_________

(1) في الصحيح: فاشتكى إليه النَّاسُ.

(2) كذا في الأصل، وهي رواية الأصيلي، ولغيره: "فَابْتَغِيَا"

(4/57)

أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ قَالَ: «اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ» , وَهِيَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وَايْمُ الله لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا وَإِنَّها لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلْأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، قَالَ سِلْمٌ: غَيْرَ أَنَّهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ، فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَسَحَ بالْعَزْلَاوَيْنِ فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حَتَّى رَوِينَا فَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا، وَهِيَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنْ الْمِلْءِ ثُمَّ قَالَ: «هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ».

قَالَ عَوْفٌ: «اجْمَعُوا لَهَا» , (فَجَمَعُوا لَهَا) (1) مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ, قَالَ سِلْمٌ: مِنْ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ, قَالَ عَوْفٌ: حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا فَجَعَلُوهُ فِي ثَوْبٍ وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا وقَالَ لَهَا: «تَعْلَمِينَ مَا رَزِئْنَا مِنْ مَالكِ شَيْئًا وَلَكِنَّ الله هُوَ الَّذِي أَسْقَانَا».

فَأَتَتْ أَهْلَهَا وَقَدْ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ، قَالَوا: مَا حَبَسَكِ فُلَانَةُ؟ قَالَتْ: الْعَجَبُ، لَقِيَنِي رَجُلَانِ فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالَ لَهُ الصَّابِئُ فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَوَالله إِنَّهُ لَأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ، وَقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ، تَعْنِي السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ الله حَقًّا، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَلَا يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ مِنْهُ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا: مَا أدْرِي أَنَّ هَؤُلَاءِ (2) الْقَوْمَ يَدْعُونَكُمْ عَمْدًا فَهَلْ لَكُمْ فِي الْإِسْلَامِ؟ فَأَطَاعُوهَا فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ.

قَالَ سِلْمٌ: فَهَدَى الله عَزَّ وَجَلَّ ذَلكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا.

_________

(1) سقط من الأصل وهو في الصحيح.

(2) قال القاضي: كذا عند الأصيلي وغيره: بفتح الهمزة وتشديد النون، ولغيره: أرى مكان أدري، قيل: أنَّ هنا بمعنى لعل (المشارق 1/ 71).

(4/58)

وَخَرَّجَهُ في: الوضوء, باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء (344) , وَخَرَّجَهُ في: باب الأذان بعد ذهاب الوقت من طريق أبِي قتادة مختصرا (595).

[2222] (6140) خ نا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ (1) , نا عَبْدُ الْأَعْلَى, نا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ.

و (6141) نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, نا ابْنُ أبِي عَدِيٍّ, عَنْ سُلَيْمَانَ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ.

و (3581) نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, و (602) أَبُوالنُّعْمَانِ قَالَا: نا مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ, عَنْ أَبِيهِ, عن أبِي عُثْمَانَ, أن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِي بَكْرٍ, حدثه أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا نَاسًا فُقَرَاءَ, وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَرَّةً: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ بسَادِسٍ» أَوْ كَمَا قَالَ, وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ، وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بثَلَاثَةٍ، قَالَ: فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي، وَلَا أَدْرِي هَلْ قَالَ: امْرَأَتِي وَخَادِمٌ بَيْنَ بَيْتِنَا وبَيْتِ أبِي بَكْرٍ.

قَالَ الْجُرَيْرِيُّ: فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: دُونَكَ أَضْيَافَكَ فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَافْرُغْ مِنْ قِرَاهُمْ قَبْلَ أَنْ أَجِيءَ.

قَالَ مُعْتَمِرٌ: وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

_________

(1) في الأصل: موسى بن عياش بن الوليد، وهو تصحيف أراد أن يكتب إسناد موسى بن إسماعيل فكتب موسى ثم عاد لعياش بن الوليد.

(4/59)

قَالَ الْجُرَيْرِيُّ: فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَتَاهُمْ بِمَا عِنْدَهُ فَقَالَ: اطْعَمُوا، فَقَالَوا: أَيْنَ رَبُّ مَنْزِلِنَا؟ قَالَ: اطْعَمُوا، قَالَوا: مَا نَحْنُ بِآكِلِينَ حَتَّى يَجِيءَ رَبُّ مَنْزِلِنَا، قَالَ: اقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ فَإِنَّهُ إِنْ جَاءَ وَلَمْ تَطْعَمُوا لَنَلْقَيَنَّ مِنْهُ، فَأَبَوْا فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَجِدُ عَلَيَّ.

قَالَ مُعْتَمِرٌ: فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ الله، فقَالَتْ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ؟ قَالَ: أَوَما عَشَّيْتِهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فأبوا، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ.

قَالَ الْجُرَيْرِيُّ: فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَسَكَتُّ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَسَكَتُّ فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ.

زَادَ مُعْتَمِرٌ: فَسَبَّ وجَدَّعَ.

أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوْتِي لَمَّا جِئْتَ، فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ: سَلْ أَضْيَافَكَ، قَالَوا: صَدَقَ أَتَانَا بِهِ، قَالَ: فَإِنَّمَا انْتَظَرْتُمُونِي.

قَالَ مُعْتَمِرٌ: قَالَ: كُلُوا لا هنيئًا, والله لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا.

وقَالَ ابْنُ أبِي عَدِيٍ فِي حَدِيثِهِ: فَحَلَفَتْ الْمَرْأَةُ ألَّا تَطْعَمْهُ حَتَّى يَطْعَمَ, فَحَلَفَ الْأَضْيَافُ أو الضَّيْفُ أَنْ لَا نَطْعَمْهُ حَتَّى تَطْعَمُوهُ.

قَالَ الْجُرَيْرِيُّ: قَالَ: لَمْ أَرَ فِي الشَّرِّ كَاللَّيْلَةِ، وَيْلَكُمْ مَا أَنْتُمْ لَا تَقْبَلُونَ عَنَّا قِرَاكُمْ، هَاتِ طَعَامَكَ، فَجَاءَ به فَوَضَعَ يَدَهُ وَقَالَ: بِاسْمِ الله, فَأَكَلَ وَأَكَلُوا.

قَالَ مُعْتَمِرٌ: وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذلك من الشَّيْطَانُ يَعْنِي يَمِينَهُ, ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، وَايْمُ الله مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ، فَنَظَرَ أَبُوبَكْرٍ إليها فَإِذَا هي كما هي أَوْ أَكْثَرُ منها، فقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ ما هذا؟ قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ

(4/60)

ذلك بِثَلَاثِ مِرَارٍ، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَمَضَى الْأَجَلُ فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ الله أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ.

وقَالَ ابنُ أبِي عَدِيٍ: فَبَعَثَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْهَا.

قَالَ: فأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ أَوْ كَمَا قَالَ.

وَخَرَّجَهُ في: باب مَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَضَبِ وَالْجَزَعِ عِنْدَ الضَّيْفِ (6140)، وفِي بَابِ قَوْلِ الضَّيْفِ لِصَاحِبِهِ لَا نأكُلُ حَتَّى تَأْكُلَ (6141)، وفِي بَابِ السمر مع الضيف والأهل فِي كِتَابِ الصلاة يعني بعد العشاء (602).

[2223] (3406) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ, نا أَبُومَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا أَبُوأُسَامَةَ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي التَّيَّاحِ, عَنْ أبِي زُرْعَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُهْلِكُ النَّاسَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ» , قَالَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ».

[2224] (3617) خ نَا أَبُومَعْمَرٍ, نا عَبْدُ الْوَارِثِ, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ، فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالَوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا, فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، (فَقَالَوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ, نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ

(4/61)

فَأَلْقَوْهُ, فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا, فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ) (1) , فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ.

[2225] (3634) خ ونا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ, نا مُعْتَمِرٌ, قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي, نا أَبُوعُثْمَانَ قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: «مَنْ هَذَا؟» أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: هَذَا دِحْيَةُ الكلبي, قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ايْمُ الله مَا حَسِبْتُهُ إِلَّا إِيَّاهُ حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَبَرِ جِبْرِيلَ أَوْ كَمَا قَالَ.

قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.

[2226] (465) (3639) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, نا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ قَتَادَةَ, نا أَنَسٌ, أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ.

(3805) قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ حَمَّادٌ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ, عَنْ أَنَسٍ, كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ.

وَخَرَّجَهُ في: باب منقبة أُسَيد بن حُضَير وعَباد بن بِشْر (3805).

[2227] (3642) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, نا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَيَّ يُحَدِّثُونَ, عَنْ عُرْوَةَ هو ابْنُ أبِي الْجَعْدِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهَا شَاةً، قَالَ سُفْيَانُ: كَأَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ

_________

(1) زيادة من الصحيح سَقَطَت عَلَى النَّاسِخِ مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4/62)

شَاتَيْنِ فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَبِشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ.

بَاب فَضْلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ (1)

وَمَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ رَآهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ، ومَنَاقِبِ الْمُهَاجِرِينَ وَفَضْلِهِمْ، مِنْهُمْ أَبُوبَكْرٍ عَبْدُ الله بْنُ أبِي قُحَافَةَ, وَقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} وَقَالَ {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} وقَالَتْ عَائِشَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ أَبُوبَكْرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ.

[2228] (3653) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ, نا هَمَّامٌ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ, عَنْ أبِي بَكْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا».

وَخَرَّجَهُ في: التفسير لقوله عَزَّ وَجَلَّ {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} الآية (4663) , وفِي بَابِ هجرة النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3922).

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل، وفي بعض النسخ المطبوعة: كتاب فضائل .. ، ولم يعرفه الحافظ، وسقط من رواية أبِي ذر: باب، وسبق التنبيه إلى ذلك، والله أعلم.

(4/63)

بَاب فَضْلِ أبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[2229] (3697) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ, نا شَاذَانُ, عن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونُ, عَنْ عُبَيْدِ الله, عَنْ نَافِعٍ.

خ، و (3655) نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُلَيْمَانُ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ.

قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُون وزَادَ فيه: ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ.

وَخَرَّجَهُ في: مناقب عثمان (3697).

باب

[2230] (3660) خ نا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أبِي الطَّيِّبِ (1) , نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ, نا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ, عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ: رَأَيْتُ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا مَعَهُ إِلَّا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ.

وَخَرَّجَهُ في: باب إسلام أبِي بكر (3857).

[2231] (3661) خ ونا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ, نا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ, نا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ, عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ الله, عَنْ عَائِذِ الله أبِي إِدْرِيسَ, عَنْ أبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ أَبُوبَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ» , فَسَلَّمَ

_________

(1) ليس لأحمد في البخاري إلا هذا الموضع، ووقع في الأصل: سليمان بن أبِي الطيب وهو تصحيف.

(4/64)

وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ: «يَغْفِرُ الله لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ» , ثَلَاثًا, ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ: أَثَّمَ أَبُوبَكْرٍ؟ فَقَالَوا: لَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ, فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُوبَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله وَالله إنِّي كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الله بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُوبَكْرٍ صَدَقَ, وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي» , مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا.

وَخَرَّجَهُ في: تفسير قوله {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا} (4640).

[2232] (3662) خ نَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ: خَالِدٌ الْحَذَّاءُ, نا عَنْ أبِي عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ» فَقُلْتُ: فمِنْ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «أَبُوهَا» قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ» فَعَدَّ رِجَالًا.

[2233] (3671) خ ونَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ, نا سُفْيَانُ, نا جَامِعُ بْنُ أبِي رَاشِدٍ, نا أَبُويَعْلَى, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ الْنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَبُوبَكْرٍ، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَالَ: مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.

[2234] (1241) خ نا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ, نا عَبْدُ الله قَالَ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ, عَنْ الزُّهْرِيِّ (1).

_________

(1) تتمة إسناده: قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُوسَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ.

(4/65)

[2235] و (4021) نا مُوسَى, نا عَبْدُ الْوَاحِدِ, نا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عُبَيْدِ الله قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ, عَنْ عُمَرَ.

و (4452) نا يَحْيَى بْن بُكَيْرٍ, نا اللَّيْثُ, عَنْ عُقَيْلٍ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُوسَلَمَةَ, أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ.

و (3667) حَدَّثَني إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الله قَالَ: حَدَّثَني سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ, عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ, فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَالله مَا مَاتَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَتْ: وَقَالَ عُمَرُ: وَالله مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَلكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ الله فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُوبَكْرٍ.

قَالَ عُقَيْلٌ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ: عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمْ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَيَمَّمَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُغَشّىً بِثَوْبِ حِبَرَةٍ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَالله لَا يَجْمَعُ الله عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا.

وَحَدَّثَنِي أَبُوسَلَمَةَ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ.

قَالَ هِشَامٌ: فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاٍس: اجْلِسْ يَا عُمَرُ فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ.

قَالَ مَعْمَرٌ: فَتَشَهَّدَ أَبُوبَكْرٍ فَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ.

(4/66)

قَالَ هِشَامٌ: فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُوبَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ الله أَبُوبَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ.

قَالَ عُقَيْلٌ: فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ.

وَقَالَ هِشَامٌ: أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ الله فَإِنَّ الله حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَقَالَ عُقَيْلٌ: قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى {الشَّاكِرِينَ} قَالَ هِشَامٌ: وقَالَ {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}.

قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ.

قَالَ عُقَيْلٌ: وَالله لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الله أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا أَبُوبَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنْ النَّاسِ إِلَّا يَتْلُوهَا.

[2236] (4454) فَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ, أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَالله مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا فَعَقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ، وَحَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلَاهَا (1) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ.

قَالَ هِشَامٌ: وَاجْتَمَعَتْ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالَوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ.

[2237] (4021) قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قَالَ عُمَرُ: قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: اذهب بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَلَقِينَا مِنْهُمْ رَجُلَانِ صَالِحَانِ شَهِدَا بَدْرًا، فَحَدَّثْتُ عُرْوَةَ فَقَالَ: هُمَا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ.

_________

(1) زَادَ فِي الصَّحِيحِ: (عَلِمْتُ)، والمثبت من الأصل يوافق ما في المشارق، ووقع في المشارق: أهويت بدل هويت (1/ 69)، وقال: أنَّ بدل من الهاء في تلاها، وفي رواية ابن السكن: فعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات، وهو بين أهـ.

(4/67)

فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُوبَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُوبَكْرٍ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: وَالله مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُوبَكْرٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُوبَكْرٍ، فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ، فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: لَا وَالله لَا نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَالَ أَبُوبَكْرٍ: لَا وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ، هُمْ (1) أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا، فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ, فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ الله.

[2238] (3669) قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ عَبْدُ الله بْنُ سَالِمٍ, عَنْ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ, أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ, أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَمَا كَانَ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلَّا نَفَعَ الله بِهَا، لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ، وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا فَرَدَّهُمْ الله تبارك وتعالى بِذَلِكَ.

(3670) ثُمَّ لَقَدْ بَصَّرَ أَبُوبَكْرٍ النَّاسَ الْهُدَى وَعَرَّفَهُمْ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ وَخَرَجُوا بِهِ يَتْلُونَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلَى قَوْلِهِ {الشَّاكِرِينَ}.

وَخَرَّجَهُ في: باب مرض النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4452 4457) , وفِي بَابِ ما جاء في السقايف (2462).

_________

(1) في الأصل: هو.

(4/68)

بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنْهُ

[2239] (3683) خ نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ صَالِحٍ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ, عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ الله يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ الله سِنَّكَ يَا رَسُولَ الله، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّائي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ»، فَقَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ الله، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيه (1) يَا ابْنَ الْخَطَّابِ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ».

_________

(1) هكذا وقع في النسخة، وفي غيرها إِيهًا، وهو الأليق، قَالَ الحافظ: قَالَ أَهْل اللُّغَة " إِيهًا " بِالْفَتْحِ وَالتَّنْوِين مَعْنَاهَا لَا تَبْتَدِئنَا بِحَدِيثٍ، وَبِغَيْرِ تَنْوِينَ كُفَّ مِنْ حَدِيث عَهِدْنَاهُ، وَ " إِيهٍ " بِالْكَسْرِ وَالتَّنْوِين مَعْنَاهَا حَدِّثْنَا مَا شِئْت، وَبِغَيْرِ التَّنْوِين زِدْنَا مِمَّا حَدَّثْتنَا.

وَوَقَعَ فِي رِوَايَتنَا بِالنَّصْبِ وَالتَّنْوِين، وَحَكَى اِبْن التِّين أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ بِغَيْرِ تَنْوِين وَقَالَ: مَعْنَاهُ كُفَّ عَنْ لَوْمهنَّ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْأَمْر بِتَوْقِيرِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطْلُوب لِذَاتِهِ تُحْمَد الزِّيَادَة مِنْهُ، فَكَأَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِيه " اِسْتِزَادَة مِنْهُ فِي طَلَب تَوْقِيره وَتَعْظِيم جَانِبه، وَلِذَلِكَ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِلَخْ " فَإِنَّهُ يُشْعِر بِأَنَّهُ رَضِيَ مَقَالَته وَحَمِدَ فِعَاله، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قلت: وفي المشارق تفصيل آخر فانظره للاستزادة.

(4/69)

وَخَرَّجَهُ في: الأدب باب التبسم والضحك (6085)، وفِي بَابِ صفة إبليس وجنوده (3294).

[2240] (3685) خ ونَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله قَالَ: أخبرنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي، فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى الله بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ الله إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ الله مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَحَسِبْتُ أنِّي كَثِيرًا كُنْتُ أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ».

وَخَرَّجَهُ في: فضائل أبِي بكر (3677).

[2241] (3687) خ نَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ, حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ, حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ, أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ, حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلَنِي ابْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِ يَعْنِي عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِينَ قُبِضَ كَانَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ حَتَّى انْتَهَى مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

[2242] (3689) خ نَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنْ الْأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثُونَ, فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ».

(4/70)

زَكَرِيَّاءُ بْنُ أبِي زَائِدَةَ, عَنْ سَعْدٍ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ, فَإِنْ يَكُنْ في أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَهو عُمَرُ».

وَخَرَّجَهُ في: باب ذكر بني إسرائيل (3469).

بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ أبِي عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ بْنِ عَفَّانَ رحمة الله عليه

[2243] (3693) خ نَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى, حَدَّثَني أَبُوأُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ، خَ (3695) (7262) نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا حَمَّادٌ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ.

خ, و (6216) نَا مُسَدَّدٌ, نا يَحْيَى, عَنْ ابْنِ غِيَاثٍ, نا أَبُوعُثْمَانَ النهدي, عَنْ أبِي مُوسَى.

[2244] خ, و (7097) نَا سَعِيدُ بْنُ أبِي مَرْيَمَ, نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ (1) , عَنْ شَرِيكِ.

و (3674) نا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُوالْحَسَنِ, نا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ, نا سُلَيْمَانُ, عَنْ شَرِيكِ بْنِ عبد الله بن أبِي نَمِرٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُومُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقُلْتُ: لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا, قَالَ: فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَوا: خَرَجَ وَوَجْهُهُ هَا هُنَا، فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ، حَتَّى قَضَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ، فَتَوَضَّأَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ، وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، زَادَ أَيُّوبُ: فَأَمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الْحَائِطِ.

_________

(1) في الأصل: بن حفص، وهو تصحيف.

(4/71)

قَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكٍ: قَالَ: فَقُلْتُ: لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ، زَادَ يَحْيَى: قَالَ: وَفِي يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ.

قَالَ سُلَيْمَانُ: فَجَاءَ أَبُوبَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ , قَالَ: أَبُوبَكْرٍ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله هَذَا أَبُوبَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» , (فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: ادْخُلْ وَرَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ) (1) , فَدَخَلَ أَبُوبَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فِي الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدْ الله بِفُلَانٍ يُرِيدُ أَخَاهُ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» , فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ: ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ، فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ, وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ, ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ, فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدْ الله بِفُلَانٍ الخَيْرَ يَأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، وَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ».

_________

(1) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4/72)

زَادَ أَبُوأُسَامَةَ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ أبِي عُثْمَانَ: فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ الله ثُمَّ قَالَ: الله الْمُسْتَعَانُ.

فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ فَجَلَسَ وِجَاهَهُ مِنْ الشَّقِّ الْآخَرِ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وقَالَ حَمَّادٌ: نا عَاصِمٌ, سمعتُ أَبَا عُثْمَانَ, يُحَدِّثُ عَنْ أبِي مُوسَى: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدًا قَدْ انْكَشَفَ عَنْ رُكْبَتِهِ أَوْ رُكْبَتَيْهِ, فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} الآية فَإِذَا أَذِنَ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ (7262) , وفي مناقب عمر (3693)، ومناقب أبِي بكر (3674)، وفِي بَابِ من نكت بعوده (6216).

[2245] (3872) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ, نا هِشَامٌ, نا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, نا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ, أَنَّ عُبَيْدَ الله بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ, أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالَا لَهُ: مَالَكَ لاَ تُكَلِّمْ خَالَكَ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانٍ فِي أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيمَا فَعَلَ بِهِ.

قَالَ عُبَيْدُ الله: فَانْتَصَبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً وَهِيَ نَصِيحَةٌ لَكَ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَرْءُ أَعُوذُ بِالله مِنْكَ، فَانْصَرَفْتُ فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلَاةَ جَلَسْتُ إِلَى الْمِسْوَرِ وَإِلَى عبد الرحمن بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ فَحَدَّثْتُهُمَا بِالَّذِي قُلْتُ لِعُثْمَانَ وَقَالَ لِي، فَقَالَا لِي: قَدْ قَضَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْكَ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَهُمَا إِذْ جَاءَنِي رَسُولُ عُثْمَانَ، فَقَالَا لِي: قَدْ ابْتَلَاكَ الله، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا نَصِيحَتُكَ الَّتِي ذَكَرْتَ آنِفًا؟ فَتَشَهَّدْتُ ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكُنْتَ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَآمَنَ،

(4/73)

وَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ أَخِي آدْرَكْتَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا وَلَكِنْ قَدْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا خَلَصَ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا، قَالَ: فَتَشَهَّدَ عُثْمَانُ رَضِيَ الله عَنْهُ فَقَالَ: إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكُنْتُ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَمَا قُلْتَ، وَصَحِبْتُ رَسُولَ الله وَبَايَعْتُهُ، فَالله مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ الله عَزَّ وَجَلَّ أَبَا بَكْرٍ فَوَالله مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ, ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ فَوَالله مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتَخْلَفْتُموني أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ من الحق مِثْلُ الَّذِي كَانَ عليهم (1).

(3872) قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ, عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَفَلَيْسَ الذي عَلَيْكُمْ مِنْ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ.

قَالَ مَعْمَرٌ: قلتُ: بَلَى، قَالَ: فَمَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فَسَآخُذُ فِيهِ إِنْ شَاءَ الله بِالْحَقِّ.

قَالَ: فَجَلَدَ الْوَلِيدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَجْلِدَهُ, وَهْوَ هُوَ يَجْلِدُ (2).

وَخَرَّجَهُ في: باب هجرة الحبشة (3872) , وباب هجرة النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومقدمه المدينة (3927).

_________

(1) هكذا في الأصل، وفي الصحيح: أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ عَلَيَّ.

(2) كذا في الأصل، والمعنى: أن عليا وهو من هو في المكانة يجلد، أي يقيم الحد، هذا على فتح الياء من يجلد، وعلى ضمها فالمعنى أن الوليد وهو من هو من قرابة الإمام يجلد ويقام عليه الحد، وفي الصحيح: وَكَانَ هُوَ يَجْلِدُهُ، وكلها معانٍ صحيحة، والعلم عند الله.

(4/74)

[2246] (3699) خ نَا مُسَدَّدٌ, نا يَحْيَى, عَنْ سَعِيدٍ, عَنْ قَتَادَةَ, أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا وَمَعَهُ أَبُوبَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ، فَقَالَ: «اسْكُنْ أُحُدُ» , أَظُنُّهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ, «فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ».

وَخَرَّجَهُ في: مناقب عمر (3686).

[2247] (3162) خ ونَا آدَمُ, نا شُعْبَةُ, نا أَبُوجَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جُوَيْرِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ التَّمِيمِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ.

[2248] خ و (7207) نَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ, نا جُوَيْرِيَةُ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ, أَخْبَرَهُ أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا.

[2249] ح، و (4888) نا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ, نا أَبُوبَكْرٍ, عَنْ حُصَيْنٍ (1).

ح، و (3700) نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ حُصَيْنٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ، وَقَفَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ فقَالَ: كَيْفَ فَعَلْتُمَا، أَتَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا قَدْ حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ، قَالَا: حَمَّلْنَاهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ، مَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ، قَالَ: انْظُرَا أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ، قَالَ: قَالَا: لَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَئِنْ سَلَّمَنِي

_________

(1) ضبطه في النسخة بفتح المهملة وكسر الصاد بعدها، وكثيرا ما يضبطه كذلك، وأنا أرغب عنه إلى المشهور في ضبطه.

(4/75)

الله عَزَّ وَجَلَّ لَأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يَحْتَجِبْنَ (1) إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا، قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ.

قَالَ: إِنِّي لَقَائِمٌ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا عَبْدُ الله بْنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ، وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَالَ: اسْتَوُوا، حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِمْ خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، وَرُبَّمَا قَرَأَ بِسُورَةِ يُوسُفَ أَوْ النَّحْلَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ كَبَّرَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَتَلَنِي أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ حِينَ طَعَنَهُ، فَطَارَ الْعِلْجُ بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ لَا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا طَعَنَهُ، حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ (2) بُرْنُسًا فَلَمَّا ظَنَّ الْعِلْجُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وَتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، فَمَنْ يَلِي عُمَرَ فَقَدْ رَأَى الَّذِي أَرَى، وَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ، وَهُمْ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ الله سُبْحَانَ الله، فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلَاةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي؟ فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بن شعبةَ، قَالَ: الصَّنَعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قَاتَلَهُ الله، لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا، فقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مِيتَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ، قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ يَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَعَلْتُ إِنِّي (3) إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا، قَالَ: كَذَبْتَ بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ وَصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ وَحَجُّوا حَجَّكُمْ، فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ، وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل، والمشهور: لا يحتجن، وهو أوضح، وأما يحتجبن فيحتمل الصحة من حيث إنه اراد لا يحتجن مقابلة غيري من الرجال في شؤون حياتهن فيحتجبن لمقابلة الرجال، والله أعلم.

(2) زَادَ فِي الصَّحِيحِ: عَلَيْهِ.

(3) هي في الصحيح: أي.

(4/76)

مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، فَقَائِلٌ يَقُولُ: لَا بَأْسَ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: أَخَافُ عَلَيْهِ، فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جوفه, فعرفوا أَنَّهُ مَيِّتٌ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَجَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى الله تبارك وتعالى لَكَ، مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدَمٍ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ ثُمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ ثُمَّ الشَهَادَةُ، فقَالَ (1): وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافٌ لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، فَلَمَّا أَدْبَرَ إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ (2) الْأَرْضَ، قَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الْغُلَامَ، فقَالَ: ابْنَ أَخِي ارْفَعْ ثَوْبَكَ, فَإِنَّهُ أَنْقَى لِثَوْبِكَ, وَأَتْقَى لِرَبِّكَ.

يَا عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ انْظُرْ مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ، فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا، أَوْ نَحْوَهُ، قَالَ: إِنْ وَفَى مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِلَّا فَاسْألْ فِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَاسْأَلْ فِي قُرَيْشٍ وَلَا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ فَأَدِّ عَنِّي هَذَا الْمَالَ، انْطَلِقْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ وَلَا تَقُلْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيرًا، وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، (فَسَلَّمَ وَاسْتَأْذَنَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلَامَ وَيَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ) (3) فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي وَلَأُوثِرَنَّهُ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ قِيلَ: هَذَا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ، قَالَ: ارْفَعُونِي، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: الَّذِي تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَذِنَتْ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ, مَا كَانَ شَيْئًا أَهَمَّ (4) إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا أَنَا قبضتُ

_________

(1) في الأصل بدل قَالَ: فقد، وهو تصحيف من فقَالَ.

(2) قد جعل السين بين الراء والسين في رسمه، فكأنها صارت: يمر، ولها معنى، والله أعلم.

(3) سقط مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4) كذا في النسخة، وفي الصحيح: من شيء أهمُ.

(4/77)

فَاحْمِلُونِي ثُمَّ سَلِّمْ فَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي وَإِنْ رَدَدَتْنِي فرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَجَاءَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ وَالنِّسَاءُ تَسِيرُ مَعَهَا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهَا قُمْنَا فَوَلَجَتْ عَلَيْهِ فَبَكَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَالُ فَوَلَجَتْ دَاخِلًا لَهُمْ، فَسَمِعْنَا بُكَاءَهَا مِنْ دَاخِلِ، فَقَالَوا: أَوْصِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اسْتَخْلِفْ، قَالَ: مَا أَجِدُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ أَوْ الرَّهْطِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَسَمَّى: عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَسَعْدًا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ: يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ، كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ، فَإِنْ أَصَابَتْ الْإِمَارَةُ سَعْدًا فَهُوَ ذَاكَ، وَإِلَّا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ أَيُّكُمْ مَا أُمِّرَ فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ مِنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ، وَقَالَ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ, أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا {الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}.

زَادَ حُصَيْنٌ عَنْ عَمْرِوٍ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَأَنْ يُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الْأَمْصَارِ خَيْرًا, فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الْإِسْلَامِ وَجُبَاةُ الْمَالِ وَغَيْظُ الْعَدُوِّ, وَأَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلَّا فَضْلُهُمْ عَنْ رِضَاهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَعْرَابِ خَيْرًا, فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الْإِسْلَامِ, أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ الله وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ, وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَلَا يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ.

زَادَ ابنُ قُدَامَةَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: أُوصِيكُمْ بِذِمَّةِ الله فَإِنَّهُ ذِمَّةُ رسولكم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ.

(4/78)

قَالَ ابنُ مَيْمُونٍ: فَلَمَّا قُبِضَ خَرَجْنَا بِهِ فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي، فَسَلَّمَ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ قَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَتْ: أَدْخِلُوهُ فَأُدْخِلَ فَوُضِعَ هُنَالِكَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْكُمْ، قَالَ الزُّبَيْرُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَلِيٍّ، وَقَالَ طَلْحَةُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عُثْمَانَ، وَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ له عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمَا تَبَرَّأَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَنَجْعَلُهُ إِلَيْهِ وَالله عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ لَيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَهُمْ فِي نَفْسِهِ، فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ، وَالله عَلَيَّ أَنِّي لأُوَلِّيَ أَفْضَلَكُمْ؟ قَالَا: نَعَمْ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَقَالَ: لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَدَمُ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَالله عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ، ثُمَّ خَلَا بِالْآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.

وَقَالَ الْمِسْوَرُ: فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ، فَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي، حَتَّى إِذَا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَصْبَحْنَا مِنْهَا فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ، قَالَ الْمِسْوَرُ: طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنْ اللَّيْلِ فَضَرَبَ الْبَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَقَالَ: أَرَاكَ نَائِمًا، فَوَالله مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ الثلاثُ بِكَبِيرِ نَوْمٍ انْطَلِقْ, (فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا، فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ فَشَاوَرَهُمَا، ثُمَّ دَعَانِي فَقَالَ) (1): ادْعُ لِي عَلِيًّا، فَدَعَوْتُهُ فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي عُثْمَانَ، فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى النَّاسُ الصُّبْحَ اجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، فَأَرْسَلَ

_________

(1) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ، وهو في الصحيح.

(4/79)

إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الْحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَلِيُّ إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلَا تَجْعَلَنَّ إلى نَفْسِكَ سَبِيلًا.

قَالَ الْمِسْوَرُ وَعَمْروٌ: فَلَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ، فَبَايَعَهُ فَبَايَعَ لَهُ عَلِيٌّ وَوَلَجَ (1).

قَالَ الْمِسْوَرُ (2): فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ الله وَرَسُولِهِ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ الْمُهَاجِرُونَ (3) وَأُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ وَالْمُسْلِمُونَ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب كَيْفَ يُبَايِعُ الْإِمَامُ (7207) , وفِي بَابِ الْوَصَاةِ بِأَهْلِ الذِمَّةِ (3162) , وفِي بَابِ يقاتل من وراء أهل الذمة ولا يسترقون (3052) , وفِي بَابِ الاعتصام بالكتاب والسنة مختصرا (؟)، وفي تفسير سورة الحشر بَاب قوله {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} (4888) , وفي الجنائز, باب (1392).

مَنَاقِب عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ أبِي الْحَسَنِ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ

قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ مِنْ مَنَاقِبِهِ قَوْلُ الْنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَجُلًا يُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ» , بَابُ مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ الْنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2250] (441) خ نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, و (3702) عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أبِي حَازِمٍ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ: هَذَا

_________

(1) تكملته في الصحيح: أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ، وهي كلمة عمرو وقَالَ المسور معناها.

(2) في الأصل: قَالَ عمرو، وهو خطأ فالكلمة للمسور فِي حَدِيثِهِ.

(3) زَادَ فِي الصَّحِيحِ: (وَالْأَنْصَارُ).

(4/80)

فُلَانٌ لِأَمِيرِ الْمَدِينَةِ يَدْعُو عَلِيًّا عِنْدَ الْمِنْبَرِ، قَالَ: فَيَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: يَقُولُ لَهُ أَبُوتُرَابٍ، فَضَحِكَ وقَالَ: وَالله مَا سَمَّاهُ إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ، فَاسْتَطْعَمْتُ الْحَدِيثَ سَهْلًا، وَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، كَيْفَ؟ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ ثُمَّ خَرَجَ فَاضْطَجَعَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟».

زَادَ قُتَيْبَةُ: فَقَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ: «انْظُرْ أَيْنَ هُوَ» فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ وَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ: «قُمْ أَبَا تُرَابٍ قُمْ أَبَا تُرَابٍ».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب نَوْمِ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ (441).

[2251] (3704) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ, نا حُسَيْنٌ, عَنْ زَائِدَةَ, عَنْ أبِي حَصِينٍ, عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ عُثْمَانَ فَذَكَرَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ، قَالَ: لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوءُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَرْغَمَ الله بِأَنْفِكَ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ فقَالَ: هُوَ ذَاكَ بَيْتُهُ أَوْسَطُ بُيُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوءُكَ؟ قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: فَأَرْغَمَ الله بِأَنْفِكَ انْطَلِقْ فَاجْهَدْ عَلَيَّ جَهْدَكَ.

[2252] (4416) خ نَا مُسَدَّدٌ, نا يَحْيَى, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ الْحَكَمِ, عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ

(4/81)

وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا فَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ والصِّبْيَانِ، فَقَالَ: «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي».

وَخَرَّجَهُ في: غزوة تبوك (4416).

[2253] (3707) خ نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ ابْنِ سِيرِينَ, عَنْ عَبِيدَةَ, عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ فَإِنِّي أَكْرَهُ الِاخْتِلَافَ حَتَّى تَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ وَ (1) أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي.

فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ الْكَذِبُ.

مَنَاقِب جَعْفَرِ بْنِ أبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ

[2254] (3708) خ نَا أَحْمَدُ بْنُ أبِي بَكْرٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ أَبُوعَبْدِ الله الْجُهَنِيُّ, عَنْ ابْنِ أبِي ذِئْبٍ, عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُوهُرَيْرَةَ، وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِي حِينَ لَا آكُلُ الْخَمِيرَ وَلَا أَلْبَسُ الْحَبِيرَ وَلَا يَخْدُمُنِي فُلَانٌ وَلَا فُلَانَةُ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصْبَاءِ مِنْ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الْآيَةَ هِيَ مَعِي كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي، وَكَانَ خَيْرَ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنْهُ, وكَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا.

وَخَرَّجَهُ في: عَيشِ النَّبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِه بِغَير هَذَا اللفظ (6452) (2).

_________

(1) هكذا في النسخة، وفي الصحيح: أو.

(2) وخرج لفظ الباب في الأطعمة (5432).

(4/82)

[2255] (3709) خ ونا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ, نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبِي خَالِدٍ, عَنْ الشَّعْبِيِّ, أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ.

وَخَرَّجَهُ في: غزوة مؤتة (4264).

مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ الله عَنْهُ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ حَوَارِيُّ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُمِّيَ الْحَوَارِيُّونَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ.

[2256] (3717) خ نَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ, نا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ الله عَنْهُ رُعَافٌ شَدِيدٌ سَنَةَ الرُّعَافِ حَتَّى حَبَسَهُ عَنْ الْحَجِّ وَأَوْصَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فقَالَ: اسْتَخْلِفْ، قَالَ: وَقَالَوهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَنْ؟ فَسَكَتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ أَحْسِبُهُ الْحَارِثَ، فَقَالَ: اسْتَخْلِفْ، فَقَالَ عُثْمَانُ: وَقَالَوه؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ فَسَكَتَ، قَالَ: فَلَعَلَّهُمْ قَالَوا الزُّبَيْرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ وَإِنْ كَانَ لَأَحَبَّهُمْ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(3718) خ ونا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ هِشَامٍ, الحديث، قَالَ: أَمَا وَالله إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَيْرُكُمْ ثَلَاثًا.

[2257] (3720) خ نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ, نا عَبْدُ الله, نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أبِي سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا،

(4/83)

فَلَمَّا رَجَعَ قُلْتُ: يَا أَبَه رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ، قَالَ: أَوَهَلْ رَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ» , فَانْطَلَقْتُ, فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ قَالَ: «فِدَاكَ أبِي وَأُمِّي».

- قَالَ الْمُهَلَّبُ: نَا أَبُوذَرٍّ نَا أَبُوالْهَيْثَمِ نَا الْفِرَبْرِيُّ نَا الْبُخَارِيُّ -

[2258] (3975) حدثني مُحَمَّدٌ (1) , نا عَبْدُ الله, نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ أَصْحَابَ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلَا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ، قَالَ: إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ، قَالَوا: لَا نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ فَجَاوَزَهُمْ.

قَالَ عروة: وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلًا فَأَخَذُوا بِلِجَامِهِ فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ.

قَالَ عُرْوَةُ: فكُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ.

قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ الله بْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلًا.

وَخَرَّجَهُ في: باب بعد باب عدة أصحاب بدر (3973) (3975).

مناقب طَلْحَة بْنِ عُبَيْدِ الله رضي الله عنه

وَقَالَ عُمَرُ: تُوُفِّيَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ.

_________

(1) كذا في النسخة، ويغلب عليه التصحيف، ففي الصحيح وتحفة الأشراف: أَحْمَدُ بْنُ محمد، ولم يذكروا ما هاهنا.

(4/84)

[2259] (3722) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ, نا مُعْتَمِرٌ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي (1) تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ عَنْ حَدِيثِهِمَا (2).

[2260] (3724) خ ونَا مُسَدَّدٌ, نا خَالِدٌ, نا ابْنُ أبِي خَالِدٍ, عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ بن عبيد الله الَّتِي وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَلَّتْ.

وخرجهما في غزوة أحد (4060) (4063).

مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيِّ رضي الله عنه

وَبَنُو زُهْرَةَ أَخْوَالُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ.

[2261] (3858) خ نا إِسْحَاقُ, نا أَبُوأُسَامَةَ, نا هَاشِم بن هاشم قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكُثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب إِسْلَامُ سَعْدِ من كتاب المبعث (3858).

[2262] (3728) خ ونَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ, نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله, عَنْ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ الله، وَكُنَّا نَغْزُو مَعَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ

_________

(1) في الصحيح هاهنا زيادة: (بَعْضِ)، ليست في الأصل.

(2) قَالَ الحافظ: وَقَعَ فِي فَوَائِد أبِي بَكْر بْن الْمُقْرِئ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان عَنْ أَبِيهِ: فَقُلْت لِأَبِي عُثْمَان: وَمَا عِلْمك بِذَلِكَ؟ قَالَ: هُمَا أَخْبَرَانِي بِذَلِكَ أهـ.

(4/85)

الشَّجَرِ حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا يَضَعُ الْبَعِيرُ أَوْ الشَّاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ عَمَلِي.

وَكَانُوا وَشَوْا بِهِ إِلَى عُمَرَ، وقَالَوا: لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي.

مَنَاقِبِ أبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ الله عَنْهُ

[2263] (4380) خ ونا عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ يَعْنِي مِنْ قَنْطَرَةِ بَرْدَانَ نا يَحْيَى بْنُ آدَمَ, عَنْ إِسْرَائِيلَ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ, عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ, عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, يُرِيدَانِ يُلَاعِنَاهُ قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا تَفْعَلْ، فَوَالله لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّاهُ لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا، قَالَا: إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا, فَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا, وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَّا أَمِينًا، فَقَالَ: «لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ» (1) , فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ» , فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ».

وَخَرَّجَهُ في: قِصَّةِ نَجْرَانَ (4380) (4382) , وباب قبول خبر الواحد (7255).

بَاب مَنَاقِبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ الله عَنْهُمَا

[2264] (3746) خ نَا صَدَقَةُ, نا ابْنُ عُيَيْنَةَ, نا أَبُومُوسَى, عَنْ الْحَسَنِ, سَمِعَ أَبَا بَكْرَةَ, سَمِعْتُ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ إِلَى

_________

(1) كرر في الأصل: حق أمين، مرتين.

(4/86)

جَنْبِهِ، يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ مَرَّةً وَيَقُولُ: «إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ الله أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ».

[2265] (3748) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, نا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ, نا جَرِيرٌ, عَنْ مُحَمَّدٍ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أُتِيَ عُبَيْدُ الله بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ, (فَجُعِلَ فِي طَسْتٍ) (1) فَجَعَلَ يَنْكُتُ، وَقَالَ فِي حُسْنِهِ شَيْئًا، فَقَالَ أَنَس: كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مَخْضُوبًا بِالْوَسْمَةِ.

[2266] (3749) خ نَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ, نا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَسَنُ عَلَى عَاتِقِهِ يَقُولُ: «اللهمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ».

[2267] (3750) خ نَا عَبْدَانُ, نا عَبْدُ الله قَالَ: أَخْبَرَنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أبِي حُسَيْنٍ, عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ, عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَحَمَلَ الْحَسَنَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا وَهُوَ يَقُولُ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ، لَيْسَ شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ.

وَعَلِيٌّ رَضِيَ الله عَنْهُ يَضْحَكُ.

[2268] (3752) خ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ.

_________

(1) سقطت من الأصل، واستدركتها من الصحيح.

(4/87)

بَاب ذِكْرِ مُعَاوِيَةَ بن أبِي سفيان رَضِيَ الله عَنْهُ

[2269] (3764) خ نَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ, نا الْمُعَافَى, عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ, عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ: أَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِرَكْعَةٍ وَعِنْدَهُ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ، (فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ) فَقَالَ: دَعْهُ فَإِنَّهُ صَحِبَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2270] (3766) خ نا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ, نا ابْنُ جَعْفَرٍ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلَاةً لَقَدْ صَحِبْنَا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهِمَا، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ.

بَاب مَنَاقِبِ قَرَابَةِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[2271] (3751) خ نايَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَصَدَقَةُ قَالَا: نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ أَبُوبَكْرٍ: ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ.

وَخَرَّجَهُ في: مناقب الحسن والحسين (3751).

بَاب مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا

تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.

بَاب فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا

[2272] (3771) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ, نا ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ, أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا أُمَّ

(4/88)

الْمُؤْمِنِينَ تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

[2273] (3774) خ نا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ جَعَلَ يَدُورُ فِي نِسَائِهِ وَيَقُولُ: «أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا» , حِرْصًا عَلَى بَيْتِ عَائِشَةَ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي سَكَنَ.

تَقَدَّمَ أَكْثَرُ فَضَائِلِهَا.

بَاب تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ وَفَضْلِهَا رَضِيَ الله عَنْهَا

[2274] (3815) خ نا صَدَقَةُ, نا عَبْدَةُ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ جَعْفَرٍ, عَنْ عَلِيٍّ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابنة عمران وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ».

[2275] (3820) خ نا قُتَيْبَةُ, نا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بن غزوان, عَنْ عُمَارَةَ, عَنْ أبِي زُرْعَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ.

[2276] (3821) خ ونا (1) إِسْمَاعِيلُ بْنُ الخَلِيلِ, أنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ, عَنْ هِشَامٍ.

خ و (3817) نا قُتَيْبَةُ, نا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ هِشَامِ.

_________

(1) في الصحيح: وقَالَ إسماعيل.

قَالَ الحافظ: (وَقَالَ إِسْمَاعِيل بْن خَلِيل) كَذَا فِي جَمِيع النُّسَخ الَّتِي اِتَّصَلَتْ إِلَيْنَا بِصِيغَةِ التَّعْلِيق، لَكِنَّ صَنِيع الْمِزِّيّ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مَوْصُولًا أهـ قلت: كذلك هو في نسختنا، والله أعلم.

(4/89)

خ و (3818) نا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ, نا أَبِي, نا حَفْصٌ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا.

زَادَ حُمَيْدٌ: وَتَزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ.

قَالَ حَفْصٌ: قَالَت: وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَىً (1) ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ فَيَقُولُ: «إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ».

زَادَ أَبُوهُرَيْرَةَ قَالَ: «أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله, هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا مِنْ رَبِّهَا السَّلَامَ وَمِنِّي, وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ فِضَّةٍ (2) لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ».

زَادَ ابن مسهر: قَالَت عَائِشَةُ: اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ (3) لِذَلِكَ فَقَالَ: «اللهمَّ هَالَةَ» , قَالَتْ: فَغِرْتُ, فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ, قَدْ أَبْدَلَكَ الله خَيْرًا مِنْهَا.

_________

(1) هكذا في رواية الأصيلي والنسفي، والكافة روته: أعضاء، قال القاضي: جاء في كتاب الأصيلي والنسفي: أعضى مقصورا منونا، ولا وجه له، وهذا خطأ، والصواب الأول أهـ (المشارق 2/ 168).

(2) هكذا ثبت في الأصل، والمشهور في هذا الموضع: قَصَبٍ.

(3) في الأصل: فارتفاع، وهو تصحيف، وهنال روايتان في هذا الحرف ذكرهما الحافظ قَالَ: وَقَوْله: (اِرْتَاعَ) مِنْ الرَّوْع بِفَتْحِ الرَّاء أَيْ فَزِعَ، وَالْمُرَاد مِنْ الْفَزَع لَازِمه وَهُوَ التَّغَيُّر، وَوَقَعَ فِي بَعْض الرِّوَايَات " اِرْتَاحَ " بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة أَيْ اِهْتَزَّ لِذَلِكَ سُرُورًا.

(4/90)

وَخَرَّجَهُ في: باب حسن المعشر من الإيمان (6004) , وفِي بَابِ يريدون {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (7497) , وفي الصفات باب قوله {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ} الآية (7484) , وفِي بَابِ غيرة النساء ووجدهن (5229) , وباب المشيئة والإرادة (؟).

بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْهُ

[2277] (3762) خ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْيِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ فَقَالَ: مَا أَعْلم أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.

[2278] (3763) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ يَقُولُ: قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنْ الْيَمَنِ, فَمَكَثْنَا حِينًا مَا نُرَى إِلَّا أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَخَرَّجَهُ في: باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن (4384).

بَاب مَنَاقِبِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

[2279] (3730) خ نَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ, نا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ دِينَارٍ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(4/91)

«إنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ الله إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَنْ لَمْ يَكْتَرِثْ لطَعْنِ مَنْ لَا يَعْلَمُ فِي الْأُمَرَاءِ (7187)، وفي غزوة زيد بن حارثة (4250)، وفي النذور باب [قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَايْمُ الله] (6627)، وفي بعث النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه (4468) (4469).

بَاب ذِكْرِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْد بن حارثة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

[2280] (3734) خ نا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّد, نا أَبُوعَبَّادٍ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: نا الْمَاجِشُونُ, نا عَبْدُ الله بْنُ دِينَارٍ قَالَ: نَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى رَجُلٍ يَسْحَبُ ثِيَابَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: انْظُرْ مَنْ هَذَا لَيْتَ هَذَا عِنْدِي، قَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: أَمَا تَعْرِفُ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ، قَالَ: فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ وَنَقَرَ بِيَدَيْهِ فِي الْأَرْضِ, ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَآهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَحَبَّهُ.

[2281] (3737) خ وحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ, نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ, أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ مَعَ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ إِذْ دَخَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَيْمَنَ، فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَقَالَ: أَعِدْ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: الْحَجَّاجُ بْنُ أَيْمَنَ بْنِ أُمِّ أَيْمَنَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَوْ رَأَى هَذَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَحَبَّهُ فَذَكَرَ حُبَّهُ وَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّ أَيْمَنَ.

(4/92)

قَالَ الْبُخَارِيُّ: زَادَني بَعْضُ أَصْحَابِي عَنْ سُلَيْمَانَ: وَكَانَتْ حَاضِنَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُ

تَقَدَّمَ مَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ مَنَاقِبُ خَالِد بْنِ الْوَلِيدِ، وَمَنَاقِبِ سَالِمٍ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ، تَقَدَّمَ مَا فِيهِ أَيْضًا وَتَأَخَّرَ.

مَنَاقِبِ عَمَّارٍ وَحُذَيْفَةَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا

[2282] (6278) خ نا أَبُوالْوَلِيدِ الطيالسي, نا شُعْبَةُ.

خ، و (3742) نا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا إِسْرَائِيلُ, عَنْ الْمُغِيرَةِ.

خ، و (3747) نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا شُعْبَةُ, عَنْ مُغِيرَةَ.

خ، و (3761) نَا مُوسَى, عَنْ أبِي عَوَانَةَ, عَنْ مُغِيرَةَ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ: دَخَلْتُ الشَّامَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ وَقُلْتُ: اللهمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا.

زَادَ إِسْرَائِيلُ: صَالِحًا، فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي، فقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَبُوالدَّرْدَاءِ، فَقُلْتُ: إِنِّي دَعَوْتُ الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا فَيَسَّرَكَ لِي، فقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ، وَفِيكُمْ الَّذِي أَجَارَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ زَادَ ابنُ حَرْبٍ: يَعْنِي عَمَّارًا.

قَالَ إِسْرَائِيلُ: أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ.

زَادَ أَبُوالْوَلِيدِ: يَعْنِي حُذَيْفَةَ.

(4/93)

[2283] (4944) خ ونَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نا أَبِي, نا الْأَعْمَشُ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ فزَادَ: وقَالَ: أَيُّكُمْ أقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ الله؟ قَالَ: كُلُّنَا، قَالَ: فَأَيُّكُمْ أَحْفَظُ، فَأَشَارُوا له إِلَى عَلْقَمَةَ، قَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} قَالَ عَلْقَمَةُ: (وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَكَذَا، وَهَؤُلَاءِ يُرِيدُونِي عَلَى أَنْ أَقْرَأَ {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} وَالله لَا أُتَابِعُهُمْ.

وقَالَ إِسْرَائِيلُ: وَالله لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ.

وَخَرَّجَهُ في: تفسير سورة {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (4943) (4944)، وفِي بَابِ مناقِبِ ابْنِ مَسْعودٍ (3761)، وباب صفة إبليس وجنوده (3287)، وباب من ألقي لَه وِسَادة (6278).

مَنَاقِبِ بِلَالِ بْنِ رَبَاحٍ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا

[2284] (3754) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ, نا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ الله قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقُولُ: أَبُوبَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلَالًا.

[2285] (3755) خ ونَا ابْنُ نُمَيْرٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ, نا إِسْمَاعِيلُ, عَنْ قَيْسٍ أَنَّ بِلَالًا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِنَفْسِكَ فَأَمْسِكْنِي، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَدَعْنِي وَعَمَلَ الله.

(4/94)

بَاب ذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا

[2286] (3756) خ نَا مُسَدَّدٌ, نا عَبْدُ الْوَارِثِ, عَنْ خَالِدٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ: «اللهمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ».

[2287] (3756) خ نا أَبُومَعْمَرٍ, نا عَبْدُ الْوَارِثِ وَقَالَ: «عَلِّمْهُ الْكِتَابَ».

مَنَاقِبُ الْأَنْصَارِ (1)

وقوله عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا} {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ}.

[2288] (3776) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا مَهْدِيُّ, نا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بنِ مالكٍ: أَرَأَيْتُمْ اسْمَ الْأَنْصَارِ أكُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ أَمْ سَمَّاكُمْ الله عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: بَلْ سَمَّانَا الله عَزَّ وَجَلَّ.

وكُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ فَيُحَدِّثُنَا بِمَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ وَمَشَاهِدِهِمْ، وَيُقْبِلُ عَلَيَّ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَزْدِ فَيَقُولُ: فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا.

وَخَرَّجَهُ في: باب أيّامِ الجَاهِلِيّة (3844).

بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرءًا مِنْ الْأَنْصَارِ»

[2289] (3779) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا غُنْدَرٌ, نا شُعْبَةُ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَالَ: قَالَ أَبُوالْقَاسِمِ صَلَّى

_________

(1) هكذا في الأصل، وفي بعض النسخ المطبوعة: كتاب مناقب الأنصار، وقد سبق التنبيه عليه، ولم يذكر المزي ولا الحافظ كتاب مناقب الأنصار.

(4/95)

الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ (1) أَنَّ الْأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِي الْأَنْصَارِ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنْ الْأَنْصَارِ».

فَقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ: مَا ظَلَمَ بِأَبِي وَأُمِّي آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ وكَلِمَةً أُخْرَى.

وَخَرَّجَهُ في: باب ما يجوز من اللو في التمني (7244).

بَاب حُبِّ الْأَنْصَارِ من الإيمان

[2290] (3783) خ نَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ, نا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ الله وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ الله».

وَخَرَّجَهُ في: كتاب الإيمان نحوه (17).

بَاب أَتْبَاعِ الْأَنْصَارِ

[2291] (3787) خ نَا مُحَمَّدٌ نا غُنْدَرٌ, نا شُعْبَةُ, عَنْ عَمْرو بنِ مرةَ قَالَ: سَمِعْتُ, أَبَا حَمْزَةَ الأنصاريِّ, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: قَالَتْ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ الله، لِكُلِّ نَبِيٍّ أَتْبَاعٌ، وَإِنَّا قَدْ اتَّبَعْنَاكَ فَادْعُ الله أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا، فَدَعَا بِهِ.

فَنَمَيْتُ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ أبِي لَيْلَى فقَالَ: قَدْ زَعَمَ ذَلِكَ زَيْدٌ.

بَاب فَضْلِ دُورِ الْأَنْصَارِ

[2292] (5300) خ نَا قُتَيْبَةُ, نا لَيْثٌ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ, أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

_________

(1) في الأصل كأنها: لولا.

(4/96)

[2293] خ, و (3791) نا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ, نا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى, عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ, عَنْ أبِي أُسَيْدٍ (1) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرَ دُورِ الْأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ, ثُمَّ عَبْدِ الْأَشْهَلِ, ثُمَّ دَارُ بَنِي الْحَارِثِ, ثُمَّ دَارٌ بَنِي سَاعِدَةَ».

زَادَ أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثُمَّ (قَالَ) بِيَدِهِ فَقَبَضَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ بَسَطَهُنَّ كَالرَّامِي بِيَدِهِ.

قَالَا: قَالَ: «وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ».

قَالَ أَبُوأُسَيْد: فَلَحِقَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ أَبُوأُسَيْدٍ (2): أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ خَيَّرَ الْأَنْصَارَ فَجَعَلَنَا آخرًا, فَأَدْرَكَ سَعْدٌ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله خَيَّرْتَ دُورُ الْأَنْصَارِ فجعلتنا من آخِرا (3) , فَقَالَ: «أَوَلَيْسَ حَسْبُكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنْ الْخِيَارِ».

[2294] (3807) قَالَ الْبُخَارِيُّ: ونَا إِسْحَاقُ, نا عَبْدُ الصَّمَدِ, نا شُعْبَةُ, نا قَتَادَةُ سَمِعْتُ, أَنَسًا: قَالَ أَبُوأُسَيْدٍ عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, نَحْوَهُ.

وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَكَانَ ذَا قِدَمٍ فِي الْإِسْلَامِ: أَرَى رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى نَاسٍ كَثِيرٍ.

_________

(1) هَكَذَا وَقَعَ فِي الأَصْلِ، وهي رواية الأصيلي، وفي الصحيح: عن أبِي حميد، وقَالَ الحافظ: (عَنْ أبِي حُمَيْدٍ) هُوَ السَّاعِدِيُّ وَهُوَ مَشْهُور بِكُنْيَتِهِ، وَيُقَالَ إِنَّ اِسْمه عَبْد الرَّحْمَن، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ " عَنْ أبِي أُسَيْدٍ أَوْ أبِي حُمَيْدٍ ". بِالشَّكِّ، وَالصَّوَاب عَنْ أبِي حُمَيْدٍ وَحْده أهـ.

(2) كذا في النسخة، أَبُوبالرفع، أي أن القائل هو أَبُوأسيد، وفي الصحيح، فقَالَ: ابا أسيد على أنه مُنَادًى حُذِفَ مِنْهُ حَرْف النِّدَاء، والقائل سعد.

ولم يشر الحافظ إلى ما هنا.

(3) كذا في الأصل، وفي الصحيح لم يذكر من.

(4/97)

وخرجه في: منقبة سعد بن عبادة (3807) , وفِي بَابِ الإشارة بالطلاق والأمر واللعان عن أنس مرفوعا للأنصار (5300).

بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ»

[2295] (7441) خ نا عُبَيْدُ الله بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, نا عَمِّي, نا أَبِي, عَنْ صَالِحٍ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ, حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ.

[2296] خ و (7057) نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ, نا شُعْبَةُ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ, أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي، فقَالَ: «فإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً».

[2297] (3794) خ ونَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نا سُفْيَانُ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ.

و (3163) نَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ, نا زُهَيْرٌ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بنَ مالكٍ قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ لِيَكْتُبَ لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ فَقَالَوا: لَا وَالله، حَتَّى تَكْتُبَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ مِثْلَهَا، فَقَالَ: «لَهُمْ ذَلكَ مَا شَاءَ الله عَلَى ذَلِكَ» يَقُولُونَ لَهُ.

قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ: «إِمَّا لَا فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي فَإِنَّكم سَتُصِيبُكُمْ أَثَرَةٌ بَعْدِي».

وَخَرَّجَهُ في: باب كتابة القطائع (2376) , وفي الأسماء باب [قَوْلِ الله تَعَالَى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}] (7441) , وفي الفتنة باب [قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا، وَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ زَيْدٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ] (7057).

(4/98)

بَاب

قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ}

[2298] (4889) خ نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ, نا أَبُوأُسَامَةَ.

(3798) خ نَا مُسَدَّدٌ, نا عَبْدُ الله بْنُ دَاوُدَ, عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ, عَنْ أبِي حَازِمٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَصَابَنِي الْجَهْدُ.

قَالَ ابنُ دَاودَ: فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا الْمَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَضُمُّ هذا أَوْ يُضِيفُ هَذَا».

زَادَ أَبُوأُسَامَة: «اللَّيْلَةَ يَرْحَمُهُ الله».

فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: أَنَا، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

زَادَ أَبُوأُسَامَة: لَا تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا.

وقَالَ ابنُ دَاودَ: فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ الصبيان، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً.

زَادَ أَبُوأُسَامَة: وَنَطْوِي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ.

فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «ضَحِكَ الله عَزَّ وَجَلَّ اللَّيْلَةَ أَوْ عَجِبَ مِنْ فَعَالِكُمَا» , فَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

(4/99)

وَخَرَّجَهُ في: التفسير (4889).

بَاب قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ»

[2299] (3628) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ، و (3800) أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ, نا ابْنُ الْغَسِيلِ, سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ.

[2300] و (3799) نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُوعَلِيٍّ, نا شَاذَانُ أَخُو عَبْدَانَ, نا أَبِي, نا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ, عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَرَّ أَبُوبَكْرٍ وَالْعَبَّاسُ رَضِيَ الله عَنْهُما بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمْ؟ فقَالَوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ.

وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُتَعَطِّفًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ.

قَالَ: فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ.

زَادَ ابنُ عَبَّاسٍ: «أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الْأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعُهُ فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ».

وقَالَ أَنَسٌ: قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي وَقَدْ قَضَوْا الَّذِي عَلَيْهِمْ وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ».

زَادَ أَبُونُعَيْمٍ: فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ فيه النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَخَرَّجَهُ في: علامات النبوة (3628):

(4/100)

خ َنَا أَبُونُعَيْمٍ, نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ, نا عِكْرِمَةُ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ) (1) الحديثَ.

بَاب مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ الله عَنْهُ

[2301] (3803) خ نا ابْنُ الْمُثَنَّى, نا فَضْلُ بْنُ مُسَاوِرٍ, خَتَنُ أبِي عَوَانَةَ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ الْأَعْمَشِ, عَنْ أبِي سُفْيَانَ, عَنْ جَابِرٍ, سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ».

وَعَنْ الْأَعْمَشِ, نا أَبُوصَالِحٍ, عَنْ جَابِرٍ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.

فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: فَإِنَّ الْبَرَاءَ بنُ عازبٍ يَقُولُ: «اهْتَزَّ السَّرِيرُ» , فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ».

بَاب مَنَاقِبُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ الله عَنْهُم

[2302] (3806) خ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا غُنْدَرٌ، و (3808) نَا أَبُوالْوَلِيدِ, نا شُعْبَةُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: ذُكِرَ عَبْدُ الله بْنُ مَسْعُودٍ عِنْدَ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ: ذَلِكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ؛ مِنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ» , فَبَدَأَ بِهِ, «وَسَالِمٍ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ, وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ, وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ».

_________

(1) ما بين القوسين زيادة مني أثبتها من الصحيح، وأظن أنها سَقَطَت عَلَى النَّاسِخِ لأن المهلب إنما ساقه من أجلها، والله أعلم.

(4/101)

وَخَرَّجَهُ في: باب القراء من أصحاب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الفضائل (4999).

بَاب مَنَاقِبُ عَبْدِ الله بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ الله عَنْهُ

[2303] (3812) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ, عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله, عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ: «إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» إِلَّا لِعَبْدِ الله بْنِ سَلَامٍ.

قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} الْآيَةَ، قَالَ: ولَا أَدْرِي قَالَ مَالِكٌ الْآيَةَ أَوْ فِي الْحَدِيثِ.

بَاب ذِكْرُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله الْبَجَلِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ

[2304] (3035) خ نا ابْنُ نُمَيْرٍ, نا ابْنُ إِدْرِيسَ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ قَيْسٍ, عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي (1).

حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

[2305] (3826) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي بَكْرٍ, نا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ, نا مُوسَى قَالَ: حدثني سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_________

(1) تكملة الحديث في الصحيح: وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ إِنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: " اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا".

(4/102)

لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ في أَسْفَلِ بَلْدَحٍ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ، فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةٌ.

(5499) زَادَني مُعَلَّى, عن ابْنِ الْمُخْتَارِ, عن مُوسَى: فِيهَا لَحْمٌ.

فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ: إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلَا آكُلُ إِلَّا مَا ذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْهِ.

وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرو بن نُفَيلٍ كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا الله وَأَنْزَلَ لَهَا مِنْ السَّمَاءِ الْمَاءَ وَأَنْبَتَ لَهَا مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ الله، إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ.

[2306] (3827) قَالَ مُوسَى: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله، وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا يُحَدِّثُ بِهِ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ يَسْأَلُ عَنْ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ الْيَهُودِ، فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ فَقَالَ: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ فَأَخْبِرْنِي، فَقَالَ: لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ الله عَزَّ وَجَلَّ, قَالَ زَيْدٌ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ الله، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ الله شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ، فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ زَيْدٌ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا الله، فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ النَّصَارَى فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ نَصِيبَكَ مِنْ لَعْنَةِ الله، قَالَ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ الله، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ الله وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ، فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا الله، فَلَمَّا

(4/103)

رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللهمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ.

[2307] (3828) خ: وَقَالَ الْلَّيْثُ: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْتَنِدًا ظَهْرُهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَالله مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي.

وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ: لَا تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَ مَئُونَتَهَا، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لِأَبِيهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا.

وَخَرَّجَهُ في: باب ما ذبح على النصب والأصنام مختصرا (5499).

بَاب بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ

[2308] (3830) خ نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعُبَيْدِ الله بْنِ أبِي يَزِيدَ قَالَا: لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ الْبَيْتِ حَائِطٌ، كَانُوا يُصَلُّونَ حَوْلَ الْبَيْتِ، حَتَّى كَانَ عُمَرُ فَبَنَى حَوْلَهُ حَائِطًا.

قَالَ عُبَيْدُ الله: جَدْرُهُ قَصِيرٌ فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ.

بَاب أَيَّامُ الْجَاهِلِيَّةِ

[2309] (3833) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ (قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: نا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَ سَيْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَسَا مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ) (1).

_________

(1) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ ما بين القوسين مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4/104)

قَالَ سُفْيَانُ: وَيَقُولُ إِنَّ هَذَا الَحَدِيثَ لَهُ شَأْنٌ.

