Translate

السبت، 10 يونيو 2023

كتابي متن سفينة النجا و متن منهاج الوصول إلى علم الأصول

كتابي  {متن سفينة النجا و متن منهاج الوصول إلى علم الأصول  }

متن سفينة النجا {في اصول الدين والفقه}

للشيخ العالم الفاضل : سالم بن سمير الحضرمي

 الاجتهاد على رؤية  الامام الشافعي

نفعنا الله بعلومه آمين

ويليه :

متن سفينة الصلاة للمحقق النحرير البحر الغزير :

السيد عبدالله بن عمر بن يحي الحضرمي

رحمه الله تعالى

قال الله تعالى :

( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وبه نستعين على أمور الدنيا والدين ،وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين ،واله وصحبه أجمعين ، ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،

(فصل) أركان الإسلام خمسة : شهادة أن لاإله إلاالله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة , و صوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا .

(فصل ) أركان الإيمان ستة: أن تؤمن بالله ، وملائكته، وكتبه ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره من الله تعالى .

(فصل ) ومعنى لاإله إلاالله : لامعبود بحق في الوجود إلا الله .

(فصل ) علامات البلوغ ثلاث : تمام خمس عشرة سنه في الذكروالأنثى ، والاحتلام في الذكر والأنثى لتسع سنين ، و الحيض في الأنثى لتسع سنين .

(فصل) شروط إجزاء الحَجَرْ ثمانية: أن يكون بثلاثة أحجار ، وأن ينقي المحل ، وأن لا يجف النجس ، ولا ينتقل ، ولا يطرأ عليه آخر ، ولا يجاوز صفحته وحشفته ، ولا يصيبه ماء ، وأن تكون الأحجار طاهرة.

(فصل ) فروض الوضوء ستة: الأول:النية ، الثاني : غسل الوجه ، الثالث: غسل اليدين مع المرفقين ، الرابع : مسح شيء من الرأس ، الخامس : غسل الرجلين مع الكعبين ، السادس :الترتيب .

(فصل ) النية : قصد الشيء مقترنا بفعله ، ومحلها القلب والتلفظ بها سنة ، ووقتها عند غسل أول جزء من الوجه ، والترتيب أن لا يقدم عضو على عضو .

(فصل ) الماء قليل وكثير : القليل مادون القلتين ، والكثير قلتان فأكثر. القليل يتنجس بوقوع النجاسة فيه وإن لم يتغير . والماء الكثير لا يتنجس إلا إذا تغير

طعمه أو لونه أو ريحه.

(1/1)

(فصل ) موجبات الغسل ستة: إيلاج الحشفة في الفرج ، وخروج المنى والحيض والنفاس والولادة والموت .

(فصل ) فروض الغسل اثنان : النية ، وتعميم البدن بالماء .

(فصل ) شروط الوضوء عشرة : الإسلام ، والتمييز ، والنقاء ، عن الحيض ، والنفاس ، وعما يمنع وصول الماء إلى البشرة ، وأن لا يكون على العضو ما يغير الماء الطهور ، ودخول الوقت ، والموالاة لدائم الحدث.

(فصل ) نوا قض الوضوء أربعة أشياء : (الأول) الخارج من أحد السبيلين من قبل أو دبر ريح أو غيره إلا المنى ، (الثاني ) زوال العقل بنوم أو غيره إلا نوم قاعد ، ممكن مقعده من الأرض ، (الثالث) التقاء بشرتي رجل وامرأة كبيرين من غير حائل ، (الرابع ) مس قبل الآدمي أو حلقة دبره ببطن الراحة أو بطون الأصابع .

(فصل ) من انتقض وضوؤه حرم عليه أربعه أشياء : الصلاة والطواف ومس

المصحف وحمله.

ويحرم على الجنب ستة أشياء: الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله واللبث في المسجد وقراءة القرآن.

ويحرم بالحيض عشرة أشياء : الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله واللبث في المسجد وقراءة القرآن والصوم والطلاق والمرور في المسجد إن خافت تلويثه والاستمتاع بما بين السرة والركبة.

(فصل) أسباب التيمم ثلاثة: فقد الماء ، والمرض ، والاحتياج إليه لعطش حيوان محترم .

غير المحترم ستة : تارك الصلاة والزاني المحصن والمرتد والكافر الحربي والكلب العقور والخنزير .

(فصل ) شروط التيمم عشرة: أن يكون بتراب وان يكون التراب طاهرا وأن لا يكون مستعملا ولا يخالطه دقيق ونحوه وأن يقصده وأن يمسح وجهه ويديه بضربتين وأن يزيل النجاسة أولا وأن يجتهد في القبلة قبله وأن يكون التيمم بعد دخول الوقت وأن يتيمم لكل فرض .

(فصل) فروض التيمم خمسة : الأول : نقل التراب ، الثاني : النية ، الثالث : مسح الوجه ، الرابع : مسح اليدين إلى المرفقين ، الخامس : الترتيب بين المسحتين .

(1/2)

(فصل) مبطلات التيمم أربعة : ما أبطل الوضوء والردة وتوهم الماء إن تيمم لفقده والشك .

(فصل ) الذي يظهر من النجاسة ثلاثة : الخمر إذا تخللت بنفسها . وجلد الميتة إذا دبغ وما صارا حيوانا .

(فصل) النجاسة ثلاثه : مغلظة ومخففة ومتوسطة . المغلظة : نجاسة الكلب والخنزير وفرع أحدهما . والمخففة : بول الصبي الذي لم يطعم غير اللبن ولم يبلغ الحولين. والمتوسطة : سائر النجاسات.

(فصل ) المغلظة : تطهر بسبع غسلات بعد إزالة عينها ،إحداهن بتراب . والمخففة : تطهر برش الماء عليها مع الغلبة وإزالة عينها .

والمتوسطة تنقسم إلى قسمين: عينية وحكميه . العينية : التي لها لون وريح وطعم فلا بد من إزالة لونها وريحها وطعمها . والحكمية : التي لا لون لها ولا ريح ولاطعم لها يكفيك جري الماء عليها .

(فصل) أقل الحيض : يوم وليله وغالبة ستة أوسبع وأكثره خمسة عشرة يوما بلياليها . أقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشرة يوما وغالبه أربعة وعشرون يوما أو ثلاثة وعشرون يوما ولاحد لأكثرة .أقل النفاس مجة وغالبة أربعون يوما وأكثرة ستون يوما.

(فصل ) أعذار الصلاة اثنان : النوم والنسيان .

(فصل) شروط الصلاة ثمانية : طهارة الحدثين والطهارة عن النجاسة في الثوب والبدن والمكان وستر العورة واستقبال القبلة ودخول الوقت والعلم بفريضتة وأن لايعتقد فرضا من فروضها سنة واجتناب المبطلات .

الأحداث اثنان : أصغر وأكبر . فالأصغر ماأوجب الوضوء . والأكبر ماأوجب الغسل *

(1/3)

العورات أربع : عورة الرجل مطلقا والأمة في الصلاة ما بين السرة والركبة . (فصل ) أركان الصلاة سبعة عشر : الأول النية ،الثاني تكبيرة الإحرام ، الثالث القيام على القادر في الفرض ،الرابع قراءة الفاتحة ، الخامس الركوع ، السادس الطمأنينة فية ، السابع الإعتدال ،الثامن الطمأنينة فيه ، التاسع السجود مرتين ،العاشر الطمأنينة فية ، الحادي عشر الجلوس بين السجدتين ، الثاني عشر الطمأنينة فية ،الثالث عشر التشهد الأخير ،الرابع عشر القعود فيه ،الخامس عشر : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ،السادس عشر السلام ،السابع عشر الترتيب .

(فصل) النيه ثلاث درجات : إن كانت الصلاة فرضا وجب قصد الفعل والتعيين والفرضية وإن كانت نافلة مؤقتة كراتبة او ذات سبب وجب قصد الفعل والتعيين ، وان كانت نافلة مطلقة وجب قصد الفعل فقط .

الفعل :أصلي والتعيين: ظهرا أو عصرا و الفرضية : فرضا .

(فصل) شروط تكبيرة الإحرام : ستة عشرة أن تقع حالة القيام في الفرض وأن تكون بالعربيه وأن تكون بلفظ الجلالة وبلفظ أكبر والترتيب بين اللفظتين وأن لايمد همزة الجلالة وعدم مد باء أكبر وأن لا يشدد الباء وأن لايزيد واواً ساكنة أو متحركة بين الكلمتين ، وأن لايزيد واوا قبل الجلالة وأن لايقف بين كلمتي التكبير وقفة طويلة ولا قصيرة ، وأن يسمع نفسة جميع حروفها ودخول الوقت في المؤقت وإيقاعها حال الإستقبال وأن لا يخل بحرف من حروفها وتأخير تكبيرة المأموم عن تكبيرة الإمام.

(فصل ) شروط الفاتحة عشرة : الترتيب والموالاة ومراعاة تشديداتها وأن لا يسكت سكتة طويلة ولا قصيرة يقصد قطع القراءة وقراءة كل آياتها ومنها البسملة وعدم اللحن المخل بالمعنى وأن تكون حالة القيام في الفرض ، وأن يسمع نفسة القراءة وأن لا يتخللها ذكر أجنبي .

(1/4)

(فصل) تشديدات الفاتحة أربع عشرة : بسم الله فوق اللام ، الرَّحمن فوق الراء ، الرَّحيم فوق الراء ، الحمد لله فوق لام الجلالة ، ربُّ العالمين فوق الباء ، الرَّحمن فوق الراء ،مالك يوم الدِّين فوق الدال ، إيَّاك نعبد فوق الياء ، إيَّاك نستعين فوق الياء ، اهدنا الصِّراط المستقيم فوق الصاد ، صراط الَّذين فوق اللام ، أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين فوق الضاد واللام . (فصل) يسن رفع اليدين في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الإعتدال وعند القيام من التشهد الأول .

(فصل) شروط السجود سبعة : أن يسجد على سبعة أعضاء وأن تكون جبهته مكشوفة والتحامل برأسة وعدم الهوى لغيره وأن لايسجد على شيء يتحرك بحركته وارتفاع أسافلة على أعالية والطمأنينة فية.

(خاتمة) أعضاء السجود سبعة : الجبهة وبطون الكفين والركبتان وبطون الأصابع والرجلين.

(فصل) تشديدات التشهد إحدى وعشرون : خمس في أكمله وستة عشر في أقلة : التحيات على التاء والياء المباركات الصلوات على الصاد ، الطيبات على الطاء والياء ، لله على لام الجلالة ، السلام على السين ، عليك أيها النبي على الياء والنون والياء ، ورحمه الله على لام الجلاله ، وبركاته السلام على السين ، علينا وعلى عباد الله على لام الجلاله ، الصالحين على الصاد، أشهد أن لاإله على لام ألف ،إلا الله على لام ألف ولام الجلاله، وأشهدأن على النون ، محمدا رسول الله على ميم محمدا وعلى الراء وعلى لام الجلاله.

(فصل ) تشديدات أقل الصلاة على النبي أربع : اللهم على اللام والميم ، صل على اللام ، على محمد على الميم .

(فصل) أقل السلام : السلام عليكم تشديد السلام على السين .

(1/5)

(فصل) أوقات الصلاة خمس: أول وقت الظهر زوال الشمس ، وآخره مصير ظل الشيء مثله غير ظل الإستواء ، وأول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثلة وزاد قليلا ، وآخره غروب الشمس . وأول وقت المغرب غروب الشمس وآخره غروب الشفق الأحمر ، وآخره طلوع الفجر الصادق وآخره طلوع الشمس .

الأشفاق ثلاثة : أحمر وأصفر وأبيض .الأحمر مغرب ولأصفر والأبيض عشاء . ويندب تأخير صلاه العشاء إلى أن يغيب الشفق الأحمر والأبيض (فصل ) تحرم الصلاة التي ليس لها سبب متقدم ولا مقارن في خمسة أوقات : عند طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح وعند الإستواء في غير يوم الجمعة حتى تزول ، وعند الإصفرار حتى تطلع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب .

(فصل) سكتات الصلاة ستة : بين تكبيرة الإحرام ودعاء الإفتتاح والتعوذ، وبين الفاتحة والتعوذ، وبين آخر الفاتحة وآمين ، وبين آمين والسوره ، وبين السورة والركوع .

(فصل) الأركان التي تلزمه فيها الطمأنينة أربعة : الركوع والإعتدال والسجود والجلوس بين السجدتين .

الطمأنينة هي : سكون بعد حركة بحيث يستقر كل عضو محله بقدر سبحان الله .

(فصل) أسباب سجود السهو أربعة :الأول ترك بعض من أبعاض الصلاة أو بعض البعض ، الثاني فعل مايبطل عمده ولايبطل سهوه إذا فعله ناسيا ، الثالث نقل ركن قولي إلى غير محله ، الرابع إيقاع ركن فعلي مع احتمال الزيادة .

(فصل) أبعاض الصلاة سبعة : التشهد الأول وقعوده والصلاه على النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، والصلاه على الآل التشهد الأخير، والقنوت ،والصلاة على النبي صلى الله علية وسلم وآله فيه.

(1/6)

(فصل) تبطل الصلاة بأربع عشرة خصلة : بالحدث وبوقوع النجاسة إن لم تلق حالا من غير حمل ، وانكشاف العورة إن لم تستر حالا، والنطق بحرفين أو حرف مفهم عمدا ، وبالمفطر عمدا ، والأكل الكثير ناسيا ،أوثلاث حركات متواليات ولو سهوا والوثبة الفاحشة والضربة المفرطة ، وزيادة ركن فعلي عمدا ، والتقدم على إمامه بركنين فعليين ، والتخلف بهما بغير عذر ، ونية قطع الصلاة ، وتعليق قطعها بشيء والتردد في قطعها .

(فصل) الذي يلزم فية نية الإمامة أربع : الجمعة والمعاداة والمنذورة جماعة والمتقدمة في المطر .

(فصل) شروط القدوة أحد عشر : أن لايعلم بطلان صلاة إمامة بحدث أو غيرة , وأن لايعتقد وجوب قضائها عليه وأن لا يكون مأموما ولا أميا وأن لايتقدم علية في الموقف وأن يعلم انتقالات إمامة وأن يجتمعا في مسجد أو في ثلثمائة ذراع تقريبا وأن ينوي القدوة أو الجماعة وأن يتوافق نظم صلاتيهما وأن لا يخالفه في سنة فاحشة المخالفة وأن يتابعة .

(فصل) صور القدوة تسع تصح في خمس : قدوة رجل برجل وقدوة امرأه برجل وقدوة خنثى برجل وقدوة امرأة بخنثى وقدوة امرأة بامرأة ، وتبطل في أربع : قدوة رجل بامرأة وقدوة رجل بخنثى

(فصل) شروط جمع التقديم أربعة : البداءة بالأولى ونية الجمع والموالاة بينهما ودوام العذر .

(فصل) شروط جمع التأخير إثنان : نية التأخير وقد بقي من وقت الأولى مايسعها ودوام العذر إلى تمام الثانية .

(فصل) شروط القصر سبعة : أن يكون سفره مرحلتين وأن يكون مباحا والعلم بجواز القصر ونيه القصر عند الإحرام وأن لايقتدي بمتم في جزء من صلاتة .

(1/7)

(فصل) شروط الجمعة ستة : أن تكون كلها في وقت الظهر وأن تقام في خطة البلد وأن تصلي جماعة وأن يكونوا أربعين أحرارا ذكورا بالغين مستوطنين وأن لا تسبقها ولا تقارنها جمعة في تلك البلد وأن يتقدمها خطبتان . (فصل)أركان الخطبتين خمسة: حمد الله فيهما والصلاة على النبي صلى الله علية وسلم فيهما والوصية بالتقوى فيهما وقراءة آية من القرآن في أحداهما والدعاء للمؤمنين والمؤمنات في الأخيرة .

(فصل) شروط الخطبتين عشرة : الطهارة عن الحدثين الأصغر والأكبر والطهارة عن النجاسة في الثوب والبدن والمكان وستر العورة والقيام على القادر والجلوس بينهما فوق طمأنينة الصلاة والموالاة بينهما وبين الصلاة وأن تكون بالعربية وأن يسمعها أربعون وأن تكون كلها في وقت الظهر (فصل)الذي يلزم للميت أربع خصال : غسلة وتكفينة والصلاة علية ودفنه .

(فصل)أقل الغسل : تعميم بدنه بالماء. وأكمله أن يغسل سوأتيه وأن يزيل القذر من أنفه وأن يوضئه وأن يدلك بدنه بالسدر وأن يصب الماء عليه ثلاثا.

(فصل) أقل الكفن : ثوب يعمه.، وأكمله للرجال ثلاث لفائف ، وللمرأة قميص وخمار وإزار ولفافتان .

(فصل) أركان صلاة الجنازة سبعة :الأول النية ،الثاني أربع تكبيرات ، الثالث القيام على القادر ، الرابع قراءة الفاتحة ،الخامس الصلاة على النبي صلى الله علية وسلم بعد الثانية،السادس الدعاء للميت بعد الثالثة ،السابع السلام (فصل)أقل الدفن : حفرة تكتم رائحته وتحرسه من السباع .وأكمله قامة وبسطة، ويوضع خده على التراب ويجب توجيهه إلى القبلة .

(فصل) ينبش الميت لأربع خصال : للغسل إذا لم يتغير ولتوجيهه إلى القبلة وللمال إذا دفن معه ، والمرأة إذا دفن جنينها وأمكنت حياته .

(1/8)

(فصل) الإستعانات أربع خصال : مباحة وخلاف الأولى ومكروهه وواجبة فالمباحة هي تقريب الماء ، وخلاف الأولى هي صب الماء على نحو المتوضئ ،والمكروهه هي لمن يغسل أعضاءه ، والواجبة هي للمريض عند العجز. (فصل) الأموال التي تلزم فيها الزكاة ستة أنواع: النعم والنقدان والمعشرات وأموال التجارة ، وواجبها ربع عشر قيمة عروض التجارة والركاز والمعدن.

(فصل) يجب صوم رمضان بأحد أمور خمسة : (أحدها ) بكمال شعبان ثلاثين يوما (وثانيها) برؤية الهلال في حق من رآه وان كان فاسقا (وثالثا) بثبوته في حق من لم يره بعدل شهادة (ورابعا) بإخبار عدل رواية موثوق به سواء وقع في القلب صدق أم لا أوغيره موثوق به إن وقع في القلب صدقه (وخامسها) بظن دخول رمضان بالإجتهاد فيمن اشتبه عليه ذلك .

(فصل) شروط صحته أربعة أشياء : إسلام وعقل ونقاء من نحو حيض وعلم بكون الوقت قبلا للصوم .

(فصل) شروط وجوبه خمسة اشياء : اسلام وتكليف وإطاقة وصحه وإقامة .

(فصل)أركانه ثلاثة أشياء: نية ليلا لكل يوم في الفرض وترك مفطر ذاكرا مختارا غير جاهل معذور وصائم .

(فصل) يجب مع القضاء للصوم الكفارة العظمى والتعزير على من أفسد صومه في رمضان يوما كاملا بجماع تام آثم به للصوم

ويجب مع القضاء الإمساك للصوم في ستة مواضع:الأول في رمضان لافي غيره على متعد بفطره، والثاني على تارك النية ليلا في الفرض، والثالث على من تسحر ظانا بقاء الليل فبان خلافة أيضا ، والرابع على من افطر ظانا الغروب فبان خلافه ايضا ، والخامس على من بان له يوم ثلاثين من شعبان أنه من رمضان ، والسادس على من سبقه ماء المبالغة من مضمضة واستنشاق (فصل) يبطل الصوم : بردة وحيض ونفاس أو ولادة وجنون ولو لحظة وبإغماء وسكر تعدى به إن عمَّا جميع النهار

(1/9)

(فصل) الإفطار في رمضان أربعة انواع: واجب كما في الحائض والنفساء، وجائز كما في المسافر والمريض ولاولاكما في المجنون، ومحرم كمن أخر قضاء رمضان تمكنه حتى ضاق الوقت عنه .

وأقسام الإفطار أربعة : أيضا ما يلزم فية القضاء والفدية وهو اثنان:الأول الإفطار لخوف على غيرة ، والثاني الإفطار مع تأخير قضاء مع إمكانه حتى يأتي رمضان آخر ، وثانيها مايلزم فية القضاء دون الفدية وهو يكثر كمغمى علية ، وثالثهما ما يلزم فيه الفدية دون القضاء وهوشيخ كبير ، ورابعها لا ولا وهو المجنون الذي لم يتعد بجنونه .

