Translate

السبت، 10 يونيو 2023

كتاب الفتن وكتاب الأهوال للحاكم

 

كتابي الفتن والاهوال

مختصرُ استدرَاك الحافِظ الذّهبي على مُستدرَك أبي عبد اللهِ الحَاكم

كتاب املاحم والفتن

كتابي الفتن والاهوال

مختصرُ استدرَاك الحافِظ الذّهبي على مُستدرَك أبي عبد اللهِ الحَاكم

كتاب الملاحم والفتن (1)

1086 - حديث عبادة بن الصامت:

بينا نحن مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقوف؛ إذ أقبل رجل، فقال: يا رسول الله، ما مدة (رجاء) (2) أمتك ... الحديث (3).

قال: صحيح.

قلت: إسناده مظلم.

__________

(1) في (ب): (كتاب الفتن والملاحم).

(2) في (أ): (رخاء)، ولم تنقط في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) قوله: (الحديث)، في (ب): (إلخ).

1086 - المستدرك (4/ 418 - 419): حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي ببغداد، ثنا أبو إسماعيل السلمي، ثنا سليمان بن عبد الله الدمشيقي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا يزيد بن سعيد بن ذي عصوان، عن يزيد بن عطاء، عن معاذ بن سعد السكسكي، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: بينما نحن مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقوف، إذ أقبل رجل، فقال: يا رسول الله، ما مدة رجاء أمتك، قال: فسكت عنه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم-، حتى سأله ثلاث مرات، ثم صلى الرجل، فقال له = = رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي، رجاءُ أمتي مائة سنة"، قال: فقال: يا رسول الله، فهل لتلك من إمارة، أو آية، أو علامة؟ قال: "نعم: القذف، والخسف، والرجف، وإرسال الشياطين الملجمة عن الناس".

تخريجه:

الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 325) من طريق إسماعيل بن عياش، عن يزيد بن سعيد، به نحوه.

ومن طريق الِإمام أحمد أخرجه ابن الجوزي في العلل (2/ 369 - 370 رقم 1426).

وأخرجه القاضي عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريا" (ص 98) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي، حدثنما سعيد بن يزيد بن ذي عصوان العنسي، عن أبي عطاء يزيد بن أبي عطاء السكسكي، عن معاذ بن سعد السكسكي، فذكره بنحوه.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "إسناده مظلم"، وتقدم مراراً أن الذهبي -رحمه الله- يطلق هذه العبارة على الإسناد الذي فيه مجاهيل وهذا الإسناد فيه: معاذ بن سعد السكسكي، ويزيد بن عطاء.

أما معاذ بن سعد السكسكي فإنه مجهول -كما في التقريب (2/ 256 رقم 1200) -، وانظر التهذيب (10/ 191 رقم 356).

وأما يزيد بن عطاء، ويقال ابن أبي عطاء، أبو عطاء الشامي فإنه: مقبول -كما في التقريب (2/ 369 رقم 299)، وانظر التهذيب (11/ 351 رقم 672).

وأما يزيد بن سعيد بن ذي عُصوان العنسي، السكسكي، الشامي، الداراني، فإنه صدوق، ذكره القاضي عبد الجابر في الموضع السابق من = = تاريخ داريا، وسماه: سعيد بن يزيد، وقال الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة (ص 295 رقم 1183): "ذكره أبو علي في تاريخ داريا، لكنه قلبه، فقال: سعيد بن يزيد، وهو وهم".

وذكر القاضي في الموضع السابق أن أبا زرعة الدمشقي قال: "سعيد بن يزيد بن ذي عصوان من الثقات".

وذكر الحافظ في الموضع السابق أن ابن شاهين وثقه في كتاب "الأفراد"، وأن ابن حبان ذكره في الثقات، وقال: "ربما أخطأ"، وانظر لسان الميزان (6/ 687 - 288 رقم، 1019).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة معاذ السكسكي، وجهالة حال يزيد بن عطاء، والله أعلم

1087 - حديث الحارث بن (عُمَيْرة) (1):

قدمت من الشام إلى المدينة في طلب العلم، فسمعت معاذ بن جبل يقول: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "المتحابون في الله لهم منابر من نور يوم القيامة ... " الحديث (2).

قال: صحيح.

قلت: فيه عبد الأعلى تركه أبو داود (3).