[2310] (3834) خ نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ بَيَانٍ أبِي بِشْرٍ, عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُوبَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالَ لَهَا زَيْنَبُ، فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ، فَقَالَ: مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ؟ قَالَوا: حَجَّتْ مُصْمِتَةً، فقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَكَلَّمَتْ، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: امْرُؤٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ: أَيُّ الْمُهَاجِرِينَ، قَالَ: مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَتْ: مِنْ أَيِّ قُرَيْشٍ أَنْتَ؟ قَالَ: إِنَّكِ لَسَئُولٌ، أَنَا أَبُوبَكْرٍ، قَالَتْ: مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الصَّالِحِ الَّذِي جَاءَ الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِ بَعْدَ الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: بَقَاؤُكُمْ عَلَيْهِ مَا اسْتَقَامَتْ بِه أَئِمَّتُكُمْ، قَالَتْ: وَمَا الْأَئِمَّةُ؟ قَالَ: أَمَا كَانَ لِقَوْمِكِ رُءُوسٌ وَأَشْرَافٌ يَأْمُرُونَهُمْ فَيُطِيعُونَهُمْ، قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَهُمْ أُولَئِكِ عَلَى النَّاسِ.

[2311] (3839) خ نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أحَدَّثَكُمْ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ, نا حُصَيْنٌ, عَنْ عِكْرِمَةَ {وَكَأْسًا دِهَاقًا} قَالَ: مَلْأَى مُتَتَابِعَةً.

[2312] (3840) قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ أبِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُ: اسْقِنَا كَأْسًا دِهَاقًا.

[2313] (3841) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بن عمير, عَنْ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ:

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا الله بَاطِلُ ... وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلُ

وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ».

(4/105)

[2314] (3842) خ نَا إِسْمَاعِيلُ, حَدَّثَنِي أَخِي, عَنْ سُلَيْمَانَ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ, عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُوبَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُوبَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: تَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُوبَكْرٍ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ, فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ, فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُوبَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ.

[2315] (3845) (1) خ نَا أَبُومَعْمَرٍ, نا عَبْدُ الْوَارِثِ, نا قَطَنٌ أَبُوالْهَيْثَمِ, نا أَبُويَزِيدَ الْمَدَنِيُّ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ قَسَامَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بَنِي هَاشِمٍ، كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ فَخِذٍ أُخْرَى، فَانْطَلَقَ مَعَهُ فِي إِبِلِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ بِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدْ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ فَقَالَ: أَغِثْنِي بِعِقَالَ أَشُدُّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِي لَا تَنْفِرُ الْإِبِلُ، فَأَعْطَاهُ عِقَالَا فَشَدَّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ، فَلَمَّا نَزَلُوا عُقِلَتْ الْإِبِلُ إِلَّا بَعِيرًا وَاحِدًا، فَقَالَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ: مَا شَأْنُ هَذَا الْبَعِيرِ لَمْ يُعْقَلْ مِنْ بَيْنِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عِقَالَ، قَالَ: فَأَيْنَ عِقَالَهُ؟ قَالَ: فَحَذَفَهُ بِعَصًا فكَانَ فِيهَا أَجَلُهُ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: أَتَشْهَدُ الْمَوْسِمَ؟ قَالَ: مَا أَشْهَدُ وَرُبَّمَا شَهِدْتُهُ، قَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّي رِسَالَةً مَرَّةً مِنْ الدَّهْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَتَبَ إِذَا أَنْتَ شَهِدْتَ الْمَوْسِمَ فَنَادِ يَا آلَ قُرَيْشٍ فَإِذَا أَجَابُوكَ فَنَادِ يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَسَلْ عَنْ أبِي طَالِبٍ فَأَخْبِرْهُ أَنَّ فُلَانًا

_________

(1) قَالَ الحافظ: ثَبَتَ عِنْد أَكْثَر الرُّوَاة عَنْ الْفَرَبْرِيّ هُنَا تَرْجَمَة: الْقَسَامَة فِي الْجَاهِلِيَّة، وَلَمْ يَقَع عِنْد النَّسَفِيّ وَهُوَ أَوْجَه، لِأَنَّ الْجَمِيع مِنْ تَرْجَمَة أَيَّام الْجَاهِلِيَّة، وَيَظْهَر ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيث الَّتِي أَوْرَدَهَا تِلْو هَذَا الْحَدِيث أهـ.

(4/106)

قَتَلَنِي فِي عِقَالَ، وَمَاتَ الْمُسْتَأْجَرُ، فَلَمَّا قَدِمَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ أَتَاهُ أَبُوطَالِبٍ فَقَالَ: مَا فَعَلَ صَاحِبُنَا؟ قَالَ: مَرِضَ فَأَحْسَنْتُ الْقِيَامَ عَلَيْهِ فَوَلِيتُ دَفْنَهُ، قَالَ: قَدْ كَانَ أَهْلَ ذَلكَ مِنْكَ، فَمَكَثَ حِينًا، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي أَوْصَى إِلَيْهِ أَنْ يُبْلِغَ عَنْهُ وَافَى الْمَوَاسِمَ، فَقَالَ: يَا آلَ قُرَيْشٍ، قَالَوا: هَذِهِ قُرَيْشٌ، قَالَ: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ، قَالَوا: هَذِهِ بَنُو هَاشِمٍ، قَالَ: أَيْنَ أَبُوطَالِبٍ؟ قَالَوا: هَذَا أَبُوطَالِبٍ، قَالَ: أَمَرَنِي فُلَانٌ أَنْ أُبْلِغَكَ رِسَالَةً أَنَّ (1) فُلَانًا قَتَلَهُ فِي عِقَالَ، فَأَتَاهُ أَبُوطَالِبٍ فَقَالَ لَهُ: اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلَاثٍ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤَدِّيَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا، وَإِنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ قَوْمِكَ إِنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ أَبَيْتَ قَتَلْنَاكَ بِهِ، فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَوا: نَحْلِفُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا طَالِبٍ أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي هَذَا بِرَجُلٍ مِنْ الْخَمْسِينَ وَلَا تُصْبِرْ يَمِينَهُ حَتَّى (2)

تُصْبَرَ الْأَيْمَانُ، فَفَعَلَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلًا أَنْ يَحْلِفُوا مَكَانَ مِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ، هَذَانِ بَعِيرَانِ فَاقْبَلْهُمَا عَنِّي وَلَا تُصْبِرْ يَمِينِي حَيْثُ تُصْبَرُ الْأَيْمَانُ، فَقَبِلَهُمَا وَجَاءَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ومَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنْ الثَّمَانِيَةِ وَالأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ.

[2316] (3846) وقَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو, عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ, أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: لَيْسَ السَّعْيُ

_________

(1) الأَوْجَهُ في هَمْزَةِ أَنْ هَذِهِ الْفَتْحُ، وَقَدْ يَصِحُّ كَسْرُهَا، انظر المشارق 1/ 72.

(2) هكذا في الأصل، وَأَحْرِ بِهَا أَنْ تَكُونَ مُصَحَّفَةً مِنْ حِينٍ، كما ثبت في الصحيح وغيره ..

(4/107)

بِبَطْنِ الْوَادِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بسُنَّةٍ إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَسْعَوْنَهَا، وَيَقُولُونَ: لَا نُجِيزُ الْبَطْحَاءَ إِلَّا شَدًّا (1).

[2317] (3834) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ, نا سُفْيَانُ, نا مُطَرِّفٌ سَمِعْتُ, أَبَا السَّفَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مِنِّي مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأَسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ، وَلَا تَذْهَبُوا فَتَقُولُوا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَلْيَطُفْ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ، وَلَا تَقُولُوا الْحَطِيم، فَإِنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَحْلِفُ فَيُلْقِي سَوْطَهُ أَوْ نَعْلَهُ أَوْ قَوْسَهُ.

[2318] (3850) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, عَنْ عُبَيْدِ الله, سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: خِلَالٌ مِنْ خِلَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالنِّيَاحَةُ، وَنَسِيَ الثَّالِثَةَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَيَقُولُونَ: إِنَّهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ.

قَالَ الْمُهَلَّبُ:

بَقِيَ حَديثُ عَمْرِو بْنِ مَيْمُون في الْقِرَدَةِ، وَلَا مَعْنَى لِتَخْرِيجِهِ، وَإِنَّمَا أَدْخَلَهُ الْبُخَارِيُّ اعْتِبَارًا لِحَدِيثِ نُعَيمِ بْنِ حَمَّادٍ (2).

_________

(1) قد وعد المهلب أول الكتاب أن يصل هذا المعلق وأمثاله، ولم أجده فعل ذلك هنا، فلعله سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ أو نسي المهلب.

(2) قَالَ الْبُخَارِيُّ: نَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ نا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ قَدْ زَنَتْ فَرَجَمُوهَا فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ.

وَقَوْلُ الْمُهَلَّبِ: اعْتِبَارًا لَحَدِيثِ نُعَيْمٍ، يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ فِي رِوَايَةِ القَابِسِيِّ: نَا أَبُونُعَيْمٍ، وَالله أَعْلَمُ.

وَقَدْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّه مُقْحَمٌ عَلَى البُخَارِيِّ، فقَالَ الحافظ: وَأَغْرَبَ الْحُمَيْدِيّ فِي الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث وَقَعَ فِي بَعْض نُسَخ الْبُخَارِيّ، وَأَنَّ أَبَا مَسْعُود وَحْده ذَكَرَهُ فِي الْأَطْرَاف، قَالَ: وَلَيْسَ فِي نُسَخ الْبُخَارِيّ أَصْلًا فَلَعَلَّهُ مِنْ الْأَحَادِيث الْمُقْحَمَة فِي كِتَابِ الْبُخَارِيّ.

وَمَا قَالَهُ مَرْدُود، فَإِنَّ الْحَدِيث الْمَذْكُور فِي مُعْظَم الْأُصُول الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا، وَكَفَى بِإِيرَادِ أبِي ذَرّ الْحَافِظ لَهُ عَنْ شُيُوخه الثَّلَاثَة الْأَئِمَّة الْمُتْقِنِينَ عَنْ الْفَرَبْرِيّ حُجَّة، وَكَذَا إِيرَاد الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبِي نُعَيْم فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا وَأَبِي مَسْعُود لَهُ فِي أَطْرَافه، نَعَمْ سَقَطَ مِنْ رِوَايَة النَّسَفِيّ وَكَذَا الْحَدِيث الَّذِي بَعْده، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُون فِي رِوَايَة الْفَرَبْرِيّ، فَإِنَّ رِوَايَته تَزِيد عَلَى رِوَايَة النَّسَفِيّ عِدَّة أَحَادِيث قَدْ نَبَّهْت عَلَى كَثِير مِنْهَا فِيمَا مَضَى وَفِيمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.

وَأَمَّا تَجْوِيزه أَنْ يُزَادَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهَذَا يُنَافِي مَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاء مِنْ الْحُكْم بِتَصْحِيحِ جَمِيع مَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيّ فِي كِتَابِه، وَمِنْ اِتِّفَاقهمْ عَلَى أَنَّهُ مَقْطُوع بِنِسْبَتِهِ إِلَيْهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ تَخَيُّل فَاسِد يَتَطَرَّق مِنْهُ عَدَم الْوُثُوق بِجَمِيعِ مَا فِي الصَّحِيح، لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ فِي وَاحِد لَا بِعَيْنِهِ جَازَ فِي كُلّ فَرْد فَرْد، فَلَا يَبْقَى لِأَحَدٍ الْوُثُوق بِمَا فِي الْكِتَاب الْمَذْكُور، وَاتِّفَاق الْعُلَمَاء يُنَافِي ذَلِكَ، وَالطَّرِيق الَّتِي أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيّ دَافِعَة لِتَضْعِيفِ اِبْن عَبْد الْبَرّ لِلطَّرِيقِ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَقَدْ أَطْنَبْت فِي هَذَا الْمَوْضِع لِئَلَّا يَغْتَرّ ضَعِيف بِكَلَامِ الْحُمَيْدِيّ فَيَعْتَمِدهُ، وَهُوَ ظَاهِر الْفَسَاد.

وَقَدْ ذَكَرَ أَبُوعُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى فِي كِتَابِ الْخَيْل لَهُ: مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيِّ: أَنَّ مُهْرًا أُنْزِيَ عَلَى أُمّه فَامْتَنَعَ، فَأُدْخِلَتْ فِي بَيْت وَجُلِّلْت بِكِسَاءٍ وَأُنْزِيَ عَلَيْهَا فَنَزَا، فَلَمَّا شَمَّ رِيح أُمّه عَمَدَ إِلَى ذَكَرِهِ فَقَطَعَهُ بِأَسْنَانِهِ مِنْ أَصْله، فَإِذَا كَانَ هَذَا الْفَهْم فِي الْخَيْل مَعَ كَوْنهَا أَبْعَد فِي الْفِطْنَة مِنْ الْقِرْد فَجَوَازهَا فِي الْقِرْد أَوْلَى أهـ.

(4/108)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

65 - كتاب مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1)

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعبِ بْنِ لؤَيِّ بْنِ غالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ.

بَاب مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِمكَّةَ

[2319] (3856) خ نَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ, نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ, نا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أبِي كَثِيرٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ عبد الله بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَيْنَما النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي

_________

(1) هكذا في النسخة، كتاب مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي بعض النسخ المطبوع: باب مبعث .. ، ولم يشر الحافظ لذلك، وأما المزي فإنه يخرج منه كثيرا، ويسميه كما في نسختنا، والله أعلم.

(4/109)

فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُوبَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبَيْهِ، وَدَفَعَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وقَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}.

وَخَرَّجَهُ في: مناقب أبِي بكر (3678) , وفي تفسير سورة غافر قوله {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا} الآية (4815).

بَاب ذِكْرُ الْجِنِّ

وَقَوْلُ الله عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}.

[2320] (3859) خ نا عُبَيْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ, نا أَبُوأُسَامَةَ, نا مِسْعَرٌ, عَنْ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أبِي قَالَ: سَأَلْتُ مَسْرُوقًا: مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ يَعْنِي عَبْدَ الله أَنَّهُ آذَنَتْ (1) شَجَرَةٌ.

بَاب إِسْلَامُ أبِي ذَرٍّ رَحْمَةُ الله عَلَيْهِ

[2321] (3861) خ نا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ, نا ابْنُ مَهْدِيٍّ, نا الْمُثَنَّى.

خ, (3522) نا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ, نا أَبُوقُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الْقَصِيرُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوجَمْرَةَ قَالَ: قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِإِسْلَامِ أبِي ذَرٍّ؟ قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: قَالَ أَبُوذَرٍّ: كُنْتُ رَجُلًا مِنْ غِفَارٍ فَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلًا قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقُلْتُ لِأَخِي: انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ كَلِّمْهُ وَأْتِنِي بِخَبَرِهِ، فَانْطَلَقَ فَلَقِيَهُ ثُمَّ رَجَعَ، فَقُلْتُ: مَا عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: وَالله لَقَدْ رَأَيْتُ

_________

(1) زَادَ فِي الصَّحِيحِ: بِهِمْ.

(4/110)

رَجُلًا يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَيَنْهَى عَنْ الشَّرِّ، فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ تَشْفِنِي مِنْ الْخَبَرِ، فَأَخَذْتُ جِرَابًا وَعَصًا ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ، فَجَعَلْتُ لَا أَعْرِفُهُ وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ، وَأَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، وَأَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ, قَالَ: كَأَنَّ الرَّجُلَ غَرِيبٌ، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: انْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ وَلَا أُخْبِرُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ لِأَسْأَلَ عَنْهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُخْبِرُنِي عَنْهُ بِشَيْءٍ، قَالَ: فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ فَقَالَ: أَمَا نَالَ الرَّجُلُ يَعْرِفُ مَنْزِلَهُ بَعْدُ، قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: انْطَلِقْ مَعِي، قَالَ: مَا أَمْرُكَ وَمَا أَقْدَمَكَ هَذِهِ الْبَلْدَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنْ كَتَمْتَ عَلَيَّ أَخْبَرْتُكَ، قَالَ: فَإِنِّي أَفْعَلُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: بَلَغَنَا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ هَا هُنَا رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَرْسَلْتُ أَخِي لِيُكَلِّمَهُ فَرَجَعَ وَلَمْ يَشْفِنِي مِنْ الْخَبَرِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَلْقَاهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ قَدْ رَشَدْتَ هَذَا وَجْهِي إِلَيْهِ فَاتَّبِعْنِي ادْخُلْ حَيْثُ أَدْخُلُ، فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ أَحَدًا أَخَافُهُ عَلَيْكَ قُمْتُ إِلَى الْحَائِطِ كَأَنِّي أُصْلِحُ نَعْلِي فَامْضِ أَنْتَ، وَمَضَيْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ: اعْرِضْ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ فَعَرَضَهُ فَأَسْلَمْتُ مَكَانِي، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ اكْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ، وَارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورُنَا فَأَقْبِلْ»، فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَقُرَيْشٌ فِيهِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ.

زَادَ ابْنُ مَهْدِيّ: فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ.

إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالَوا: قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ، فَقَامُوا فَضُرِبْتُ لِأَمُوتَ، فَأَدْرَكَنِي الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيَّ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: وَيْلَكُمْ تَقْتُلُونَ مِنْ غِفَارَ رَجُلًا وَمَتْجَرُكُمْ وَمَمَرُّكُمْ عَلَى غِفَارَ، فَأَقْلَعُوا عَنِّي، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ الْغَدَ رَجَعْتُ فَقُلْتُ مِثْلَ مَا قُلْتُ بِالْأَمْسِ، قَالَوا: قُومُوا إِلَى هَذَا

(4/111)

الصَّابِئِ، فَصُنِعَ بِهِ مِثْلَ مَا صُنِعَ بِالْأَمْسِ، وَأَدْرَكَنِي الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيَّ وَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ بِالْأَمْسِ، قَالَ: فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ إِسْلَامِ أبِي ذَرٍّ.

وَخَرَّجَهُ في: باب قصة زمزم (3522).

بَاب إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنْهُ

[2322] (3863) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ, نا سُفْيَانُ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي خَالِدٍ, عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حَازِمٍ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ.

وَخَرَّجَهُ في: مَنَاقِب عُمر (3684).

[2323] (3864) خ ونا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ فِي الدَّارِ خَائِفًا إِذْ جَاءَهُ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ وعَلَيْهِ حُلَّةُ حِبَرَةٍ وَقَمِيصٌ مَكْفُوفٌ بِحَرِيرٍ، وَهُوَ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، وَهُمْ حُلَفَاؤُنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لَهُ: مَا بَالُكَ؟ قَالَ: زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونَنِي إِنْ أَسْلَمْتُ، قَالَ: لَا سَبِيلَ إِلَيْكَ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا آمَنْتُ (1) , فَخَرَجَ الْعَاصِ فَلَقِيَ النَّاسَ قَدْ سَالَ بِهِمْ الْوَادِي فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالَوا: نُرِيدُ هَذَا ابْنَ الْخَطَّابِ الَّذِي صَبَا، قَالَ: لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، فَكَرَّ النَّاسُ.

_________

(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: أَمِنْتُ.

قَالَ الحافظ: بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون وَضَمّ الْمُثَنَّاة، أَيْ حَصَلَ الْأَمَان فِي نَفْسِي بِقَوْلِهِ ذَلِكَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ بِمَدِّ الْهَمْزَة، وَهُوَ خَطَأ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْل ذَلِكَ، ذَكَرَ عِيَاض أَنَّ فِي رِوَايَة الْحُمَيْدِيّ بِالْقَصْرِ أَيْضًا لَكِنَّهُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة، وَهُوَ خَطَأ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَصِير مِنْ كَلَام الْعَاصِ بْن وَائِل، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَام عُمَر، يُرِيد أَنَّهُ أَمِنَ لَمَّا قَالَ لَهُ الْعَاصِ بْن وَائِل تِلْكَ الْمَقَالَة، وَيُؤَيِّدهُ الْحَدِيث الَّذِي بَعْده أهـ.

وَهْوُ حَدِيثُ ابْنُ عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ آخَرٍ، قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ دَارِهِ وَقَالَوا: صَبَا عُمَرُ، وَأَنَا غُلَامٌ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِي، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ فَقَالَ: قَدْ صَبَا عُمَرُ فَمَا ذَاكَ، فَأَنَا لَهُ جَارٌ، قَالَ: فَرَأَيْتُ النَّاسَ تَصَدَّعُوا عَنْهُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَوا: الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ.

وانظر مشارق القاضي عياض فقد فصل فيه: ج1، ص66.

(4/112)

[2324] (3866) خ ونا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ, أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ، بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ لَقَدْ (كَانَ) (1) كَاهِنَهُمْ، عَلَيَّ الرَّجُلَ، فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتَقْبَلَ بِهِ رَجُلٌ رجلًا مُسْلِمًا (2) , قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي، قَالَ: كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي السُّوقِ جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ، قَالَتْ: أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا، وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا، وَلُحُوقَهَا بِالْقِلَاصِ وَأَحْلَاسِهَا، قَالَ عُمَرُ: صَدَقَ، بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ، يَقُولُ: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله, (فَوَثَبَ الْقَوْمُ قُلْتُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله) (3) فَقُمْتُ، فَمَا نَشِبْنَا أَنْ قِيلَ هَذَا نَبِيٌّ.

_________

(1) سقطت من الأصل.

(2) هكذا هو أيضا في رواية النسفي وأبي ذر، ولغيرهم: اُسْتُقْبِلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ.

(3) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4/113)

[2325] (3867) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, نا يَحْيَى, نا إِسْمَاعِيلُ, نا قَيْسٌ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ لِلْقَوْمِ: رَأَيْتُنِي مُوثِقِي عُمَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَنَا وَأُخْتُهُ وَمَا أَسْلَمَ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا انْقَضَّ (1) لِمَا صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ لَكَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ.

وخرجَ هذا فِي بَابِ إسلام سعيد بن زيد رحمه الله (3862).

بَاب انْشِقَاقُ الْقَمَرِ

[2326] (3869) خ نا عَبْدَانُ, عَنْ أبِي حَمْزَةَ, عَنْ الْأَعْمَشِ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ أبِي مَعْمَرٍ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ.

[2327] (3868) خ ونا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ, نا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ, نا سَعِيدُ بْنُ أبِي عَرُوبَةَ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمْ الْقَمَرَ شِقَّتَيْنِ حَتَّى رَأَوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا.

زَادَ عَبْدُاللهِ: وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى فَقَالَ: «اشْهَدُوا» , وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ نَحْوَ الْجَبَلِ.

وَخَرَّجَهُ في: تفسير سورة {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} (4864) (4865) (4868)، وفِي بَابِ سؤال المشركين أن يريهم النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آية (3636) (3637)، وفِي بَابِ علامات النبوة (2).

_________

(1) كذا للأصيلي، وفي الحرف روايات أخرى: ارفض، انفض، وقد صححها كلها القاضي في المشارق 2/ 170، وقال: المعنى متقارب، أي تصدع وتبدد وتفرق.

(2) هما بابان مترادفان.

(4/114)

بَاب هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ

[2328] (3878) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, نا يَحْيَى, عَنْ هِشَامٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ,ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا للنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

بَاب قِصَّةِ أبِي طَالِبٍ

[2329] (1360) خ نا إِسْحَاقُ, نا يَعْقُوبُ, نا أَبِي, نا صَالِحٌ, عَنْ الزهري.

ح (4772) نا أَبُوالْيَمَانِ, أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ الله بْنَ أبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ: «أَيْ عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ الله».

وقَالَ صَالِحٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ: «أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ الله».

قَالَ شُعَيْبٌ: فَقَالَ أَبُوجَهْلٍ وَعَبْدُ الله بْنُ أبِي أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيُعِيذَانِهِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُوطَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا الله.

(4/115)

قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالله لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» , فَأَنْزَلَ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية، وَأَنْزَلَ الله فِي أبِي طَالِبٍ فَقَالَ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا الله (1360) , وفي تفسير قوله عَزَّ وَجَلَّ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية (4675) , وفي النذور بَاب إِذَا قَالَ وَالله لَا أَتَكَلَّمُ الْيَوْمَ فَصَلَّى, الباب (6681) , وَصَدَّرَ فِيهِ:

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الْكَلَامِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا الله وَالله أَكْبَرُ».

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَلِمَةُ التَّقْوَى: لَا إِلَهَ إِلَّا الله.

[2330] (3885) خ ونا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, نا اللَّيْثُ, حَدَّثَني ابْنُ الْهَادِ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ خَبَّابٍ, عَنْ أبِي سَعِيدٍ, أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2331] (6208) خ ونا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوعَوَانَةَ, نا عَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير, نا عَبْدُ الله بْنُ الْحَارِثِ, نا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قلت لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ الله هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ».

قَالَ أَبُوسَعِيدٍ: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ, فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ».

(4/116)

وقَالَ فِيهِ الْعَبَّاسُ: قَالَ: «هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ, ولَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ».

وَخَرَّجَهُ في: باب صفة الجنة والنار (6564) (6572) , وباب كنية المشرك (6208).

بَاب المعراج وهو حَدِيثُ الْإِسْرَاءِ

وَقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.

[2332] (3393) خ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ, نا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ (1).

[2333] خ, و (3342) نا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ, نا عَنْبَسَةُ, نا يُونُسُ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ أَنَس بْنُ مَالِكٍ: كَانَ أَبُوذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ.

_________

(1) حديث الزهري هذا هو عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، ولا يتفق مع الإسناد اللاحق ولذلك كان حتما على المصنف أن يسوقه بتمامه.

فالزهري له في الحديث إسنادان روايته عن أنس رضي الله عنه، وروايته عن سعيد عن أبِي هريرة رضي الله عنه.

وحتى إسناد البخاري الثاني الذي خرجه المصنف من حديث أنس قد روى البخاري به نفسه حديث أبِي هريرة، فقَالَ في التفسير: نا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ نا عَنْبَسَةُ نا يُونُسُ عَنْ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: قَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ، الحديث، وهذا من عجائب ما اتفق في الصحيح.

(4/117)

[2334] (7517) خ ونا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ, عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ الله أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2335] خ, و (3207) نَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ, نا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى, نا قَتَادَةُ، خ: وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: عن يَزِيدِ بْنِ زُرَيْعٍ, عن سَعِيدٍ وَهِشَامٍ, نا قَتَادَةُ, نا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ, عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ».

وقَالَ مَالِكٌ بْنُ صَعْصَعَةَ: «فِي الْحَطِيمِ» , وَرُبَّمَا قَالَ: «فِي الْحِجْرِ, إِذْ أَتَانِي آتٍ».

وقَالَ شَرِيكٌ عَنْ أَنْسٍ قَوْلَهُ: «أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ, وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ, فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، فَقَالَ آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ عليهم السلام تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ زَمْزَمَ, فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَشَقَّ جِبْرِيلُ نَحْرَهُ إِلَى لَبَّتِهِ».

وقَالَ سَعِيدٌ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ: «فَشُقَّ مِنْ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ».

وقَالَ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (1):شَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ، فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي: مَا يَعْنِي بِهِ؟ قَالَ: مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ, «فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي».

_________

(1) يعني في روايته لحديث أنس، وإلا فهمام يرويه عن قتادة عن أنس.

(4/118)

قَالَ شَرِيكٌ عَنْ أَنَسٍ قَوْلَهُ: حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ.

قَالَ مَالِكٌ عَنْهُ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ: «فَغُسِلَ قَلْبِي ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ».

قَالَ شَرِيكٌ: ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ, فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ, مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ، يَعْنِي عُرُوقَ حَلْقِهِ، ثُمَّ أَطْبَقَهُ.

قَالَ مَالِكٌ عَنْهُ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ: «ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ» , فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ: وَهُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ أَنَس: نَعَمْ، «يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ عليه السلام حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا, فَاسْتَفْتَحَ فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفَتَحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ».

وقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا إِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى, فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ».

زَادَ مَالِكٌ: «فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ».

«وَهَذِهِ الْأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَمَّا أَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالْأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ».

وقَالَ مَالِكٌ: «حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ، قَالَ: هَذَا

(4/119)

يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ثُمَّ قَالَا: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، فقَالَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ فإذا أنا بإِدْرِيسَ، قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ, ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قَالَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى، قَالَ: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ: مَا يُبْكِيكَ، قَالَ: أَبْكِي لِأَنَّ غُلَامًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: هَذَا

(4/120)

أَبُوكَ إبراهيم فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ, ثم قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ».

وقَالَ شَرِيكٌ عَنْ أَنَسٍ قَوْلَهُ: في إِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ، بِتَفْضِيلِ كَلَامِ الله، ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا الله, فَقَالَ مُوسَى: لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ.

قَالَ مَالِكٌ بنُ صَعْصَعَةَ عَنْهُ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ: «ثُمَّ رُفِعَتْ لي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا».

قَالَ سَعِيدٌ: «فِي أَصْلِهَا».

«أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ، ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ».

قَالَ سَعِيدٌ وَهِشَامٌ فِيهِ: «فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ».

وقَالَ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فِيهِ: «ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ: هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ».

زَادَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ: «فَقِيلَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ».

قَالَ شَرِيكٌ عَنْ أَنَسٍ قَوْلَهُ: «وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى الله فِيمَا يُوحَى».

(4/121)

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ, أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَيَّةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَا يَقُولَانِ: إن النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) «ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ».

قَالَ مَالِكٌ عَنْهُ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ: «ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَاةُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ» , زَادَ أَنَسٌ قَوْلَهُ: «وَلَيْلَةٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قَالَ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ».

قَالَ مَالِكٌ عَنْهُ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ: «قَالَ: فإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَالله قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ, فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأَمَرَ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إلى موسى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأَمَرَ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ».

زَادَ أَنَسٌ قَوْلَهُ: «عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا وَتَرَكُوهُ، فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ، كُلَّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ فَلَا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ

_________

(1) سقط من الأصل: قَالَ، ولعلها: قَالَ النبي بدل: إن النبي.

(4/122)

الْخَامِسَةِ فَقَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّ أُمَّتِي ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ (1) وَأَبْدَانُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا، فَقَالَ الْجَبَّارُ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَيْفَ فَعَلْتَ، فَقَالَ: خَفَّفَ عَنَّا، أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فقَالَ مُوسَى موسى عليه السلام: قَدْ وَالله رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ حقًا».

قَالَ مَالِكٌ عَنْهُ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ: «قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ، قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَاني مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي».

زَادَ أَنَسٌ: «قَالَ: فَاهْبِطْ بِاسْمِ الله, فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ الْحَرَامِ».

خرجه فِي بَابِ كَيْفَ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ فِي الْإِسْرَاءِ (349) , وفِي بَابِ قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} (3393)، {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (7517) , وفِي بَابِ ذِكْرِ إِدْرِيسَ (3342) , وفِي بَابِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ (3570) , وفِي بَابِ ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ (3207) وفِي بَابِ ما جاء في زمزم (1636)، وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} (4716).

_________

(1) زَادَ فِي الصَّحِيحِ: وَأَبْصَارُهُمْ.

(4/123)

بَاب وُفُودِ الْأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَبَيْعَةِ الْعَقَبَةِ

[2336] (3890) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ، قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله يَقُولُ: شَهِدَ بِي خَالَايَ الْعَقَبَةَ.

قَالَ عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ (1):

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَحَدُهُمَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ.

[2337] (3891) خ ونا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُ قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: أَنَا وَأَبِي وَخَالاي (2) مِنْ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ.

بَاب تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَقَدِمُوا بها الْمَدِينَةَ وَبِنَائِهِ بِهَا

[2338] (3896) خ نا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ رضي الله عنها قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ

_________

(1) هَكَذا في الأَصْلِ، مَوصُولٌ عَنْ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبدِاللهِ بْنِ مُحَمدٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَفي بَعْضِ النُّسَخِ: قَالَ أَبُوعَبْد اللَّهِ - يعني الْبُخَارِيَّ - قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ.

قَالَ الحافظُ: وَنُقِلَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد وَهُوَ الْجُعْفِيُّ أَنَّ اِبْن عُيَيْنَةَ قَالَ: أَحَدهمَا: الْبَرَاء بْن مَعْرُور، كَذَا فِي رِوَايَة أبِي ذَرّ، وَلِغَيْرِهِ: قَالَ أَبُوعَبْد اللَّه يَعْنِي الْمُصَنِّف، فَعَلَى هَذَا فَتَفْسِير الْمُبْهَم مِنْ كَلَامه، لَكِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ كَلَام اِبْن عُيَيْنَةَ مِنْ وَجْه آخَر عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ، فَتَرَجَّحَتْ رِوَايَة أبِي ذَرّ أهـ.

قلت: لو اطلع على هذه الرواية ما احتاج إلى هذا الاستدلال، فإن الرواية صريحة أن البخاري أخذه عن الجعفي عن سفيان، والله أعلم.

(2) كذا ثبت في الأصل، ومثله في النسخة التي شرحها الحافظ، وفي بعض نسخ الصحيح المطبوعة: وخالي، وهو خطأ ترده الرواية التي قبله.

لكن قَالَ الحافظ: وَوَقَعَ عِنْد اِبْن التِّين " وَخَالَيَّ " بِغَيْرِ أَلْف وَتَشْدِيد التَّحْتَانِيَّة وَقَالَ: لَعَلَّ الْوَاو وَاو الْمَعِيَّة أَيْ مَعَ خَالِي، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون بِالْإِفْرَادِ بِكَسْرِ اللَّام وَتَخْفِيف الْيَاء أهـ.

(4/124)

بِثَلَاثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ, وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتٍّ, ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ (1).

بَاب هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ

[2339] (3899) خ نا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ, نا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوعَمْرو الْأَوْزَاعِيُّ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ أبِي رَبَاحٍ قَالَ: زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ فَسَأَلَهَا عَنْ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ: لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ، كَانَ الْمُؤْمِنُ يَفِرُّ بِدِينِهِ إِلَى الله وَإِلَى رَسُولِهِ مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ الله تبارك وتعالى الْإِسْلَامَ, فالمؤمن اليومَ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.

وَخَرَّجَهُ في: باب مقام النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة (4312)، وباب لا هجرة بعد الفتح (3080).

[2340] (3911) خ نا مُحَمَّدٌ, نا عَبْدُ الصَّمَدِ (2) , نا أَبِي, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ, نا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ.

[2341]- (3905) خ نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ, نا اللَّيْثُ, عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ, أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المؤمنون خَرَجَ

_________

(1) في الأصل: سبع، وهو تصحيف، اتفقت الروايات على التسع، أخرجه البيهقي من طريق حماد بن شاكر (دلائل النبوة ح686) وقَالَ: من هذا الوجه أخرج البخاري في الصحيح هكذا مرسلا أهـ

(2) في الأصل: نا محمد بن عبد الصمد نا أبِي، وهو تصحيف، سيعيده على الصواب في الحديث اللاحق.

(4/125)

أَبُوبَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ (1)،

وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُوبَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، أَنْتَ تَكْسِبُ الْمُعْدَمَ (2) , وَتَصِلُ الرَّحِمَ, (3) وَتَقْرِي الضَّيْفَ, وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ، ارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ، فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَقَالَوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَلْيُصَلِّ بها وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ وَلَا يُؤْذِنَا بِذَلِكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أَبُوبَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِصَلَاتِهِ وَلَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُوبَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ عَيْنَهُ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ لِذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالَوا: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَأَعْلَنَ

_________

(1) قَالَ الحافظ: بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَالْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد النُّون عِنْد أَهْل اللُّغَة، وَعِنْد الرُّوَاة بِفَتْحِ أَوَّله وَكَسْر ثَانِيه وَتَخْفِيف النُّون.

قَالَ الْأَصِيلِيّ: وَقَرَأَهُ لَنَا الْمَرْوَزِيُّ بِفَتْحِ الْغَيْن، وَقِيلَ: إِنْ ذَلِكَ كَانَ لِاسْتِرْخَاءٍ فِي لِسَانه وَالصَّوَاب الْكَسْر ..

(2) هكذا عنده وعند الْكُشْمِيهَنِيّ، وغيرهم: المعدوم.

(3) زَادَ فِي الصَّحِيحِ: وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، لعلها سَقَطَت عَلَى النَّاسِخِ.

(4/126)

بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتَتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا (1) فَانْهَهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، فَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أبِي بَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ، قَالَ أَبُوبَكْرٍ: فَإِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ الله عَزَّ وَجَلَّ.

وَالنَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ: «إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ» , وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُوبَكْرٍ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي» , فَقَالَ أَبُوبَكْرٍ: وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَحَبَسَ أَبُوبَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ، وَهُوَ الْخَبَطُ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُوبَكْرٍ: فِدًا لَهُ أبِي وَأُمِّي، وَالله مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ، قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ

_________

(1) قَالَ الحافظ: (أَنْ يَفْتِن نِسَاءَنَا) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّة وَفَاعِله أَبُوبَكْر، كَذَا لِأَبِي ذَرّ، وَلِلْبَاقِينَ " أَنْ يُفْتَن " بِضَمِّ أَوَّله " نِسَاؤُنَا " بِالرَّفْعِ عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ أهـ، وَوَقَع هُنَا: يفتتن كما أثبته.

(4/127)

لَهُ، فَدَخَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ» , قَالَ أَبُوبَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: «فَإِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ» , قَالَ أَبُوبَكْرٍ: الصَّحَابَةَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله، قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» قَالَ أَبُوبَكْرٍ: فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِالثَّمَنِ».

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقِ.

قَالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ فَمَكَثَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ الله بْنُ أبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنْ الْعِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ، وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ.

(4093) زَادَ هِشَامٌ (1):

فَلَا يَفْطُنُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الرِّعَاءِ، فَلَمَّا خَرَجَا خَرَجَ مَعَهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ.

_________

(1) لم يسق إسناده أَوَّلَ الحديثِ، وَأخْشَى أَنْ يَكونَ سَقَطَ عَلَيهِ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: نا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ نا أَبُوأُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.

(4/128)

وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا، وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ، قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَهُمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَالِثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ.

[2342] (3917) خ نا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ, نا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ هو الهمداني قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ، قَالَ: سَأَلَ عَازِبٌ أبا بكرٍ عَنْ مَسِيرِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أُخِذَ عَلَيْنَا بِالرَّصَدِ، فَخَرَجْنَا لَيْلًا فَأَحْيَيْنا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا، حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ فَأَتَيْنَاهَا وَلَهَا شَيْءٌ مِنْ ظِلٍّ، قَالَ: فَفَرَشْتُ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْوَةً مَعِي ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ قَدْ أَقْبَلَ فِي غُنَيْمَتِهِ يُرِيدُ مِنْ الصَّخْرَةِ مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ؟ فَقَالَ: أَنَا لِفُلَانٍ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ لَهُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَخَذَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ فَقُلْتُ: انْفُضْ الضَّرْعَ، قَالَ: فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ عَلَيْهَا خِرْقَةٌ قَدْ رَوَّأْتُهَا لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ الله، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ ارْتَحَلْنَا وَالطَّلَبُ فِي إِثْرِنَا.

قَالَ الْبَرَاءُ: فَدَخَلْتُ مَعَ أبِي بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ، فَإِذَا عَائِشَةُ مُضْطَجِعَةٌ قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى، فَرَأَيْتُ أَبَاهَا يُقَبِّلُ خَدَّهَا، وَقَالَ: كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ.

(4/129)

[2343] (3906) قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ: جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ، فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّواحِلِ أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا انْطَلَقَا بِأَعْيُنِنَا، ثُمَّ لَبِثَ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ، فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَخَطَطْتُ (1) بِزُجِّهِ الْأَرْضَ وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا, فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا؟ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ تُقَرِّبُ بِي، حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ.

زَادَ أَنَسٌ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، هَذَا فَرَسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا، فَالْتَفَتَ نَبِيُّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «اللهمَّ اصْرَعْهُ» , فَصَرَعَهُ فقَامَتْ تُحَمْحِمُ، فَقَالَ: يَا رسولِ الله، مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، فقَالَ: «قِفْ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا».

_________

(1) هَكَذَا جَوَّدَهُ في الأَصْلِ، لَكِنْ قَالَ الحافظ: فَخَطَطْت بِالْمُعْجَمَةِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيّ وَالْأَصِيلِيّ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ أَمْكَنْت أَسْفَله أهـ.

(4/130)

قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى رسولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ آخِرَ الليل مَسْلَحَةً لَهُ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا غُبَارٌ (1) سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَنَادَيْتُهُمْ بِالْأَمَانِ فَوَقَفُوا، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنْ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ الزَادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي وَلَمْ يَسْأَلَانِي إِلَّا أَنْ قَالا: «أَخْفِ عَنَّا» , فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ ثُمَّ مَضَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

زَادَ زُهَيْرٌ عَنْ أبِي إِسْحَاقَ (2): فَجَعَلَ لَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قَالَ: كَفَيْتُكُمْ مَا ها هُنَا، فَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا تِجَارًا قَافِلِينَ مِنْ الشَّامِ, فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ.

وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ بمَخْرَجِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ، فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا

_________

(1) هكذا ثبت هنا وفي رواية الكشميهني، ولغيرهم: عُثَان، قَالَ مَعْمَرٌ: قُلْت لِأَبِي عَمْرو بْن الْعَلَاء مَا الْعُثَان؟ قَالَ: الدُّخَان مِنْ غَيْر نَار.

(2) أي في حديث البراء بن عازب.

(4/131)

يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لِأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَبَصُرَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمْ السَّرَابُ، فَلَمْ يَمْلِكْ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، هَذَا جَدُّكُمْ الَّذِي تَنْتَظِرُونَهُ، فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ، فَتَلَقَّوْا رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ (1)،

فَقَامَ أَبُوبَكْرٍ لِلنَّاسِ وَجَلَسَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنْ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتْ الشَّمْسُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ أَبُوبَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (2) عِنْدَ ذَلِكَ, فَلَبِثَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ: «هَذَا إِنْ شَاءَ الله الْمَنْزِلُ».

_________

(1) في هامش الأصل: خـ يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول.

أي أنه هكذا في نسخة أخرى.

(2) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4/132)

ثُمَّ دَعَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُلَامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالَا: بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ الله (1) , ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَطَفِقَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ، وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقُلُ: (2) «هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ».

وَيَقُولُ:

«اللهمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَهْ ... فَارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ»

فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرَ هَذَه الأَبْيَاتِ.

وَخَرَّجَهُ في: باب هل يزور صاحبه كل يوم (6079) , وفِي بَابِ شرب اللبن, وقوله تعالى (يخرج من بين فرث ودم لبنا خالصا) (3) (5607) , وفِي بَابِ إِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا أَوْ دَابَّةً فَوَضَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ (2138) , وباب استئجار المشركين عند الضرورة, الباب (2263).

[2344] (3911) خ نا مُحَمَّدٌ, نا عَبْدُ الصَّمَدِ, نا أَبِي, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ, نا أَنَسٌ.

(3329) ح ونا ابْنُ سَلَامٍ, نا الْفَزَارِيُّ, عَنْ حُمَيْدٍ, عَنْ أَنَسٍ.

(3932) خ: وحَدَّثَني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ, نا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: سَمِعْتُ أبِي يُحَدِّثُ, نا أَبُوالتَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا

_________

(1) زاد هنا في الصحيح: (فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا هِبَةً حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا).

(2) هكذا في النسخة أسقط الشطر الأول، وهو: هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالَ خَيْبَرْ، وهو ثابت في الصحيح.

(3) الآية: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} وقد سبق الإشارة إلى هذا التصحيف

(4/133)

قَدِمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ (1)، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ، قَالَ: فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي سُيُوفِهِمْ.

زَادَ ابنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ: وَقَالَوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ.

قَالَ أَبُوالتَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ، وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أبِي أَيُّوبَ.

قَالَ: فَكَانَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ, وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ.

قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا، فَقَالَ: «يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي حَائِطَكُمْ هَذَا» , فَقَالَوا: وَالله لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى الله تبارك وتعالى, فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَتْ فِيهِ خِرَبٌ، وَكَانَتْ فِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَت، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، قَالَ: وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً.

قَالَ ابنُ صُهَيْبٍ فِي حَدِيثِهِ: فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ الله، جَاءَ نَبِيُّ الله، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِيُّ الله جَاءَ نَبِيُّ الله) (2) فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أبِي أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ الله بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ فِي نَخْلٍ لِأَهْلِهِ يَخْتَرِفُ لَهُمْ، فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِي يَخْتَرِفُ فِيهَا فَجَاءَ وَهِيَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ (إِلَى) أَهْلِهِ، فَقَالَ نَبِيُّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ» , فَقَالَ أَبُوأَيُّوبَ: أَنَا يَا نَبِيَّ الله

_________

(1) تتمته في الصحيح: فِي حَيٍّ يُقَالَ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.

(2) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4/134)

هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي، قَالَ: «فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلًا قُومَا عَلَى بَرَكَةِ الله» , فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ عَبْدُ الله بْنُ سَلَامٍ.

[2345] (4480) زَادَ حُمَيْدٌ عَنْهُ (1) قَالَ: فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ، فمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وما يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ وإِلَى أمه، قَالَ: «خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ» , قَالَ: جِبْرِيلُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: ذَلِكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ «{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} , أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ» , قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله.

وقَالَ الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ: قَالَ: «وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الْوَلَدِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ الْمَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ, وَإِذَا سَبَقَت كَانَ الشَّبَهُ لَهَا».

قَالَ ابْنُ صُهَيْبٍ: فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَتْ (2) يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَسَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالَوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ, فَأَرْسَلَ نَبِيُّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

زَادَ حُمَيْدٌ: إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ يَبْهَتُونَنِي، فَجَاءَتْ الْيَهُودُ.

_________

(1) وهي رواية عبد الله بن بكر عن حميد.

(2) سقطت من الأصل.

(4/135)

قَالَ ابنُ صُهَيْبٍ: فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَيْلَكُمْ اتَّقُوا الله، فَوَالله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ الله حَقًّا, وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ, فَأَسْلِمُوا» , قَالَوا: مَا نَعْلَمُهُ قَالَوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ: «فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ الله بْنُ سَلَامٍ؟» , قَالَوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا، قَالَ: «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ» , قَالَوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ» , قَالَوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ» , قَالَوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: «يَا ابْنَ سَلَامٍ اخْرُجْ عَلَيْهِمْ» , فَخَرَجَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ اتَّقُوا الله، فَوَالله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ الله وَأَنَّهُ جَاءَ بِالحَقِّ، فَقَالَوا: كَذَبْتَ.

زَادَ حُمَيْدٌ: فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، فَقَالَوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا فَانْتَقَصُوهُ، قَالَ: هَذَا الَّذِي كُنْتُ (أَخَافُ) (1) يَا رَسُولَ الله.

قَالَ ابنُ صُهَيْبٍ: فأخرجهم رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَخَرَّجَهُ في: باب تفسير قوله {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} (4480) , وفِي كِتَابِ الأنبياء باب قوله عَزَّ وَجَلَّ {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (3329) , وفِي بَابِ كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ (3938).

وخرج بناء المسجد فِي بَابِ هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيُتَّخَذُ مَكَانُهَا مَسجِدا (428)، وفِي بَابِ إِذَا أَوْقَفَ جَمَاعَةٌ أَرْضًا مُشَاعًا فَهُوَ جَائِزٌ (2771) , وبَاب وَقْفِ الْأَرْضِ لِلْمَسْجِدِ (2774).

_________

(1) سَقَطَت عَلَى النَّاسِخِ وهي في الصحيح.

(4/136)

وبَاب التَّقَنُّعِ من اللباس (5807) (1).

وخرج حديث النطاق فِي بَابِ الْخُبْزِ الْمُرَقَّقِ من الأطعمة (388).

وخرج حديث الهجرة وقصة سراقة بن مالك في علامات النبوة (3615) , وفِي بَابِ هَلْ يَزُورُ صَاحِبَهُ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، الباب (6079).

[2346] (3915) خ نَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ, نا رَوْحٌ, نا عَوْفٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوبُرْدَةَ بْنُ أبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ, قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ: هَلْ تَدْرِي مَا قَالَ أبِي لِأَبِيكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّ أبِي قَالَ لِأَبِيكَ: يَا أَبَا مُوسَى هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلَامُنَا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ وَجِهَادُنَا مَعَهُ وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ بَرَدَ لَنَا وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ، فَقَالَ أَبِي: لَا وَالله، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّيْنَا وَصُمْنَا وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ، قَالَ أَبِي: لَكِنِّي أَنَا وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَبَاكَ وَالله خَيْرٌ مِنْ أَبِي.

[2347] (3912) خ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا هِشَامٌ, عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: كَانَ فَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فِي أَرْبَعَةٍ، وَفَرَضَ لِابْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسَ مِائَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أَبَوهُ, يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ.

_________

(1) حديث عائشة في الهجرة.

(4/137)

[2348] (3921) خ نا أَصْبَغُ, نا ابْنُ وَهْبٍ, عَنْ يُونُسَ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ, عَنْ عُرْوَةَ, عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ يُقَالَ لَهَا أُمُّ بَكْرٍ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُوبَكْرٍ طَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا، هَذَا الشَّاعِرُ الَّذِي قَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ ورَثَى كُفَّارَ قُرَيْشٍ (1):

مَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنْ الشِّيزَى تُزَيَّنُ بِالسَّنَام

وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنْ الْقَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الْكِرَام

تُحَيِّي بالسَّلَامَةِ أُمُّ بَكْرٍ ... وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلَام

يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا ... وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَام

بَاب مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الْمَدِينَةَ

[2349] (4941) خ نا عَبْدَانُ, نَا أَبِي, نَا شُعْبَةُ.

خ, و (3925) نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا غُنْدَرٌ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَا يُقْرِؤونَ (2) النَّاسَ، فَقَدِمَ بِلَالٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى جَعَلَ الْإِمَاءُ.

زَادَ عَبْدَانُ: وَالصِّبْيانُ يَقُولُونَ.

_________

(1) هَكَذَا في الأَصْلِ، ولا بُدَّ مِن زيادة واوٍ لإقَامَةِ الوَزْنِ، وهَكَذا هُو في الصَّحِيح.

(2) هَكَذَا ثَبتَ في النُّسْخَةِ، وَعَكَسَ الحافظُ فقَالَ: (وَكَانُوا يُقْرِئُونَ النَّاس) فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ وَكَرِيمَة (فَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ) وَهُوَ أَوْجَه.

(4/138)

قَالَ غُنْدَرٌ: يَقُلْنَ: قَدِمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي سُورَةٍ (1) مِنْ الْمُفَصَّلِ.

وَخَرَّجَهُ في: تفسير سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} (4941)، وفِي بَابِ تأليف القرآن (4955).

[2350] (3777) (3846) خ نَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يَوْمًا قَدَّمَهُ الله لِرَسُولِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَقَدِمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (2) وَقَدْ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا, قَدَّمَهُ الله لِرَسُولِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُخُولِهِمْ الْإِسْلَامَ.

وَخَرَّجَهُ في: باب أيام الجاهلية (3846) , وفي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ (3777).

بَاب إِقَامَةِ الْمُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ

[2351] (3933) خ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ, نا حَاتِمٌ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عوفٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ السَّائِبَ ابْنَ أُخْتِ الْنَّمِرِ: مَا سَمِعْتَ فِي سُكْنَى مَكَّةَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ, قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدَرِ».

_________

(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: سورٍ.

(2) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4/139)

بَابٌ مَعْنَاهُ مِنْ مَتَى كَتَبُوا التَّارِيخَ؟ (1)

[2352] (3934) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بن أبِي حازم, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ وَفَاتِهِ، مَا عَدُّوا إِلَّا مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ.

بَاب إِتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ

(هَادُوا) صَارُوا يَهُودًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: (هُدْنَا) تُبْنَا، هَائِدٌ تَائِبٌ.

[2353] (3941) خ نَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا قُرَّةُ, عَنْ مُحَمَّدٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنْ الْيَهُودِ لآمَنَ بِي الْيَهُودُ».

بَاب إِسْلَامِ سَلْمَانَ

[2354] (3946) خ نا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ, نا مُعْتَمِرٌ, قَالَ أَبِي: ونا أَبُوعُثْمَانَ.

خ, و (3947) نا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الفريابي, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَوْفٍ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ يَقُولُ: أَنَا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ.

وقَالَ مُعْتَمِرٌ فِيهِ: أَنَّهُ قَدْ تَدَاوَلَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ.

[2355] (3948) خ ونا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ, نا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ, عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: فَتْرَةُ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ سِتُّ مِائَةِ سَنَةٍ.

_________

(1) هكذا في النسخة، وكأنه كان غفلا عند الأصيلي، وفي الصحيح والشروح: باب التاريخ من أين أراخو التاريخ.

(4/140)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

66 - كِتَاب الْمَغَازِي

بَاب غَزْوَةِ الْعُشَيْرَةِ

خ: وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَا غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَبْوَاءَ ثُمَّ بُوَاطَ ثُمَّ الْعُشَيْرَةَ.

[2356] (4404) خ ونا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ, نا زُهَيْرٌ, نا أَبُوإِسْحَاقَ.

خ, و (3949) نا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نا وَهْبٌ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَقِيلَ لَهُ: كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةٍ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ، (قِيلَ: كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ؟ قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ) (1) , قُلْتُ: فَأَيُّهُمْ كَانَتْ أَوَّلَ؟ قَالَ: الْعُسَيْرَةُ أَوْ الْعُسَيْرُ، فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ فَقَالَ: الْعُشَيْرُ.

زَادَ زُهَيْرٌ: وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَجَّ بَعْدَ مَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا، حَجَّةَ الْوَدَاعِ.

قَالَ أَبُوإِسْحَاقَ: وَبِمَكَّةَ أُخْرَى.

وَخَرَّجَهُ في: باب حَجَّةِ الْوَدَاعِ (4404) , وفِي بَابِ كم غزا النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4471).

[2357] (3632) خ نا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ, نا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى, نا إِسْرَائِيلُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ.

خ, و (3950) نا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ, نا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ, أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله

_________

(1) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4/141)

بْنَ مَسْعُودٍ ,حَدَّثَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ, أَنَّهُ كَانَ صَدِيقًا لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، وَكَانَ سَعْدٌ إِذَا مَرَّ بِمَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْطَلَقَ سَعْدُ بنُ معاذٍ مُعْتَمِرًا، فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ لِأُمَيَّةَ: انْظُرْ لِي سَاعَةَ خَلْوَةٍ لَعَلِّي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ، فَخَرَجَ بِهِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ.

قَالَ إِسْرَائِيلُ فِيهِ: فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذْ رَآهُ أَبُوجَهْلٍ, فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ, فَقَالَ سَعْدٌ: أَنَا, فَقَالَ أَبُوجَهْلٍ: أتَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ آمِنًا وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ.

وقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ: وَقَدْ أَوَيْتُمْ الصُّبَاةَ وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَنْصُرُونَهُمْ وَتُعِينُونَهُمْ، أَمَا وَالله لَوْلَا أَنَّكَ مَعَ أبِي صَفْوَانَ مَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ سَالِمًا، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ: أَمَا وَالله لَئِنْ مَنَعْتَنِي هَذَا لَأَمْنَعَنَّكَ مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْهُ, طَرِيقَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ.

قَالَ إِسْرَائِيلُ: مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ، فَتَلَاحَيَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ أُمَيَّةُ لسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أبِي الْحَكَمِ فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي، وَجَعَلَ يُمْسِكُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ, فَقَالَ سَعْدٌ: دَعْنَا عَنْكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ, قَالَ: إِيَّايَ، قَالَ نَعَمْ.

وقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ: إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ، قَالَ: بِمَكَّةَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا، فَقَالَ أُمَيَّةُ: لَا أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ.

(4/142)

قَالَ إِسْرَائِيلُ: قَالَ: وَالله مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ، فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمِينَ مَا قَالَ لِي أَخِي الْيَثْرِبِيُّ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّه سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي، قَالَتْ: فَوَالله مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ, فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ وَجَاءَ الصَّرِيخُ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ: اسْتَنْفَرَ أَبُوجَهْلٍ النَّاسَ، قَالَ: أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ، فَكَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ، فَأَتَاهُ أَبُوجَهْلٍ فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ، إِنَّكَ مَتَى مَا يَرَاكَ النَّاسُ قَدْ تَخَلَّفْتَ وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي تَخَلَّفُوا مَعَكَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُوجَهْلٍ حَتَّى قَالَ: أَمَّا إِذْ غَلَبْتَنِي فَوَالله لَأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ: يَا أُمَّ صَفْوَانَ جَهِّزِينِي، فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا صَفْوَانَ وَقَدْ نَسِيتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِيُّ، قَالَ: لَا، وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إِلَّا قَرِيبًا، فَلَمَّا خَرَجَ أُمَيَّةُ أَخَذَ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا عَقَلَ بَعِيرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ حَتَّى قَتَلَهُ الله تبارك وتعالى بِبَدْرٍ.

وَخَرَّجَهُ في: علامات النبوة (3632).

بَاب قِصَّةِ بَدْرٍ

وَقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} إلَى قَوْلِهِ {فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} وَقَوْلُهُ تَعَالَى {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} إلَى قَوْلِهِ {شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

[2358] (3952) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ, نا إِسْرَائِيلُ, عَنْ مُخَارِقٍ, عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: شَهِدْتُ مِنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ مَشْهَدًا لَأَنْ أَكُونَ أنا صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدْعُو

(4/143)

عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: لَا نَقُولُ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ, وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَخَلْفَكَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ.

وَخَرَّجَهُ في: سورة المائدة باب {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (4609).

[2359] (3954) خ ونا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا هِشَامُ بن يوسف, أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ, أَنَّهُ سَمِعَ مِقْسَمًا مَوْلَى عَبْدِ الله بْنِ الْحَارِثِ, يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ.

بَاب عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدْرٍ

[2360] (3956) خ نا مَحْمُودٌ, نا وَهْبٌ (1). عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ, عَنْ الْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ قَالَ: اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَوْمَ بَدْرٍ نَيِّفًا عَلَى السِتِّينَ، وَالْأَنْصَارُ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ.

[2361] (3957) خ نَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ, نا زُهَيْرٌ, نا أَبُوإِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّهُمْ كَانُوا عِدَّةَ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهَرَ، بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَ مِائَةٍ.

قَالَ الْبَرَاءُ: لَا وَالله مَا جَاوَزَ مَعَهُ النَّهَرَ إِلَّا مُؤْمِنٌ.

_________

(1) في الأصل: وهيب مصغرا، وهو تصحيف.

(4/144)

بَابٌ

مَعْنَاهُ ذِكْرُ مَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ

[2362] (4020) خ نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا ابْنُ عُلَيَّةَ, نا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, أنَّ أَنَسًا.

خ, (3962) نا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ, نا زُهَيْرٌ, نا سُلَيْمَانُ, خ: وحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ, نا زُهَيْرٌ, نا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, أن أَنَسًا حدثهم قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُوجَهْلٍ» , فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، قَالَ: أَنْتَ, أَبَا جَهْلٍ (1)، وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: أَنْتَ أَبُوجَهْلٍ، قَالَ عَمْرو: وَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، قَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ أَوْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ. زَادَ ابْنُ عُلَيَّةَ: قَالَ: فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِي.

[2363] (3965) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الرَّقَاشِيُّ, نا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ: نا أَبُومِجْلَزٍ, عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ, عَنْ عَلِيٍّ.

[2364] خ، و (3966) نا قَبِيصَةُ, نا سُفْيَانُ, عَنْ أبِي هَاشِمٍ, عَنْ أبِي مِجْلَزٍ, عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ, عَنْ أبِي ذَرٍّ قَالَ: نَزَلَتْ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} فِي سِتَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ.

زَادَ مُعْتَمِرٌ: قَالَ قيسٌ: هُمْ الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ.

وقَالَ عليٌ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيْ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل، ووجهه على النداء، وأما الرواية الأخرى فهو على الاستفهام.

(4/145)

وَخَرَّجَهُ في: تفسير قوله {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (4743) (4744).

[2365] (3970) خ ونا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُوعَبْدِ الله, نا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، سَأَلَ رَجُلٌ الْبَرَاءَ وَأَنَا أَسْمَعُ: أَشَهِدَ عَلِيٌّ بَدْرًا؟ قَالَ: بَارَزَ وَظَاهَرَ.

الْمُهَلَّبُ: سَقَطَ هَاهُنَا مِنْ كِتَابِ أبِي زَيْدٍ رَحِمَهُ اللهُ وَرَقَتَانِ فَانْقَطَعَ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ.

الْمُهَلَّبُ: وَنَا بِهِ أَبُوذَرٍّ بِمَكَّةَ, نَا أَبُوالْهَيْثَمِ وَغَيْرُهُ, حَدَّثَنَا الْفِرَبْرِيُّ, نَا الْبُخَارِيُّ:

[2366] (3973) نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ مَعْمَرٍ, عن هِشَامٍ, عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِينَ قُتِلَ عَبْدُ الله بْنُ الزُّبَيْرِ: يَا عُرْوَةُ، هَلْ تَعْرِفُ سَيْفَ الزُّبَيْرِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فِيهِ؟ قُلْتُ: فَلَّةٌ فُلَّهَا يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: صَدَقْتَ, بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ.

ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى عُرْوَةَ.

قَالَ هِشَامٌ: فَأَقَمْنَاهُ بَيْنَنَا ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَأَخَذَهُ بَعْضُنَا وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ أَخَذْتُهُ.

[2367] (3974) خ وَنَا فَرْوَةُ, نا عَلِيٌّ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ سَيْفُ الزُّبَيْرِ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ. قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ سَيْفُ عُرْوَةَ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ.

[2368] (3976) خ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, سَمِعَ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ, نا سَعِيدُ بْنُ أبِي عَرُوبَة, عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أبِي طَلْحَةَ: أَنَّ نَبِيَّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَقُذِفُوا فِي

(4/146)

طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالَوا: مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلَّا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، «يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ, وَيَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ, أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمْ الله وَرَسُولَهُ, فَإِنَّا وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا, فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا».

فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله، مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ لَهَا، فَقَالَ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ أَسْمَعُ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ».

وَخَرَّجَهُ في: باب يعذب الميت ببكاء أهله عليه في الجنائز مختصرا (1287).

رَجْعٌ إلى رِوَايَةِ أبِي زَيْدٍ:

[2369] (3977) خ نَا الْحُمَيْدِيُّ, نا سُفْيَانُ, نا عَمْرٌو, عَنْ عَطَاءٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} قَالَ: هُمْ وَالله كُفَّارُ قُرَيْشٍ.

قَالَ عَمْرٌو: هُمْ قُرَيْشٌ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَةُ الله {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} قَالَ: النَّارَ يَوْمَ بَدْرٍ.

بَاب فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا

[2370] (3990) خ نَا قُتَيْبَةُ, نا لَيْثٌ, عَنْ يَحْيَى, عَنْ نَافِعٍ, أَنَّ ابْنَ عُمَرَ, ذُكِرَ لَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَكَانَ بَدْرِيًّا مَرِيضٌ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ تَعَالَى النَّهَارُ وَاقْتَرَبَتْ الْجُمُعَةُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَكْثَرُ مَا فِيهِ.

(4/147)

بَاب شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا

[2371] (3992) خ نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا جَرِيرٌ, عَنْ يَحْيَى.

خ (3993) نا سُلَيْمَانُ, نا حَمَّادٌ, عَنْ يَحْيَى, عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ وَكَانَ رِفَاعَةُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَكَانَ رَافِعٌ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ، وَكَانَ يَقُولُ لِابْنِهِ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي شَهِدْتُ بَدْرًا بِالْعَقَبَةِ.

زَادَ جَرِيرٌ: قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: «مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ» , أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ.

[2372] (3995) خ ونا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا عَبْدُ الْوَهَّابِ, نا خَالِدٌ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: «هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ».

بابٌ

مَعْنَاهُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا

[2373] (3966) خ قَالَ: نا خَلِيفَةُ يَعْني ابْنَ خَيَّاطٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيُّ, نا سَعِيدٌ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَاتَ أَبُوزَيْدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا وَكَانَ بَدْرِيًّا.

[2374] (3997) خ ونَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, نا اللَّيْثُ, نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ, عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ ابْنِ خَبَّابٍ, أَنَّ أَبَا سَعِيدِ بْنَ مَالِكٍ الْخُدْرِيَّ, قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَقَالَ: مَا أَنَا بِآكِلِهِ حَتَّى أَسْأَلَ، فَانْطَلَقَ إِلَى أَخِيهِ لِأُمِّهِ

(4/148)

وَكَانَ بَدْرِيًّا قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ نَقْضٌ لِمَا كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْهُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِي بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

[2375] (4004) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ, نا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَنْفَذَهُ لَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، سَمِعَهُ مِنْ ابْنِ مَعْقِلٍ: أَنَّ عَلِيًّا كَبَّرَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَقَالَ: إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا.

[2376] (4005) (خ نَا أَبُوالْيَمَانِ, أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الله بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ, وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ بَنِي عَدِيٍّ، وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا) (1) مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ خَالُ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ.

[2377] (4014) خ ونَا آدَمُ, نا شُعْبَةُ, عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيَّ, قَالَ: رَأَيْتُ رِفَاعَةَ بْنَ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيَّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا.

[2378] (4016) خ نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ, عَنْ نَافِعٍ, أَنَّ ابْنَ عُمَرَ, كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ كُلَّهَا.

[2379] (4071) حَتَّى حَدَّثَهُ أَبُولُبَابَةَ الْبَدْرِيُّ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ جِنَّانِ الْبُيُوتِ, فَأَمْسَكَ عَنْهَا.

[2380] (4022) خ نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ قَيْسٍ: كَانَ عَطَاءُ الْبَدْرِيِّينَ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَقَالَ عُمَرُ: لَأُفَضِّلَنَّهُمْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ.

_________

(1) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ ما بين القوسين مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4/149)

[2381] (4027) خ, ونا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, (نا هِشَامٌ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ الزُّبَيْرِ قَالَ: ضُرِبَتْ يَوْمَ بَدْرٍ لِلْمُهَاجِرِينَ بِمِائَةِ سَهْمٍ (1).