(فصل) الذي لا يفطِر مما يصل إلى الجوف سبعة أفراد : مايصل إلى الجوف بنسيان أو جهل أو إكراة وبجريان ريق بما بين أسنانه وقد عجز عن مجه لعذره وما وصل إلى الجوف وكان غبار طريق ، وما وصل إلية وكان غربلة دقيق ، أوذبابا طائرا أو نحوه .

والله اعلم بالصواب نسأل الله الكريم بجاه نبيه الوسيم، أن يخرجني من الدنيا مسلما، ووالدي وأحبائي ومن إلي انتمي، وان يغفر لي ولهم مقحمات ولمما ، وصلى الله على سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف رسول الله إلى كافة الخلق رسول الملاحم ،حبيب الله الفاتح الخاتم ،وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .

تم بعون الله تعالى متن سفينة النجا.

متن سفينة الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أول ما يجب على كل مسلم اعتقاد معنى الشهادتين وتصميم قلبه عليه. ومعنى أشهد أن لا إله إلا الله : أعلم وأعتقد بقلبي وأبين لغيري أن لا معبود بحق في الوجود إلا الله ، وأنه غني عما سواه: مفتقر إليه كل ما عداه ؛ متصف بكل كمال : منزه عن كل نقص وما خطر بالبال لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ؛ ولا يماثل في ذاته وصفاته وأفعاله أحدا .

(1/10)

ومعنى أشهد أن محمد رسول الله: أعلم وأعتقد بقلبي وأبين لغيري أن سيدنا محمد بن عبدالله ، عبد الله ورسوله إلى كافه الخلق صادق فيما أخبر به يجب على كافة الخلق تصديقه ومتابعته. ويحرم عليهم تكذيبه ومخالفته. فمن كذبه فهو ظالم كافر. ومن خالفه فهو عاص خاسر.

وفقنا الله لكمال متابعته ورزقنا كمال التمسك بسنته. وجعلنا ممن يحيي أحكام شريعته وتوفانا على ملته. وحشرنا في زمرته. ووالدينا وأولادنا وإخواننا وأحبابنا وجميع المسلمين آمين 0

(1/11)

ثم يجب عليه أن يتعلم شروط الصلاة وأركانها ومبطلاتها فشروطها اثنا عشر: (الأول) طهارة الثوب والبدن والمكان من النجاسات وهي:الخمر والبول والغائط والروث والدم والقيح والقيء والكلب والخنزير وفرع أحدهما والميتة وشعرها وظلفها وجلدها إلا ميتة الآدمي والسمك والجراد والمذكاة المباح أكلها. فمتى لاقت هذه النجاسات ثوب الانسان أو بدنه أو مصلاه أو غيرها من الجامدات مع رطوبة فيها أو في ملاقيها فإن كان لها طعم أو لون أو ريح وجب غسلها حتى يزول. ثم يزيد في نجاسة الكلب والخنزير ست غسلات واحدة منها مزوجه بتراب طهور وإن لم يكن لها طعم و لون و ريح وإن كانت من الكلب والخنزير غسلها سبع غسلات واحدة منها ممزوجة بتراب طهور، وإن كانت من غيرها غسلها مرة ويجب صب الماء على المتنجس إذا كان الماء دون القلتين فإن أدخل المتنجس فيه لم يطهر وتنجس الماء وملاقيه ويجب عليه الإستبراء من البول حتى يغلب على ظنه أنه لا يعود ولا يخرج ثم يستنجي ويرخى دبره حتى يغسل ما في طبقاته من النجاسة ويدلكه حتى يغلب على ظنه زوال طعم النجاسة ولونها وريحها ومتى لاقت النجاسات المذكورة الماء فإن كان قلتين لم ينجس ، إلا إن غيرت طعمه أو لونه أو ريحه ويطهر بزوال التغير. وإن كان أقل منهما ينجس بالملاقاة وإن لم يتغير ويطهر ببلوغه قلتين , ومتى لاقت النجاسات المذكورة مائعا غير الماء تنجس بملاقاتها قليلا أو كثيرا تغير أو لم يتغير ولا يطهر قط .

(الثاني) طهارة بالوضوء والغسل,

و أما الوضوء ففروضه ستة: الأول: نية الطهارة للصلاة أو رفع الحدث أو نحوهما بالقلب مع أول غسل الوجه.

الثاني: غسل الوجه من مبدأ تسطيح الجبهة إلى منتهى الذقن ومن الأذن إلى الأذن إلا باطن لحية الرجل وعارضيه الكثيفين.

الثالث: غسل اليد مع المرفقين.

الرابع: مسح أقل شئ من بشرة الرأس أو من شعره إذا لم يخرج الممسوح منه بالمد عن حد الرأس .

الخامس: غسل الرجلين مع الكعبين.

(1/12)

السادس: ترتيبه كما ذكرناه .

ويجب في الوجه واليدين والرجلين غسل جزء فوق حدودها من جميع جوانبها وأن يجري الماء بطبعه على جميع أجزائها. ويبطل الوضوء كل ما خرج من القبل والدبر عينا وريحا ولمسهما ببطون الراحة أو بطون الأصابع من نفسه أو غيرة ولولده الصغير وتلاقي بشرتي ذكر وأنثى بلغا حد شهوة ليس بينهما محرمية بنسب أو رضاع أو مصاهرة بلا حائل وزوال العقل إلا من نام قاعدا ممكنا حلقة دبره وما حولها.

وأما الغسل فيجب على الرجل والمرأة إذا خرج لأحدهما منيُ في يقظة أو نوم ولو قطرة وإذا أولجت الحشفة في دبر أو قبل وإن لم يخرج منيُ ولا وقع انتشار ويجب على المرأة إذا انقطع حيضها أو نفاسها أو ولدت ولو علقة.

وفروض الغسل اثنان:

الأول: نية الطهارة أو رفع الحدث الأكبر أو نحوهما بالقلب مع أول جزء يغسله من بدنه فما غسله قبلها لا يصح فيجب إعادة غسله بعدها.

الثاني: تعميم بدنه فما غسله قبلها لا يصح فيجب غسل باطن كثيف الشعر ويجب غسل ما يراه الناظر من الأذن وما يظهر حال التغوط من الدبر وطبقاته وما يظهر من فرج المرأة إذا جلست على قدميها وباطن قلفة من لم يختن وما تحتها فيجب أن يجري الماء بطبعه على كل ذلك.

الثالث: دخول الوقت وهو زوال الشمس للظهر وبلوغ ظل كل شئ مثله زائدا على ظل الإستواء للعصر وغروب الشمس للمغرب وغروب الشفق الأحمر للعشاء وطلوع الفجر الصادق المعترض جنوبا وشمالا للفجر فتجب الصلاة في هذة الأوقات وتقديمها عليها وتأخيرها عنها من أكبر المعاصي وأفحش السيئات .

الرابع : ستر مابين سرة الرجل وركبته وجميع بدن المرأه إلا وجهها وكفيها ويجب عليها ستر جزء من جوانب الوجه والكفين وعلى الرجل ستر جزء من سرته وما حاذاها وجوانب ركبتيه وعليهما الستر من الجوانب لا من أسفل ويجب أن يكون الستر يمنع حكاية لون البشرة وأن يكون ملبوسا أو غير ملبوس فلا تكفي ظلمة وخيمة صغيرة .

(1/13)

الخامس : استقبال القبلة بالصدر في القيام والقعود وبالمنكبين ومعظم البدن في غيرهما إلا إذا اشتد الخوف المباح ولم يمكنه الاستقبال فيصلي كيف أمكنه ولا إعادة عليه .

السادس : أن يكون المصلي مسلما .

السابع : أن يكون عاقلا فالمجنون والصبي الذي لم يميز لا صلاة عليهما ولا تصح منهما .

الثامن : أن تكون المرأة نقية من الحيض والنفاس ، فالحائض والنفساء لا تصح صلاتهما ولا قضاء عليهما فإن دخل الوقت وهي طاهره فطرأ عليها الحيض والنفاس بعد أن مضى ما يسع واجبات تلك الصلاة وجب عليها قضاؤها ، وإذا انقطع الحيض والنفاس ولم يعد فإن كان في وقت الصبح أو الظهر أو المغرب ولو بقي منه قدر ما يسع الله أكبر وجب قضاء ذلك الفرض وإن كان في وقت العصر أو العشاء ولو بقي منه قدر ما يسع الله أكبر وجب قضاء ذلك الفرض والذي قبله وهو الظهر أو المغرب .

التاسع : أن يعتقد أن الصلاة المفروضة التي يصليها فرض فمن اعتقدها سنه أو خلا قلبه عن العقيدتين أو التشكك في الفرضية لم تصح صلاته .

العاشر : أن لا يعتقد ركنا من أركانها سنه ، فمن اعتقدها فروضا أوخلا قلبه عن العقيدتين أو تشكك في الفرضية أو اعتقد سنه من سنن الصلاة فرضا صحت صلاته .

الحادي عشر : اجتناب مبطلات الصلاة الآتيه في جميع صلاته .

الثاني عشر : معرفه كيفيتها بأن يعرف أعمالها وترتيبها كما يأتي ،

وأما أركان الصلاة تسعه عشر :

(الأول) النيه بالقلب فيحضر في قلبه فعل الصلاة ويعبر عنه بفرض ويحضر فيه تعيينها ويعبر عنه بالظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الصبح فإذا حضرت هذه الثلاثة في قلبه قال الله أكبر غير غافل عنها ويزيد استحضار مأموما إن كان جماعه

(الثاني) تكبيرة الإحرام وهي الله أكبر

(الثالث) قراءة الفاتحة في القيام

(الرابع) القيام إن قدر ولو بحبل أو معين في صلاة الفرض

(الخامس) الركوع بأن ينحني من غير إرخاء ركبتيه

(1/14)

(السادس) الطمأنينه فيه بأن تنفصل حركه رفعه وتسكن أعضاؤه كلها

(السابع ) الإعتدال بأن ينتصب قائما

(الثامن) الطمأنينه فيه كما ذكرنا في الركوع

(التاسع) السجود الأول بأن يضع جبهته مكشوفة على مصلاة متحاملا عليها قليلا على غير متحرك رافعا عجيزته وما حولها على منكبيه ويديه ورأسه وبأن يضع جزء من كل من ركبتيه ومن باطن كل كف ومن باطن أصابع كل رجل

(العاشر) الطمأنينه فيةكما ذكرنا في الركوع

(الحادي عشر) الجلوس بين السجدتين بأن ينتصب جالسا

(الثاني عشر)الطمأنينه فيه كما ذكرنا في الركوع

(الثالث عشر) السجود الثاني مثل السجود الأول فيما مر فيه

(الرابع عشر ) الطمأنينه فيه في الركوع كما ذكرنا في الركوع

(الخامس عشر) الجلوس الأخير منتصبا

(السادس عشر)قراءة التشهد فيه

(السابع عشر) الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد في القعود وأقلها اللهم صلي على محمد

(الثامن عشر) السلام بعدها في القعود وأقله السلام عليكم

(التاسع عشر ) الترتيب بأن يأتي بالنية مع التكبيرة ثم الفاتحة في القيام ثم الركوع مع طمأنينته ثم الإعتدال مع طمأنينته ثم الجلوس بعده مع طمأنينته ثم السجود الأول مع طمأنينته ثم الجلوس بعده مع طمأنينته ثم السجود الثاني مع طمأنينته فهذا ترتيب أول ركعة ثم يأتي بباقي الركعات مثلها إلا أنه لا يأتي فيها بالنية وتكبيرة الإحرام فإذا تمت ركعات فرضه جلس الجلوس الأخير ثم قرأ التشهد فية ثم صلى على النبي قال اللهم صلي على محمد ثم قال السلام عليكم .

وأركان الصلاة ثلاثة أقسام:

(الأول ) قلبي وهو النيه فقط وشرطها أن تكون مع تكبيرة الإحرام وأن تكون في القيام

(1/15)

(الثاني) القوليه وهي خمسة تكبيرة الإحرام أول الصلاة وقراءة الفاتحة في كل ركعة وقراءة التشهد والصلاة على النبي وسلام آخر الصلاة ثلاثتها في العقدة الأخيرة وشرط هذه الخمسة أن يسمع نفسه إذا لم يكن أصم ولامانع ريح ولغط ونحوهما وإلا رفع بحيث لو زال الصمم والمانع لسمع وأن لاينقص شيئا من تشديداتها وحروفها وأن يخرجها من مخارجها وأن لا يغير شيئا من حركاتها تغييرا يبطل معناها وأن لايزيد فيها حرفا يبطل به معناها وأن يوالي بين كلماتها وأن يرتبها على نظمها المعروف

(الثالث) الفعلية وهي ثلاث عشر:القيام والركوع وطمأنينته والإعتدال وطمأنينته والسجود الأول وطمأنينته والجلوس بعده وطمأنينته وواحد بعد آخر ركعة وهو الجلوس الأخير وواحد ينشأ من فعل هذه الأركان في موضعها وهو الترتيب وشرط الأركان الفعلية صحة ما قبلها من الأركان وأن لا يقصد به غيرها

وأما مبطلات الصلاة فاثنا عشر:

(الأول) فقد شرط من شروطها الإثنى عشر عمدا ولو بإكراه أو سهوا أو جهلا (الثاني) فقد ركن من أركانها التسعة عشر عمدا فإن كان سهوا أتى به إذا ذكره ولا يحسب ما فعله بعد المتروك حتى يأتي به

(الثالث) زيادة ركن من أركانها الفعلية أو إتيان النية أو تكبيرة الإحرام أو السلام في غير محله عمدا فإن كان سهوا أو زاد غير ما ذكر من الأركان عمدا أو سهوا لم تبطل

(الرابع) أن يتحرك حركه واحده مفرطة أو ثلاث حركات متوالية عمدا كان أو سهوا أو جهلا

(الخامس) أن يأكل أو يشرب قليلا عمدا فإن كان سهوا أو جهلا وعذر لم تبطل بالقليل وبطلت بالكثير

(السادس) فعل شيء من مفطرات الصائم غير الأكل والشرب

(السابع) قطع النية كأن ينوي الخروج من الصلاة

(الثامن) تعليق الخروج منها كأن ينوي إذا جاء زيد خرجت منها

(التاسع) التردد في قطعها كأن تحدث له حاجه في الصلاة فتردد بين قطع الصلاة والخروج منها وبين تكميلها

(1/16)

(العاشر) الشك في واجب من واجبات النية إذا طال زمنه عرفا أو فعل منه ركنا فعليا أو قوليا

(الحدي عشر) قطع ركن من أركانها الفعلية لأجل سنة كمن قام ناسيا للتشهد الأول ثم عادا له عامدا عالما

(الثاني عشر) البقاء في ركن اذا تيقن ترك ماقبله أو شك فيه إذا طال عرفا أو يلزمه العود فورا إلى فعل ماتيقن تركه أو شك فيه إلا إن كان مأموما فيأتي بركعة بعد سلام إمامه ولا يجوز له العود .

فهذه الأحكام يلزم كل مسلم معرفتها، وللوضوء والغسل والصلاة سنن كثيرة جدا فمن أراد حياة قلبه والفوز عند ربه فليتعلمه ويعمل بها فلا يتركها إلا متساهل أولاه أو ساه جاهل .

(1/17)

ومما يتأكد معرفته أذكار الصلاة ونحن نذكرها هنا بإختصار فيقول المصلي أصلي فرض الظهر أربع ركعات أداء مستقبل القبلة مأموما لله تعالى الله أكبر ويبدل الظهر في غيرها باسمها وذكر عدد ركعاتها ويقول إماما بدل مأموما إن كان إماما ويتركهما إن كان منفردا، ثم يقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.بسم الله الرحمن الرحيم.الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولآالضآلين آمين.ثم يقرأ السورة، الله أكبر سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاث مرات، سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ،الله أكبر ، سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات ،الله أكبر ، رب اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني وارزقني واهدني وعافني واعف عني ،الله أكبر ، سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات . فهذه ركعة ويفعل في باقي الركعات جميع ما ذكرناه إلا النيه وتكبيرة الإحرام وهي في الأولى . وإذا زادت صلاته على ركعتين جلس للتشهد الأول فيقول:التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله اللهم صل على محمد ، الله اكبر. ثم يقوم ويأتي بباقي ركعات صلاته لكن لايقرأ سوره بعد التشهد الأول، ثم إذا أتم الركعات جلس الجلوس الأخير ويقول فيه التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمه الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله ، اللهم صلي على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد

(1/18)

وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. اللهم اغفر لي ما قدمت وماأخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ربنا أتنا في الدنيا حسنه وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار ،اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.

💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥💥

 

متن منهاج الوصول إلى علم الأصول

متن

منهاج الوصول إلى علم الأصول

للقاضي البيضاوي

المتوفى سنة 685 هـ

تجهيز ومراجعة / تيسير إبراهيم

كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية - غزة

1429هـ /2008م

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

تقدس من تمجد بالعظمة والجلال، وتنزه من تفرد بالقدم والكمال عن مشابهة الأشباه والأمثال ومصادمة الحدوث والزوال مقدر الأرزاق والآجال ومدبر الكائنات في أزل الآزال عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال نحمده على فضله المترادف المتوال على ما عمنا من الأنعام والأفضال، ونصلي على محمد الهادي إلى نور الإيمان في ظلمات الكفر والضلال وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، وبعد،،،

فأولى ما تهم به الهمم العوالي وتصرف فيه الأيام والليالي تعلم المعالم الدينية والكشف عن حقائق الملة الحنيفية والغوص في تيار بحار مشكلاته والفحص عن أستار أسرار معضلاته، وإن كتابنا هذا منهاج الوصول إلى علم الأصول الجامع بين المعقول والمشروع والمتوسط بين الأصول والفروع، وهو وإن صغر حجمه كبر علمه، وكثرت فوائده، وجلت عوائده، جمعته رجاء أن يكون سبباً لرشاد المستفيدين ونجاتي يوم الدين والله تعالى حقيق بتحقيق رجاء الراجين.

تعريف أصول الفقه: أصول الفقه معرفة دلائل الفقه إجمالاً، وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد.

تعريف الفقه: والفقه العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية

قيل الفقه من باب الظنون، قلنا المجتهد إذا ظن الحكم وجب عليه الفتوى والعمل به؛ للدليل القاطع على وجوب اتباع الظن، فالحكم مقطوع به والظن في طريقه

ودليله المتفق عليه بين الأئمة الكتاب والسنة والإجماع والقياس، ولا بد للأصولي من تصور الأحكام الشرعية ليتمكن من إثباتها ونفيها، لا جرم رتبناه على مقدمة وسبعة كتب. أما المقدمة ففي الأحكام ومتعلقاتها وفيها بابان:

الباب الأول: في الحكم وفيه فصول

الفصل الأول في تعريفه

(1/1)

" الحكم خطاب الله القديم المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير ".

قالت المعتزلة خطاب الله تعالى قديم عندكم والحكم حادث لأنه يوصف به ويكون صفة لفعل العبد، ومعللاً به كقولنا: حلت بالنكاح وحرمت بالطلاق وأيضاً، فموجبية الدلولك ومانعية النجاسة، وصحة البيع وفساده خارجة عنه، وأيضاً فيه الترديد وهو ينافي التحديد.

قلنا الحادث التعلق والحكم يتعلق بفعل العبد لا صفته كالقول المتعلق بالمعدومات والنكاح والطلاق ونحوهما معرفات له كالعالم للصانع، والموجبية والمانعية أعلام للحكم لا هو، وإن سلم فالمعنى بها اقتضاء الفعل والترك وبالصحة إباحة الانتفاع، وبالبطلان حرمته والترديد في أقسام المحدود لا في الحد.

الفصل الثاني: في تقسيماته

الأول: الخطاب إن اقتضى الوجود ومنع النقيض فوجوب، وإن لم يمنع فندب، وإن اقتضى الترك ومنع النقيض فحرمة، وإلا فكراهة، وإن خير فإباحة.

ويرسم الواجب بأنه الذي يذم شرعاً تاركه قصداً مطلقاً، ويرادفه الفرض.

وقالت الحنيفة: ما ثبت بقطعي والواجب بظني.

والمندوب: ما يمدح فاعله ولا يذم تاركه ويسمى: سنة ونافلة.

والحرام: ما يذم شرعاً فاعله.

والمكروه: ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله.

والمباح ما لا يتعلق بفعله وتركه مدح ولا ذم.

الثاني: ما نهى عنه شرعاً فقبيح، وإلا فحسن كالواجب والمندوب والمباح وفعل غير المكلف.

والمعتزلة: قالوا: ما ليس للقادر عليه العالم بحاله أن يفعله، وما له أن يفعله. وربما قالوا: الواقع على صفة توجب الذم، أو المدح، فالحسن بتفسيرهم الأخير أخص.