__________

(1) في (أ): (عمرة).

(2) من قوله: (فسمعت معاذ بن جبل) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (إلخ).

(3) في التهذيب (6/ 98): قال أبو داود: "ليس بشيء".

1087 - المستدرك (4/ 419 - 420): أخبرني محمد بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا نعيم بن حماد المروزي بمصر، ثنا الفضل بن موسى، ثنا عبد الأعلى بن أبي المساور، عن عكرمة، عن الحارث بن عميرة، قال: قدمت من الشام إلى المدينة في طلب العلم، فسمعت معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "المتحابون في الله لهم منابر من نور يوم القيامة يغبطهم الشهداء"، فأقمت معه، فذكرت له الشام، وأهلها، وأشعارها، فتجهز إلى الشام، فخرجت معه، فسمعته يقول لعمرو بن العاص -رضي الله عنهما- لقد صحبتُ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأنت أضل من حمار أهله. فأصاب ابنه الطاعون، وامرأته، فماتا جميعاً، فحفر لهما قبراً واحداً، فَدُفنا، ثم رجعنا إلى معاذ، وهو ثقيل، فبكينا حوله، فقال: إن كنتم تبكون على العلم فهذا كتاب الله بين أظهركم، فاتبعوه، فإن أشكل عليكم شيء من تفسيره فعليكم بهؤلاء الثلاثة: عويمر = = أبي الدرداء، وابن أم عبد، وسلمان الفارسي، وإياكم وزلة العالم، وجدال المنافق. فأقمت شهراً، ثم خرجت إلى العراق، فأتيت ابن مسعود -رضي الله عنه- فقال: نعم الحي أهل الشام، لولا أنهم يشهمون على أنفسهم بالنجاة، قلت: صدق معاذ، قال: وما قال؟ قلت: أوصاني بك، وبعويمر أبي الدرداء، وسلمان الفارسي، وقال: إياكم وزلة العالم، وجدال المنافق، ثم تَنَحَّيْت، فقال لي: يا ابن أخي، إنما كانت زلة مني، فأقمت عنده شهراً، ثم أتيت سلمان الفارسي، فسمعته يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف"، فأقمت عنده شهراً يقسم الليل ويقسم النهار بينه وبين خادمه".

تخريجه:

الحديث أخرجه الخطيب في تاريخه (8/ 206) من طريق خلاد بن يحيى، حدثنا عبد الأعلى بن المساور، فذكر منه قول سلمان: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: يقول: "إن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".

وأخرجه ابن عساكر في تاريخه -كما في مختصره لابن منظور (6/ 160) وتهذيبه لابن بدران (3/ 456).

وأخرجه الخطيب من طريق عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن الحارث بن عميرة قال: قدمت إلى سلمان إلى المدائن، فوجدته في مدبغة له يعرك إهاباً له بكفيه، فلما سلمت عليه قال: مكانك حتى أخرج إليك، قال الحارث: والله ما أراك تعرفني يا أبا عبد الله، قال: بلى، قد عَرَفَتْ روحي روحك قبل أن أعرفك، فإن الأرواح عند الله جنود مجندة، فما تعارف منها في الله ائتلف، وما كان في غير الله اختلف.

قال الخطيب: "هكذا رواه عبد الرحمن بن غنم، عن الحارث بن عميرة = = (موقوفاً)، ورفعه عكرمة مولى ابن عباس، عن الحارث"، ثم ذكره من الطريق السابقة.

وأخرج ابن عساكر هذا الحديث بطوله بمعنى سياق الحاكم، وفيه زيادة -كما في مختصره لابن منظور (6/ 160 - 162) وتهذيبه لابن بدران (3/ 457 - 458) -.

وقد أخرجه الحاكم (3/ 270)، وتقدم تخريجه برقم (678) من طريق أبي إدريس الخولاني، عن يزيد بن عميرة قال: لما حضر معاذ بن جبل -رضي الله عنه- الموت، قيل له: أوصنا يا أبا عبد الرحمن، قال: أجلسوني، فإن العلم، والِإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما -يقول ذلك ثلاث مرات-، فالتمسوا العلم عند أربعة: عند عويمر أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود، وعند الله بن سلام الذي كان يهودياً فأسلم، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنه عاشر عشرة في الجنة".

وقد صححه الذهبي، وتقدم أنه حسن لذاته.