[2382] (3998) نا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, حَدَّثَنَا أَبُوأُسَامَةَ) , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ: لَقِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَ (2) بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ, وَهُوَ مُدَجَّجٌ لَا تُرَى مِنْهُ إِلَّا عَيْنَاهُ، وَهُوَ يُكْنَى أَبا (3) ذَاتِ الْكَرِشِ، فَقَالَ: أَنَا أَبُوذَاتِ الْكَرِشِ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالْعَنَزَةِ فَطَعَنْتُهُ فِي عَيْنِهِ فَمَاتَ.

قَالَ هِشَامٌ: فَأُخْبِرْتُ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ: لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلَاي عَلَيْهِ، ثُمَّ تَمَطَّاْتُ فَكَانَ الْجَهْدَ أَنْ نَزَعْتُهَا وَقَدْ انْثَنَى طَرَفَاهَا.

قَالَ عُرْوَةُ: فَسَأَلَهُ إِيَّاهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ إياها، (فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا أَبُوبَكْرٍ فَأَعْطَاهُ, فَلَمَّا قُبِضَ أَبُوبَكْرٍ سَأَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا) , فَلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ أَخَذَهَا, ثُمَّ طَلَبَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا, فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَقَعَتْ عِنْدَ آلِ عَلِيٍّ, فَطَلَبَهَا عَبْدُ الله بْنُ الزُّبَيْرِ فَكَانَ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ:

فَجَمْعُ (4) مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا، وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: قَالَ الزُّبَيْرُ: قُسِمَتْ سُهْمَانُهُمْ فَكَانُوا مِائَةً، وَالله أَعْلَمُ.

_________

(1) في الأصل: نا موسى بن إبراهيم ثم ساق حديث أبِي ذات الكرش، وليس هذا إسناد ذاك الحديث، وقد جهدت في إقامة السقط ووضعت زياداتي بين قوسين.

(2) كذا في الأصل، وفي الصحيح: عبيدة، وهو الصواب.

(3) كذا في الأصل.

(4) في الصحيح: فجميع.

(4/150)

[2383] (4024) خ: وَقَالَ الْلَّيْثُ, عَنْ يَحْيَى, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ الْأُولَى يَعْنِي مَقْتَلَ عُثْمَانَ فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ الثَّانِيَةُ (1) فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتْ الثَّالِثَةُ فَلَمْ تُرْفَعْ وَلِلنَّاسِ طَبَاخٌ.

بَاب تَسْمِيَةُ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ فِي الْجَامِعِ

النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الْهَاشِمِيُّ، عَبْدُ الله بْنُ عُثْمَانَ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الْقُرَشِيُّ (2)، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيُّ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْقُرَشِيُّ خَلَّفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَتِهِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَلَهُ أَجْرُ مَنْ شَهِدَ, عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ، حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ الْقُرَشِيُّ، سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ الزُّهْرِيُّ، سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ الْقُرَشِيُّ، إِيَاسُ بْنُ الْبُكَيْرِ، بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيِّ، أَبُوحُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ, سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ الْقُرَشِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ الْقُرَشِيُّ، مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ (3)، حَاطِبُ بْنُ أبِي بَلْتَعَةَ حَلِيفٌ لِقُرَيْشٍ، حَارِثَةُ (4) بْنُ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيُّ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ وكَانَ فِي النَّظَّارَةِ, خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ، رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ، رِفاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَبُولُبَابَةَ الْأَنْصَارِيُّ، سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيُّ،

_________

(1) زَادَ فِي الصَّحِيحِ: يَعْنِي الْحَرَّةَ.

(2) في الأصل: الهاشمي، وهو تصحيف من الناسخ.

(3) قَالَ الحافظ: وَوَقَعَ هُنَا لِأَبِي زَيْد فِي نِسْبَته " عَبَّاد بْن عَبْد الْمُطَّلِب " وَالصَّوَاب حَذْف " عَبْد "أهـ.

قلت: ورد في نسختنا على الصواب، والله أعلم.

(4) في الأصل في الموضعين: جارية، وهو تصحيف.

(4/151)

ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَخُوهُ، عَبْدُ الله بْنُ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ، زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ أَبُوطَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ، أَبُوزَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ الْأَنْصَارِيُّ، عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ حَلِيفُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ، عَمْرو بْنُ رَبِيعَةَ الْعَدْوِيُّ (1)، عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ، عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ، قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ، قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ، مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، مُعَوِّذُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَأَخُوهُ، مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ أَبُوأُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ (2)، مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيُّ، مَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ، مِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو الْكِنْدِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ (3)، هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْأَنْصَارِيُّ (4).

_________

(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَنَزِيُّ.

أما عمرو فلم يذكره أحد، وأما العدوي فقد قَالَ الحافظ: بِالنُّونِ وَالزَّاي، وَقَعَ فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " الْعَدْوِيُّ " وَكِلَاهُمَا صَوَاب، فَإِنَّهُ عَنَزِيُّ الْأَصْل عَدْوِيُّ الْحِلْف.

(2) في النسخة: مُعَوِّذُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَأَخُوهُ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ، أَبُوأُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ.

فأوهم هذا أن مالك بن ربيعة أخو معوذ، ثم ذكر أبا أسيد الأنصاري ولم يسمه.

وَنَبَّهَ القاضي عِيَاض عَلَى أَنَّ مَنْ لَا مَعْرِفَة لَهُ قَدْ يَتَوَهَّم أَنَّ مَالِكًا أَخُو مُعَوذ لِأَنَّ سِيَاق الْبُخَارِيّ هَكَذَا " مُعَاذ اِبْن عَفْرَاء أَخُوهُ مَالِك بْن رَبِيعَة " وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَاده بَلْ قَوْله أَخُوهُ أَيْ عَوْف وَلَمْ يُسَمِّهِ، ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ فَقَالَ " مَالِك بْن رَبِيعَة " وَلَوْ كَتَبَهُ بِوَاوِ الْعَطْف لَارْتَفَعَ اللَّبْس، وَكَذَا وَقَعَ عِنْد بَعْض الرُّوَاة أهـ.

(3) كذا وردت تسميته عند الأصيلي والمستملي والنسفي، وسماه القابسي والحموي والكشميهني: المقدام، قال القاضي: وهو خطأ منهم أهـ (المشارق 1/ 647).

(4) لم يذكر في النسخة عُتْبَة بْن مَسْعُودٍ الْهُذَلِيّ وهو مَذكورٌ في بَعْضِ النُّسخِ، وقَالَ الحافظ: وَلَمْ يَتَقَدَّم لَهُ ذِكْرٌ بَلْ وَلَا ذَكَرَهُ أَحَد مِمَّنْ صَنَّفَ فِي الْمَغَازِي فِي الْبَدْرِيِّينَ، وَقَدْ سَقَطَ ذِكْره مِنْ رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَلَمْ يَذْكُرهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَلَا أَبُونُعَيْم فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَد أهـ.

وقد اتفقت معهم رواية الأصيلي على إسقاطه والله أعلم.

قلت: وقد نوزع البخاري في بعض من ذكر، وللدمياطي جواب على بعضه، مذكور في ترجمته من طبقات الشافعية للسبكي، وليس هذا محله إيراده، والله أعلم.

(4/152)

حَدِيثُ بَنِي النَّضِيرِ

وَمَخْرَجِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فِي دِيَةِ الرَّجُلَيْنِ، وَمَا أَرَادُوا مِنْ الْغَدْرِ بِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ: كَانَتْ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَبْلَ أُحُدٍ.

وَقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ}.

وَجَعَلَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَأُحُدٍ.

[2384] (4028) خ نَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ, نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, أنا ابْنُ جُرَيْجٍ, عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَارَبَتْ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ، فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ الله بْنِ سَلَامٍ، وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ وَكُلَّ يَهُودٍ بالْمَدِينَةِ.

[2385] (4884) خ نا قُتَيْبَةُ, نَا لَيْثٌ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ.

خ, و (4032) نا إسْحَاقُ, نا حَبَّانُ, أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ.

[2386] (4031) زَادَ: نَا آدَمُ, نا اللَّيْثُ, عَنْ نَافِعٍ: وَقَطَعَ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ، فأنزل الله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}.

(4/153)

وقَالَ جُوَيْرِيَةُ: وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

هَانَ (1) عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ

فَأَجَابَهُ أَبُوسُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ:

أَدَامَ الله ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ

سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ وَتَعْلَمُ أَيُّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ

وَخَرَّجَهُ في: باب حرق الدور والنخيل من الجهاد مختصرا (3021).

قَتْلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ

[2387] (4037) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى الله وَرَسُولَهُ» , فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا، قَالَ: «فَقُلْ».

فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ، قَالَ: وَأَيْضًا وَالله لَتَمَلُّنَّهُ، قَالَ: إِنَّا قَدْ اتَّبَعْنَاهُ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، فَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ.

وحَدَّثَنَا غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ: فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، فَقَالَ: أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ -.

_________

(1) كَذَا في النُّسْخَةِ، وَلِغَيْرِه: وَهَانَ، قَالَ الحافظ: كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيّ " لَهَانَ بِاللَّامِ " بَدَل الْوَاو، وَسَقَطَتْ اللَّام وَالْوَاو مِنْ رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ أهـ.

فَوَافَقَ مَا عِنْدَنَا، إِلاَّ أنّه لا بُدّ مِن الحرَكَةِ لإقَامَةِ الْوَزْن، والله أعلم.

(4/154)

فَقَالَ: نَعَمِ ارْهَنُونِي، قُلْتُ: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ قَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالَوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ، قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ، قَالَ: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ فَيُقَالَ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ، هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ، قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلَاحَ، فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُونَائِلَةَ وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِي أَبُونَائِلَةَ.

وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: وقَالَتْ: أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ, إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ، قَالَ: وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ برَجُلَيْنِ.

قِيلَ لِسُفْيَانَ: سَمَّاهُمْ عَمْرٌو؟ قَالَ: سَمَّى بَعْضَهُمْ، قَالَ عَمْرٌو: وجَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: أَبُوعَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْر.

قَالَ عَمْرٌو: وجَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ, فَقَالَ: إِذَا مَا جَاؤا فَإِنِّي قَائِلٌ لِشَعَرِهِ فَأَشْتَمُّهُ فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ، وَقَالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهُوَ تَنْفِحُ (1) مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا أَطْيَبَ.

وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَ: عِنْدِي أَعْطَرُ سَيِّد الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ (2).

_________

(1) هَكَذَا ضَبَطَهُ فِي الأَصْلِ.

(2) هَكَذَا وَقَعَ فِي الأَصْلِ: سَيّد العَرَبِ، وَلِغَيْرِهِ: نِسَاء الْعَربِ، قَالَ الحافظ: وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: (وَعِنْدِي أَعْطَر سَيِّد الْعَرَب) وَكَأَنَّ سَيِّد تَصْحِيف مِنْ نِسَاء، فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَة فَالْمَعْنَى أَعْطَر نِسَاء سَيِّد الْعَرَب عَلَى الْحَذْف أهـ.

وقوله أَكْمَل: هَكَذَا في النّسْخَةِ مُجَوَّدًا، لكن قَالَ الحافظ: وَعِنْد الْأَصِيلِيّ (وَأَجْمَل) بِالْجِيمِ بَدَل الْكَاف وَهِيَ أَشْبَهُ أهـ.

(4/156)

قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَكَ، قَالَ: نَعَمْ فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي، قَالَ: نَعَمْ فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ: دُونَكُمْ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ.

وَخَرَّجَهُ في: باب الكذب في الحرب (3031) , وفِي بَابِ الفتك بأهل الحرب (3032).

بَاب قَتْلِ أبِي رَافِعٍ عَبْدِ الله بْنِ أبِي الْحُقَيْقِ

وَيُقَالَ سَلَّامُ بْنُ أبِي الْحُقَيْقِ، كَانَ بِخَيْبَرَ، وَيُقَالَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: هُوَ بَعْدَ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ.

[2388] (4039) خ نَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى, نا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى, عَنْ إِسْرَائِيلَ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ.

وَ (4040) نَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ, نا شُرَيْحٌ يعني ابْنَ مَسْلَمَةَ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أبِي رَافِعٍ عَبْدَ الله بْنَ عَتِيكٍ وَعَبْدَ الله بْنَ عُتْبَةَ فِي نَاسٍ مَعَهُمْ.

قَالَ إِسْرَائِيلُ: رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ الله, وَكَانَ أَبُورَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ وَقَدْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ، قَالَ عَبْدُ الله لِأَصْحَابِهِ: اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ وَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ لَعَلِّي أَنْ أَدْخُلَ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ: قَالَ: فَتَلَطَّفْتُ أَنْ أَدْخُلَ الْحِصْنَ، فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ، قَالَ: فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ يَطْلُبُونَهُ، قَالَ: فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ فَغَطَّيْتُ رَأْسِي وَجَلَسْتُ كَأَنِّي أَقْضِي حَاجَةً، ثُمَّ نَادَى صَاحِبُ الْبَابِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَلْيَدْخُلْ.

(4/157)

وقَالَ إِسْرَائِيلُ: فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ، يَا عَبْدَ الله إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ الْبَابَ، (فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ الْبَابَ) (1) , ثُمَّ عَلَّقَ الْأَعَالِيقَ عَلَى وَدٍّ, قَالَ: فَقُمْتُ إِلَى الْأَقَالَيدِ فَأَخَذْتُهَا فَفَتَحْتُ الْبَابَ، وَكَانَ أَبُورَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ: فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أبِي رَافِعٍ وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَدَأَتْ الْأَصْوَاتُ وَلَا أَسْمَعُ حَرَكَةً خَرَجْتُ، قَالَ: وَرَأَيْتُ صَاحِبَ الْبَابِ حَيْثُ وَضَعَ مِفْتَاحَ الْحِصْنِ فِي كَوَّةٍ، فَأَخَذْتُهُ فَفَتَحْتُ بِهِ بَابَ الْحِصْنِ، قَالَ: قُلْتُ: إِنْ نَذِرَ بِي الْقَوْمُ انْطَلَقْتُ عَلَى مَهَلٍ.

وقَالَ إِسْرَائِيلُ: وَكَانَ فِي عَلَالِيَّ لَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعِدْتُ إِلَيْهِ، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ، قُلْتُ: إِنْ نَذِرَ الْقَوْمُ بِي لَمْ يُخْلَصْ إِلَيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ.

وقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ: ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرِها، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى أبِي رَافِعٍ فِي سُلَّمٍ، فَإِذَا الْبَيْتُ مُظْلِمٌ وقَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ، فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ الرَّجُلُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ.

قَالَ إِسْرَائِيلُ: بِالسَّيْفِ، وَأَنَا دَهِشٌ, فَمَا أَغْنَيْتُ شَيْئًا, وَصَاحَ فَخَرَجْتُ مِنْ الْبَيْتِ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، فَقَالَ: أَلَا أُعْجِبُكَ لِأُمِّكَ الْوَيْلُ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ، قَالَ:

_________

(1) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ مِنْ انْتِقَالِ النَّظَرِ.

(4/158)

فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا وَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ الْمُغِيثِ، فَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَأَضَعُ السَّيْفَ (1) فِي بَطْنِهِ, ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ، ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيْتُ السُّلَّمَ أُرِيدُ أَنْزِلَ فَأَسْقُطُ مِنْهُ فَانْخَلَعَتْ رِجْلِي، فَعَصَبْتُهَا.

قَالَ إِسْرَائِيلُ: بِعِمَامَةٍ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ: ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي أَحْجُلُ، فَقُلْتُ: انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ فَقَالَ: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ، زَادَ إِسْرَائِيلُ: تَاجِرَ أَهْلِ الْحِجَازِ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ: النَّجَاءَ فَقَدْ قَتَلَ الله أَبَا رَافِعٍ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَأَدْرَكْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرْتُهُ، قَالَ إِسْرَائِيلُ: فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: «ابْسُطْ رِجْلَكَ» , فَبَسَطْتُ رِجْلِي فَمَسَحَهَا فَكَأَنَّمَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ.

وَخَرَّجَهُ في: باب قتل النائم المشرك (3022).

_________

(1) هكذا ثبت في النسخة، وفي هذا الحرف روايات ذكرها القاضي، منها: فأضع صبيب السيف في بطنه، كذا لأبي ذر، ولأبي زيد والنسفي: ضبيب، قال: وهو حرف طرف السيف (المشارق 2/ 67).

(4/159)

بَاب غَزْوَةِ أُحُدٍ

وَقَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} , وَقَوْلِهِ {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} إلَى قَوْلِهِ {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} , وَقَوْلِهِ {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} إلَى قَوْلِهِ {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} , وَقَوْلِهِ {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} الْآيَةَ.

[2389] (4046) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرٍو, سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ» , فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.

بَاب

قوله عَزَّ وَجَلَّ {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (1)

[2390] (4051) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} في بَنِي سَلِمَةَ وَبَنِي حَارِثَةَ, وَمَا أُحِبُّ أَنَّهم لَمْ تَنْزِلْ وَالله يَقُولُ {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}.

_________

(1) في الأصل: فليتوكل المتوكلون.

(4/160)

وَخَرَّجَهُ في: تفسير قوله {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} (4558).

بَاب

قوله عَزَّ وَجَلَّ {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} إلَى قَوْلِهِ {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}

[2391] (4068) خ وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: نا ابْنُ زُرَيْعٍ, نا سَعِيدٌ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسٍ, عَنْ أبِي طَلْحَةَ قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ يَغْشَاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا يَسْقُطُ وَآخُذُهُ, يَسْقُطُ وَآخُذُهُ.

بَاب قَتْلِ حَمْزَةَ

[2392] (4072) خ نا أَبُوجَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله البغدادي, نا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْفَضْلِ, عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ, عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ الله بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ قَالَ لِي عُبَيْدُ الله: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِهِ حَمْزَةَ، قُلْتُ: نَعَمْ، وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ، فَسَأَلْنَا عَنْهُ، فَقِيلَ لَنَا: هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ كَأَنَّهُ حَمِيتٌ (1)، قَالَ: فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ، فَسَلَّمْنَا فَرَدَّ السَّلَامَ، وقَالَ: عُبَيْدُ الله مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ مَا يَرَى وَحْشِيٌّ إِلَّا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَقَالَ عُبَيْدُ الله: يَا وَحْشِيُّ أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: فَنَظْرتُ (2)

إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: لَا وَالله، إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الْخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالَ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أبِي الْعِيصِ، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا

_________

(1) زنة رَغِيف، أَيْ زِقّ كَبِير، وَأَكْثَر مَا يُقَالَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الزق مَمْلُوءًا، والمرادُ أَنَّه سَمِينٌ مُمْتَلِئٌ لَحْمًا.

(2) هكذا في الأصل، وفي الصحيح: فنظر إليه، يعني الوحشي ..

(4/161)

بِمَكَّةَ, فَكُنْتُ أَسْتَرْضِعُ لَهُ, فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلَامَ مَعَ أُمِّهِ فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ، قَالَ: فَكَشَفَ عُبَيْدُ الله عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ، قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بِبَدْرٍ، فَقَالَ لِي مَوْلَايَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ، وَعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ، خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ، فَلَمَّا أَنْ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سِبَاعٌ فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا سِبَاعُ، يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ، أَتُحَادُّ الله وَرَسُولَهُ, ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ، قَالَ: وَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فَأَضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيْهِ، قَالَ: فَكَانَ ذَاكَ الْعَهْدَ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الْإِسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا، وَقِيلَ لِي: إِنَّهُ لَا يَهِيجُ الرُّسُلَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: «أنْتَ وَحْشِيٌّ» , قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ» , قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنْ الْأَمْرِ مَا بَلَغَكَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي» , قَالَ: خَرَجْتُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ قُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، قَالَ: فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثَلْمَةِ جِدَارٍ كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرُ الرَّأْسِ، قَالَ: فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فَأَضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، قَالَ: وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ.

(4/162)

قَالَ عَبْدُ الله بْنُ الْفَضْلِ: فَأَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: فَقَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ البَيْتِ: وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ.

بَاب مَا أَصَابَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْجِرَاحِ يَوْمَ أُحُدٍ

[2393] (4074) خ نا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ, نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ, حَدَّثَني ابْنُ جُرَيْجٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

[2394] (4073) خ ونَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ, نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنْ هَمَّامٍ, سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِنَبِيِّهِ» - يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ - «اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ الله فِي سَبِيلِ الله»، زَادَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: «اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ نَبِيِّ الله».

تَقَدَّمَ مَا فِيهِ في الطِّبِّ.

بَاب

{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية.

[2395] (4077) خ نَا مُحَمَّدٌ, نا أَبُومُعَاوِيَةَ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي، فإن أَبَوَيكَ مِنْهُمْ، الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ (1) , لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ فَانْصَرَفَ

_________

(1) كذا في الأصل، وحقه أن يقول: الزبيرَ وأبا بكر، وفي الصحيح: كَانَ أَبُوك مِنْهُمْ الزُّبَيْر، وهذا في النسخة التي شرحها ابن حجر، وفي بعض النسخ: كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمْ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ.

(4/163)

عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا فقَالَ: «مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ» , فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا, كَانَ فِيهِمْ أَبُوبَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ.

اِسْتَجَابُوا: أَجَابُوا.

بَابٌ عِدَّةُ مَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ

مِنْهُمْ حَمْزَةُ وَالْيَمَانُ وَالنَّضْر بن أَنَسٍ (1) وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ.

[2396] (4078) خ نا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, نا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا أَعَزَّ (2) يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْأَنْصَارِ.

قَالَ قَتَادَةُ: ونا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ.

قَالَ: كَانَ بِئْرُ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَوْمُ الْيَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أبِي بَكْرٍ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ.

بَاب غَزْوَةِ الرَّجِيعِ وَرِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبِئْرِ مَعُونَةَ وَحَدِيثِ عُكَلٍ (3) وَالْقَارَةِ وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ وَخُبَيْبٍ وَأَصْحَابِهِ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: نا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ أَنَّهَا بَعْدَ أُحُدٍ.

[2397] (4086) خ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ مَعْمَرٍ.

_________

(1) كَذَا وَقَعَ في النّسخَةِ، قَالَ الحافظُ: وَأَمَّا النَّضْرُ بْن أَنَس، فَكَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرّ عَنْ شُيُوخه، وَكَذَا وَقَعَ عِنْد النَّسَفِيّ، وَهُوَ خَطَأ، وَالصَّوَاب مَا وَقَعَ عِنْد الْبَاقِينَ: أَنَس بْن النَّضْر.

ضوَلَعلّه سَبْقُ قَلمٍ مِنْ البُخَاريِّ أو الفِرَبْرِيّ، والله أعلم.

(2) هذا الحرف غير واضح في الأصل إذ استدركه فوق السطر، فالحرفان مهملان، وقَالَ الحافظ: (أَغَرَّ) كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيّ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ، وَلِغَيْرِهِ بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّاي أهـ.

(3) هكذا ثبت في النسخة، وهي رواية الأصيلي.

قال القاضي: لكافة الرواة: عضل، وعند الأصيلي عكل، والصواب: عضل قبيل من من خزيمة بن مدركة أهـ (المشارق 2/ 204).

(4/164)

خ, و (3989) نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا إِبْرَاهِيمُ هُوَ ابنُ سَعْدٍ.

خ, و (3045) نَا أَبُوالْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, لَفْظُه, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ، جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ، يُقَالَ لَهُمْ بَنُو لَحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا.

قَالَ مَعْمَرٌ وَإِبْرَاهِيمُ: مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ.

وقَالَ شُعَيْبٌ: مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ.

قَالَ مَعْمَرٌ: أَتَوْا مَنْزِلًا نَزَلُوهُ فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنْ الْمَدِينَةِ، فَقَالَوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ، فَتَبِعُوا آثَارَهُمْ حَتَّى لَحِقُوهُمْ.

قَالَ شُعَيْبٌ: فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَأَحَاطَ بِهِمْ الْقَوْمُ، قَالَوا لَهُمْ: انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ.

قَالَ مَعْمَرٌ وَهِشَامٌ: وَلَكُمْ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ لَا نَقْتُلُ مِنْكُمْ, قَالَ مَعْمَرٌ: أَحَدًا.

فقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَيُّهَا الْقَوْمُ أَمَّا أَنَا, قَالَ شُعَيْبٌ: فَوَالله لَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللهمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الْأَنْصَارِيُّ, قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، قَالَ شُعَيْبٌ: وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَالله لَا

(4/165)

أَصْحَبُكُمْ, زَادَ إِبْرَاهِيمُ (1): إِنَّ لِي بِهَؤُلَاءِ أُسْوَةً يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ قَالَ شُعَيْبٌ: فَقَتَلُوهُ، وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ الدَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقِيعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا.

فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ أَجْمَعُوا, زَادَ إِبْرَاهِيمُ: قَتْلَهُ, قَالَ شُعَيْبٌ: اسْتَعَارَ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، قَالَ شُعَيْبٌ: قَالَتْ: فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي، وَقَالَ: أتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ، مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ، وَالله مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَالله لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنْ الله رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّي جَزَعٌ, زَادَ إِبْرَاهِيمُ: لَزِدْتُ.

اللهمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا.

فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ في اللهِ مَصْرَعِي

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُوسِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا، قَالَ شُعَيْبٌ: الرَّكْعَتَيْنِ.

_________

(1) قد قَالَها شُعَيبٌ.

(4/166)

فَاسْتَجَابَ الله لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ.

زَادَ مَعْمَرٌ: وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ إِلَى عَاصِمٍ لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ، وَكَانَ قَتَلَ رجلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ.

قَالَ شُعَيْبٌ: فَبَعَثَ اللهُ لِعَاصِمٍ مِنَ الظُّلَّةِ (1) مِنْ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطَعَوا مِنْهُ شَيْئًا.

وَخَرَّجَهُ في: باب الذات والنعوت (7173)، وفِي بَابِ فضل من شهد بدرا (4989) , وفِي بَابِ هَلْ يَسْتَأْسِرُ الرَّجُلُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَأْسِرْ وَمَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ (3045).

[2398] (4093) خ نا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوأُسَامَةَ قَالَ: قَالَ هِشَامٌ بْنُ عُرْوَةَ، فَأَخْبَرَنِي أبِي قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الَّذِينَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ قَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: مَنْ هَذَا؟ وَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ، فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ: هَذَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ وُضِعَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُهُمْ فَنَعَاهُمْ فَقَالَ: «إِنَّ أَصْحَابَكُمْ قَدْ أُصِيبُوا وَإِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ، فَقَالَوا: رَبَّنَا أَخْبِرْ عَنَّا إِخْوَانَنَا بِمَا رَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهُمْ».

وَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ عُرْوَةُ بْنُ أَسْماءَ بْنِ الصَّلْتِ فَسُمِّيَ عُرْوَةُ بِهِ, وَمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو وسُمِّيَ بِهِ مُنْذِرًا.

قَدْ خَرَّجَ مَا فِيهِ في أمر القنوت فِي كِتَابِ الصلاة (798).

_________

(1) هكذا في الأصل، وفي الصحيح: مثل الظلة، وهو أوجه.

(4/167)

بَاب غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَهِيَ الْأَحْزَابُ

[2399] (4102) خ نا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, نا أَبُوعَاصِمٍ, أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أبِي سُفْيَانَ, أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا.

[2400] خ وَ (4101) نَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى, نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرًا فَقَالَ: إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ فَعَرَضَتْ كَبِدَةٌ (1) شَدِيدَةٌ فَجَاءُوا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَوا: هَذِهِ كَبِدَةٌ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ، فَقَالَ: «أَنَا نَازِلٌ» , ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ أَوْ أَهْيَمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله ائْذَنْ لِي إِلَى الْبَيْتِ، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مَا فِي ذَلِكَ صَبْرٌ.

وقَالَ ابْنُ مِينَاءَ: خَمَصًا شَدِيدًا.

فَهَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا وَطَحَنَتْ.

زَادَ ابْنُ أَيْمَنَ: الشَّعِيرَ, قَالَ ابْن مِينَاءَ: فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَنْ مَعَهُ، فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ، فَصَاحَ النَّبِيُّ

_________

(1) هَكَذَا في النُّسْخَةِ، ولأبي ذر: كَيْدَةٌ، وفي رواية الإسماعيلي: كُدْيَة، قَالَ الحافظ: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيّ عَنْ الْجُرْجَانِيّ: كِنْدَة بِنُونٍ، وَعِنْد اِبْن السَّكَن: كَتِدَةٌ بِمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْق أهـ.

وَوَقَعَ عِنْدَ أبِي عَبدِاللهِ الْحَاكِمِ في الْمَعْرِفَةِ (217): كَذّانَة، قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ في تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ: هُو في غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ كُدْيَة، وَهُوَ أَجْيد أهـ.

(4/168)

صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا» , والسُّورُ بِالْفَارِسِيَّةِ الْوَلِيمَةُ, «فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ».

قَالَ ابنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ: فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ: وَيْحَكِ, جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ، قَالَتْ: هَلْ سَأَلَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَالَ: «ادْخُلُوا وَلَا تَضَاغَطُوا».

قَالَ ابن مِينَاءَ: فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ» , فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْدُمُ النَّاسَ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ، فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلَا تُنْزِلُوهَا»، وَهُمْ أَلْفٌ, فَأُقْسِمُ بِالله لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ.

زَادَ ابْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ: قَالَ: «كُلْ هَذَا وَأَهْدِ فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَنْ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالرَّطَانَةِ وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} (3071).

[2401] (4103) خ ونا عُثْمَانُ بْنُ أبِي شَيْبَةَ, نا عَبْدَةُ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ} قَالَتْ: كَانَ (ذَلِكَ) يَوْمَ الْخَنْدَقِ.

(4/169)

[2402] (4107) خ نا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الله, نا عَبْدُ الصَّمَدِ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الله بْنِ دِينَارٍ, عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: أَوَّلُ يَوْمٍ شَهِدْتُهُ يَوْمُ الْخَنْدَقِ.

[2403] (4108) خ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا هِشَامٌ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَالِمٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَنَسْوَاتُهَا.

خ: قَالَ مَحْمُودٌ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: وَنَوْسَاتُهَا، قَالَ الْأَصِيلِيُّ: هَذَا الصَّوَابُ (1).

تَنْطُفُ، قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ، فَلَمْ يُجْعَلْ لِي في الْأَمْرِ شَيْءٌ، وَقَالَتْ: إلْحَقْ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِي احْتِبَاسِكَ عَنْهُمْ فُرْقَةٌ، فَلَمْ تَدَعْهُ حَتَّى ذَهَبَ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ قَالَ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ (2) وَمِنْ أَبِيهِ.

قَالَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَهَلَّا أَجَبْتَهُ، قَالَ عَبْدُ الله: فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَمِيعِ وَتَسْفِكُ الدَّمَ وَيُحْمَلُ عَنِّي غَيْرُ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ الله فِي الْجِنَانِ، قَالَ حَبِيبٌ: حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ.

[2404] (4110) خ نا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نا يَحْيَى بْنُ آدَمَ, نا إِسْرَائِيلُ, سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ أَجْلَى الْأَحْزَابَ عَنْهُ: «الْآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ».

_________

(1) نَوْسَاتُهَا: أَيْ ذَوَائِبُهَا، وَمَعْنَى تَنْطِفُ: أَيْ تَقْطُرُ كَأَنَّهَا قَدْ اِغْتَسَلَتْ.

(2) زَادَ فِي الصَّحِيحِ: منه.

(4/170)

[2405] (4114) خ ونَا قُتَيْبَةُ, نا اللَّيْثُ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي سَعِيدٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ».

بَاب مَرْجِعِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَحْزَابِ وَمَخْرَجِهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَمُحَاصَرَتِهِ إِيَّاهُمْ

[2406] (4121) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا غُنْدَرٌ, نا شُعْبَةُ, عَنْ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ.

[2407] (4122) خ ونَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى, نا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْرٍ, نا هِشَامٌ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالَ لَهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ، رَمَاهُ فِي الْأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَنْدَقِ ووَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنْ الْغُبَارِ، فَقَالَ: قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ، وَالله مَا وَضَعْتُهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَيْنَ؟» فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ فَرَدَّ الْحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ.

[2408] (3043) قَالَ الْبُخَارِيُّ: ونا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا شُعْبَةُ, الْحَدِيثَ، قَالَ الْخُدْرِيُّ: لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَعَثَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» , فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ

(4/171)

وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ» , قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: وَأَنْ تُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ.

قَالَ غُنْدُرٌ فِيهِ عَنْ الْخُدْرِيِّ: قَالَ: «قَضَيْتَ بِحُكْمِ الله» , وَرُبَّمَا قَالَ: «بِحُكْمِ الْمَلِكِ».

قَالَ هِشَامٌ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ سَعْدًا قَالَ: اللهمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ، اللهمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي لَهُ حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ فَافْجُرْهَا وَاجْعَلْ مَوْتِي فِيهَا، فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَوا: يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ، فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا فَمَاتَ مِنْهَا.

وَخَرَّجَهُ في: باب الغسل بعد الحرب والغبار (2813) , وفِي بَابِ الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم (463) , وفِي بَابِ هجرة النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه إلى المدينة (3901) , وفِي بَابِ إذا نزل العدو على حكم رجل (3043).

[2409] (4118) خ ونَا مُوسَى, نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ, عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْغُبَارِ سَاطِعًا فِي زُقَاقِ بَنِي غَنْمٍ مَوْكِبَ جِبْرِيلَ حِينَ سَارَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ.

(4/172)

بَاب غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ

وَهِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ، فَنَزَلَ نَخْلًا وَهِيَ بَعْدَ خَيْبَرَ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ.

[2410] (4125) خ: وقَالَ (1) عَبْدُ الله بْنُ رَجَاءٍ, أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ, عَنْ يَحْيَى بْنِ أبِي كَثِيرٍ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ.

[2411] (4126) وَقَالَ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ: حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ, عَنْ أبِي مُوسَى, أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ يَوْمَ مُحَارِبٍ وَثَعْلَبَةَ.

[2412] (4127) وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ, سَمِعْتُ جَابِرًا: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ فَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ، وَأَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْ الْخَوْفِ.

[2413] (4136) وَقَالَ أَبَانُ: نا يَحْيَى بْنُ أبِي كَثِيرٍ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ ركعاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ.

وَقَالَ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقَرَدِ.

وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَوْفَ بِذِي قَرَدٍ.

_________

(1) في الصحيح: قَالَ لِي، وهي رواية أبِي ذر.

(4/173)

[2414] (4128) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أبِي مُوسَى قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ، بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا وَنَقِبَتْ قَدَمَايَ وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ مِنْ الْخِرَقِ عَلَى أَرْجُلِنَا.

وَحَدَّثَ أَبُومُوسَى بِهَذَا ثُمَّ كَرِهَ ذَلكَ، قَالَ: مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرَهُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ.

[2415] (4130) قَالَ الْلَّيْثُ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ, أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ: صلاةُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ.

خ: وَقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ نَجْدٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ.

خ: وَإِنَّمَا جَاءَ أَبُوهُرَيْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ خَيْبَرَ.

بَاب غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ وَهِيَ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ

وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ، وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ: كَانَ حَدِيثُ الْإِفْكِ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ.

بَاب حَدِيثِ الْإِفْكِ

وَالْأَفَكِ بِمَنْزِلَةِ النَّجْشِ والنَّجَشِ، يُقَالَ: إِفْكُهُمْ وَأَفْكُهُمْ، ومَنْ قَالَ أَفَكَهُمْ يَقُولُ صَرَفَهُمْ عَنْ الْإِيمَانِ وَكَذَّبَهُمْ كَمَا قَالَ تعالى {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} يُصْرَفُ عَنْهُ مَنْ صُرِفَ.

(4/174)

[2416] (4143) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ حُصَيْنٍ, عَنْ أبِي وَائِلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَهِيَ أُمُّ عَائِشَةَ.

[2417] (7370) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ, نا يَحْيَى بْنُ أبِي زَكَرِيَّاءَ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ عُرْوَةَ.

(4757) خ: وَقَالَ أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, أَخْبَرَنِي أَبِي.

[2418] (2661) ح ونَا أَبُوالرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَأَفْهَمَنِي بَعْضَهُ أَحْمَدُ, نا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ.

خ, و (4141) نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ صَالِحٍ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أخبرني عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ الله بْنُ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ, عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالَوا، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ واحدٍ مِنْهُمْ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالَوا: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، وَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ دَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ

(4/175)

حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدْ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ.

قَالَتْ: وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِي كَانُوا يُرَحِّلُونَ بي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُهَبِّلْهُنَّ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنْ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرْ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ فَسَارُوا وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْتَقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَالله مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَأهْوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ.

قَالَتْ: فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الْإِفْكِ عَبْدُ الله بْنُ أبِي ابْنُ سَلُولَ.

قَالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الْإِفْكِ لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا

(4/176)

أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟» , ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَذَلِكَ يَرِيبُنِي, وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا، وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ قِبَلَ الْغَائِطِ, وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا, قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ بِْنْتُ أبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا أمُّ صَخْر بْنِ عَامِرٍ (1) خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا.

زَادَ أَبُوأُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ: ثُمَّ عَثَرَتْ الثَّانِيَةَ فَقَالَتْ: تَعَسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: أَيْ أُمِّ أَتَسُبِّينَ ابْنَكِ، وَسَكَتَتْ، ثُمَّ عَثَرَتْ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ: تَعَسَ مِسْطَحٌ فَانْتَهَرْتُهَا، فَقَالَتْ: وَالله مَا أَسُبُّهُ إِلَّا فِيكِ، فَقُلْتُ: فِي أَيِّ شَيءٍ؟ قَالَتْ: فَنَقَرَتْ لِي الْحَدِيثَ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَقَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ، وَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قَالَتْ: مَا قَالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ، قَالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ تِيكُمْ» فَقُلْتُ لَهُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، قَالَتْ: وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهُ مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟

_________

(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: وَأُمّهَا بِنْت صَخْر بْن عَامِر.

(4/177)

فقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَالله لَقَلَّمَا كَانَتْ امْرَأَةٌ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا أكْثَرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ الله، أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا.

قَالَ مَسْرُوقٌ عَنْ أُمِّهَا: قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَتْ: وَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا فَمَا أَفَاقَتْ إِلَّا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا فَغَطَّيْتُهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا شَأْنُ هَذِهِ؟» , قَالَت: يَا رَسُولَ الله أَخَذَتْهَا الْحُمَّى بِنَافِضٍ، قَالَ: «فَلَعَلَّ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ» , قَالَتْ: نَعَمْ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، قَالَتْ: وَدَعَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: أُسَامَةُ أَهْلَكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيٌّ: فَقَالَ يَا رَسُولَ الله لَمْ يُضَيِّقْ الله عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلْ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ فَقَالَ: «أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ» , قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِضُهُ أكثر من أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَيَأْتِي الدَّاجِنُ فَيَأْكُلُهُ.

وَقَالَ أَبُوأُسَامَةَ: فَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: اصْدُقُوا رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ الله وَالله مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَعْلَمُهُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ.

(4/178)

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ الله بْنِ أبِي وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَالله مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا».

وقَالَ يَحْيَى الْقُلْبَانِيُّ عَنْ هِشَامٍ: فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: «مَا تُشِيرُونَ عَلَيَّ فِي قَوْمٍ يَسُبُّونَ أَهْلِي, مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوءٍ قَطُّ».

قَالَ فُلَيْحٌ: «وَمَا كان يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي» , قَالَ صَالِحٌ: قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي الْأَشْهَلِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ: وقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْخَزْرَجِ وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ ابْنَتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، قَالَتْ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ الله لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ الله لَنَقْتُلَنَّهُ (1) فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ، قَالَتْ: فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَيَّ عِنْدِي وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ولَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ, حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا أَبَوَيَّ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنْ

_________

(1) في الأصل: لا نقتله، وهو تصحيف.

(4/179)

الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ إِنِّي بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ الله، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي الله وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ (1)».

قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ، فَقَالَ أَبِي: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ، فقَالَتْ أُمِّي: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ كَثِيرًا: إِنِّي وَالله لَقَدْ عَلِمْتُ أنكم سَمِعْتُمْ ما تحدث الناس به حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنْ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَالله يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَالله لَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلًا.

زَادَ أَبُوأُسَامَةَ: وَالْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ, إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي وَالله يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وأنا أرجو أن يبرئني الله, وَأَنَّ الله مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي وَلَكِنْ وَالله مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ الله مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ الله بالقرآن فِي

_________

(1) سقطت عليه من الأصل.

(4/180)

أَمْري، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي الله بِهَا، فَوَالله مَا رَامَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ وَلَا برح أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْبُرَحَاءِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنْ الْعَرَقِ مِثْلُ الْجُمَانِ وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا قَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَمَّا الله فَقَدْ بَرَّأَكِ» , قَالَتْ: فَقَالَتْ أُمِّي: قُومِي إِلَى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ.

زَادَ أَبُوأُسَامَةَ: قَالَتْ: وَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَقُلْتُ: وَالله لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّي لَا أَحْمَدُ إِلَّا الله، قَالَتْ: وَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الْعَشْرَ الْآيَاتِ، فلما أَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُوبَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَالله لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ الله {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} إلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} , قَالَ أَبُوبَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَالله إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ الله لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَالله لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا.

قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَيْنَبَ: «مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ؟»، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله أَحْمِي سَمْعِي وَالله مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا, قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَصَمَهَا الله بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ.

(4/181)

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ، ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَالله إِنْ كانَ الرَّجُلُ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ: سُبْحَانَ الله، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قَالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ الله.

قَالَ صَالِحٌ: قَالَ عُرْوَةُ: لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الْإِفْكِ أَيْضًا إِلَّا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِي نَاسٍ آخَرِينَ لَا عِلْمَ لِي بِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ كَمَا قَالَ الله تبارك وتَعَالَى، وَإِنَّ الذي تولى كِبْرَ ذَلِكَ يُقَالَ عَبْدُ الله بْنُ أبِي ابْنُ سَلُولَ, قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ وَتَقُولُ: إِنَّهُ الَّذِي قَالَ:

فَإِنَّ أبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

وخرج حديث الإفك فِي بَابِ قوله {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (4751) , وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (7369) (7370) , وفِي بَابِ حَمْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي السفر دُونَ بَعْضِ نِسَائِهِ (2879) , وفِي بَابِ قوله عليه السلام: «الْمَاهِرُ بِالقُرْآنِ مَعْ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ» وقوله: «زَيِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» (7545) , وفِي بَابِ النذر في الغضب وفيما لا يملك (6679) , وفِي بَابِ إِذَا عَدَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا فَقَالَ لَا أعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا (2637) , وفي التفسير باب قوله عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الآيات كلها العشر (4749 4751) (4755) (4756) , وفِي بَابِ قوله {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} (؟)، وفِي بَابِ من شهد بدرا (4025)، وفِي بَابِ تفسير قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} الآيتين (4753) , وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ

(4/182)

مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} الآية (4757)، وفي قوله {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} (4690) (4691).

[2419] (4145) خ نَا عُثْمَانُ بْنُ أبِي شَيْبَةَ, نا عَبْدَةُ, عَنْ هِشَامٍ, (ح، و (6150) نا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ, نا عُثْمَانُ بْنُ فَرْقَدٍ سَمِعْتُ هِشَامًا) (1) , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ, وَكَانَ مِمَّنْ أكْثَرَ عَلَيْهَا، قَالَ عَبْدَةُ: فَقَالَتْ: لَا تَسُبَّهُ, فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ: «كَيْفَ بِنَسَبِي فِيهِمْ؟» , قَالَ: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنْ الْعَجِينِ.

وَخَرَّجَهُ في: باب هجاء المشركين (6150)، وفي المناقب (3531).

[2420] (4146) خ ونا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ سُلَيْمَانَ, عَنْ أبِي الضُّحَى, عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ، وَقَالَ:

حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ

فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ.

قَالَ مَسْرُوقٌ: فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ، وَقَدْ قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (2) قَالَتْ: فَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنْ الْعَمَى, فقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

_________

(1) ما بين القوسين زيادة مني خشيت أن تكون سَقَطَت عَلَى النَّاسِخِ لأن المتن له، وسيعقبه بقول عبدة مما يقوي أنه سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ إسناد عثمان بن فرقد.

(2) في الأصل: عذاب أليم، وهو خطأ.

(4/183)

وَخَرَّجَهُ في: باب قوله عَزَّ وَجَلَّ {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (4755) , وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (4756).

[2421] (4142) خ ونا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِالله (1) قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ حِفْظِهِ, أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ؟ قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِكَ أَبُوسَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا.

بَاب عُمْرَة الْحُدَيْبِيَةِ

وَقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الآية.

[2422] (4151) خ نا الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ, نا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ أَبُوعَلِيٍّ الْحَرَّانِيُّ, نا زُهَيْرٌ, نا أَبُوإِسْحَاقَ.

خ, و (4150) نَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى, عَنْ إِسْرَائِيلَ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ, عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: أتَعُدُّونَ أَنْتُمْ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ؟، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً.

_________

(1) هكذ وقع في الأصل تسمية شيخ البخاري فيه، وفي الصحيح: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ.

والذي في تحفة الأشراف وفتح الباري عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ولم يذكرا غيره، وابن المديني له رواية عن هشام بن يوسف كعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الجعفي، فالله أعلم أهكذا هو في رواية المهلب أم أنه تصحيف من الناسخ.

(4/184)

زَادَ زُهَيْرٌ: وَأَكْثَر (1).

قَالَ إِسْرَائِيلُ: وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهَا فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ.

زَادَ زُهَيْرٌ: بِدَلْوٍ مِنْ مَائِهَا.

قَالَ إِسْرَائِيلُ: فَتَوَضَّأَ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَدَعَا ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا.

زَادَ زُهَيْرٌ: حَتَّى ارْتَحَلُوا.

[2423] (4154) خ نَا عَلِيٌّ, نا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ: «أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ».

وَكُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ, وَلَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ الْيَوْمَ لَأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَةِ.

وَخَرَّجَهُ في: باب قوله {إِذْ يُبَايِعُونَكَ} (4840) , وفي علامات النبوة (3576).

[2424] (4155) خ نا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذٍ (2) , نا أَبِي, نا شُعْبَةُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ أبِي أَوْفَى: كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلَاثَ مِائَةٍ, وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ.

[2425] (4160) خ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الله قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى السُّوقِ فَلَحِقَتْ عُمَرَ

_________

(1) في الصحيح: أَوْ أَكْثَرَ.

(2) هكذا في الأصل، على أن البخاري سمعه من ابن معاذ، والذي في تحفة الأشراف وفتح الباري: قَالَ عبيد الله بن معاذ، أي أنه معلق، وقد تصحف في الأصل إلى عبد الله بن معاذ.

(4/185)

امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلَكَ زَوْجِي وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، وَالله مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا وَلَا لَهُمْ زَرْعٌ وَلَا ضَرْعٌ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمْ الضَّبُعُ، وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ الْغِفَارِيِّ، وَقَدْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الدَّارِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلَأَهُمَا طَعَامًا، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا ثُمَّ نَاوَلَهَا ِخِطَامَهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَادِيهِ فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمْ الله بِخَيْرٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرْتَ لَهَا، وقَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ, وَالله إِنِّي لَأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ (1) ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ.

[2426] (4163) خ نَا مَحْمُودٌ, نا عُبَيْدُ الله, عَنْ إِسْرَائِيلَ, عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: انْطَلَقْتُ حَاجًّا فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ، فقُلْتُ: مَا هَذَا الْمَسْجِدُ؟ قَالَوا: هَذِهِ الشَّجَرَةُ حَيْثُ بَايَعَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي أبِي أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ نَسِينَاهَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ، فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ!.

[2427] (4170) خ نا أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ, عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقِيتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ فَقُلْتُ: طُوبَى لَكَ صَحِبْتَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعْتَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثْنَا بَعْدَهُ.

_________

(1) في الأصل: فافتحناه، مصحف، لعلها كانت: ففتحناه، والله أعلم.

(4/186)

[2428] (4172) خ نا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ, نا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ, نا شُعْبَةُ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} قَالَ: الْحُدَيْبِيَةُ، قَالَ أَصْحَابُهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا، فَمَا لَنَا، فَأَنْزَلَ الله {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ}.

قَالَ شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ عَنْ قَتَادَةَ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ: أَمَّا {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا فَعَنْ عِكْرِمَةَ.

وَخَرَّجَهُ في: تفسير سورة الفتح باب قوله {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (4834).

[2429] (4173) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نا أَبُوعَامِرٍ, نا إِسْرَائِيلُ, عَنْ مَجْزَأَةَ (بْنِ زَاهِرٍ الْأَسْلَمِيِّ, عَنْ أَبِيهِ, وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ, و) (1) عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ اسْمُهُ أُهْبَانُ بْنُ أَوْسٍ، وَكَانَ اشْتَكَى رُكْبَتَهُ, فَكَانَ إِذَا سَجَدَ جَعَلَ تَحْتَ رُكْبَتَيْهِ وسَادَةً.

[2430] (3916) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ, عَنْ عَاصِمٍ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ النهدي قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ إِذَا قِيلَ لَهُ هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ يَغْضَبُ، قَالَ: قَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْنَاهُ قَائِلًا، فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ ثم أَرْسَلَنِي عُمَرُ, وَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلْ اسْتَيْقَظَ.

_________

(1) ما بين القوسين زيادة مني ثابتة في الصحيح، قد تكون سَقَطَت عَلَى النَّاسِخِ فإنها من شرط المهلب، والله أعلم.

(4/187)

[2431] (4187) خ ونا (1) هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ, نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ, نا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ, أَخْبَرَنِي نَافِعٌ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ تَفَرَّقُوا فِي ظِلَالِ الشَّجَرِ، فَإِذَا النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: يَا عَبْدَ الله انْظُرْ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَدْ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَوَجَدَهُمْ يُبَايِعُونَ فَبَايَعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ فَخَرَجَ فَبَايَعَ.

[2432] خ و (4186) نا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: سَمِعَ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ, نا صَخْرٌ, عَنْ نَافِعٍ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ عُمَرُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ عَبْدَ الله إِلَى فَرَسٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يَأْتِي بِهِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ، وَرَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعُ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، وَعُمَرُ لَا يَدْرِي بِذَلِكَ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الله ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْفَرَسِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ، وَعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ لِلْقِتَالِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ فَذَهَبَ مَعَهُ حَتَّى بَايَعَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ النَّهْديُّ: سَمِعتُ ابْنَ عُمَرَ: ثُمَّ بَايَعْتُهُ.

قَالَ العُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ: فَهِيَ الَّتِي يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ أبيه.

وَخَرَّجَهُ في: باب هجرة النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3916)، وفي غزوة الحديبية (4186) (4186).

_________

(1) هذا الموضع كسابقه، ثبت هنا بعلامة التحديث، وفي التحفة والفتح ثبت معلقا، وقَالَ الحافظ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ " وَقَالَ لِي ".

(4/188)

[2433] (4171) خ نَا إِسْحَاقُ, نا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ, نا مُعَاوِيَةُ هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ, عَنْ يَحْيَى, عَنْ أبِي قِلَابَةَ, أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ, أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ.

بَاب غَزْوَةِ خَيْبَرَ

[2434] (4196) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ, نا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِي عُبَيْدٍ, عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ: يَا عَامِرُ أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ، وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا حَدَّاءً شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ:

اللهمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

وَأَلْقِ السَّكِينَة عَلَيْنَا إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا

وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا

قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟» , قَالَوا: عَامِرُ بْنُ الْأَكْوَعِ، قَالَ: «يَرْحَمُهُ الله» , قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ الله, لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ، فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ الله تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يُوقِدُونَ؟» , قَالَوا: عَلَى لَحْمٍ، قَالَ: «عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟» قَالَوا: الحُمُر حُمُر الْإِنْسِيَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَهْرِقُوهَا وَاكْسِرُوهَا» , فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله, أَوْ نُهَرِقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟، قَالَ: «أَوْ ذَلكَ» , فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ، فَيَرْجِعُ ذُبَابُ

(4/189)

سَيْفِهِ فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ يَدِي، قَالَ: «مَا لَكَ» قُلْتُ لَهُ: فَدَاكَ أبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ» - وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - «إِنَّهُ لَجِهَادُ مُجَاهِدٍ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ».

(4196) خ: نا قُتَيْبَةُ, نا حَاتِمٌ: «نَشَأَ بِهَا».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ الَّتِي فِيهَا الْخَمْرُ أو إن كَسَرَ صَنَمًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ (2477)، وفِي بَابِ آنية المجوس والميتة (5497)، وفِي بَابِ ما يجوز من الشعر والرجز، الباب (6148)، وفِي بَابِ إذا قتل نفسه خطًا فلا دية له (6891) , وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه (6331).

[2435] (6409) (6610) خ نا ابْنُ مُقَاتِلٍ, نا ابن المبارك, نا التَّيْمِيُّ, عَنْ النَّهْدِيّ.

خ, و (6384) (7386) نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا حَمَّادُ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ النَّهْدِيّ.

خ (4205) نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا عَبْدُ الْوَاحِدِ, عَنْ عَاصِمٍ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ, عَنْ أبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: لَمَّا غَزَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، أَوْ قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ، الله أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ» , وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَنِي أَنَا أَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله فَقَالَ: «يَا عَبْدَ الله بْنَ قَيْسٍ» , قُلْتُ:

(4/190)

لَبَّيْكَ رَسُولَ الله، قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ؟» , قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله فَدَاكَ أبِي وَأُمِّي, قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله (6610) (6409) , وقَالَ فيه التيمي: أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَقَبَةٍ, أَوْ قَالَ: فِي ثَنِيَّةٍ، وقَالَ: وَرَسُولُ الله عَلَى بَغْلَتِهِ.

وفِي بَابِ الدُّعَاءِ إِذَا عَلَا عَقَبَةً (6384) , وقَالَ فيهِ أَيَّوبُ: «سَمِيعًا بَصِيرًا».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قَوْلِه (سَمِيعًا بَصِيرًا) (7386)، وقَالَ فيهِ أَيُّوبُ: ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله.

وفي الجهاد باب ما يكره من رفع الصوت بالتكبير (2992).

[2436] (4206) خ نَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا يَزِيدُ بْنُ أبِي عُبَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ، فقَالَ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِيها (1) يَوْم خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثَ نَفَثَاتٍ, فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ.

[2437] (4208) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ, نا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ, عَنْ أبِي عِمْرَانَ قَالَ: نَظَرَ أَنَسٌ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَرَأَى طَيَالِسَةً فَقَالَ: كَأَنَّهُمْ السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ.

[2438] (4242) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا حَرَمِيٌّ, نا شُعْبَةُ, أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا: الْآنَ نَشْبَعُ مِنْ التَّمْرِ.

_________

(1) في رواية الشبوي عن الفربري: أصابتني يوم خيبر، (انظر تاريخ دمشق 22/ 95).

(4/191)

[2439] (4243) خ ونَا الْحَسَنُ, نا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ, نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ دِينَارٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ.

بَاب غَزْوَةِ مُؤْتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ

[2440] (4260) خ نَا أَحْمَدُ, نا ابْنُ وَهْبٍ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ ابْنِ أبِي هِلَالٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ.

(4261) خ قَالَ: ونَا أَحْمَدُ بْنُ أبِي بَكْرٍ قَالَ: نا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِيهِ (1)

, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَّرَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ الله بْنُ رَوَاحَةَ» , قَالَ عَبْدُ الله: كُنْتُ فِيهِمْ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بْنَ أبِي طَالِبٍ فَوَجَدْنَاهُ فِي الْقَتْلَى، وفِي جَسَدِهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ مِنْ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ.

زَادَ ابنُ أبِي هِلاَلٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: فَعَدَدْتُ بِهِ خَمْسِينَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ, لَيْسَ فيها شَيْءٌ من دُبُرِهِ.

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل: عن أبيه، وليست هذه الزيادة في التحفة ولا في الفتح.

ومغيرة هذا مترجم بالرواية عن أبيه وعن عبد الله بن سعيد، قَالَ الحافظ في التهذيب (10/ 238): له في البخاري حديث عن عبد الله بن سعيد بن أبِي هند عن نافع عن ابن عمر في غزوة مؤتة فقد وهم الكلاباذي فذكر ذلك في ترجمة الحزامي وقد نص البخاري في تاريخه على أن الراوي عن عبد الله ابن سعيد بن أبِي هند هو المخزومي أهـ

قلت: وكلام الباجي في ترجمة عبد الله بن سعيد يؤيد حذف الزيادة، والله أعلم.

(4/192)

[2441] (4265) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ, نا سُفْيَانُ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ: لَقَدْ انْقَطَعَ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلاَّ صَحِيفَةٌ (1) يَمَانِيَةٌ.

[2442] (4268) خ نا قُتَيْبَةُ, نا عَبْثَرُ, عَنْ حُصَيْنٍ, و (4267) نا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ, نا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ, عَنْ حُصَيْنٍ, عَنْ عَامِرٍ, عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ الله بْنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي وَا جَبَلَاهْ وَا كَذَا وَا كَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلَّا قِيلَ لِي: أنْتَ (2) كَذَلِكَ؟

زَادَ عَبْثَرٌ: فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ.

بَاب بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الْحُرُقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ

[2443] (427) خ نا قُتَيْبَةُ, نا حَاتِمٌ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِي عُبَيْدٍ، خ، و (4273) نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله, نا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ, عَنْ يَزِيدَ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، فَذَكَرَ خَيْبَرَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ وَيَوْمَ الْقَرَدِ، قَالَ يَزِيدُ: وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ.

وزَادَ حَاتِمٌ، قَالَ: وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنْ الْبُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُوبَكْرٍ وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ.

_________

(1) كذا في الأصلن قال القاضي: كذا للأصيلي، وهو وهم صوابه ما لغيره: صَفِيحَةٌ، أي سيف عريض أهـ (المشارق 2/ 70).

(2) في الصحيح: آنَتْ، قَالَ الحافظ: هُوَ اِسْتِفْهَام إِنْكَار أهـ

(4/193)

بَاب غَزْوَةِ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ

[2444] (4276) خ نا مَحْمُودٌ, نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, نا مَعْمَرٌ, أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ, عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ، ذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ (1) مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ، فَسَارَ (2) مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ يَصُومُ وَيَصُومُونَ، حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ وَهُوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ أَفْطَرَ وَأَفْطَرُوا.

وقَالَ الزُّهْرِيُّ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآخِرُ فَالْآخِرُ.

بَاب أَيْنَ رَكَزَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ

[2445] (4280) خ نَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا خَرَجَ أَبُوسُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ

_________

(1) قَالَ الحافظُ: هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة مَعْمَر، وَهُوَ وَهْم، وَالصَّوَاب عَلَى رَأْس سَبْع سِنِينَ وَنِصْف، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْوَهْم مِنْ كَوْن غَزْوَة الْفَتْح كَانَتْ فِي سَنَة ثَمَان، وَمِنْ أَثْنَاء رَبِيع الْأَوَّل إِلَى أَثْنَاء رَمَضَان نِصْف سَنَة سَوَاء، فَالتَّحْرِير أَنَّهَا سَبْع سِنِينَ وَنِصْف وَيُمْكِن تَوْجِيه رِوَايَة مَعْمَر بِأَنَّهُ بِنَاء عَلَى التَّارِيخ بِأَوَّلِ السَّنَة مِنْ الْمُحَرَّم، فَإِذَا دَخَلَ مِنْ السَّنَة الثَّانِيَة شَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَة أُطْلِق عَلَيْهَا سَنَة مَجَازًا مِنْ تَسْمِيَة الْبَعْض بِاسْمِ الْكُلّ، وَيَقَع ذَلِكَ فِي آخِر رَبِيع الْأَوَّل، وَمِنْ ثَمَّ إِلَى رَمَضَان نِصْف سَنَة.

أَوْ يُقَالَ كَانَ آخِر شَعْبَان تِلْكَ السَّنَة آخِر سَبْع سِنِينَ وَنِصْف مِنْ أَوَّل رَبِيع الْأَوَّل، فَلَمَّا دَخَلَ رَمَضَان دَخَلَ سَنَة أُخْرَى، وَأَوَّل السَّنَة يَصْدُق عَلَيْهِ أَنَّهُ رَأْسهَا فَيَصِحّ أَنَّهُ رَأْس ثَمَان سِنِينَ وَنِصْف، أَوْ أَنَّ رَأْس الثَّمَان كَانَ أَوَّل رَبِيع الْأَوَّل وَمَا بَعْده نِصْف سَنَة.

(2) زَادَ فِي الصَّحِيحِ: هُوَ وَمَنْ.

(4/194)

كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُوسُفْيَانَ: مَا هَذِهِ لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو، قَالَ أَبُوسُفْيَانَ: عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ, فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ أَبُوسُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: «احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْلِ (1) يَنْظُرُ الْمُسْلِمِينَ» , فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ، فَجَعَلَتْ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أبِي سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ، قَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ غِفَارُ، قَالَ: مَا لِي وَلِغِفَارَ، ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمَرَّتْ سُلَيْمُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ، فَقَالَ أَبُوسُفْيَانَ: يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ، ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ وَهِيَ أَقَلُّ (2) الْكَتَائِبِ فِيهِمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: «مَا قَالَ؟» , قَالَ: قَالَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: «كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ الله فِيهِ الْكَعْبَةَ وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ» , قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالْحَجُونِ.

_________

(1) هكذا في النُّسْخَةِ، ووقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَالْقَابِسِيّ: " عِنْد خَطْم الْجَبَل" أَيْ أَنْف الْجَبَل، وأمط حَطْمُ الخيلِ فاِزْدِحَامُهَا.

(2) قَالَ عِيَاض: وَقَعَ لِلْجَمِيعِ بِالْقَافِ، وَوَقَعَ فِي الْجَمْع لِلْحُمَيْدِيّ " أَجَلّ " بِالْجِيمِ وَهِيَ أَظْهَر، وَلَا يَبْعُد صِحَّة الْأُولَى لِأَنَّ عَدَد الْمُهَاجِرِينَ كَانَ أَقَلّ مِنْ عَدَد غَيْرهمْ مِنْ الْقَبَائِل.

(4/195)

قَالَ عُرْوَةُ: فَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ: يَا أَبَا (1) عَبْدِ الله هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ.

قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُدَا، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَوْمَئِذٍ رَجُلَانِ؛ خُنَيْسُ (2) بْنُ الْأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ جابِرٍ الْفِهْرِيُّ.

[2446] (4720) خ نَا الْحُمَيْدِيُّ, نَا سُفْيَانُ, ح (4287) نا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ, نا ابْنُ عُيَيْنَةَ, عَنْ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ أبِي مَعْمَرٍ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلَاثُ مِائَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: «{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}».

وَخَرَّجَهُ في: باب {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (4720).

[2447] (4296) خ نَا قُتَيْبَةُ, نا اللَّيْثُ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِي حَبِيبٍ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ أبِي رَبَاحٍ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله, أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: «إِنَّ الله وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ».

_________

(1) سقطت من الأصل.

(2) هكذا في الأصل، وهو أحد قولين في اسم الرجل، والأكثر من الرواة قال: حُبَيْشُ، وهكذا ضبطه الشراح، وهكذا هو في رواية حماد بن شاكر مثلهم، رواه البيهقي في الدلائل ح1781، وانظر المشارق 1/ 349 350.

(4/196)

بَابٌ

معناه مَنْ شَهِدَ زَمَنَ الْفَتْح

[2448] (4301) خ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, أَخْبَرَنَا هِشَامٌ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سُنَيْنٍ أبِي جَمِيلَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَنَحْنُ مَعَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: وَزَعَمَ أَبُوجَمِيلَةَ أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ مَعَهُ عَامَ الْفَتْحِ.

[2449] (4302) خ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أبِي قِلَابَةَ, عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُوقِلَابَةَ: أَلَا تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ، فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ، مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ الله أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْحَى الله بِكَذَا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ، فَكَأَنَّمَا يُقَرأُ (1) فِي صَدْرِي، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلَامِها الْفَتْحَ فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ وَبَدَرَ أبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَالله مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ حَقًّا، فَقَالَ: «صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» , فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ

_________

(1) هكذا في النسخة يوافق عامة الروايات، مِنْ الْقِرَاءَة، ولِلْكُشْميهَنِيّ فَكَأَنَّمَا يُقَرّ مِنْ الْقَرَار، وَفِي رِوَايَة عَنْهُ بِزِيَادَةِ أَلْف مَقْصُورَة مِنْ التَّقْرِيَةِ أَيْ يُجْمَع، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ " يُغَرِّي " بَغَيْنَ مُعْجَمَة وَرَاء ثَقِيلَة أَيْ يُلْصَق بِالْغِرَاءِ.

(4/197)

تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْحَيِّ: أَلَا تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ.

[2450] (4305) خ نَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ, نا زُهَيْرٌ, نا عَاصِمٌ, خ, و (4307) نا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي بَكْرٍ, نا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ, نا عَاصِمٌ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ, عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ: انْطَلَقْتُ بِأَبِي مَعْبَدٍ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

قَالَ زُهَيْرٌ: أَخِي بَعْدَ الْفَتْحِ، فقُلْتُ: جِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، قَالَ: «ذَهَبَ أَهْلُ الْهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا».

زَادَ الْفَضْلُ: «لِأَهْلِهَا».

قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْتُ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟ قَالَ: «أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ».

قَالَ: فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدًا بَعْدُ وَكَانَ أَكْبَرَهُمَا سنًا, فَسَأَلْتُهُ قَالَ: صَدَقَ مُجَاشِعٌ. وَخَرَّجَهُ في: بَاب الْبَيْعَةِ فِي الْحَرْبِ أَنْ لَا يَفِرُّوا (2962).