الثالث: قيل: الحكم إما سبب أو مسبب كجعل الزنا سبباً لإيجاب الجلد على الزاني، فإن أريد بالسببية الإعلام فحق، وتسميتها حكماً بحث لفظي، وإن أريد به التأثير فباطل، لأن الحادث لا يؤثر في القديم، ولأنه مبني على أن للفعل جهات توجب الحسن والقبح وهو باطل.

(1/2)

الرابع: الصحة: استتباع الغاية، وبإزائها البطلان والفساد، وغاية العبادة موافقة الأمر عند المتكلمين، وسقوط القضاء عند الفقهاء، فصلاة من ظن أنه متطهر صحيحة على الأول لا على الثاني.

وأبو حنيفة سمي ما لم يشرع بأصله ووصفه كبيع الملاقيح: باطلاً، وما شرع بأصله دون وصفه كالربا فاسداً.

والإجراء هو الأداء الكافي لسقوط التعبد به، وقيل سقوط القضاء، ورُدّ بأن القضاء حينئذ لم يجب لعدم الموجب فكيف سقط، وبأنكم تعللون سقوط القضاء به، والعلة غير المعلول، وإنما يوصف به وبعدمه ما يحتمل الوجهين كالصلاة، لا المعرفة بالله تعالى، ورد الوديعة.

الخامس: العبادة إنْ وقعت في وقتها المعين، ولم تسبق بأداء مختل فأداء، وإلا فإعادة، وإن وقعت بعده ووجد فيه سبب وجوبها فقضاء وجب أداؤه كالظهر المتروكة قصداً، أو لم يجب وأمكن كصوم المسافر والمريض، أو امتنع عقلاً كصلاة النائم، أو شرعاً كصوم الحائض.

فرع: ولو ظن المكلف أنه لا يعيش إلى آخر الوقت تضيق عليه، فإن عاش وفعل في آخره فقضاء عند القاضي أبي بكر، أداء عند الحجة إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه.

السادس: الحكم إن ثبت على خلاف الدليل لعذر فرخصة، كحل الميتة للمضطر والقصر والفطر للمسافر، واجباً ومندوباً ومباحاً، وإلا فعزيمة.

الفصل الثالث: في أحكامه وفيه مسائل

الأولى: الوجوب قد يتعلق بمعين وقد يتعلق بمبهم من أمور معينة كخصال الكفارة ونصب أحد المستعدين للإمامة، وقالت المعتزلة الكل واجب على معنى أنه لا يجوز الإخلال بالجميع ولا يجب الإتيان به فلا خلاف في المعنى وقيل الواجب معين عند الله تعالى دون الناس، ورُدَّ بأن التعيين يحيل ترك ذلك الواحد والتخيير يجوزه وثبت اتفاقاً في الكفارة فانتفى الأول.

قيل: يحتمل أن المكلف يختار المعين، أو يعين ما يختاره أو يسقط بفعل غيره، وأجيب عن الأول بأنه يوجب تفاوت المكلفين فيه وهو خلاف النص والإجماع.

(1/3)

وعن الثاني بأن الوجوب محقق قبل اختياره، وعن الثالث بأن الآتي بأيهما آت بالواجب إجماعاً.

قيل: إن أتى بالكل معاً فالامتثال بالكل فالكل واجب، أو بكل واحد فتجتمع مؤثرات على أثر واحد، أو بواحد غير معين ولم يوجد أو بواحد معين وهو المطلوب.

وأيضا الوجوب معين فيستدعي معيناً وليس الكل ولا كل واحد وكذا الثواب على الفعل والعقاب على الترك فإذاً الواجب واحد معين.

وأجيب عن الأول بأنَّ الامتثال بكل واحد وتلك معرفات، وعن الثاني بأنه يستدعي أحدها لا بعينه كالمعلول المعين المستدعي علة من غير تعيين.

وعن الأخيرين بأنه يستحق ثواب وعقاب أمور معينة لا يجوز ترك كلها ولا يجب فعلها.

تذنيب:

الحكم قد يتعلق على الترتيب فيحرم الجمع كأكل المذكى والميتة أو يباح كالوضوء والتيمم أو يسن ككفارة الصوم.

الثانية: الوجوب إن تعلق بوقت فإما إن يساوي الفعل كصوم رمضان وهو المضيق أو ينقص عنه فيمنعه من يمنع التكليف بالمحال إلا لغرض القضاء كوجوب الظهر على الزائل عذره وقد بقي قدر تكبيرة، أو يزيد عليه فيقتضي إيقاع الفعل في جزء من أجزائه لعدم أولوية البعض.

وقال المتكلمون يجوز تركه في الأول بشرط العزم وإلا لجاز ترك الواجب بلا بدل.

ورد بأن العزم لو صح بدلاً لتأدى الواجب به، وبأنه لو وجب العزم في الجزء الثاني لتعدد البدل والمبدل واحد، ومنا من قال يختص بالأول وفي الأخير قضاء، وقالت الحنفية يختص بالأخير وفي الأول تعجيل، وقال الكرخي الآتي في أول الوقت إن بقي على صفة الوجوب يكون ما فعله واجباً وإلا نافلة، احتجوا بأنه لو وجب في أول الوقت لم يجز تركه، قلنا المكلف مخير بين أدائه في أي جزء من أجزائه.

فرع: الموسع قد يسعه العمر كالحج وقضاء الفائت فله التأخير ما لم يتوقع فواته إن أخر لكبر أو مرض.

المسألة الثالثة:

(1/4)

الوجوب إما أن يتناول كل واحد كالصلوات الخمس، أو واحداً معيناً كالتهجد ويسمى فرض عين أو غير معين كالجهاد يسمى فرض الكفاية، فإن ظن كل طائفة أن غيره فعل سقط عن الكل وإن ظن أنه لم يفعل وجب

المسألة الرابعة:

وجوب الشيء مطلقاً يوجب وجوب ما لا يتم إلا به وكان مقدوراً.

قيل: يوجب السبب دون الشرط وقيل: لا فيهما.

لنا أن التكليف بالمشروط دون الشرط محال.

قيل يختص بوقت وجود الشرط قلنا خلاف الظاهر.

قيل إيجاب المقدمة أيضاً كذلك، قلنا لا فان اللفظ لم يدفعه.

تنبيه:

مقدمة الواجب إما أن يتوقف عليها وجوده شرعاً كالوضوء للصلاة أو عقلاً كالمشي للحج أو العلم به كالإتيان بالخمس إذا ترك واحدة ونسي، وستر شيء من الركبة لستر الفخذ.

فروع:

الأول: لو اشتبهت المنكوحة بالأجنبية حرمتا على معنى أنه يجب عليه الكف عنهما.

الثاني: إذا قال إحداكما طالق حرمتا تغليباً للحرمة، والله تعالى يعلم أن سيعين إحداهما لكن ما لم يعين لم تتعين.

الثالث: الزائد على ما ينطلق عليه الاسم من المسح غير واجب وإلا لم يجز تركه.

المسألة الخامسة: وجوب الشيء يستلزم حرمة نقيضه؛ لأنها جزؤه فالدال عليه يدل عليها بالتضمن قالت المعتزلة وأكثر أصحابنا الموجب قد يغفل عن نقيضه، قلنا لا فإنَّ الإيجاب بدون المنع من نقيضه محال، وإن سلم فمنفوض لوجوب المقدمة.

المسألة السادسة: إذا نسخ الوجوب بقي الجواز خلافاً للغزالي؛ لأن الدال على الوجوب يتضمن الجواز والناسخ لا ينافيه فإنه يرتفع الوجوب بارتفاع المنع من الترك قيل: الجنس يتقوم بالفصل فيرتفع بارتفاعه , قلنا: لا، وإن سلم فيتقوم بفصل عدم الحرج.

المسألة السابعة: الواجب لا يجوز تركه , وقال الكعبي: فعل المباح ترك الحرام وهو واجب قلنا لا بل يحصل , وقال الفقهاء يجب الصوم على الحائض والمريض والمسافر لأنهم شهدوا الشهر وهو موجب وأيضاً عليهم للقضاء بقدره.

(1/5)

قلنا العذر مانع والقضاء يتوقف على السبب لا الوجوب وإلا لما وجب قضاء الظهر على من نام جميع الوقت.

الباب الثاني: فيما لا بد للحكم منه وهو الحاكم والمحكوم عليه وبه

وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول

في الحاكم: وهو الشرع دون العقل لما بينا من فساد الحسن والقبح العقليين في كتاب المصباح.

فرعان على التنزل: الأول: شكر المنعم ليس بواجب عقلاً إذ لا تعذيب قبل الشرع لقوله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً "؛ ولأنه لو وجب لوجب إما لفائدة المشكور وهو منزه أو للشاكر في الدنيا وأنه مشقة بلا حظ أو في الآخرة ولا استقلال للعقل بها، قيل يدفع ظن ضرر الآجل قلنا قد يتضمنه لأنه تصرف في ملك الغير وكالاستهزاء لحقارة الدنيا بالقياس إلى كبريائه؛ ولأنه ربما لا يقع لائقاً قيل ينتقض بالوجوب الشرعي قلنا إيجاب الشرع لا يستدعي فائدة.

الفرع الثاني: الأفعال الاختيارية: قبل البعثة مباحة عند البصرية وبعض الفقهاء محرمة عند البغدادية وبعض الإمامية وابن أبي هريرة وتوقف الشيخ والصيرفي وفسره الإمام بعدم الحكم والأولى أن يفسر بعدم العلم؛ لأن الحكم قديم عنده ولا يتوقف تعلقه عن البعثة لتجويزه التكليف بالمحال.

احتج الأولون بأنه انتفاع خال عن أمارة المفسدة ومضرة المالك فتباح كالاستظلال بجدار الغير والاقتباس من ناره، وأيضاً المآكل اللذيذة خلقت لغرضنا لامتناع العبث واستغنائه وليس للإضرار اتفاقاً فهو للنفع وهو إما التلذذ أو الاغتذاء أو الاجتناب مع الميل أو الاستدلال ولا يحصل إلا بالتناول.

وأجيب عن الأول بمنع الأصل وعليه الأوصاف والدوران ضعيف وعن الثاني أن أفعاله لا تعلل بالغرض وإن سلم فالحصر ممنوع.

وقال الآخرون تصرف بغير إذن المالك فيحرم كما في الشاهد ورد بأن الشاهد يتضرر به دون الغائب.

تنبيه:

عدم الحرمة لا يوجب الإباحة لأن عدم المنع أعم من الإذن.

الفصل الثاني: في المحكوم عليه: وفيه مسائل

(1/6)

المسألة الأولى: أن المعدوم يجوز الحكم عليه كما أنا مأمورون بحكم الرسول صلى الله عليه و سلم , قيل: الرسول قد أخبر أن من سيولد فإن الله تعالى سيأمره.

قلنا أمر الله في الأزل معناه: أن فلاناً إذا وجد فهو مأمور بكذا , وقيل الأمر في الأزل ولا سامع ولا مأمور عبث بخلاف أمر الرسول عليه السلام.

قلنا مبني على القبح العقلي ومع هذا فلا سفه في أن يكون في النفس طلب التعلم من ابن سيولد.

المسألة الثانية: لا يجوز تكليف الغافل من أحال تكليف المحال فإن الإتيان بالفعل امتثالاً يعتمد العلم ولا يكفي مجرد الفعل لقوله عليه السلام "إنما الأعمال بالنيات"، ونوقض بوجوب المعرفة وأجيب بأنه مستثنى.

المسألة الثالثة: الإكراه الملجئ يمنع التكليف لزوال القدرة.

المسألة الرابعة: التكليف يتوجه عند المباشرة وقالت المعتزلة: بل قبلها لنا أن القدرة حينئذ قبل التكليف في الحال بالإيقاع في ثاني الحال قلنا الإيقاع إن كان نفس الفعل فمحال في الحال، وإن كان غيره فيعود الكلام إليه ويتسلسل قالوا عند المباشرة واجب الصدور قلنا حال القدرة والداعية كذلك.

الفصل الثالث في المحكوم به وفيه مسائل

الأولى: التكليف بالمحال جائز لأن حكمه لا يستدعي غرضاً قيل لا يتصور وجوده فلا يطلب، قلنا إن لم يتصور امتنع الحكم باستحالته , غير واقع بالممتنع لذاته كإعدام القديم وقلب الحقائق للاستقراء , ولقوله تعالى " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها " , قيل أمر أبا لهب بالإيمان بما أنزل ومنه أنه لا يؤمن فهو جمع بين النقيضين قلنا لا نسلم أنه أمر به بعد ما أنزل أنه لا يؤمن.

(1/7)

المسألة الثانية: الكافر مكلف بالفروع خلافاً للمعتزلة , وفرق قوم بين الأمر والنهي لنا أن الآيات الآمرة بالعبادة تتناولهم والكفر غير مانع لإمكان إزالته وأيضاً: الآيات الموعدة على ترك الفروع كثيرة مثل "وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة "وأيضا أنهم كلفوا بالنواهي لوجوب حد الزنا عليهم , فيكونون مكلفين بالأمر قياساً.

قيل الانتهاء أبداً ممكن دون الامتثال وأجيب بأن مجرد الفعل والترك لا يكفي فاستويا وفيه نظر قيل لا يصح مع الكفر ولا قضاء بعده، قلنا الفائدة تضعيف العذاب.

المسألة الثالثة: امتثال الأمر يوجب الإجزاء؛ لأنه إن بقي متعلقاً به فيكون أمراً بتحصيل الحاصل , أو بغيره فلا يمتثل بالكلية. قال أبو هاشم لا يوجبه كما لا يوجب النهي الفساد والجواب طلب الجامع ثم الفرق.

الكتاب الأول: في الكتاب

والاستدلال به يتوقف على معرفة اللغة ومعرفة أقسامهما، وهو ينقسم إلى أمر ونهي وعام وخاص ومجمل ومبين وناسخ ومنسوخ وبيان ذلك في أبواب.

الباب الأول: في اللغات وفيه فصول: الفصل الأول: في الوضع:

(1/8)

لما مست الحاجة إلى التعاون والتعارف وكان اللفظ أفيد من الإشارة والمثال لعمومه وأيسر؛ لأن الحروف كيفيات تعرض للنفس الضروري وضع بإزاء المعاني الذهنية لدورانه معها , ليفيد النسب والمركبات دون المعاني المفردة وإلا فيدور , ولم يثبت تعيين الواضع والشيخ زعم أنه تعالى وضعه ووقف عباده عليه لقوله تعالى" وعلم آدم الأسماء كلها " "ما أنزل الله بها من سلطان" " واختلاف ألسنتكم"؛ ولأنها لو كانت اصطلاحية لاحتيج في تعريفها إلى اصطلاح آخر ويتسلسل ولجاز التغيير فيرتفع الأمان عن الشرع، وأجيب بأن الأسماء سمات الأشياء وخصائصها أو ما سبق وضعها، والذم للاعتقاد والتوقيف يعارضه الإقدار والتعليم بالترديد والقرائن كما للأطفال، والتغيير لو وقع لاشتهر، وقال أبو هاشم الكل مصطلح وإلا فالتوقيف إما بالوحي فتتقدم البعثة وهي متأخرة لقوله تعالى "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه " أو بخلق علم ضروري في عاقل فيعرفه تعالى ضرورة فلا يكون مكلفاً أو في غيره وهو بعيد.

وأجيب بأنه ألهم العاقل بأن واضعاً ما وضعها، وإن سلم لم يكن مكلفاً بالمعرفة فقط وقال الأستاذ ما وقع به التنبيه إلى الاصطلاح توقيفي والباقي مصطلح , وطريق معرفتها النقل المتواتر أو الآحاد واستنباط العقل من النقل , كما إذا نقل أن الجمع المعرف بالألف واللام يدخله الاستثناء وأنه إخراج بعض ما تناول اللفظ فيحكم بعمومه وأما العقل الصرف لا يجدي.

الفصل الثاني: في تقسيم الألفاظ

(1/9)

دلالة اللفظ على تمام مسماه مطابقة وعلى جزئه تضمن وعلى لازمه الذهني التزام , واللفظ إن دل جزؤه على جزء المعنى فمركب وإلا فمفرد , والمفرد إما أن لا يستقل بمعناه وهو الحرف أو يستقل وهو الفعل إن دل بهيئته على أحد الأزمنة الثلاثة وإلا فاسم كلي إن اشترك معناه، متواطئ إن استوى، ومشكك إن تفاوت، وجنس إن دل على ذات غير معينة كالفرس ومشتق إن دل على ذي صفة معينة كالفارس وجزئي إن لم يشترك , وعلم إن استقل ومضمر إن لم يستقل.

تقسيم آخر: اللفظ والمعنى إما أن يتحدا وهو المنفرد أو يتكثرا وهي المتباينة تفاصلت معانيها كالسواد والبياض أو تواصلت كالسيف والصارم والناطق والفصيح، أو يتكثر اللفظ ويتحد المعني وهي المترادفة أو بالعكس فإن وضع للكل فمشترك وإلا فإن نقل لعلاقة واشتهر في الثاني سمي بالنسبة إلى الأول منقولاً عنه وإلى الثاني منقولاً إليه.

وإلا فحقيقة ومجاز , والثلاثة الأول المتحدة المعنى نصوص، وأما الباقية فالمتساوي الدلالة مجمل والراجح ظاهر والمرجوح مؤول , والمشترك بين النص والظاهر المحكم، وبين المجمل والمؤول المتشابه.

تقسيم آخر: مدلول اللفظ إما معنى أو لفظ أو مركب مستعمل أو مهمل نحو الفرس والكلمة وأسماء الحروف والخبر والهذيان , والمركب صيغ للإفهام فإن أفاد بالذات طلباً فالطلب للماهية استفهام، وللتحصيل مع الاستعلاء أمر ومع التساوي التماس ومع التسفل سؤال، وإلا فمحتمل التصديق والتكذيب خبر، وغيره تنبيه ويندرج فيه الترجي والتمني والقسم والنداء.

الفصل الثالث: في الاشتقاق

(1/10)

وهو رد لفظ إلى لفظ آخر لموافقته له في حروفه الأصلية ومناسبته له في المعنى ولا بد من تغيير بزيادة أو نقصان حرف أو حركة أو كليهما أو زيادة أحدهما ونقصانه أو نقصان الآخر أو بزيادته أو نقصانه بزيادة الآخر ونقصانه أو بزيادتهما ونقصانهما، نحو كاذب ونصر و ضارب وخف وضرب على مذهب الكوفيين وغلى ومسلمات وحذر وعاد ونبت واضرب وخاف وعد وكال وارم.

وأحكامه في مسائل:

الأولى: شرط المشتق صدق أصله خلافاً لأبي علي وابنه , فإنهما قالا بعالمية الله تعالى دون علمه وعللاها فينا به.

لنا أن الأصل جزؤه فلا يوجد دونه.

الثانية: شرط كونه حقيقة دوام أصله خلافاً لابن سينا وأبي هاشم لأنه يصدق نفيه عند زواله فلا يصدق إيجابه قيل مطلقتان فلا تتناقضان قلنا مؤقتتان بالحال فإن أهل العرف ترفع أحدهما بالآخر.

وعورض بوجوه:

الأول: أن الضارب من له الضرب وهو أعم من الماضي , ورد بأنه أعم في المستقبل أيضا وهو مجاز اتفاقاً.

الثاني: أن النحاة منعوا عمل النعت الماضي ونوقض بأنهم أعملوا المستقبل.

الثالث: أنه لو شرط لم يكن المتكلم ونحوه حقيقة وأجيب بأنه لما تعذر استعمال أجزائه اكتفى بآخر جزء.

الرابع: أن المؤمن يطلق حالة الخلو عن مفهومه وأجيب بأنه مجاز، وإلا لأطلق الكافر على أكابر الصحابة حقيقة.

الثالثة: اسم الفاعل لا يشتق لشيء والفعل لغيره؛ للاستقراء , قالت المعتزلة: الله متكلم بكلام يخلقه في الجسم كما أنه الخالق والخلق هو المخلوق , قلنا الخلق هو التأثير , قالوا إن قدم العالم وإلا لافتقر إلى خلق آخر وتسلسل.

قلنا هو نسبة فلم يحتج إلى تأثير آخر.

الفصل الرابع: في الترادف

وهو توالي الألفاظ المفردة الدالة على شيء واحد باعتبار واحد كالإنسان والبشر , والتأكيد يقوي الأول والتابع لا يفيد.

وأحكامه في مسائل:

الأولى: في سببه: المترادفان إما من واضعين , والتبسا أو واحد لتكثير الوسائل في مجال البديع.

(1/11)

الثانية: أنه خلاف الأصل لأنه تعريف المعرف ومحوج إلى حفظ الكل.