وأما قوله: "المتحابون في الله لهم منابر من نور يوم القيامة يغبطهم الشهداء"، فقد: أخرجه الترمذي (7/ 65 - 66 رقم 2499) في الزهد، باب ما جاء في الحب في الله.

وابن حبان في صحيحه (ص 621 - 622 رقم 2510).

أما الترمذي فمن طريق عطاء بن أبي رباح، عن أبي مسلم الخولاني، وأما ابن حبان فمن طريق أبي حازم، عن أبي إدريس الخولاني، كلاهما عن معاذ -رضي الله عنه-، ولفظ الترمذي: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور، يغبطهم النبيون والشهداء". اهـ.

وأما لفظ ابن حبان فقال فيه: سمعت رسول الله -صلى الله عليه =

(7/3245)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وسلم- يقول: "المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء". اهـ. وهو عنده جزء من حديث طويل.

قال الترمذي عقبه: "هذا حديث حسن صحيح".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "عبد الأعلى تركه أبو داود".

وعبد الأعلى هذا هو ابن أبي المساور الزهري، مولاهم، أبو مسعود الجرار -بالجيم، ورائين-، الكوفي، وهو متروك، وكذبه ابن معين. / الكامل (5/ 1953 - 1954)، والتقريب (1/ 465 رقم 787) والتهذيب (6/ 98 رقم 202).

وقد خالف عبد الأعلى هذا من هو أحسن حالاً منه، وهو شهر بن حوشب بروايته الحديث من طريق الحارث موقوفاً على سلمان -كما تقدم-.

وشهر تقدم في الحديث (614) أنه: صدوق كثير الإرسال والأوهام.

وأما ثناء معاذ -رضي الله عنه- على أبي الدرداء، وسلمان، وابن مسعود -رضي الله عنهم- فتقدم أنه جاء من طريق يزيد بن عميرة، وأنه حسن، وزاد معهم رابعاً هو عبد الله بن سلام -رضي الله عنه

وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: "المتحابون في الله ... " الحديث، فتقدم أن له طريقين عن معاذ، أخرج الأولى الترمذي، وصححه، وصحح الأخرى ابن حبان.

وطريق الترمذي بيان حال رجالها كالتالي:

أبو مسلم الخولاني، اسمه عبد الله بن ثُوَب؛ وهو ثقة عابد. / الجرح =

(7/3246)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والتعديل (5/ 20 رقم 90)، والتقريب (2/ 473 رقم 71)، والتهذيب (12/ 235 - 236 رقم 1068).

وعطاء بن أبي رباح، القرشي، مولاهم، المكيي، فهو ثقة فقيه فاضل كثير الإرسال، تقدمت ترجمته في الحديث (629).

والراوي عن عطاء هو حبيب بن أبي مرزوق الرُّقي، وهو ثقة فاضل. / سؤالات البرقاني للدارقطني (ص 23 رقم 89)، والتقريب (1/ 150 رقم 129)، والتهذيب (2/ 190 رقم 348).

ورواه عن حبيب: جعفر بن بُرقان الكلابي وتقدم في الحديث (822) أنه صدوق يهم في حديث الزهري، وليس هذا من حديثه عن الزهري.

وعن جعفر رواه كثير بن هشام الكلابي، أبو سهل الرقي، وتقدم في الحديث (823) أيضاً أنه ثقة.

وشيخ الترمذي هو أحمد بن منيع بن عبد الرحمن، أبو جعفر البغوي، الأصم، وهو ثقة حافظ من رجال الجماعة./ تاريخ بغداد (5/ 160 رقم 2606)، والتقريب (1/ 27 رقم128)، والتهذيب (1/ 84 - 85 رقم 144).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بإسناد الحاكم لشدة ضعف عبد الأعلى بن أبي المساور، ومخالفته لرواية شهر بن حوشب وهو أقوى منه كما في دراسة الِإسناد.

وبعض أجزاء الحديث جاءت من طرق أخرى.

فثناء معاذ على الثلاثة تقدم أنه حسن لذاته.

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "المتحابون في الله ... " هو من طريق الترمذي حسن لذاته كما يتضح من دراسة إلِإسناد، فإذا انضمت إليه رواية ابن حبان تقوى بها. =

(7/3247)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الأرواح جنود ... " الحديث، أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2031 - 2032 رقم 159 و160) في البر والصلة، باب الأرواح جنود مجندة من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

وهو عند البخاري تعليقاً (6/ 369 رقم 3336) في الأنبياء، باب الأرواح جنود مجندة، والله أعلم.