وفِي بَابِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وقَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ:

[2451] (3078) نَا إِبْرَاهِيمُ, نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, عَنْ خَالِدٍ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ, الْسَّنَد، قَالَ: جَاءَ مُجَاشِعٌ بِأَخِيهِ مُجَالِدِ بْنِ مَسْعُودٍ, الْحَدِيثَ.

[2452] (4309) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا غُنْدَرٌ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي بِشْرٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أُرِيدُ أَنْ أُهَاجِرَ إِلَى الشَّامِ، قَالَ: لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ، فَانْطَلِقْ فَاعْرِضْ نَفْسَكَ فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا وَإِلَّا رَجَعْتَ.

(4/198)

بَاب

قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} إلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

[2453] (4314) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ, نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ, أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ: رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ أبِي أَوْفَى ضَرْبَةً قَالَ: ضُرِبْتُهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، قُلْتُ: شَهِدْتَ حُنَيْنًا؟ (قَالَ) (1): قَبْلَ ذَلِكَ.

قد تَقَدَّمَ مَا فِيهِ في الجِهادِ.

بَاب غَزْوَةِ أَوْطَاسٍ

في شَوَّال سَنَةَ ثَمَانٍ، قَالَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ.

[2454] (4323) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ الله, عَنْ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أبِي مُوسَى قَالَ: لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ الله أَصْحَابَهُ.

قَالَ أَبُومُوسَى: وَبَعَثَنِي مَعَ أبِي عَامِرٍ فَرُمِيَ أَبُوعَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ رَمَاهُ جُشَمِيٌّ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ فِي رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا عَمِّ مَنْ رَمَاكَ؟ فَأَشَارَ إِلَى أبِي مُوسَى فَقَالَ: ذَاكَ قَاتِلِي الَّذِي رَمَانِي، فَقَصَدْتُ لَهُ فَلَحِقْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى فَاتَّبَعْتُهُ وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ: أَلَا تَسْتَحْيِي أَلَا تَثْبُتُ، فَكَفَّ فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ لِأَبِي عَامِرٍ: قَتَلَ الله صَاحِبَكَ، قَالَ: فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ، فقَالَ: يَا

_________

(1) زيادة من الصحيح ليست في الأصل.

والمعنى أن إسماعيل سأله: أشهدت حنينا فأجاب وما قبل حنين.

(4/199)

ابْنَ أَخِي أَقْرِئْ النَّبِيَّ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: اسْتَغْفِرْ لِي، وَاسْتَخْلَفَنِي أَبُوعَامِرٍ عَلَى النَّاسِ، فَمَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ، فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ في ظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أبِي عَامِرٍ وَقَالَ: قُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِي، فَدَعَا بِمَاءٍ ثم تَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ: «اللهمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أبِي عَامِرٍ» , وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللهمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ ومِنْ النَّاسِ» , فَقُلْتُ: وَلِي فَاسْتَغْفِرْ، فَقَالَ: «اللهمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ الله بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا».

قَالَ أَبُوبُرْدَةَ: إِحْدَاهُمَا لِأَبِي عَامِرٍ وَالْأُخْرَى لِأَبِي مُوسَى.

وَخَرَّجَهُ في: باب الوضوء عند الدعاء (6383) , وفِي بَابِ نزع السهم من البدن (2884) (1).

[2455] (4325) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ أبِي الْعَبَّاسِ الشَّاعِرِ الْأَعْمَى, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ (2) قَالَ: لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ الله صَلَّى

_________

(1) هو في هذين الموضعين بالإسناد المذكور أول الحديث، لكن اختصر متنه.

(2) هَذَا الْموضِعُ مِمّا اختُلِفَ فيهِ في الصَّحِيحِ وَخَارِجه، فَرَواهُ بعضهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وبعضهم عن ابن عمر بن الخطاب، والذي ثبت في نسختنا هو المعتمد.

قَالَ الحافظ: فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ: عَبْد اللَّه بْن عَمْرو، بِفَتْحِ الْعَيْن وَسُكُون الْمِيم، وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَالْأَصِيلِيِّ، وَقُرِئَ عَلَى أبِي زَيْد الْمَرْوَزِيِّ كَذَلِكَ فَرَدَّهُ بِضَمِّ الْعَيْن - فكيف تكون رواية الأصيلي بالفتح وهو سنده!؟ -.

وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الِاخْتِلَاف فِيهِ، وَقَالَ: الصَّوَاب عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب.

وَالْأَوَّل هُوَ الصَّوَاب فِي رِوَايَة عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ وَكَذَلِكَ الْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرهمَا مِنْ حُفَّاظ أَصْحَاب اِبْن عُيَيْنَةَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن يَسَار وَهُوَ مِمَّنْ لَازِم اِبْن عُيَيْنَةَ جِدًّا، وَاَلَّذِي قَالَ عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيث: عَبْد اللَّه بْن عُمَر، وَهُمْ الَّذِينَ سَمِعُوا مِنْهُ مُتَأَخِّرًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْحَاكِم، وَقَدْ بَالَغ الْحُمَيْدِيُّ فِي إِيضَاح ذَلِكَ فَقَالَ فِي مُسْنَده فِي رِوَايَته لِهَذَا الْحَدِيث عَنْ سُفْيَان: عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِل مِنْ طَرِيق عُثْمَان الدَّارِمِيِّ عَنْ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَان غَيْر مَرَّة يَقُول: عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب، لَمْ يَقُلْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ، وَأَخْرَجَهُ اِبْن أبِي شَيْبَة عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ فَقَالَ: عَبْد اللَّه بْن عُمَر، وَكَذَا رَوَاهُ عَنْهُ مُسْلِم، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْهُ، فَزَادَ: قَالَ أَبُوبَكْر: سَمِعْت اِبْن عُيَيْنَةَ مَرَّة أُخْرَى يُحَدِّث بِهِ عَنْ اِبْن عُمَر.

وَقَالَ الْمُفَضِّل الْعَلَائِيّ عَنْ يَحْيَى بْن مَعِين: أَبُوالْعَبَّاس عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَعَبْد اللَّه بْن عُمَر فِي الطَّائِف، الصَّحِيح اِبْن عُمَر أهـ.

قلت: رواية أبِي زيد المروزي بالضم كما ذكرها الحافظ، وقال: ابن عمر في أصل الفربري أهـ (المشارق 2/ 194).

قلت: فهذا رافع للخلاف عن الفربري، فنقل أبِي زيد - وهو الثقة الفقيه - عن أصل الفربري يفيد أن من رواه عنه بالفتح قد صحف، والله أعلم.

(4/200)

الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّائِفَ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا, قَالَ: «إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ الله» , فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ وَقَالَوا: نَذْهَبُ وَلَا نَفْتَحُهُ، وَقَالَ مَرَّةً: نَقْفُلُ، فَقَالَ: «اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ» , فَغَدَوْا فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ, فَقَالَ: «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ الله» , فَأَعْجَبَهُمْ, فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَتَبَسَّمَ.

وَخَرَّجَهُ في: باب الضحك والتبسم (6086)، وفي الصفات معناه الاستثناء بمشيئة الله (7480).

[2456] (4337) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ, نا ابْنُ عَوْنٍ.

خ, و (4333) نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, أخبرنا أَزْهَرُ, عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ, عَنْ أَنَسٍ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ الْتَقَى هَوَازِنُ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ آلَافٍ وَالطُّلَقَاءُ فَأَدْبَرُوا، فقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ» , قَالَوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ، لَبَّيْكَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَنَا عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ»، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ فَأَعْطَى الطُّلَقَاءَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا.

(4/201)

زَادَ مُعَاذٌ: فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةٌ فَنَحْنُ نُدْعَى لَهَا وَيُعْطَى الْغَنِيمَةَ غَيْرُنَا، فَبَلَغَهُ, فَجَمَعَهُمْ، الْحَدِيثَ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ هِشَامٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ وَأَنْتَ شَاهِدٌ ذَلكَ، قَالَ: وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْهُ.

بَاب بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ

[2457] (4339) خ نا مَحْمُودٌ, نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, نا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَالِمٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ, فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ, فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ, وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ, حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ: وَالله لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ذَكَرْنَاهُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «اللهمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ» مَرَّتَيْنِ.

وَخَرَّجَهُ في باب إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد (7189).

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا في بِعْثَتِهِ أبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلى الْيَمَنِ قَبْلَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ.

بَابٌ بِعْثَةُ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ إِلَى الْيَمَنِ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ

[2458] (4349) خ نا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ, نا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ: بَعَثَنَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ مَكَانَهُ، فَقَالَ: «مُرْ أَصْحَابَ خَالِدٍ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَكَ

(4/202)

فَلْيُعَقِّبْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُقْبِلْ» , فَكُنْتُ فِيمَنْ عَقَّبَ مَعَهُ، قَالَ: فَغَنِمْتُ أَوَاقٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ.

[2459] (4350) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ, نا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُرَيْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ، وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا، وَقَدْ اغْتَسَلَ (1)، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «يَا بُرَيْدَةُ تُبْغِضُ عَلِيًّا» , فَقُلْتُ: نَعَمْ، فقَالَ: «لَا تُبْغِضْهُ, فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ».

بَاب غَزْوَةُ ذِي الْخَلَصَةِ

[2460] (6333) خ نا عَلِيُّ بنُ عَبْدِاللهِ, نَا سُفْيَانُ, عَنْ إِسْمَاعِيل, مَدَارُهُ.

خ, و (4357) نَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي خَالِدٍ, عَنْ قَيْسٍ, عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ» , فَقُلْتُ: بَلَى، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ.

قَالَ سُفْيَانُ: مِنْ قَوْمِي.

قَالَ أَبُوأُسَامَةَ: وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ يَدِهِ فِي صَدْرِي, وَقَالَ: «اللهمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا» , قَالَ: فَمَا وَقَعْتُ عَنْ فَرَسٍ بَعْدُ,

_________

(1) قوله اغتسل: أي علي بن أبِي طالب، أصطفى من الخمس سبية فواقعها ثم اغتسل، وقد اختصر البخاري الخبر، وَيُؤْخَذ مِنْ الْحَدِيث جَوَاز التَّسَرِّي عَلَى بِنْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ التَّزْوِيج عَلَيْهَا لِمَا وَقَعَ فِي حَدِيث الْمِسْوَر فِي كِتَابِ النِّكَاح، ودليل المسألة هذا الحديث، فمن زعم أن عليا لم يتسر على فاطمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - فقد أخطأ، والله أعلم.

(4/203)

قَالَ: وَكَانَ ذُو الْخَلَصَةِ بَيْتًا بِالْيَمَنِ لِخَثْعَمَ وَبَجِيلَةَ فِيهِ نُصُبٌ تُعْبَدُ يُقَالَ لَهُ الْكَعْبَةُ، زَادَ سُفْيَانُ: الْيَمانِيَة، قَالَ أَبُوأُسَامَةَ: قَالَ: فَأَتَاهَا فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ وَكَسَرَهَا، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ الْيَمَنَ كَانَ بِهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ, فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَا هُنَا, فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ يَضْرِبُهَا إِذْ وَقَفَ عَلَيْهِ جَرِيرٌ, فَقَالَ: لَتَكْسِرَنَّهَا وَلَتَشْهَدَنَّ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله أَوْ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ، قَالَ: فَكَسَرَهَا وَشَهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلًا مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا رَسُولَ الله, وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا جِئْتُ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، قَالَ: فَبَرَّكَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ.

وَخَرَّجَهُ في: باب منقبة جرير (3823) , وفِي بَابِ البشارة في الفتوح (3076) , وفِي بَابِ حرق النخيل والدور (3020) , وفِي بَابِ من لا يثبت على الخيل (3036) , وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه (6333).

بَاب غَزْوَةُ ذَاتِ السُّلَاسِلِ

وَهِيَ غَزْوَةُ لَخْمٍ وَجُذَامَ، قَالَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبِي خَالِدٍ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عُرْوَةَ: هِيَ بِلَادُ بَلِيٍّ وَعُذْرَةَ وَبَنِي الْقَيْنِ.

[2461] (4358) خ نَا إِسْحَاقُ, نا خَالِدٌ, عَنْ خَالِدٍ, عَنْ أبِي عُثْمَانَ: أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ» , قُلْتُ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ:

(4/204)

«أَبُوهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «عُمَرُ» , فَعَدَّ رِجَالًا فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ.

وَخَرَّجَهُ في: مناقب أبِي بكر (3662).

بَاب ذَهَابُ جَرِيرٍ إِلَى الْيَمَنِ

[2462] (4359) خ نا عَبْدُ الله بْنُ أبِي شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ, نا ابْنُ إِدْرِيسَ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي خَالِدٍ, عَنْ قَيْسٍ, عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كُنْتُ بِالْيَمَنِ فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَا كَلَاعٍ وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ ذُو عَمْرٍو: لَئِنْ كَانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ لَقَدِمَ (1) عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلَاثٍ، وَأَقْبَلَا مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقَالَوا: قُبِضَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُوبَكْرٍ وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقَالَا: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ الله، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ، فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ، قَالَ: أَفَلَا جِئْتَ بِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لِي ذُو عَمْرٍو: يَا جَرِيرُ إِنَّ بِكَ عَلَيَّ كَرَامَةً، وَإِنِّي مُخْبِرُكَ خَبَرًا، إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ كَانَتْ مُلُوكًا يَغْضَبُونَ غَضَبَ الْمُلُوكِ وَيَرْضَوْنَ رِضَا الْمُلُوكِ.

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل، وفي الصحيح: لَقَدْ مَرَّ.

(4/205)

بَاب غَزْوَةُ سِيفِ الْبَحْرِ وَهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ وَأَمِيرُهُمْ أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ (الْجَرَّاحِ)

[2463] (4326) (5493) خ نا مُسَدَّدٌ, نا يَحْيَى, عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ, قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو.

خ, و (5494) حدثني عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, و (4361) عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, نا عَمْرو, سَمِعْتُ جَابِرًا.

[2464] ح، و (2983) نا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ, أنا عَبْدَةُ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ وَهْبٍ.

خ, و (4360) نَا إِسْمَاعِيلُ, نا مَالِكٌ, عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ.

زَادَ سُفْيَانُ: يَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، ثَلَاثَ مِائَةِ رَاكِبٍ، وأَمِيرُنَا أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ.

قَالَ مَالِكٌ: قَالَ: فَخَرَجْنَا، فَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَادَ، فَأَمَرَ أَبُوعُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ الْجَيْشِ فَجُمِعَ فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، فَكَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: مَا تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ.

قَالَ سُفْيَانُ: فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ، فَسُمِّيَ جَيْش الْخَبَطِ، وَأَلْقَى الْبَحْرُ حوتا يُقَالَ لَهُ: الْعَنْبَرُ.

زَادَ ابنُ جُرَيْج: مَيِّتًا.

(4/206)

وقَالَ مَالِكٌ: قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهَا الْقَوْمُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.

زَادَ عَبْدَةُ: مَا شِئْنَا (1).

وزَادَ سُفْيَانُ: وَادَّهَنَّا بِوَدَكِهِ حَتَّى صَلَحَتْ أَجْسَامُنَا، فَأَخَذَ أَبُوعُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنَصَبَهُ فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَلِ رَحْلٍ مَعَهُ رَجُلًا وَبَعِيرًا فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ.

زَادَ مَالِكٌ: فَلَمْ يُصِبْهُمَا.

قَالَ عَمْرٌو: وأَخْبَرَنَا أَبُوصَالِحٍ: أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لابنه فِي الْجَيْشِ: انْحَرْ، قَالَ: فَنَحَرَ ثَلاثَ جَزَائِر ثُمَّ نَهَاهُ أَبُوعُبَيْدَةُ.

قَالَ ابنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي أَبُوالزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: قَالَ أَبُوعُبَيْدَةَ: كُلُوا، فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كُلُوا رِزْقًا أَخْرَجَهُ الله أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ» , فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَهُ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب حَمْلِ الزَادَ عَلَى الرِّقَابِ (2983) , لِقَوْلِ عَبْدَةَ فِيهِ: نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا.

وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} الآية (5493) (5494) , وفِي بَابِ الشركة في الطعام (2483).

بَاب وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ وقِصَّة مسيلمة والْعَنْسِيِّ

[2465] (4372) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, نا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أبِي سَعِيدٍ, سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالَ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي

_________

(1) في الصحيح: مَا أَحْبَبْنَا.

(4/207)

الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ» , فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ حَتَّى كَانَ (1) , ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ» , (قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ, إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ, فَقَالَ مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ) (2) قَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ، قَالَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» , فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، يَا مُحَمَّدُ وَالله مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَالله مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَالله مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ، قَالَ: لَا وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا وَالله لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2466] (7037) خ نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ, أخبرني عَبْدُ الرَّزَّاقِ, أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُوهُرَيْرَةَ.

[2467] (3620) (4373) خ ونَا أَبُوالْيَمَانِ, نا شُعَيْبٌ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبِي حُسَيْنٍ, نا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

_________

(1) هكذا في الأصل، والمعنى: إسأل من المال ما شئت يكون لك، وفي الصحيح: ما شئت، فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ، والمعنى عليه واضح.

(2) هذا ساقط في الأصل، فاستدركته من الصحيح، لاحتمال أن يكون نظر الناسخ قد انتقل.

(4/208)

[2468] (4378) (7033) خ ونا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ, نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا أَبِي, عَنْ صَالِحٍ, عَنْ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اسْمُهُ عَبْدُ الله, أَنَّ عُبَيْدَ الله بْنَ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ فِي دَارِ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَكَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ الله بْنِ عَامِرٍ بن كريز، فَأَتَاهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالَ لَهُ خَطِيبُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (1) فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ لَهُ مُسَيْلِمَةُ: إِنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْأَمْرِ ثُمَّ جَعَلْتَهُ لَنَا بَعْدَكَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ: «لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ وَفِي يَدِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِطْعَةُ جَرِيدٍ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ الله فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ الله، وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ وَهَذَا ثَابِتٌ سيُجِيبُكَ عَنِّي»، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ أُرَى الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ» , فَأَخْبَرَنِي أَبُوهُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ إسْوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ أَنْ انْفُخْهَا فَنَفَخَهَا فَطَارَا, فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي».

قَالَ عُبَيْدُ الله: أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِالْيَمَنِ وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةُ.

وقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ فِيهِ: «فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا» , يَعْنِي صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ.

_________

(1) هنا زيادة في الصحيح: (وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضِيبٌ)

(4/209)

وَخَرَّجَهُ في: بَاب النَّفْخِ فِي الْمَنَامِ (7037) , وفِي بَابِ إِذَا طَارَ الشَّيْءُ فِي الْمَنَامِ (7033) , وفِي بَابِ قِصَّةُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ (4378).

[2469] (4376) خ ونَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَهْدِيَّ بْنَ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ، يَقُولُ: كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ خْيَرًا مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الْآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا حَثْوَةً مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَا عَلَيْهِ ثُمَّ طُفْنَا بِهِ، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ قُلْنَا: مُنَصِّلُ الْأَسِنَّةِ، فَلَا نَدَعُ رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ وَلَا سَهْمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ إِلَّا نَزَعْنَاهُ فَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ.

[2470] (4377) وكُنْتُ يَوْمَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامًا أَرْعَى الْإِبِلَ عَلَى أَهْلِي، فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوجِهِ فَرَرْنَا إِلَى النَّارِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ.

بَاب وَفْدِ طَيِّئٍ وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ

[2471] (4394) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوعَوَانَةَ, نا عَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير, عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ, عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ فِي وَفْدٍ فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلًا رَجُلًا يُسَمِّيهِمْ، فَقُلْتُ: أَمَا تَعْرِفُنِي، أَمَا تَعْرِفُنِي (1) يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: بَلَى، أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَأعْرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا، فَقَالَ عَدِيٌّ: فَلَا أُبَالِي إِذًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِي بَابِ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَمَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ وَهِيَ غَزْوَةُ الْعُسْرَةِ.

_________

(1) هكذا كرر في الأصل.

(4/210)

حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ

[2472] (4418) خ نا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ, نا اللَّيْثُ, عَنْ عُقَيْلٍ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ (1) , عَنْ عَبْدِ الله بْنَ كَعْبِ, أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ (2) حِينَ عَمِيَ, قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ، قَالَ كَعْبٌ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ, إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ الله بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، كَانَ مِنْ خَبَرِي أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ، وَالله مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ (3) قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ غَزَاهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا، وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ

_________

(1) هكذا سَوْقُ الإسنادِ في نُسْخَتِنَا، وَلِلأكْثَرِ مِنْ رُواةِ الْبُخَارِيّ زيادة: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ) , وقيل إن الزُّهْرِيّ سَمِعَ هَذَا الْقَدْر مِنْ عَبْد اللَّه بْن كَعْب نَفْسه، وَسَمِعَ هَذَا الْحَدِيث بِطُولِهِ مِنْ وَلَده عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن كَعْب، فالله أعلم.

(2) كذا ثبت في النسخة، وقَالَ الحافظ: وَقَعَ فِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ هُنَا " مِنْ بَيْته "أهـ ولم يشر إلى ذلك في نسختنا، والله أعلم.

(3) في الأصل: راحلتين.

(4/211)

غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرٌ وَلَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ، يُرِيدُ الدِّيوَانَ.

قَالَ كَعْبٌ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلَّا ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى (1) لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ الله، وَغَزَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتْ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْبِضْ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِي حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ (2) فَأَصْبَحَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا، فَقُلْتُ: أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لِأَتَجَهَّزَ فَرَجَعْتُ فَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَسْرَعُوا (3) وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أَنِّي لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ الله مِنْ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ: «مَا فَعَلَ كَعْبُ بنُ مالكٍ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ الله حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَنَظَرُهُ فِي عِطْفِهِ، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَالله يَا رَسُولَ الله مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

_________

(1) هكذا في نسختنا موافق لرِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ، ولغيرهم: ظَنَّ أَنَّهُ سَيَخْفَى.

(2) هكذا في نسختنا موافق لرِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ، ولغيرهم: حَتَّى اِشْتَدَّ النَّاس الْجِدّ.

(3) قَالَ الحافظ: وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " حَتَّى شَرَعُوا " بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ.

(4/212)

قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلًا حَضَرَنِي هَمِّي وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا، وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي، فَلَمَّا قِيلَ إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ فَطَفِقُوا يَعْذِرُونَ (1)

إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى الله، فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ, ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَ» , فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: «مَا خَلَّفَكَ، أَلَمْ تَكُنْ قَدْ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟» , فَقُلْتُ: بَلَى، إِنِّي وَالله لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، وَلَكِنِّي وَالله لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ الله أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ وتَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ الله، لَا وَالله مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَالله مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ الله فِيكَ» , فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي فَقَالَوا لِي: وَالله مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُتَخَلِّفُونَ، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَوَالله مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ

_________

(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: يعتذرون ..

(4/213)

أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالَوا: نَعَمْ، رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ مَا قُلْتَ فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ، فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ قَالَوا: مُرَارَةُ بْنُ رَبِيعٍ الْعَمْرِيُّ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي، وَنَهَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الْأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ) (1)

, وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ عَلَيَّ أَمْ لَا، ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ، وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَالله مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ بِالله فَهَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ، فَسَكَتَ فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَقَالَ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ الْمَدِينَةِ إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّامِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ، يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا جَاءَنِي دَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا (بَعْدُ) فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ الله

_________

(1) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ ..

(4/214)

بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِيكَ (1)، فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا: وَهَذَا أَيْضًا مِنْ الْبَلَاءِ، فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنْ الْخَمْسِينَ، إِذَا رَسُولُ الرَسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينِي فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْزِلَ (2) امْرَأَتَكَ، فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لَا بَلْ اعْتَزِلْهَا وَلَا تَقْرَبْهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ الله فِي هَذَا الْأَمْرِ.

قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتْ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: «لَا وَلَكِنْ لَا يَقْرَبْكِ» , قَالَتْ: إِنَّهُ وَالله مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَالله مَا زَالَ يَبْكِي مُذْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا، فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوْ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ، فَقُلْتُ: وَالله لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ، فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِنَا، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ الله: قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ, فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، فَأذِنَ النبيُّ

_________

(1) هكذا في الأصل، وفي الصحيح: نواسك.

(2) كذا في الأصل، وفي الصحيح: تعتزل.

(4/215)

صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ الله عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ الْفَرَسِ فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ، وَالله مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا, وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّؤنِي بِالتَّوْبَةِ, ويَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ الله عَلَيْكَ، قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا بِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ, فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ الله يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَالله مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السُّرُورِ: «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُذْ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ» , قَالَ: قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ الله أَمْ مِنْ عِنْدِ الله؟ قَالَ: «لَا, بَلْ مِنْ عِنْدِ الله» , وَكَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى الله وَإِلَى رَسُولِه، قَالَ

رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» , قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ الله إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لَا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ، فَوَالله مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ الله فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مُذْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي مَا تَعَمَّدْتُ مُذْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي الله فِيمَا بَقِيتُ، فَأَنْزَلَ الله عَلَى

(4/216)

رَسُولِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ} إلَى قَوْلِهِ {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} فَوَالله مَا أَنْعَمَ الله عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ (بَعْدَ) (1) أَنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ الله قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ، فَقَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} إلَى قَوْلِهِ {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}.

قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى الله فِيهِ فَبِذَلِكَ قَالَ الله: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ الله مِمَّا خُلِّفْنَا عَنْ الْغَزْوِ وإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب إِذَا أَوْقَفَ بَعْضَ مَالِهِ أَوْ بَعْضَ رَقِيقِهِ أَوْ دَوَابِّهِ فَهُوَ جَائِزٌ مختصرا (2757) , وفِي بَابِ هَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَ المحبوسين وَأَهْلَ الْمَعْصِيَةِ مِنْ الْكَلَامِ وَالزِّيَارَةِ وَنَحْوِهِ (7225) , وفِي بَابِ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى مَنْ اقْتَرَفَ ذَنْبًا (6255) وفِي بَابِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} الآية (4673) , وفِي بَابِ {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} الآية مختصرا (4676) , وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} الآية (4677) , وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (4678) , وفِي بَابِ مَنْ أَرَادَ غَزْوَةً

_________

(1) زيادة من الصحيح سقطت من الأصل.

(4/217)

فَوَرَّى بِغَيْرِهَا وَمَنْ أَحَبَّ الْخُرُوجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ (2947 2950) , وفِي بَابِ إِذَا أَهْدَى مَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَالتَّوْبَةِ (6690).

بَاب

[2473] (4423) خ نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله, نا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ» , قَالَوا: يَا رَسُولَ الله وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: «هُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ».

بَاب مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ

وَقَوْلِ الله تبارك وتعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} الآية.

[2474] (4428) خ: وَقَالَ يُونُسُ, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «يَا عَائِشَةُ مَا زَالَ لَمْ أَجِدْ (1) أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ, فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقَطَعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ» (2).

[2475] (4586) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ حَوْشَبٍ, حَدَّثَني إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عُرْوَةَ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» , فَكَانَ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي

_________

(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: " مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ "، وفي البيهقي: "إنِّي أَجِدُ أَلَمَ"

(2) رواه البيهقي في السنن 10/ 11، وقَالَ: اخرجه البخاري في الصحيح فقَالَ: وقَالَ يُونُسُ أهـ

(4/218)

قُبِضَ فِيهِ أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ» , فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَخَرَّجَهُ في: تفسير {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} الآية (4586).

[2476] (4437) خ نَا أَبُوالْيَمَانِ, أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, قَالَ عُرْوَةُ, الحديث وزَادَ: قَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُحَيَّا أَوْ يُخَيَّرَ» , فَلَمَّا اشْتَكَى وَحَضَرَهُ الْقَبْضُ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِ عَائِشَةَ غُشِيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ شَخَصَ بَصَرُهُ نَحْوَ سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ: «اللهمَّ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى» , فَقُلْتُ: إِذًا لَا تُجَاوِرُنَا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حَدِيثُهُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ.

وَخَرَّجَهُ في: باب التعوذ من جهد البلاء (6348) (1).

[2477] (4440) خ ونَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ المُخْتَارِ, نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ, عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ, أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ, أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ مُسْنِدٌ إِلَيَّ ظَهْرَهُ يَقُولُ: «اللهمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ».

[2478] (4447) خ ونا إِسْحَاقُ, نا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أبِي حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الله بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ، أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عَبَّاسٍ, أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ, خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

_________

(1) في الباب الذي يليه.

(4/219)

فَقَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ الله بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: أَلاَ تَرَاهُ (1)، أَنْتَ وَالله بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا، وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيُتَوَفَّى في وَجَعِهِ هَذَا، وإِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الْأَمْرُ، فإِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا أَمَرَنَا فَأَوْصَى بِنَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّا وَالله لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ أبدًا، وَإِنِّي لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبدًا.

وَخَرَّجَهُ في: الأخذ باليمين في المعانقة (6266).

[2479] (4446) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, نا اللَّيْثُ, حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لَبَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي فَلَا أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لِأَحَدٍ أَبَدًا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2480] (4463) خ نَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ, نا عَبْدُ الله, قَالَ يُونُسُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَائِشَةَ.

[2481] (4438) خ ونا مُحَمَّدٌ (2) , نا عَفَّانُ, عَنْ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ.

[2482] (4449) ونا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ, نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ, عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ, أَنَّ أَبَا عَمْرٍو.

_________

(1) هذه الزيادة في رواية الأصيلي ليست لغيره فيما يظهر، والله أعلم.

(2) هكذا هو النسخة، وعامة النسخ، غير منسوب، قيل: هو الذهلي (المعلم: ص293).

قلت: وَسَقَطَ ذكر محمد عِنْد اِبْن السَّكَن فَصَارَ مِنْ رِوَايَة الْبُخَارِيّ عَنْ عَفَّانَ بِلَا وَاسِطَة.

(4/220)

(4451) خ ونَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ, عَنْ عَائِشَةَ.

(4450) خ ونا إِسْمَاعِيلُ, قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ, قَالَ هِشَامٌ بْنُ عُرْوَةَ, أَخْبَرَنِي أَبِي, عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَقُولُ: «أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا» , يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ, (فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ) (1) حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ الله وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي.

زَادَ حَمَّادٌ: فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الدُّنْيَا وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الْآخِرَةِ.

قَالَ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ فيه: عِنْدَ مَوْتِهِ دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أبِي بكر وَبِيَدِهِ سِوَاكٌ.

وقَالَ حَمَّادٌ عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ: بِجَرِيدَةٍ رَطْبَةٍ.

قَالَ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ: وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ، فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: أُلَيِّنُهُ لَكَ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ فَلَيَّنْتُهُ فَأَمَرَّهُ.

زَادَ ابْنُ القَاسِمِ قَالَ: فَقَصَمْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسْتَنُّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ.

_________

(1) سَقَطَ عَلَى النَّاسِخِ ما بين القوسين.

(4/221)

قَالَ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ فيه: وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أَوْ عُلْبَةٌ يَشُكُّ عُمَرُ فِيهَا مَاءٌ فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا الله إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ» , ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: «فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى».

زَادَ ابنُ القَاسِمِ: ثَلَاثًا ثُمَّ قَضَى.

قَالَ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ: وَمَالَتْ يَدُهُ.

زَادَ ابنُ الْمُسَيَّبِ: قَالَتْ: فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ (تَكَلَّمَ) بِهَا: «اللهمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَنْ تَسَوَّكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ (890) , وفِي بَابِ مَا جَاءَ فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3100)، وفِي بَابِ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4463) , وفِي بَابِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ (6510) , وفِي بَابِ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ الله أَحَبَّ الله لِقَاءَهُ (6509) , وفِي بَابِ التعوذ من جهد البلاء (6348).

[2483] (4462) خ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا حَمَّادٌ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَا كَرْبَ أَبَاهُ، فَقَالَ: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ» , فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ، فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ عَلَى أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ.

(4/222)

بَاب وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[2484] (4464) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ نا شَيْبَانُ, عَنْ يَحْيَى, عَنْ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ عَائِشَةَ, وَابْنِ عَبَّاسِ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا.

[2485] (3536) (4466) خ ونَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, نا اللَّيْثُ, عَنْ عُقَيْلٍ, عَنْ ابْنُ شِهَابٍ, عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ.

[2486] (3851) خ ونَا أَحْمَدُ بْنُ أبِي رَجَاءٍ, نا النَّضْرُ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ, فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ, ثُمَّ تُوُفِّيَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2487] (5900) خ ونَا إِسْمَاعِيلُ, نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ, عَنْ رَبِيعَةَ, عَنْ أَنَسٍ, أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: بَعَثَهُ الله عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً, فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ, وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ, وَتَوَفَّاهُ الله عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ.

قَالَ الْمُهَلَّبُ:

لَيْسَ بِيْنَ الأَحَادِيثِ اخْتِلافٌ كَمَا يَظُنُّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، إِلاَّ أَنَّ أَحَادِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعائِشَةَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَتِّينَ، لِأَنَّ قَوْلَهُمَا فِي حَدِيثِهِمَا: لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَهْوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: ثَلاثٍ وَسِتِّينَ إِذَا

(4/223)

انْفَرَدَ، لأَنَّ الثَّلاثَةَ الأَعْوَامِ الَّتِي فَتَرَ عَنْهُ فِيهَا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ بَعْدَ أَنْ نُبِّئَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، ثُمَّ فَتَرَ عَنْهُ الْوَحْيُ، حَتَّى كَانَ يَغْدُو إِلَى رُؤوسِ الِجَبالِ لِيَتَردَّى مِنْهَا حَزَنًا عَلَى مَا كَانَ فَقَدَ مِنْ الْوَحْيِ، حَتَّى كَانَ يَبْدُو لَهُ جِبْرِيلُ فَيَقُولُ لُهُ: أَنْتَ النَّبِيُّ حَقًّا, ثُمَّ نَزَلَ عَلَيهِ: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ}، فَأُمِرَ بِالرِّسَالَةِ، ثُمَّ لَمْ يَفْتُرْ عَنْهُ الْوَحِيُ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ تَتَابَعَ، فَلِذَلِكَ اَشْتَرَطَتْ فِيهَ وَابْنُ عَبَّاسٍ: ثَلاثَ عَشْرَةَ بِمَكَّةّ (عَشْرَة) (1) يَنْزِلُ عَلَيهِ الْوَحْيُ، أَيْ أَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ بَقِيَ ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهَا الْوَحْيُ، فَكَانَتْ فَتْرَةً بَيْنَ نُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ مِنْ ثَلاثِ سِنينَ.

وَحَدِيثُ أَنَسٍ هُوَ مِنْ قَوْلِهِ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَشْهَدْ هُوَ مَقَامَهُ بِمَكَّةِ كَمَا شَهِدَتْ عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَيُخْبِرُ عَنْ مُشَاهَدَتِهِ، وَلَكِنْ سَمِعَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَذَهَبَ عَنْهُ مَعْنَى يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، أَوْ عَلَى الرَّاوِي لِحَدِيثِهِ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ مِنْ العَدَدِ أَكْثَر مِن سِتِّينَ، فَقَالَ بِذَلكَ عَنْهُ الْمُحَدِّثُ، فَالله أَعَلَمُ مِمَّنْ الاخْتِصَارُ فِي ذَلِكَ أَوْ التَّقْصِيرُ.

وَحَدِيثُ أَهْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ الْمُرَاعِينَ لِحَرَكَاتِه، وَالمُتَحَفِّظِينَ لِأُمُورِهِ، وَالضَّابِطِينَ لَهَا، ... , أَوْلَى مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدْ، وَاللهُ أَعْلَمُ (2).

_________

(1) زيادة لا بد منها لتصحيح مساق المهلب.

(2) جَمْعُ الْمُهَلَّبِ بَيْن الأَحَادِيثِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرَيْنِ:

الأَوَّل: اعْتِمادُ أنَّ فَترةَ الوَحْيِ هِي ثَلاثُ سِنينَ، وَهْي الْمُدَّة بَيْن التَّنَبُّيءِ وَالإِرْسَالِ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَقَعَ فِي تَارِيخ أَحْمَد بْن حَنْبَل عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ مُدَّة فَتْرَة الْوَحْي كَانَتْ ثَلَاث سِنِينَ، وَبِهِ جَزَمَ اِبْن إِسْحَاق، وَحَكَى الْبَيْهَقِيّ أَنَّ مُدَّة الرُّؤْيَا كَانَتْ سِتَّة أَشْهُر، وَعَلَى هَذَا فَابْتِدَاء النُّبُوَّة بِالرُّؤْيَا وَقَعَ مِنْ شَهْر مَوْلِده وَهُوَ رَبِيع الْأَوَّل بَعْد إِكْمَاله أَرْبَعِينَ سَنَة، وَابْتِدَاء وَحْي الْيَقَظَة وَقَعَ فِي رَمَضَان.

وَلَيْسَ الْمُرَاد بِفَتْرَةِ الْوَحْي الْمُقَدَّرَة بِثَلَاثِ سِنِينَ وَهِيَ مَا بَيْن نُزُول " اِقْرَأْ " وَ " يَا أَيّهَا الْمُدَّثِّر " عَدَم مَجِيء جِبْرِيل إِلَيْهِ، بَلْ تَأَخُّر نُزُول الْقُرْآن فَقَطْ.

ثُمَّ رَاجَعْت الْمَنْقُول عَنْ الشَّعْبِيِّ مِنْ تَارِيخ الْإِمَام أَحْمَد، وَلَفْظه مِنْ طَرِيق دَاوُدَ بْن أبِي هِنْد عَنْ الشَّعْبِيِّ: أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّة وَهُوَ اِبْن أَرْبَعِينَ سَنَة فَقُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيل ثَلَاث سِنِينَ فَكَانَ يُعَلِّمهُ الْكَلِمَة وَالشَّيْء، وَلَمْ يَنْزِل عَلَيْهِ الْقُرْآن عَلَى لِسَانه فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاث سِنِينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيل، فَنَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآن عَلَى لِسَانه عِشْرِينَ سَنَة.

وَأَخْرَجَهُ اِبْن أبِي خَيْثَمَةَ مُخْتَصَرًا عَنْ دَاوُدَ بِلَفْظِ: بُعِثَ لِأَرْبَعِينَ، وَوُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيل ثَلَاث سِنِينَ، ثُمَّ وُكِّلَ بِهِ جِبْرِيل. فَعَلَى هَذَا فَيَحْسُن بِهَذَا الْمُرْسَل إِنْ ثَبَتَ الْجَمْع بَيْن الْقَوْلَيْنِ فِي قَدْر إِقَامَته بِمَكَّةَ بَعْد الْبَعْثَة، فَقَدْ قِيلَ ثَلَاث عَشْرَة، وَقِيلَ عَشْر، وَلَا يَتَعَلَّق ذَلِكَ بِقَدْرِ مُدَّة الْفَتْرَة، وَاَللَّه أَعْلَم.

قَالَ: وَأَخَذَ السُّهَيْلِيّ هَذِهِ الرِّوَايَة فَجَمَعَ بِهَا الْمُخْتَلِف فِي مُكْثه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة، فَإِنَّهُ قَالَ: جَاءَ فِي بَعْض الرِّوَايَات الْمُسْنَدَة أَنَّ مُدَّة الْفَتْرَة سَنَتَانِ وَنِصْف، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى أَنَّ مُدَّة الرُّؤْيَا سِتَّة أَشْهُر، فَمَنْ قَالَ مَكَثَ عَشْر سِنِينَ حَذَفَ مُدَّة الرُّؤْيَا وَالْفَتْرَة، وَمَنْ قَالَ ثَلَاث عَشْرَة أَضَافَهُمَا. وَهَذَا الَّذِي اِعْتَمَدَهُ السُّهَيْلِيّ مِنْ الِاحْتِجَاج بِمُرْسَلِ الشَّعْبِيّ لَا يَثْبُت، وَقَدْ عَارَضَهُ مَا جَاءَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ مُدَّة الْفَتْرَة الْمَذْكُورَة كَانَتْ أَيَّامًا أهـ.

وَهَذَا الَّذِي حَكَاُه السُّهَيْلِيُّ سَبَقَهُ إِلَيْهِ الْمُهَلَّبُ كَمَا تَرَى، إِلاَّ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّة الْمَزعُومة في فَتْرَة الْوَحْيِ لا تَثْبُت، وَالله أَعلمُ.

الثَّاني: عَمَدَ الْمَهَلَّبُ إِلى التَّرْجِيحِ بَيْنَ الرِّوَاياتِ، مُقَدِّمًا رِوَايةَ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ذَكَرَ الشُّرَّاحُ مَا فِي ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

وَلِلاسْتِزَادَة: رَاجِعْ الروض الأنف 1/ 420، سبيل الهدى والرشاد 2/ 273.

(4/224)

وَخَرَّجَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ بِسِنِّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مبعث النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3851) , وفِي بَابِ صفة النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3536) (3547) (3548) , وفِي بَابِ علامات النبوة (؟) , وفي فضائل القرآن وكيف نزل الوحي أول ما نزل (4978) , وفِي بَابِ هجرة النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3902) (3903).

(4/225)

بَاب كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[2488] (4471) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ رَجَاءٍ, نا إِسْرَائِيلُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ كَمْ غَزَوْتَ مَعَ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ، قُلْتُ: كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ.

[2489] (4472) قَالَ: ونَا الْبَرَاءُ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ عَشْرَةَ.

[2490] (4473) خ ونا أَحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ, نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلَالٍ, نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ, عَنْ كَهْمَسٍ, عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَزَا مَعَ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً.

تَمَّ كِتَابُ الْمَغَازِي

(4/226)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

67 - كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} اسْمَانِ مِنْ الرَّحْمَةِ, الرَّحِيمُ وَالرَّاحِمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَالْعَلِيمِ وَالْعَالِمِ.

بَاب مَا جَاءَ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْكِتَابِ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ, {الدِّين} الْجَزَاءُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ {الدِّين} الْحِسَابِ, {مَدِينِينَ} مُحَاسَبِينَ.

[2491]- (4474) خ نا مُسَدَّدٌ, نا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ, عَنْ أبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي, فَقَالَ: «أَلَمْ يَقُلْ الله {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}» ثُمَّ قَالَ لِي: «لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ» ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السورِ فِي الْقُرْآنِ, قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ».

وَخَرَّجَهُ في: سورة الأنفال فِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (4647) وفِي بَابِ قوله {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} في سورة الحجر (4703) , وفي فضل فاتحة الكتاب (5006).

(4/227)

باب تفسير سُورَة الْبَقَرَةِ

وقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} أَصْحَابِهِمْ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُشْرِكِينَ, {مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} الله جَامِعُهُمْ, و {بِقُوَّةٍ} بِعَمَلٍ بِمَا فِيهِ.

وَقَالَ أَبُوالْعَالِيَةِ: {مَرَضٌ} شَكٌّ, {صَبْغَةَ} دِين, {وَمَا خَلْفَهَا} عِبْرَةٌ لِمَنْ بَقِيَ, {لَا شِيَةَ} لَا بَيَاضَ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَسُومُونَكُمْ} يُولُونَكُمْ, {الْوَلَآيَة} مَفْتُوحَةٌ مَصْدَرُ الْوَلَاءِ وَهِيَ الرُّبُوبِيَّةُ وإِذَا كُسِرَتْ الْوَاوُ فَهِيَ الامَارَةُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْحُبُوبُ الَّتِي تُؤْكَلُ كُلُّهَا فُومٌ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: {فَبَاءُوا} انْقَلَبُوا, {ويَسْتَفْتِحُونَ} يَسْتَنْصِرُونَ, {شَرَوْا} بَاعُوا, رَاعِنَا: مِنْ الرُّعُونَةِ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُحَمِّقُوا إِنْسَانًا قَالَوا رَاعِنًا, {لَا تَجْزِي} لَا تُغْنِي, {خُطُوَاتِ} مِنْ الْخَطْوِ وَالْمَعْنَى آثَارَهُ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَنُّ صَمْغَةٌ وَالسَّلْوَى طَيْرٌ, {رَغَدًا} وَاسِعا كَثِيرا.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: جَبْرَ وَمِيكَ وَسَرَافِ عَبْدٌ, والإِيل الله.

بَاب

{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}

[2492]- (3403) نا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ, نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ وَقَالَوا حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ».

(4/228)

وَخَرَّجَهُ في: قوله {وَقُولُوا حِطَّةٌ} في سورة الأعراف (4641) , وفِي بَابِ ذكر بني إسرائيل (3403).

بَاب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ

{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا}

[2492]- (4481) خ نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ و (5005) صَدَقَةُ بنُ الْفَضْلِ قَالَاَ: نا يَحْيَى نا سُفْيَانُ, عَنْ حَبِيبٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ عُمَرُ: أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ, وَأَقْضَانَا عَلِيٌّ, وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أبِي.

وَقَالَ صَدَقَةُ: مِنْ لَحْنِ أبِي.

وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ: لَا أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَدْ قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب الْقُرَّاءِ مِنْ أَصْحَابِ الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (5005).

بَاب قول الله عَزَّ وَجَلَّ

{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ}

[2493]- (4482) خ نَا أَبُوالْيَمَانِ, أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبِي حُسَيْنٍ, نا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ الله تبارك وتعالى: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ, فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَزَعَمَ أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ, وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ لِي وَلَدٌ فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا».

بَاب

{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

{مَثَابَةً} يَثُوبُونَ يَرْجِعُونَ.

(4/229)

[2494]- (4483) (4790) خ نَا مُسَدَّدٌ, نا يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ, خ, و (402) (4916) نَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ, نا هُشَيْمٌ, عَنْ حُمَيْدٍ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ.

زَادَ مسدد: وَ (1) وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلَاثٍ.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله لَوْ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}.

وَآيَة الْحِجَابِ, قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَابِ.

وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَا جَاءَ فِي الْقِبْلَةِ وَمَنْ لَمْ يَرَ الاعَادَةَ عَلَى مَنْ سَهَا فَصَلَّى إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ (402) , وفِي بَابِ {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ} (4790) , وفِي بَابِ {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ} الآيَة (4916).

بَاب قول الله عَزَّ وَجَلَّ

{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}

[2495]- (4485) (7362) (7542) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ, عَنْ يَحْيَى بْنِ أبِي كَثِيرٍ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الاسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ الله

_________

(1) في الصحيح: أو وافقني.

(4/230)

صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآيَة».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ» (7362) , وفِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْرَاةِ وكُتُبِ الله بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا لِقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (7542).

بَاب

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}

[2496]- (4487) خ نَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ, نا جَرِيرٌ, عَنْ الاعْمَشِ, عَنْ أبِي صَالِحٍ , عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ, فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ, فَيُقَالَ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ, فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ, فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}»، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ.

وَخَرَّجَهُ في: كتاب التمني بمثل الترجمة (7349) , وفِي الأنبياء باب قوله {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} (3339).

بَاب

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} إلَى قَوْلِهِ {عَمَّا تَعْمَلُونَ}

(4/231)

[2497]- (4489) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ غَيْرِي.

بَاب

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى {عَلِيمٌ}

الشَعَائِرُ عَلَامَاتٌ وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الصَّفْوَانُ الْحَجَرُ, وَيُقَالَ الْحِجَارَةُ الْمُلْسُ الَّتِي لَا تُثْبِتُ شَيْئًا, وَالْوَاحِدَةُ صَفْوَانَةٌ بِمَعْنَى الصَّفَا وَالصَّفَا لِلْجَمِيعِ.

تَقَدَّمَ مَا فِيهِ في الْحَجِّ.

بَاب

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا}

أَضْدَادًا وَاحِدُهَا نِدٌّ.

قَدْ خَرَّجَ مَا فِيهِ فِي بَابِ مَنْ كَانَ آخر كَلامِهِ لا إِلَه إِلاَّ الله, وفِي بَابِ من قَالَ لَا أَتَكَلَّمُ الْيَوْمَ فَصَلَّى أَوْ قَرَأَ أَوْ كَبَّرَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ حَمِدَ أَوْ هَلَّلَ فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ, وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الْكَلَامِ لَا إِلَهَ إِلَّا الله».

بَاب

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}

[2498]- (4498) خ نَا الْحُمَيْدِيُّ, نا سُفْيَانُ, نا عَمْرٌو قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمْ الدِّيَةُ, قَالَ الله لِهَذِهِ الامَّةِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} فَالْعَفْوُ أَنْ تَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} يَتَّبِعُ بِالْمَعْرُوفِ وَيُؤَدِّي بِإِحْسَانٍ {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ

(4/232)

رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ.

[2499]- (4611) خ نَا مُحَمَّدٌ, نا الْفَزَارِيُّ, عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ.

(2703) (4499) ح ونا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الانْصَارِيُّ, نا حُمَيْدٌ هُوَ الطَّوِيلُ, أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ: أَنَّ الرُّبَيِّعَ وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ.

[(4500) خ نا عَبْدُ الله بْنُ مُنِيرٍ, سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ بَكْرٍ السَّهْمِيَّ, نا حُمَيْدٌ, عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ] (1)، فَطَلَبُوا إليها الْعَفْوَ فَأَبَوْا وعرضوا الارْشَ فَأَبَوْا فَأَتَوْا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَوْا إِلَّا الْقِصَاصَ, فَأَمَرَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِصَاصِ, فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا رَسُولَ الله أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَنَسُ كِتَابُ الله الْقِصَاصُ» فَرَضِيَ الْقَوْمُ.

زَادَ الْفَزَارِيُّ: وَقَبِلُوا الارْشَ.

وقَالَ السَّهْمِيُّ: فَعَفَوْا, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ الله مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى الله لَأَبَرَّهُ».

وَخَرَّجَهُ في: سورة المائدة باب {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (4611) , وبَابِ الصلح في الدية (2703) , وباب قوله {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} في الجهاد (2806).

_________

(1) زدت هذا الإسناد لأنه سقط على الناسخ فالمهلب إنما ساق متنه، وسيعيد زيادته وذكره آخر الحديث.

(4/233)

بَاب

قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} إلَى قَوْلِهِ {تَعْلَمُونَ}.

وَقَالَ عَطَاءٌ: يُفْطِرُ مِنْ الْمَرَضِ كُلِّهِ كَمَا قَالَ الله, وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الْمُرْضِعِ أَوْ الْحَامِلِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدَيْهِمَا يُفْطِرَانِ ثُمَّ يَقْضِيَانِ, وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقْ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ, قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ {يُطِيقُونَهُ} وَهْوَ أَكْثَرُ.

[2500]- (4505) خ نا إِسْحَاقُ, نا رَوْحٌ, نا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ, نا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ, عَنْ عَطَاءٍ, سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (1).

وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعونَ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.

بَاب

{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} الآيَة

[2501]- (4507) خ نَا قُتَيْبَةُ, نا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ, عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ, عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ الله, عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الاكْوَعِ, عَنْ سَلَمَةَ بن الأكوع قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ يَفْتَدِيَ حَتَّى نَزَلَتْ الآيَة الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا.

_________

(1) في الأصل: مساكين، على قراءة نافع.

(4/234)

قَالَ مُحَمَّدٌ (1): مَاتَ بُكَيْرٌ قَبْلَ يَزِيدَ.

بَاب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ

{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}

[2502]- (4509) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ حُصَيْنٍ, و (4510) نا قُتَيْبَةُ, نا جَرِيرٌ, عَنْ مُطَرِّفٍ, عَنْ الشَّعْبِيِّ, و (1916) نَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ, نا هُشَيْمٌ, نا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ الشَّعْبِيِّ, عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} عَمَدْتُ إِلَى عِقَالَ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالَ أَبْيَضَ فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي.

[فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لِي فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (2).

قَالَ هُشَيْمٌ: فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ إنْ (3) كَانَ الْخَيْطُ الابْيَضُ وَالاسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ» (4).

وقَالَ مُطَرِّفٌ: قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله مَا الْخَيْطُ الابْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الاسْوَدِ, أَهُمَا الْخَيْطَانِ؟ قَالَ: «إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ» , قَالَ: «لَا بَلْ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ».

وخرجهما (5) في الصيام (1916) (1917).

_________

(1) يعني البخاري.

(2) هذه التكملة في الصحيح، والموضع مختل في النسخة.

(3) إن هنا وفي حديث مطرف بالكسر على الشرطية، ولا يصح الفتح كما قَالَ القاضي عياض في المشارق1/ 72.

(4) ليس هذا في حديث هشيم بل في أبِي عوانة.

(5) قوله: خرجهما يدل أنه ساق حديث سهل أيضا، وأسقطه الناسخ:

قَالَ البخاري: نَا ابْنُ أبِي مَرْيَمَ نا أَبُوغَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنِي أَبُوحَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: وَأُنْزِلَتْ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الابْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الاسْوَدِ)، وَلَمْ يُنْزَلْ (مِنْ الْفَجْرِ)، وَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الْخَيْطَ الابْيَضَ وَالْخَيْطَ الاسْوَدَ، وَلَا يَزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهُ (مِنْ الْفَجْرِ) فَعَلِمُوا أَنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ.

(4/235)

بَاب

{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

[2503]- (1803) خ نَا أَبُوالْوَلِيدِ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة فِينَا, فَكَانَتْ الانْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَجَاءُوا لَمْ يَدْخُلُوا مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ, وَلَكِنْ مِنْ ظُهُورِهَا, فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الانْصَارِ فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ بَابِهِ فَكَأَنَّهُ عُيِّرَ بِذَلِكَ فَنَزَلَتْ {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}.

وَخَرَّجَهُ في: الحج بمثل هذا (1803).

بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ

{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}

[2504]- (1523) خ نَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ, نا شَبَابَةُ, عَنْ وَرْقَاءَ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ, فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ فَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}.

(4/236)

بَاب

{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} إلى {الْمُحْسِنِينَ}

التَّهْلُكَةُ وَالْهَلَاكُ وَاحِدٌ.

[2505]- (4516) خ نَا إِسْحَاقُ, نا النَّضْرُ, أخبرنا شُعْبَةُ, عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي النَّفَقَةِ.

بَاب

{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}

[2506]- (4518) خ نَا مُسَدَّدٌ, نا يَحْيَى, عَنْ عِمْرَانَ أبِي بَكْرٍ, نا أَبُورَجَاءٍ, عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ آيَة الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ الله, فَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ الْبُخَارِيُّ: وَيُقَالَ إِنَّهُ عُمَرُ.

وَخَرَّجَهُ في: الحج (1571).

بَاب

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}

[2507]- (6389) خ نَا مُسَدَّدٌ, نا عَبْدُ الْوَارِثِ, عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ».

وَخَرَّجَهُ في: الدعاء بمثله (6389).

(4/237)

بَاب

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ} إلَى قَوْلِهِ {قَرِيبٌ}.

[2508]- (4524) خ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, أَخْبَرَنَا هِشَامٌ, عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} خَفِيفَةً, قَالَ: ذَهَبَ بِمَا هُنَالكَ, وَتَلَا {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}.

[2509]- (4525) فَلَقِيتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ, قَالَ: فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَعَاذَ الله, وَالله مَا وَعَدَ الله رَسُولَهُ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا عَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ, وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ الْبَلَاءُ بِالرُّسُلِ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَكُونَ مَنْ مَعَهُمْ يُكَذِّبُوهُمْ, فَكَانَتْ تَقْرَؤُهَا {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا} مُثَقَّلَةً.

وَخَرَّجَهُ في: سورة يوسف مختصرا باب {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} (4695).

بَاب

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} إلَى قَوْلِهِ {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}

[2510]- (4526) خ نَا إِسْحَاقُ, أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ, أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ, فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ, قَالَ: تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ؟ قُلْتُ: لَا, قَالَ: نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ثُمَّ مَضَى.

(4/238)

[2511]- (4527) خ: وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ, حَدَّثَنِي أَبِي, حَدَّثَنِي أَيُّوبُ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قَالَ: يَأْتِيهَا فِي.

[2512]- (4528) خ ونَا أَبُونُعَيْمٍ, نا سُفْيَانُ, عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ: كَانَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ, فَنَزَلَتْ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}.

بَاب

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} الآيَة

[2513]- (4530) خ نا أُمَيَّةُ, نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, عَنْ حَبِيبٍ هُو ابنُ الشَّهِيدِ, عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} نَسَخَتْهَا الآيَة الاخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا أَوْ تَدَعُهَا؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ.

[2514]- (4532) خ نَا حِبَّانُ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ الْمُبَارَكِ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ عَوْنٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عُظْمٌ مِنْ الانْصَارِ, وَفِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِي لَيْلَى, فَذَكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ, فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَلَكِنَّ عَمَّهُ كَانَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ, قُلْتُ: إِنِّي لَجَرِيءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي جَانِبِ الْكُوفَةِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ, قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ أَوْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ قُلْتُ له: كَيْفَ كَانَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهْيَ حَامِلٌ؟ فَقَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلَا تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ, لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى.

(4/239)

بَاب

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}

[2515]- (4111) خ نا إِسْحَاقُ, نا رَوْحٌ, حَدَّثَنَا هِشَامٌ, عَنْ مُحَمَّدٍ, عَنْ عَبِيدَةَ, عَنْ عَلِيِّ بن أبِي طالبٍ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: «مَلَأَ الله عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْهَزِيمَةِ (1) وَالزَّلْزَلَةِ (2931) (6396) , وفِي بَابِ غزوة الخندق (4111).

بَاب

{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} مُطِيعِينَ.

[2516]- (4534) خ نَا مُسَدَّدٌ, نا يَحْيَى, عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي خَالِدٍ, عَنْ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ, عَنْ أبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ, يُكَلِّمُ أَحَدُنَا أَخَاهُ فِي حَاجَتِهِ, حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ.

وَخَرَّجَهُ في: باب النَّهْي عَن الْكَلامِ في الصَّلَاةِ (1200).

بَاب

{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}

يقَالَ يَئُودُهُ يُثْقِلُهُ آدَنِي أَثْقَلَنِي, وَالادُ وَالايْدُ الْقُوَّةُ, فَبُهِتَ: ذَهَبَتْ حُجَّتُهُ، خَاوِيَةٌ: لَا أَنِيسَ فِيهَا, السَّنَةُ النُّعَاسُ.

_________

(1) في الأصل: بالدمدمة.

(4/240)

قد تَقَدَّمَ مَا فِيهِ في صَلاَةِ الْخَوْفِ.

بَاب

{قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}

{فَصُرْهُنَّ}: قَطِّعْهُنَّ.

تَقَدَّمَ فِي الأَنْبِياءِ.

بَاب

{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} الآيَة

[2517]- (4538) خ نَا إِبْرَاهِيمُ, نا هِشَامٌ, عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ, سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ أبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَسَمِعْتُ أَخَاهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ, عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ يَوْمًا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَة نَزَلَتْ {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ}؟ قَالَوا: الله أَعْلَمُ, فَغَضِبَ عُمَرُ, وَقَالَ: قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لَا نَعْلَمُ, فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, قَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ أَخِي قُلْ وَلَا تَحْقِرْ نَفْسَكَ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضُرِبَتْ مَثَلًا لِعَمَلٍ, قَالَ عُمَرُ: أَيُّ عَمَلٍ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِعَمَلٍ, قَالَ عُمَرُ: لِرَجُلٍ غَنِيٍّ بِطَاعَةِ الله يَعْمَلُ ثُمَّ بَعَثَ الله لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ.

بَاب

{لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}

يُقَالَ: أَلْحَفَ عَلَيَّ وَأَلَحَّ عَلَيَّ وَأَحْفَانِي بِالْمَسْأَلَةِ, {فَيُحْفِكُمْ} يُجْهِدْكُمْ.

(4/241)

[2518]- (4539) خ نَا ابْنُ أبِي مَرْيَمَ, نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ أبِي نَمِرٍ, أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أبِي عَمْرَةَ الانْصَارِيَّ قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ.

خ (1476) نَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ, نا شُعْبَةُ, أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الاكْلَةَ وَالاكْلَتَانِ وَلَكِنْ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى وَيَسْتَحْيِي».

زَادَ شَرِيكٌ: «إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ»، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ يَعْنِي قَوْلَهُ {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}.

بَاب

{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}

[2519]- (4540) خ نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ, نا أَبِي, و (459) نا عَبْدَانُ, عَنْ أبِي حَمْزَةَ, عَنْ الاعْمَشِ, عن مُسْلِمٍ, عَنْ مَسْرُوقٍ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ الايَاتُ.

زَادَ حَفْصٌ: مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا.

خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ.

وَخَرَّجَهُ في: باب تحريم تجارة الخمر في المسجد (459)، وفِي بَابِ {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} (4541)، وفِي بَابِ {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (4543) , وفِي بَابِ {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} (4542) وفِي بَابِ آكِلِ الرِّبَا وَشَاهِدِهِ وَكَاتِبِهِ (2084).

بَاب

{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} الآيَة

(4/242)

[2520]- (4544) خ نَا قَبِيصَةُ, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَاصِمٍ, عَنْ الشَّعْبِيِّ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آخِرُ آيَة نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَة الرِّبَا.

بَاب

{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ}.

وَيُقَالَ غُفْرَانَكَ مَغْفِرَتَكَ فَاغْفِرْ لَنَا, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِصْرًا عَهْدًا.

[2521]- (4546) خ نا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ, نا رَوْحٌ, نا شُعْبَةُ, عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ, عَنْ مَرْوَانَ الاصْفَرِ, عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} قَالَ: نَسَخَتْهَا الآيَة الَّتِي بَعْدَهَا.

(4/243)

تفسير سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{شَفَا حُفْرَةٍ} مِثْلُ شَفَا الرَّكِيَّةِ وَهْوَ حَرْفُهَا, {تُبَوِّئُ} تَتَّخِذُ مُعَسْكَرًا, الْمُسَوَّمُ الَّذِي لَهُ سِيمَاءٌ بِعَلَامَةٍ أَوْ بِصُوفَةٍ أَوْ بِمَا كَانَ, {رِبِّيُّونَ} الْجُمُوعُ وَالْوَاحِدُ رِبِّيٌّ, سَنَكْتُبُ: سَنَحْفَظُ,, نُزُلًا ثَوَابًا وَيَجُوزُ مُنْزَلٌ مِنْ عِنْدِ الله, مِنْ قَوْلِكَ أَنْزَلْتُهُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} الْمُطَهَّمَةُ الْحِسَانُ. وقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ وَعَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى: الرَّعِيَّةُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} النُّطْفَة تَخْرُجُ مَيِّتَةً وَيَخْرُجُ مِنْهَا الْحَيَّ.

{سَوَاءً} قَصْدًا, {سَيُطَوَّقُونَ} كَقَوْلِكَ طَوَّقْتُهُ بِطَوْقٍ.

بَاب قوله عَزَّ وَجَلَّ

{مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ}

قَالَ مُجَاهِدٌ: الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ, {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا, كَقَوْلِهِ {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} وَكَقَوْلِهِ {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} وَكَقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}.

{زَيْغٌ} شَكٌّ, {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} الْمُشَبَّهَاتِ, {وَالرَّاسِخُونَ} يَعْلَمُونَ, {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}.

[2522]- (4547) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ, نا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ, عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ, عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَة {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ

(4/244)

مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّاهم الله فَاحْذَرُوهُمْ».

بَاب

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}

[2523]- (4557) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ مَيْسَرَةَ, عَنْ أبِي حَازِمٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ, يَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الاسْلَامِ.

وَخَرَّجَهُ في: غزوة أحد (3010) (1).

بَاب

{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآيَة

[2524]- (4559) خ نَا حِبَّانُ و (4069) يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الله السُّلَمِيُّ, نا عَبْدُ الله, نا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ [عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ]. [2525]- خ, و (4560) نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, نا ابْنُ شِهَابٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ, وَرُبَّمَا قَالَ إِذَا قَالَ: «سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ اللهمَّ

_________

(1) هو فِي بَابِ الاسَارَى فِي السَّلَاسِلِ، قَالَ البخاري: نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ نا غُنْدَرٌ نا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ".

فهو في هذا الباب مرفوع ولم يصرح برفعه في التفسير.

(4/245)

رَبَّنَا ولَكَ الْحَمْدُ, اللهمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ, اللهمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ» يَجْهَرُ بِذَلِكَ.

(4070) زَادَ مَعْمَرٌ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أبِي سُفْيَانَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ الله, الحديث, كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ.

زَادَ إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ: وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ: «اللهمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا» , لِأَحْيَاءٍ مِنْ الْعَرَبِ حَتَّى أَنْزَلَ الله {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآيَة.

[2526]- (4560) خ نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, وزَادَ: يَجْهَرُ بِذَلِكَ.

وَخَرَّجَهُ في: غزوة أحد (4069) (4070) , وفِي بَابِ الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ (797) , وفِي كِتَابِ تمني العلم والقرآن بالترجمة نفسها (7346) , وفِي بَابِ الدعاء على المشركين (2932) , وفي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ» , وقَالَ فيه:

[2527]- (1006) نَا قُتَيْبَةُ, نا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أبِي الزِّنَادِ, عَنْ الاعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, وزَادَ: «غِفَارُ غَفَرَ الله لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا الله».

وفِي كِتَابِ الإكراه باب {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (6940) , وفِي بَابِ {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} الآيَة (4598).

(4/246)

بَاب قوله عَزَّ وَجَلَّ

{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} الآيَة

[2528]- (4563) خ نَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أُرَاهُ قَالَ: نا أَبُوبَكْرٍ, عَنْ أبِي حَصِينٍ, عَنْ أبِي الضُّحَى, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ, وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَوا {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.

بَاب

{لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا}

[2529]- (4568) خ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا هِشَامٌ, أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أخبرني ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ, أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ, أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعينَ (1) , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ, إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدْ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُم فِيمَا سَأَلَهُمْ وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ, ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}.

تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ.