الثالثة: اللفظ يقوم بدل مرادفه من لغته إذ التركيب يتعلق بالمعنى دون اللفظ.

الرابعة: التوكيد تقوية مدلول ما ذكر بلفظ ثان فإما أن يكون بنفسه مثل قوله عليه السلام "والله لأغزون قريشاً ثلاثاً"، أو بغيره للمفرد كالنفس والعين وكلا وكلتا وكل وأجمعين وأخواته، وللجملة كإن وجوازه ضروري، ووقوعه في اللغات معلوم.

الفصل الخامس: في الاشتراك. وفيه مسائل

الأولى: في إثباته: أوجبه قوم لوجهين:

الأول: أن المعاني غير متناهية والألفاظ متناهية فإذا وزع لزم الاشتراك، ورد بعد تسليم المقدمتين بأن المقصود بالوضع متناه.

والثاني: أن الوجود يطلق على الواجب والممكن وجود الشيء عينه، ورد بأن الوجود زائد مشترك، وإن سلم فوقوعه لا يقتضي وجوبه، وأحاله آخرون لأنه لا يفهم الغرض فيكون مفسدة ونوقض بأسماء الأجناس.

والمختار إمكانه؛ لجواز أن يقع من واضعين, أو واحد لغرض الإيهام , حيث جعل التصريح سبباً للمفسدة.

ووقوعه: للتردد في المراد من القرء ونحوه ووقع في القرآن العظيم مثل:"ثلاثة قروء"،"والليل إذا عسعس".

الثانية: أنه خلاف الأصل وإلا لم يفهم ما لم يستفسر ولامتنع الاستدلال بالنصوص، ولأنه أقل بالاستقراء ويتضمن مفسدة السامع لأنه ربما لم يفهم وهاب استفساره واستنكف أو فهم غير مراده وحكى لغيره فيؤدي إلى جهل عظيم واللافظ لأنه قد يحوجه إلى العبث أو يؤدي إلى الإضرار أيضا , أو يعتمد فهمه فيضيع غرضه فيكون مرجوحاً.

الثالثة: مفهوما المشترك إما أن يتباينا كالقرء للطهر والحيض، أو يتواصلا فيكون أحدهما جزء الآخر كالإمكان للعام والخاص أو لازمه كالشمس للكوكب وضوئه.

الرابعة: جوز الشافعي رحمه الله والقاضيان وأبو علي إعمال المشترك في جميع مفهوماته الغير المتضادة ومنعه أبو هاشم والكرخي والبصري والإمام.

(1/12)

لنا الوقوع في قوله تعالى:"إن الله وملائكته يصلون على النبي" وهي من الله مغفرة ومن غيره استغفار قيل الضمير متعدد فيتعدد الفعل، قلنا معنى لا لفظاً وهو المدعي

وفي قوله تعالى:"ألم تر أن الله يسجد له من في السموات"الآية، قيل حرف العطف بمثابة العامل قلنا إن سلم فبمثابته بعينه , قيل يحتمل وضعه للمجموع أيضاً فالإعمال في البعض، قلنا فيكون المجموع مستنداً إلى كل واحد وهو باطل.

احتج المانع بأنه إن لم يضع الواضع للمجموع لم يجز استعماله فيه، قلنا لم لا يكفي الوضع لكل واحد للاستعمال في الجميع.

ومن المانعين من جوز في الجمع والسلب والفرق ضعيف.

ونقل عن الشافعي والقاضي الوجوب حيث لا قرينة احتياطاً.

الخامسة: المشترك إن تجرد عن القرينة فمجمل، وإن اقترن به ما يوجب اعتبار واحد تعين أو أكثر فكذا عند من يجوز الإعمال في معنيين وعند المانع مجمل أو إلغاء البعض فينحصر في الباقي أو الكل فيحمل على المجاز فإن تعارضت حمل على الراجح هو أو أصله وإن تساويا أو ترجح أحدهما وأصل الآخر فمجمل.

الفصل السادس: في الحقيقة والمجاز

الحقيقة فعيلة من الحق بمعنى الثابت أو المثبت نقل إلى العقد المطابق ثم إلى القول المطابق ثم إلى اللفظ المستعمل فيما وضع له في اصطلاح التخاطب والتاء لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية.

والمجاز مفعل من الجواز بمعنى العبور وهو المصدر أو المكان نقل إلى الفاعل ثم إلى اللفظ المستعمل في معنى غير موضوع له يناسب المصطلح.

وفيه مسائل:

الأولى: الحقيقة اللغوية موجودة وكذا العرفية العامة كالدابة ونحوها والخاصة كالقلب والنقض والجمع والفرق , واختلف في الشرعية كالصلاة والزكاة والحج فمنع القاضي مطلقاً، وأثبت المعتزلة مطلقاً، والحق أنها مجازات لغوية اشتهرت لا موضوعات مبتدأة، وإلا لم تكن عربية فلا يكون القرآن عربياً وهو باطل لقوله تعالى:"وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً" ونحوه.

(1/13)

قيل المراد بعضه فإنَّ الحالف على أن لا يقرأ القرآن يحنث بقراءة البعض قلنا معارض بما يقال إنه بعضه قيل تلك كلمات قلائل فلا تخرجه عن كونه عربياً كقصيدة فارسية فيها ألفاظ عربية، قلنا تخرجه وإلا لما صح الاستثناء قيل كفي في عربيتها استعمالها في لغتهم، قلنا تخصيص الألفاظ باللغات بحسب الدلالة، قيل منقوض بالمشكاة والقسطاس والإستبرق والسجيل، قلنا وضع العرب فيها وافق لغة أخرى، وعورض بأن الشارع اخترع معاني فلا بد لها من ألفاظ قلنا كفى التجوز، وبأن الإيمان في اللغة هو التصديق وفي الشرع فعل الواجب لأنه الإسلام وإلا لم يقبل من مبتغيه لقوله تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه"، ولم يجز استثناء المسلم من المؤمن وقد قال تعالى: "فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين "، والإسلام هو الدين لقوله تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام"، والدين فعل الواجبات لقوله تعالى: "وذلك دين القيمة"، قلنا: الإيمان في الشرع تصديق خاص وهو غير الإسلام والدين فإنهما الانقياد والعمل الظاهر ولهذا قال تعالى: "قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا"، وإنما جاز الاستثناء لصدق المؤمن على المسلم بسبب أن التصديق شرط صحة الإسلام.

فروع:

الأول: النقل خلاف الأصل إذ الأصل بقاء الأول ولأنه يتوقف على الأول ونسخه ووضع ثان فيكون مرجوحاً.

الثاني: الأسماء الشرعية موجودة: المتواطئة كالحج والمشتركة كالصلاة الصادقة على الأركان وصلاة المصلوب والجنازة، والمعتزلة سموا أسماء الذوات دينية كالمؤمن والفاسق، والحروف لم توجد، والفعل يوجد بالتبع.

الثالث: صيغ العقود كبعت إنشاءٌ إذ لو كانت أخباراً وكانت ماضياً أو حالاً لم يقبل التعليق وإلا لم يقع , وأيضاً إن كذبت لم تعتبر وإن صدقت فصدقها إما بها فيدور أو بغيرها وهو باطل إجماعاً وأيضاً: لو قال للرجعية طلقتك لم يقع كما لو نوى الإخبار

(1/14)

الثانية: المجاز إما في المفرد مثل الأسد للشجاع أو في المركب مثل:

أشاب الصغير وأفنى الكبير .... كر الغداة ومر العشى

أو فيهما مثل أحياني اكتحالي بطلعتك، ومنعه أبو داود في القرآن والحديث.

لنا قوله تعالى: "جداراً يريد أن ينقض"، قال فيه إلباس قلنا لا إلباس مع القرينة قال لا يقال لله تعالى إنه متجوز, قلنا لعدم الإذن أو لإيهامه الاتساع فيما لا ينبغي.

الثالثة: شرط المجاز العلاقة المعتبر نوعها نحو السببية القابلية. مثل سال الوادي والصورية كتسمية اليد قدرة , والفاعلية مثل نزل السحاب , والغائية كتسمية العنب خمراً، والمسببية كتسمية المرض المهلك بالموت، والأولى أولى لدلالتها على التعيين , وأولاها الغائية لأنها علة في الذهن ومعلولة في الخارج.

والمشابهة كالأسد للشجاع، والمنقوش وتسمى الاستعارة والمضادة مثل " وجزاء سيئة سيئة مثلها"، والكلية كالقرآن لبعضه , والجزئية كالأسود للزنجي والأول أقوى للاستلزام والاستعداد كالمسكر للخمر في الدن، وتسمية الشيء باعتبار ما كان عليه كالعبد، والمجاورة كالراوية للقربة والزيادة والنقصان مثل " ليس كمثله شيء " " واسأل القرية " والتعلق: كالخلق للمخلوق.

الرابعة: المجاز بالذات لا يكون في الحرف لعدم الإفادة والفعل المشتق لأنهما يتبعان الأصول والعلم لأنه لم ينقل لعلاقة.

الخامسة:

المجاز خلاف الأصل لاحتياجه إلى الوضع الأول والمناسبة والنقل ولإخلاله بالفهم فإن غلب كالطلاق تساويا والأولى الحقيقة عند أبي حنيفة والمجاز عند أبي يوسف رضي الله عنهما.

السادسة:

يعدل إلى المجاز لثقل لفظ الحقيقة كالخنفقيق، أو لحقارة معناه كقضاء الحاجة، أو لبلاغة لفظ المجاز، أو لعظمة في معناه كالمجلس، أو زيارة بيان كالأسد.

السابعة:

اللفظ قد لا يكون حقيقة ولا مجازاً كما في الوضع الأول والأعلام، وقد يكون حقيقة ومجاز بالاصطلاحين كالدابة.

الثامنة:

(1/15)

علامة الحقيقة سبق الفهم والعرى عن القرينة , وعلامة المجاز الإطلاق على المستحيل مثل: "وأسأل القرية"، والإعمال في المنسي كالدابة للحمار.

الفصل السابع: في تعارض ما يخل بالفهم

وهو الاشتراك والنقل والمجاز والإضمار والتخصيص وذلك على عشرة أوجه:

الأول: النقل أولى من الاشتراك , لإفراده في الحالتين كالزكاة ,

الثاني: المجاز خير منه لكثرته وإعمال اللفظ مع القرينة ودونها كالنكاح.

الثالث: الإضمار خير منه لأن احتياجه إلى القرينة في صورة احتياج الاشتراك إليها في صورتين مثل " واسأل القرية "

الرابع: التخصيص خير لأنه خير من المجاز كما سيأتي مثل:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم" فإنه مشترك أو مختص بالعقد وخص عنه الفاسد.

الخامس: المجاز خير من النقل لعدم استلزامه نسخ الأول كالصلاة.

السادس: الإضمار خير منه لأنه مثل المجاز كقوله تعالى وحرم الربا فإن الأخذ مضمر والربا نقل إلى العقد.

السابع: التخصيص أولى لما تقدم مثل "وأحل الله البيع" فإنه المبادلة مطلقاً وخص عنه أو نقل إلى المستجمع لشرائط الصحة.

الثامن: الإضمار مثل المجاز لاستوائهما في القرينة مثل هذا ابني.

التاسع: التخصيص خير من المجاز لأن الباقي متعين والمجاز ربما لا يتعين مثل "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه" فإن المراد التلفظ وخص النسيان أو الذبح

العاشر: التخصيص خيرمن الإضمار لما مر مثل: ولكم في القصاص حياة"

تنبيه:

الاشتراك خير من النسخ لأنه لا يبطل , والاشتراك بين علمين خير منه بين علم ومعنى وخير منه بين معنيين.

الفصل الثامن

في تفسير حروف يحتاج إليها وفيه مسائل

(1/16)

الأولى: الواو للجمع المطلق بإجماع النحاة ولأنها تستعمل حيث يمتنع الترتيب مثل تقاتل زيد وعمرو وجاء زيد وعمرو قبله ولأنها كالجمع والتثنية وهما لا يوجبان الترتيب، قيل أنكر عليه الصلاة والسلام ومن عصاهما ملقنا" ومن عصى الله تعالى ورسوله"، قلنا ذلك لأن الأفراد بالذكر أشد تعظيماً، قيل لو قال لغير الممسوسة أنت طالق وطالق طلقت واحدة بخلاف ما لو قال أنت طالق طلقتين قلنا الإنشاءات مترتبة بترتيب اللفظ وقوله طلقتين تفسير لطالق.

الثانية: الفاء للتعقيب إجماعاً ولهذا ربط بها الجزاء إذا لم يكن فعلاً، وقوله " لا تفتروا على الله كذبا فيستحكم بعذاب " مجاز.

الثالثة: في الظرفية ولو تقديرا مثل "ولأصلبنكم في جذوع النخل" ولم يثبت مجيئها للسببية.

الرابعة: من لابتداء الغاية وللتبعيض وللتبيين وهي حقيقة في التبيين دفعاص للاشتراك.

الخامسة: الباء تعدي اللازم وتجزي المتعدي لما يعلم من الفرق بين مسحت المنديل ومسحت بالمنديل ونقل إنكاره عن ابن جني ورد بأنه شهادة نفي.

السادسة: إنما للحصر لأن إن للإثبات وما للنفي فيجب الجمع على ما أمكن، وقد قال الأعشى وإنما العزة للكاثر وقال الفرزدق: وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي، وعورض بقوله تعالى "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم" قلنا المراد الكاملون.

الفصل التاسع

في كيفية الاستدلال بالألفاظ

وفيه مسائل الأولى: لا يخاطبنا الله بالمهمل لأنه هذيان احتجت الحشوية بأوائل السور قلنا أسماؤها , وبأن الوقف على قوله تعالى "وما يعلم تأويله إلا الله" واجب وإلا لاختص المعطوف بالحال قلنا يجوز حيث لا لبس مثل "ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة" وبقوله تعالى "كأنه رؤوس الشياطين" قلنا مثل في الاستقباح.

الثانية: لا يعني خلاف الظاهر من غير بيان, لأن اللفظ بالنسبة إليه مهمل قالت المرجئة يفيد إحجاماً، قلنا: حينئذ يرتفع الوثوق عن قوله تعالى.

(1/17)

الثالثة الخطاب إما أن يدل على الحكم بمنطوقه فيحمل على الشرعي ثم العرفي ثم اللغوي ثم المجاز , أو بمفهومه: وهو إما أن يلزم عن مفرد يتوقف عليه عقلاً أو شرعاً مثل ارم و، اعتق عبدك عني ويسمى اقتضاء أو مركب موافق وهو فحوى الخطاب كدلالة تحريم التأفيف على تحريم الضرب وجواز المباشرة إلى الصبح على جواز الصوم جنباً، أو مخالف كلزوم نفي الحكم عما عدا المذكور ويسمى دليل الخطاب.

الرابعة: تعليق الحكم بالاسم لا يدل على نفيه عن غيره وإلا لما جاز القياس خلافاً لأبي بكر الدقاق، وبإحدى صفتي الذات مثل "في سائمة الغنم زكاة" يدل ما لم يظهر للتخصيص فائدة أخرى خلافاً لأبي حنيفة وابن سريج والقاضي وإمام الحرمين والغزالي.

لنا أنه المتبادر من قوله عليه السلام "مطل الغنى ظلم" ومن قولهم الميت اليهودي لا يبصر، وإن ظاهر التخصيص يستدعي فائدة وتخصيص الحكم فائدة وغيرها منتف بالأصل فيتعين، وإن الترتيب يشعر بالعلية كما ستعرفه والأصل ينفي علة أخرى فينتفي بانتفائها، قيل لو دل لدل إما مطابقة أو التزاماً قلنا دل التزاماً لما ثبت أن الترتيب يدل على العلية وانتفاء العلة يستلزم انتفاء معلولها المساوي، قيل "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق" ليس كذلك قلنا غير المدعى.

الخامسة: التخصيص بالشرط مثل" وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن" فينتفي المشروط بانتفائه قيل تسمية إن حرف شرط اصطلاح، قلنا الأصل عدم النقل قيل يلزم ذلك لو لم يكن الشرط بدل قلنا حينئذ يكون الشرط أحدهما وهو غير المدعي قيل "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً" ليس كذلك قلنا لا نسلم بل انتفاء الحرمة لامتناع الإكراه.

السادسة: التخصيص بالعدد لا يدل على الزائد والناقص.

(1/18)

السابعة: النص إما أن يستقل بإفادة الحكم أو لا والمقارن له إما نص آخر مثل دلالة قوله "أفعصيت أمري" مع دلالة قوله تعالى" ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم "على أن تارك الأمر يستحق العقاب ودلالة قوله تعالى "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً "مع قوله "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين" على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، أو إجماعاً كالدال على أن الخالة بمثابة الخال في إرثها إذ دل نص عليه.

الباب الثاني

في الأوامر والنواهي وفيه فصول

الفصل الأول في لفظ الأمر وفيه مسألتان

الأولى:

أنه حقيقة في القول الطالب للفعل واعتبرت المعتزلة العلو , وأبو الحسين

الاستعلاء، ويفسدها قوله تعالي حكاية عن فرعون:"ماذا تأمرون"، وليس حقيقة في غيره دفعا للاشتراك. وقال بعض الفقهاء: إنه مشترك بينه وبين الفعل, لأنه يطلق عليه مثل:"وما أمر فرعون برشيد" والأصل في الإطلاق الحقيقة , قلنا: المراد الشأن مجازاً قال البصري: إذا قيل فلان ترددنا بين القول والفعل والشيء والصفة والشأن, وهو آية الاشتراك قلنا: لا بل يتبادر القول لما تقدم.

الثانية:

الطلب بديهي التصور, وهو غير العبارات المختلفة, والإدارة خلافاً للمعتزلة.

لنا أن الإيمان من الكفار مطلوب وليس بمراد لما عرفت، وأن الممهد لعذره في ضرب عبده يأمره ولا يريد واعترف أبوعلي وابنه بالتغاير وشرطا الإرادة في الدلالة ليتميز عن التهديد, قلنا: كونه مجازاً كاف.

الفصل الثاني: في صيغته

وفيه مسائل:

(1/19)

الأولي: أن صيغة افعل ترد لستة عشر معني: الأول: الإيجاب مثل: " وأقيموا الصلاة"، والثاني: الندب " فكاتبوهم" ومنه:" كل مما يليك" , الثالث: الإرشاد: " واستشهدوا شهيدين"، والرابع: الإباحة:" كلوا مما في الأرض", الخامس: التهديد:" اعملوا ما شئتم" ومنه:"قل تمتعوا" السادس: الامتنان "كلوا مما رزقناكم الله"، السابع: الإكرام:" ادخلوها بسلام"، الثامن: التسخير: كقوله تعالي:" كونوا قردة" التاسع: التعجيز:" قل فأتوا بسورة" العاشر: الإهانه "ذق" الحادي عشر: التسوية:" اصبروا أولا تصبروا" الثاني عشر: الدعاء" اللهم اغفر لي"، الثالث عشر: التمني: "ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي" الرابع عشر: الاحتقار: " بل ألقوا" ... الخامس عشر: التكوين:"كن فيكون"، السادس عشر: الخبر: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" وعكسه: "والوالدات يرضعن أولادهن" "لا تنكح المرأة المرأة".

الثانية: أنه حقيقة في الوجوب مجاز في الباقي, وقال أبو هاشم: إنه للندب, وقيل: للإباحة. وقيل مشترك بين الوجوب والندب, وقيل: للقدر المشترك بينهما, وقيل: لأحدهما ولا نعرفه وهو قول الحجة، وقيل مشترك بين الثلاثة، وقيل بين الخمسة.

لنا وجوه: الأول: قوله تعالى:"ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك "، ذم على ترك المأمور فيكون واجباً.

الثاني: قوله تعالى:" وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون" قيل: ذم على التكذيب، قلنا الظاهر أنه للترك، والويل للتكذيب، قيل: لعل هناك قرينه أوجبت، قلنا: رتب الذم على مجرد افعل.

(1/20)

الثالث: أن تارك الأمر مخالف له، كما أن الأتي به موافق، والمخالف على صدد العذاب، لقوله تعالى:"فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم "، قيل: الموافقة اعتقاد حقية الأمر، فالمخالفة اعتقاد فساده، قلنا: ذلك لدليل الأمر لا له، قيل: الفاعل ضمير و"الذين" ومفعول، قلنا: الإضمار خلاف الأصل، ومع هذا فلا بد له من مرجع، قيل:"الذين يتسللون "،قلنا: هم المخالفون فكيف يؤمرون بالحذر عن أنفسهم، وإن سلم فيضيع قوله تعالى:" أن تصيبهم فتنة "، قيل:"فليحذر"لا يوجب، قلنا: يحسن وهو دليل قيام المقتضى، قيل:"عن أمره" لا يعم، قلنا: عام لجواز الاستثناء.