(7/3248)

1088 - حديث حسان بن عطية، عن ذي مخمر (1): رجل من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وهو ابن أخي النجاشي، أنه سمع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "تصالحون الروم صلحاً آمناً حتى تغزون أنتم، وهم عندواً ... " الحديث (2).

قال: صحيح.

قلت: منقطع (3).

__________

(1) قوله: (ذي مخمر) ليس في (ب).

(2) من قوله: (أنه سمع) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (إلخ).

(3) قوله: (قلت: منقطع) ليس في التلخيص المطبوع والمخطوط، وإنما فيه إقرار الذهبي للحاكم على تصحيحه.

1088 - المستدرك (4/ 421): حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي بمرو، ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، ثنا محمد بن كثير المصيصي، حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن ذي مخمر -رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهو ابن أخ النجاشي- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "تصالحون الروم صلحاً آمناً، حتى تغزون أنتم وهم عدواً من ورائهم، فتنصرون، وتغنمون، وتنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيقول قائل من الروم: غلب الصليب، ويقول قائل من المسلمين: بل الله غلب، فيتداولانها بينهم، فيثور المسلم إلى صليبهم -وهم منهم غير بعيد-، فيدقه، ويثور الروم إلى كاسر صليبهم، فيقتلونه، ويثور المسلمون إلى أسلحتهم، فيقتلون، فيكرم الله عز وجل تلك العصابة من المسلمين بالشهادة، فيقول الروم: كفيناك جد العرب، فيغدرون، فيجتمعون للملحمة، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً". =

(7/3249)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= تخريجه:

الحديث له عن ذي مخمر، ويقال: مخبر -بالباء الموحدة- خمس طرق:

الأولى: يرويها حسان بن عطية، عن خالد بن معدان، عنه، به.

الثانية: يرويها يحيى السيباني، عنه، به.

الثالثة: ابن محيريز، عنه به.

الرابعة: يرويها يزيد بن صليح، عنه، به.

الخامسة: يرويها راشد بن سعد، عنه، به.

* أما الطريق الأولى: التي يرويها حسان بن عطية، عن خالد بن معدان، عن ذي مخمر، فهي، طريق الحاكم التي أخرجها من طريق محمد بن كثير المصيصي، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن ذي مخمر.

كذا رواه محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن حسان، عن ذي مخمر، ولم يذكر خالد بن معدان.

وخالفه عيسى بن يونس، والوليد بن مسلم، وروح، ومحمد بن مصعب فرووه عن الأوزاعي، عن حسان، عن خالد بن معدان، عن ذي مخمر.

أما رواية عيسى بن يونس، فأخرجها:

أبو داود في سننه (3/ 210 - 211 رقم 2767) في الجهاد، باب في صلح العدو.

و (4/ 481 رقم 4292) في الملاحم، باب ما يذكر من ملاحم الروم.

وابن ماجه (2/ 1369 رقم 4089) في الفتن، باب الملاحم.

والطبراني في الكبير (4/ 278 رقم 4230).

وأبو نعيم في المعرفة (1/ ل 229 ب). =

(7/3250)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ولفظ أبي داود في الموضع الأول مختصراً، وأما في الموضع الثاني، ولفظ الباقين فنحو لفظ الحاكم، إلا أنهم لم يذكروا آخر الحديث، وإنما قالوا: "فيدقَّه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة".

وأما رواية الوليد بن مسلم، فأخرجها:

ابن ماجه في الموضع السابق.

وابن حبان في صحيحه (ص 463 رقم 1874 و1875).

ولفظها نحو لفظ الحاكم.

وأما روايتا روح، ومحمد بن مصعب، فأخرجهما: الإمام أحمد في المسند (4/ 91) و (5/ 371 - 372 و409) بنحوه، وفي بعض الروايات شيء من، الاختصار.

* الطريق الثانية: يرويها يحيى السيباني، عن ذي مخمر، به، أخرجها:

الطبراني في الكبر (4/ 279 رقم 4231).

وأبو نعيم في المعرفة (1/ لـ 230 أ).

كلاهما من طريق إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن ذي مخبر، به نحو لفظ الحاكم، وفيه زيادة.