_________

(1) هكذا في الأصل، وفي الصحيح: أجمعون.

(4/247)

ونا ابْنُ مُقَاتِلٍ, أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ, عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ, أَخْبَرَنِي ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ, عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ مَرْوَانَ, بِهَذَا.

سُورَةُ النِّسَاءِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَسْتَنْكِفُ: يَسْتَكْبِرُ, قِوَامًا: قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ, {لَهُنَّ سَبِيلًا} الرَّجْمَ لِلثَّيِّبِ وَالْجَلْدَ لِلْبِكْرِ, (1) {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} يَعْنِي اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثًا وَأَرْبَعًا وَلَا تُجَاوِزُ الْعَرَبُ رُبَاعَ.

كَرهًا وَكُرْهًا واحد, الْمُخْتَالُ وَالْخَتَّالُ وَاحِدٌ, {نَطْمِسَ} نُسَوِّيَهَا حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ, طَمَسَ الْكِتَابَ مَحَاهُ, {سَعِيرًا} وُقُودًا.

وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَرْكَسَهُمْ} بَدَّدَهُمْ, {فِئَةٌ} جَمَاعَةٌ.

{أَذَاعُوه}: أَفْشَوْهُ, {يَسْتَنْبِطُونَهُ} يَسْتَخْرِجُونَهُ, {إِلَّا إِنَاثًا} يَعْنِي الْمَوَاتَ حَجَرًا أَوْ مَدَرًا وَمَا أَشْبَهَهُ, {قِيلًا} وَقَوْلًا وَاحِدٌ, {طَبَعَ} خَتَمَ, مَرِيد: مُتَمَرِّد.

بَاب

{وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} إلى {حَسِيبًا}

{وَبِدَارًا} مُبَادَرَةً, {أَعْتَدْنَا} أَعْدَدْنَا أَفْعَلْنَا مِنْ الْعَتَادِ.

[2530]- (2212) (4575) خ نا إِسْحَاقُ, أنا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْرٍ, نا هِشَامٌ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ {مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ

_________

(1) زَادَ في الصحيح: وَقَالَ غَيْرُهُ.

(4/248)

بِالْمَعْرُوفِ} أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مال (1) الْيَتِيمِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ مَكَانَ قِيَامِهِ عَلَيْهِ بِمَعْرُوفٍ.

[2531]- (2765) خ ونَا عُبَيْدُ (2) , بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوأُسَامَةَ.

(2212) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ (3) , سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ فَرْقَدٍ, سَمِعْتُ هِشَامًا وقَالَا: أُنْزِلَتْ فِي وَالِي الْيَتِيمِ.

وقَالَ أَبُوأُسَامَةَ: أَنْ يُصِيبَ بِقَدْرِ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَنْ أَجْرَى أَمْرَ الامْصَارِ عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ فِي الْبُيُوعِ وَالاجَارَةِ وَالْمِكْيَالِ وَالْوَزْنِ (2212) , وفِي بَابِ قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} إلَى قَوْلِهِ {نَصِيبًا مَفْرُوضًا} (2765).

بَاب

{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} الآيَة

[2532]- (2747) (4578) (6739) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ وَرْقَاءَ, عَنْ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ, عَنْ عَطَاءٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ, فَنَسَخَ الله مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ, فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الانْثَيَيْنِ, وَجَعَلَ لِلأبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَالثُّلُثَ, وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ, وَللزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ.

_________

(1) في الصحيح" في وَالِي.

(2) في الأصل: عبد الله بن إسماعيل، تصحيف.

(3) هو ابْنُ سَلَّامٍ، كما في صرح به في بعض نسخ الصحيح.

(4/249)

وَخَرَّجَهُ في: الوصايا باب لا وصية لوارث (2747) , وفي الفرائض باب ميراث الزوج مع الولد وغيره (6739).

بَاب

{لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} إلَى قَوْلِهِ {كَثِيرًا}.

وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تَعْضُلُوهُنَّ: تنتهِرُوهُنَّ, {حُوبًا} إِثْمًا, {تَعُولُوا} تَمِيلُوا, {نِحْلَةً} النِّحْلَةُ الْمَهْرُ.

[2533]- (4579) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ, نا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ, نا الشَّيْبَانِيُّ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} الآيَة قَالَ: كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا, فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة فِي ذَلِكَ.

وَخَرَّجَهُ في: الإكراه (6948).

بَاب

{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا}

مَوَالِي: أَوْلِيَاءُ وَرَثَةٌ, {والذين عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} هُوَ مَوْلَى الْيَمِينِ وَهْوَ الْحَلِيفُ, وَالْمَوْلَى أَيْضًا ابْنُ الْعَمِّ, وَالْمَوْلَى الْمُنْعِمُ بالْعِتْقِ, وَالْمَوْلَى الْمَلِيكُ, وَالْمَوْلَى الولي فِي الدِّينِ.

(4/250)

[2534]- (2292) (4580) خ نا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ إِدْرِيسَ, عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قَالَ: وَرَثَةً, {وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ الانْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلاخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ, فَلَمَّا نَزَلَتْ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نُسِخَتْ, ثُمَّ قَالَ {وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} مِنْ النَّصْرِ وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصِي لَهُ.

سَمِعَ أَبُوأُسَامَةَ إِدْرِيسَ وَسَمِعَ إِدْرِيسُ طَلْحَةَ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب ذَوِي الارْحَامِ في الفرائض (2292).

(6747) وقَالَ البخاري: نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أحَدَّثَكُمْ إِدْرِيسُ, الحديثَ, وقَالَ: نَسَخَتْهَا {وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}.

وَخَرَّجَهُ في: الكفالة (1) بمثله (2292).

بَاب

{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}

[2535]- (5049) خ نا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ, [بْنِ غِيَاثٍ نا أَبِي] (2) , (5050) خ ونَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, نا سُفْيَانُ, عَنْ الاعْمَشِ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَبِيدَةَ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ, قَالَ: «نَعَمْ».

_________

(1) في الأصل: الحوالة، وهو تصحيف.

(2) زيادة مني ليست في الأصل، ولا بد منها لإقامة الإسناد، فإن حفص بن غياث هو الراوي عن الأعمش كما سينبه عليه المصنف لاحقًا.

(4/251)

زَادَ حَفْصٌ عَنْ الأَعْمَشِ: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي».

قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ: فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَة {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ» فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ (5049) , وفِي بَابِ قَوْلِ الْمُقْرِئِ حَسْبُكَ (5050) , وفِي بَابِ الْبُكَاءِ عِنْدَ القِرَاءَةِ (5055) (5056).

بَاب

{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}

(صَعِيدًا) وَجْهَ الارْضِ, وَقَالَ جَابِرٌ: كَانَتْ الطَّوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ وَفِي أَسْلَمَ وَاحِدٌ وَفِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِدٌ, كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ.

وَقَالَ عُمَرُ: الْجِبْتُ السِّحْرُ وَالطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ, وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْجِبْتُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ شَيْطَانٌ, وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ.

قَدْ خَرَّجَ حَدِيثَ التَّيَمُّمِ فِي الصَّلاَةِ (1).

بَاب

{وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ذَوِي الامْرِ

[2536]- (4584) خ نَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ (2)

, نا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأعور, عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:

_________

(1) في الأصل: في الصيام، وهو سبق قلم.

(2) هكذا في النسخة، وفي غالب نسخ الصحيح إلا رِوَاية ابن السكن عن الفربري ففيها: حدثنا سنيد، وَهُوَ ابْن دَاوُدَ الْمِصِّيصِيُّ وَاسْمه الْحُسَيْن وَسُنَيْدٌ لَقَب.

قَالَ الحافظ: وَهُوَ مِنْ حُفَّاظ الْحَدِيث وَلَهُ تَفْسِير مَشْهُور، لَكِنْ ضَعَّفَهُ أَبُوحَاتِم وَالنَّسَائِيُّ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيّ ذِكْر إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِع إِنْ كَانَ اِبْن السَّكَن حَفِظَهُ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْبُخَارِيّ أَخْرَجَ الْحَدِيث عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَاقْتَصَرَ الاكْثَر عَلَى صَدَقَة لِإِتْقَانِهِ، وَاقْتَصَرَ اِبْن السَّكَن عَلَى سُنَيْدٍ بِقَرِينَةِ التَّفْسِير، وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَد أَنَّ سُنَيْدًا أَلْزَمَ حَجَّاجًا يَعْنِي حَجَّاج بْن مُحَمَّد شَيْخه فِي هَذَا الْحَدِيث أي أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلهُ عَلَى تَدْلِيس التَّسْوِيَة، وَعَابَهُ بِذَلِكَ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السَّبَب فِي تَضْعِيف مَنْ ضَعَّفَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(4/252)

{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ الله بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ (1).

بَاب

{وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ} الآيَة

وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (حَصِرَتْ) ضَاقَتْ, وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُرَاغَمُ الْمُهَاجَرُ رَاغَمْتُ هَاجَرْتُ.

[2537]- (4587) خ نا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نا سُفْيَانُ, عَنْ عُبَيْدِ الله قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ.

[2538]- (4588) خ ونَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ, عن ابْنِ عَبَّاسٍ: تَلَا {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ} قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ الله.

وَخَرَّجَهُ في: باب {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} (4597).

_________

(1) كذا في الأصل، وقَالَ الحافظ: كَذَا ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا أهـ ولم يزد على ذلك، لكن وقع في بعض نسخ الصحيح: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ أهـ.

وهذه الزيادة كما ترى ليست في نسختنا ولم يعرفها الحافظ، والله أعلم.

(4/253)

بَاب

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}

[2539]- (4590) خ نَا آدَمُ بْنُ أبِي إِيَاسٍ, نا شُعْبَةُ, نا مُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يقول: (1) اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْكُوفَةِ فَرَحَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} هِيَ آخِرُ مَا نُزِّلَت, وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ.

[2540]- (3855) خ ونَا عُثْمَانُ بْنُ أبِي شَيْبَةَ, نا جَرِيرٌ, عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ, أَوْ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى قَالَ: سَلْ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الايَتَيْنِ مَا أَمْرُهُمَا, {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ} {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ قَالَ مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ: قَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله وَدَعَوْنَا مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ وَقَدْ أَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ, فَأَنْزَلَ الله {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ} الآيَة, فَهَذِهِ لِأُولَئِكَ, فَأَمَّا الَّتِي فِي النِّسَاءِ الرَّجُلُ إِذَا عَرَفَ الاسْلَامَ وَشَرَائِعَهُ ثُمَّ قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ.

فَذَكَرْتُهُ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ: إِلَّا مَنْ نَدِمَ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِمكَّةَ (3855).

وخرجهما فِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ ({وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآيات (4762 - 4766).

_________

(1) زَادَ أَبُوذر هنا: آيَة.

(4/254)

بَاب

{لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}

خ: والسِّلْمُ وَالسَّلَمُ وَالسَّلَامُ وَاحِدٌ.

[2541]- (4591) خ (حَدَّثَنِي) عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ عَطَاءٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ فَلَحِقَهُ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ, فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ, فَأَنْزَلَ الله ذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} تِلْكَ الْغُنَيْمَةُ, قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ {السَّلَامَ}.

بَاب

{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}

[2542]- (4595) خ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ, أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ, أَنَّ مِقْسَمًا مَوْلَى عَبْدِ الله بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ, أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ.

بَاب

{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ}

[2543]- (4599) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ, أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ, عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ كَانَ جَرِيحًا.

(4/255)

بَاب

{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} الآيَة

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شِقَاقٌ تَفَاسُدٌ, {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} هَوَاهُ فِي الشَّيْءِ يَحْرِصُ, {كَالْمُعَلَّقَةِ} لَا هِيَ أَيِّمٌ وَلَا ذَاتُ زَوْجٍ, {نُشُوزًا} البُغْض.

قد تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.

بَاب

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَسْفَلَ النَّارِ, {نَفَقًا} سَرَبًا.

[2544]- (4602) خ نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نا أَبِي, نا الاعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ الاسْوَدِ قَالَ: كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ الله فَجَاءَ حُذَيْفَةُ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا, ثُمَّ قَالَ: قَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ, قَالَ الاسْوَدُ: سُبْحَانَ الله, إِنَّ الله يَقُولُ {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} , فَتَبَسَّمَ عَبْدُ الله, وَجَلَسَ حُذَيْفَةُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ, فَقَامَ عَبْدُ الله فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ, فَرَمَانِي بِالْحَصَا فَأَتَيْتُهُ, فَقَالَ حُذَيْفَةُ: عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ, لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ فكَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ ثُمَّ تَابُوا فَتَابَ الله عَلَيْهِمْ.

بَاب

{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} الآيَة

وَالْكَلَالَةُ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوْ ابْنٌ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ.

[2545]- (4605) خ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةَ وَآخِرُ آيَة نَزَلَتْ {يَسْتَفْتُونَكَ}.

(4/256)

وَخَرَّجَهُ في: باب حج أبِي بكر بالناس لأنه أمر أن يؤذن فيها في الموسم (4364) , وفي الفرائض بمثله (6744) , وفي سورة براءة (4654).

تفسير سُورَةُ الْمَائِدَةِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{حُرُمٌ} وَاحِدُهم حَرَامٌ, {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} فبِنَقْضِهِمْ, {كَتَبَ اللَّهُ} جَعَلَ الله, تَبُوءُ تَحْمِلُ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {دَائِرَةٌ} دَوْلَةٌ, {أُجُورَهُنَّ} مُهُورَهُنَّ.

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَخْمَصَةٍ} مَجَاعَةٍ.

بَاب

{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}

[2546]- (4612) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, نا سُفْيَانُ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ الشَّعْبِيِّ, عَنْ مَسْرُوقٍ, عَنْ عَائِشَةَ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ رسول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَقَدْ كَذَبَ, وهو يَقُولُ {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الآيَة.

بَاب

{لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} الآيَة

[2547]- (4615) نَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ, نا خَالِدٌ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ قَيْسٍ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ, فَقُلْنَا: أَلَا نَخْتَصِي, فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ, فَرَخَّصَ لَنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ نَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ بِثَوْبٍ, ثُمَّ قَرَأَ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}.

(4/257)

خرج في النِّكَاح مَعْنَاهُ (5071) (5072).

بَاب

{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الازْلَامُ الْقِدَاحُ يَقْتَسِمُونَ بِهَا فِي الامُورِ, وَالنُّصُبُ والأَنْصَاب أصنامٌ يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا.

وَقَالَ غَيْرُهُ: الزَّلَمُ الْقِدْحُ لَا رِيشَ لَهُ, وَهُوَ وَاحِدُ الازْلَامِ, وَالِاسْتِقْسَامُ أَنْ يُجِيلَ الْقِدَاحَ فَإِنْ نَهَتْهُ انْتَهَى وَإِنْ أَمَرَتْهُ فَعَلَ مَا تَأْمُرُهُ, فَقَدْ أَعْلَمُوا الْقِدَاحَ أَعْلَامًا لِضُرُوبٍ يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا, وَفَعَلْتُ مِنْهُ قَسَمْتُ وَالْقُسُومُ الْمَصْدَرُ.

يُجِيلُ يُدِيرُ.

تَقَدَّمَ مَا فِيهِ في الأشربَةِ.

بَاب

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الآيَة

[2548]- (4621) خ نَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ, نا أَبِي, نا شُعْبَةُ, عَنْ مُوسَى, عَنْ أَنَسٍ.

(749) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ, نا فُلَيْحٌ, نا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ, عَنْ أَنَسٍ.

(540) (7294) خ ونا أَبُوالْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا أُمُورًا عِظَامًا.

[2549]- (92) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ بُرَيْدٍ, عَنْ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أبِي مُوسَى قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا.

(4/258)

[2550]- (6362) خ ونا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ و (7089) مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ, نا هِشَامٌ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسٍ وقَالَ: حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ.

زَادَ شُعْبَةُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ قَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ) (1) كَثِيرًا» , فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ (2): ثُمَّ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ، فَوَالله لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا».

زَادَ حَفْصٌ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالًا فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَكْثَرَ الأنصار الْبُكَاءَ، وَأَكْثَرَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي» , قَالَ أَنَسٌ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْنَ مَدْخَلِي يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «النَّارُ» , فَقَامَ عَبْدُ الله بْنُ حُذَافَةَ.

قَالَ حَفْصٌ: رَجُلٌ كَانَ إِذَا لَاحَى الرجلَ يُدْعَى لغَيْرِ أَبِيهِ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقَالَ: مَنْ أبِي يَا رَسُولَ الله؟ فقَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ».

وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: فَقَامَ إليهِ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أبِي يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ».

_________

(1) سقط على الناسخ، وهو في الصحيح.

(2) في الأصل: قتادة، وهو وهم أو خطأ، فهو من حديث الزهري.

(4/259)

قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ أنسٌ: ثُمَّ أَكْثَرَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي» , فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِالله رَبًّا وَبِالاسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا.

زَادَ مُعَاذٌ عَنْهُ: نَعُوذُ بِالله مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَسَكَتَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ, ثُمَّ قَالَ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1): «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ».

وقَالَ قَتَادَةُ: «صُوِّرَتْ لِي الْجَنَّةُ وَالنَّارُ».

زَادَ فُلَيْحٌ: «مُمَثَّلَتَيْنِ فِي قِبْلَةِ هَذَا الْجِدَارِ».

قَالَ قَتَادَةُ: «وَأَنَا أُصَلِّي» , «فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ».

قَالَ ابنُ الْمُنْذِرِ: مَرَّتَيْنِ.

[2551]- (4622) خ ونَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ, نا أَبُوالنَّضْرِ, نا أَبُوخَيْثَمَةَ, نا أَبُوالْجُوَيْرِيَةِ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَوْمٌ كَانوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِهْزَاءً, فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ الله هَذِهِ الآيَة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ} الآيَة كُلّهَا.

وَخَرَّجَهُ في: باب الغضب في العلم والموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره (92) , وفِي بَابِ وَقْتُ الظُّهْرِ عِنْدَ زَوَالِ الشمس (540) , وفِي بَابِ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى الامَامِ فِي الصَّلَاةِ (749) , وفِي بَابِ التَّعَوُّذِ مِنْ الْفِتَنِ (6362) (7089 - 7091) , وفِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِي (7291) , وفِي بَابِ من برك على ركبتيه عند الامام والمحدث (93) , وفِي بَابِ القصد والمداومة (6468).

_________

(1) زَادَ في الأصل: أول.

(4/260)

بَاب

{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ}

يَقُولُ: قَالَ الله وَإِذْ هَا هُنَا صِلَةٌ, الْمَائِدَةُ أَصْلُهَا مَفْعُولَةٌ كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ, وَتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ, وَالْمَعْنَى مِيدَ بِهَا صَاحِبُهَا مِنْ خَيْرٍ, يُقَالَ مَادَنِي يَمِيدُنِي.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مُتَوَفِّيكَ} مُمِيتُكَ.

[2552]- (3521) خ نا أَبُوالْيَمَانِ, [أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ] و (4623) , نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, [نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ] (1) سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ: الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ, وَالسَّائِبَةُ كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ.

قَالَ: قَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ».

وَالْوَصِيلَةُ النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ نِتَاجِ الابِلِ ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ إِنْ (2) وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالاخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ, وَالْحَامِ فَحْلُ الابِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ الْمَعْدُودَ فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ وَأَعْفَوْهُ مِنْ الْحَمْلِ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَسَمَّوْهُ الْحَام.

قَالَ سَعِيدٌ: وَقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ.

_________

(1) هذه الزيادة مني لإقامة الإسناد، ووقع في الأصل مضطربا.

(2) يجوز في الهمزة الفتح والكسر، الفتح بمعنى من أجل، والكسر للشرط (المشارق 1/ 72).

(4/261)

تفسير سُورَةُ الانْعَامِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فِتْنَتُهُمْ} مَعْذِرَتُهُمْ, {حَمُولَةً} مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا, {وَلَلَبَسْنَا} لَشَبَّهْنَا, يَنْأَوْنَ: يَتَبَاعَدُونَ, تُبْسَلُ تُفْضَحُ, أُبْسِلُوا فُضِحُوا, {بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} الْبَسْطُ الضَّرْبُ, {اسْتَكْثَرْتُمْ} أَضْلَلْتُمْ كَثِيرًا, {مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ} جَعَلُوا لِلَّهِ مِنْ ثَمَرَاتِهِمْ وَمَالِهِمْ نَصِيبًا وَلِلشَّيْطَانِ وَالاوْثَانِ نَصِيبًا, {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ} يَعْنِي هَلْ تَشْتَمِلُ إِلَّا عَلَى ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَلِمَ تُحَرِّمُونَ بَعْضًا وَتُحِلُّونَ بَعْضًا, صَدَفَ: أَعْرَضَ, وَأُبْلِسُوا أُويِسُوا وَأُبْسِلُوا أُسْلِمُوا, سَرْمَدًا دَائِمًا, {اسْتَهْوَتْهُ} أَضَلَّتْهُ, تَمْتَرُونَ: تَشُكُّونَ, وَقْرٌ: صَمَمٌ, وَأَمَّا الْوِقْرُ فَإِنَّهُ الْحِمْلُ, {أَسَاطِيرُ} وَاحِدُهَا أُسْطُورَةٌ وَإِسْطَارَةٌ وَهْيَ التُّرَّهَاتُ, الْبَأْسَاءُ: مِنْ الْبَأْسِ وَيَكُونُ مِنْ الْبُؤْسِ, {جَهْرَةً} مُعَايَنَةً, {وَإِنْ تَعْدِلْ} تُقْسِطْ, الصُّوَر جَمَاعَةُ صُورَةٍ كَقَوْلِهِ سُورَةٌ وَسُوَرٌ, {جَنَّ} أَظْلَمَ, ويُقَالَ عَلَى الله حُسْبَانُهُ أَيْ حِسَابُهُ, وَيُقَالَ حُسْبَانًا مَرَامِيَ {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} , مُسْتَقِرٌّ فِي الصُّلْبِ, وَمُسْتَوْدَعٌ فِي الرَّحِمِ.

بَاب

{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} الآيَة

{يَلْبِسَكُمْ} يَخْلِطَكُمْ مِنْ الِالْتِبَاسِ, يَلْبِسُوا: يَخْلِطُوا, {شِيَعًا} فِرَقًا.

[2553]- (4629) خ نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عَنْ جَابِرِ بن عبد الله قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ»، قَالَ {أَوْ مِنْ تَحْتِ

(4/262)

أَرْجُلِكُمْ} قَالَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ» {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا أَهْوَنُ أَوْ هَذَا أَيْسَرُ».

وَخَرَّجَهُ في: باب {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} (7313) , وفي باب قوله {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (7406).

بَاب قوله

{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}

[2554]- (32) (3428) خ نا أَبُوالْوَلِيدِ, نا شُعْبَةُ, عَنْ الاعْمَشِ, خ و (3429) نا إِسْحَاقُ, نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ, نا الاعْمَشُ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَوا: يَا رَسُولَ الله, فأَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟.

[قَالَ شعبة] (1): أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ, فَنَزَلَتْ {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (2).

وَخَرَّجَهُ في: تفسير سورة لقمان (4776) , وفِي بَابِ استتابة المرتدين وقتالهم وإِثْمِ مَنْ أَشْرَكَ بِالله وَعُقُوبَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالاخِرَةِ (6918) , وفِي كِتَابِ الأنبياء باب {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} (3428) (3429).

_________

(1) زيادة مني لتصحيح المتن، وقد سقطت على الناسخ.

(2) وفي حديث عيسى قَالَ: " لَيْسَ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ".

(4/263)

سُورَةُ الاعْرَافِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَرِيشًا} الْمَالُ, الْمُعْتَدِينَ: فِي الدُّعَاءِ وَفِي غَيْرِهِ, الْفَتَّاحُ: الْقَاضِي, افْتَحْ اقْضِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: {ادَّارَكُوا} اجْتَمَعُوا, وَمَشَاقُّ الانْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهَا تُسَمَّى سُمُومًا وَاحِدُهَا سَمٌّ, وَهِيَ عَيْنَاهُ وَمَنْخِرَاهُ وَفَمُهُ وَأُذُنَاهُ وَدُبُرُهُ وَإِحْلِيلُهُ, {غَوَاشٍ} مَا غُشُّوا بِهِ, {طَائِرُهُمْ} حَظُّهُمْ, {أَخْلَدَ} قَعَدَ وَتَقَاعَسَ, {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} أَيْ نَأْتِيهِمْ مِنْ مَأْمَنِهِمْ, كَقَوْلِهِ {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} , {مِنْ جِنَّةٍ} مِنْ جُنُونٍ, {يَنْزَغَنَّكَ} يَسْتَخِفَّنَّكَ, {طَيْفٌ} مُلِمٌّ بِهِ لَمَمٌ وَيُقَالَ طَائِفٌ وَهُوَ وَاحِدٌ, {يَمُدُّونَهُمْ} يُزَيِّنُونَهم, {وَخِيفَةً} خَوْفًا, {وَخُفْيَةً} مِنْ الاخْفَاءِ, وَالاصَالُ وَاحِدُهَا أُصُل (2) , وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ كَقَوْلِهِ {بُكْرَةً وَأَصِيلًا}.

بَاب

{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}

_________

(1) قَالَ الحافظ: سقطت البسملة لغير أبِي ذر، وهي ثابتة في نسختنا كما ترى وقد كرره الحافظ في مواضع وأكتفي بالتنبيه مرة واحدة.

(2) هكذا ضبط في النسخة مجودا، وفي الصحيح: أصيل، قَالَ اِبْن التِّين: ضُبِطَ فِي نُسْخَةٍ أُصُلٌ بِضَمَّتَيْنِ وَفِي بَعْضها أَصِيلٌ بِوَزْنِ عَظِيم، وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ إِلَّا أَنْ يُرِيد أَنَّ الاصَال جَمْع أَصِيل فَيَصِحّ أهـ.

(4/264)

[2555]- (4643) خ نَا يَحْيَى, نا وَكِيعٌ, عَنْ هِشَامٍ, خ و (4644) نا عَبْدُ الله بْنُ بَرَّادٍ (1) , نا أَبُوأُسَامَةَ, نا هِشَامٌ, أخبرني عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَمَرَ الله نَبِيَّهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ.

وقَالَ وَكِيعٌ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} قَالَ: مَا أَنْزَلَ الله إِلَّا فِي أَخْلَاقِ النَّاسِ.

سُورَةُ الانْفَالِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) قَوْلُهُ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الانْفَالُ الْمَغَانِمُ, وقَالَ قَتَادَةُ: {رِيحُكُمْ} الْحَرْبُ, يُقَالَ نَافِلَةٌ عَطِيَّةٌ, {مُرْدِفِينَ} فَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ رَدِفَنِي وَأَرْدَفَنِي جَاءَ بَعْدِي, {فَيَرْكُمَهُ} يَجْمَعَهُ, شَرِّدْ فَرِّقْ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُكَاءً} إِدْخَالُ أَصَابِعِهِمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ, {وَتَصْدِيَةً} الصَّفِيرُ, {لِيُثْبِتُوكَ} لِيَحْبِسُوكَ, {اسْتَجِيبُوا} أَجِيبُوا, {لِمَا يُحْيِيكُمْ} يُصْلِحُكُمْ.

بَاب

{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}

[2556]- (4646) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, نا وَرْقَاءُ, عَنْ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} قَالَ: هُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.

_________

(1) هكذا في النسخة ولم يشر إليه الحافظ، وفي الصحيح: قَالَ عبد الله بن براد، والله أعلم.

(2) ليس في النسخة باب.

(4/265)

بَاب

{وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} إلى {أَلِيمٍ}

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا سَمَّى الله تَعَالَى مَطَرًا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا عَذَابًا وَتُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْغَيْثَ, وَهُوَ قَوْلُهُ {يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا}.

[2557]- (4648) خ أَحْمَدُ, نا عُبَيْدُ الله (1)

بْنُ مُعَاذٍ, نا أَبِي, نا شُعْبَةُ, عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ, سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: قَالَ أَبُوجَهْلٍ: اللهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ, فَنَزَلَتْ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآيَة.

وَخَرَّجَهُ في: باب قوله {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} (4649).

بَاب

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} إلَى قَوْلِهِ {لَا يَفْقَهُونَ}.

[2558]- (4653) خ نا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الله, نا عَبْدُ الله (2) , أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ, أَخْبَرَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ الخِرِّيتٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

_________

(1) في الأصل: أحمد بن عبد الله وهو تصحيف.

وأحمد هو ابن النضر النيسابوري، من طبقة تلاميذ البخاري، كان البخاري ينزل عنده وعند أخيه محمد إذا قدم نيسابور، وقد رواه في الموضع التالي عن أخيه محمد بن النضر عن عبيد الله.

وقد نزل البخاري في هذا الحديث درجتين بالنسبة لروايته عن شعبة، فإنه كان يستطيع أن يرويه عن أصحاب شعبة الذين أدركهم كآدم وغيره عن شعبة، وقد علا مسلم على البخاري في هذا الحديث درجة لما رواه عن عبيد الله بن معاذ، وهذا من عجائب الإتفاق.

(2) في الأصل: عبيد الله، وهو تصحيف، وهو عبد الله بن المبارك.

(4/266)

(4652) خ ونَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا نَزَلَتْ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}.

قَالَ جَرِيرٌ: شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ (1) فُرِضَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ.

فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ.

وَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ: أَنْ لَا يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنْ مِائَتَيْنِ.

زَادَ جَرِيرٌ: فَجَاءَ التَّخْفِيفُ.

وقَالَ سُفْيَانُ: ثُمَّ نَزَلَتْ {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} فَكَتَبَ أَنْ لَا يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ, زَادَ سُفْيَانُ مَرَّةً: ثم نَزَلَتْ {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ}.

قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: وَأُرَى الامْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ مِثْلَ هَذَا.

قَالَ جَرِيرٌ: فَلَمَّا خَفَّفَ الله عَنْهُمْ مِنْ الْعِدَّةِ نَقَصَ مِنْ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ.

باب سُورَةُ بَرَاءَةَ

{الشُّقَّةُ} السَّفَرُ, الْخَبَالُ الْفَسَادُ وَالْخَبَالُ الْمَوْتُ (2) , {وَلَا تَفْتِنِّي} لَا تُوَبِّخْنِي, {مُدَّخَلًا} يُدْخَلُونَ فِيهِ, {يَجْمَحُونَ} يُسْرِعُونَ, {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} ائْتَفَكَتْ انْقَلَبَتْ بِهَا الارْضُ, {أَهْوَى} أُلقِيَ فِي هُوَّةٍ, عَدْنٍ: خُلْدٍ, {الْخَوَالِفِ} الْخَالِفُ الَّذِي خَلَفَنِي فَقَعَدَ بَعْدِي, وَمِنْهُ يَخْلُفُهُ فِي الْغَابِرِينَ, وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النِّسَاءُ مِنْ

_________

(1) في الأصل: حتى، وهو تصحيف فيما يظهر، تكرر في النسخة.

(2) قَالَ الحافظ: كَذَا لَهُمْ وَالصَّوَاب الْمُوتَةُ بِضَمِّ الْمِيم وَزِيَادَة هَاء فِي آخِره وَهُوَ ضَرْب مِنْ الْجُنُون أهـ

(4/267)

الْخَالِفَـ (ـة) , فَإِنْ كَانَ جَمْعَ الذُّكُورِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَلَى تَقْدِيرِ جَمْعِهِ إِلَّا حَرْفَانِ فَارِسٌ وَفَوَارِسُ وَهَالِكٌ هَوَالِكُ.

{الْخَيْرَاتُ} وَاحِدُهَا خَيْرَةٌ وَهِيَ الْفَوَاضِلُ, الشَّفَا الشَفِيرُ وَهُوَ حَدُّهُ, وَالْجُرُفُ مَا تَجَرَّفَ مِنْ السُّيُولِ وَالاوْدِيَةِ, هَارٍ هَائِرٍ, {لَأَوَّاهٌ} شَفَقًا وَفَرَقًا وَقَالَ:

إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحَلُهَا بِلَيْلٍ تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الْحَزِينِ

يُقَالَ: تَهَوَّرَتْ الْبِئْرُ إِذَا تَهَدَّمَتْ وَانْهَارَت مِثْلُهُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُذُنٌ} مُصَدّقَة, {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} وَنَحْوُهَا كَثِيرٌ القوة (1) الطَّاعَةُ وَالاخْلَاصُ, {لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} لَا يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله, {يُضَاهُونَ} يُشَبِّهُونَ, سِيحُوا سِيرُوا.

بَاب

{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآيَة

أَذَانٌ إِعْلَامٌ.

[2559]- (369) (4657) خ نَا إِسْحَاقُ, نا يَعْقُوبُ, نا أَبِي, عَنْ صَالِحٍ, خ و (1622) نا ابْنُ بُكَيْرٍ, نا اللَّيْثُ قَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وحَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ, أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعَثَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجَّةِ أَمَّرَهُ عَلَيْهَا قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُون فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ بمنىً ألاَّ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.

_________

(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: والزكاة والطاعة .. وعليه يتجه المعنى.

(4/268)

قَالَ حُمَيْدٌ: ثُمَّ أَرْدَفَ رسولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ.

قَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى بِبَرَاءَةَ وَأَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.

قَالَ صَالِحٌ: فَكَانَ حُمَيْدٌ يَقُولُ: يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الاكْبَرِ مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (4655) , وفِي بَابِ حَجُّ أبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ سَنَةَ تِسْعٍ (4363) , وفِي بَابِ مَا يَسْتُرُ مِنْ الْعَوْرَةِ (369).

بَاب

{فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ}

[2560]- (4658) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, نا يَحْيَى, نا إِسْمَاعِيلُ, نا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الآيَة إِلَّا ثَلَاثَةٌ, وَلَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ, فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: إِنَّكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخْبِرُونَنَا لَا نَدْرِي فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبْقُرُونَ بُيُوتَنَا وَيَسْرِقُونَ أَعْلَاقَنَا, قَالَ: أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ, أَجَلْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةٌ, أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ.

بَاب

{ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}

نَاصِرُنَا, السَّكِينَةُ فَعِيلَةٌ مِنْ السُّكُونِ.

(4/269)

[2561]- (4666) خ ونَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ, نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ, عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ, أَخْبَرَنِي ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ.

(4664) خ ونا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نا سفيانُ, عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ.

(4665) خ وحَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ (1) , نا حَجَّاجٌ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ: عن ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَ سُفْيَانُ: حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.

قَالَ حَجَّاجٌ: وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, فَقُلْتُ أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَتُحِلَّ حَرَمَ الله, فَقَالَ: مَعَاذَ الله, إِنَّ الله كَتَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَبَنِي أُمَيَّةَ مُحِلِّينَ, وَإِنِّي وَالله لَا أُحِلُّهُ أَبَدًا.

قَالَ: قَالَ النَّاسُ: بَايِعْ لِابْنِ الزُّبَيْرِ, فَقُلْتُ: وَأَيْنَ بِهَذَا الامْرِ عَنْهُ, أَمَّا أَبُوهُ فَحَوَارِيُّ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, يُرِيدُ الزُّبَيْرَ, وَأَمَّا جَدُّهُ فَصَاحِبُ الْغَارِ, يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ, وَأُمُّهُ فَذَاتُ النِّطَاقَين, يُرِيدُ أَسْمَاءَ, وَأَمَّا خَالَتُهُ فَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ, يُرِيدُ عَائِشَةَ, وَأَمَّا عَمَّتُهُ فَزَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, يُرِيدُ خَدِيجَةَ, وَأَمَّا عَمَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَدَّتُهُ, يُرِيدُ صَفِيَّةَ, ثُمَّ عَفِيفٌ فِي الاسْلَامِ, قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ, وَالله إِنْ وَصَلُونِي وَصَلُونِي مِنْ قَرِيبٍ, وَإِنْ رَبُّونِي رَبَّني أَكْفَاءٌ كِرَامٌ, فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ وَالاسَامَاتِ

_________

(1) حدث البخاري هنا عن يحيى بن معين بواسطة، وهو من كبار شيوخه، وروى عنه بواسطة عبد الله بن حماد الآملي أول حديث فِي بَابِ إِسْلَامُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وبغير واسطة في موضعين آخرين، الأول فائدة فِي بَابِ مِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ، قَالَ البخاري: كَانَ يُقَالَ هُوَ مُسَدَّدٌ كَاسْمِهِ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ مُسَدَّدًا أَتَيْتُهُ فِي بَيْتِهِ فَحَدَّثْتُهُ لَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ، وَمَا أُبَالِي كُتُبِي كَانَتْ عِنْدِي أَوْ عِنْدَ مُسَدَّدٍ.

والثاني: سادس حديث فِي بَابِ مَنَاقِبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قرنه البخاري فيه بصَدَقَة.

(4/270)

وَالْحُمَيْدَاتِ, يُرِيدُ أَبْطُنًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ بَنِي تُوَيْتٍ وَبَنِي أُسَامَةَ وَبَنِي أَسَدٍ, إِنَّ ابْنَ أبِي الْعَاصِ بَرَزَ يَمْشِي الْقُدَمِيَّةَ يَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ, وَإِنَّهُ لَوَّى ذَنَبَهُ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ.

قَالَ ابنُ سَعِيدٍ: قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ: دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ

فَقَالَ: أَلَا تَعْجَبُونَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ, قَامَ فِي أَمْرِهِ هَذَا, فَقُلْتُ لَأُحَاسِبَنَّ نَفْسِي لَهُ مَا حَاسَبْتُهَا لِأَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وَلَهُمَا كَانَا أَوْلَى بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْهُ, فَقُلْتُ: ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ أبِي بَكْرٍ وَابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ وَابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ, فَإِذَا هُوَ يَعْتَلِي عَنِّي وَلَا يُرِيدُ بذَلِكَ, فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَعْرِضُ هَذَا مِنْ نَفْسِي فَيَدَعُهُ, وَمَا أُرَاهُ يُرِيدُ خَيْرًا, وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَأَنْ يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي غَيْرُهُمْ.

سُورَةُ يُونُسَ عليه السلام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} فَنَبَتَ بِالْمَاءِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ.

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} مُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: خَيْرٌ (1) يُقَالَ, {دَعْوَاهُمْ} دُعَاؤُهُمْ, {أُحِيطَ بِهِمْ} دَنَوْا مِنْ الْهَلَكَةِ, {أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} , فَاتَّبَعَهُمْ وَأَتْبَعَهُمْ وَاحِدٌ, عَدْوًا مِنْ الْعُدْوَانِ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ} قَوْلُ الانْسَانِ لِوَلَدِهِ وَمَالِهِ إِذَا غَضِبَ: اللهمَّ لَا تُبَارِكْ فِيهِ, وَالْعَنْهُ, {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} لَأَهْلَكَ مَنْ دَعَا عَلَيْهِ بالَإمَاتَةِ (2).

_________

(1) في الأصل: مجاهد بن جبير، وهو تصحيف.

(2) كذا في الأصل، وفي الصحيح: لَأُهْلِكُ مَنْ دُعِيَ عَلَيْهِ وَلَأَمَاتَهُ.

(4/271)

{أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} مِثْلُهَا حُسْنَى, {وَزِيَادَةٌ} مَغْفِرَةٌ وَرِضْوَانٌ, {الْكِبْرِيَاءُ} الْمُلْكُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ عَزَّ وَجَلَّ, {نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} نُلْقِيكَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنْ الارْضِ وَهُوَ النَّشَزُ.

سُورَةُ هُودٍ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{لَا جَرَمَ} بَلَى, {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} وَقَالَ غَيْرُهُ: {وَحَاقَ} نَزَلَ, {يَحِيقُ} يَنْزِلُ, يَئُوسٌ فَعُولٌ مِنْ يَئِسْتُ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَبْتَئِسْ} تَحْزَنْ, {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} شَكٌّ وَامْتِرَاءٌ فِي الْحَقِّ, {لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ} مِنْ الله إِنْ اسْتَطَاعُوا, {سِيءَ بِهِمْ} سَاءَ ظَنُّهُ بِقَوْمِهِ, {وَضَاقَ بِهِمْ} بِأَضْيَافِهِ, {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} بِسَوَادٍ, عَنِيدٌ وَعَنُودٌ وَعَانِدٌ وَاحِدٌ وهُوَ تَأْكِيدُ التَّجَبُّرِ, سِجِّيلٌ الشَّدِيدُ الْكَثيرُ, سِجِّيلٌ وَسِجِّينٌ وَالنُّونُ وَاللَّامُ أُخْتَانِ, وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:

وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ ضَاحِيَةً ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الابْطَالُ سِجِّينَا

خ: {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ} وَاحِدُ الأشهادِ شَاهِدٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ, {إِجْرَامِي} مَصْدَرُ أَجْرَمْتُ, وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ جَرَمْتُ, الْفُلْكُ وَالْفَلَكُ وَاحِدٌ وَهْيَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ, {مَجْرَاهَا} مَسِيرَهَا {وَمُرْسَاهَا} مَوْقِعَها, وَيُقْرَأُ ومَرْسَاهَا مِنْ رَسَتْ, وَمَجْرَاهَا مِنْ جَرَتْ هِيَ, وَمُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا مِنْ فُعِلَ بِهَا وَهُوَ مَصْدَرُ أَجْرَيْتُ وَأَرْسَيْتُ حَبَسْتُ, الرَاسِيَاتُ الثَابِتَاتُ.

(4/272)

[2562]- (4681) خ نَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ, نا حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ, أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي (1) صُدُورُهُمْ} قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: كَانُوا يَسْتَخْفُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ.

وقَالَ غَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {يَسْتَغْشُونَ} يُغَطُّونَ رُءُوسَهُمْ.

{الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} الْعَوْنُ الْمُعِينُ, وقَالَ غيره: رَفَدْتُهُ أَعَنْتُهُ, {أُتْرِفُوا} أُهْلِكُوا.

بَاب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ

{أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}

[2563]- (4685) خ نَا مُسَدَّدٌ, نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, نا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ.

خ , و (2441) نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا هَمَّامٌ - لَفْظُهُ - نا قَتَادَةُ, عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الله يُدْنِي الْمُؤْمِن (2) فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا, أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا, فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ, حَتَّى قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قد هَلَكَ قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ, فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ, وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الاشْهَادُ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}».

وقَالَ سَعِيدٌ وَهِشَامٌ: «يُنَادَى عَلَى رُءُوسِ الاشْهَادِ».

_________

(1) أهمله في الأصل ولم يقيده.

(2) في الأصل: المؤمنين.

(4/273)

وَخَرَّجَهُ في: بَاب كَلَامِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ الانْبِيَاءِ (7514) , وفِي بَابِ سَتْرِ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ (6070).

بَاب

{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}

[2564]- (4686) خ نَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ, نا أَبُومُعَاوِيَةَ, نا بُرَيْدُ بْنُ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» , ثُمَّ قَرَأَ: «{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}».

سُورَةُ يُوسُفَ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَقَالَ فُضَيْلٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: {مُتَّكَأً} الاتْرُجُّ (1) , قَالَ فُضَيْلٌ: الاتْرُنجُ بِالْحَبَشِيَّةِ مُتْكًا, وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: مُتْكًا كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ بِالسِّكِّينِ, وَقَالَ قَتَادَةُ: {لَذُو عِلْمٍ} عليم عَامِلٌ بِمَا عَلِمَ, وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: {صُوَاعَ الْمَلِكِ} مَكُّوكُ الْفَارِسِيِّ الَّذِي تَلْتَقِي طَرَفَاهُ كَانَتْ تَشْرَبُ بِهِ الاعَاجِمُ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {تُفَنِّدُونِ} تُجَهِّلُونِ, غَيَابَةٌ كُلُّ شَيْءٍ غَيَّبَ عَنْكَ شَيْئًا فَهُوَ غَيَابَةٌ, وَالْجُبُّ الرَّكِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ, {بِمُؤْمِنٍ لَنَا} بِمُصَدِّقٍ, {أَشُدَّهُ} قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي النُّقْصَانِ, يُقَالَ بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغُوا أَشُدَّهُمْ, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُهَا شَدٌّ, وَالْمُتَّكَأُ مَا اتَّكَأْتَ عَلَيْهِ لِشَرَابٍ أَوْ لِحَدِيثٍ أَوْ لِطَعَامٍ, وَأَبْطَلَ الَّذِي قَالَ الاتْرُنْجَ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الاتْرُنجُ فَلَمَّا احْتُجَّ

_________

(1) سقطت الكلمة من الأصل.

(4/274)

عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ الْمُتَّكَأُ مِنْ نَمَارِقَ فَرُّوا إِلَى أشَرَّ مِنْهُ وَقَالَوا: إِنَّمَا هِيَ الْمُتْكُ سَاكِنَةَ التَّاءِ وَإِنَّمَا الْمُتْكُ طَرَفُ الْبَظْرِ, وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا المَتْكَاءُ وَابْنُ الْمَتْكَاءِ, فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أُتْرُجٌّ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْمُتَّكَإِ.

{شَغَفَهَا} يُقَالَ إلى شِغَافَهَا وَهُوَ غِلَافُ قَلْبِهَا, وَأَمَّا شَعَفَهَا فَمِنْ الْمَشْغُوفِ, {أَضْغَاثُ} مَا لَا تَأْوِيلَ لَهُ وَالضِّغْثُ مِلْءُ الْيَدِ مِنْ الحَشِيشِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَمِنْهُ {خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} لَا مِنْ قَوْلِهِ {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} وَاحِدُهَا ضِغْثٌ, نَمِيرُ: مِنْ الْمِيرَةِ, {وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ, أَوَى إِلَيْهِ ضَمَّ إِلَيْهِ, السِّقَآيَة مِكْيَالٌ, {اسْتَيْأَسُوا} يَئِسُوا من اليأس, {لاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} مَعْنَاهُ الرَّجَاءُ, {خَلَصُوا نَجِيًّا} اعْتَزَلُوا نَجِيًّا وَالْجَمِيعُ أَنْجِيَةٌ, يَتَنَاجَوْنَ الْوَاحِدُ نَجِيٌّ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمِيعُ نَجِيٌّ وَأَنْجِيَةٌ, {تَفْتَأُ} لَا تَزَالُ, {حَرَضًا} مُحْرَضًا يُذِيبُكَ الْهَمُّ, تَحَسَّسُوا تَخَبَّرُوا, {مُزْجَاةٍ} قَلِيلَةٍ, {غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} عَامَّةٌ مُجَلِّلَةٌ, سَوَّلَتْ زَيَّنَتْ, مثواه مقامه, وألفيا وجدا, قَالَ عِكْرِمَةُ: {هَيْتَ} بِالْحَوْرَانِيَّةِ هَلُمَّ, قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: تَعَالَهْ.

بَاب

{وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ}

[2565]- (4688) خ ونَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نا عَبْدُ الصَّمَدِ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ دِينَارٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ».

بَاب

{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}

سَوَّلَتْ: زَيَّنَتْ, تَقَدَّمَ حَدِيثُ الإِفْكِ, صَحّ.

(4/275)

[2566]- (4692) خ - الْبُخَارِيُّ - نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ, نا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ, نا شُعْبَةُ, عَنْ سُلَيْمَانَ, عَنْ أبِي وَائِلٍ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ: {وقَالَت هِيتَ (1) لَكَ} , وقَالَ: إِنَّمَا نَقْرَؤُهَا كَمَا عُلِّمْنَاهَا.

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} (2).

بَاب

{فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} إِلَى {حَاشَ لِلَّهِ}

حَاشَى وَحَاشَ تَنْزِيهٌ وَاسْتِثْنَاءٌ, حَصْحَصَ وَضَحَ.

بَاب

{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ}

[2567]- (4695) خ نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ صَالِحٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} قَالَ: قُلْتُ: أَكُذِبُوا أَمْ كُذِّبُوا؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: كُذِّبُوا, فقُلْتُ: فَقَدْ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ, قَالَتْ: أَجَلْ لَعَمْرِي لَقَدْ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ, فَقُلْتُ لَهَا: وَظَنُّوا أَنَّهُمْ كُذِبُوا, قَالَتْ: مَعَاذَ الله, لَمْ تَكُنْ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا, قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الآيَة؟ قَالَتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ وَطَالَ عَلَيْهِمْ الْبَلَاءُ وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمْ النَّصْرُ, حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ

_________

(1) هكذا ضبطه في النسخة، بكسر أوله، وفتح آخره، وهي قراءة ابن مسعود، فضبط النسخة يوافق المشهور عن ابن مسعود رضي الله عنه، وعلى هذا ينبغي أن تحمل الرِوَاية، وفي الصحيح ضبطه كقراءة حفص، والله أعلم.

(2) هذا موصول بالإسناد السابق.

(4/276)

مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَظَنَّتْ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ الله عِنْدَ ذَلِكَ.

وَخَرَّجَهُ في: الأنبياء باب {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ} الآيَة (3389).

سُورَةُ الرَّعْدِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ} مَثَلُ الْمُشْرِكِ عَبَدَ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ غَيْرَهُ كَمَثَلِ الْعَطْشَانِ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى خَيَالِهِ فِي الْمَاءِ مِنْ بَعِيدٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ فَلَا يَقْدِرُهُ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُتَجَاوِرَاتٌ} مُتَدَانِيَاتٌ, {الْمَثُلَاتُ} وَاحِدَتُهَا مَثُلَةٌ وَهِيَ الاشْبَاهُ وَالامْثَالُ, وَقَالَ {إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا} , {بِمِقْدَارٍ} بِقَدَرٍ, {مُعَقِّبَاتٌ} مَلَائِكَةٌ حَفَظَةٌ تُعَقِّبُ الاولَى مِنْهَا الاخْرَى وَمِنْهُ قِيلَ الْعَقِيبُ يقَالَ: عَقِيبٌ فِي إِثْرِهِ, {الْمِحَالِ} الْعُقُوبَةُ, {كَبَاسِطِ} لِيَقْبِضَ عَلَى الْمَاءِ, {رَابِيًا} مِنْ رَبَا يَرْبُو, {أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ} الْمَتَاعُ مَا تَمَتَّعْتَ بِهِ, {جُفَاءً} أَجْفَأَتْ الْقِدْرُ إِذَا غَلَتْ فَعَلَاهَا الزَّبَدُ ثُمَّ تَسْكُنُ فَيَذْهَبُ الزَّبَدُ بِلَا مَنْفَعَةٍ فَكَذَلِكَ يُمَيِّزُ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ, يَدْرَءُونَ: يَدْفَعُونَ دَرَأْتُهُ دَفَعْتُهُ, {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} أَيْ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ, {وَإِلَيْهِ مَتَابِ} تَوْبَتِي, {أَفَلَمْ يَيْأَسِ} لَمْ يَتَبَيَّنْ, {قَارِعَةٌ} دَاهِيَةٌ, {فَأَمْلَيْتُ} أَطَلْتُ بهم مِنْ الْمَلِيِّ وَالْمِلَاوَةِ وَمِنْهُ مَلِيًّا، وَيُقَالَ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنْ الارْضِ مَلاءً (1).

_________

(1) هكذا ثبت في النسخة، وفي الصحيح: ملىً.

(4/277)

{أَشَقُّ} أَشَدُّ مِنْ الْمَشَقَّةِ, {مُعَقِّبَ} مُغَيِّرٌ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُتَجَاوِرَاتٌ} طَيِّبُهَا وَخَبِيثُهَا السِّبَاخُ (1)،

{صِنْوَانٌ} النَّخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ, {وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} وَحْدَهَا, {بِمَاءٍ وَاحِدٍ} كَصَالِحِ بَنِي آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ أَبُوهُمْ وَاحِدٌ, السَّحَابُ الثِّقَالَ فِيهِ الْمَاءُ, {كَبَاسِطِ} يَدْعُو الْمَاءَ بِلِسَانِهِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَلَا يَأْتِيهِ أَبَدًا, {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} تَمْلَأُ كُلِّ وَادٍ, {زَبَدًا رَابِيًا} زَبَدُ السَّيْلِ خَبَثُ الْحَدِيدِ وَالْحِلْيَةِ.

سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَادٍ} دَاعٍ (2) , وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} أَيَادِيَ الله عِنْدَكُمْ وَأَيَّامَهُ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيهِ, {تَبْغُونَهَا عِوَجًا} تَلْتَمِسُونَ بِهَا عِوَجًا, {وَإِذْ تَأَذَّنَ} أَعْلَمَكُمْ آذَنَكُمْ, {أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} هَذَا مَثَلٌ كَفُّوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ, {مَقَامِي} حَيْثُ يُقِيمُهُ الله بَيْنَ يَدَيْهِ, {مِنْ وَرَائِهِ} قُدَّامَهُ جَهَنَّمُ, {لَكُمْ تَبَعًا} وَاحِدُهَا تَابِعٌ مِثْلُ غَيَبٍ وَغَائِبٍ, {وَلَا خِلَالٌ} مَصْدَرُ خَالَلْتُهُ خِلَالًا وَيَجُوزُ أَيْضًا جَمْعُ خُلَّةٍ خِلَال, {اجْتُثَّتْ} اسْتُؤْصِلَتْ, {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} , {الْبَوَارِ} الْهَلَاكُ بَارَ يَبُورُ, {بُورًا} هَالِكِينَ.

_________

(1) قَالَ الحافظ: كَذَا لِلْجَمِيعِ، وَسَقَطَ خَبَر طَيِّبهَا، وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيق اِبْن أبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله: (وَفِي الارْض قِطَعٌ مُتَجَاوِرَات) قَالَ: طَيّهَا عَذْبهَا، وَخَبِيثهَا السِّبَاخ اهـ.

وفي الأصل: الصباخ.

(2) هكذا وقع في الأصل، وفي جميع النسخ التي وقفت عليها، وذكر الحافظ مثل ذلك، والآية من السورة السابقة.

(4/278)

باب تفسير سُورَةُ الْحِجْرِ

وَقَالَ غَيْرُ مُجَاهِدٌ (1): {صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} الْحَقُّ يَرْجِعُ إِلَى الله وَعَلَيْهِ طَرِيقُهُ, وَقَالَ في {كِتَابٌ مَعْلُومٌ} أَجَلٌ (2) , {لَوْ مَا} هَلَّا تَأْتِينَا, شِيَعٌ أُمَمٌ وَالاوْلِيَاء أَيْضًا شِيَعٌ, {سُكِّرَتْ} غُشِّيَتْ, {لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} الامَامُ كُلُّ مَا ائْتَمَمْتَ وَاهْتَدَيْتَ بِهِ.

بَاب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ

{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ}

[2568]- (3378) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُوالْحَسَنِ, نا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ أَبُوزَكَرِيَّاءَ, نا سُلَيْمَانُ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ دِينَارٍ.

(433) خ ونا إِسْمَاعِيلُ, نا مَالِكٌ, عَنْ ابْنِ دِينَارٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ.

(3379) خ ونَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ, نا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ, عَنْ عُبَيْدِ الله, عَنْ نَافِعٍ, أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ.

(4491) خ ونَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ, نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَالِمٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجْرِ.

قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: غَزْوَةِ تَبُوكَ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ: «لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ».

وقَالَ مَالِكٌ: «عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ».

_________

(1) هكذا في الأصل، وفي الصحيح: قَالَ مجاهد.

(2) هكذا ثبت على أن القائل هو مجاهد، ومثله لأبي ذر، ولغيرهم: وَقَالَ غَيْره كِتَاب مَعْلُوم أَجَلٌ.

(4/279)

قَالَ الزُّهْرِيُّ: «أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثل مَا أَصَابَهُمْ» ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الْوَادِيَ.

قَالَ نَافِعٌ: وإنَّ النَّاسَ نَزَلُوا أَرْضَ ثَمُودَ الْحِجْرَ، وَاسْتَقَوْا مِنْ بِآرِهَا، وَاعْتَجَنُوا بِهِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ بِآرِهَا، وَأَنْ يَعْلِفُوا الابِلَ الْعَجِينَ, وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْقُوا مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ.

وقَالَ سُلَيْمَانُ: فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب الصَّلَاةِ فِي مَوَاضِعِ الْخَسْفِ وَالْعَذَابِ (433) , وفي كتاب الأنبياء بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} (3378 - 3381) , وفي المغازي بَاب نُزُولِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجْرَ غزوة تبوك (4419) (4420).

بَاب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ

{إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ}

[2569]- (3210) خ نَا ابْنُ أبِي مَرْيَمَ (1) , نا اللَّيْثُ, نا ابْنُ أبِي جَعْفَرٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, عَنْ عَائِشَةَ.

(7561) خ وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ, نا عَنْبَسَةُ, نا يُونُسُ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ, قَالَتْ عَائِشَةُ: سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِيَّ

_________

(1) في بعض النسخ نا محمد نا ابن أبِي مريم، فمحمد ينبغي أن يكون البخاري صرح به الراوي في هذا الموضع.

قَالَ ابن خلفون: هكذا روي عن أبِي ذر الهروي عن أبِي الهيثم الكشميهني، ولم يوجد لغيره، لا عند ابن السكن ولا الأصيلي ولا عند أبِي مسعود الدمشقي أهـ (المعلم: ص294).

قلت: انفراد أبِي ذر بذلك هو من قبيل الشذوذ، إلا أن يخرج على أنه البخاري، كما خرجته أول التعليقة، ويكون الراوي إنما صرح باسمه لنكة ما، فينبغي أن تتطلب، والله أعلم.

(4/280)

صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكُهَّانِ فَقَالَ: «إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ» , َقَالَوا: يَا رَسُولَ الله فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا.

قَالَ اللَّيْثُ فيه: قَالَت: قَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ - وَهُوَ السَّحَابُ -, فَتَذْكُرُ الامْرَ يُقْضَىَ فِي السَّمَاءِ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ، فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ, فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ».

وقَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِيهِ: قَالَ: «تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ, فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ, فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ».

[2570]- (4800) خ نا الْحُمَيْدِيُّ, و (4701) نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَضَى الله الامْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ, كَأنه سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ».

[2571]- زَادَ الْحُمَيْدِيُّ, قَالَ عَلِيٌّ وَغَيْرُهُ: «يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ, فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالَوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالَوا لِلَّذِي قَالَ: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ, فَيَسْتَمِعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ [وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ] (1) هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَهُ آخَرَ» , فَوَصَفَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ فَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ، «فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ, وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِيَه بِهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الارْضِ» , وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: «حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الارْضِ فَيُلْقَى عَلَى فَمْ السَّاحِرِ والكاهن فَيَصْدُقُ, فَيَكْذِبُون مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ, فَيَقُولُونَ أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا, لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنْ السَّمَاءِ».

_________

(1) سقطت من الأصل لانتقَالَ النظر.

(4/281)

قَالَ سُفْيَانُ: هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو (فُرِّغَ) فَلَا أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لَا, قَالَ سُفْيَانُ: وَهِيَ قِرَاءَتُنَا.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب الْكِهَانَةِ (5762) , وفِي بَابِ قِرَاءَةِ الْفَاجِرِ وَالْمُنَافِقِ الباب (7561) , وفِي بَابِ قَوْلِ الرَّجُلِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ يَنْوِي لَيْسَ بِحَقٍّ (6213) , وفِي بَابِ صِفَةِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ (3288) , وفي الصفات باب قوله {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ} الآيَة (7481) , وفي تفسير سورة سبأ قوله {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} الآيَة (4800).

بَاب

{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}

{قَاسَمَهُمَا} حَلَفَ لَهُمَا وَلَمْ يَحْلِفَا لَهُ, {الْمُقْتَسِمِينَ} الَّذِينَ حَلَفُوا وَمِنْهُ {لَا أُقْسِمُ} أَيْ أُقْسِمُ وَتُقْرَأُ {لَأُقْسِمُ} , وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تَقَاسَمُوا تَحَالَفُوا.

[2572]- (4705) خ نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا هُشَيْمٌ, أَخْبَرَنَا أَبُوبِشْرٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ.

وَخَرَّجَهُ في: باب إتيان اليهود النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قدم المدينة (3945).

[2573]- (4706) خ ونَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى, عَنْ الاعْمَشِ, عَنْ أبِي ظَبْيَانَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ} قَالَ: آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.

{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} قَالَ سَالِمٌ: الْمَوْتُ.

(4/282)

سُورَةُ النَّحْلِ

رُوحُ الْقُدُسِ: جِبْرِيلُ, {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} , وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فِي تَقَلُّبِهِمْ} في اخْتِلَافِهِمْ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تَمِيدُ تَكَفَّأُ, {مُفْرَطُونَ} مَنْسِيُّونَ, {سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} لَا يَتَوَعَّرُ عَلَيْهَا مَكَانٌ سَلَكَتْهُ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَمَعْنَاهَا الِاعْتِصَامُ بِالله.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {شَاكِلَتِهِ} نَاحِيَتِهِ, {قَصْدُ السَّبِيلِ} الْبَيَانُ, والدِّفْءُ مَا اسْتَدْفَأْتَ به, {بِشِقِّ} {بِشِقِّ} يَعْنِي الْمَشَقَّةَ.

وقَالَ غيره: {عَلَى تَخَوُّفٍ} تَنَقُّصٍ, {سَرَابِيلَ} قُمُصٌ تَقِيكُمْ الْحَرَّ, {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} فَإِنَّهَا الدُّرُوعُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَفَدَةً: مَنْ وَلَدَ الرَّجُلُ, السَّكَرُ مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتِهَا, وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ مَا أَحَلَّ الله, وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَدَقَةَ: {أَنْكَاثًا} هِيَ خَرْقَاءُ كَانَتْ إِذَا أَبْرَمَتْ غَزْلَهَا نَقَضَتْهُ, وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الامَّةُ مُعَلِّمُ الْخَيْرِ.

سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ

{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} أَخْبَرْنَاهُمْ أَنَّهُمْ سَيُفْسِدُونَ, وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ: {وَقَضَى رَبُّكَ} أَمَرَ, وَمِنْهُ الْحُكْمُ {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ} , وَمِنْهُ الْخَلْقُ {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}.

{نَفِيرًا} مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ, {حَصِيرًا} مَحْبِسًا مَحْصَرًا, حَقَّ وَجَبَ, {مَيْسُورًا} لَيِّنًا, {خِطْئًا} إِثْمًا, وَهُوَ اسْمٌ مِنْ خَطِئْتَ وَالْخَطَأُ مَفْتُوحٌ مَصْدَرُهُ مِنْ الاثْمِ خَطِئْتُ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ, {لَنْ تَخْرِقَ} تَقْطَعَ, رُفَاتًا: حُطَامًا, {بِخَيْلِكَ} الْفُرْسَانِ {تَارَةً} مَرَّةً وَجَمَاعَتُهُ تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلُّ سُلْطَانٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ حُجَّةٌ, {وَلِيٌّ مِنَ

(4/283)

الذُّلِّ} لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا, كَرَّمْنَا وَأَكْرَمْنَا وَاحِدٌ, {ضِعْفَ الْحَيَاةِ} عَذَابَ الْحَيَاةِ, {وَنَأَى} تَبَاعَدَ, {شَاكِلَتِهِ} نَاحِيَتِهِ وَهِيَ مِنْ شَكْلِهِ, {قَبِيلًا} مُعَايَنَةً وَمُقَابَلَةً وَقِيلَ الْقَابِلَةُ لِأَنَّهَا مُقَابِلَتُهَا وَتَقْبَلُ وَلَدَهَا, {خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} أَنْفَقَ الرَّجُلُ أَمْلَقَ وَنَفِقَ الشَّيْءُ فَقَدْ ذَهَبَ, {قَتُورًا} مُقَتِّرًا, الاذْقَان مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَالْوَاحِدُ ذَقَنٌ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَوْفُورًا وَافِرًا, {تَبِيعًا} ثَائِرًا, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَصِيرًا, لَا تُبَذِّرْ: لَا تُنْفِقْ فِي الْبَاطِلِ, {ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ} (1) رِزْقٍ, {مَثْبُورًا} مَلْعُونًا, {فَجَاسُوا} تَيَمَّمُوا, يُزْجِي الْفُلْكَ: يُجْرِي الْفُلْكَ, {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} لِلْوُجُوهِ.

«فَجَلَّى الله لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ» جلى: كشف.

[2574]- (4708) خ نَا آدَمُ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ: إِنَّهُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الاوَلِ وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي.

وَخَرَّجَهُ في: آخر سورة الأنبياء (4739) , وباب تأليف القرآن (4994).

[2575]- (4710) خ نَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ, نا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُوسَلَمَةَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَمَّا كَذَّبَنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ فَجَلَّى الله لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ».

زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَني ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ: «لَمَّا كَذَّبَنِي قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِيَ بِي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ» نَحْوَهُ.

وَخَرَّجَهُ في: باب مبعث النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3886).

_________

(1) في الأصل: ابتغاء وجهه، وهو سبق قلم.

(4/284)

[2576]- (4711) خ ونَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, نا مَنْصُورٌ, عَنْ أبِي وَائِلٍ, عَنْ عَبْدِ الله: كُنَّا نَقُولُ لِلْحَيِّ إِذَا كَثُرُوا أَمِرَ بَنُو فُلَانٍ.

بَاب

{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} [2577]- (4714) خ نا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, نا يَحْيَى, نا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أبِي مَعْمَرٍ - هو عَبْدُالله بْنُ سَخْبَرة - عَنْ عَبْدِ الله {إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنْ الانْسِ يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنْ الْجِنِّ فَأَسْلَمَ الْجِنُّ وَتَمَسَّكَ هَؤُلَاءِ بِدِينِهِمْ.

زَادَ الاشْجَعِيُّ, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ الأعْمَشِ {ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ}.

وَخَرَّجَهُ في: باب {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} (4715).

بَاب

{وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}

[2578]- (4716) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ, {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} الشَجَرَةُ الزَّقُّومُ.

وَخَرَّجَهُ في: حديث الإسراء من كتاب مبعث النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3888) , وفِي كِتَابِ القدر بمثل الترجمة (6613).

(4/285)

بَاب

قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}

[2579]- (4721) خ نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نا أَبِي, عن الاعْمَشِ - هُوَ مَدَارُهُ -.