الرابع: أن تارك الأمر عاصٍ، لقوله تعالى:" أفعصيت أمري " " لا يعصون الله ما أمرهم " والعاصي يستحق النار لقوله تعالى:" ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً "، قيل: لو كان العصيان ترك الأمر لتكرر في قوله تعالى:" ويفعلون ما يؤمرون "، قلنا: الأول ماض أو حال، والثاني: مستقبل، قيل: المراد الكفار لقرينة الخلود، قلنا: الخلود: المكث الطويل.

الخامس: أنه عليه الصلاة والسلام احتج لذم أبي سعيد الخدري علي ترك استجابته وهو يصلي بقوله تعالى:" يا أيها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم ".

احتج أبو هاشم: بأن الفارق بين الأمر والسؤال هو الرتبة، والسؤال للندب، فكذلك الأمر، قلنا: السؤال إيجاب، وان لم يتحقق، وبأن الصيغة لما استعملت فيهما، والاشتراك والمجاز خلاف الأصل، فتكون حقيقة في القدر المشترك، قلنا: يجب المصير إلى المجاز لما بينا من الدليل، وبأن تعرف مفهومهما لا يمكن بالعقل ولا بالنقل، لأنه لم يتواتر، والآحاد لا تفيد القطع قلنا: المسألة وسيلة إلى العمل فيكفيها الظن، وأيضاً يتعرف بتركيب عقلي من مقدمات نقلية كما سبق.

(1/21)

الثالثة: الأمر بعد التحريم للوجوب، وقيل: للإباحة، لنا أن الأمر يفيده، ووروده بعد الحرمة لا يدفعه قيل: " وإذا حللتم فاصطادوا " للإباحة، قلنا: معارض لقوله:" فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا ",واختلف القائلون بالإباحة في النهى بعد الوجوب.

الرابعة: الأمر المطلق لا يفيد التكرار ولا يدفعه , وقيل: للتكرار , وقيل: للمرة , وقيل: بالتوقف , للاشتراك , أو الجهل بالحقيقة.

لنا تقييده بالمرة والمرات من غير تكرار ولا نقض , وأنه ورد مع التكرار ومع عدمه فيجعل حقيقة في القدر المشترك , وهو طلب الإتيان به , دفعاً للاشتراك والمجاز.

وأيضاً لو كان للتكرار لعم الأوقات , فيكون تكليفاً بما لا يطاق , ولنسخه كل تكليف بعده لا يجامعه , قيل: تمسك الصديق على التكرار لقوله تعالى: "وآتوا الزكاة "من غير نكير , قلنا: لعله عليه الصلاة والسلام بين تكراره , قيل: النهى يقتضى التكرار فكذالك الأمر , قلنا: الانتهاء أبداً ممكن دون الامتثال , قيل: لو لم يتكرر لم يرد النسخ

قلنا: وروده قرينة التكرار , قيل: حسن الاستفسار دليل الاشتراك , قلنا: قد يستفسر عن إفراد المتواطئ.

الخامسة: الأمر المتعلق بشرط أو صفة مثل:"وان كنتم جنباً فاطهروا""والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما" لا يقتضى التكرار لفظاً ويقتضيه قياساً.

أما الأول: فلأن ثبوت الحكم مع الصفة أو الشرط يحتمل التكرار ,وعدمه, ولأنه لو قال: إن دخلت الدار فأنت طالق لم يتكرر, وأما الثاني: فلان الترتيب يفيد العلية فيتكرر الحكم بتكرارها ,وإنما لم يتكرر الطلاق لعدم اعتبار تعليله.

(1/22)

السادسة: الأمر المطلق لا يفيد الفور خلافا للحنفية, ولا التراخي, خلافاً لقوم ,وقيل مشترك, لنا ما تقدم, قيل: إنه تعالى ذم إبليس على الترك, ولو لم يقتض الفور لما استحق الذم ,قلنا: لعل هناك قرينة عينت الفورية, قيل,"سارعوا"يوجب الفور ,قلنا: فمنه لأمن الأمر ,قيل: لو جاز التأخير فإما مع بدل فيسقط ,أولا معه, فلا يكون واجباً ,وأيضاً: إما أن يكون للتأخير أمد ,وهو إذا ظن فواته وهو غير شامل ,لأن كثيراً من الشبان يموتون فجأة , أولا ,فلا يكون واجباً ,قلنا: متقوض بما إذا صرح به ,وقيل: النهى يفيد الفور ,فكذا الأمر ,قلنا: لأنه يفيد التكرار

الفصل الثالث في النواهي

وفيه مسائل:

الأولى: النهي يقتضى التحريم , لقوله تعالى:"وما نهاكم عنه فانتهوا",وهو كالأمر في التكرار و الفور.

الثانية: النهي يدل شرعاً على الفساد في العبادات؛ لأن المنهي عن بعينه لا يكون مأموراً به , وفي المعاملات إذا رجع إلى نفس العقد ,أو أمر داخل في ,أو لازم له , كبيع الحصاة ,والملاقيح ,والربا؛ لأن الأولين تمسكوا على فساد الربا بمجرد النهى ,من غير نكير, وان رجع إلى أمر مقارن كالبيع في وقت النداء فلا.

الثالثة: مقتضى النهى فعل الضد لأن العدم غير مقدور, وقال: أبو هاشم: من دعي إلى زنا فلم يفعل مدح , قلنا: المدح على الكف.

الرابعة: النهى عن الأشياء إما عن الجمع , كنكاح الأختين , أو عن الجميع , كالربا والسرقة.

الباب الثالث في العموم والخصوص

وفيه فصول: الفصل الأول في العموم

العام: لفض يستغرق جميع ما يصلح له بوضع واحد.

وفيه مسائل:

الأولى: إن لكل شي حقيقة هو بها هو فالدال عليها: المطلق ,وعليها مع وحدة معينة: المعرفة , وغير معينة: النكرة , ومع وحدات معدودة: العدد ومع كل جزيئاتها العام

(1/23)

الثانية: إما لغة بنفسه , كأي للكل , ومن للعالمين , وما لغيرهم وأين للمكان , ومتى للزمان , أو بقرينة: في الإثبات , كالجمع المحلى بالألف واللام , والمضاف وكذا اسم الجنس , أو النفي كالنكرة في سياقه , أو عرفاً: مثل"حرمت عليكم أمهاتكم" فإنه يوجب حرمة جميع الاستمتاعات، أو عقلاً: كترتيب الحكم على الوصف , ومعيار العموم جواز الاستثناء , فانه يخرج ما يجب اندراجه لولاه , وإلا لجاز من الجمع المنكر , وقيل: لو تناول لامتنع الاستثناء لكونه نقضاً , قلنا: متقوض بالاستثناء من العدد ,وأيضاً استدلال الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بعموم ذالك ,في مثل:"الزانية والزاني", "يوصيكم الله في أولادكم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله " "الأئمة من قريش " " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " شائعاً من غير نكير.

الثالثة: الجمع المنكر لا يقتضى العموم , لأنه يحتمل كل أنواع العدد , قال الجبائى إنه حقيقة في كل أنواع العدد , فيحمل على جميع حقائقه , قلنا: لا بل في القدر المشترك.

الرابعة: قوله تعالى:" لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة " يحتمل نفى الاستواء من كل وجه ومن بعضه فلا ينفي الاستواء من كل وجه , لأن الأعم لا يستلزم الأخص , وقوله: لا آكل , عام في كل مأكول , فيحمل على التخصيص , كما لو قيل: لا آكل أكلآ، وفرق أبو حنيفة: بان أكلاً يدل على التوجيد , وهو ضعيف , فإنه للتوكيد , فيستوي فيه الواحد والجمع.

الفصل الثاني في الخصوص

وفيه مسائل:

الأولى: التخصيص إخراج بعض ما يتناوله اللفظ , والفرق بينه وبين النسخ أنه يكون للبعض والنسخ قد يكون للكل , والمخصص المخرج عنه , والمخصص المخرج , وهو إرادة اللافظ , ويقال للدال عليها مجاز.

(1/24)

الثانية: القابل للتخصيص: حكم ثبت لمتعدد لفظاً , كقوله تعالى: " اقتلوا المشركين" أو معنى وهو ثلاثة: الأول: العلة , وجوز تخصيصها , كما في العرايا الثاني: مفهوم الموافقة فيخصص بشرط بقاء الملفوظ , مثل: جواز حبس الوالد لحق الوالد.

الثالث: مفهوم المخالفة فيخصص بدليل راجح , كتخصيص مفهوم " إذا بلغ الماء قلتين " بالراكد ,قيل: يوهم البداء أو الكذب , قلنا: يندفع بالمخصص.

الثالثة: يجوز التخصيص ما بقى غير محصور لسماحة أكلت كل رمان , ولم يأكل غير واحدة وجوز القفال إلى أقل المراتب , فيجوز في الجمع ما بقى ثلاثة فإنه الأقل عند الشافعي وأبى حنيفة , بدليل تفاوت الضمائر , وتفصيل أهل اللغة , واثنان عند القاضي والأستاذ , بدليل قوله تعالى:"وكنا لحكمهم شاهدين " , فقيل: أضاف إلى المعمولين , وقوله تعالى " فقد صغت قلوبكما " فقيل: المراد به الميول , وقوله: عليه الصلاة والسلام:" الاثنان فما فوقهما جماعة " فقيل: أراد به جواز السفر , وفى غيره إلى الواحد , وقوم: إلى الواحد مطلقاً.

الرابعة: العام المخصص مجاز , وإلا لزم الاشتراك , وقال بعض الفقهاء: إنه حقيقة وفرق الإمام: بين المخصص المتصل والمنفصل: لأن المقيد بالصفة لم يتناول غير الموصوف , قلنا: المركب لم يوضع والمفرد متناول.

الخامسة: المخصص بمعين حجة , ومنعها عيسى بن إبان وأبو ثور , وفصل الكرخى , لنا أن دلالته على فرد لا تتوقف على دلالته على الآخر لاستحالة الدور , فلا يلزم من زوالها زوالها.

السادسة: يستدل بالعام ما لم يظهر المخصص , وابن سريج أوجب طلبه أولاً, لنا لو وجب لوجب طلب المجاز , للتحرز عن الخطأ , واللازم منتف , قال: عارض دلالته احتمال المخصص , قلنا: الأصل يدفعه.

الفصل الثالث في المخصص

وهو متصل ومنفصل , فالمتصل أربعة:

الأول: الاستثناء: وهو الإخراج بإلا غير الصفة ونحوها , والمنقطع مجازاً.

وفيه مسائل:

(1/25)

الأولى: شرطه الاتصال عادة باجماع الأدباء , وعن ابن عباس خلافة قياساً على التخصيص بغيره , والجواب: النقض بالصفة والغاية , وعدم الاستغراق.

وشرط الحنابلة: إن لا يزيد على النصف , والقاضي: إن ينقص منه.

لنا لو قال على عشرة إلا تسعة لزمه واحد إجماعاً , وعلى القاضي: استثناء الغاوين من المخلصين , وبالعكس , قال: الأقل ينسى فيستدرك , ونوقض بما ذكرناه.

الثانية: الاستثناء من الإثبات نفى , وبالعكس , خلافاً لأبى حنيفة , لنا لو لم يكن كذالك لم يكف لا اله إلا الله , احتج بقوله عليه الصلاة والسلام:"لا صلاة إلا بطهور " قلنا: للمبالغة.

الثالثة: المتعددة إن تعاطفت , أو استغرق الأخير الأول , عادت إلى المتقدم عليها , وإلا يعود الثاني إلى الأول , لأنه اقرب.

الرابعة: قال الشافعي: المتعقب للجمل كقوله تعالى: " إلا الذين تابوا " يعود إليها , وخص أبو حنيفة بالأخيرة , وتوقف القاضي والمرتضى , وقيل: إن كان بينهما تعلق فللجميع , مثل: أكرم الفقهاء والزهاد أو أنفق عليهم إلا المبتدعة , وإلا فللأخيرة , لنا ما تقدم إن الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في المتعلقات كالحال والشرط وغيرهما , فكذالك الاستثناء , قيل: خلاف الدليل , خولف في الأخيرة للضرورة , فبقيت الأولى على عمومها , قلنا: منقوض بالصفة والشرط.

الثاني: الشرط: وهو: ما يتوقف عليه تأثير المؤثر لا وجوده , كالإحصان.

وفيه مسالتان: الأولى: الشرط إن وجد دفعة فذاك وإلا فيوجد المشروط عند تكامل أجزائه أو ارتفاع جزء منه إن شرط عدمه.

الثانية: إن كان زانياً , ومحصناً , فارجم , يحتاج إليهما , وإن كان سارقاً أو نباشاً فاقطع, يكفى , أحدهما ,وإن شفيت فسالم وغانم حر فشفي عتقاً , وإن قال: "أو" فيعتق أحدهما , ويعين.

الثالث: الصفة: مثل:" فتحرر رقبة مؤمنة " , وهى كالاستثناء.

(1/26)

الرابع: الغاية: وهى طرفه , وحكم ما بعدها مخالف لما قبلها , مثل:"وأتموا الصيام إلى الليل " , ووجوب غسل المرفق للاحتياط.

والمنفصل: ثلاثة:

الأول: العقل , كقوله تعالى: " الله خالق كل شي ".

الثاني: الحس , مثل:" وأوتيت من كل شي ".

الثالث: الدليل السمعي , وفيه مسائل:

الأولى: الخاص إذا عارض العام يخصصه علم تأخره أم لا , وأبو حنيفة: يجعل المتقدم منسوخاً , وتوقف حيث جهل , لنا إعمال الدليلين أولى.

الثانية: يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب , وبالسنة المتواترة , والإجماع , كتخصيص " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " بقوله تعالى:" وأولات الأحمال أجلهن " وقوله تعالى " يوصيكم الله في أولادكم " الآية , بقوله عليه الصلاة والسلام: " القاتل لا يرث " , وقوله تعالى " والزانية والزاني فاجلدوا " برجمه صلى الله عليه وسلم للمحصن , وتنصيف حد القذف على العبد.

الثالثة: يجوز تخصيص الكتاب والسنة المتواترة بخير الواحد , ومنع قوم , وابن إبان: فيما لم يخصص بمقطوع , والكرخى: بمنفصل , لنا إعمال الدليلين , ولو من وجه أولى. قيل: قال عليه الصلاة والسلام:" إذا روي عنى حديث فاعرضوه على كتاب الله فان وافقه فاقبلوه , وان خالفه فردوه " , قلنا: منقوض بالمتواتر , قيل: الظن لا يعارض القطع قلنا: العام مقطوع المتن مظنون الدلالة , والخاص بالعكس فتعادلا , قيل لو خصص لنسخ , قلنا: التخصيص أهون.

وبالقياس , ومنع أبو على , وشريط ابن أبان: التخصيص , والكرخى: بمنفصل , وابن سريح: الجلاء في القياس: واعتبر حجة الإسلام: أرجح الظنيين , وتوقف القاضي وإمام الحرمين.

لنا ما تقدم , قيل: القياس فرع فلا يقدم , قلنا: على أصله , قيل: مقدماته أكثر قلنا: قد يكون بالعكس , ومع هذا فإعمال الكل أحرى.

(1/27)

الرابعة: يجوز تخصيص المنطوق بالمفهوم , لأنه دليل , كتخصيص " خلق الله الماء طهوراً لا ينجسه شي إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه " بمفهوم " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثاً.

الخامسة: العادة التي قررها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تخصيص , وتقريره عليه السلام على مخالفة العام , تخصيص له , فإن ثبت " حكمي على الواحد حكمي على الجماعة " يرتفع الحرج عن الباقين.

السادسة: خصوص السبب لا يخصص لأنه لا يعارضه , وكذا مذهب الراوي , كحديث أبى هريرة رضي الله عنه ـ وعمله في الولوغ لأنه ليس بدليل , قيل: خالف لدليل وإلا لانقدحت روايته قلنا: ربما ظنه دليلاً ولم يكن.

السابعة: إفراد فرد لا يخصص , مثل قوله عليه الصلاة والسلام:" أيما أهاب دبغ فقد طهر " مع قوله في شاة ميمونة: " دباغها طهورها " لأنه غير مناف , قيل: المفهوم مناف , قلنا: مفهوم اللقب مردود.

الثامنة: عطف العام على الخاص لا يخصص مثل: " إلا لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده " , وقال بعض الحنفية: بالتخصيص , تسوية بين المعطوفين , قلنا: التسوية في جميع الأحكام غير واجبة.

التاسعة: عود ضمير خاص لا يخصص مثل: " والمطلقات يتربصن " مع قوله تعالى:" وبعولتهن " , لأنه لا يزيد علي إعادته.

تذنيب: المطلق والمقيد إن اتحد سببها حمل المطلق عليه, عملاً بالدليلين, وإلا فإن اقتضي القياس تقييده قيد , وإلا فلا.

الباب الرابع: في المجمل والمبين

وفيه فصول الأول: في المجمل

وفيه مسائل:

الأولى: اللفظ: إما أن يكون مجملاً بين حقائقه, كقوله تعالي:" ثلاثة قروء", أو أفراد حقيقة واحدة, مثل:"أن تذبحوا بقرة",أو مجازاته, إذا انتقلت الحقيقة, وتكافأت, فأن ترجح واحد, لأنه أقرب إلي الحقيقة, كنفي الصحة من قوله:"لا صلاة ولا صيام " , أو لأنه أظهر عرفاً, أو أعظم مقصوداً , كرفع الحرج, وتحريم الأكل من:"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان" " وحرمت عليكم الميتة" حمل عليه.

(1/28)

الثانية: قالت الحنفية:"وامسحوا برؤوسكم " مجمل، وقالت المالكية: يقتضي الكل, والحق: أنه حقيقة فيما ينطلق عليه الاسم, دفعاً للاشتراك والمجاز.

الثالثة: قيل: آية السرقة مجملة , لأن اليد تحتمل الكل والبعض, والقطع: الشق , والإبانة والحق: أن اليد للكل , تذكر للبعض مجازاً, والقطع للإبانة والشق: إبانة.

الفصل الثاني: في المبين

وهو الواضح بنفسه ,أو بغيره , مثل: " والله بكل شي عليم , " واسأل القرية " وذلك الغير يسمى مبيناً وفيه مسألتان:

الأولى: أنه يكون قولاً من الله , والرسول , وفعلاً منه , كقوله تعالى:" صفراء فاقع لونها , وقوله عليه الصلاة والسلام:"فيما سقت السماء العشر " وصلاته وحجه , فإنه أدل , فإن اجتمعا وتوافقا فالسابق , وإن اختلفا , فالقول لأنه يدل بنفسه.

الثانية: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة , لأنه تكليف بما لا يطاق , ويجوز عن وقت الخطاب , ومنعت المعتزلة , وجوز البصري , ومنا القفال , والدقائق , وأبو إسحاق , بالبيان الاجمالى فيما عدا المشترك لنا مطلقاً قوله تعالى:"ثم إن علينا بيانه " قيل: البيان التفصيلي , قلنا: تقييد بلا دليل , وخصوصاً: إن المراد من قوله تعالى:" أن تذبحوا بقرة " معينة , بدليل " ما هي "؟ و"ما لونها "؟ والبيان تأخر , قيل: يوجب التأخير عن وقت الحاجة , قلنا: الأمر لا يوجب الفور , قيل: لو كانت معينة لما عنفهم , قلنا: للتواني بعد البيان.

وأنه تعالى أنزل: "إنكم وما تعبدون من دون الله " فنقض ابن الزبعرى بالملائكة والمسيح , فنزلت " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى " الآية قيل: " ما " لا تتناولهم , وإن سلم , لكنهم خصوا بالعقل , وأجيب: بقوله تعالى: " والسماء وما بناها " , وأن عدم رضاهم لا يعرف إلا بالنقل , قيل تأخير البيان إغواء , قلنا: كذلك ما يوجب الظنون الكاذبة , قيل: كالخطاب بلغة لا تفهم , قلنا: هذا يفيد غرضاً إجماليا بخلاف الأول.

(1/29)

تنبيه: يجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة , وقوله تعالى: " بلغ " لا يوجب الفور. الفصل الثالث: في المبين له

إنما يجب البيان لمن أريد فهمه , للعمل كالصلاة , أو الفتوى كأحكام الحيض

الباب الخامس: في الناسخ والمنسوخ الفصل الأول: في النسخ

وهو: بيان انتهاء حكم شرعي بطريق شرعي متراخ عنه , وقال القاضي , رفع الحكم , ورد بأن الحادث ضد السابق , وليس رفعه بأولى من دفعه.