* الطريق الثالثة: يرويها إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن رافع، عن ابن محيريز، عن ذي مخبر، به مثل سابقه.

أخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (4232).

وأشار إليه أبو نعيم في الموضع السابق.

* الطريق الرابعة: أخرجها الطبراني في الموضع السابق برقم (4233) من طريق حريز بن عثمان، عن يزيد بن صليح، عن ذي مخبر، به نحو سابقه. =

(7/3251)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= * الطريق الخامسة: أخرجها الطبراني أيضاً برقم (4229) من طريق بقية بن الوليد، عن صفوان بن عمرو، قال: حدثني راشد بن سعد، حدثني ذو مخمر، به مختصراً.

دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، فتعقبه المتعقب بقوله: "منقطع".

ومن خلال ما تقدم في تخريج الحديث يتضح أن محمد بن كثير المصيصي رواه عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن ذي مخمر بإسقاط خالد بن معدان.

وخالفه عيسى بن يونس، والوليد بن مسلم، وروح، ومحمد بن مصعب فرووه على الصواب عن الأوزاعي، عن حسان، عن خالد بن معدان، عن ذي مخمر.

وبه يتضح أن في إسناد الحاكم انقطاع بين حسان، وذي مخمر، وهذا الذي قصده المتعقب. والخطأ فيه من محمد بن كثير بن أبي عطاء الثقفي الصنعاني، أبو يوسف، فإنه كثير الغلط، مع كونه صدوقاً./ الكامل (6/ 2258 - 2259)، والتقريب (2/ 203 رقم 653)، والتهذيب (9/ 415 - 417 رقم 683).

والحديث مداره على الأوزاعي، يرويه عن حسان بن عطية، عن خالد بن معدان، عن ذي مخمر.

وخالد بن معدان الكلاعي، الحمصي، أبو عبد الله ثقة عابد يرسل كثيراً، روى له الجماعة./ طبقات ابن سعد (7/ 455)، وثقات العجلي (142 رقم 370)، والتقريب (1/ 218 رقم 80)، والتهذيب (3/ 118 - 120 رقم 222).

وحسان بن عطية المحاربي، مولاهم، أبو بكر الدمشقي ثقة فقيه عابد من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (3/ 236 رقم 1044)، والتقريب =

(7/3252)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= (1/ 162 رقم 237)، والتهذيب (2/ 251 رقم 460).

وعبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي، أبو عمرو الفقيه، ثقة جليل من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (5/ 666 رقم 1257)، والتقريب (1/ 493 رقم 1064)، والتهذيب (6/ 238 - 242 رقم 484).

ورواه عن الأوزاعي جماعة، منهم: شيخ الإمام أحمد روح بن عبادة بن العلاء القيسي، وتقدم في الحديث (859) أنه: ثقة فاضل.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف محمد بن كثير من قبل حفظه، ومخالفته للرواة الآخرين بإسقاط خالد بن معدان من إسناده، وهو صحيح لغيره بالطريق الأخرى، ومنها طريق الإمام أحمد التي رواها عن روح بن عبادة فإنها صحيحة لذاتها كما يتضح من دراسة الِإسناد، والله أعلم.

(7/3253)

1089 - حديث سعد بن أبي وقاص:

أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: (لن) (1) يعجزني (2) عند ربي أن (يؤجَّل) (3) أمتي نصف يوم"، قيل: وما نصف يوم؟ قال: "خمسمائة سنة".

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: لا والله، فيه ابن أبي مريم ضعيف، ولم يرويا له شيئاً.

__________

(1) ليست في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال: (الخ) إشارة لاختصار متنه.

(3) في (أ): (تؤجل)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

1089 - المستدرك (4/ 424) هذا الحديث أورده الحاكم شاهداً لحديث أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ثم قال: وشاهده: ما أخبرنا أبو النضر الفقيه، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا محمد بن المتوكل العسقلاني، ثنا الوليد بن مسلم، أنبأ أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث أخرجه أحمد في المسند (1/ 170 مرتين).

وأبو نعيم في الحلية (6/ 117) من طريقين.

كلاهما من طريق أبي بكر بن أبي مريم، به نحوه، إلا أن إحدى =

(7/3254)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= روايات الإمام أحمد، وأبي نعيم فيها: "سألت راشداً: ما نصف اليوم؟ قال: خمسمائة سنة، هذا لفظ أبي نعيم، ومثله لفظ أحمد، إلا أنه قال في أوله: "هل بلغك ماذا النصف ... ".