(7456) خ ونا يَحْيَى, نا وَكِيعٌ, عَنْ الأعْمَشِ.

(7462) خ ونَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ, عَنْ الأعْمَشِ, و (7297) نَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ, نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ, عَنْ الأعْمَشِ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ, عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ, فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ الْيَهُودِ, فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ لَا يُسْمِعُكُمْ مَا تَكْرَهُونَ, فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالَوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ حَدِّثْنَا عَنْ الرُّوحِ, فَقَامَ سَاعَةً يَنْظُرُ, فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ, فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعِدَ الْوَحْيُ ثُمَّ قَالَ: «{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}».

زَادَ وَكِيعٌ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لَا تَسْأَلُوهُ.

وقَالَ عَبْدُالوَاحِدِ: «{وَمَا أُوتُوا مِنْ الْعِلْمِ}».

قَالَ الأعْمَشُ: هَكَذَا فِي قِرَاءَتِنَا.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قَوْلِه {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ} (7462) , وفِي بَابِ قَوْلِهِ {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} (7456) , وفِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ (7297) , وفِي بَابِ قَوْلِه {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} من كتاب العلم

(4/286)

(125) , وفِي بَابِ قول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة» و «زينوا القرآن بأصواتكم» (؟) (1).

بَاب

{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}

[2580]- (7490) خ نَا مُسَدَّدٌ، و (4722) يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَا: نا هُشَيْمٌ, أنا أَبُوبِشْرٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} قَالَ: نَزَلَتْ وَرَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ, كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ, فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ, فَقَالَ الله تبارك لِنَبِيِّهِ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أَيْ بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ, {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ, {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}.

زَادَ مُسَدَّدٌ: أَسْمِعْهُمْ وَلَا تَجْهَرْ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} (7490) , وفِي بَابِ {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} (7525).

[2581]- (4723) خ نا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ, نا زَائِدَةُ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}: أُنْزِلَ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ.

_________

(1) ليس في هذا الباب من طرق هذا الحديث شيء، إنما هذا تخريج الحديث اللاحق نقله الناسخ إلى هنا، والله أعلم.

(4/287)

وفِي بَابِ {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} (7526) , وفِي كِتَابِ الدعاء (6327) (1).

سُورَةُ الْكَهْفِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ} (2) ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ, وَقَالَ غَيْرُهُ: جَمَاعَةُ الثَّمَرِ, {بَاخِعٌ} مُهْلِكٌ, {أَسَفًا} نَدَمًا {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} لَمْ يَنْقُصْ, وَقَالَ غَيْرُهُ: وَأَلَتْ تَئِلُ (3) , وَقَالَ مُجَاهِدٌ {مَوْئِلًا} مَحْرِزًا, {لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} لَا يَعْقِلُونَ, ويُقَالَ {فُرُطًا} نَدَمًا, {سُرَادِقُهَا} مِثْلُ السُّرَادِقِ الْحُجْرَةِ الَّتِي تُطِيفُ بِالفُسْطَاطِ, {يُحَاوِرُهُ} مِنْ الْمُحَاوَرَةِ, {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} أَيْ لَكِنْ أَنَا هُوَ الله رَبِّي ثُمَّ حَذَفَ الالِفَ وَأَدْغَمَ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الاخْرَى, {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ} مَصْدَرُ الْوَلِيِّ, {قِبَلًا} قَبِيلًا اسْتِئْنَافًا, {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} زَمَانًا وَجَمْعُهُ أَحْقَابٌ, {سَرَبًا} مَذْهَبًا يَسْرُبُ يَسْلُكُ وَمِنْهُ {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} , {نُكْرًا} دَاهِيَةً, {يَنْقَضَّ} يَنْقَاضُ كَمَا يَنْقَاضُ

_________

(1) اختلف ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما فيم أنزلت هذه الآيَة، والبخاري يرى أن تفسير الصحابي للقرآن من قبيل المسند، وأن قوله أنزل ذلك في كذا من هذا القبيل.

وقد بين ذلك من مذهب الشيخين الإمام الحاكم في مستدركه وفي معرفة علوم الحديث، قَالَ في المعرفة (ح40): هذا الحديث وأشباهه مُسندة عن آخرها، وليست بموقوفة، فان الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل، فأخبر عن آيَة من القرآن أنها نزلت في كذا وكذا، فإنه حديث مسند أهـ.

وقَالَ في المستدرك 2/ 258: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند أهـ.

وقد بينت صحيح ذلك من سقيمه في شرح معرفة علوم الحديث، وعزرته بالأمثلة، فلينظره من أراد الاستزَادَة، والله الموفق.

(2) في الأصل: وكان ثمر.

(3) ضيطه في الأصل بالياء والتاء معا، وقد انتقد هذا الحرف على البخاري، والصواب معه كما قرره العلماء، انظر المشارق 2/ 471.

(4/288)

الشيء, {لَاتَّخَذْتَ} و {لَتَخِذْتَ} واتخذ وَاحِدٌ, {رُحْمًا} مِنْ الرُّحْمِ وَهِيَ أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنْ الرَّحْمَةِ ونظرائه (1) مِنْ الرَّحِيمِ، وَتُدْعَى مَكَّةُ أُمَّ رُحْمٍ, أَيْ الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ بِهَا.

بَاب

{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا}

[2582]- (4728) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ, نا شُعْبَةُ, عَنْ عَمْروٍ, عَنْ مُصْعَبٍ قَالَ: سَأَلْتُ أبِي {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} أهُمْ الْحَرُورِيَّةُ؟ قَالَ: لَا, هُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى, أَمَّا الْيَهُودُ فَكَذَّبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَالنَّصَارَى كَفَرُوا بِالْجَنَّةِ, وَقَالَوا لَا طَعَامَ فِيهَا وَلَا شَرَابَ, وَالْحَرُورِيَّةُ {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} وَكَانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمْ الْفَاسِقِينَ.

بَاب

{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} الآيَة

[2583]- (4729) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله, نا سَعِيدُ بْنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوالزِّنَادِ, عَنْ الأعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ» وَقَالَ: «اقْرَءُوا {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}».

_________

(1) في الصحيح: ونظن أنه.

(4/289)

باب سُورَةُ كهيعص

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} الله يَقُولُهُ وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ وَلَا يُبْصِرُونَ, {فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} يَعْنِي قَوْلَهُ {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} الْكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ أَسْمَعُ شَيْءٍ وَأَبْصَرُهُ, {لَأَرْجُمَنَّكَ} لَأَشْتِمَنَّكَ, {وَرِئْيًا} مَنْظَرًا.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} تُزْعِجُهُمْ إِلَى الْمَعَاصِي إِزْعَاجًا, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَثَاثًا} مَالًا, {إِدًّا} قَوْلًا عَظِيمًا, {رِكْزًا} صَوْتًا, وَقَالَ غَيْرُهُ: بُكِيًّا: جَمَاعَةُ بَاكٍ, قَالَ: {صِلِيًّا} صَلِيَ يَصْلَى, {نَدِيًّا} وَالنَّادِي وَاحِدٌ مَجْلِسًا, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَلْيَمْدُدْ} فَلْيَدَعْهُ.

بَاب

{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} الآيَة

[2584]- (7455) نَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى, نا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ: سَمِعْتُ أبِي يُحَدِّثُ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا جِبْرِيلُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا» فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} الآيَة, قَالَ: كَانَ هَذَا الْجَوَابَ لِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} (7455) , وفِي بَابِ ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ (3218).

(4/290)

بَاب قَوْلِهِ تعالى

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا}.

[2585]- (4734) خ نَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ, خ و (2425) نَا إِسْحَاقُ, نا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ قَالَا: نا شُعْبَةُ.

[2586]- (2275) خ ونَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نا أَبِي, خ و (4735) نَا يَحْيَى, نا وَكِيعٌ, خ و (4732) نَا الْحُمَيْدِيُّ, و (4733) مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ, قَالَا: نا سُفْيَانُ - لَفْظُهُ - كُلُّهُمْ (1) , عَنْ الأعْمَشِ, عَنْ الأغر أبِي الضُّحَى, عَنْ مَسْرُوقٍ, عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا بِمَكَّةَ فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ سَيْفًا.

زَادَ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: فَاجْتَمَعَتْ لِي عِنْدَهُ, قَالَ وَهْبٌ: دَرَاهِمُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ, فَقَالَ: لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ, فَقُلْتُ: لَا وَالله لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى يُمِيتَكَ الله ثُمَّ يَبْعَثَكَ.

زَادَ الْحُمَيْدِيُّ: قَالَ: وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ ابنُ جَعْفَرٍ: قَالَ: فَذَرْنِي حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ أُبْعَثَ فَسَوْفَ أُوتَى مَالًا وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَ, فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}.

قَالَ: مُحَمَّدٌ عن سُفْيَان: مَوْثِقًا.

إلَى قَوْلِهِ {فَرْدًا}.

_________

(1) يعني شعبة وحفص ووكيع وسفيان.

(4/291)

وَخَرَّجَهُ في: بَاب ما قيل في الْقَيْنِ وَالْحَدَّادِ (2091) , وفِي بَابِ هَلْ يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ مِنْ مُشْرِكٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ (2275) , وفِي بَابِ التَّقَاضِي (2425).

سُورَةُ طه

قَالَ ابن جبير (1): بِالنَّبَطِيَّةِ أَيْ طَهْ يَا رَجُلُ {هَمْسًا} حِسُّ الاقْدَامِ, {حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} فِي الدُّنْيَا, وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {أَمْثَلُهُمْ} أَعْدَلُهُمْ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَضْمًا} لَا يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ مِنْ حَسَنَاتِهِ, {عِوَجًا} وَادِيًا, {وَلَا أَمْتًا} رَابِيَةً, {ضَنْكًا} الشَّقَاءُ، {يَبَسًا} يَابِسًا.

سُورَةُ الانْبِيَاءِ

وَقَالَ قَتَادَةُ: {جُذَاذًا} قَطَّعَهُنَّ, وَقَالَ الْحَسَنُ: {فِي فَلَكٍ} مِثْلِ فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ, {يَسْبَحُونَ} يَدُورُونَ, (2) {نَفَشَتْ} رَعَتْ لَيْلًا, {يُصْحَبُونَ} يُمْنَعُونَ, {أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} قَالَ: دِينُكُمْ دِينٌ وَاحِدٌ, وَقَالَ غَيْرُهُ {أَحَسُّوا} تَوَقَّعُوا مِنْ أَحْسَسْتُ, {خَامِدِينَ} هَامِدِينَ, وَالْحَصِيدُ مُسْتَأْصَلٌ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ, {يَسْتَحْسِرُونَ} يُعْيُونَ, وَمِنْهُ {حَسِيرٌ} وَحَسَرْتُ بَعِيرِي, عَمِيقٌ بَعِيدٌ, نُكِّسُوا رُدُّوا, {صَنْعَةَ لَبُوسٍ} الدُّرُوعُ, {تَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ} اخْتَلَفُوا, الْحَسِيسُ وَالْحِسُّ وَاحِدٌ وَهُوَ مِنْ الصَّوْتِ الْخَفِيِّ, {آذَنَّاكَ} أَعْلَمْنَاكَ, آذَنْته إِذَا أَعْلَمْتَهُ وَأَنْتَ وَهُوَ عَلَى سَوَاءٍ لَمْ تَغْدِرْ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} تُفْهَمُونَ, {التَّمَاثِيلُ} الاصْنَامُ, والسِّجِلُّ الصَّحِيفَةُ.

_________

(1) كذا ثبت في الأصل، وفي الصحيح قَالَ عكرمة والضحاك، قَالَ الحافظ: قَالَ عِكْرِمَة وَالضَّحَّاك: بِالنَّبَطِيَّةِ أَيْ طه يَا رَجُل، كَذَا لِأَبِي ذَرّ وَالنَّسَفِيِّ، وَلِغَيْرِهِمَا قَالَ اِبْن جُبَيْر أَيْ سَعِيد أهـ

(2) في الصحيح زيادة: قَالَ ابن عباس، وقد سقطت من الأصل.

(4/292)

سُورَةُ الْحَجِّ

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {الْمُخْبِتِينَ} الْمُطِيعِينَ (1) , وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فِي أُمْنِيَّتِهِ} إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ فَيُبْطِلُ الله مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ وَيُحْكِمُ الله آيَاتِهِ, وَيُقَالَ أُمْنِيَّتُهُ قِرَاءَتُهُ, {إِلَّا أَمَانِيَّ} يَقْرَءُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَشِيدٌ بِالْقَصَّةِ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَسْطُونَ} يَفْرُطُونَ مِنْ السَّطْوَةِ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِسَبَبٍ} بِحَبْلٍ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ, {يَسْطُونَ} يَبْطِشُونَ, {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ} أُلْهِمُوا.

وقَالَ أَبُوأُسَامَةَ عَنْ الأعْمَشِ: {سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} , وَقَالَ جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ: {سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى}

قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ كَيْفَ الْحَشْرُ حَدِيثُهُ.

بَاب

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ}

شَكٍّ, {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.

[2587]- (4742) خ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ, نا يَحْيَى بْنُ أبِي بُكَيْرٍ, نا إِسْرَائِيلُ, عَنْ أبِي حَصِينٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ فَإِنْ وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ غُلَامًا وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ قَالَ: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ, وَإِنْ لَمْ تَلِدْ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ قَالَ: هَذَا دِينُ سُوءٍ.

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل، وهو في الصحيح: الْمُخْبِتِينَ الْمُطْمَئِنِّينَ، قَالَ الحافظ: هُوَ كَذَلِكَ فِي " تَفْسِير اِبْن عُيَيْنَةَ " لَكِنْ أَسْنَدَهُ عَنْ اِبْن أبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد أهـ

(4/293)

سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ

وقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {سَبْعَ طَرَائِقَ} سَبْعَ سَمَوَاتٍ, (1) {هَيْهَاتَ} بَعِيدٌ بَعِيدٌ, {الْعَادِّينَ} الْمَلَائِكَةَ, {لَنَاكِبُونَ} لَعَادِلُونَ, {كَالِحُونَ} عَابِسُونَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {مِنْ سُلَالَةٍ} الْوَلَدُ وَالنُّطْفَةُ السُّلَالَةُ, وَالْجِنَّةُ وَالْجُنُونُ وَاحِدٌ, وَالْغُثَاءُ الزَّبَدُ وَمَا ارْتَفَعَ عَلى الْمَاءِ وَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ.

سُورَةُ النُّورِ

{مِنْ خِلَالِهِ} مِنْ بَيْنِ أَضْعَافِ السَّحَابِ, {سَنَا بَرْقِهِ} الضِّيَاءُ, {مُذْعِنِينَ} يُقَالَ لِلْمُسْتَخْذِي مُذْعِنٌ, {أَشْتَاتًا} وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ, وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمَالِيُّ: الْمِشْكَاةُ الْكُوَّةُ بالْحَبَشَةِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} بَيَّنَّاهَا, وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ الْقُرْآنُ لِجَمَاعَةِ السُّوَرِ, وَسُمِّيَتْ السُّورَةُ لِأَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ مِنْ الاخْرَى, فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ سُمِّيَ قُرْآنًا, وَقَوْلُهُ {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} تَأْلِيفَ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ, {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} فَإِذَا جَمَعْنَاهُ وَأَلَّفْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ, أَيْ مَا جُمِعَ فِيهِ فَاعْمَلْ بِمَا أَمَرَكَ وَانْتَهِ عَمَّا نَهَاكَ, وَيُقَالَ لَيْسَ لِشِعْرِهِ قُرْآنٌ أَيْ تَأْلِيفٌ, وَسُمِّيَ الْفُرْقَانَ لِأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ, وَيُقَالَ لِلْمَرْأَةِ مَا قَرَأَتْ بِسَلًا قَطُّ أَيْ لَمْ تَجْمَعْ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا, وَيُقَالَ فِي {فَرَّضْنَاهَا} أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً, وَمَنْ قَرَأَ {فَرَضْنَاهَا} يَقُولُ فَرَضْنَا عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ, {الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} أيْ: لَمْ يَدْرُوا

_________

(1) من هنا من قول ابن عباس، وسقط ذلك من النسخة وهو في الصحيح.

(4/294)

لِمَا بِهِمْ مِنْ الصِّغَرِ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَلَقَّوْنَهُ} يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ, {تُفِيضُونَ} تَقُولُونَ, {لُجِّيٍّ} اللُّجَّة مُعْظَمة الْبَحْر (1).

بَاب

{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} إلَى قَوْلِهِ {عَظِيمٌ}

[2588]- (4752) خ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, أخبرنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ, أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ: قَالَ ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقْرَأُ: إِذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ.

وَخَرَّجَهُ في: غزوة أنمار (4144).

بَاب

{لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} إلى {عَظِيمٌ}

[2589]- (4753) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, نا يَحْيَى, عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أبِي حُسَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عَائِشَةَ قَبْلَ مَوْتِهَا وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ, قَالَتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَيَّ, فَقِيلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ, قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ, فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنْ اتَّقَيْتُ, قَالَ: أَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ الله, زَوْجَةُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ, وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنْ السَّمَاءِ, وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلَافَهُ فَقَالَتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى عَلَيَّ, وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا.

وَخَرَّجَهُ في: فضائل عائشة (3771).

_________

(1) ثبت هذا في النسخة، وليس هو في شيء من نسخ البخاري التي بين أيدينا، لكن قَالَ الحافظ: ثَبَتَ هَذَا لِأَبِي نُعَيْم فِي الْمُسْتَخْرَج، وَهُوَ قَوْل أبِي عُبَيْدَة، قَالَ فِي قَوْله (فِي بَحْر لُجِّيٍّ): يُضَاف إِلَى اللُّجَّة وَهِيَ مُعْظَم الْبَحْر أهـ.

(4/295)

بَاب

{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}

[2590]- (4759) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ, عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ, عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ, أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: يَرْحَمُ الله نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأوَلَ (1) , لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا.

سُورَةُ الْفُرقَانِ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَنْثُورًا} مَا تَسْفِي بِهِ الرِّيحُ, {مَدَّ الظِّلَّ} مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ, {سَاكِنًا} دَائِمًا, {عَلَيْهِ دَلِيلًا} طُلُوعُ الشَّمْسِ, {خِلْفَةً} مَنْ فَاتَهُ مِنْ اللَّيْلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ أَوْ فَاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ, وَقَالَ الْحَسَنُ: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا} فِي طَاعَةِ الله وَمَا شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ مُؤْمِنٍ مِنْ أَنْ يَرَى حَبِيبَهُ فِي طَاعَةِ الله, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {ثُبُورًا} وَيْلًا, وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّعِيرُ مُذَكَّرٌ وَالتَّسَعُّرُ وَالاضْطِرَامُ التَّوَقُّدُ الشَّدِيدُ, {تُمْلَى عَلَيْهِ} تُقْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْلَيْتُ وَأَمْلَلْتُ, الرَّسُّ الْمَعْدِنُ جَمْعُهُ رِسَاسٌ, {غَرَامًا} هَلَاكًا, {مَا يَعْبَأُ} يُقَالَ مَا عَبَأْتُ بِهِ شَيْئًا لَا يُعْتَدُّ بِهِ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عَتَوْا: طَغَوْا, وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {عَاتِيَةٍ} عَتَتْ عَلَى الْخَزَّانِ, {لِزَامًا} أَيْ هَلَكَةً.

[2591]- (4767) خ نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ, نا أَبِي, نا الاعْمَشُ, نا مُسْلِمٌ, عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ الدُّخَانُ وَالْقَمَرُ وَالرُّومُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ.

_________

(1) هذه الجملة ليست في الصحيح من حديث أبِي نعيم، بل قَالَ البخاري في التصدير: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ نا أبِي عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ، فذكره، والله أعلم.

(4/296)

وَخَرَّجَهُ في: تفسير سورة الدخان في موضعين, باب قوله {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} (4820) (4824) (4825).

سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَعْبَثُونَ} تَبْنُونَ, {هَضِيمٌ} يَتَفَتَّتُ إِذَا مُسَّ, مُسَحَّرِينَ: الْمَسْحُورِينَ, {فِي السَّاجِدِينَ} الْمُصَلِّينَ, وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} كَأَنَّكُمْ, {مَوْزُونٍ} مَعْلُومٍ, {كَالطَّوْدِ} كَالْجَبَلِ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {لَشِرْذِمَةٌ} طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ, الرِّيعُ الْيَفَاعُ مِنْ الارْضِ وَجَمْعُهُ رِيَعَةٌ وَأَرْيَاعٌ وَاحِدُ رِيعَة, {مَصَانِعَ} كُلُّ بِنَاءٍ فَهُوَ مَصْنَعَةٌ, فَرِهِينَ مَرِحِينَ, {فَارِهِينَ} بِمَعْنَاهُ, وَيُقَالَ فَارِهِينَ حَاذِقِينَ, الايْكَةُ جَمْعُ أَيْكَةٍ وَهِيَ شَجَر, {تَعْثَوْا} أَشَدُّ الْفَسَادِ, عَاثَ يَعِيثُ عَيْثًا, الْجِبِلَّةَ: الْخَلْقُ, جُبِلَ خُلِقَ, وَمِنْهُ جُبُلًا وَجِبِلًا وَجُبْلَة يَعْنِي الْخَلْقَ.

بَاب

قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}

[2592]- (3350) (4769) (1) خ نَا إِسْمَاعِيلُ بن عبد الله قَالَ: حَدَّثَني أَخِي عبد الحميد, عَنْ ابْنِ أبِي ذِئْبٍ, عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ, فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي, فَيَقُولُ أَبُوهُ: الْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ, فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ, وَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أبِي الابْعَدِ, فَيَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ:

_________

(1) خرجه في موضعين بإسناد واحد ومتن مختلف.

(4/297)

إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ, ثُمَّ يُقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلِكَ؟ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ».

وَخَرَّجَهُ في: الأنبياء قَوْله عَزَّ وَجَلَّ {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (3350).

بَاب

{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ}

أَلِنْ جَانِبَكَ (1).

[2593]- (2753) (4771) خ نَا أَبُوالْيَمَانِ, أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, نا الزُّهْرِيِّ, حدثني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ, عن أبِي هُرَيْرَةَ.

(3527) خ وقَالَ شُعَيْبٌ: نا أَبُوالزِّنَادِ, عَنْ الاعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ (2).

[2594]- (1394) (3525) (4770) (4973) خ ونَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ (3) , نا أَبِي, نا الاعْمَشُ, حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ, عَنْ سَعِيدِ.

(3527) خ: وَقَالَ لَنَا قَبِيصَةُ: نا سُفْيَانُ, عَنْ حَبِيبِ بْنِ أبِي ثَابِتٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي: «يَا بَنِي فِهْرٍ يَا بَنِي عَدِيٍّ» لِبُطُونِ قُرَيْشٍ.

زَادَ حَبِيبٌ: يَدْعُوهُمْ قَبَائِلَ قَبَائِلَ.

زَادَ أَبُوالزِّنَادِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ الله, يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ الله».

_________

(1) في الأصل: ألن جناحك، لم يفسر الجناح، والمثبت من الصحيح.

(2) هو في الصحيح متصل بذكر أبِي اليمان عن شعيب.

(3) في الأصل: حفص بن عمر، وهو تصحيف.

(4/298)

زَادَ الزُّهْرِيُّ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ الله لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ الله شَيْئًا, يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ الله شَيْئًا, يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ الله».

وقَالَ أَبُوالزِّنَادِ: «يَا أُمَّ الزُّبَيْرِ عَمَّةَ رَسُولِ الله, يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ اشْتَرِيَا أَنْفُسَكُمَا مِنْ الله لَا أَمْلِكُ لَكُمَا مِنْ الله شَيْئًا, سَلَانِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمَا».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب هَلْ يَدْخُلُ النِّسَاءُ وَالْوَلَدُ فِي الاقَارِبِ (2753) , وفي المناقب بَاب مَنْ انْتَسَبَ إِلَى آبَائِهِ فِي الاسْلَامِ وَالْجَاهِلِيَّةِ (3525 - 3527) , وفِي بَابِ إِذَا وَقَفَ أرضا لِأَقَارِبِهِ وَمَنْ الاقَارِبُ (2753) , وفي تفسير {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} (4971 - 4973).

سُورَةُ النَّمْلِ

الْخَبْءُ مَا خَبَأْتَ, {لَا قِبَلَ} لَا طَاقَةَ, الصَّرْحُ كُلُّ مِلَاطٍ اتُّخِذَ مِنْ الْقَوَارِيرِ, وَالصَّرْحُ الْقَصْرُ وَجَمَاعَتُهُ صُرُوحٌ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} سَرِيرٌ كَرِيمٌ حَسَنُ الصَّنْعَةِ وغالي الثَّمَنِ, {يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} طَائِعِينَ, {رَدِفَ} اقْتَرَبَ, {أَوْزِعْنِي} اجْعَلْنِي, {جَامِدَةً} قَائِمَةً, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَكِّرُوا غَيِّرُوا, {وَأُوتِينَا الْعِلْمَ} يَقُولُ سُلَيْمَانُ, الصَّرْحُ بِرْكَةُ مَاءٍ ضَرَبَ عَلَيْهَا سُلَيْمَانُ, {قَوَارِيرَ} أَلْبَسَهَا إِيَّاهُ.

سُورَةُ الْقَصَصِ

{إِلَّا وَجْهَهُ} إِلَّا مُلْكَهُ, وَيُقَالَ إِلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ الله, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ} الْحُجَجُ, وقَالَ غيره: الْعُدْوَانُ وَالْعَدَاءُ وَالتَّعَدِّي وَاحِدٌ, مَقْبُوحِينَ مُهْلَكِينَ, {وَصَّلْنَا} بَيَّنَّا وَأَتْمَمْنَا, {يُجْبَى} يُجْلَبُ, {بَطِرَتْ} أَشِرَتْ, {فِي أُمِّهَا رَسُولًا}

(4/299)

أُمُّ الْقُرَى مَكَّةُ وَمَا حَوْلَهَا, {تُكِنُّ} تُخْفِي أَكْنَنْتُ الشَّيْءَ أَخْفَيْتُهُ, وَكَنَنْتُهُ أَخْفَيْتُهُ أَظْهَرْتُهُ.

بَاب

{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}

[2595]- (4773) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ, نا يَعْلَى, نا سُفْيَانُ الْعُصْفُرِيُّ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} إِلَى مَكَّةَ.

سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ

وقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ} ضَلَلَةً, وَقَالَ غَيْرُهُ: {الْحَيَوَانُ} وَالْحَيُّ وَاحِدٌ, {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} عَلِمَ الله ذَلِكَ, إِنَّمَا هِيَ (1) فَلِيَمِيزَنَّ الله كَقَوْلِهِ {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ} , {أَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} أَوْزَارًا مَعَ أَوْزَارِهِمْ.

سُورَةُ الرُّومِ

وقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُحْبَرُونَ} يُنَعَّمُونَ, {فَلَا يَرْبُو} مَنْ أَعْطَى يَبْتَغِي أَفْضَلَ فَلَا أَجْرَ فِيهَا, {يَمْهَدُونَ} يُسَوُّونَ الْمَضَاجِعَ, الْوَدْقُ الْمَطَرُ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ} فِي الآلِهَةِ وَفِيهِ, {تَخَافُونَهُمْ} أَنْ يَرِثُوكُمْ كَمَا يَرِثُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا, {يَصَّدَّعُونَ} يَتَفَرَّقُونَ, {فَاصْدَعْ} وَقَالَ غَيْرُهُ: ضُعْفٌ وَضَعْفٌ لُغَتَانِ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {السُّوأَى} الاسَاءَةُ جَزَاءُ الْمُسِيئِينَ, {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} لِدِينِ الله, {خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} دِينُ الاوَّلِينَ, وَالْفِطْرَةُ الاسْلَامُ.

_________

(1) في الصحيح زيادة: بمنزلة.

(4/300)

سُورَةُ لُقْمَانَ

تَقَدَّمَ مَا فِيهِا, حَدِيثُ: «مَا الإيمَانُ» فِي كِتَابِ الإيِمَانِ, وَفي سُورةِ الأَنْعَامِ {إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}.

سُورَةُ تنزيل السَّجْدَةِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَهِينٍ} ضَعِيفٍ نُطْفَةُ الرَّجُلِ, {ضَلَلْنَا} هَلَكْنَا, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْجُرُزُ الَّتِي لَا تُمْطَرُ إِلَّا مَطَرًا لَا يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا, {يَهْدِ} (1) يَبِينُ.

[2596]- (4779) خ: قَالَ أَبُومُعَاوِيَةَ, عَنْ الاعْمَشِ, عَنْ أبِي صَالِحٍ: قَرَأَ أَبُوهُرَيْرَةَ {قُرَّاتِ أَعْيُنٍ}.

سُورَةُ الاحْزَابِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {صَيَاصِيهِمْ} قُصُورِهِمْ.

بَاب

{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}

[2597]- (4782) خ نَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ, نا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ, أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ, حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}.

{سُنَّةَ اللَّهِ} اسْتَنَّهَا جَعَلَهَا.

_________

(1) سقطت من الأصل، وثبت تفسيرها.

(4/301)

بَاب

{قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} الآيَة.

وَقَالَ (مَعْمَرٌ) (1): التَّبَرُّجُ أَنْ تُخْرِجَ مَحَاسِنَهَا.

بَاب

{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}

[2598]- (7420) خ نَا أَحْمَدُ (2) , نا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو, فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3) يَقُولُ: «اتَّقِ الله وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ».

قَالَ: لَوْ كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ الآيَة, قَالَ: وَكَانَتْ (4) تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهْلُوكُنَّ وَزَوَّجَنِي الله مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ.

وَعَنْ ثَابِتٍ {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ.

وَخَرَّجَهُ في: باب قوله {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} (7420).

_________

(1) سقط من الأصل، وهو في الصحيح فاستدركته منه.

(2) محمد بن أبِي بكر المقدمي من شيوخ البخاري، وقد روى عنه هنا بواسطة أحمد، ولم ينسبه، فقَالَ أَبُوعبد الله الحاكم: هو أحمد بن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري، وقَالَ الكلاباذي إنه أحمد بن سيار المروزي، والله أعلم (المعلم: ص77).

(3) هنا في الأصل زيادة: عليه، كأنها مقحمة.

(4) زَادَ في الصحيح: زينبُ.

(4/302)

بَاب

{لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ} إلى {عَظِيمًا}.

يُقَالَ إِنَاهُ إِدْرَاكُهُ, أَنَى يَأْنِي أَنَاةً, {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} إِذَا وَصَفْتَ الْمُؤَنَّثِ قُلْتَ قَرِيبَةً, وَإِذَا جَعَلْتَهُ ظَرْفًا وَبَدَلًا وَلَمْ تُرِدْ الصِّفَةَ نَزَعْتَ الْهَاءَ مِنْ الْمُؤَنَّثِ, وَكَذَلِكَ لَفْظُهَا فِي الِاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ لِلذَّكَرِ وَالانْثَى.

[2599]- (4790) خ نَا مُسَدَّدٌ, عن يَحْيَى, عَنْ حُمَيْدٍ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله, يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ, فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ, فَأَنْزَلَ الله آيَة الْحِجَابِ.

[2600]- (4794) خ حدثني إِسْحَاقُ, نا عَبْدُ الله بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ.

ح, و (4793) نَا أَبُومَعْمَرٍ, نا عَبْدُ الْوَارِثِ, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ.

ح و (4791) نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الرَّقَاشِيُّ, نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ, سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ:, نا أَبُومِجْلَزٍ, عَنْ أَنَسِ.

خ و (4792) نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, [نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أبِي قِلَابَةَ.

[2601]- و (6238) نَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ] (1) , نا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي يُونُسُ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسٌ أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ مَقْدَمَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ, فَخَدَمْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرًا من حَيَاتِهُ, وَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ, وَقَدْ كَانَ أبِي بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عَنْهُ, وَكَانَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ, أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَرُوسًا.

_________

(1) قد سقط هذا على الناسخ فدخل إسناد في إسناد، وقد أقمته من الصحيح.

(4/303)

وقَالَ السَّهْمِيُّ, عَنْ حُمَيْدٍ: أَوْلَمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَنَى بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ, فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا, فخَرَجَ إِلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ صَبِيحَةَ بِنَائِهِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ وَيَدْعُو لَهُنَّ, وَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ.

وقَالَ ابْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ: فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا, فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ, ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ, فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوه, قُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله, مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو, قَالَ: «فَارْفَعُوا طَعَامَكُمْ» , وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ, فَخَرَجَ رسول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكِ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ الله» , فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ (1) وَرَحْمَةُ الله, كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ بَارَكَ الله لَكَ, فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا يَقُولُ لِعَائِشَةَ, وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ, فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَهْطٌ ثَلَاثَةٌ فِي الْبَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ, وَكَانَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدَ الْحَيَاءِ, فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ.

زَادَ السَّهْمِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ رَأَى رَجُلَيْنِ جَرَى بِهِمَا الْحَدِيثُ, فَلَمَّا رَآهُمَا رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ, فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَانِ نَبِيَّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ وَثَبَا مُسْرِعَيْنِ, فَمَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ بِخُرُوجِهِمَا أَمْ أُخْبِرَ فَرَجَعَ.

قَالَ ابْنُ صُهَيبٍ: حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ دَاخِلَةً وَأُخْرَى خَارِجَةً, قَالَ الرِّقَاشِيُّ: فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَأَنْزَلَ الله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} الآيَة.

_________

(1) هكذا في الأصل، سقط اسم السلام، ولا أدري أهي الرِوَاية أم سقط على الناسخ.

(4/304)

وَخَرَّجَهُ في: باب الهدية للعروس (5163) , وباب الوليمة حق (5166) , وفي باب الِاسْتِئْذَانِ ثَلَاثًا (6244) ومَنْ قَامَ مِنْ بَيْتِهِ أَوْ مَجْلِسِهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ أَصْحَابَهُ أَوْ تَهَيَّأَ لِلْقِيَامِ (6271) , وفِي بَابِ قوله {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} (5466).

[2602]- (4795) خ نا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا, وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا, فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ, أَمَا وَالله مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا, فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ, قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي, وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ, فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا, قَالَتْ: فَأُوحِيَ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ, فَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ».

قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي الْبَرَازَ.

وَخَرَّجَهُ في: باب الحجاب (6238).

قَالَ الْمُهَلَّبُ:

حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ (1)

يُقَالَ إِنَّهُ وَهِمَ فِيهِ، لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ: قَبْلَ نُزُولِ الْحِجَابِ, وَقَالَ فِي قَوْلِ عُمَرَ: حِرْصًا مِنْهُ أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ, وَفِي حَدِيثِ هِشَامٍ هَذَا بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ, وَهِشَامٌ قَالَوا: أَثْبَتُ فِي أَبِيهِ مِنْ الزُّهْرِيِّ.

_________

(1) وهو الذي خرجه فِي بَابِ الحجاب، قَالَ البخاري: نَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْجُبْ نِسَاءَكَ، قَالَتْ: فَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجْنَ لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ وَكَانَتْ امْرَأَةً طَوِيلَةً، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ: عَرَفْتُكِ يَا سَوْدَةُ، حِرْصًا عَلَى أَنْ يُنْزَلَ الْحِجَابُ، قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَة الْحِجَابِ.

وفِي بَابِ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْبَرَازِ من حديث يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ.

والإشكال في قول عمر: احجب نساءك، مع تصريح هشام أن هذه القصة بعدما ضرب الحجاب، وحمل الحافظ فِي كِتَابِ الطهارة طلب عمر هذا على المنع من خروجهن من البيوت، أو على ستر الأشخاص، ثم رد في سورة الأحزاب على من زعم أن عمر أراد ستر الأشخاص، ولا يخفى ما في ذلك من النظر، ذلك لأن القصة واحدة ومخرجها واحد، ولم يتبه كثير من الشراح لهذا الاختلاف الذي أشار إليه المهلب، وقد جنح المهلب كما رأيت إلى تخطئة رِوَاية الزهري، وليست بأول مرة يخطئ فيها الزهري فقد سبق له مثلها فيما مضى، وهذا الموضع أظهر في توهيم الزهري، والله أعلم بالصواب.

(4/305)

وَخَرَّجَهُ في: النِّكَاحِ, بَاب خُرُوجِ النِّسَاءِ لِحَوَائِجِهِنَّ (5237).

بَاب

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}

قَالَ أَبُوالْعَالِيَةِ: صَلَاةُ الله ثَنَاءُ اللهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ الدُّعَاءُ, وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يُصَلُّونَ} يُبَرِّكُونَ, {لَنُغْرِيَنَّكَ} لَنُسَلِّطَنَّكَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ: كَيفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ، فِي كِتَابِ الأدَبِ.

سُورَةُ سَبَإٍ

يُقَالَ {مُعَاجِزِينَ} سَابِقِينَ, بِمُعْجِزِي بِفَائِتِي, مُعَاجِزِيَّ مُسَابِقِيَّ, {سَبَقُوا} فَاتُوا, {لَا يُعْجِزُونَ} أي لَا يَفُوتُونَ, {يَسْبِقُونَا} يُعْجِزُونَا, وَقَوْلُهُ {بِمُعْجِزِينَ} بِفَائِتِينَ, وَمَعْنَى {مُعَاجِزِينَ} مُغَالِبِينَ, يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُظْهِرَ عَجْزَ صَاحِبِهِ, مِعْشَارٌ عُشْرٌ, يُقَالَ الاكُلُ الثَّمَرُ, {بَاعِدْ} وَبَعِّدْ وَاحِدٌ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ

(4/306)

{يَعْزُبُ} يَغِيبُ, {سَيْلَ الْعَرِمِ} السُّدُّ مَاءٌ أَحْمَرُ أَرْسَلَهُ الله فِي السُّدِّ فَشَقَّهُ وَهَدَمَهُ وَحَفَرَ الْوَادِيَ فَارْتَفَعَتَا عَنْ الْجَنْبَيْنِ وَغَابَ عَنْهُمَا الْمَاءُ فَيَبِسَتَا, وَلَمْ يَكُنْ الْمَاءُ الاحْمَرُ مِنْ السُّدِّ, وَلَكِنَّهُ (كان) عَذَابًا أَرْسَلَهُ الله عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ, وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ: الْعَرِمُ الْمُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ الْيَمَنِ, وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَرِمُ الْوَادِي, السَّابِغَاتُ الدُّرُوعُ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُجَازَى} يُعَاقَبُ, {أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} بِطَاعَةِ الله, {مَثْنَى وَفُرَادَى} وَاحِدٌ وَاثْنَيْنِ, {التَّنَاوُشُ} الرَّدُّ مِنْ الاخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا, {وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} مِنْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَهْرَةٍ, {بِأَشْيَاعِهِمْ} بِأَمْثَالِهِمْ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَالْجَوَابِ} كَالْجَوْبَةِ مِنْ الارْضِ, الْخَمْطُ الارَاكُ, وَالاثَلُ الطَّرْفَاءُ, الْعَرِمُ الشَّدِيدُ.

سُورَةُ الْمَلَائِكَةِ

وقَالَ مُجَاهِدٌ: الْقِطْمِيرُ لِفَافَةُ النَّوَاةِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} أَشَدُّ سَوَادٍ الْغِرْبِيبُ.

سُورَةُ يس

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} كَانَ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ اسْتِهْزَاؤُهُمْ بِالرُّسُلِ, {مِنْ مِثْلِهِ} مِنْ الانْعَامِ, {فَكِهُونَ} مُعْجَبُونَ.

قَدْ تَقَدَّمَ حَديثُ: الشَّمْسُ لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا، فِي بَابِ خَلْقِ الشَّمْسِ وَالقَمَرَ مِنْ كِتَابِ بدْء الخلقِ.

(4/307)

سُورَةُ والصَّافَّاتِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} يَعْنِي الْحَقَّ, الْكُفَّارُ تَقُولُهُ لِلشَّيْطَانِ, {يُهْرَعُونَ} كَهَيْئَةِ الْهَرْوَلَةِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الصَّافُّونَ} الْمَلَائِكَةُ, {بَيْضٌ مَكْنُونٌ} اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ, وَيُقَالَ {يَسْتَسْخِرُونَ} يَسْخَرُونَ.

قَدْ تَقَدَّمَ {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} في الأنبياء.

سُورَةُ ص

{عُجَابٌ} عَجَبٌ، الْقِطُّ الصَّحِيفَةُ, وهُوَ هَا هُنَا صَحِيفَةُ الْحِسَابِ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فِي عِزَّةٍ} مُعَازِّينَ, {الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} مِلَّةُ قُرَيْشٍ, الاخْتِلَاقُ الْكَذِبُ, الاسْبَابُ طُرُقُ السَّمَاءِ فِي أَبْوَابِهَا, {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ} يَعْنِي قُرَيْشًا, و {أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ} الْقُرُونُ الْمَاضِيَةُ, {فَوَاقٍ} رُجُوعٍ, {قِطَّنَا} عَذَابَنَا, {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} أَخطأنا بِهِمْ, {أَتْرَابٌ} أَمْثَالٌ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الايْدُ الْقُوَّةُ فِي الْعِبَادَةِ والابْصَارُ الْبَصَرُ فِي أَمْرِ الله.

سُورَةُ الزُّمَرِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يَتَّقِي بِوَجْهِهِ} يَخِرُّ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ, وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} , {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} لَبْسٍ, خَوَّلْنَا أَعْطَيْنَا, وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُتَشَاكِسُونَ} الرَّجُلُ الشَّكِسُ الْعَسِرُ لَا يَرْضَى بِالانْصَافِ, وَرَجُلًا سِلْمًا وَيُقَالَ سَالِمًا صَالِحًا, {اشْمَأَزَّتْ} نَفَرَتْ, {بِمَفَازَتِهِمْ} مِنْ الْفَوْزِ, {حَافِّينَ} أَطَافُوا بِهِ مُطِيفِينَ بِحِفَافِهِ بِجَوَانِبِهِ, {مُتَشَابِهًا} لَيْسَ مِنْ الاشْتِبَاهِ وَلَكِنْ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي التَّصْدِيقِ.

(4/308)

{يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}

[2603]- (4810) خ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ, أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ يَعْلَى: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً, فَنَزَلَ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} وَنَزَلَ {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}.

بَاب قَوْله عَزَّ وَجَلَّ

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} الآيَة

[2604]- (2412) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا وُهَيْبٌ عن عَمْروٍ, و (3398) نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, نا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.

[2605]- (3414) خ وَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ, عَنْ اللَّيْثِ, عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْفَضْلِ, عَنْ الاعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ فَقَالَ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ, وَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنْ الانْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ, وَقَالَ: تَقُولُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ وَالنَّبِيُّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَيْنَ أَظْهُرِنَا, وَذَهَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يا أَبَا الْقَاسِمِ, إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا, فَمَا بَالُ فُلَانٍ لَطَمَ وَجْهِي, فَقَالَ: «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ».

(4/309)

وقَالَ وُهَيْبٌ فِيهِ: قَالَ: سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ, قُلْتُ: أَيْ خَبِيثُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فضَرَبْتُ وَجْهَهُ.

قَالَ اللَّيْثُ: فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: «لَا تُفَضِّلْنِي بَيْنَ أَنْبِيَاءِ الله, فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالارْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ الله, ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُبْعَثُ فَإِذَا بِمُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ».

وقَالَ أَبُوسَعِيدٍ: «بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ».

قَالَ اللَّيْثُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: «فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَةِ يَوْمَ الطُّورِ أَمْ بُعِثَ قَبْلِي, وَلَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى».

(3408) زَادَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ «أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى الله عَزَّ وَجَلَّ».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَا يُذْكَرُ فِي الاشْخَاصِ والملازمة وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِي:

(2411) خ نا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, نا ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ.

وفي قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً} (3398) , وفِي بَابِ بَاب وَفَاةِ مُوسَى (3408) , وفِي بَابِ قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (3414) , وفي تفسيرِ سُورةِ عَمّ يَتَساءَلونَ (4935) , وفِي بَابِ النَفْخِ في الصُّورِ (6517) , وفِي الْمَشِيئَةِ وَالارَادَةِ (7472).

(4/310)

سُورَةُ الْمُؤْمِنِ

خ: يُقَالَ (1) مَجَازُهَا مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ, وَيُقَالَ: بَلْ هُوَ اسْمٌ لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أبِي أَوْفَى الْعَبْسِيِّ:

يُذَكِّرُنِي حم وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ فَهَلَّا تَلَا حاميم قَبْلَ التَّقَدُّمِ

{الطَّوْلِ} التَّفَضُّلُ, {دَاخِرِينَ} خَاضِعِينَ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِلَى النَّجَاةِ} الايمَانُ, {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} يَعْنِي الْوَثَنَ, {يَمْرَحُونَ} يَبْطَرُونَ.

وَكَانَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ الناس, فَقَالَ رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطْ النَّاسَ, قَالَ: وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ وَالله تعالى يَقُولُ: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} K وَيَقُولُ {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مَسَاوِئِ أَعْمَالِكُمْ, وَإِنَّمَا بَعَثَ الله عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَيُنْذِرُ بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ.

سُورَةُ حم السَّجْدَةِ

وَقَالَ طَاوُسٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {ائْتِيَا طَوْعًا} أَعْطِيَا, {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} أَعْطَيَتَا.

[2606]- وَقَالَ الْمِنْهَالُ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ, قَالَ {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ, وَقَالَ {أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} إلَى قَوْلِهِ {دَحَاهَا} فَذَكَرَ

_________

(1) في الصحيح (حم).

(4/311)

خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الارْضِ, ثُمَّ قَالَ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إِلَى {طَائِعِينَ}، فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الارْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ, وَقَالَ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} {عَزِيزًا حَكِيمًا} {سَمِيعًا بَصِيرًا} فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى, فَقَالَ: لَا أَنْسَابَ فِي النَّفْخَةِ الاولَى ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} فَلَا أَنْسَابَ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ, ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الاخِرَةِ {أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} , وَأَمَّا قَوْلُهُ تعالى: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} فَإِنَّ الله يَغْفِرُ لِأَهْلِ الاخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ (1) , وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: تَعَالَوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ, فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ الله لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا, وَعِنْدَهُ {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآيَة.

وَخَلَقَ الارْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ثُمَّ دَحَا الارْضَ, وَدَحْيَهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ وَالاكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ, فَذَلِكَ قَوْلُهُ {دَحَاهَا} وَقَوْلُهُ {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} فَجُعِلَتْ الارْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ, وَخُلِقَتْ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ.

{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا} سَمَّى نَفْسَهُ, ذَلِكَ (2) قَوْلُهُ: إني لَمْ أزَلْ كَذَلِكَ, فَإِنَّ الله لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ, فَلَا يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ الله.

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل مجودا، مثل رِوَاية الكافة، لكن ذكر القاضي أن الأصيلي رواه: ديونهم، والله أعلم (المشارق 1/ 421).

(2) في الصحيح زيادة: وذلك، فقد تكون سقطت على الناسخ من انتقَالَ النظر، أو هكذا هي في الرِوَاية.

(4/312)

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنِيهِ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: نا عُبَيْدُ الله بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أبِي أُنَيْسَةَ عَنْ الْمِنْهَالِ بِهَذَا (1).

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} مَحْسُوبٍ, {أَقْوَاتَهَا} أَرْزَاقَهَا, {فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} مِمَّا أَمَرَ بِهِ, {نَحِسَاتٍ} مَشَائِمَ, {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ} قَرَنَّا, {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} عِنْدَ الْمَوْتِ, {اهْتَزَّتْ} بِالنَّبَاتِ, {وَرَبَتْ} ارْتَفَعَتْ, {مِنْ أَكْمَامِهَا} حِينَ تَطْلُعُ, {لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} أَيْ بِعَمَلِي أَنَا مَحْقُوقٌ بِهَذَا, وَقَالَ غَيْرُهُ: {سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} قَدَّرَهَا سَوَاءً, {فَهَدَيْنَاهُمْ} دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ, كَقَوْلِهِ {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} كَقَوْلِهِ {هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} , وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الارْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَسْعَدْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} , {يُوزَعُونَ} يُكَفُّونَ, {مِنْ أَكْمَامِهَا} قِشْرُ الْكُفُرَّى الْكُمُّ واحد,

_________

(1) هكذا أخر البخاري الإسناد بعد المتن، والعادة فِي كِتَابِه تقديم الإسناد، أما هنا فقد علق الحديث عن المنهال ثم ساق إسناده إليه، والمنهال من رجال البخاري أخرج له فِي بَابِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) حديثا من طريق عُثْمَانِ بْنِ أبِي شَيْبَةَ نا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ: " إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ"

وذكره متابعة فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنْ الْمُثْلَةِ وَالْمَصْبُورَةِ وَالْمُجَثَّمَةِ، قَالَ بعد سوق حديث ابن عمر: تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ نا الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ.

فهو على شرطه في الرجال إلا انه في هذا الموضع أخرجه بهذه الصورة، فقَالَ الحافظ (8/ 559): وَفِي مُغَايَرَة الْبُخَارِيّ سِيَاق الاسْنَاد عَنْ تَرْتِيبه الْمَعْهُود إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطه وَإِنْ صَارَتْ صُورَته صُورَة الْمَوْصُول، وَقَدْ صَرَّحَ اِبْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه بِهَذَا الِاصْطِلَاح وَأَنَّ مَا يُورِدُهُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّة لَيْسَ عَلَى شَرْط صَحِيحه وَخَرَجَ عَلَى مَنْ يُغَيِّرُ هَذِهِ الصِّيغَة الْمُصْطَلَح عَلَيْهَا إِذَا أَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّة.

وينظر في هذا الموضوع ما كتبه الشيخ محمد عوامة في مقدمة تحقيق المصنف لابن أبِي شيبة في مبحث بعنوان من مصطلحات ابن خزيمة في الصحيح 1/ 122.

(4/313)

{وَلِيٌّ حَمِيمٌ} الْقَرِيبُ, {مِنْ مَحِيصٍ} حَاصَ حَادَ, {مِرْيَةٍ} وَمُرْيَةٌ وَاحِدٌ أَيْ امْتِرَاءٌ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} الوعِيد, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {ِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الصَّبْرُ عِنْدَ الْغَضَبِ, وَالْعَفْوُ عِنْدَ الاسَاءَةِ, فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمَهُمْ الله وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}.

بَاب

{وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} إِلَى {تَعْمَلُونَ}.

[2607]- (4817) خ نَا الْحُمَيْدِيُّ, نا سُفْيَانُ, عن مَنْصُورٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ أبِي مَعْمَرٍ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَيْشِيٌّ أَوْ قُرَيْشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ, كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ, قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ, فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتُرَوْنَ أَنَّ الله يَسْمَعُ مَا نَقُولُ, قَالَ الاخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا, وَقَالَ الاخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا, فَأَنْزَلَ الله {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} الآيَة.

وَخَرَّجَهُ في: الصفات بترجمة الآيَة (7521) , وفِي بَابِ قوله {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (4817) , وفِي بَابِ {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} الآيَة (4817).

(4/314)

سُورَةُ حم عسق

وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {عَقِيمًا} الَّتِي لَا تَلِدُ, {رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} الْقُرْآنُ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} نَسْلٌ بَعْدَ نَسْلٍ, {لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا} لَا خُصُومَةَ بَيْنَنَا, {طَرْفٍ خَفِيٍّ} ذَلِيلٍ.

بَاب قَوْلِهِ

{إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}

[2608]- (4818) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ, نا شُعْبَةُ, عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ طَاوُسًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَجِلْتَ, إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ, فَقَالَ: إِلَّا أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ الْقَرَابَةِ.

وَخَرَّجَهُ في: باب ذكر بَنِي إسْرائِيل (3497).

سُورَةُ حم الزُّخْرُفِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {عَلَى أُمَّةٍ} عَلَى إِمَامٍ, {وَقِيلِهِ يَارَبِّ} تَفْسِيرُهُ أَيَحْسِبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَلَا نَسْمَعُ قِيلَهُ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} لَوْلَا أَنْ أجْعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ كُفَّارًا لَجَعَلْتُ لِبُيُوتِ الْكُفَّارِ {سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ} مِنْ فِضَّةٍ وَهِيَ دَرَجٌ وَسُرُرَ فِضَّةٍ, {مُقْرِنِينَ} مُطِيقِينَ, {آسَفُونَا} أَسْخَطُونَا, {يَعْشُ} يَعْمَى, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ} أَيْ تُكَذِّبُونَ بِالْقُرْآنِ ثُمَّ لَا تُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ, {وَمَضَى مَثَلُ} سُنَّتِه,

(4/315)

{مُقْرِنِينَ} يَعْنِي الابِلَ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ, {يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} الْجَوَارِي يقول: جَعَلْتُمُوهُنَّ لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا فَكَيْفَ تَحْكُمُونَ, {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} يَعْنُونَ الاوْثَانَ, يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} الاوْثَانُ إِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ, {فِي عَقِبِهِ} وَلَدِهِ, {مُقْتَرِنِينَ} يَمْشُونَ مَعًا, {سَلَفًا} قَوْمُ فِرْعَوْنَ سَلَفَ كُفَّارِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} , {وَمَثَلًا} عِبْرَةً, {يَصِدُّونَ} يَضِجُّونَ, {مُبْرِمُونَ} مُجْمِعُونَ, {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} الْعَرَبُ تَقُولُ نَحْنُ مِنْكَ الْبَرَاءُ وَالْخَلَاءُ, وَالْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمِيعُ في الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ يُقَالَ فِيهِ بَرَاءٌ, لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ, وَلَوْ قَالَ بَرِيءٌ لَقِيلَ فِي الِاثْنَيْنِ بَرِيئَانِ وَفِي الْجَمِيعِ بَرِيئُونَ, وَقَرَأَ عَبْدُ الله: {إِنَّنِي بَرِيءٌ} بِالْيَاءِ, وَالزُّخْرُفُ الذَّهَبُ, مَلَائِكَةً يَخْلُفُونَ يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

وَقَالَ قَتَادَةُ: {مَثَلًا لِلاخِرِينَ} عِظَةً, وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُقْرِنِينَ} ضَابِطِينَ, يُقَالَ فُلَانٌ مُقْرِنٌ لِفُلَانٍ (1) ضَابِطٌ لَهُ, وَالاكْوَابُ الابَارِيقُ الَّتِي لَا خَرَاطِيمَ لَهَا, {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أَيْ مَا كَانَ فَأَنَا أَوَّلُ الانِفِينَ, وَهُمَا لُغَتَانِ رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبِدٌ, وَقَرَأَ عَبْدُ الله: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ، وَيُقولُ: {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} الْجَاحِدِينَ مِنْ عَبَدَ يَعْبُدُ (2) , {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} وَالله لَوْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ رُفِعَ حَيْثُ رَدَّهُ أَوَائِلُ هَذِهِ الامَّةِ لَهَلَكُوا {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} عُقُوبَةُ الاوَّلِينَ, {جُزْءًا} عِدْلًا.

_________

(1) سقط من النسخة لانتقَالَ نظر الناسخ.

(2) هكذا ضبطه في النسخة.

(4/316)

سُورَةُ حم الدُّخَانِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {رَهْوًا} طَرِيقًا يَابِسًا, {عَلَى الْعَالَمِينَ} عَلَى مَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ, {فَاعْتِلُوهُ} ادْفَعُوهُ, وَيُقَالَ {تَرْجُمُونِ} الْقَتْلُ, و {رَهْوًا} سَاكِنًا, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَالْمُهْلِ} أَسْوَدُ كَمُهْلِ الزَّيْتِ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {تُبَّعٍ} مُلُوكُ الْيَمَنِ, كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُسَمَّى تُبَّعًا لِأَنَّهُ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ, وَالظِّلُّ يُسَمَّى تُبَّعًا لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ, {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} فَارْتَقِبْ: فَانْتَظِرْ.

تَقَدَّمَ مَا فِيهِا مِنْ الْحَدِيثِ.

سُورَةُ الْجَاثِيَةِ

قَالَ مُجَاهِدٌ: {نَسْتَنْسِخُ} نَكْتُبُ, {نَنْسَاكُمْ} نَتْرُكُكُمْ.

بَاب

{وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}

[2609]- (4826) (7491) خ نَا الْحُمَيْدِيُّ, نا سُفْيَانُ, نا الزُّهْرِيُّ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ الله: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الامْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ».

وَخَرَّجَهُ في: باب قوله {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} في الصفات (7491).

(4/317)

سُورَةُ حم الاحْقَافِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَأَثَارَةٍ بَقِيَّةٌ مِنْ عِلْمٍ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ.

بَاب

{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي} إلَى قَوْلِهِ {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}.

[2610]- (4827) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ أبِي بِشْرٍ, عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ: كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الْحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ, فَخَطَبَ فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ لِكَيْ يُبَايَعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ, فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِي بَكْرٍ شَيْئًا, فَقَالَ: خُذُوهُ, فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا, فَقَالَ مَرْوَانُ: هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ الله فِيهِ {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي} فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: مَا أَنْزَلَ الله فِينَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنَّ الله أَنْزَلَ عُذْرِي.

سُورَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

خ: {أَوْزَارَهَا} آثَامَهَا حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا مُسْلِمٌ, وقَالَ غَيْرُه: {عَرَّفَهَا} بَيَّنَهَا, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ} أَيْ جَدَّ الامْرُ, {فَلَا تَهِنُوا} لَا تَضْعُفُوا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَضْغَانَهُمْ} حَسَدَهُمْ.

(4/318)

سُورَةُ الْفَتْحِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} السَّجْدَة (1) , وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: التَّوَاضُعُ, {شَطْأَهُ} فِرَاخَهُ, {فَاسْتَغْلَظَ} غَلُظَ, {سُوقِهِ} السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرَةِ, {دَائِرَةُ السَّوْءِ} كَقَوْلِكَ رَجُلُ السَّوْءِ, وَدَائِرَةُ السُّوءِ الْعَذَابُ, تُعَزِّرُوهُ: تَنْصُرُوهُ, {شَطْأَهُ} شَطْءُ السُّنْبُلِ تُنْبِتُ الْحَبَّةُ عَشْرًا وَثَمَانِيًا وَسَبْعًا فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ, فَذَلكَ قَوْلُهُ {فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ} قَوَّاهُ وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَةً لَمْ تَقُمْ عَلَى سَاقٍ, وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ الله لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَوَّاهُ بِأَصْحَابِهِ كَمَا قَوَّى الْحَبَّةَ بِمَا يُنْبِتُ مِنْهَا.

[2611]- (4833) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا, فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ, ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ, فَقَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ, نَزَرْتَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ, فقَالَ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ, فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي, فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ, فَجِئْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ, فَقَالَ: «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» , ثُمَّ قَرَأَ: «{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ}».

وَخَرَّجَهُ في: غزوة الحديبية (4177) , وفي فضل سورة الفتح (5012).

_________

(1) كذا في النسخة، وفي الصحيح: السَّحْنَةُ.

(4/319)

[2612]- (7540) خ نَا أَحْمَدُ بْنُ أبِي سُرَيْجٍ, أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ, نا شُعْبَةُ, عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ (يَقْرَأُ) (1) سُورَةَ الْفَتْحِ أَوْ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ, قَالَ: فَرَجَّعَ فِيهَا, قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ يَحْكِي قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ, وَقَالَ: لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ مُغَفَّلٍ يَحْكِي النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ؟ قَالَ: ءااْ ءااْ ءااْ (2) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب ذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِوَايَتِهِ عَنْ رَبِّهِ تبارك وتعالى (7540) , وفِي بَابِ الترجيع (5047) , وفِي بَابِ أين ركز النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرآيَة يوم الفتح (4281) وفِي بَابِ القراءة على الدابة (5034).

بَاب

{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}

[2613]- (4832) خ نا عَبْدُ الله [بْنُ مَسْلَمَةَ، نا] عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أبِي سَلَمَةَ, خ, و (2125) نَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ, نا فُلَيْحٌ - لَفْظُهُ -, نا هِلَالٌ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: لَقِيتُ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ, قَالَ: أَجَلْ وَالله لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَحِرْزًا لِلامِّيِّينَ, أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي, سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ, لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخَّابٍ فِي الاسْوَاقِ, وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ

_________

(1) سقطت من الأصل.

(2) هكذا رسمها في الأصل، وهي عبارة عن ثلاث ألفات ممدودة، وقد يكتبها بعضهم هكذا: آآ آ، وهو خطأ.

(4/320)

السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ, وَلَنْ يَقْبِضَهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي السُّوقِ (2125).

بَاب

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} الآيَة

[2614]- (5011) خ نَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ, نا زُهَيْرٌ, نا أَبُوإِسْحَاقَ, عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ, فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو.

[2615]- (5018) وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنْ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ إِذْ جَالَتْ الْفَرَسُ فَسَكَتَ (فَسَكَتَتْ) (1) , فَقَرَأَ فَجَالَتْ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ, ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتْ الْفَرَسُ فَانْصَرَفَ, وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ, وَلَمَّا أَخَّرَهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَرَاهَا, فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ, اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ» , قَالَ: فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ الله أَنْ تَطَأَ يَحْيَى, وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا, فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَانْصَرَفْتُ, فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ, فَخَرَجَتْ حَتَّى لَا أَرَاهَا, قَالَ: «وَتَدْرِي مَا ذَلكَ؟» قَالَ: لَا, قَالَ: «تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ, وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لَا تَتَوَارَى مِنْهُمْ».

وقَالَ زهير: قَالَ: فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ, فَقَالَ: «تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلُ بِالْقُرْآنِ».

_________

(1) سقطت على الناسخ.

(4/321)

وَخَرَّجَهُ في: علامات النبوة (3614)، وفي فضل الكهف (5011) , وفِي بَابِ نُزُولِ السَّكِينَةِ وَالْمَلَائِكَةِ عِنْدَ القِرَاءَةِ (5081).

سُورَةُ الْحُجُرَاتِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَا تُقَدِّمُوا} لَا تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَقْضِيَ الله عَلَى لِسَانِهِ, {امْتَحَنَ} أَخْلَصَ, {تَنَابَزُوا} يُدْعَى بِالْكُفْرِ بَعْدَ الاسْلَامِ, {يَلِتْكُمْ} يَنْقُصْكُمْ أَلَتْنَا نَقَصْنَا.

بَاب

{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}.

[2616]- (3613) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ, نا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَنْبَأَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ شماس, فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ, فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ, فَقَالَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: شَرٌّ, كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ, فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا.

فَقَالَ مُوسَى: فَرَجَعَ إِلَيْهِ الْمَرَّةَ الأُخْرَى بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ, فَقَالَ: «اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَلَكِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».

وَخَرَّجَهُ في: علامات النبوة (3613).

وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ فِي كِتَابِ الإيمان.

(4/322)

سُورَةُ ق

{رَجْعٌ بَعِيدٌ} رَدٌّ, {فُرُوجٍ} فُتُوقٍ وَاحِدُهَا فَرْجٌ, {مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ} مِنْ أعْظَامِهِمْ, {تَبْصِرَةً} بَصِيرَةً, {حَبَّ الْحَصِيدِ} الْحِنْطَةُ, {بَاسِقَاتٍ} الطِّوَالُ, {رَقِيبٌ عَتِيدٌ} رَصَدٌ, {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} الْمَلَكَانِ كَاتِبٌ وَشَهِيدٌ, {وَقَالَ قَرِينُهُ} الشَّيْطَانُ الَّذِي قُيِّضَ لَهُ, {فَنَقَّبُوا} ضَرَبُوا, {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ, {شَهِيدٌ} شَاهِدٌ بِالْقَلْبِ (1) , وَقَالَ غَيْرُهُ: {نَضِيدٌ} الْكُفُرَّى مَا دَامَ فِي أَكْمَامِهِ, وَمَعْنَاهُ مَنْضُودٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ فَلَيْسَ بِنَضِيدٍ, وَإِدْبَارِ النُّجُومِ وَأَدْبَارِ السُّجُودِ وَكَانَ عَاصِمٌ يَفْتَحُ الَّتِي فِي ق وَيَكْسِرُ الَّتِي فِي الطُّورِ, وَيُكْسَرَانِ جَمِيعًا وَيُنْصَبَانِ.

بَاب

{وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}

[2617]- (7384) خ: وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, نا سَعِيدٌ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسٍ, وَعَنْ مُعْتَمِرٍ, سَمِعْتُ أَبِي, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسٍ.

[2618]-[خ, (4850) ونَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ هَمَّامٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ] (2).

خ و (7449) نَا عُبَيْدُ الله بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, نا يَعْقُوبُ, نا أَبِي, عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ - لفظه -, عَنْ الأعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

_________

(1) في الصحيح: بالغيب.

(2) سقط من الأصل، وسيورد بعض متنه، وقوله في الإسناد اللاحق: لفظه، يدل على أنه في الأصل ساق إسنادا آخر لهذا الحديث، وسقط على الناسخ من تشابه اسم شيخي البخاري.

(4/323)

«اخْتَصَمَتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ إِلَى رَبّهِمَا, فَقَالَتْ الْجَنَّةُ: يَا رَبِّ مَا لَهَا لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ, وَقَالَتْ النَّارُ».

قَالَ هَمَّامٌ: «أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ, قَالَ الله لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَةٌ أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي, وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي, وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا, فَأَمَّا النَّارُ».

قَالَ صَالِحٌ: «فَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ فَيُلْقَوْنَ فِيهَا فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (1) , ثَلَاثًا».

قَالَ هَمَّامٌ: «فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى» , قَالَ صَالِحٌ: «يَضَعَ»، زَادَ قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ: «رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدَمَهُ فَتَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ» , وقَالَ همامٌ: «هُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ» , زَادَ (2): «بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ» , قَالَ هَمَّامٌ: «وَلَا يَظْلِمُ الله مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا, وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ الله يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا» , زَادَ أَنَسٌ: «وَلَا تَزَالُ تَفْضُلُ حَتَّى يُنْشِئَ الله لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ أفَضْلَ (3) الْجَنَّةِ».