وفيه مسائل: الأولى: أنه واقع , وأحاله اليهود , لنا أن حكمه , إن تبع المصالح فيتغير بتغيرها , وإلا فله أن يفعل كيف شاء , وأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ثبتت بالدليل القاطع , وقد نقل قوله تعالى: " ما ننسخ من آية أو ننسها " وأن آدم عليه السلام كان يزوج بناته من بنيه والآن محرم اتفاقاً ,: الفعل الواحد لا يحسن ويقبح , قلنا: مبنى على فاسد , ومع هذا فيحتمل أن يحسن لواحد أو في وقت , ويقبح لآخر أو وقت آخر.

الثانية: يجوز نسخ بعض القران ببعض ومنع أبو مسلم الأصفهاني , لنا إن قوله تعالى: " متاعاً إلى الحول " نسخت بقوله تعالى: " يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً , قال: قد تعتد الحامل به , قلنا: لا بل بالحمل , وخصوصية السنة لاغ , وأيضاً: تقديم الصدقة على نجوى الرسول وجب بقوله تعالى: " يا أيها الذين امنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة " ثم نسخ , قال: زال لزوال سببه وهو التمييز بين المنافق وغيره، قلنا زال كيف كان. احتج المانع بقوله تعالى: " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " , قلنا الضمير للمجموع.

الثالثة:

(1/30)

يجوز نسخ الوجوب قبل العمل , خلافاً للمعتزلة , لنا إن إبراهيم عليه السلام أمر بذبح ولده , بدليل قوله تعالى: " افعل ما تؤمر " " إن هذا لهو البلاء المبين " وفديناه بذبح عظيم " فنسخ قبله , قيل: تلك بناء على ظنه , قلنا: لا يخطئ ظنه , قيل: إنه امتثل , وأنه قطع فوصل , قلنا: لو كان كذلك لم يحتج إلى الفداء , قيل: الواحد بالواحد في الواحد لا يؤمر وينهى , قلنا: يجوز للابتداء.

الرابعة:

يجوز النسخ بلا بدل , أو ببدل أثقل منه كنسخ وجوب تقديم الصدقة على النجوى , والكف عن الكفار بالقتال: استدل بقوله تعالى: " نأت بخير منها قلنا: ربما يكون عدم الحكم أو الأثقل خيراً.

الخامسة:

ينسخ الحكم دون التلاوة , مثل قوله تعالى: " متاعاً إلى الحول " الآية وبالعكس , مثل ما نقل " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " , وينسخان معا , كما روى عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: " كان فيما أنزل الله عشر رضعات محرمات فنسخن بخمس ".

السادسة: يجوز نسخ الخبر المستقبل , خلافاً لأبى هاشم , لنا أنه يحتمل أن يقال: لأعاقبن الزاني أبداً ثم يقال أردت سنة , قيل: يوهم الكذب قلنا: ونسخ الأمر يوهم البداء.

الفصل الثاني: في الناسخ والمنسوخ

وفيه مسائل:

الأولى: الأكثر على جواز نسخ الكتاب بالسنة , كنسخ الجلد في حق المحصن , وبالعكس كنسخ القبلة , وللشافعي رضي الله عنه , قول بخلافهما , دليله في الأول , قوله تعالى: " نأت بخير منها " ورد: بأن السنة وحى أيضاً , وفيهما قوله تعالى: " لتبين للناس " وأجيب في الأول بأن النسخ بيان , وعورض في الثاني: بقوله"تبياناً".

الثانية: لا ينسخ المتواتر بالآحاد , لأنَّ القاطع لا يدفع بالظن , قيل: " قل لا أجد فيما أوحى إلى محرماً " منسوخ , بما روى أنه عليه الصلاة والسلام: " نهى عن كل ذي ناب من السباع , قلنا: " لا أجد " للحال فلا نسخ.

(1/31)

الثالثة: الإجماع لا ينسخ لأن النص يتقدمه , ولا ينعقد الإجماع بخلافه , ولا القياس بخلاف الإجماع , ولا ينسخ به , أما النص والإجماع فظاهران , وأما القياس فلزواله بزوال شرطه , والقياس إنما ينسخ بقياس أجلى منه.

الرابعة: نسخ الأصل , يستلزم نسخ الفحوى , وبالعكس , لأن نفى اللازم يستلزم نفى ملزومه , والفحوى يكون ناسخاً.

الخامسة: زيادة صلاة ليست بنسخ , قيل: تغير الوسط , قلنا: وكذا زيادة العبادة , أما زيادة ركعة ونحوها , فكذالك عند الشافعي , ونسخ عند الحنفية , وفرق قوم: بين ما نفاه المفهوم , وبين ما لم ينفه والقاضي عبد الجبار بين ما ينفي اعتداء الأصل وما لم ينفه , وقال البصري: إن نفى ما ثبت شرعاً كان نسخاً , وإلا فلا , فزيادة ركعة على ركعتين نسخ لاستعقابهما التشهد , وزيادة التغريب على الجلد ليس بنسخ.

خاتمة:

النسخ يعرف بالتاريخ , فلو قال الراوي هذا سابق: قبل، بخلاف ما لو قال: هذا منسوخ , لجواز أن يقوله عن اجتهاد ولا نراه.

الكتاب الثاني: في السنة

وهي قول الرسول صلى الله عليه وسلم , أو فعله , وقد سبق مباحث القول , والكلام الآن في الأفعال وطرق ثبوتها , وذلك في بابين:

الباب الأول: في الكلام في أفعاله

وفيه مسائل:

الأولى:

إن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصومون لا يصدر عنهم ذنب إلا الصغائر سهواً , والتقرير مذكور في كتابي: المصباح.

الثانية:

فعله المجرد , يدل على الإباحة عند مالك , والندب عند الشافعي , والوجوب عند ابن سريج وأبى سعيد الاصطخرى وابن خيران , وتوقف الصيرفي وهو المختار لاحتمالهما واحتمال أن يكون من خصائصه، احتج القائل بالإباحة: بأن فعله لا يكره ولا يحرم , والأصل عدم الوجوب والندب , فبقى الإباحة , ورد بأن الغالب على فعله الوجوب أو الندب.

(1/32)

وبالندب بأن قوله تعالى: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " يدل على الرجحان , والأصل عدم الوجوب، وبالوجوب: بقوله تعالى: "واتبعوه", "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني","وما آتاكم الرسول فخذوه",وإجماع الصحابة على وجوب الغسل بالتقاء الختانين , لقول عائشة: " فعلته إنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا ".

وأجيب: بأن المتابعة هي الإتيان بمثل ما فعله على وجهه " وما آتاكم " معناه: وما أمركم , بدليل " وما نهاكم", واستدلال الصحابة بقوله"خذوا عنى مناسككم ".

الثالثة:

جهة فعله تعلم إما بتنصيصه , أو بتسويته , بما علم جهته , أو بما علم أنه امتثال آية دلت على أحدها , أو بيانها , وخصوصاً: الوجوب: بأماراته كالصلاة بأذان وإقامة , وكونه موافقة نذر , أو ممنوعاً لو لم يجب كالركوعين في الخسوف , والندب بقصد القربة مجرداً , وكونه قضاء لمندوب.

الرابعة:

الفعلان لا يتعارضان , فإن عارض فعله الواجب إتباعه , قولاً متقدماً نسخه , وإن عارض عاماً فبالعكس , وإن اختص به نسخه في حقه , وإن اختص بنا خصنا في حقنا قبل الفعل، ونسخ عنا بعده , وإن جهل التاريخ فالأخذ بالقول في حقنا لاستبداده.

الخامسة:

أنه عليه الصلاة والسلام قبل النبوة تعبد بشرع , وقيل: لا وبعدها: فالأكثر على المنع , وقيل: أمر بالاقتباس ويكذبه انتظاره الوحي , وعدم مراجعته , ومراجعتنا , قيل: راجع في الرجم , قلنا: للإلزام , استدل بآيات أمر فيها باقتفاء الأنبياء السالفة عليهم الصلاة والسلام , قلنا: في أصول الشريعة وكلياتها.

الباب الثاني: في الأخبار وفيه فصول

الفصل الأول: فيما علم صدقه

وهو سبعة:

الأول: ما علم وجود مخبره بالضرورة أو الاستدلال.

الثاني: خبر الله تعالى , وإلا لكنا في بعض الأوقات أكمل منه تعالى.

الثالث: خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم , والمعتمد دعواه الصدق , وظهور المعجزة على وفقه.

الرابع: خبر كل الأمة لان الإجماع حجة.

(1/33)

الخامس: خبر جمع عظيم عن أحوالهم.

السادس: الخبر المحفوف بالقرائن.

السابع: المتواتر وهو خبر بلغت رواته في الكثرة مبلغاً أحادت العادة تواطؤهم على الكذب.

وفيه مسائل:

الأولى: أنه يفيد العلم مطلقاً , خلافاً للسمنية , وقيل: يفيد عن الموجود لا عن الماضي , لنا أنا نعلم بالضرورة وجود البلاد النائية , والأشخاص الماضية , قيل نجد التفاوت بينه وبين قولنا: الواحد نصف الاثنين , قلنا: للاستئناس.

الثانية: إذا تواتر الخبر أفاد العلم , فلا حاجة إلى النظر , خلافاً لإمام الحرمين والحجة والكعبى والبصري , وتوقف المرتضى , لو كان نظرياً لم يحصل لمن لا يأتي له , كالبله والصبيان , قيل: يتوقف على العلم بامتناع تواطؤهم , وأن لا داعي لهم إلى الكذب , قلنا: حاصل بقوة قريبة من الفعل , فلا حاجة إلى النظر الثالثة: ضابطه: إفادة العلم , وشرطه: إن لا يعلمه السامع ضرورة , وأن لا يعتقد خلافه لشبهه دليل , أو تقليد , وأن يكون سند المخبرين إحساساً به , وعددهم مبلغاً يمتنع تواطؤهم على الكذب , وقال القاضي: لا يكفي الأربعة , وإلا لأفاد قول كل أربعة , فلا يجب تزكية شهود الزنا لحصول العلم بالصدق أو الكذب , وتوقف في الخمسة , ورد: بأن حصول العلم يفعل الله تعالى , فلا يجب الاطراد , وبالفرق بين الرواية والشهادة , وشرط اثنا عشر , كنقباء موسى عليه الصلاة والسلام، وعشرون: لقوله تعالى: " إن يكن منكم عشرون " , وأربعون لقوله تعالى: " ومن اتبعك من المؤمنين " وكانوا أربعين، وسبعون لقوله تعالى: "واختار موسى قوة سبعين رجلاً" وثلاثمائة وبضعة عشر , عدد أهل بدر , والكل ضعيف , ثم إن أخيروا عن عيان , فذالك , وإلا فيشترط ذلك في كل الطبقات.

الرابعة: مثلاً لو أخبر واحد بأن حاتماً أعطى ديناراً , وآخر انه أعطى جملاً وهلم جرا , تواتر القدر المشترك لوجوده في الكل.

الفصل الثاني: فيما علم كذبه

وهو قسمان:

الأول: ما علم خلافه ضرورةً , أو استدلالاً.

(1/34)

الثاني: ما لوصح لتوفرت الدواعي على نقله , كما يعلم أن لا بلدة بين مكة والمدينة أكبر منهما , إذ لو كان لنقل , وادعت الشيعة أن النص , دل على إمامة على ـ رضي الله عنه ـ ولم تتواتر الإقامة , والتسمية , ومعجزات الرسول , ـ عليه الصلاة والسلام ـ قلنا: الأولان من الفروع , ولا كفر ولا بدعة في مخالفتهما , بخلاف الإمامة , وإما تلك المعجزات , فلقلة المشاهدين.

مسألة: بعض ما نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب , لقوله " سيكذب على " , ولأن منها ما لا يقبل التأويل , فيمتنع صدوره عنه , وسببه: نسيان الراوي أو غلطه , أو افتراء الملاحدة لتنفير العقلاء.

الفصل الثالث

فيما ظن صدقه

وهو خبر العدل الواحد , والنظر في طرفين:

الأول: في وجوب العمل به:

دل عليه السمع , وقال ابن سريج والقفال والبصري: دل العقل أيضاً , وأنكره قوم لعدم الدليل , أو للدليل على عدمه شرعاً وعقلاً , وأحاله آخرون , واتفقوا على الوجوب في الفتوى والشهادة والأمور الدنيوية.

لنا وجوب , الأول: أنه أوجب الحذر بإنذار طائفة من الفرقة , والإنذار: الخبر المخوف , والفرقة ثلاثة , والطائفة واحد أو اثنان , قيل: لعل للترجي , قلنا: تعذر فيحمل على الإيجاب لمشاركته في التوقع , قيل: الإنذار: الفتوى , قلنا يلزم تخصيص الإنذار , والقوم بغير المجتهدين , والرواية ينتفع بها وغيره , قيل فيلزم أن يخرج من كل ثلاثة واحد , قلنا: خص النص فيه.

الثاني: أنه لو لم يقبل: لما علل بالفسق , لأن ما بالذات لا يكون بالغير , والتالي باطل , لقوله تعالى: " إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ".

الثالث: القياس على الفتوى والشهادة , قيل: يقتضيان شرعاً خاصاً , والرواية عاماً ورد بأصل الفتوى , قيل: لو جاز لجاز إتباع الأنبياء , والاعتقاد بالظن , قلنا: ما الجامع , قيل: الشرع يتبع المصلحة , والظن لا يجعل ما ليس بمصلحة مصلحة , قلنا: منقوض بالفتوى , والأمور الدنيوية.

(1/35)

الطرف الثاني: في شرائط العمل به:

وهو إما في المخبر , أو المخبر عنه , أو الخبر.

أما الأول: فصفات تغلب على الظن , وهى خمس:

الأول: التكليف , فإن غير المكلف لا يمنعه خشية الله تعالى , قيل: يصح الاقتداء بالصبي اعتماداً على خبره بطهره , قلنا: لعدم توقف صحة صلاة المأموم على طهره , فإن تحمل ثم بلغ وأدي , قبل قياساً على الشهادة , وللإجماع على إحضار الصبيان مجالس الحديث.

الثاني: كونه من أهل القبلة , فتقبل رواية الكافر الموافق كالمجسمة إن اعتقدوا حرمة الكذب , فإنه يمنعه عنه , وقاسه القاضيان بالفاسق , ورد بالفرق.

الثالث: العدالة: وهي ملكة في النفس تمنعها من اقتراف الكبائر والرذائل المباحة , فلا تقبل رواية من أقدم على الفسق عالماً , وإن جهل قبل , قال القاضي أبو بكر: ضم جهلاً إلى فسق. قلنا: الفرق عدم الجرأة ,ومن لا تعرف عدالته لا تقبل روايته , لأن الفسق مانع , فلا بد من تحقق عدمه, كالصبا والكفر. والعدالة تعرف بالتزكية , وفيها مسائل:

الأولى: شرط العدد في الرواية والشهادة , ومنع القاضي فيهما , والحق الفرق كالأصل.

الثانية: قال الشافعي رضي الله عنه: يذكر سبب الجرح , وقيل: سبب التعديل وقيل: سببهما , وقال القاضي: لا فيهما.

الثالثة: الجرح مقدم على التعديل , لأن فيه زيادة.

الرابعة: التزكية: أن يحكم بشهادته , أو يثنى عليه , أو يروي عنه من لا يروى عن غير العدل , أو يعمل بخيره.

الرابع: الضبط , وعدم المساهلة في الحديث , وشرط أبو على العدد , ورد: بقبول الصحابة خبر الواحد , قال: طلبوا العدد , قلنا: عند التهمة.

الخامس: شرط أبو حنيفة ـ رضي الله عنه ـ فقه الراوي إن خالف القياس , ورد بان العدالة تغلب ظن الصدق فيكفي.

وأما الثاني: فأن لا يخالفه قاطع لا يقبل التأويل , ولا يضره مخالفة القياس , ما لم يكن قطعي المقدمات , بل يقدم لقلة مقدماته , وعمل الأكثر والراوي.

وأما الثالث: فقيه مسائل:

(1/36)

الأولى: لألفاظ الصحابي سبع درجات:

الأولى: حدثني ونحوه , الثانية: قال الرسول صلى الله عليه وسلم لاحتمال التوسط , الثالثة: أمر لاحتمال اعتقاد ما ليس بأمر أمراً , والعموم والخصوص , والدوام واللادوام , الرابعة: أمرنا , وهو حجة عند الشافعي ـرضي الله عنه ـ لأن من طاوع أميراً , إذا قاله , فهم منه أمره , ولأن غرضه , بيان الشرع , الخامسة: من السنة , السادسة: عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: للتوسط , السابعة: كنا نفعل في عهده.

الثانية: لغير الصحابي أن يروي إذا سمع من الشيخ , أو قرأ عليه , ويقول له هل سمعت؟ قال نعم , أو أشار , أو سكت , وظن إجابته عند المحدثين , أو كتب الشيخ وقال: سمعت ما في هذا الكتاب , أو يجيز له.

الثالثة: لا تقبل المراسيل , خلافاً لأبى حنيفة ومالك رضي الله عنهما , لنا أن عدالة الأصل لم تعلم , فلا تقبل , قيل: الرواية تعديل , قلنا: قد يروى عن غير العدل , قيل: إسناده إلى الرسول يقتضى الصدق , قلنا: بل السماع , قيل: الصحابة أرسلوا وقبلت , قلنا: لظن السماع.

فرعان: الأول: المرسل يقبل إذا تأكد بقول الصحابي ,أو فتوى أكثر أهل العلم.

الثاني: إن أرسل , ثم أسند قبل , وقيل: لا لأن إهماله يدل على الضعف.

الرابعة: يجوز نقل الحديث بالمعنى , خلافاً لابن سيرين , لنا أن الترجمة بالفارسية جائزة , فبالعربية أولى , قيل: يؤدي إلى طمس الحديث , قلنا: لما تطابقنا لم يكن ذلك.

الخامسة: إذا زاد أحد الرواة وتعدد المجلس , قبلت الزيادة , وكذا إن اتحد وجاز الذهول على الآخرين , ولم يغير إعراب الباقي , وإن لم يجز الذهول , لم تقبل , وإن غير الإعراب , مثل: " في كل أربعين شاة شاة " " أو نصف شاة طلب الترجيح , فان زاد مرة وحذف أخرى , فالاعتبار بكثرة المرات.

الكتاب الثالث

في الإجماع

وهو اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من الأمور.

وفيه ثلاثة أبواب:

الباب الأول: في بيان كونه حجة:

(1/37)

وفيه مسائل: الأولى: قيل محال , كاجتماع الناس في وقت واحد , على مأكول واحد , وأجيب: بأن الدواعي مختلفة ثمة , وقيل: يتعذر الوقوف عليه لانتشارهم , وجواز خفاء واحد منهم , وخموله , وكذبه خوفاً , أو رجوعه قبل فتوى الآخر , وأجيب: بأنه لا يتعذر في أيام الصحابة , فإنهم كانوا محصورين قليلين.

الثانية: أنه حجة , خلافاً للنظام والشيعة والخوارج , لنا وجوه:

الأول: أنه تعالى جمع بين مشاقة الرسول , واتباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد , حيث قال:"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى"الآية , فيكون محرماً , فيجب اتباع سبيلهم إذ لا مخرج عنهما , قيل: رتب الوعيد على الكل -قلنا بل على كل واحد , وإلا لغا ذكر المخالفة , قيل: الشرط في المعطوف عليه شرط في المعطوف قلنا: لا وإن سلم لم يضر لأن الهدى دليل التوحيد والنبوة , قيل: لا يوجب تحريم كل ما غاير , قلنا: لجواز الاستثناء , قيل: السبيل دليل المجمعين. قلنا: حمله على الإجماع أولى لعمومه , قيل: يجب إتباعهم فيما صاروا به مؤمنين قلنا: حينئذ تكون المخالفة: المشاقة , قيل: يترك الإتباع رأساً , قلنا: الترك غير سبيلهم , قيل: لا يجب اتباعهم في فعل المباح , قلنا: كاتباع الرسول عليه الصلاة والسلام , قيل: المجمعون اثبتوا بالدليل , قلنا: خص النص فيه , قيل: كل المؤمنين الموجودين إلى يوم القيامة , قلنا: بل في كل عصر , لأن المقصود العمل ولا عمل يوم القيامة.

الثاني: قوله تعالى: " وكذلك جعلناكم أمة وسطاً " عدلهم , فتجب عصمتهم عن الخطأ قولاً وفعلاً , كبيرة وصغيرة , بخلاف تعديلنا.

قيل العدالة فعل العبد , والوسط فعل الله تعالى , قلنا: فعل العبد فعل الله تعالى على مذهبنا , قيل: عدول وقت أداء الشهادة , قلنا: حينئذ لا مزية لهم فان الكل يكونون كذلك.

(1/38)

الثالث: قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تجتمع أمتي على خطأ" ونظائره , فإنها وإن تتواتر آحادها , لكن المشترك بينهما متواتر. والشيعة عولوا عليه لاشتماله على قول الإمام المعصوم.

الثالثة: قال مالك ـ رضي الله عنه ـ اجتماع أهل المدينة حجة , لقوله عليه الصلاة والسلام: " إن المدينة لتفنى خبثها " وهو ضعيف.

الرابعة: قال الشيعة إجماع العترة حجة , لقوله تعالى: " ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً " وهم على وفاطمة وابناهما رضوان الله عليهم ـ لأنها لما نزلت لف عليه الصلاة والسلام عليهم كساءً وقال: " هؤلاء أهل بيتي " ولقوله عليه الصلاة والسلام: " إنى تارك فيكم ما تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي ".

الخامسة: قال القاضي أبو حازم: إجماع الخلفاء الأربعة حجة , لقوله عليه الصلاة والسلام: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي , وقيل: إجماع الشيخين لقوله صلى الله عليه وسلم " اقتدوا باللذين من بعدي أبى بكر وعمر ".

السادسة: يستدل بالإجماع فيما لا يتوقف عليه , كحدوث العالم ووحدة الصانع , لا كإثباته.

الباب الثاني

في أنواع الإجماع

وفيه مسائل:

الأولى: إذا اختلفوا على قولين فهل لمن بعدهم إحداث قول ثالث , والحق أنه الثالث إن لم يرفع مجمعاً عليه جاز , وإلا فلا , مثاله: ما قيل في الجد مع الأخ الميراث للجد , وقيل: لهما فلا سبيل إلى حرمانه , قيل: اتفقوا على عدم الثالث , قلنا: كان مشروطاً بعدمه , فزال بزواله , قيل: وارد على الوحداني , قلنا: لم يعتبر فيه إجماعاً , قيل: إظهاره يستلزم تخطئة الأولين , وأجيب: بأن المحذور هو التخطئة في واحد , وفيه نظر.

(1/39)

الثانية: إذا لم يفصلوا بين مسالتين فهل لمن بعدهم الفصل , والحق إن نصوا بعدم الفرق , أو اتحد الجامع كتوريث العمة والخالة , لم يجز , لأنه رفع مجمع عليه , وإلا جاز , وإلا يجب على من ساعد مجتهداً في حكم مساعدته في جميع الأحكام , قيل: اجمعوا على الاتحاد , قلنا: عين الدعوة , قيل: قال الثوري: الجماع ناسياً يفطر والأكل لا , قلنا ليس بديل.

الثالثة: يجوز الاتفاق بعد الاختلاف , خلافاً للصريفي , الإجماع على الخلافة , بعد الاختلاف , وله ما سبق.

الرابعة: الاتفاق على أحد قولي الأولين , كالاتفاق على حرمة بيع أم الولد , والمتعة , إجماع , خلافاً لبعض الفقهاء والمتكلمين لنا أنه سبيل المؤمنين , قيل: " فان تنازعتم " أوجب الرد إلى الله تعالى , قلنا: زال الشرط , قيل: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " , قلنا: الخطاب مع العوام الذين في عصرهم , قيل: اختلافهم إجماع على التخيير , قلنا: ممنوع.

الخامسة: إذا اختلفوا فماتت إحدى الطائفتين يصير قول الباقين حجة , لكونه قول كل الأمة.

السادسة: إذا قال البعض , وسكت الباقون , فليس بإجماع ولا حجة , وقال أبو علي إجماع بعدهم وقال ابنه: هو حجة , لنا أنه ربما سكت لتوقف أو خوف أو تصويب كل مجتهد , قيل: يتمسك بالقول المنتشر ما لم يعرف له مخالف , جوابه: المنع , وأنه إثبات الشيء بنفسه.

فرع: قول البعض فيما تعم به البلوى , ولم يسمع خلافه , كقول البعض وسكوت الباقين.

الباب الثالث

في شرائطه

وفيه مسائل:

الأولى: أن يكون فيه قول كل عالمي ذلك الفن , فإنَّ قول غيرهم بلا دليل , فيكون خطأ , فلو خالفه واحد لم يكن سبيل الكل , قال الخياط وابن جرير وأبو بكر الرازي " المؤمنون "يصدق على الأكثر , قلنا: مجاز , قالوا: " عليكم بالسواد الأعظم " , قلنا: يوجب عدم الالتفات إلى مخالفة الثلث.

(1/40)

الثانية: لا بد له من سند , لأن الفتوى بدونه خطأ , قيل: لو كان فهو الحجة , قلنا يكونان دليلين , قيل: صححوا بيع المراضاة بلا دليل , قلنا: لا بل ترك اكتفاء بالإجماع.

فرعان: الأول: يجوز الإجماع عن الأمارة بأنها مبدأ الحكم , قيل: الإجماع على جواز مخالفتها , قلنا: قبل الإجماع , قيل: اختلفت فيها , قلنا: متقوض بالعموم وخبر الواحد.

الثاني: الموافق لحديث لا يجب أن يكون عنه , خلافاً لأبى عبدا لله البصري , لجواز اجتماع دليلين.

الثالثة: لا يشترط انقراض المجمعين , لأنه الدليل قام بدونه , قيل: وافق على الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في منع بيع أم الولد , ثم رجع , ورد بالمنع.

الرابعة: لا يشترط التواتر في نقله كالسنة.

الخامسة: إذا عارضه نص , أُول القابل له , وإلا تساقطا.

الكتاب الرابع: في القياس

وهو إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت قيل الحكمان غير متماثلين , في قولنا لو لم يشترط الصوم في صحة الاعتكاف لما وجب بالنذر كالصلاة , قلنا: تلازم , والقياس لبيان الملازمة , والتماثل حاصل على التقدير , والتلازم والاقتراني لا نسميهما قياساً.

وفيه بابان:

الباب الأول

في بيان أنه حجة

وفيه مسائل: الأولى: في الدليل عليه: يجب العمل به شرعاً , وقال القفال والبصري: عقلاً والقاساني والنهرواني: حيث العلة منصوصة , أو الفرع بالحكم أولى , كتحريم الضرب على تحريم التأفيف , وداود أنكر التعبد به وأحاله الشيعة والنظام , واستدل أصحابنا بوجوه:

الأول: أنه مجاوزة عن الأصل إلى الفرع , والمجاوزة اعتبار , وهو مأمور به , في قوله: " فاعتبروا " , قيل: المراد الاتعاظ , فإن القياس الشرعي لا يناسب صدر الآية , قلنا: المراد القدر المشترك , قيل: الدال على الكلي لا يدل على الجزئي , قلنا: بلى ولكن هاهنا جواز الاستثناء دليل العموم , وقيل: الدلالة ظنية , قلنا: المقصود العمل فيكفي الظن.

(1/41)

الثاني: قصة معاذ وأبي موسى , قيل: كان ذاك قبل نزول " اليوم أكملت لكم دينكم " قلنا: المراد الأصول , لعدم النص على جميع الفروع.

الثالث: أن أبا بكر قال في الكلالة: " أقول برايى الكلالة ما عدا الوالد والولد " والرأي هو القياس إجماعاً , وعمر أمر أبا موسى في عهده بالقياس , وقال في الجد: " أقضي فيه برأيي " , وقال عثمان: " إن اتبعت رأيك فسديد " وقال على " اجتمع رأيي ورأى عمر في أم الولد " وقاس ابن عباس الجد على ابن الابن في الحجب , ولم ينكر عليهم , وإلا لاشتهر , قيل: ذموه أيضاً و قلنا حيث فقد شرطه توفيقاً.

الرابع: إن ظن تعليل الحكم في الأصل , بعلة توجد في الفرع يوجب ظن الحكم في الفرع , والنقيضان لا يمكن العمل بهما , ولا الترك لهما , والعمل بالمرجوح ممنوع فتعين العمل بالراجح. احتجوا بوجوه: الأول: قوله تعالى: " لا تقدموا " " وأن تقولوا " " ولا تقف " " ولا رطب " " إن الظن " قلنا: الحكم مقطوع , والظن في طريقه.

الثاني: قوله عليه الصلاة والسلام: " تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب , وبرهة بالسنة وبرهة بالقياس , فإذا فعلوا ذلك ضلوا ".

الثالث: ذم بعض الصحابة له من غير نكير , قلنا: معارضان بمثلهما فيجب التوفيق

الرابع: نقل الأمامية إنكاره عن العترة , قلنا: معارض بنقل الزيدية.

الخامس: أنه يؤدي إلى الخلاف والمنازعة , وقد قال الله تعالى: "ولا تنازعوا " قلنا الآية في الآراء والحروب , لقوله عيه الصلاة والسلام: " اختلاف أمتي رحمة ".

السادس: الشارع فضل بين الأزمنة والأمكنة في الشرف , والصلوات في القصر , وجمع بين الماء والتراب في التطهير , وأوجب التعفف على الحرة الشوهاء دون الأمة الحسناء , وقطع سارق القليل , دون غاصب الكثير , وجلد بقذف الزنا , وشرط فيه شهادة أربعة دون الكفر , وذلك ينافي القياس , قلنا: القياس حيث عرف المعنى.

(1/42)

الثانية: قال النظام والبصري وبعض الفقهاء: إن التنصيص على العلة أمر بالقياس وفرق أبو عبد الله بين الفعل والترك , لنا أنه إذا قال: حرمت الخمر لكونها مسكرة يحتمل علية الإسكار مطلقاً , وعلية إسكارها , قيل: الأغلب عدم التقييد , قلنا: فالتنصيص وحده لا يفيد , قيل: لو قال علة الحرمة الإسكار لا ندفع الاحتمال , قلنا فيثبت الحكم في كل الصور بالنص.

الثالثة: القياس إما قطعي , أو ظني فيكون الفرع بالحكم أولى كتحريم الضرب على تحريم التأفيف , أو مساوياً: كقياس الأمة على العبد في السراية , أو أدون كقياس البطيخ على البر في الربا.

قيل: تحريم التأفيف يدل على تحريم أنواع الأذى عرفاً , ويكذبه: قول الملك للجلاد اقتله ولا تستخف به , قيل: لو ثبت قياساً لما قال به منكره , قلنا: القطعي لم ينكر , قيل: نفى الأدنى يدل على نفى الأعلى , كقولهم: فلان لا يملك الحبة ولا النقير ولا القطمير، قلنا أما الأول فلأن نفى الجزء يستلزم نفي الكل , وأما الثاني: فلأن النقل فيه ضرورة , ولا ضرورة هنا.

الرابعة: القياس يجري في الشرعيات حتى الحدود , والكفارات , لعموم الدلائل وفي العقليات عن أكثر المتكلمين , وفي اللغات عند أكثر الأدباء , دون الأسباب والعادات كأقل الحيض وأكثره.

الباب الثاني: في أركانه

إذا ثبت الحكم في صورة المشترك بينهما وبين غيرها تسمى الأولى أصلاً , والثانية فرعاً , والمشترك علة وجامعاً , وجعل المتكلمون دليل الحكم في الأصل أصلا والإمام الحكم في الأولي أصلاً والعلة فرعاً , وفي الثانية بالعكس , وبيان ذلك في فصلين:

الفصل الأول

في العلة

وهي المعرف للحكم, قيل: المستنبطة عرفت به فيدور قلنا: تعريفه في الأصل , وتعريفها في الفرع, فلا دور, والنظر في أطراف:

الطرف الأول: في الطرق الدالة في العلية:

(1/43)

الأول: النص القاطع: كقوله تعالي:" كيلا يكون دولة"،وقوله عليه السلام:" إنما جعل الاستئذان لأجل البصر وقوله:" إنما نهيتكم عن لحوم الأضاحي لأجل الدافة والظاهر:"اللام": كقوله تعالي:"لدلوك الشمس", فإن أئمة اللغة قالوا: اللام للتعليل, وفي قوله تعالي:"ولقد ذرأنا لجهنم"

وقول الشاعر: " لدوا للموت وابنوا لخراب " للعاقبة مجازاً , و"إن" مثل: " لا تقربوه طيباً فإنه يحشر يوم القيامة ملبياً " , وقوله عليه الصلاة والسلام: " إنها من الطوافين عليكم والطوافات " و" الباء " مثل: " فبما رحمة من الله لنت لهم ".

الثاني: الإيماء وهو خمسة أنواع: الأول: ترتيب الحكم على الوصف بالفاء , ويكون في الوصف أو الحكم , وفي لفظ الشارع , أو الراوي , مثاله: " والسارق والسارقة " " لا تقربوه طيباً " , " زنى ماعز فرجم ".

فرع: ترتيب الحكم على الوصف يقتضي العلية , وقيل: إذا كان مناسباً , لنا أنه لو قيل: أكرم الجاهل وأهن العالم , قبح , وليس لمجرد الأمر , فإنه قد يحسن , فهو لسبق التعليل , قيل: الدلالة في هذه الصورة , لا تستلزم دلالته في الكل , قلنا: يجب دفعاً للاشتراك.

الثاني: أن يحكم عقب علمه بصفة المحكوم عليه , كقول الأعرابي: أفطرت يا رسول الله , فقال: " أعتق رقبة " لأن صلاحية جوابه , تغلب كونه جواباً , والسؤال معاد فيه تقريراً فالتحق بالأول.

الثالث: أن يذكر وصفاً لو لم يؤثر , لم يفد , مثل: " إنها من الطوافين عليكم" , " ثمرة طيبة وماء طهور " وقوله: " أينقص الرطب إذا جف " , قيل: نعم, قال " فلا إذن " , وقوله لعمر وقد سأله عن قبلة الصائم: " أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته ".

الرابع: أن يفرق الحكم بين شيئين بذكر وصف , مثل: " القاتل لا يرث " , وقوله عليه الصلاة والسلام: " إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم يداً بيد ".

الخامس: النهى عن مفوت الواجب, مثل: " وذروا البيع ".

(1/44)

الثالث: الإجماع , كتعليل تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب في الإرث , بامتزاج النسبين.

الرابع: المناسبة، المناسب ما يجلب للإنسان نفعاً أو يدفع عنه ضرراً، هو حقيقي دنيوي ضروري , كحفظ النفس بالقصاص , والدين بالقتال , والعقل بالزجر عن المسكرات , والمال بالضمان , والنسب بالحد على الزنا , ومصلحي كنصب الولي للصغير , وتحسيني كتحريم القاذورات , وأخروى كتزكية النفس , وإقناعي يظن مناسباً فيزول بالتأمل فيه.

والمناسبة تفيد العلية إذا اعتبرها الشارع فيه كالسكر في الحرمة , أو في جنسه , كامتزاج النسبين في التقديم , أو بالعكس , كالمشقة المشتركة بين الحائض والمسافر في سقوط الصلاة , أو جنسه في جنسه , كإيجاب حد القذف حد القذف على الشارب لكون الشرب مظنة القذف , والمظنة قد أقيمت مقام الظنون , لأن الاستقراء دل على أن الله سبحانه شرع أحكامه لمصالح العباد تفضلاً وإحساناً فحيث ثبت حكم وهناك وصف , ولم يوجد غيره ظن كونه علة , وإن لم تعتبر , هو المناسب المرسل: اعتبره مالك.

والغريب: ما أثر هو فيه ولم يؤثر جنسه في جنسه أيضاً , كالطعم في الربا , والملائم: ما أثر جنسه في جنسه أيضاً , والمؤثر ما أثر جنسه فيه.

مسألة: المناسبة لا تبطل بالمعارضة , لأن الفعل وإن تضمن ضرراً أزيد من نفعه لا يصير نفعه غير نفع , لكن يندفع مقتضاه.

الخامس: قال القاضي المقارن للحكم إن ناسبه بالذات , كالسكر للحرمة فهو المناسب أو بالتبع , كالطهارة , لاشتراط النية , فهو الشبه , وإن لم يناسب , فهو الطرد , كبناء القنطرة للتطهير , وقيل: ما لم يناسب إن علم اعتبار جنسه القريب , فهو الشبه وإلا فهو الطرد.

واعتبر الشافعي: المشابهة في الحكم , وابن علية في الصورة , والإمام: ما يظن استلزامه , ولم يعتبر القاضي مطلقاً , لنا أنه يفيد ظن وجود العلة , فيثبت الحكم , قال: ما ليس بمناسب فهو مردود بالإجماع , قلنا: ممنوع.

(1/45)

السادس: الدوران , هو أن يحدث الحكم بحدوث وصف , وينعدم بعدمه , وهو يفيد ظناً , وقيل: قطعاً , وقيل: لا قطعاً ولا ظناً , لنا أن الحادث له علة , وغير المدار ليس بعلة , لأنه إن وجد قبله فليس بعلة للتخلف , وإلا فالأصل عدمه.

وأيضاً: علية بعض المدارات مع التخلف في شيء من الصور , لا تجتمع مع عدم علية بعضها , لأن ما هي الدوران: إما أن تدل على علية المدار , فيلزم علية هذه المدارات , أو لا تدل فيلزم علية تلك للتخلف السالم عن المعارض , والأول ثابت , فانتفى الثاني , وعورض بمثله , وأجيب: بأن الملول قد لا يثبت لمعارض , قيل: الطرد لا يؤثر , والعكس لم يعتبر , قلنا: يكون للمجموع ما ليس لأجزائه.

السابع: التقسيم الحاصر , كقولنا: ولاية الإجبار إما أن لا تعلل أو تعلل بالبكارة أو الصغر أو غيرهما , والكل باطل سوى الثاني , فالأول والرابع للإجماع , والثالث لقوله عليه الصلاة والسلام: " الثيب أحق بنفسها " , والسبر غير الحاصر , مثل أن تقول: علة حرمة الربا إما الطعم أو الكيل أو القوت , فإن قيل لا علة لها , أو العلة غيرها , قلنا: قد بينا أن الغالب على الأحكام تعليلها , والأصل عدم غيرها.

الثامن: الطرد , وهو أن يثبت معه الحكم فيما عدا المتنازع فيه , فيثبت فيه إلحاقاً للمفرد بالأعم الأغلب , وقيل: تكفي مقارنته في صورة , وهو ضعيف.

التاسع: تنقيح المناط: بأن يبين إلغاء الفارق , وقد يقال: العلة إما المشترك , أو المميز , ولا يكفي أن يقال محل الحكم إما المشترك , أو مميز الأصل , لأنه لا يلزم من ثبوت المحل ثبوت الحكم.

تنبيه: قيل: لا دليل على عدم عليته , فهو علة , قلنا: لا دليل على عليته فليس بعلة , قيل: لو كانت علة لتأتي القياس المأمور به , قلنا: هو دور.

الطرف الثاني: فيما يبطل العلية:

(1/46)

وهو ستة: الأول: النقض , وهو إبداء الوصف بدون الحكم , مثل: أن تقول: لمن لم يبيت تعرى أول صومه عن النية , فلا يصح , فينتقض بالتطوع , قيل: يقدح , قيل: لا مطلقاً , وقيل: في المنصوصة , وقيل: حيث مانع , هو المختار و قياساً على التخصيص , والجامع جمع الدليلين , ولأن الظني باق , بخلاف ما إذا لم يكن مانع , قيل: العلة ما يستلزم الحكم , وقيل: انتفاء المانع لم يستلزمه , قلنا: ما يغلب ظنه وإن لم يخطر المانع وجوداً أو عدماً , والوارد استثناء , لا يقدح , كمسألة العرايا لأن الإجماع أدل من النقض.

وجوابه: منع العلة لعدم قيد , وليس للمعترض الدليل على وجوده , لأنه نقل , ولو قال: ما دللت به على وجوده هنا , دل عليه ثمة , فهو نقل إلى نقض الدليل أو دعوى الحكم , مثل أن يقول السلم عقد معاوضة فلا يشترط فيه التأجيل , كالبيع , فينتقض بالإجارة , قلنا: هناك لاستقرار المعقود عليه , لا لصحة العقد ولو تقديراً , كقولنا: رق الأم علة رق الولد , وثبت في ولد المغرور تقديراً و وإلا لم تجب قيمته , أو إظهار المانع.

تنبيه: دعوى ثبوت الحكم أو نفيه , في صورة معينة , أو مبهمة , ينتقض بالإثبات أو النفي العامين , وبالعكس.