وَخَرَّجَهُ في: باب قوله عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (7449) , وفي النذور (6661) , [وباب] قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَهُوَ

_________

(1) كرر في الأصل: فيلقون فيها .. ، مرتين.

(2) يعني قتادة عن أنس.

(3) هكذا ثبتت في الأصل، وفي الصحيح: فضل، أي زيادة.

ويبدو أن هذا الحرف عن الأصيلي هو من روايته عن الجرجاني لا المروزي، فقد قَالَ القاضي في المشارق2/ 270: (فضل الجنة) كذا لهم، وللجرجاني: فيسكنهم افضل الجنة، وهو خطأ وصوابه الأول أهـ.

قلت: كان الأصيلي ضبط الروايتين على نسخته، رِوَاية الجرجاني بهامش رِوَاية المروزي، فقد يكون تداخل هذا الحرف على المهلب، والله تعالى أعلم.

(4/324)

الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} وَمَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ الله وَصِفَاتِهِ (7384).

بَاب

{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}

[2619]- (4852) خ نَا آدَمُ, نا وَرْقَاءُ, عَنْ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا, يَعْنِي قَوْلَهُ {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ}.

سُورَةُ وَالذَّارِيَاتِ

قَالَ عَلِيٌّ: الرِّيَاحُ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَذْرُوهُ} تُفَرِّقُهُ, {وَفِي أَنْفُسِكُمْ} تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ فِي مَدْخَلٍ وَاحِدٍ وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ, {فَرَاغَ} فَرَجَعَ, {فَصَكَّتْ} جَمَعَتْ أَصَابِعَهَا فَضَرَبَتْ بِهِ جَبْهَتَهَا, الرَّمِيمُ نَبَاتُ الارْضِ إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ, {لَمُوسِعُونَ} أَيْ لَذُو سَعَةٍ وَكَذَلِكَ {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} يَعْنِي الْقَوِيَّ, زَوْجَيْنِ: الذَّكَرَ وَالانْثَى وَاخْتِلَافُ الالْوَانِ حُلْوٌ وَحَامِضٌ فَهُمَا زَوْجَانِ, {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} مِنْ الله إِلَيْهِ, {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} مَا خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الْفَرِيقَيْنِ إِلَّا لِيُوَحِّدُونِ, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَلَقَهُمْ لِيَفْعَلُوا فَفَعَلَ بَعْضُهُم وَتَرَكَ بَعْضٌ, وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ الْقَدَرِ, وَالذَّنُوبُ الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْعَقِيمُ لَا تُلْقِحُ شَيْئًا, {ذَنُوبًا} سَبِيلًا, {فِي غَمْرَتِهِمْ} فِي ضَلَالَتِهِمْ يَتَمَادَوْنَ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُسَوَّمَةً} مِنْ السِّيمَا.

سُورَةُ وَالطُّورِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ, {رَقٍّ مَنْشُورٍ} صَحِيفَةٍ, {الْمَسْجُورِ} الْمُوقَدِ, وَقَالَ الْحَسَنُ: تُسْجَرُ حَتَّى يَذْهَبَ مَاؤُهَا فَلَا يَبْقَى فِيهَا قَطْرَةٌ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَمُورُ}

(4/325)

تَدُورُ, {أَحْلَامُهُمْ} الْعُقُولُ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كِسْفًا} قِطْعًا, الْمَنُونُ الْمَوْتُ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَتَنَازَعُونَ} يَتَعَاطَوْنَ.

[2620]- (4852) خ نَا الْحُمَيْدِيُّ, نا سُفْيَانُ, حَدَّثُونِي عَنْ الزُّهْرِيِّ, و (3050) نا مَحْمُودٌ, و (4023) إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ, نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, نا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ, زَادَ سفيان: فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَة {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ.

زَادَ مَعْمَرٌ: قَالَ: فَذَلِكَ أَوَّلَ مَا وَقَرَ الايمَانُ فِي قَلْبِي.

زَادَ مَحْمُودٌ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عَبْدِالرَّزَّاقِ, قَالَ: وَكَانَ جَاءَ فِي أَسْرَى بَدْرٍ.

وَخَرَّجَهُ في: باب الجهر في المغرب (765) , وفِي بَابِ فِدَاءِ الْمُشْرِكِينَ (3050) , وفِي بَابِ من شهد بدرًا (4023).

سُورَةُ وَالنَّجْمِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {ذُو مِرَّةٍ} ذُو قُوَّةٍ, {ضِيزَى} عَوْجَاءُ, {وَأَكْدَى} قَطَعَ عَطَاءَهُ, {رَبُّ الشِّعْرَى} هُوَ مِرْزَمُ الْجَوْزَاءِ, {الَّذِي وَفَّى} مَا فُرِضَ عَلَيْهِ, {سَامِدُونَ} الْبَرْطَنَةُ (1) , وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَتَغَنَّوْنَ بِالْحِمْيَرِيَّةِ, وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ:

_________

(1) قَالَ القاضي: البرطمة كذا لجمهورهم، بباء مفتوحة وطاء مهملة، وعند الأصيلي والقابسي وعبدوس: البرطنة بالنون، فسره الحموي بالأصل: ضرب من اللهو، وهو معنى قول عكرمة في الأم: يتغنون، وقول غيره في عيرها: لاهون، وقَالَ بعضهم في تفسير البرطمة: هو شدة الغضب، وقَالَ المبرد في تفسير سامدون: هو القيام في تجبر، وهو نحو من هذا القول الأخير أهـ. (المشارق 1/ 132).

قلت: هؤلاء الثلاثة الأصيلي والقابسي وعبدوس بن محمد كلهم أصحاب نسخ من صحيح البخاري أخذوها عن أبِي زيد، الهم إلا أن عبدوس لم يسمع الكتاب كله، بل سمع بعضه وأجازه بالباقي، كما ذكره تلميذه ابن الفرضي في تاريخ علماء الأندلس.

(4/326)

{أَفَتُمَارُونَهُ} أَفَتُجَادِلُونَهُ, وَمَنْ قَالَ (1): {أَفَتَمْرُونَهُ} يَعْنِي أَفَتَجْحَدُونَهُ, {مَا زَاغَ الْبَصَرُ} بَصَرُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) {وَمَا طَغَى} وَمَا جَاوَزَ مَا رَأَى, {فَتَمَارَوْا} كَذَّبُوا بهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} غَابَ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَغْنَى وَأَقْنَى} أَعْطَى فَأَرْضَى, {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} حَيْثُ الْوَتَرُ مِنْ الْقَوْسِ (2).

[2621]- (3235) [خ نا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, نا أَبُوأُسَامَةَ, نا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أبِي زَائِدَةَ, عَنْ ابْنِ الأشْوَعِ] (3).

(4612) (7380) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, أخبرنا سُفْيَانُ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ.

خ, و (4855) نَا يَحْيَى, نا وَكِيعٌ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي خَالِدٍ - لَفْظُهُ - كُلُّهُمْ عَنْ الشَّعْبِيِّ, عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّتَاهْ, هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَه, أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلَاثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ, مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ, ثُمَّ قَرَأَتْ {مَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}.

وقَالَ سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَقَدْ كَذَبَ وَهُوَ يَقُولُ: «لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا الله».

_________

(1) في الصحيح: قرأ.

(2) في هامش الأصل: قَالَ بعضهم: والقاب هو موضع الوتر من المقبض.

(3) هذا الإسناد سقط على الناسخ وأستظهر أنه في أصل المهلب ثابت، بدلالة قوله بعد إسناد: كلهم عن الشعبي أي أن هناك من ساق إسناده من غير طريق ابن أبِي خالد، وسيذكر زيادته في المتن.

(4/327)

قَالَ وَكِيعٌ: مَنْ حَدَّثَ أَنَّهُ قد كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ, ثُمَّ قَرَأَتْ {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الآيَة, ومَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ, ثُمَّ قَرَأَتْ {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}.

زَادَ ابْنُ أَشْوَعٍ, عَنْ الشَّعْبِيِّ, عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: فَأَيْنَ قَوْلُهُ {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}؟ قَالَتْ: ذَاكَ جِبْرِيلُ, كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ, وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ قَدْ سَدَّ الافُقَ.

قَالَ وَكِيعٌ: قَالَت: وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ.

[2622]- (3232) خ ونَا قُتَيْبَةُ, نا أَبُوعَوَانَةَ, نا أَبُوإِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ, قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} قَالَ: نا ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ.

[2623]- (3233) ح ونَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ, نا شُعْبَةُ, عَنْ الاعْمَشِ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ.

وَخَرَّجَهُ في: باب قوله {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (4856) , وباب قوله {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} (4857) , وباب {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} (4858) , وفِي بَابِ ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ (3232 - 3235) , وفِي بَابِ قوله {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (7380).

(4/328)

بَاب

{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى}

[2624]- (4859) خ نَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا أَبُوالأشْهَبِ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ, نا أَبُوالْجَوْزَاءِ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {اللَّاتَ وَالْعُزَّى} كَانَ اللَّاتُ رَجُلًا يعني يَلُتُّ سَوِيقَ الْحَاجِّ.

بَاب

{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}

[2625]- (4862) خ نَا أَبُومَعْمَرٍ, نا عَبْدُ الْوَارِثِ, نا أَيُّوبُ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالانْسُ.

سُورَةُ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ

وقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُسْتَمِرٌّ} ذَاهِبٌ, {مُزْدَجَرٌ} مُتَنَاهٍ, {وَازْدُجِرَ} فَاسْتُطِيرَ جُنُونًا, {وَدُسُرٍ} أَضْلَاعُ السَّفِينَةِ, {لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} يَقُولُ كُفِرَ لَهُ, يقول جَزَاءً مِنْ الله, {مُحْتَضَرٌ} يَحْضُرُونَ الْمَاءَ, وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: {مُهْطِعِينَ} النَّسَلَانُ الْخَبَبُ السِّرَاعُ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {فَتَعَاطَى} فَعَاطَهَا بِيَدِهِ فَعَقَرَهَا, {الْمُحْتَظِرِ} كَحِظَارٍ مِنْ الشَّجَرِ مُحْتَرِقٍ, {وَازْدُجِرَ} افْتُعِلَ مِنْ زَجَرْتُ, {كُفِرَ} فَعَلْنَا بِهِ وَبِهِمْ مَا فَعَلْنَا جَزَاءً لِمَا صُنِعَ بِنُوحٍ وَأَصْحَابِهِ, {مُسْتَقِرٌّ} عَذَابٌ حَقٌّ, يُقَالَ الاشَرُ الْمَرَحُ وَالتَّجَبُّرُ.

بَاب

{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}

(4/329)

قَالَ قَتَادَةُ: أَبْقَى الله سَفِينَةَ نُوحٍ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَائِلُ هَذِهِ الامَّةِ.

[2626]- (4869) خ نَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ, نا شُعْبَةُ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ, عَنْ الاسْوَدِ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ: «{فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قوله {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} , قَالَ مُجَاهِدٌ: هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ (4870).

وفِي بَابِ {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} (4871} , وفِي بَابِ {فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} (4872) , وقَالَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} مُتَذَكِّر.

وفِي بَابِ {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ} الآيَة, وقَالَ فيه (1):

[2627]- (4874) نَا يَحْيَى, نا وَكِيعٌ, عَنْ إِسْرَائِيلَ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ, الْحَدِيثَ, قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ} فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُدَّكِرٍ».

وفِي بَابِ {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ} (4874) , وفِي كِتَابِ الأنبياء باب قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} (3341).

_________

(1) الحديث الذي سيسوقه هو في المطبوعة فِي بَابِ (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ)، فيظهر أن في رِوَاية الأصيلي تقديم وتأخير، لأنه سيشير إلى بَاب (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ).

(4/330)

سُورَةُ الرَّحْمَنِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بِحُسْبَانٍ} كَحُسْبَانِ الرَّحَى (1) , وَقَالَ غَيْرُهُ: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} لِسَانَ الْمِيزَانِ, وَالْعَصْفُ يقَالَ (2) الزَّرْعِ إِذَا قُطِعَ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ, وَالرَّيْحَانُ وَرَقُهُ (3)

, وَالْحَبُّ الَّذِي يُؤْكَلُ مِنْهُ, وَالرَّيْحَانُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الرِّزْقُ, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْعَصْفُ يُرِيدُ الْمَأْكُولَ مِنْ الْحَبِّ, وَالرَّيْحَانُ النَّضِيجُ الَّذِي لَمْ يُؤْكَلْ, وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَصْفُ وَرَقُ الْحِنْطَةِ, وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْعَصْفُ التِّبْنُ, وَقَالَ أَبُومَالِكٍ: الْعَصْفُ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ تُسَمِّيهِ النَّبَطُ هَبُورًا, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْعَصْفُ وَرَقُ الْحِنْطَةِ, وَالرَّيْحَانُ الرِّزْقُ, وَالْمَارِجُ اللهبُ الاصْفَرُ وَالاخْضَرُ الَّذِي يَعْلُو النَّارَ إِذَا أُوقِدَتْ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ مُجَاهِدٍ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ} لِلشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ مَشْرِقٌ وَمَشْرِقٌ فِي الصَّيْفِ, {وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} مَغْرِبُهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ, {لَا يَبْغِيَانِ} لَا يَخْتَلِطَانِ, {الْمُنْشَآتُ} مَا رُفِعَ قِلْعُهُ (4) مِنْ السُّفُنِ فَأَمَّا مَا لَمْ يُرْفَعْ قِلْعُهُ فَلَيْسَ بِمُنْشَآتٍ, الشُّوَاظُ لَهَبٌ مِنْ نَارٍ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} يَهُمُّ بِالْمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ الله فَيَتْرُكُهَا, {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ الرُّمَّانُ وَالنَّخْلُ بِالْفَاكِهَةِ, وَأَمَّا الْعَرَبُ فَإِنَّهَا

_________

(1) قَالَ الحافظ: ثَبَتَ هَذَا لِأَبِي ذَرّ وَحْده أهـ، وهو ثابت هنا كما ترى، وكذلك قول الحافظ بعده: سَقَطَ " وَقَالَ غَيْره " لِغَيْرِ أبِي ذَرّ أهـ.

(2) كذا في الأصل، وفي الصحيح: بَقْلُ.

(3) هكذا ثبت في الأصل، من رِوَاية الأصيلي، وفي الصحيح: رِزْقُهُ، وسياتي في رِوَاية الأصيلي في سورة الواقعة مثل الجمهور هنا.

قَالَ القاضي: في التفسير: العصف بقل الزرع إذا قطع قبل أن يدرك، والريحان رزقه، كذا لأبي ذر والأصيلي، وعند القابسي والنسفي ورقه، والأول الصحيح، وبقية الكلام في الأم يدل عليه أهـ. المشارق (1/ 459).

(4) الْقِلْعُ: بِكَسْرِ الْقَاف وَسُكُون اللَّام وَيَجُوز فَتْحهَا.

(4/331)

تَعُدُّهَا واحدةً فَاكِهَةً, كَقَوْلِهِ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فَأَمَرَهُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى كُلِّ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ أَعَادَ الْعَصْرَ تَشْدِيدًا كَمَا أُعِيدَ النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ, وَمِثْلُهُ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} (1) ثُمَّ قَالَ {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} وَقَدْ ذَكَرَهُمْ فِي أَوَّلِ قَوْلِهِ {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} , وَقَالَ غَيْرُهُ (2) قَالَ الْحَسَنُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ} نِعَمَتِهِ, وَقَالَ قَتَادَةُ: {رَبِّكُمَا} يَعْنِي الْجِنَّ وَالانْسَ, وَقَالَ أَبُوالدَّرْدَاءِ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} يَغْفِرُ ذَنْبًا, وَيَكْشِفُ كَرْبًا, وَيَرْفَعُ قَوْمًا وَيَضَعُ آخَرِينَ, {سَنَفْرُغُ} سَنُحَاسِبُكُمْ لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ, وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ, يُقَالَ لَأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ وَمَا بِهِ شُغْلٌ, لَآخُذَنَّكَ عَلَى غِرَّتِكَ, صَلْصَالٌ طِينٌ.

بَاب

{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَوْرَاءُ: السَّوْدَاءُ الْحَدَقِ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَقْصُورَاتٌ مَحْبُوسَاتٌ, قُصِرَ طَرْفُهُنَّ وَأَنْفُسُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ, قَاصِرَاتٌ لَا يَبْغِينَ غَيْرَ أَزْوَاجِهِنَّ.

[2628]- (4879) خ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ, نا أَبُوعِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ, عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الله, بْنِ قَيْسٍ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الاخَرِينَ, يَطُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُونَ».

_________

(1) في الأصل: يسبح له.

(2) هنا في الصحيح بعده زيادة: (أَفْنَانٍ) أَغْصَانٍ، (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) مَا يُجْتَنَى قَرِيبٌ.

(4/332)

قَدْ خَرَّجَ بَاقِي الحدِيث في الصّفَاتِ (7444) (1).

سُورَةُ الْوَاقِعَةِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: رُجَّتْ زُلْزِلَتْ بُسَّتْ فُتَّتْ كَمَا يُلَتُّ السَّوِيقُ, وَالْعُرُبُ الْمُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ, {ثُلَّةٌ} أُمَّةٌ, {يَحْمُومٍ} دُخَانٌ أَسْوَدُ, {يُصِرُّونَ} يُدِيمُونَ, {لَمُغْرَمُونَ} لَمَلُومُونَ, وَالرَّيْحَانُ الرِّزْقُ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَفَكَّهُونَ} تَعْجَبُونَ, وَقَالَ فِي {خَافِضَةٌ} بِقَوْمٍ إِلَى النَّارِ وَ {رَافِعَةٌ} إِلَى الْجَنَّةِ, {مُتْرَفِينَ} مُتَمَتِّعِينَ (2) , {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} بِحُكْمِ (3) الْقُرْآنِ, وَيُقَالَ بِمَسْقِطِ النُّجُومِ إِذَا سَقَطْنَ, وَمَوَاقِعُ وَمَوْقِعٌ وَاحِدٌ, {مُدْهِنُونَ} مُكَذِّبُونَ, مِثْلُ {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} , {فَسَلَامٌ لَكَ} مُسَلَّمٌ لَكَ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ, وَأُلْغِيَتْ إِنَّ وَهُوَ مَعْنَاهَا كَمَا تَقُولُ: أَنْتَ مُصَدَّقٌ مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ, إِذَا كَانَ قَدْ قَالَ إِنِّي مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ, وَقَدْ تَكُونُ كَالدُّعَاءِ لَهُ, كَقَوْلِكَ فَسَقْيًا لك مِنْ الرِّجَالِ إِنْ رَفَعْتَ السَّلَامَ فَهُوَ مِنْ الدُّعَاءِ.

سُورَةُ الْحَدِيدِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} جُنَّةٌ وَسِلَاحٌ, مَوْلَاكُمْ: أَوْلَى بِكُمْ, {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} لِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ, {انْظُرُونَا} انْتَظِرُونَا.

_________

(1) تتمته: " وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ".

(2) هكذا في الأصل، ووافقه الكشميهني والنسفي، ولغيرهم: مُتَنَعِّمِينَ.

(3) في الصحيح: بمحكم.

(4/333)

سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُحَادُّونَ} يُشَاقُّونَ, يقَالَ {كُبِتُوا} أُحْزِنُوا (1) , {اسْتَحْوَذَ} غَلَبَ.

سُورَةُ الْحَشْرِ

الْحَشْرُ الْجَلَاءَ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ.

[2629]- (4882) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ, نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ, نا هُشَيْمٌ, نا أَبُوبِشْرٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ التَّوْبَةِ, قَالَ: (2) هِيَ الْفَاضِحَةُ, مَا زَالَتْ تَنْزِلُ وَمِنْهُمْ (وَمِنْهُمْ) (3) حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا لَنْ تُبْقِيَ (4) أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا ذُكِرَ فِيهَا, قَالَ: قُلْتُ: سُورَةُ الانْفَالِ, قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ, قَالَ: قُلْتُ: الْحَشْر, قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِيرِ.

[2630]- (4883) خ وحَدَّثَني الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ نا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ نا أَبُوعَوَانَةَ عَنْ أبِي بِشْرٍ, الحديث, قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الْحَشْرِ, قَالَ: قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ (5).

_________

(1) كذا في الأصل موافقا لرِوَاية النسفي، وفي الصحيح: أُخْزُوا مِنْ الْخِزْيِ.

(2) في الصحيح زيادة: قَالَ: التَّوْبَة؟، قَالَ الحافظ: هُوَ اِسْتِفْهَام إِنْكَار بِدَلِيلِ قَوْله هِيَ الْفَاضِحَة، وَوَقَعَ فِي رِوَاية الاسْمَاعِيلِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ هُشَيْمٍ: سُورَة التَّوْبَة؟ قَالَ: بَلْ سُورَة الْفَاضِحَة أهـ.

قلت: فرِوَاية الإسماعيلي اتفقت مع روايتنا في إسقاط كلمة التوبة، والله أعلم.

(3) سقطت على الناسخ من انتقَالَ النظر، وهي ثابتة في الصحيح.

(4) هكذا في روايتنا ورِوَاية الْكُشْمِيهَنِيِّ، ولغيرهم: لَمْ تُبْقِ.

(5) قَالَ الحافظ: كَأَنَّهُ كَرِهَ تَسْمِيَتهَا بِالْحَشْرِ لِئَلَّا يُظَنّ أَنَّ الْمُرَاد يَوْم الْقِيَامَة، وَإِنَّمَا الْمُرَاد بِهِ هُنَا إِخْرَاج بَنِي النَّضِير اهـ.

(4/334)

خ: خَصَاصَةٌ فَاقَةٌ, الْمُفْلِحُونَ: الْفَائِزُونَ بِالْخُلُودِ, الْفَلَاحُ الْبَقَاءُ, حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أي عَجِّلْ (1) , قَالَ الْحَسَنُ: حَاجَةً حَسَدًا.

سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً} لَا تُعَذِّبْنَا بِأَيْدِيهِمْ, فَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ عَلَى الْحَقِّ مَا أَصَابَهُمْ هَذَا, {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} أُمِرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِرَاقِ نِسَائِهِمْ كُنَّ كَوَافِرَ بِمَكَّةَ.

بَاب (2)

{إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}

[2631]- (4893) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ, نا أبِي قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} قَالَ: إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ شَرَطَهُ الله لِلنِّسَاءِ.

سُورَةُ الصَّفِّ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} مَنْ تَبِعَنِي إِلَى الله, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

_________

(1) قَالَ اِبْن التِّين: لَمْ يَذْكُرهُ أَحَد مِنْ أَهْل اللُّغَة، وَإِنَّمَا قَالَوا مَعْنَاهُ هَلُمَّ وَأَقْبِلْ.

قَالَ الحافظ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، لَكِنْ فِيهِ إِشْعَارٌ بِطَلَبِ الاعْجَال، فَالْمَعْنَى أَقْبِلْ مُسْرِعًا أهـ.

قلت: عادة البخاري في التفسير أن يأخذ باقوال السلف، وقد بحث فيمن قَالَ بقوله، فإذا هو مروي عن سيد القراء أبِي عبد الرحمن السلمي، نقله القاضي في المشارق 1/ 344.

(2) قَالَ الحافظ: سَقَطَ " بَاب " لِغَيْرِ أبِي ذَرّ أهـ.

(4/335)

{مَرْصُوصٌ} مُلْصَقٌ بَعْضُهُ إلى بَعْضٍ (1) , وَقَالَ يَحْيَى (2): بِالرَّصَاصِ.

بَاب

{بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}

[2632]- (4896) خ نَا أَبُوالْيَمَانِ, أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حدثني مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ لِي أَسْمَاءً, أَنَا مُحَمَّدٌ, وَأَنَا أَحْمَدُ, وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو الله بِيَ الْكُفْرَ, وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ».

سُورَةُ الْجُمُعَةِ

وَقَرَأَ عُمَرُ: فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ الله.

بَاب

{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}

[2633]- (4897) خ نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ, عَنْ ثَوْرٍ, عَنْ أبِي الْغَيْثِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قَالَوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلَاثًا, وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ, وَضَعَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قَالَ: «لَوْ كَانَ الايمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ أَوْ رَجُلٌ مِنْ هَؤُلَاءِ».

_________

(1) كذا في الأصل، قَالَ الحافظ: كَذَا لِأَبِي ذَرّ وَلِغَيْرِهِ " بِبَعْضٍ".

(2) كذا في الأصل، وقَالَ الحافظ: كَذَا لِأَبِي ذَرّ وَالنَّسَفِيّ وَلِغَيْرِهِمَا " وَقَالَ غَيْره "، وَجَزَمَ أَبُوذَرّ بِأَنَّهُ يَحْيَى بْن زِيَاد بْنِ عَبْد اللَّه الْفَرَّاء وَهُوَ كَلَامه فِي " مَعَانِي الْقُرْآن " أهـ.

(4/336)

(4898) خ: وَنَا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: أَخْبَرَنِي ثَوْرٌ وقَالَ: «لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ».

بَاب

{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} إلى {لَكَاذِبُونَ}

[2634]- (4904) خ: حدثني عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى, عَنْ إِسْرَائِيلَ, عَنْ أبِي إِسْحَاقَ, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَمِّي.

خ و (4903) نَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ, نا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ, نا أَبُوإِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ, فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ أبِي لِأَصْحَابِهِ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ الله حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ.

[وَقَالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاعَزُّ مِنْهَا الاذَلَّ] (1).

قَالَ إسرائيل فيه: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي, فَذَكَرَ ذلكَ عَمِّي لرسول اللهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَدَعَانِي فَحَدَّثْتُهُ, فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الله بْنِ أبِي وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالَوا, وَكَذَّبَنِي رسول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَهُمْ, فَأَصَابَنِي غَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ, فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي, وَقَالَ عَمِّي: مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ أَكْذَبَكَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَتَكَ, فَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} وَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا وَقَالَ: «إِنَّ الله قَدْ صَدَّقَكَ».

زَادَ زُهَيْرٌ: قَالَ: فَدَعَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ, وَقَوْلُهُ {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} قَالَ: كَانُوا رِجَالًا أَجْمَلَ شَيْءٍ.

_________

(1) سقط من النسخة وهو في الطريقين اللذين ذكرهما المصنف، وأظنه سقط على الناسخ.

(4/337)

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قوله {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} يَجْتَنُّونَ بِهَا (4901) , وفي قَوْلِهِ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (4902) , وباب {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} (4903) , وبَاب {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا} حَرَّكُوا رؤوسهم اسْتَهْزَءُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ لَوَيْتُ (1) (4904).

بَاب

{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}

يَتَفَرَّقُوا.

[2635]- (4906) خ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الله, حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ, عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ الْفَضْلِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحَرَّةِ, فَكَتَبَ إِلَيَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِي يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللهمَّ اغْفِرْ لِلانْصَارِ, وَلِأَبْنَاءِ الانْصَارِ» , وَشَكَّ ابْنُ الْفَضْلِ فِي: «أَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الانْصَارِ» , فَسَأَلَ أَنَسَ بْنَ مِالِكٍ بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَقُولُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا الَّذِي أَوْفَى الله لَهُ بِأُذُنِهِ».

بَاب

{يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}

_________

(1) نص الترجمة: بَاب قَوْلُهُ (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) حَرَّكُوا اسْتَهْزَءُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ لَوَيْتُ.

(4/338)

[2636]- (4907) خ نَا الْحُمَيْدِيُّ، و (4905) نا عَلِيٌّ, نا سُفْيَانُ, قَالَ عَمْروٌ: سَمِعْتُ جَابِرًا.

(3518) خ نَا مُحَمَّدٌ, نا (1) مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ, نا ابْنُ جُرَيْجٍ, أَخْبَرَنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَنَّهُ (سَمِعَ) جَابِرًا يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ أُنَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا, وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ (2) فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا فَغَضِبَ الانْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا, وَقَالَ الانْصَارِيُّ: يَا آل الانْصَارِ, وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا آل الْمُهَاجِرِينَ.

قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ».

قَالَ ابنُ جُرَيْجٍ: ثُمَّ قَالَ: «مَا شَأْنُهُمْ؟» , فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الانْصَارِيَّ, قَالَ: فَقَالَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ».

وقَالَ سُفْيَانُ: «فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» , فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ الله بْنُ أبِي فَقَالَ: أَوَ قَدْ فَعَلُوهَا, أَمَا وَالله لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاعَزُّ مِنْهَا الاذَلَّ, فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ الْحُمَيْدِيُّ, عَنْ سُفْيَانَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: دَعْنِي يَا رَسُولَ الله أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ, فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ, لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ».

وَكَانَتْ الانْصَارُ أَكْثَرَ من المهاجرين حِينَ قَدِموا المدينة ثُمَّ إن كَثُرَ الْمُهَاجِرينَ كَثرُوا بَعْدُ.

_________

(1) في الأصل: محمد بن مخلد، وهو تصحيف ومحمد هذا هو ابن سلام البيكندي، والله أعلم.

(2) في الصحيح زيادة: لَعَّابٌ.

(4/339)

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَا يُنْهَى عنه مِنْ دَعْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ (3518) , وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} (4905).

سُورَةُ التَّغَابُنِ

وَقَالَ عَلْقَمَةُ, عَنْ عَبْدِ الله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} هُوَ الَّذِي أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنْ الله.

سُورَةُ الطَّلَاقِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَبَالَ أَمْرِهَا} جَزَاءَ أَمْرِهَا.

بَاب

{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} وَأُولَاتُ وَاحِدُهَا ذَاتُ حَمْلٍ.

[2637]- (4910) خ: وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ مُحَمَّدٍ: كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِي لَيْلَى, وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ, فَذَكَرَ آخِرَ الاجَلَيْنِ, فَحَدَّثْتُ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ, قَالَ: فَضَمَّ (1)

لِي بَعْضُ أَصْحَابِهِ, قَالَ مُحَمَّدٌ: فَفَطِنْتُ لَهُ فَقُلْتُ: إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ إِنْ

_________

(1) هكذا في الأصل، وفي بعض نسخ الصحيح: فَضَمَّزَ.

قَالَ الحافظ: بِضَادٍ مُعْجَمَة وَمِيم ثَقِيلَة وَزَاي، قَالَ اِبْن التِّين: كَذَا فِي أَكْثَر النُّسَخ، وَمَعْنَاهُ أَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ اُسْكُتْ، ضَمَّزَ الرَّجُل إِذَا عَضَّ عَلَى شَفَتَيْهِ، وَنُقِلَ عَنْ أبِي عَبْد الْمَلِك أَنَّهَا بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَة أَيْ اِنْقَبَضَ أهـ.

وَقَالَ القاضي عِيَاض: فضمر لي بعض أصحابه، كذا للقابسي، بالراء، وعند أبِي الهيثم: فضمز لي، بالزاي، وعند الأصيلي: فضمن، مشددة الميم بالنون، وكذا في رِوَاية ابن السكن، ولبقية شيوخ الهروي إلا انه بتخفيف الميم وكسرها، وكل هذه معلومة في كلام العرب في معنى يستقيم به مفهوم الحديث، واشبه ما فيه عندي رِوَاية أبِي الهيثم: ضمز لي بالزاي، لكن صوابه: ضمز لي بتشديد الميم، أي سكتني ..

أو ما في رِوَاية عن ابن السكن والنسفي: فغمض لي بعض أصحابه، فإن صحت فمعناه: نبهني بذلك من تغميض عينيه على السكوت أهـ. (المشارق 2/ 105).

قلت: ولم يشر إلى ما هنا، ولم يذكر المهلب رِوَاية القابسي بنحو ما ذكر عياض، وما وقع هنا له وجه، أي أنه ضم له يده أو غيرها يريد أن يسكته، فحذف المفعول به، والله أعلم.

(4/340)

كَذَبْتُ عَلَى عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ فَاسْتَحْيَا, (وَقَالَ) (1): لَكِنْ عَمُّهُ (2) لَمْ يَقُلْ ذَلكَ, فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ فَسَأَلْتُهُ فَذَهَبَ يُحَدِّثُنِي بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ, فَقُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ عَنْ عَبْدِ الله فِيهَا شَيْئًا؟ فَقَالَ: كُنَّا (عِنْدَ) عَبْدِ الله فَقَالَ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلَا تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ, لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.

سُورَةُ

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

[2638]- (4911) خ نَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ, نا هِشَامٌ, عَنْ يَحْيَى, عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ (3) , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: فِي الْحَرَامِ يُكَفَّرُ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.

_________

(1) سقطت من الأصل، ولا بد منها لتصحيح مساق الحديث، وهي ثابتة في الصحيح.

(2) يعني عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وما رواه ابن أبِي ليلى خلاف المشهور عنه، ولذلك استثبت ابن سيرين من أبِي مالك، والله أعلم.

(3) هكذا ثبت في النسخة مسمىً، وفي غالب النسخ عن ابن حكيم غير مسمى، فاختلفوا فيه، ووقع فيه لبعض الرواة لبس، فنقل الحافظ أن فِي رِوَاية الاصِيلِيِّ عَنْ الْجُرْجَانِيَّ قَالَ يَحْيَى: عَنْ اِبْن حَكِيم لَمْ يُسَمِّهِ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر، قَالَ: وَذَكَرَ أَبُوعَلِيّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَاية أبِي عَلِيّ بْن السَّكَن مُسَمًّى فَقَالَ فِيهِ " عَنْ يَحْيَى عَنْ يَعْلَى بْن حَكِيم " قَالَ: وَوَقَعَ فِي رِوَاية أبِي ذَرّ عَنْ السَّرَخْسِيّ " هِشَام عَنْ يَعْلَى بْن حَكِيم [هكذا نقلته، وهو تصحيف صوابه: عن يحيى بن حكيم كي يصح استدراك الحافظ الآتي] عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر " قَالَ الْجَيَّانِيُّ: وَهُوَ خَطَأ فَاحِش.

قُلْت: سَقَطَ عَلَيْهِ لَفْظَة " عَنْ " بَيْن يَحْيَى وَابْن حَكِيم، قَالَ: وَرِوَاية اِبْن السَّكَن رَافِعَة لِلنِّزَاعِ.

قُلْت: وَسَمَّاهُ يَحْيَى بْن أبِي كَثِير فِي رِوَاية مُعَاوِيَة بْن سَلَّامٍ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الطَّلَاق أهـ.

وروايتنا هذه موافقة لرِوَاية ابن السكن وهي رافعة للنزاع، والله أعلم.

(4/341)

وخرجه في باب {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} في الطلاق (5266).

بَاب قوله عَزَّ وَجَلَّ

{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}

[2639]- (5843) خ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ.

خ, و (4913) , نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ, عَنْ يَحْيَى, عَنْ عُبَيْدِ (1) بْنِ حُنَيْنٍ, أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ.

[2640]- ح, و (5191) نا أَبُوالْيَمَانِ, نا شُعَيْبٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, ح, و (2468) , نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ, نا اللَّيْثُ, عَنْ عُقَيْلٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُالله بْنُ عَبْدِ الله بْنِ أبِي ثَوْرٍ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ.

وقَالَ عُبَيْدٌ عنه: مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ آيَة فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا.

قَالَ عُقَيْلٌ: فَحَجَجْتُ مَعَه, فَلَمَّا رَجَعْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ (2) فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالادَاوَةِ, فَتَبَرَّزَ ثَمَّ حَتَّى جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الادَاوَةِ فَتَوَضَّأَ, فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, مَنْ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَانِ قَالَ لَهُمَا {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} فَقَالَ: وَا عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ, عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ.

_________

(1) في الأصل سماه: عبيد الله، وهو سبق قلم من الناسخ، فإنه عبيد بدون إضافة، وسيعيده على الصواب بعد موضع.

(2) بينما قَالَ عبيد: فَخَرَجْتُ مَعَهُ، وقوله: فَلَمَّا رَجَعْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، عاد لرِوَاية عبيد.

(4/342)

وقَالَ عُبَيْدٌ عنه: فَقُلْتُ: وَالله إِنْ كُنْتُ لَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مِنْ سَنَةٍ فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ, قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ, مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَاسْأَلْنِي فَإِنْ كَانَ لِي عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ, زَادَ الأويسي: بِهِ.

قَالَ عُقَيْلٌ: ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ, فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنْ الانْصَارِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ, وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ, وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا, فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الامْرِ وَغَيْرِهِ.

وقَالَ شُعَيْبٌ: مِنْ الْوَحِيِ.

قَالَ عُقَيْلٌ: وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ.

وقَالَ عُبَيْدٌ عَنْهُ: وَالله إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا, ولَا نَعُدُّ النِّسَاءَ شَيْئًا, فَلَمَّا جَاءَ الاسْلَامُ وَذَكَرَهُنَّ الله وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ, (1) رَأَيْنَا لَهُنَّ بِذَلِكَ عَلَيْنَا حَقًّا مِنْ غَيْرِ أَنْ نُدْخِلَهُنَّ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِنَا.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الانْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ يَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ, فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الانْصَارِ, فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي, فَقَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ, فَوَالله إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُرَاجِعْنَهُ, وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ.

قَالَ عُبَيْدٌ: وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ فَأَفْزَعَنِي ذلك.

_________

(1) هنا في الأصل: قَالَ الزُّهْرِيُّ، وهو خطأ من الناسخ، وقد أعدته بعد سطر إلى موضعه.

(4/343)

زَادَ عُقَيْلٌ: فَقُلْتُ: خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ, ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ: أَيْ حَفْصَةُ, أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ (1) حَتَّى اللَّيْلِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ, فَقُلْتُ خَابَتْ وَخَسِرَتْ, أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ الله لِغَضَبِ رَسُولِهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَتَهْلَكُنَّ, لَا تَسْتَكْثِرِي عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُرَاجِعِيهِ وَلَا تَهْجُرِيهِ, وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ, وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكَ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عَائِشَةَ.

وقَالَ ابنُ بِلالٍ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا فَكَلَّمْتُهَا, فَقَالَتْ: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ, دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَبْتَغِيَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ, فَأَخَذَتْنِي وَالله أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا.

وقَالَ حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بِنْ سَعِيدٍ: وَكَانَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ اسْتَقَامَ لَهُ, إِلَّا مَلِكُ غَسَّانَ بِالشَّامِ كُنَّا نَخَافُ أَنْ يَأْتِيَنَا.

وقَالَ عُقَيْلٌ (2): وَكُنَّا نتَحَدَّثُ أَنَّ غَسَّانَ تُنَعِّلُ النِّعَالَ, وقَالَ شُعَيْبٌ: الْخَيْلَ.

تُرِيدُ أَنْ تَسِيرَ إِلَيْنَا فَقَدْ امْتَلَأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ.

قَالَ عُقَيْلٌ: فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا, وَقَالَ: أَنَائِمٌ هُوَ, فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ, قُلْتُ: مَا هُوَ؟ جَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ.

وقَالَ شُعَيْبٌ: وَأَهْوَلُ, طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ.

_________

(1) لم يثبت منها في الأصل إلا الألف وسقط باقي الكلمة، وعنده: حتى الى الليل.

(2) في الأصل: ابن بلال وهو سبق قلم، فالكلمة لعقيل.

(4/344)

وقَالَ ابنُ بِلاَلٍ عَنْ عُبَيْدٍ: اعْتَزَلَ أَزْوَاجَهُ, فَقُلْتُ: رَغَمَ أَنْفُ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ.

وقَالَ عُقَيْلٌ: قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ, فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي, وَصَلَّيْتُ الْفَجْرَ مَعَ رسولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا, فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي.

وقَالَ حَمَّادٌ: فَإِذَا الْبُكَاءُ مِنْ حُجَرِهِا (1) كُلِّهَا.

قَالَ عُقَيْلٌ (2): قُلْتُ مَا يُبْكِيكِ أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ.

قَالَ شُعَيْبٌ: هَذَا؟.

قَالَ عُقَيْلٌ: أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي, هُوَ ذَا فِي الْمَشْرُبَةِ, فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ, فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ, فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا, ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ.

قَالَ شُعَيْبٌ: الَّتِي فِيهَا النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ, فَدَخَلَ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ, فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ, ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ, فَجِئْتُ فقلتُ للغلام فَذَكَرَ مِثْلَهُ, فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ, فَذَكَرَ مِثْلَهُ, فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي قَالَ: قد أَذِنَ لَكَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ.

قَالَ عُبَيْدٌ: فِي مَشْرُبَةٍ يَرْقَى عَلَيْهَا بِعَجَلَةٍ.

_________

(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: حجرهن.

(2) في الأصل ابن بلال، وهو تصحيف من الناسخ، وكذا في الموضعين اللاحقين.

(4/345)

قَالَ شُعَيْبٌ: قَالَ: فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ, فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ, ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: يَا رَسُولَ الله أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ إِلَيَّ بَصَرَهُ فَقَالَ: «لَا» فَقُلْتُ: الله أَكْبَرُ, ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ بِرَسُولِ الله: لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ يَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ, فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَرْضَى مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رسولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عَائِشَةَ, فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَسُّمَةً أُخْرَى, فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ.

وقَالَ ابنُ بِلاَلٍ عَنْ عُبَيْدٍ: قَالَ: فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ, فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ شُعَيْبٌ: قَالَ: فرَفَعْتُ (بَصَرِي) فِي بَيْتِهِ, فَوَالله مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ, فَقُلْتُ: يا رسول الله, ادْعُ الله فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ الله, وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: «أَوَفِي هذا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»، زَادَ عُبَيْدٌ: قَالَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ الدُّنْيَا وَلَنَا الاخِرَةُ».

قَالَ شُعَيْبٌ: قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله اسْتَغْفِرْ لِي, فَاعْتَزَلَ رسولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ (1) , وَكَانَ قد قَالَ: «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا» مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ الله, فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا, فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ

_________

(1) في الصحيح زيادة: تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً.

(4/346)

عَلَيْنَا شَهْرًا وَإِنَّا أَصْبَحْنا لتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا, فَقَالَ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ» وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأُنْزِلَت التَّخَييرِ, فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ, فَقَالَ: «إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا وَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ» قَالَتْ: قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِكَ, قَالَ: «إِنَّ الله قَالَ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} إلَى قَوْلِهِ {عَظِيمًا}» قُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ, فَإِنِّي أُرِيدُ الله وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاخِرَةَ, ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ فِي غَيْرِ بُيُوتِهِنَّ (5203) , وفِي بَابِ قول الله عَزَّ وَجَلَّ {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} (5201) (1) , وفِي بَابِ مَوْعِظَةِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ لِحَالِ زَوْجِهَا في النكاح (5191) , وفِي بَابِ قوله تعالى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (5289) , وفِي بَابِ الْغُرْفَةِ وَالْعُلِّيَّةِ الْمُشْرِفَةِ وَغَيْرِ الْمُشْرِفَةِ (2468) , وقول الله عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} الآيَة كلها مختصرا (4785) (2) , وفِي بَابِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَجَوَّزُ مِنْ اللِّبَاسِ وَالْبُسْطِ (5843) , وفِي بَابِ قوله {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآيَة (4786) , وفِي بَابِ {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} الآيَة (4914) , وفِي بَابِ {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (4915) , وفِي بَابِ {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} الآيَة (4916) , وفي قوله تبارك وتعالى {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} الآيَة (7263).

_________

(1) من حديث أنس.

(2) انما روى في سورة الاحزاب حديث عائشة فقط.

(4/347)

سُورَةُ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}

التَّفَاوُتُ الِاخْتِلَافُ, وَالتَّفَاوُتُ وَالتَّفَوُّتُ وَاحِدٌ, {تَمَيَّزُ} تَقَطَّعُ, {مَنَاكِبِهَا} جَوَانِبِهَا, {تَدَّعُونَ} [وَتَدْعُونَ وَاحِدٌ] (1) مِثْلُ تَذَّكَّرُونَ وَتَذْكُرُونَ, وَنُفُورٌ الْكُفُورُ.

سُورَةُ ن وَالْقَلَمِ

وَقَالَ قَتَادَةُ: {حَرْدٍ} جِدٍّ فِي أَنْفُسِهِمْ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِنَّا لَضَالُّونَ} أَضْلَلْنَا مَكَانَ جَنَّتِنَا, وَقَالَ غَيْرُهُ: {كَالصَّرِيمِ} كَالصُّبْحِ انْصَرَمَ مِنْ اللَّيْلِ, وَاللَّيْلِ انْصَرَمَ مِنْ النَّهَارِ, وَهُوَ أَيْضًا كُلُّ رَمْلَةٍ انْصَرَمَتْ مِنْ مُعْظَمِ الرَّمْلِ, وَالصَّرِيمُ أَيْضًا الْمَصْرُومُ, مِثْلُ قَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ.

بَاب

{عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}

[2641]- (4917) خ نَا مَحْمُودٌ, نا عُبَيْدُ الله, عَنْ إِسْرَائِيلَ, عَنْ أبِي حَصِينٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} قَالَ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ زَنَمَةٌ مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ.

سُورَةُ الْحَاقَّةِ

وقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} يُرِيدُ فِيهَا الرِّضَا, {الْقَاضِيَةَ} الْمَوْتَةَ الاولَى الَّتِي مِنْهَا (2) لَمْ أُحْيَ بَعْدَهَا, {مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} أَحَدٌ يَكُونُ لِلْجَمِيعِ وَلِلْوَاحِدِ, وَقَالَ

_________

(1) سقط من الأصل، وهو في الصحيح، وباقي الكلام يدل عليه.

(2) كذا في الأصل، وفي الصحيح: مُتُّهَا.

(4/348)

ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْوَتِينَ} نِيَاطُ الْقَلْبِ, وقَالَ: {طَغَى} كَثُرَ, وَيُقَالَ {بِالطَّاغِيَةِ} بِطُغْيَانِهِمْ, وَيُقَالَ طَغَتْ عَلَى الْخَزَّانِ كَمَا طَغَى الْمَاءُ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ.

سُورَةُ سَأَلَ سَائِلٌ

الْفَصِيلَةُ أَصْغَرُ آبَائِهِ الْقُرْبَى, الشَّوَى: الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالاطْرَافُ, وَجِلْدَةُ الرَّأْسِ يُقَالَ لَهَا شَوَاةٌ, وَمَا كَانَ غَيْرَ مَقْتَلٍ فَهُوَ شَوًى, وَالْعِزُونَ الْحِلَقُ وَالْجَمَاعَاتُ وَوَاحِدُهَا عِزَةٌ.

سُورَةُ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا

وَالْكُبَّارُ أَشَدُّ مِنْ الْكِبَارِ, وَكُبَارًا أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ, وَكَذَلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ, لِأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً, وَالْعَرَبُ تَقُولُ رَجُلٌ حُسَّانٌ وَحُسَانٌ مُخَفَّفٌ وَجُمَالٌ مُخَفَّفة, {دَيَّارًا} مِنْ دَوْرٍ, وَلَكِنَّهُ فَيْعَالٌ مِنْ الدَّوَرَانِ, كَمَا قَرَأَ عُمَرُ: {الْحَيُّ الْقَيَّامُ} (1) وَهِيَ مِنْ قُمْتُ, وَقَالَ غَيْرُهُ: دَيَّارًا وَاحِدًا أَحَدًا, {تَبَارًا} هَلَاكًا, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مِدْرَارًا} يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا, {وَقَارًا} عَظَمَةً.

[2642]- (4920) خ حدثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: صَارَتْ الاوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ, أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ, وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ, وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَإٍ, وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ, وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ, وَنَسْر أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى

_________

(1) في الأصل: القيوم، وهي قراءتنا أما عمر فكان يقرأ (القيام) كما في الصحيح.

(4/349)

الشَّيْطَانُ لِقَوْمِهِمْ أَنْ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ عليها أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ, فَفَعَلُوا, فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ.

سُورَةُ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لِبَدًا} أَعْوَانًا.

[2643]- (773) خ نَا مُسَدَّدٌ, وَ (4921) , نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ أبِي بِشْرٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ, وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ, وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ, فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ، زَادَ مُسَدَّدٌ: إِلى قَوْمِهِم, فَقَالَوا: مَا لَهمْ؟.

قَالَ مُوسَى: فَقَالَوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ, قَالَ: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا. قَالَ مُسَدَّدٌ: إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ, قَالَ مُوسَى: فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الارْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الامْرُ الَّذِي حَدَثَ, فَانْطَلَقُوا فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الارْضِ وَمَغَارِبَهَا يَنْظُرُونَ مَا هَذَا الامْرُ الَّذِي حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ, قَالَ: فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلَةَ, وَهُوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ, وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ, فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ تَسَمَّعُوا لَهُ, فَقَالَوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ, فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالَوا: يَا قَوْمَنَا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} وَأَنْزَلَ الله عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ صَلَاةِ الْفَجْرِ (773).

(4/350)

سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَتَبَتَّلْ} أَخْلِصْ, وَقَالَ الْحَسَنُ: {أَنْكَالًا} قُيُودًا, {مُنْفَطِرٌ بِهِ} مُثْقَلَةٌ بِهِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَثِيبًا مَهِيلًا} الرَّمْلُ السَّائِلُ, {وَبِيلًا} شَدِيدًا.

سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ

وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {عَسِيرٌ} شَدِيدٌ, قَسْوَرَةٌ رِكْزُ النَّاسِ وَأَصْوَاتُهُمْ وَكُلُّ شَدِيدٍ قَسْوَرَةٌ وَقَسْوَرٌ, وَقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ: الاسَدُ, {مُسْتَنْفِرَةٌ} نَافِرَةٌ مَذْعُورَةٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي السُّورَة كُلِّهَا فِي كِتَابِ كَيْفَ كَانَ بدْءُ الْوَحْيُ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

سُورَةُ الْقِيَامَةِ

وَقَوْلُهُ {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {سُدًى} هَمَلًا, {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} سَوْفَ أَتُوبُ سَوْفَ أَعْمَلُ, {لَا وَزَرَ} لَا حِصْنَ.

[2644]- (5) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نا أَبُوعَوَانَةَ عن مُوسَى, هُوَ مَدَارُهُ.

خ, و (4928) نَا عُبَيْدُ الله نا إِسْرَائِيلُ نا مُوسَى.

خ, و (4929) (5044) نَا قُتَيْبَةُ (1) , نا جَرِيرٌ, عَنْ مُوسَى بْنِ أبِي عَائِشَةَ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} قَالَ: كَانَ

_________

(1) لقتيبة فيه شيخان، جرير وأبو عوانة، وحديثه عنهما في الموضعين المذكورين، وحديثه عن أبِي عوانة هو الذي فِي كِتَابِ الصفات (7524)، وكلاهما رواه عن موسى.

(4/351)

رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَليهِ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ كَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ, فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ, وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ.

(4927) زَادَ سُفْيانُ (1): يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ.

وقَالَ إِسْرَائِيلُ: يَخْشَى أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْهُ.

قَالَ أَبُوعَوَانَةَ فِيهِ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا, وَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا, فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ, فَأَنْزَلَ الله.

قَالَ جَرِيرٌ: هَذِهِ الآيَة الَّتِي فِي سورة الْقِيَامَةِ {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} قَالَ: عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ, {وَقُرْآنَهُ} أَنْ تَقْرَأَهُ, {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ, {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ, قَالَ: فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ.

وَخَرَّجَهُ في: الصفات بَاب قَوْلِه {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} وَقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ» (7524) , وفِي بَابِ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (5) , وفي فضائل القرآن بَاب التَّرْتِيلِ بالْقِرَاءَةِ وَقَوْلِهِ {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (5044).

سُورَةُ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ

خ: مَعْنَاهُ أَتَى عَلَى الانْسَانِ, وَهَلْ تَكُونُ جَحْدًا وَتَكُونُ خَبَرًا, وَهَذَا مِنْ الْخَبَرِ, يَقُولُ: كَانَ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا وَذَلِكَ مِنْ حِينِ خَلَقَهُ الله مِنْ الطِينِ إِلَى أَنْ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحُ, {أَمْشَاجٍ} الاخْلَاطُ مَاءُ الرَّجُلِ ومَاءُ الْمَرْأَةِ الدَّمُ وَالْعَلَقَةُ, وَيُقَالَ: إِذَا خُلِطَ

_________

(1) سقط إسناد سفيان من النسخة، قَالَ البخاري: نَا الْحُمَيْدِيُّ نا سُفْيَانُ نا مُوسَى.

(4/352)

مَشِيجٌ, كَقَوْلِكَ خَلِيطٌ وَمَمْشُوجٌ مِثْلُ مَخْلُوطٍ, وَيُقَرأ {سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا} وَلَمْ يُجْرِهِ (1) بَعْضُهُمْ, {مُسْتَطِيرًا} مُمْتَدًّا الْبَلَاءُ, وَالْقَمْطَرِيرُ الشَّدِيدُ, يُقَالَ يَوْمٌ قَمْطَرِيرٌ وَيَوْمٌ قُمَاطِرٌ, وَالْعَبُوسُ وَالْقَمْطَرِيرُ وَالْقُمَاطِرُ وَالْعَصِيبُ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنْ الايَّامِ فِي الْبَلَاءِ, وَقَالَ مَعْمَرٌ: {أَسْرَهُمْ} شِدَّةُ الْخَلْقِ وَكُلُّ شَيْءٍ شَدَدْتَهُ مِنْ قَتَبٍ أوْ غَبِيطٍ فَهُوَ مَأْسُورٌ, الغَبِيطُ: شَيءٌ يَرْكَبُهُ النِّسَاءُ يُشْبِهُ الْمحَفَّةَ.

سُورَةُ وَالْمُرْسَلَاتِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {جِمَالَتٌ} حِبَالٌ, {ارْكَعُوا} صَلُّوا, {لَا يَرْكَعُونَ} لَا يُصَلُّونَ, وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَا يَنْطِقُونَ} {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} {الْيَوْمَ نَخْتِمُ} فَقَالَ: إِنَّهُ ذُو أَلْوَانٍ مَرَّةً يَنْطِقُونَ وَمَرَّةً يُخْتَمُ عَلَيْهِمْ.

بَاب

{إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ}

[2645]- (4933) خ نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, نا يَحْيَى, أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ, نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ, سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} قَالَ: كُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْخَشَبَةِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ, {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} حِبَالُ السُّفُنِ تُجْمَعُ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ.

_________

(1) أي يُنَوِّنْ، وهذا مصطلح كوفي قديم، يقولون هذا الإسم مجري أي مصروف، وهذا غير مجري أي غير مصروف.

(4/353)

سُورَةُ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ

وقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَا يَرْجُونَ حِسَابًا} لَا يَخَافُونَهُ, {لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} لَا يَمْلِكُونَ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ, {صَوَابًا} حَقًّا فِي الدُّنْيَا وَعَمِلَ بِهِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَهَّاجًا} مُضِيئًا, وَقَالَ غَيْرُهُ: غَسَّاقًا: غَسَقَتْ عَيْنُهُ, {عَطَاءً حِسَابًا} جَزَاءً كَافِيًا أَعْطَانِي مَا أَحْسَبَنِي [أَيْ كَفَانِي] (1)، وَيَغْسِقُ الْجُرْحُ يَسِيلُ كَأَنَّ الْغَسَاقَ وَالْغَسِيقَ وَاحِدٌ.

بَاب

{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} زُمَرًا.

[2646]- (4935) خ نا مُحَمَّدٌ, أَخْبَرَنَا أَبُومُعَاوِيَةَ, عَنْ الاعْمَشِ, عَنْ أبِي صَالِحٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ» , قَالَوا: أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ, قَالَوا: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ, (قَالَوا): أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ, «ثُمَّ يُنْزِلُ الله عَزَّ وَجَلَّ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ, لَيْسَ مِنْ الانْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ, وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وَخَرَّجَهُ في: باب قوله {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ} الآيَة في الزُّمَرِ (4814).

سُورَةُ النَّازِعَاتِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الْآيَةَ الْكُبْرَى} عَصَاهُ وَيَدُهُ, يُقَالَ النَّاخِرَةُ وَالنَّخِرَةُ سَوَاءٌ مِثْلُ الطَّامِعِ وَالطَّمِعِ وَالْبَخِلِ وَالْبَاخِلِ, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النَّخِرَةُ الْبَالِيَةُ وَالنَّاخِرَةُ الْعَظْمُ

_________

(1) بيض لمكانها في الأصل، وأتممته من الصحيح.

(4/354)

الْمُجَوَّفُ الَّذِي تَمُرُّ فِيهِ الرِّيحُ فَتَنْخَرُ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْحَافِرَةِ} الَّتِي أَمْرُنَا الاوَّلُ إِلَى الْحَيَاةِ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} مَتَى مُنْتَهَاهَا وَالمُرْسَى السَّفِينَةِ حَيْثُ انتهت.

سُورَةُ عَبَسَ

كَلَحَ وَأَعْرَضَ, لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَهُمْ الْمَلَائِكَةُ, وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ وَالصُّحُفَ مُطَهَّرَةً لِأَنَّ الصُّحُفَ لا (1) يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ لِمَنْ حَمَلَهَا أَيْضًا, {سَفَرَةٍ} الْمَلَائِكَةُ سَفَرْتُ أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ, وَجُعِلَتْ الْمَلَائِكَةُ إِذَا نَزَلَتْ بِالوَحْيِ وَتَأْدِيَتِهِ كَالسَّفِيرِ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَصَدَّى} تَغَافَلَ عَنْهُ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَمَّا يَقْضِ} لَا يَقْضِي أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {تَرْهَقُهَا} تَغْشَاهَا شِدَّةٌ, {مُسْفِرَةٌ} مُشْرِقَةٌ, {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبَةٍ, أَسْفَارًا كُتُبًا, يُقَالَ وَاحِدُ الاسْفَارِ سِفْرٌ, تَلَهَّى تَشَاغَلَ.

[2647]- (4937) خ نَا آدَمُ, نا شُعْبَةُ, نا قَتَادَةُ قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يُحَدِّثُ: عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ, عَنْ عَائِشَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ, وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ».

سُورَةُ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ

وَقَالَ الْحَسَنُ: {سُجِّرَتْ} يذْهَبُ مَاؤُهَا فَلَا تَبْقَى قَطْرَةٌ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَسْجُورُ الْمَمْلُوءُ, وَقَالَ غَيْرُهُ: سُجِرَتْ أَفْضَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا, انْكَدَرَتْ: انْتَشَرَتْ, وَالْخُنَّسُ تَخْنِسُ فِي مُجْرَاهَا تَرْجِعُ, وَتَكْنِسُ تَسْتَتِرُ كَمَا يَكْنِسُ الظِّبيُ,

_________

(1) هكذا في الأصل، وفي الصحيح أسقط: لا.

(4/355)

{تَنَفَّسَ} ارْتَفَعَ النَّهَارُ, وَالظَّنِينُ الْمُتَّهَمُ وَالضَّنِينُ يَضَنُّ بِهِ, وَقَالَ عُمَرُ: {النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} تُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ, ثُمَّ قَرَأَ: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} , {عَسْعَسَ} أَدْبَرَ.

سُورَةُ انْفَطَرَتْ

وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: {فُجِّرَتْ} فَاضَتْ, وَقَرَأَ الاعْمَشُ وَعَاصِمٌ: {فَعَدَلَكَ} بِالتَّخْفِيفِ, وَقَرَأَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ بِالتَّشْدِيدِ, وَأَرَادَ مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ وَمَنْ خَفَّفَ يَعْنِي {فِي أَيِّ صُورَةٍ} شَاءَ, إِمَّا حَسَنٌ وَإِمَّا قَبِيحٌ, وطَوِيلٌ أَوْ قَصِيرٌ.

سُورَةُ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: رَانَ ثَبْتُ الْخَطَايَا, ثُوِّبَ: جُوزِيَ, وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُطَفِّفُ لَا يُوَفِّي غَيْرَهُ.

سُورَةُ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ

قَالَ مُجَاهِدٌ: {كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} يَأْخُذُ كِتَابَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ, {وَسَقَ} جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ, و {ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} ألَا يَرْجِعَ إِلَيْنَا.

[2648]- (4940) خ قَالَ: حدثني سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ, نا هُشَيْمٌ, نا أَبُوبِشْرٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} حَالًا بَعْدَ حَالٍ, قَالَ: هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2649]- (6537) خ نا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ, نا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ, نا حَاتِمٌ.

خ, و (4939) نَا مُسَدَّدٌ, عَنْ يَحْيَى, عَنْ أبِي يُونُسَ هو حَاتِم بْنُ أبِي صَغِيرَةَ, عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ, عَنْ الْقَاسِمِ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(4/356)

«لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ» , زَادَ رَوْحٌ: «يَوْمَ الْقِيَامَةِ» «إِلَّا هَلَكَ» , قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ, أَلَيْسَ يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قَالَ: «ذَلكَ الْعَرْضُ يُعْرَضُونَ, وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ».

وَقَالَ رَوْحٌ: «لَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا عُذِّبَ».

وَخَرَّجَهُ في: كتاب عيش النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاب مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ (6536) (6537).

سُورَةُ الْبُرُوجِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الاخْدُود شَقٌّ فِي الارْضِ, {فَتَنُوا} عَذَّبُوا.

سُورَةُ الطَّارِقِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {ذَاتِ الرَّجْعِ} سَحَابٌ يَرْجِعُ بِالْمَطَرِ, {ذَاتِ الصَّدْعِ} تَتَصَدَّعُ بِالنَّبَاتِ.

سُورَةُ سَبِّحْ

تَقَدَّمَ مَا فِيهِا فِي بَابِ مَقْدَمِ النَّبِيِّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) المدينة.

سُورَةُ هَلْ أَتَاكَ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} النَّصَارَى, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {عَيْنٍ آنِيَةٍ} بَلَغَ إِنَاهَا وَجَازَ شُرْبُهَا, {حَمِيمٍ آنٍ} بَلَغَ إِنَاهُ, {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} شَتْمًا, يُقَالَ: الضَّرِيعُ

(4/357)

نَبْتٌ يُقَالَ لَهُ الشِّبْرِقُ, يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ الضَّرِيعَ إِذَا يَبِسَ وَهُوَ سُمٌّ, {بِمُصَيْطِرٍ} بِمُسَلَّطٍ وَيُقْرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِيَابَهُمْ} مَرْجِعَهُمْ.

سُورَةُ وَالْفَجْرِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} الْقَدِيمَةَ الْعِمَادُ أَهْلُ عَمُودٍ لَا يُقِيمُونَ, {سَوْطَ عَذَابٍ} الَّذِي عُذِّبُوا بِهِ, {أَكْلًا لَمًّا} السَّفُّ وَجَمًّا الْكَثِيرُ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {سَوْطَ عَذَابٍ} كَلِمَةٌ تَقُولُهَا (1) الْعَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْعَذَابِ يُدْخِلُون فِيهِ السَّوْطُ, {لَبِالْمِرْصَادِ} إِلَيْهِ الْمَصِيرُ, {تَحَاضُّونَ} تُحَافِظُونَ وَتَحُضُّونَ تَأْمُرُونَ بِإِطْعَامِهِ, {الْمُطْمَئِنَّةُ} الْمُصَدِّقَةُ بِالثَّوَابِ, وَقَالَ الْحَسَنُ: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} إِذَا أَرَادَ الله قَبْضَهَا اطْمَأَنَّتْ إِلَى الله وَاطْمَأَنَّ الله إِلَيْهَا, وَرَضِيَتْ عَنْ الله وَرَضِيَ الله عَنْهَا, فَأَمَرَ بِقَبْضِ رُوحِهَا, وَأَدْخَلَهُ الله الْجَنَّةَ وَجَعَلَهُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ, وَقَالَ غَيْرُهُ: {جَابُوا} نَقَبُوا, جِيبَ الْقَمِيصُ قُطِعَ لَهُ جَيْبٌ, يَجُوبُ الْفَلَاةَ يَقْطَعُهَا, {لَمًّا} لَمَمْتُهُ أَجْمَعَ أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهِ.

سُورَةُ لَا أُقْسِمُ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَذَا الْبَلَد مَكَّة, لَيْسَ عَلَيْكَ مَا عَلَى النَّاسِ فِيهِ مِنْ الاثْمِ, {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} (2) , {لُبَدًا} كَثِيرًا وَالنَّجْدَيْنِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ, مَسْغَبَةٍ مَجَاعَةٍ, مَتْرَبَةٍ السَّاقِطُ فِي التُّرَابِ, {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} فَلَا تَقْتَحِم الْعَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا, ثُمَّ فَسَّرَ الْعَقَبَةَ فَقَالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}.

_________

(1) في الأصل: بالياء والتاء.

(2) هكذا في الأصل، وفي الصحيح: ووالد آدم ..

(4/358)

سُورَةُ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بِطَغْوَاهَا} مَعَاصِيهَا, {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} (1) عُقْبَى أَحَدٍ.

[2650]- (4942) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا وُهَيْبٌ, حَدَّثَنَا هِشَامٌ, عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَبْدُ الله بْنُ زَمْعَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَها فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «{إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ, مِثْلُ أبِي زَمْعَةَ».

خ: وَقَالَ أَبُومُعَاوِيَةَ عن هِشَامٍ, الحدِيثَ «مِثْلُ أبِي زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ».

سُورَةُ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} بِالْخَلَفِ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَرَدَّى} مَاتَ وَ {تَلَظَّى} تَوَهَّجُ, وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: تَتَلَظَّى.

وقد تَقَدَّمَ مَا فِيهِا كُلِّهَا.

سُورَةُ وَالضُّحَى

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِذَا سَجَى} اسْتَوَى, وَقَالَ غَيْرُهُ: أَظْلَمَ وَسَكَنَ, {عَائِلًا} ذُو عِيَالٍ.

[2651]- (1125) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ, أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ, عَنْ الاسْوَدِ.

خ, و (4950) نَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ, نا زُهَيْرٌ, نا الاسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ ثَلَاثًا (2).

_________

(1) ليست عقباها في الأصل.

(2) كذا في الأصل.

(4/359)

وقَالَ سُفْيَانُ فِيهِ: احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ: أَبْطَأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ.

وقَالَ زُهَيْرٌ: فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ, إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ, لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ, فَأَنْزَلَ الله {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.

يُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ, مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب تَرْكِ الْقِيَامِ لِلْمَرِيضِ (1124) (1125) , وفِي بَابِ فضائل القرآن وكيف نزل الوحي (4983).

سُورَةُ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وِزْرَكَ} فِي الْجَاهِلِيَّةِ, {أَنْقَضَ} أَتْقَنَ.

قَالَ الفِرَبْرِيُّ: {أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} أَثْقَلَ, سَمِعْتُ هَذِهِ الْحِكَايَة مِنْ أبِي مَعْشَرٍ, وَوَقَعَ فِي الْكِتَاب خَطَأ (1).

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل، ومعناه أن الفربري ينكر أن يكون أنقض بمعنى أتقن، وقَالَ: أثقل، وذكر أن الذي وقع في أصل الكتاب خطأ، يعني أتقن، لكن قوله سمعت هذه الحكآيَة من أبِي معشر، إن كان أراد التفسير بأتقن فهذا دال على أنه أخذ شيئا من الكتاب عن غير البخاري، لا سيما وأن أبا معشر - وهو حَمْدَوَيْهِ بْن الْخَطَّاب بْن إِبْرَاهِيم الْبُخَارِيّ - كَانَ يَسْتَمْلِي عَلَى الْبُخَارِيّ وَيُشَارِكهُ فِي بَعْض شُيُوخه.

وإن أراد أنه سمع من أبِي معشر التفسير بأثقل فهذا دال على أنه عرض الكتاب على بعض كبار اصحاب البخاري لمزيد تثبت وضبط.

قَالَ القاضي عِيَاض رحمه الله: كَذَا فِي جَمِيع النُّسَخ " أَتْقَنَ " بِمُثَنَّاةٍ وَقَاف وَنُون، وَهُوَ وَهْمٌ، وَالصَّوَاب أَثْقَلَ بِمُثَلَّثَةٍ، وهو الصواب، وكذا رده الاصِيلِيُّ وقَالَ: في كتاب الفربري أتقن وهو خطأ.

قلت: قد تبرأ الفربري من معرته، فقد يكون تصحف عليه فِي كِتَابِه، والله أعلم.

قَالَ الحافظ: قَوْله: (وَيُرْوَى أَثْقَلَ وَهُوَ أَصَحّ مِنْ أَتْقَنَ) كَذَا وَقَعَ فِي رِوَاية الْمُسْتَمْلِيّ وَزَادَ فِيهِ قَالَ الْفَرْبَرِيّ سَمِعْت أَبَا مَعْشَر يَقُول (أَنْقَضَ ظَهْرَك): أَثْقَلَ، وَوَقَعَ فِي الْكِتَاب خَطَأ.

ثم قَالَ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيق مُجَاهِد بِلَفْظِ: (الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَك)، قَالَ: أَثْقَلَ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، تَقُول الْعَرَب أَنْقَضَ الْحِمْل ظَهْرَ النَّاقَة إِذَا أَثْقَلَهَا وَهُوَ مَأْخُوذ مِنْ النَّقِيض وَهُوَ الصَّوْت وَمِنْهُ سَمِعْت نَقِيض الرَّحْل أَيْ صَرِيره أهـ.

(4/360)

{مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَعَ ذَلِكَ الْعُسْرِ يُسْرًا آخَرَ, كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَانْصَبْ} فِي حَاجَتِكَ إِلَى رَبِّكَ, وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلاسْلَامِ.

سُورَة وَالتِّينِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُذا التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الَّذِي يَأْكُلُ النَّاسُ, فقَالَ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ} مَا الَّذِي يُكَذِّبُكَ بِأَنَّ النَّاسَ يُدَانُونَ (1) بِأَعْمَالِهِمْ, كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِكَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.

[2652]- (7546) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ, نا مِسْعَرٌ, عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بنَ عازبٍ يقول: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ) بالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، فَمَا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ (2).

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ» وَ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» (7456).

_________

(1) كذا للأصيلي والكافة إلا القابسي، فعنده: يدالون، قال القاضي: وهو وهم أهـ (المشارق 1/ 421).

(2) هكذا اختصره في الأصل، وفي الصحيح: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ: " {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} " فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ.

(4/361)

سُورَةُ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ

خ: وقَالَ قُتَيْبَةُ (1): نا حَمَّادٌ, عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ, عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: اكْتُبْ فِي الْمُصْحَفِ فِي أَوَّلِ الامَامِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {نَادِيَهُ} عَشِيرَتَهُ, {الزَّبَانِيَةَ} الْمَلَائِكَةَ, وَقَالَ مَعْمَرٌ: {الرُّجْعَى} الْمَرْجِعُ, {لَنَسْفَعًا} قَالَ: لَنَأْخُذَنْ وَلَنَسْفَعَنْ بِالنُّونِ وَهِيَ الْخَفِيفَةُ, سَفَعْتُ بِيَدِهِ أَخَذْتُ.

بَاب

{كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}

[2653]- (4958) خ نَا يَحْيَى, نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ, عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُوجَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ, فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَوْ فَعَلَهُ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ».

سُورَةُ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ

يُقَالَ: الْمَطْلَعُ هُوَ الطُّلُوعُ وَالْمَطْلِعُ هو الْمَوْضِعُ الَّذِي يُطْلَعُ مِنْهُ, وقَالَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} الْهَاءُ كِنَايَة عَنْ الْقُرْآنِ, {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَمِيعِ وَالْمُنْزِلُ هُوَ الله (وَالْعَرَبُ) (2) وَكَّدُوا فِعْلَ الْوَاحِدِ فَتَجْعَلُهُ بِلَفْظِ الْجَمِيعِ لِيَكُونَ أَثْبَتَ وَأَوْكَدَ.

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل، وفِي رِوَاية أبِي ذَرّ عَنْ غَيْر الْكُشْمِيهَنِيِّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَة.

(2) بيض لها في الأصل، واستدركتها من الصحيح.

(4/362)

سُورَةُ لَمْ يَكُنِ

{مُنْفَكِّينَ} زَائِلِينَ, {قَيِّمَةٌ} الْقَائِمَةُ, {دِينُ الْقَيِّمَةِ} أَضَافَ الدِّينَ إِلَى الْمُؤَنَّثِ.

[2654]- (4959) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نا غُنْدَرٌ, نا شُعْبَةُ, سَمِعْتُ قَتَادَةَ.

ح, و (4961) حدثني أَحْمَدُ بْنُ أبِي دَاوُد أَبُوجَعْفَرٍ الْمُنَادِي (1) , نا رَوْحٌ, نا سَعِيدُ بْنُ أبِي عَرُوبَةَ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ نَبِيَّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «إِنَّ الله أَمَرَنِي أَنْ».

قَالَ شُعْبَةُ: «أَقْرَأَ عَلَيْكَ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}».

وقَالَ سَعِيدٌ: «أَنْ أُقْرِئَكَ الْقُرْآنَ» , قَالَ: الله سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» , فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ.

وقَالَ شُعْبَةُ: فَبَكَى.

سُورَة إِذَا زُلْزِلَتِ

يُقَالَ: {أَوْحَى لَهَا} وَأَوْحَى إِلَيْهَا وَوَحَى لَهَا وَوَحَى إِلَيْهَا وَاحِدٌ.

سُورَةُ الْعَادِيَاتِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْكَنُودُ الْكَفُورُ, يُقَالَ {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} رَفَعْنَ بِهِ غُبَارًا, {لِحُبِّ الْخَيْرِ} مِنْ أَجْلِ حُبِّ الْخَيْرِ, {لَشَدِيدٌ} لَبَخِيلٌ, وَيُقَالَ لِلْبَخِيلِ شَدِيدٌ, {حُصِّلَ} مُيِّزَ.

_________

(1) ليس لأبي جعفر في الصحيح إلا هذا الموضع، وهو حسن الحديث، معروف مشهور، بخلاف ما زعم ابن عدي بأنه لا يعرف، (انظر: المعلم ص73).

(4/363)

سُورَةُ الْقَارِعَةُ

{كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُولُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ.

سُورَةُ أَلْهَاكُمُ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} مِنْ الامْوَالِ وَالاوْلَادِ.

سُورَةُ وَالْعَصْرِ

قَالَ يَحْيَى (1): الدَّهْرُ أَقْسَمَ بِهِ.

سُورَةُ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ

{الْحُطَمَةِ} اسْمُ النَّارِ مِثْلُ سَقَرَ وَلَظَى.

سُورَةُ أَلَمْ تَرَ

وقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَبَابِيلَ} مثل مُتَتَابِعَةً مُجْتَمِعَةً, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {سِجِّيلٍ} سَنْكه وَكِلْ بالفَارِسِيَّة.

سُورَةُ الِإِيلَافِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لِإِيلَافِ} أَلِفُوا ذَلِكَ فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ, {وَآمَنَهُمْ} مِنْ كُلِّ عَدُوِّهِمْ فِي حَرَبِهِمْ, وقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {لِإِيلَافِ} لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ.

_________

(1) أي يحيى بن زياد الفراء الإمام المصنف.

(4/364)

سُورَةُ أَرَأَيْتَ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يَدُعُّ} يَدْفَعُ عَنْ حَقِّهِ, يُقَالَ هُوَ مِنْ دَعَعْتُ, {يُدَعُّونَ} يُدْفَعُونَ, {سَاهُونَ} لَاهُونَ, وَالْمَاعُونُ: الْمَعْرُوفُ كُلُّهُ, وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: الْمَاعُونُ الْمَاءُ, وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَعْلَاهَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ وَأَدْنَاهَا عَارِيَّةُ الْمَتَاعِ.

سُورَةُ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {شَانِئَكَ} عَدُوَّكَ.

قَدْ خَرَّجَ مَا فِيهِ.

سُورَةُ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ

يُقَالَ: (لَكُمْ) دِينُ الْكُفْر وَلِي دِين الاسْلَام, وَلَمْ يَقُلْ دِينِي لِأَنَّ الآيَاتِ بِالنُّونِ فَحُذِفَتْ الْيَاءُ (1) , كَمَا قَالَ {فَهُوَ يَهْدِينِ} {وَيَسْقِينِ}.

وَقَالَ غَيْرُهُ: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} الآنَ وَلَا أُجِيبُكُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} , وَهُمْ الَّذِينَ قَالَ: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا}.

سُورَةُ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ

[2655]- (4967) خ نَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ, نا أَبُوالاحْوَصِ, عَنْ الاعْمَشِ, عَنْ أبِي الضُّحَى, عَنْ مَسْرُوقٍ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_________

(1) في الأصل: النون، وهو تصحيف.

(4/365)

صَلَاةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إِلَّا يَقُولُ فِيهَا: «سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللهمَّ اغْفِرْ لِي».

بَاب قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ

{وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}.

[2656]- (4969) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ أبِي شَيْبَةَ, نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ, عن سُفْيَانَ, عَنْ حَبِيبِ بْنِ أبِي ثَابِتٍ, عَنْ سَعِيدٍ.

خ, و (4970) نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوعَوَانَةَ.

خ, و (4294) نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ أبِي بِشْرٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ, فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ, قَالَ: إِنَّهُ مِمَّنْ عَلِمْتُمْ, قَالَ: فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ, قَالَ: وَمَا أُرِيتُهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ مِنِّي, فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ, قَالَ أَبُوعوانة: في قول الله, قَالَ أَبُوالنعمان: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ} حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ, قَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ الله وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا.

قَالَ سُفْيَانُ: قَالَوا فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ.

قَالَ أَبُوالنُّعْمَانِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نَدْرِي, وَلَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا, فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ كَذَلكَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: لَا, قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ الله لَهُ, {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فَتْحُ مَكَّةَ فَذَلكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} قَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ.

(4/366)

وَخَرَّجَهُ في: باب من أبواب فتح مكة (4294) , وفي علامات النبوة (3627) , وفِي بَابِ مرض النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4430).

سُورَةُ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ

خ: تَبَابٌ خُسْرَانٌ تَتْبِيبٌ تَدْمِيرٌ.

تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ فِي الشُّعَرَاءِ.

بَاب

{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حَمَّالَةُ الْحَطَبِ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ, {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} لِيفِ الْمُقْلِ وَهِيَ السِّلْسِلَةُ الَّتِي فِي النَّارِ.

سُورَةُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

يُقَالَ لَا يُنَوَّنُ أَحَدٌ أَيْ وَاحِدٌ (1).

[2657]- (4974) خ نَا أَبُوالْيَمَانِ, نا شُعَيْبٌ, نا أَبُوالزِّنَادِ, عَنْ الاعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ, وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ, فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي, وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ, وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ اتَّخَذَ الله وَلَدًا, وَأَنَا الاحَدُ الصَّمَدُ, لَمْ نَلِدْ وَلَمْ نُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْئًا أَحَدٌ».

اللهُ الصَّمَدُ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي أَشْرَافَهَا الصَّمَدَ, وقَالَ أَبُووَائِلٍ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى سُودَدُهُ.

_________

(1) قَالَ الحافظ: كَذَا اِخْتَصَرَهُ، وَاَلَّذِي قَالَهُ أَبُوعُبَيْدَة: اللَّه أَحَدٌ لَا يُنَوَّن، كُفُوًا أَحَد أَيْ وَاحِد اِنْتَهَى.

(4/367)

وخرج الحديث فِي بَابِ قوله {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} (3193).

سُورَةُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {غَاسِقٍ} اللَّيْلُ, {إِذَا وَقَبَ} غُرُوبُ الشَّمْسِ, يُقَالَ هو أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ, {وَقَبَ} إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ.

سُورَةُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ

وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {الْوَسْوَاسِ} إِذَا وُلِدَ خَنَسَهُ الشَّيْطَانُ فَإِذَا ذُكِرَ الله ذَهَبَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ الله ثَبَتَ عَلَى قَلْبِهِ.

[2658]- (4977) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ, عن عَاصِمٍ وَعَبْدَة بْنِ أبِي لُبَابَةَ, عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ سَأَلْتُ أبِي بْنَ كَعْبٍ عن الْمُعَوِّذَتَيْنِ, قُلْتُ: أَبَا الْمُنْذِرِ, إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا, فَقَالَ أُبَيٌّ: سَأَلْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قِيلَ لِي فَقُلْتُ» قَالَ: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1).

_________

(1) انظر بحث مسألة حك ابن مسعود المعوذتين من مصحفه في تعليقنا على فضائل القرآن للمستغفري، باب فضل المعوذتين.

(4/368)

باب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كَيْفَ نَزَلَ الْوَحْيُ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُهَيْمِنُ الامِينُ, الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ.

[2659]- (4982) خ نَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ, نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا أَبِي, عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ الله تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَبْلَ وَفَاتِهِ حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْيُ, ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ.

بَاب نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ

{قُرْآنًا عَرَبِيًّا} {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}.

[2660]- (7191) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الله أَبُوثَابِتٍ, عن إِبْرَاهِيم.

خ, و (4986) نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ, نا ابْنُ شِهَابٍ, عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُوبَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ, فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ, قَالَ أَبُوبَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ, وَإِنِّي أَخْشَى إنْ اسْتَحرَّ (1) الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ, وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ, قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ عُمَرُ: هَذَا وَالله خَيْرٌ, فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ الله صَدْرِي لِذَلِكَ, وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ.

قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُوبَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ, وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَتَتَبَّعْ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ, فَوَالله لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ, قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ

_________

(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: أَنْ يَسْتَحِرَّ.

(4/369)

يَفْعَلْهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هُوَ وَالله خَيْرٌ, فَلَمْ يَزَلْ أَبُوبَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ الله صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ, فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الْعُسُبِ.

زَادَ أَبُوثَابِتٍ: وَالرِّقَاعِ.

وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ, حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أبِي خُزَيْمَةَ الانْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ, فَكَانَتْ الصُّحُفُ عِنْدَ أبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله, ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ, ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ.

[2661]- (4987) وقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ, وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ (1) مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ, فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ, فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, أَدْرِكْ هَذِهِ الامَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى, فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ, فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ, فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيْرِ

_________

(1) للاصيلي والمهلب ضبطان لأذربيجان انظره في المشارق1/ 94.

(4/370)

وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ, فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ, وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ, فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ, فَفَعَلُوا, حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا, وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ تُحْرَقَ.

قَالَ أَبُوثَابِتٍ: اللِّخَافُ الْخَزَفُ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَا يُسْتَحَبُّ لِلْكَاتِبِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا عَاقِلًا (7191) , وفِي كِتَابِ الأسماء باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} (7425) , وفِي بَابِ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ (3506) , وفِي بَابِ كَاتِبِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4989) , وفِي بَابِ ما جاء في المتأولين (؟) (1) , وفي الحدود (؟) (2).

[2662]- (2807) (3) خ نا إِسْمَاعِيلُ, حَدَّثَنِي أَخِي, عَنْ سُلَيْمَانَ أُرَاهُ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي عَتِيقٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: نَسَخْتُ الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ, فَفَقَدْتُ آيَة مِنْ الاحْزَابِ, كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا, فَلَمْ أَجِدْهَا إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الَّذِي جَعَلَ

_________

(1) فيه حديث الأحرف الآتي.

(2) هكذا في الأصل، وليس في الحدود شيء، ولعله: في المتأولين في الحدود، مع أن باب المتأولين فِي كِتَابِ استتابة المرتدين، والله أعلم.

(3) وقع في بعض النسخ المطبوعة سقط في السند فأخل به، وهو ما جاء في بعضها: حدثنا أَبُوالْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حدثني إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ .. السند.

والصواب، إثبات علامة تحويل السند (ح) بعد الزهري، لأن سليمان شيخ البخاري، والتصحيح: حدثنا أَبُوالْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، (ح) وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ ...

(4/371)

رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ, وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} الآيَة.

(4049) (4988) وقَالَ مُوسَى عن إِبْرَاهِيمَ عن ابْنِ شِهَابٍ: فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ.

بَاب أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ

[2663]- (4991) خ نَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, حَدَّثَنِي عُبَيْدُ الله بْنُ عَبْدِ الله, بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ, فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ».

[2664]- (4992) قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وحَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ مِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ حَدَّثَاهُ: أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ, فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ, فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقُلْتُ: كَذَبْتَ, فقلتُ: إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ, فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «(1) اقْرَأْ يَا هِشَامُ» , فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ,

_________

(1) في الصحيح: " أرسله ".

(4/372)

فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ» , ثُمَّ قَالَ: «اقْرَأْ يَا عُمَرُ» , فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ, إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَنْ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَقُولَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَسُورَةُ كَذَا وَكَذَا (5041) , وباب ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ (3219) , وفِي بَابِ قوله عَزَّ وَجَلَّ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (7550) , وفِي بَابِ ما جاء في المتأولين (6936).

بَاب تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ (1)

[2665]- (4993) خ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مَاهَكٍ قَالَ: إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ فَقَالَ: أَيُّ الْكَفَنِ خَيْرٌ؟ قَالَتْ: وَيْحَكَ, وَمَا يَضُرُّكَ؟ قَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ, أَرِينِي مُصْحَفَكِ, قَالَتْ: لِمَ؟ قَالَ: لَعَلِّي أُوَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ, فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ, قَالَتْ: وَمَا يَضِيرُكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ, إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنْ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ, حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الاسْلَامِ نَزَلَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ, وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ لَا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ, لَقَالَوا: لَا نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا, وَلَوْ نَزَلَ لَا تَزْنُوا, لَقَالَوا: لَا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا, لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} , وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ

_________

(1) تأليف القرآن المراد به الجمع والترتيب، وهو يراد به أمرين: إما جَمْع آيَات السُّورَة الْوَاحِدَة، وإما جَمْع السُّوَر مُرَتَّبَة فِي الْمُصْحَف.

(4/373)

الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ, قَالَ: فَأَخْرَجَتْ لَهُ الْمُصْحَفَ فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ (1).

بَاب الْقُرَّاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[2666]- (5000) خ وَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نا أَبِي, نا الاعْمَشُ, نا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ الله قَالَ: وَالله لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً, وَالله لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ الله, وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ.

قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي الْحَلَقِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ, فَمَا سَمِعْتُ رَادًّا يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ.

[2667]- (5001) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ, نا سُفْيَانُ, عَنْ الاعْمَشِ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنَّا بِحِمْصَ, فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ يُوسُفَ, فَقَالَ رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ, قَالَ: ثُمَّ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَحْسَنْتَ» , وَوَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ فَقَالَ: أتجترئُ, أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ الله وَتَشْرَبَ الْخَمْرَ, فَضَرَبَهُ الْحَدَّ.

_________

(1) حديث أم المؤمنين رضي الله عنها هذا فيه إشكال، فإن قولها: وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ، يدل على أنها أرادت ترتيب السور، وهذا مذهب عائشة رضي الله عنها في جواز قراءة القرآن على غير الترتيب الذي اتفق عليه في مصاحف عثمان، كما شرحت ذلك في حواشي فضائل القرآن للحافظ المستغفري.

إلا أن قوله في آخر الحديث: فَأَخْرَجَتْ لَهُ الْمُصْحَفَ فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ، يفيد أنه سألها عن ترتيب الآي لا السور، قَالَ الحافظ في الجواب عنه: وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون السُّؤَال وَقَعَ عَنْ الامْرَيْنِ وَاَللَّه أَعْلَم أهـ.

قلت: وجواب عائشة رضي الله عنها لا يكون إلا عن السؤال عن ترتيب السور،، فلعل يوسف بن ماهك أراد أن يقول: فأملت عليه ترتيب السور، فسبق لسانه فقَالَ: آي السور، وحمله الرواة عنه، والله أعلم.

(4/374)

[2668]- (5002) خ ونَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نا أَبِي, نا الأعْمَشُ, نا مُسْلِمٌ, عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: وَالله الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ الله إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ, وَلَا أُنْزِلَتْ آيَة مِنْ كِتَابِ الله إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ, وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ الله تُبَلِّغُهُ الابِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ.

[2669]- (5004) خ نَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ, قَالَ: حَدَّثَني عَبْدُ الله بْنُ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنِي الْبُنَانِيُّ وَثُمَامَةُ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْمَعْ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ, أَبُوالدَّرْدَاءِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ, قَالَ: وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ.

(5003) خ وَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ, نا هَمَّامٌ, نا قَتَادَةُ, قَالَ أَنَسٌ: كُلُّهُمْ مِنْ الانْصَارِ.

بَاب فَضْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ

[2670]- (4008) خ مُوسَى, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ الأعْمَشِ, [عَنْ إِبْرَاهِيمَ] (1) , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، [عَنْ عَلْقَمَةَ]، عَنْ أبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَينِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ».

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَلَقِيتُ أَبَا مَسْعُودٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَحَدَّثَنِيهِ.

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَنْ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَقُولَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَسُورَةُ كَذَا وَكَذَا (5040) , وفِي بَابِ فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ وَقَوْلُ الله عَزَّ وَجَلَّ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (5051).

_________

(1) سقط إبراهيم وعلقمة من الأصل، وهو في الصحيح وتحفة الأشراف وكتب التخريج.

(4/375)

بَاب فَضْلِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

[2671]- (5013) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, أَخْبَرَنَا مَالِكٌ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي صَعْصَعَةَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُهَا, فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ, وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالَهَا, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ».

وَخَرَّجَهُ في: باب دعاء النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى (7374) , وفِي بَابِ كيف كانت يمين النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (6643).

[2672]- (5015) خ نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نا أَبِي, نا الاعْمَشُ, نا إِبْرَاهِيمُ وَالضَّحَّاكُ الْمِشْرَقِيُّ, عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ» , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ, وَقَالَوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «الله الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ».

قَالَ (1): سَمِعْت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بْن أبِي حَاتِم وَرَاق أبِي عَبْد الله: قَالَ أَبُوعَبْد الله: عَنْ إِبْرَاهِيم مُرْسَل, وَعَنْ الضَّحَّاكِ مُسْنَدٌ (2).

_________

(1) يعني الفربري.

(2) هذه فائدة أستظهر أنها ليست فِي كِتَابِ البخاري الأصل، أي الصحيح، ولكن الفربري لما استفادها بإسنادٍ عن البخاري أدرجها في موضعها من روايته للكتاب.

وقد خلت غير رِوَاية الفربري من هذه الفائدة.

وأما قول الحافظ: ثَبَتَ هَذَا عِنْد أبِي ذَرّ عَنْ شُيُوخه أهـ، فلا ينفي أنه ثبت عن غيره من الرواة عن الفربري كما في نسختنا هنا.

وثبتت أيضا في رِوَاية المستغفري عن شيخيه أبِي الهيثم الكشميهني وأبي علي الحاجبي عن مُحَمَّد بن يوسف الفربري، أخرجه عنهما في فضائل القرآن من تصنيفه (ح1042، مجلد2، ص704).

(4/376)

بَاب مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}

[2673]- (7544) خ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ, نا ابْنُ أبِي حَازِمٍ, عَنْ يَزِيدَ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن.

خ, و (5023) (7482) نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ, حَدَّثَنِي اللَّيْثُ, عَنْ عُقَيْلٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عن أبِي سَلَمَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يَأْذَنْ الله لِشَيْءٍ (1) مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى (2) بِالْقُرْآنِ».

قَالَ صَاحِبٌ لَهُ: يُرِيدُ يَجْهَرُ بِهِ.

وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أبِي سَلَمَةَ: «لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ».

(5024) وقَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, قَالَ سُفْيَانُ: تَفْسِيرُهُ يَسْتَغْنِي بِهِ.

[2674]- (7527) خ ونَا إِسْحَاقُ, نا أَبُوعَاصِمٍ, نا ابْنُ جُرَيْجٍ, نا ابْنُ شِهَابٍ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ وقَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ».

_________

(1) كذا في نسختنا موافق لما عند الإسماعيلي، وغيرهم رواه: لِنَبِيٍ.

(2) كذا في نسختنا، ولغيره "أَنْ يَتَغَنَّى"، بزيادة أن، قيل إن الصواب حذفها.

قَالَ الحافظ: وَأَخْرَجَهُ أَبُونُعَيْم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ يَحْيَى بْن بُكَيْر شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ بِدُونِ " أَنْ "، وَزَعَمَ اِبْن الْجَوْزِيّ أَنَّ الصَّوَاب حَذْف " أَنْ "، وَأَنَّ إِثْبَاتهَا وَهْمٌ مِنْ بَعْض الرُّوَاة لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْوُونَ بِالْمَعْنَى، فَرُبَّمَا ظَنَّ بَعْضهمْ الْمُسَاوَاة فَوَقَعَ فِي الْخَطَأ، لِأَنَّ الْحَدِيث لَوْ كَانَ بِلَفْظِ " أَنْ " لَكَانَ مِنْ الاذْن بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَسُكُون الذَّال بِمَعْنَى الابَاحَة وَالاطْلَاق، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الاذَن بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاع، وَقَوْله أَذِنَ أَيْ اِسْتَمَعَ أهـ.

قلت: ما ثبت في نسختنا يصحح قول ابن الجوزي، والله أعلم.

(4/377)

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قَوْلِه {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} الآيَة (7527).

بَاب خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ

[2675]- (5027) نَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ, نا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ, سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ, عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ, عَنْ عُثْمَانَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».

قَالَ: وَأَقْرَأَ أَبُوعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ, قَالَ: وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا.

بَاب اسْتِذْكَارِ الْقُرْآنِ وَتَعَاهُدِهِ

[2676]- (5031) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, أَخْبَرَنَا مَالِكٌ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الابِلِ الْمُعَقَّلَةِ, إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا, وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ».

[2677]- (5032) خ ونا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ, نا شُعْبَةُ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ أبِي وَائِلٍ, عَنْ عَبْدِ الله, قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2678]- (5033) خ ونَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ بُرَيْدٍ, عَنْ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أبِي مُوسَى, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعَاهَدُوا».

وقَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ».

قَالَ أَبُومُوسَى: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا».

زَادَ عَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنْ النَّعَمِ».

زَادَ أَبُومُوسَى: «مِنْ عُقُلِهَا».

(4/378)

بَاب تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ

[2679]- (5035) خ نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوعَوَانَةَ, عَنْ أبِي بِشْرٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُحْكَمُ.

قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ.

(5036) خ ونَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نا هُشَيْمٌ, عن أبِي بِشْرٍ, قَالَ: جَمَعْتُ الْمُحْكَمَ.

وَخَرَّجَهُ في: باب متى يصح سماع الصغير (؟) (1).

بَاب نِسْيَانِ الْقُرْآنِ

وَهَلْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيَة كَذَا وَكَذَا, وَقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ}.

[2680]- (2655) (5037) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ, نا عِيسَى بنُ يُونُسَ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبيهِ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: «رْحَمُهُ الله, لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا آيَة (2) أَسْقَطُّهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وكَذَا».

(5038) خ ونا أَحْمَدُ ابْنُ أبِي رَجَاءٍ, نا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ هِشَامِ وقَالَ: «كَذَا وَكَذَا آيَة أُنْسِيتُهَا».

_________

(1) لم اجده فيه، وهو حري أن يكون فيه من أجل المناسبة، فإنه أحق بالترجمة من الحديثين اللذين فيه، حديث محمود بن الربيع: عقلت مجة، وحديث ابن عباس: قد ناهزت الاحتلام.

(2) في الصحيح: "كَذَا وَكَذَا آيَة".

(4/379)

[2681]- (2655) قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَزَادَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الله, عَنْ عَائِشَةَ: تَهَجَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ, فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا؟» قُلْتُ: نَعَمْ, قَالَ: «اللهمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَنْ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَقُولَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ أوْ سُورَةُ كَذَا وَكَذَا (5042).

[2682]- (5039) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ, نا سُفْيَانُ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ أبِي وَائِلٍ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا (1) لِأَحَدِهِمْ يَقُولُ نَسِيتُ آيَة كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ».

بَاب فَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ

[2683]- (5020) (7560) خ نَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ, نا هَمَّامٌ, نا قَتَادَةُ, نا أَنَسٌ, عَنْ أبِي مُوسَى الاشْعَرِيِّ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالاتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ, وَالَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا, وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ, وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا».

وَخَرَّجَهُ في: الأطعمة باب ذكر الطعام (5427) , وباب قراءة الفاجر والمنافق وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم (7560) , وفِي بَابِ مَنْ رَاءَى بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ أَكَلَ بِهِ أَوْ فَخَرَ بِهِ (5059).

_________

(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: "بِئْسَما .. ".

(4/380)

بَاب مَدِّ الْقِرَاءَةِ

[2684]- (5046) خ نَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ, نا هَمَّامٌ, عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ: كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: كَانَتْ مَدًّا, ثُمَّ قَرَأَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يَمُدُّ بِبِسْمِ الله وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ.

بَاب حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ

[2685]- (5048) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ أَبُوبَكْرٍ, نا أَبُويَحْيَى الْحِمَّانِيُّ, نا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ جَدِّهِ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أبِي مُوسَى أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «يَا أَبَا مُوسَى, لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ».

بَاب فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ

وَقَوْلُ الله تبارك وتَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}.

[2686]- (5051) خ نَا عَلِيٌّ, نا سُفْيَانُ قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: نَظَرْتُ كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ مِنْ الْقُرْآنِ فَلَمْ أَجِدْ سُورَةً أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ, فَقُلْتُ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ (1).

_________

(1) وباقي القصة أن سفيان حدثه بحديث من "مَنْ قَرَأَ بِالايَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ"، وقد مر.

(4/381)

بَاب اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ

[2687]- (5060) خ نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نا حَمَّادٌ, عَنْ أبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ, عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ الله, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ».

وَخَرَّجَهُ في: نهي النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على التّحْريمِ إلاّ مَا تُعرفُ إِبَاحَتُه (7364) (7365) (1).

[2688]- (2410) خ ونَا أَبُوالْوَلِيدِ، و (5062) سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, و (3476) آدمُ, لفظه, نا شُعْبَةُ, نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: سمعتُ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ الْهِلَالِيَّ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ, قَالَ سُلَيْمَانُ: آيَةً, قَالَ آدَمُ: وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ خِلَافَهَا, فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ, فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ, وَقَالَ: «كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ» , زَادَ سُلَيْمَانُ: «فَاقْرَآ» , قَالَ آدمُ: «وَلَا تَخْتَلِفُوا فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا».

وقَالَ سُلَيْمَانُ: «فَأَهْلَكَهُم اللهُ».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَا يُذْكَرُ فِي الاشْخَاصِ والملازمة (2410) , وباب ذكر بني إسرائيل (3476).

_________

(1) بل هو في الباب الذي قبله، ترجمته: كراهية الاختلاف.

(4/382)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

68 - كِتَاب الْقَدَرِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[2689]- (6594) خ نا أَبُوالْوَلِيدِ، و (7454) آدمُ, نا شُعْبَةُ, ح, و (3332) , نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نا أبِي قَالَا: نا الأعْمَشُ, نا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ, نا عَبْدُ الله, نا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ, قَالَ شُعْبَةُ, عَنْ الأَعْمَشِ: «إنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَ (1) أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» , قَالَ حَفْصٌ: «ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ, ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ, ثُمَّ يَبْعَثُ الله عَزَّ وَجَلَّ مَلَكًا»، قَالَ شُعْبَةُ: «فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ» , قَالَ حَفْصٌ: «كَلِمَاتٍ, فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ, ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ, فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ, وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب خَلْقِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ (3332) , وباب ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ (3208) , وبَاب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} (7454).

[2690]- (3333) خ ونَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نا حَمَّادٌ, عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ أبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الله وَكَّلَ فِي الرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ, يَا رَبِّ عَلَقَةٌ, يَا رَبِّ مُضْغَةٌ, فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهَا قَالَ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أو أُنْثَى»، الحدِيثَ.

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل، وفي الصحيح: أو.

(4/383)

بَاب جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ الله

وقوله عَزَّ وَجَلَّ {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} , وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَهَا سَابِقُونَ} سَبَقَتْ لَهُمْ السَّعَادَةُ.

بَاب

{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}

[2691]- (6604) خ نَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ, نا سُفْيَانُ, عَنْ الاعْمَشِ, عَنْ أبِي وَائِلٍ, عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: لَقَدْ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا ذَكَرَهُ, عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ, إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الشَّيْءَ قَدْ نَسِيتُ فَأَعْرِفُ مَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ.

بَاب الْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ الله

خ: عَاصِمٌ مَانِعٌ, وقَالَ مُجَاهِدٌ: {سَدًّا} عَنْ الْحَقِّ يَتَرَدَّدُونَ فِي الضَّلَالَةِ, {دَسَّاهَا} أَغْوَاهَا.

[2692]- (7198) خ نا أَصْبَغُ, أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي يُونُسُ - لَفْظُهُ -.

خ, و (6611) نَا عَبْدَانُ, أنا عَبْدُ الله, أنا يُونُسُ, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أخبرني أَبُوسَلَمَةَ, عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَعَثَ الله مِنْ نَبِيٍّ وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ, بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ, وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ, وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ الله».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب بِطَانَةِ الامَامِ وَأَهْلِ مَشُورَتِهِ, الْبِطَانَةُ الدُّخَلَاءُ (7198).

(4/384)

بَاب

{وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} وقوله تعالى {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا}.

وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَحَرَامٌ} بِالْحَبَشِيَّةِ وَجَبَ.

[2693]- (6612) خ نا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ, نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, نا مَعْمَرٌ, عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الله كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ, فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ, وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ, وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشَهَّى, وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ».

بَاب تَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى عليهما السلام

[2694]- (4736) خ نَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ, نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ.

[2695]- خ, و (7515) نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ, نا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَني عُقَيْلٌ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ.

خ, و (3409) نَا الأويسي, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى, فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنْ الْجَنَّةِ».

وقَالَ ابنُ سِيرِينَ: «أنْتَ الَّذِي أَشْقَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنْ الْجَنَّةِ».

(4/385)

(6614) خ, ونَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ قَالَ: حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرٍو, عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى, فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ, فَقَالَ لَهُ آدَمُ: يَا مُوسَى».

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «الَّذِي اصْطَفَاكَ الله بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلِمَاتِهِ».

زَادَ ابنُ سِيرِينَ: «وَاصْطَفَاكَ لِنَفْسِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ».

زَادَ عَمْروٌ: «وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ».

قَالَ ابنُ سِيرِينَ: «قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: فَوَجَدْتَهَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي, قَالَ: نَعَمْ» , قَالَ عَمْروٌ: «أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ الله عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً, فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ثَلَاثًا».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب وَفَاةِ مُوسَى (3409) , وبَاب قَوْلِهِ تعالى {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (7515) , وفي تفسير طه بَاب قوله {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} (4736) , وباب {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} (4738).

بَاب

قوله عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}

قَضَى, قَالَ مُجَاهِدٌ: {بِفَاتِنِينَ} بِمُضِلِّينَ إِلَّا مَنْ كَتَبَ الله أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ, {قَدَّرَ فَهَدَى} قَدَّرَ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ وَهَدَى الانْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا.

تَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الطَّاعُونِ.

(4/386)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

69 - كِتَاب الاسْمَاءِ (1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بَاب قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ

{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}

[2696]- (7376) خ (نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ) (2) , نا أَبُومُعَاوِيَةَ, عَنْ الاعْمَشِ, عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَأَبِي ظَبْيَانَ, عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَرْحَمُ الله مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ».

وَخَرَّجَهُ في: باب رحمة الولد وتقبيله (6013) (3).

بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ

{فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} وَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} وَ {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}

_________

(1) هكذا ثبت في النسخة، كتاب الأسماء، وكتاب الصفات، وفي سائر النسخ: كتاب التوحيد، فقد قسم في نسختنا هذا الكتاب إلى قسمين، وذكر في كل قسم ما يناسبه على ترتيب النسخ الذي اتفقت عليه، فقد ذكر البخاري فِي كِتَابِ التوحيد أبواب الأسماء ثم أتبعها بالصفات، إلا انه استفتح الكتاب بباب ما جاء في دعاء النبي أمته إلى التوحيد، الذي هو في نسختنا ضمن باب التمني وخبر الآحاد، وباقي الأبواب فِي كِتَابِ التوحيد مختصة بالأسماء ثم الصفات على نسق، وهذا ما يقوي أن تكون التسمية من البخاري لا من المهلب.

وغالب الشراح لم يذكروا إلا كتاب التوحيد.

(2) سقط من النسخة.

(3) فِي بَابِ رحمة الناس والبهائم.

(4/387)

وَقَالَ يَحْيَى: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا, وَالْبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا.

بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ

{وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} وَمَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ الله وَصِفَاتِهِ.

[2697]- (7383) خ حَدَّثنَا أَبُومَعْمَرٍ, نا عَبْدُ الْوَارِثِ, نا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ بُرَيْدَةَ, عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ, الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ, الَّذِي لَا يَمُوتُ, وَالْجِنُّ وَالانْسُ يَمُوتُونَ».

بَاب

{وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}

قَالَتْ عَائِشَةَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الاصْوَاتَ, فَأَنْزَلَ الله عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}.

[2698]- (7387) خ نَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو, عَنْ يَزِيدَ, عَنْ أبِي الْخَيْرِ, سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرٍو, أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ الله, عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي, قَالَ: «قُلْ: اللهمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا, وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ, فَاغْفِرْ لِي مِنْ عِنْدِكَ مَغْفِرَةً, إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّرْجُمَةِ.

(4/388)

بَاب «إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ اسْمٍ إِلَّا وَاحِدًا من أحصاها دخل الجنة»

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {ذُو الْجَلَالِ} الْعَظِيمُ, {الْبَرُّ} اللَّطِيفُ.

[2699]- (2736) (7392) خ نَا أَبُوالْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, نا أَبُوالزِّنَادِ.

خ, و (6410) , نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا سُفْيَانُ قَالَ: حَفِظْنَاهُ مِنْ أبِي الزِّنَادِ, عَنْ الاعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَة قَالَ: «إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا, مِائَةً إِلَّا» , قَالَ شُعَيْبٌ: «وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ».

وقَالَ سُفْيَانُ: «لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا أُدْخِلَ الْجَنَّةَ, وَهُوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ».

وَخَرَّجَهُ في: كتاب الدعاء بهذه الترجمة (6410) , وفِي بَابِ مَا لا يَجُوزُ مِنْ الِاشْتِرَاطِ وَالثُّنْيَا فِي الاقْرَارِ وَالشُّرُوطِ (2736).

بَاب قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ

{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} وَقَوْلِهِ {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}.

[2700]- (3194) خ ونَا قُتَيْبَةُ, نا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ, عَنْ أبِي الزِّنَادِ, عَنْ الاعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا قَضَى الله الْخَلْقَ كَتَبَ».

[2701]- (7554) خ, ونا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي غَالِبٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ: نا قَتَادَةُ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الله كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي, فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ».

(4/389)

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} (7453) , وفِي بَابِ قَوْلِه {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} (7553) (7554) , وباب قوله {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} (7404) , وباب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} (7422).

[2702]- (7405) خ ونَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نا أَبِي, نا الاعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ الله: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي, وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي, فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي, وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ, وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا, وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا, وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً».

وَخَرَّجَهُ في: باب ذكر النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروايته عن ربه تبارك وتعالى (7536) , وباب قوله {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (7505).

بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ

{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}

[2703]- (7411) خ نَا أَبُوالْيَمَانِ, نا شُعَيْبٌ, نا أَبُوالزِّنَادِ, عَنْ الاعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَدُ الله مَلاى, لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ, سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»، وَقَالَ: «أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالارْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ»، وَقَالَ: «عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الاخْرَى الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ».

وَخَرَّجَهُ في: باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} (4684) (7419) , وَخَرَّجَهُ في: الطلاق النفقة خاصة (5352).

(4/390)

[2704]- (4812) خ نَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ, أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2705]- (7415) خ وَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نا أَبِي, نا الأعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ, سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ يَقُولُ.

ح, و (7414) نَا مُسَدَّدٌ, سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ, عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَبِيدَةَ, عَنْ عَبْدِ الله أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ, إِنَّ الله يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ, وَالارَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ, وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ, وَالشَّجَرَ.

زَادَ عَلْقَمَةُ: وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ, وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ, ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ.

زَادَ ابْنُ شِهَابٍ: «أَيْنَ مُلُوكُ الارْضِ».

قَالَ سُفْيَانُ: فَضَحِكَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ, (ثُمَّ قَرَأَ) (1): «{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}».

[2706]- (7414) قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: زَادَ فِيهِ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَبِيدَةَ, عَنْ عَبْدِ الله: فَضَحِكَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ.

_________

(1) سقطت من الأصل.

(4/391)

وَخَرَّجَهُ في: بَاب قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} (7451) , وَخَرَّجَهُ في: بَاب تفسير قَوْلِهِ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} سورة الزمر الآيَة كلها (4811) (4812) (1).

بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2): «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنْ الله»

[2707]- (4637) خ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نا شُعْبَةُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, عَنْ أبِي وَائِلٍ, عَنْ عَبْدِ الله, (3) وَرَفَعَهُ, قَالَ: «لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ الله».

[2708]- (6846) (7416) خ ونَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نا أَبُوعَوَانَةَ, نا عَبْدُ الْمَلِكِ, عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ يعني عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ, فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ, وَالله لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ, وَالله أَغْيَرُ مِنِّي, وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ الله حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ, وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ الله, مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُنْذِرِينَ وَالْمُبَشِّرِينَ, وَلَا أَحَدَ (أَحَبُّ) إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنْ الله, وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الله الْجَنَّةَ».

وقَالَ أَبُووَائِلٍ: «ولذلك مَدَحَ نَفْسَهُ».

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ عُبَيْدُ الله بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ: «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنْ الله».

_________

(1) وفيه خرج حديث سعيد بن عفير، ولفظه بتمامه: " يَقْبِضُ اللَّهُ الارْضَ وَيَطْوِي السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الارْضِ"

(2) في الأصل: قول الله عزوجل، وهو سبق قلم من الناسخ.

(3) في الصحيح: (قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ)، وقد اختصره المهلب.

(4/392)

وَخَرَّجَهُ في: باب الغيرة (5220) , وفي تفسير قَوْلِهِ تعالى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (4637) , وفي باب مَن رَأَى مَعْ امْرَأتِهِ رَجُلاً فَقَتَلَهُ (6846) , وبَاب قوله {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (4634) , وباب قوله {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (7403).

بَاب قوله تعالى

{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ}

فَسَمَّى الله نَفْسَهُ شَيْئًا, وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ شَيْئًا, وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الله, وَقَالَ {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (1).

تَقَدَّمَ مَا فِيهِ حديث خَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ فِي النِّكَاحِ.

بَاب

{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}

قَالَ أَبُوالْعَالِيَةِ: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} ارْتَفَعَ, {فَسَوَّاهُنَّ} خَلَقَهُنَّ (2) , وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اسْتَوَى: عَلَا عَلَى الْعَرْشِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَجِيدُ الْكَرِيمُ, وَالْوَدُودُ الْمُجِيبُ (3) , يُقَالَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ, مَحْمُودٌ مِنْ حَمِدَ.

_________

(1) قَالَ الحافظ: (بَاب) بِالتَّنْوِينِ، (قُلْ أَيّ شَيْء أَكْبَر شَهَادَة؟ قُلْ اللَّه. فَسَمَّى اللَّه تَعَالَى نَفْسه شَيْئًا) كَذَا لِأَبِي ذَرّ وَالْقَابِسِيّ وَسَقَطَ لَفْظ " بَاب " لِغَيْرِهِمَا مِنْ رِوَاية الْفَرَبْرِيّ (كذا).

وَسَقَطَتْ التَّرْجَمَة مِنْ رِوَاية النَّسَفِيِّ.

قَالَ: وَوَقَعَ عِنْد الاصِيلِيّ وَكَرِيمَة: (قُلْ أَيّ شَيْء أَكْبَر شَهَادَة؟ سَمَّى اللَّه نَفْسه شَيْئًا قُلْ اللَّه).

(2) في الصحيح: فَسَوَّى خَلَقَ، والذي ثبت يوافق رِوَاية الكشميهني.

(3) كذا في النسخة، وفي الصحيح: الْحَبِيب أهـ، وهما بمعني فإنه سبحانه يتحبب إلى عباده فيجيب سؤالهم.

(4/393)

بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ

{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} وَقَوْلِهِ تعالى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {العَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} , يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ, يُقَالَ {ذِي الْمَعَارِجِ} الْمَلَائِكَةُ تَعْرُجُ إِلَى الله.

[2709]- (7429) خ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ, حَدَّثَنِي مَالِكٌ, عَنْ أبِي الزِّنَادِ, عَنْ الاعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ, وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ, ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ, فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ».

وَخَرَّجَهُ في: التفسير (؟) (1).

بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}

[2710]- (7441) خ نَا عُبَيْدُ الله بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, نا عَمِّي, نا أَبِي, عَنْ صَالِحٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَى الانْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ, وَقَالَ لَهُمْ: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْا الله وَرَسُولَهُ, فَإِنِّي عَلَى الْحَوْضِ».

[2711]- (7444) خ ونَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ, عَنْ أبِي عِمْرَانَ, عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ قَيْسٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_________

(1) هو في الصلاة (555)، وذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ (3223)، والتوحيد (7436).

(4/394)

قَالَ: «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا, وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا, وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ».

وَخَرَّجَهُ في: باب قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} تفسير سورة الرحمن (4878).

بَاب مَا جَاءَ فِي خَلْقِ (1) السَّمَوَاتِ وَالارْضِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْخَلَائِقِ

وَهُوَ فِعْلُ الرَّبِّ وَأَمْرُهُ, فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ وَفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وقوله هُوَ الْخَالِقُ الْمُكَوِّنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ, وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ فَهُوَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ.

قَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ, حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَة.

بَاب قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ

{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ} (2)

[2712]- (7459) خ نَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ, نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ, عَنْ قَيْسٍ, عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ الله».

_________

(1) كذا في النسخة يوافق ما فِي رِوَاية الْكُشْمِيهَنِيِّ، ولغيرهم: "تَخْلِيق".

(2) هكذا ثبت التبويب في النسخة، وفي اكثر النسخ: إِنَّمَا أَمْرُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ، قَالَ عِيَاض: كَذَا وَقَعَ لِجَمِيعِ الرُّوَاة عَنْ الْفَرَبْرِيّ مِنْ طَرِيق أبِي ذَرّ وَالاصِيلِيّ وَالْقَابِسِيّ وَغَيْرهمْ (!)، وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَاية النَّسَفِيِّ، وَصَوَاب التِّلَاوَة: (إِنَّمَا قَوْلنَا) وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُتَرْجِم بِالآيَة الاخْرَى (وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَة كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) وَسَبَقَ الْقَلَم إِلَى هَذِهِ.

(4/395)

[2713]- (7460) خ ونَا الْحُمَيْدِيُّ, نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ, نا ابْنُ جَابِرٍ, نا عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ الله, مَا يَضُرُّهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ (1) وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ الله وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ».

[2714]- فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ: سَمِعْتُ مُعَاذًا يَقُولُ: هُمْ بِالشَّامِ, فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: هُمْ بِالشَّامِ.

_________

(1) كذا في النسخة، قَالَ الحافظ: وَقَوْله فِيهِ "وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ "، وَقَعَ فِي رِوَاية الاصِيلِيّ " حِذَاهُمْ " بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة ثُمَّ ذَال مُعْجَمَة بَعْدهَا أَلِف لَيِّنَة، قَالَ: وَلَهَا وَجْه أهـ.

(4/396)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

70 - كِتَابُ الصِّفَاتِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بَاب قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ

{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} وَلَمْ يَقُلْ مَاذَا خَلَقَ رَبُّكُمْ, وَقَالَ {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}.

وَقَالَ مَسْرُوقٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذَا تَكَلَّمَ الله بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ شَيْئًا, فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَكَنَ الصَّوْتُ عَرَفُوا أَنَّهُ الْحَقُّ, وَنَادَوْا {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ}.

وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَحْشُرُ الله الْعِبَادَ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ, أَنَا الدَّيَّانُ».

بَاب كَلَامِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ وَنِدَاءِ الله الْمَلَائِكَةَ

وَقَالَ مَعْمَرٌ {إنَّكَ لَتُلَقَّى}: أَيْ يُلْقَى إلَيْكَ, وَتَلَقَّاهُ أَنْتَ أَيْ تَأْخُذُهُ عَنْهُمْ, وَمِثْلُهُ {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}.

قَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.

(4/397)

بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ

{أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالارْضِ السَّابِعَةِ.

قَدْ خَرَّجَ مَا فِيهِ.

بَاب قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ

{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} حَقٌّ, {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} بِاللَّعِبِ

[2715]- (7507) خ نا [أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ, نا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ, نا هَمَّامٌ, نا] إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الله, قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أبِي عَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا, وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا, فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ, وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَبْتُ, فَاغْفِرْ لِي, فَقَالَ رَبُّهُ جل ثناؤه: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ, غَفَرْتُ لِعَبْدِي, ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ الله ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ, فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ, فَقَالَ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ, غَفَرْتُ لِعَبْدِي, ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ الله ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا, وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَابَ ذَنْبًا, قَالَ: رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي, فَقَالَ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ, غَفَرْتُ لِعَبْدِي» (1).

_________

(1) انتهى الحديث إلى هنا في الأصل، وفي الصحيح زيادة: "ثَلَاثًا فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ"

وفيه أيضا: " فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ " بِهَمْزَةِ اِسْتِفْهَام وَالْفِعْل الْمَاضِي.

(4/398)

بَاب كَلَامِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ

[2716]- (7519) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ (1) , نا فُلَيْحٌ, نا هِلَالٌ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ, وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ,: «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ, فَقَالَ لَهُ: أَوَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ, قَالَ: بَلَى, وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ, فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ, فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ, فَيَقُولُ الله: دُونَكَ ابْنَ آدَمَ, فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ».

فَقَالَ الاعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ الله, لَا تَجِدُ هَذَا إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ, وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ, فَضَحِكَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَخَرَّجَهُ في: المزارعة باب (2348).

بَاب ذِكْرِ الله بِالامْرِ وَذِكْرِ الْعِبَادِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالرِّسَالَةِ وَالابْلَاغِ

لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ} الآيَة.

غُمَّةٌ هَمٌّ وَضِيقٌ, وقَالَ مُجَاهِدٌ: اقْضُوا إِلَيَّ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ, يُقَالَ افْرُقْ اقْضِ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} إِنْسَانٌ يَأْتِيهِ فَيَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى يَأْتِيَهُ [وَيَسْمَعَ مَا يَقُولُ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَهُوَ آمِنٌ] (2) , حَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ حَيْثُ جَاءَهُ النَّبَأُ الْعَظِيمُ الْقُرْآنُ.

_________

(1) هكذا ثبت في الأصل، وفي الصحيح: محمد بن سنان، وأخشى أن الذي ثبت تصحيف في النسخة أو في الرِوَاية، ومحمد بن سنان ومحمد بن بشار يتصحفان على أصحاب النسخ، انظر (المشارق 1/ 175).

(2) كذا كرر في الأصل، وفي الصحيح: وَيَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ.

(4/399)

{صَوَابًا} حَقًّا فِي الدُّنْيَا وَعَمَل بِهِ.

قَوْله (1) {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}

وَقَوْلِه {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وَقَوْلِه {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} وقوله {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} قَالَ: يَسْأَلهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ وَمَنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالارْض, فَيَقُولُونَ: الله, فَذَلِكَ إِيمَانهمْ وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْره.

وَمَا ذُكِرَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَاكْتسَابِهِمْ {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا بِالْحَقِّ} يعني بِالرِّسَالَةِ وَالْعَذَابِ, {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ} الْمُبَلِّغِينَ الْمُؤَدِّينَ مِنْ الرُّسُلِ, {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} عِنْدَنَا, {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} الْقُرْآنُ, {وَصَدَّقَ بِهِ} الْمُؤْمِنُ, يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتَنِي عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ.

قَدْ خَرَّجَ مَا فِيهِ فِي التَّفْسِيرِ.

بَاب قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ

{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} وَ {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} وَقَوْلِهِ تعالى {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}.

_________

(1) سقط باب من الأصل.

(4/400)

وَأَنَّ حَدَثَهُ لَا يُشْبِهُ حَدَثَ الْمَخْلُوقِينَ, لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.

تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.

بَاب قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهِ}.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مِنْ الله الرِّسَالَةُ, وَعَلَى رَسُولِه الْبَلَاغُ, وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ.

وَقَالَ {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ}، وَقَالَ {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي} وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا أَعْجَبَكَ حُسْنُ عَمَلِ امْرِئٍ فَقُلْ {اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ أَحَدٌ, وَقَالَ مَعْمَرٌ: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} هَذَا الْقُرْآنُ, {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} بَيَانٌ وَدِلَالَةٌ, كَقَوْلِهِ {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} هَذَا حُكْمُ الله, {لَا رَيْبَ فِيهِ} أي: لَا شَكَّ, {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} يَعْنِي هَذِهِ أَعْلَامُ الْقُرْآنِ, وَمِثْلُهُ {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} يَعْنِي بِكُمْ.

بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا, وَأُعْطِيَ أَهْلُ الانْجِيلِ الانْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ, وَأُعْطِيتُمْ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ»

وَقَالَ أَبُورَزِينٍ: {يَتْلُونَهُ} يَتَّبِعُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ, يُقَالَ: يُتْلَى يُقْرَأُ حَسَنُ التِّلَاوَةِ حَسَنُ (الْقِرَاءَةِ) لِلْقُرْآنِ, {لَا يَمَسُّهُ} لَا يَجِدُ طَعْمَهُ وَنَفْعَهُ إِلَّا

(4/401)

مَنْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ, وَلَا يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إِلَّا الْمُوقِنُ, لِقَوْلِهِ {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} إلَى قَوْلِهِ {الظَّالِمِينَ}.

وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاسْلَامَ وَالايمَانَ وَالصَّلَاةَ عَمَلًا.

تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ.

بَاب مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْرَاةِ وكُتُبِ الله بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا

لِقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.

بَاب قَوْلِ الله تَعَالَى

{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ».

مُيَسَّرٌ مُهَيَّأٌ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ بِلِسَانِكَ هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ عَلَيْكَ.

بَاب قَوْلِه تَعَالَى

{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ}.

قَالَ قَتَادَةُ: مَكْتُوبٌ, يَسْطُرُونَ يَخُطُّونَ, {فِي أُمِّ الْكِتَابِ} جُمْلَةِ الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ, {مَا يَلْفِظُ} مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُكْتَبُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ, {يُحَرِّفُونَ} يُزِيلُونَ, فَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الله عَزَّ وَجَلَّ, وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ, دِرَاسَتُهُمْ تِلَاوَتُهُمْ, وَاعِيَةٌ

(4/402)

حَافِظَةٌ, {وَتَعِيَهَا} وتَحْفَظُهَا, {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ, {وَمَنْ بَلَغَ} هَذَا الْقُرْآنُ فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ.

قَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.

بَاب قَوْلِ الله تَعَالَى

{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}

وَيُقَولُ لِلْمُصَوِّرِينَ: «أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» , {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: بَيَّنَ الله الْخَلْقَ مِنْ الامْرِ, لِقَوْلِهِ {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الايمَانَ عَمَلًا, وقَالَ أَبُوذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الاعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِالله, وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ» , (وَقَالَ): {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وَقَالَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرْنَا بِجُمَلٍ مِنْ الامْرِ إِنْ عَمِلْنَا بِهَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ, فَأَمَرَهُمْ بِالايمَانِ وَالشَّهَادَةِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ, فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَمَلًا.

[2717]- (7559) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ, نا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ, عَنْ عُمَارَةَ, عَنْ أبِي زُرْعَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يقولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي, فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ شَعِيرَةً».

(4/403)

بَاب قَوْلِ الله تَعَالَى

{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} وَأَنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ وَأقْوَالَهُمْ تُوزَنُ, قَالَ مُجَاهِدٌ: الْقُسْطَاسُ الْعَدْلُ بِالرُّومِيَّةِ, وَيُقَالَ الْقِسْطُ مَصْدَرُ الْمُقْسِطِ, وَهُوَ الْعَادِلُ, وَأَمَّا الْقَاسِطُ فَهُوَ الْجَائِرُ.

[2718]- (7563) خ نا أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ, نا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ, عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ, عَنْ أبِي زُرْعَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ, خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ, ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ, سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله الْعَظِيمِ».

وَخَرَّجَهُ في: باب فضل التسبيح (6404) , وفِي بَابِ إذا قَالَ والله لا أتكلم اليوم فصلى أو قرأ أوسبح (6682) (1).

_________

(1) قَالَ ابن فارس عفا الله عنه: وافق الفراغ من تبييضه غرة ذي القعدة، من عام 1427 في بلد الله الحرام مكة المكرمة،، ثم روجع وقوبل مرات بعدها، والله ولي التوفيق، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد الا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك، وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

(4/404)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

فوائد المهلب

الفائدة ... رقم الحديث

وصل حديث إذا أسلم العبد فحسن إسلامه وقد علقه البخاري ... 28

تعقب البخاري في أنه لا توجد في حديث شاذان متابعة لبندار والنضر في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء .. الحديث ... 90

نقله عن أبي محمد الأصيلي - شيخه - تعقب البخاري بأن متابعة معمر التي ذكرها البخاري لحديث المسح على العمامة لم توجد، وأن الأوزاعي وهم في هذه الزيادة، ثم تقرير الأصيلي أن الخطأ من الأوزاعي لا من أصحابه. ... 115 ... ثم تقرير المهلب نفسه بتوهين المسح على العمامة كما هو مقرر في مذهب الإمام مالك

شرح حديث كريب عن ابن عباس في قيام النبي صلى الله عليه وسلم بحديث ابن جبير عن ابن عباس، وحديث عائشة رضي الله عنهم ... 342

نقله عن أبي محمد الأصيلي تضعيف من ذكر الجهر في صلاة خسوف الشمس، ثم تقرير المهلب ذلك بطعنه في الحديث سندا ومتنا ... 494

تفرد الليث بلفظة ما يفعل بي في قصة وفاة عثمان بن مظعون، والتلويح بشذوذها ... 564

مذهب المهلب في الجمع بين حديث: الميت يعذب ببكاء أهله وقوله تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى ... 587

(4/407)

الحكم على حديث ابن عباس: إن أمي ماتت وعليها صوم، الحديث بالاضطراب ... 671

تفريق حديث ابن عباس بين كتب عدة كالصلاة والنذور والصوم ... 717

شرح كتاب الحج، وقد أطال به جدا ... 739

حديث عائشة في الحج وحكم بعض الناس عليه بالاضطراب، ووجه الجمع عند المهلب ... 740

حديث جابر في الحج ... 752

حديث أبي موسى فيه ... 756

قصة علي بن ابي طالب فيه ... 757

حديث أنس بخلافهم كلهم بالقران، ثم توجيه المهلب له ... 759

تفصيل البخاري في حديث أنس بين رواية الثقة والمجهول ... 760

استدلاله على أن الوهم فيه من وهيب برواية من طريق سنن النسائي ... 760 - 761

نقله عن أخيه أبي عبد الله بن أبي صفرة توجيه خبر أنس رضي الله عنه ... 761

تفصيل الأدلة في الرد على الشافعية، وتصحيح مذهب المالكية في بحث طويل ... 762

تعليل حديث ابن عمر بحجه صلى الله عليه وسلم مفردا ... 762

الطعن في السند عند المهلب ... 763

ثم الطعن في متن الحديث وتعليله من نصه

انكار ابن عمر على أنس رضي الله عنهما حديثه، بإنه كان صغيرا واستدلال المهلب بذلك على توهين رواية القران. ... 766

(4/408)

حديث حفصة في الحج ثم توجيه المهلب له كي يأتلف مع الأدلة ... 767

حديث أسماء وتوجيهه عند المهلب ... 768

تفسير حديث ابن عمر: عن حيل بيني وبين البيت .. في باب طواف القارن، واعتماد رواية الإمام مالك لمزيد تفسير فيها، وتوجيه معنى الإحلال ... 808

مسألة تقليد الغنم ورد المهلب على البخاري سندا ومتنا ... 839 - 841

نقل عن أخيه ابي عبد الله ما يؤول حديث أنس، واعتماد رواية مروان الأصفر عن أنس ... 867

وصل حديث علقه البخاري في باب التوديع من طريق شيخه الأصيلي بروايته عن حمزة عن النسائي من السنن ... 1069

توهيم الراوي في جمع تركة الزبير وتصحيح الحساب بما يجعلها: 57600000 ... 1126

توهيم هشام بن حسان في حديث المتلاعنين، ونقل عن أخيه بما يصحح أنها قصة واحدة لا قصتين كما ذكره بعضهم ... 1267

نقل عن أخيه تضعيف زيادة: وصلى عليه، على الزاني التائب، واستدلاله بروايات أخرى من النسائي، وحمل الغلط فيه على محمود بن غيلان شيخ البخاري ... 1305

الجمع بين روايتين وردتا لحديث: إذا زنت الأمة، فمرة ذكر الحد ومرة لم يذكره ... 1313

توهيم سعيد بن عبيد في حديث القسامة في ثلاثة أمور وبيان الصحيح معتمدا على رواية الثقات، وشرح أيمان القسامة في مبحث نفيس ... 1338

(4/409)

الرد على أبي قلابة في القسامة ... 1339 - 1341

اعتراضه على البخاري في قوله: الاشتراط أصح عندي وأكثر، في حديث جابر، وتخريج معنى الإفقار على وجه المكارمة، موافقة لمذهب مالك ... 1430

شرح أخيه أبي عبد الله لحديث اسامة: لا ربا إلا في النسيئة ... 1460

مناقشة ابن شهاب الزهري في حديث: من ترك دينا فعلي قضاءه، وشرح مذهب الزهري ثم الجواب عليه، في مبحث مطول ... 1493

وصل ما علقه البخاري في الكفالة، من قصة الحديث عن بني إسرائيل في الذي استلف من صاحبه ثم جاز البحر ... 1494

شرح حديث رافع في كراء الأرض، في باب ما يكره من الشروط في المزارعة، وقد أطال النفس فيه ... 1507 - 1513

تأخير ابن جعفر ألفاظ مقدمة في اللقطة، وتبيين الصواب فيها ... 1530

بيان الزيادة المدرجة في حديث قتادة: ثم استسعي عليه .. خلاف رأي البخاري ... 1553

الرد على البخاري في مذهبه أن الشاهد مع اليمين لا يحكم به ... 1589

نقل عن الأصيلي أن قوله في الحديث لو يعطى الناس بدعواهم .. موقوفة لا مرفوعة ... 1589

الرد على البخاري بأن الحالف يحلف حيث وجبت عليه اليمين ولا يتكلف الذهاب ... 1590

اعتماد حديث عائشة في سبب نزول التحريم ... 1627

(4/410)

شرح قول أبي الدرداء ذبح الخمر النينان، وأفاد أن القابسي لم يعرف معناه فضرب عليه ... بعده 1644

النهي عن أكل لحوم النسك فوق ثلاث ... 1673

شرح حديث طب النبي صلى الله عليه وسلم ... 1798

فروقات في النسخ ذكرها المهلب ... 1847

الجمع بين الأحاديث في سن النبي صلى الله عليه وسلم ... 2212

وصل حديث الليث الذي علقه البخاري: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يسيرد الحديث كسردكم ... 2218

انتقال الرواية إلى أبي ذر الهروي وانقطاع رواية الأصيلي ... 2258

العلة التي من أجلها أخرج البخاري حديث عمرو بن ميمون في زنى القردة ... 2318

سقط من كتاب أبي زيد المروزي يبلغ ورقتان، تحديد أوله وآخره، وانتقال الرواية إلى أبي ذر الهروي ... 2366 - 2369

وجه آخر من الجمع بين الآحاديث في سن المصطفى صلى الله عليه وسلم ... 2487

وهم الزهري في قوله في قصة عمر رضي الله عنه في شأن نزول الحجاب: قبل نزول الحجاب ... 2602


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج8.كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم

ج8.كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي الشهير بابن رجبِ   ...