الثاني: عدم التأثير: بأن يبقى الحكم بعده , وعدم العكس: بأن يثبت الحكم في صورة أخرى بعلة أخرى , فالأول: كما لو قيل: مبيع لم يره فلا يصح كالطير في الهواء , والثاني: الصبح لا يقصر فلا يقدم أذانه كالمغرب , ومنع التقديم ثابت فيما قصر , والأول: يقدح إن منعنا تعليل الواحد بالشخص بعلتين , والثاني حيث يمتنع تعليل الواحد بالنوع بعلتين , وذلك جائز في المنصوصة كالايلاء , واللعان , والقتل , والردة , لا في المستنبطة , لأن طن ثبوت الحكم لأحدهما يصرفه عن الآخر , وعن المجموع.

(1/47)

الثالث: الكسر وهو عدم تأثير أحد الجزأين ونقض الآخر , كقولهم: صلاة الخوف صلاة يجب قضاؤها , فيجب أداؤها , قيل: خصوصية الصلاة ملغى , لأن الحج كذلك , فبقى كونه عبادة , وهو منقوض بصوم الحائض.

الرابع: القلب: وهو أن يربط خلاف قول المستدل على علته ,إلحاقاً بأصله , وهو إما نفى مذهبه صريحاً , كقولهم: المسح ركن من الوضوء , فلا يكفي فيه أقل ما ينطلق عليه الاسم , كالوجه فيقول ركن فيه فلا يقدر بالربع كالوجه , أو ضمناً , كقولهم: بيع الغائب عقد معاوضة فيصح , كالنكاح , فيقول فلا يثبت فيه خيار الرؤية ومنه قلب المساواة , كقولهم: المكره مالك مكلف , فيقع طلاقه , كالمختار , فيقول فنسوي بين إقراره , وإيقاعه , أو إثبات مذهب المعترض , كقولهم: الاعتكاف لبث مخصوص فلا يكون بمجرده قربة كالوقوف بعرفة , فيقول فلا يشترط الصوم فيه كالوقوف بعرفة , قيل: المتنافيان لا يجتمعان , قلنا التنافي حصل في الفرع بغرض الإجماع.

تنبيه: القلب معارضة , إلا أن علة المعارضة وأصلها يكون مغايراً لعلة المستدل وأصله.

الخامس: القول بالموجب وهو تسليم مقتضى قول المستدل , مع بقاء الخلاف , مثاله في النفي: أن نقول التفاوت في الوسيلة لا يمنع القصاص فيقول مسلم ولكن لم لا يمنعه غيره , ثم لو بينا أن الموجب قائم ولا مانع غيره , لم يكن ما ذكرنا تمام الدليل وفي الثبوت: قولهم الخيل يسابق عليها فتجب الزكاة فيها كالإبل , فنقول مسلم في زكاة التجارة.

السادس: الفرق: وهو جعل تعين الأصل علة و والفرع مانعاً , والأول: يؤثر حيث لم يجز التعليل بعلتين , والثاني: عند من جعل النقض مع المانع قادحاً.

الطرف الثالث

في أقسام العلة

(1/48)

علة الحكم إما: محله , أو جزؤه , أو خارج عنه , عقلي: حقيقي , أو إضافي , أو سلبي , أو شرعي أو لغوي , متعدية أو قاصرة , وعلى التقديرات إما بسيطة أو مركبة , قيل: لا يعلل بالمحل , لأن القابل لا يفعل , قلنا: لا نسلم , ومع هذا فالعلة المعرف , قيل: لا يعلل بالحكم غير المضبوطة , كالمصالح والمفاسد , لأنه لا يعلم وجود القدر الحاصل في الأصل في الفرع , قلنا: لو لم يجز لما جاز بالوصف المشتمل عليها , فإذا حصل الظن بأنَّ الحكم لمصلحة , وجدت في الفرع يحصل ظن الحكم فيه , قيل: العدم لا يعلل به , لأن لا تتميز , وأيضاً ليس على المجتهد سبرها قلنا: لا نسلم فإن عدم اللازم متميز عن عدم الملزوم وإنما سقط عن المجتهد لعدم تناهيها , قيل: إنما يجوز التعليل بالحكم المقارن , وهو أحد التقادير الثلاثة , فيكون مرجوحاً , قلنا: ويجوز بالمتأخر , لأنه معرف قالت الحنفية: لا يعلل بالقاصرة , لعدم الفائدة , قلنا: معرفة كونه على وجه المصلحة فائدة ولنا أن التعدية توقفت على العلية , فلو توقفت هي عليها لزوم الدور , قيل: لو علل بالمركب , فإذا انتفى جزء تنتفي العلية , ثم إذا انتفى جزء آخر , يلزم التخلف أو تحصيل الحاصل , قلنا: العلية عدمية فلا يلزم ذلك و وهنا مسائل:

الأولى: يستدل بوجود العلة على الحكم , لا بعليتها , لأنها نسبة تتوقف عليه.

الثانية: التعليل بالمانع لا يتوقف على المقتضى , لأنه إذا أثر معه فبدونه أولى , قيل لا يسند العدم المستمر , قلنا: الحادث يعرف الأزلي , كالعالم للصانع.

الثالثة: لا يشترط الاتفاق على وجود العلة في الأصل بل يكفي انتهاض الدليل عليه

الرابعة: الشيء يدفع الحكم كالعدة ,أو يرفعه كالطلاق، أو يدفع ويرفع كالرضاع.

الخامسة: العلة قد يعلل بها ضدان , ولكن بشرطين متضادين.

الفصل الثاني

في الأصل والفرع

(1/49)

أما الأصل فشرطه: ثبوت الحكم فيه بدليل غير القياس , لأنهما إن اتحدا في العلة فالقياس على الأصل الأول , وإن اختلفا لم ينعقد الثاني , وأن لا يتناول دليل الأصل الفرع , وإلا لضاع القياس , وأن يكون حكم الأصل معللاً بوصف معين وغير متأخر عن حكم الفرع , إذا لم يكن لحكم الفرع دليل سواه , وشرط الكرخى: عدم مخالفة الأصل , أو أحد أمور ثلاثة: التنصيص على العلة والإجماع على التعليل مطلقاً , وموافقة أصول أخر , والحق أنه يطلب الترجيح بينه وبين غيره.

وزعم عثمان البتى: قيام ما يدل على جواز القياس عليه , وبشر المريسى الإجماع عليه , أو التنصيص على العلة , وضعفها ظاهر.

وأما الفرع فشرطه: وجود العلة فيه بلا تفاوت , وشرط العلم به , والدليل على حكمه إجمالاً , ورد بأنَّ الظن يحصل دونهما.

تنبيه: يستعمل القياس على وجه التلازم , ففي الثبوت: يجعل حكم الأصل ملزوماً , وفي النفي: نقيضه لازماً , مثل: لما وجبت الزكاة في مال البالغ , للمشترك بينه مال الصبي , وجبت في ماله , ولو وجبت في الحلي لوجبت في اللآليء قياساً عليه , واللازم منتف , فالملزوم مثله.

الكتاب الخامس

في دلائل اختلف فيها

وفيه بابان

الباب الأول

في المقبولة منها

وهي ستة:

الأول: الأصل في المنافع الإباحة , لقوله تعالى: " خلق لكم ما في الأرض " , " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده " , " أحل لكم الطيبات " , وفي المضار التحريم لقوله عليه السلام: " لا ضرر ولا ضرار في الإسلام " , قيل على الأول: اللام تجيء لغير لنفع كقوله تعالى: " وإن أسأتم فلها " , وقوله: " ولله ما في السماوات " , قلنا مجاز لا تفاق أئمة اللغة على أنها للملك , ومعناه: الاختصاص النافع , بدليل قولهم الجل للفرس قيل: المراد الاستدلال , قلنا: هو حاصل من نفسه فيحمل على غيره.

(1/50)

الثاني: الاستصحاب حجة , خلافاً للحنفية والمتكلمين , لنا أن ما ثبت ولم يظهر زواله. ظن بقاؤه , ولولا ذلك لما تقررت المعجزة لتوقفها على استمرار العادة , ولم تثبت الأحكام الثابتة في عهده عليه الصلاة والسلام لجواز النسخ , و لكان الشك في الطلاق , كالشك في النكاح , ولأن الباقي يستغنى عن سبب جديد , أو شرط جديد , بل يكفيه دوامهما دون الحادث , ويقل عدمه لصدق عدم الحادث على ما لا نهاية له , فيكون راجحاً.

الثالث: الاستقراء , مثاله: الوتر يؤدي على الراحلة , فلا يكون واجباً , لاستقراء الواجبات , وهو يفيد الظن , والعمل به لازم لقوله عليه الصلاة والسلام " نحن نحكم بالظاهر ".

الرابع: أخد الشافعي ـ رضي الله عنه ـ بأقل ما قيل , إذا لم يجد دليلاً , كما قيل: دية الكتابي الثلث , وقيل: النصف , وقيل: الكل , بناءً على الإجماع والبراءة الأصلية , قيل: يجب الأكثر ليتقن الخلاص , قلنا: حيث يتيقن الشغل والزائد لم يتيقن.

الخامس: المناسب المرسل: إن كانت المصلحة ضرورية قطعية كلية , كتترس الكفار الصائلين بأسارى المسلمين , اعتبر وإلا فلا , وأما مالك فقد اعتبره مطلقاً لأن اعتبار جنس المصالح يوجب ظن اعتباره , ولأن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ قنعوا بمعرفة المصالح.

السادس: فقد الدليل بعد التفحص البليغ يغلب ظن عدمه وعدمه يستلزم عدم الحكم , لامتناع تكليف الغافل.

الباب الثاني

في المردودة

الأول: الاستحسان , قال به أبو حنيفة , وفسر بأنه دليل ينقدح في نفس المجتهد وتقصر عنه عبارته , ورد بأنه لا بد من ظهوره لتمييز صحيحة من فاسدة , وفسره الكرخى: بأنه قطع المسألة عن نظائرها لما هو أقوى , كتخصيص أبى حنيفة قول القائل: مالي صدقة بالزكوى , لقوله تعالى: "خذ من أموالهم صدقة " وعلى هذا فالاستحسان تخصيص , وأبو الحسين بأنه ترك وجه من وجوه الاجتهاد غير شامل شمول الألفاظ لأقوى يكون كالطارئ , فخرج التخصيص , ويكون حاصلة تخصيص العلة.

(1/51)

الثاني: قيل: قول الصحابي حجة , وقيل: إن خالف القياس , وقال الشافعي في القديم إن انتشر ولم يخالف , لنا قوله تعالى: " فاعتبروا " يمنع التقليد , وإجماع الصحابة على جواز مخالفة بعضهم بعضاً , وقياس الفروع على الأصول , قيل: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " , قلنا , المراد عوام الصحابة , قيل: إذا خالف القياس , فقد اتبع الخبر , قلنا: ربما خالف لما ظنه دليلاً ولم يكن.

مسألة: منعت المعتزلة تفويض الحكم إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم والعالم لأن الحكم يتبع المصلحة , وما ليس بمصلحة لا يصير بجعله إليه مصلحة.

قلنا: الأصل ممنوع , وإن سلم فلم لا يجوز أن يكون اختياره أمارة المصلحة وجزم بوقوعه موسى بن عمران لقوله عليه الصلاة والسلام بعدما أنشدت ابنة النضر بن الحارث: " لو سمعت ما قتلت " , وسؤال الأقرع في الحج: أكل عام يا رسول الله؟ فقال: " لو قلت ذلك لوجب " ونحوه , قلنا: لعلها ثبتت بنصوص محتملة الاستثناء وتوقف الشافعي رضي الله عنه.

الكتاب السادس

في التعادل والتراجيح

وفيه أبواب

الباب الأول

في تعادل الأمارتين في نفس الأمر

منعه الكرخى , وجوزه قوم , وحينئذ فالتخيير عند القاضي وأبي على وابنه , والتساقط عند بعض الفقهاء , فلو حكم القاضي بإحداهما مرة لم يحكم بالأخرى أخرى , لقوله عليه السلام لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: " لا تقض شيء واحد بحكمين مختلفين ".

مسألة: إذا نقل عن مجتهد قولان في موضع واحد , يدل على توقفه , ويحتمل أن يكونا احتمالين , أو مذهبين , وإن نقل في مجلسين , وعلم المتأخر منهما فهو مذهبه وإلا حكي القولان , وأقوال الشافعي ـ رضي الله عنه ـ كذلك , وهو دليل على شأنه في العلم والدين.

الباب الثاني

في الأحكام الكلية للتراجيح

(1/52)

الترجيح تقوية إحدى الأمارتين على الأخرى ليعمل بها , كما رجحت الصحابة خبر عائشة رضي الله عنها في التاء الختانين , على قوله صلى الله عليه وسلم ... " إنما الماء من الماء ".

مسألة: لا ترجيح في القطعيات , إذ لا تعارض بينهما , وإلا ارتفع النقيضان أو اجتمعا.

مسألة: إذا تعارض نصان فالعمل بهما من وجه أولي , بأن يتبعض الحكم , فيثبت البعض , أو يتعدد , فيثبت بعضها , أو يعم فيوزع , كقوله عليه الصلاة والسلام: " ألا أخبركم بخير الشهود " فقيل: نعم , أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد " , وقوله: " ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد " فيحمل الأول على حق الله تعالى , والثاني على حقنا.

مسألة: إذا تعارض نصان وتساويا في القوة والعموم وعلم المتأخر , فهو ناسخ , وإن جهل فالتساقط أو الترجيح , وإن كان أحدهما قطعياً أو أخص مطلقاً , عمل به , وإن تخصص بوجه طلب الترجيح.

مسألة: قد يرجح بكثرة الأدلة , لأن الظنين أقوى , قيل: يقدم الخبر على الأقيسة , قلنا إن اتحد أصلها , فمتحدة , وإلا فممنوع.

الباب الثالث

في ترجيح الأخبار

وهو على وجوه: الأول: بحال الراوي , فيرجع بكثرة الرواة , وقلة الوسائط , وفقه الراوي , وعلمه بالعربية , وأفضليته , وحسن اعتقاده , وكونه صاحب الواقعة , وجليس المحدثين , ومختبراً , ثم معدلاً على روايته , وبكثرة المزكين , وبحثهم , وعلمهم , وحفظه , وزيادة ضبطه ولو لألفاظه عليه السلام , وداوم عقله , وشهرته , وشهرة نسبه , وعدم التباس اسمه , وتأخر إسلامه.

الثاني: بوقت الرواية , فيرجح الراوي في البلوغ , على الراوي في الصبا , وفي البلوغ , والمحتمل وقت البلوغ , على المتحمل في الصبا , أو فيه أيضاً.

الثالث: بكيفية الرواية: فيرجح المتفق على رفعه , والمحكي بسبب نزوله , وبلفظه وما لم ينكره راوي الأصل.

(1/53)

الرابع: بوقت وروده , فترجح المدنيات , والمشعر بعلو شأن الرسول عليه الصلاة والسلام , والمتضمن للتخفيف , والمطلق على متقدم التاريخ , والمؤرخ بتاريخ مضيق , والمتحمل في الإسلام.

الخامس: باللفظ , فيرجح الفصيح لا الأفصح، والخاص , وغير المخصص , والحقيقة , والأشبه بها , فالشريعة , ثم العرفية , والمستغنى عن الإضمار , والدال على المراد من وجهين , وبغير وسط , والمومئ إلى علة الحكم , والمذكور معارضة معه , والمقرون بالتهديد.

السادس: بالحكم , فيرجح المبقي لحكم الأصل , لأنه لو لم يتأخر عن الناقل لم يفد , والمحرم علي المبيح , لقوله عليهما السلام: " ما اجتمع الحلال والحرام إلا وغلب الحرام الحلال " وللاحتياط ويعادل الموجب , ومثبت الطلاق والعتاق , لأن الأصل عدم القيد , ونافي الحد , لأنه ضرر , لقوله عليه الصلاة والسلام: " ادرؤوا الحدود بالشبهات ".

السابع: بعمل أكثر السلف.

الباب الرابع

في تراجيح الأقيسة

وهي بوجوده:

الأول: بحسب العلة: فترجح المظنة , ثم الحكمة , ثم الوصف العدمى , ثم الحكم الشرعي , والبسيط , ثم الوجودي للوجودي , ثم العدمى للعدمى.

الثاني: بحسب دليل العلية: فيرجح الثابت بالنص القاطع , ثم الظاهر اللام , ثم إن والباء ثم بالمناسبة , الضرورية الدينية , ثم الدنيوية , ثم التي في حيز الحاجة الأقرب اعتباراً فالأقرب , ثم الدوران في محل ثم في محلين , ثم السبر , ثم الشبه , ثم الإيماء , ثم الطرد.

الثالث: بحسب دليل الحكم , فيرجح النص ثم الإجماع لأنه فرعه.

الرابع: بحسب كيفية الحكم وقد سبق.

الخامس: موافقة الأصول في العلة والحكم , والاطراد في الفروع.

الكتاب السابع: في الاجتهاد والإفتاء

وفيه بابان: الباب الأول الاجتهاد

وهو استفراغ الجهد في درك الأحكام الشرعية.

وفيه فصلان: الفصل الأول

(1/54)

في المجتهدين وفيه مسائل: الأولى: يجوز له عليه الصلاة والسلام أن يجتهد لعموم " فاعتبروا " , ووجوب العمل بالراجح , ولأنه أشق , وأدل على الفطانة فلا يتركه , ومنعه أبو علي وابنه لقوله تعالى: " وما ينطق عن الهوى " , قلنا: مأمور به فليس بهوى , ولأنه ينتظر الوحي , قلنا: ليحصل اليأس على النص , أو لأنه لم يجد أصلاً يقيس عليه.

فرع: لا يخطئ اجتهاده , وإلا وجب إتباعه.

الثانية: يجوز للغائبين عن الرسول وفاقاً , وللحاضرين أيضاً , إذ لا يمتنع أمرهم به قيل: عرضة للخطأ , قلنا: لا نسلم بعد الإذن و ولم يثبت وقوعه.

الثالثة: لا بد أن يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام , والإجماع , وشرائط القياس , وكيفية النظر , وعلم العربية , والناسخ والمنسوخ , وحال الرواة , ولا حاجة إلى الكلام والفقه لأنه نتيجته.

الفصل الثاني: في حكم الاجتهاد

اختلف في تصويب المجتهدين بناء على الخلاف في أنَّ لكل صورة حكماً معيناً , وعليه دليل قطعي أو ظني والمختار ما صح عن الشافعي ـ رضي الله عنه ـ أن في الحادثة حكماً معيناً عليه أمارة من وجدها أصاب , ومن فقدها أخطأ ولم يأثم , لأن الاجتهاد مسبوق بالدلالة , لأنه طلبها , والدلالة متأخرة عن الحكم , فلو تحقق الاجتهادان , لاجتمع النقيضان , ولأنه قال عليه الصلاة والسلام: " من أصاب فله أجران , ومن أخطأ فله أجر " , قيل: لو تعين الحكم , فالمخالف له , لم يحكم بما أنزل الله , فيفسق ويكفر , لقوله تعالى: " ومن لم يحكم " , قلنا: لما أمر بالحكم بما ظنه وإن أخطأ , حكم ما أنزل الله , قيل: لو لم يصوب الجميع , لما جاز نصب المخالف , وقد نصب أبو بكر زيداً رضي الله عنهما , قلنا: لم يجز تولية المبطل , والمخطئ ليس بمبطل.

فرعان: الأول: لو رأي الزوج لفظه كناية ورأته الزوجة صريحاً , فله الطلب , ولها الامتناع , فيراجعان غيرهما.

(1/55)

الثاني: إذا تغير الاجتهاد , كما لو ظن أن الخلع فسخ , ثم ظن أنه طلاق , فلا ينقض الأول , بعد اقتران الحكم , وينقض قبله.

الباب الثاني: في الإفتاء

وفيه مسائل: الأولى: يجوز الإفتاء للمجتهد , ومقلد الحي , واختلف في تقليد الميت لأنه لا قول له , لانعقاد الإجماع على خلافه , والمختار جوازه , للإجماع عليه في زماننا.

الثانية: يجوز الاستفتاء للعامي , لعدم تكليفهم في شيء من الأعصار بالاجتهاد , وتفويت معايشهم، واستضرارهم بالاشتغال بأسبابه , دون المجتهد , لأنه مأمور بالاعتبار , قيل: معارض بعموم: " فاسألوا " و" أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ".

وقول: عبد الرحمن لعثمان " أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرة الشيخين ". قلنا: الأول مخصوص , وإلا لوجب بعد الاجتهاد , والثاني في الأقضية , والمراد من السيرة لزوم العدل. الثالثة: إنما يجوز في الفروع , وقد اختلف في الأصول , ولنا فيه نظر.

وليكن هذا آخر كلامنا والله الموفق والهادي للرشاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج8.كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم

ج8.كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي الشهير بابن رجبِ   ...