وأما الطريق الأخرى عند أبي نعيم فلفظها نحو لفظ الحاكم.

وأما رواية الإمام أحمد الأخرى فلفظها نحوه أيضاً، إلا أنه قال فيه: "فقيل لسعد: وكم نصف يوم؟ قال: خمسمائة سنة".

وبنحو رواية الِإمام أحمد هذه أخرجه أبو داود في سننه (4/ 517 رقم 4350) في الملاحم، باب قيام الساعة، من طريق شريح بن عبيد، عن سعد بن أبي وقاص، به.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "لا والله، ابن أبي مريم ضعيف، ولم يرويا له شيئاً".

وأبو بكر بن أبي مريم هذا تقدم في الحديث (712) أنه ضعيف، سُرِق بيته فاختلط، ولم يخرج له أحد من الشيخين شيئاً".

وأما الطريق الأخرى التي أخرجها أبو داود من طريق شريح بن عبيد، فإن فيها انقطاعاً فشريح بن عبيد لم يدرك سعداً -رضي الله عنه -كما في التهذيب (4/ 328) -.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف ابن أبي مريم.

والطريق الأخرى التي أخرجها أبو داود من طريق شريح ضعيفة لانقطاعها.

والحديث بمجموع هذين الطريقين يكون حسناً لغيره، إلا أن تفسير نصف اليوم بأنه خمسمائة عام ليس بمرفوع إليه -صلى الله عليه وسلم-، فهو =

(7/3255)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= إما من تفسير سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، وهو الأقرب؛ لاتفاق رواية شريح، وبعض طرق أبي بكر بن أبي مريم على ذلك، من تفسير راشد بن سعد.

ويشهد للحديث رواية أبي ثعلبة الخشني المتقدم ذكرها عند الحاكم بلفظ: "لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم".

ولأجل هذا الحديث أورد الحاكم حديث سعد شاهداً له، ثم قال عن حديث أبي ثعلبة: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وأقرة الذهبي.

وأخرجه أيضاً أبو داود في الموضع السابق من سننه برقم (4349) بمثل لفظ الحاكم، وكلاهما من طريق عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني، به.

وهذا إسناد حسن بيان حال رجاله كالتالي:

جبير بن نُفَيْر تقدم في الحديث (683) أنه ثقة جليل مخضرم.

وابنه عبد الرحمن ثقة./ الجرح والتعديل (5/ 221 رقم 1041)، والتقريب (1/ 475 رقم 894)، والتهذيب (6/ 154 رقم 312).

ومعاوية بن صالح تقدم في الحديث (678) أنه: صدوق إمام.

وعبد الله بن وهب تقدم في الحديث (624) أنه: ثقة فقيه حافظ عابد.

وعليه فيكون الحديث بهذا اللفظ صحيحاً لغيره بمجموع هذه الطرق، وصححه الشيخ الألباني في سلسلته الصحيحة (4/ 197 رقم 1643)، والله أعلم.

(7/3256)

1090 - حديث أبي قتادة مرفوعاً:

"الآيات بعد المائتين".

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: أحسبه موضوعاً، وفيه عون بن عمارة ضعفوه.

__________

1090 - المستدرك (4/ 428): حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن سليمان السعدي، ثنا عون بن عمارة العنبري، حدثني عبد الله بن المثنى، عن (عمه) ثمامة، عن أنس بن مالك، عن أبي قتادة -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن ماجه (2/ 1348 رقم 4057) في الفتن، باب الآيات.

وابن الجوزي في الموضوعات (3/ 197 - 198).

كلاهما من طريق عون بن عمارة، عن عبد الله بن المثنى، عن أبيه، عن جده، عن أنس بن مالك، عن أبي قتادة، به مثله، ورواية ابن الجوزي له من طريق محمد بن يونس الكديمي، عن عون بن عمارة، ولذا اتهم به الكديمي فقال عقب الحديث: "هذا حديث موضوع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعون، وابن المثنى ضعيفان، غير أن المتهم به الكديمي، قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات".

وتعقبه السيوطي في اللآليء (2/ 394) بقوله: "هو بريء منه، فقد أخرجه ابن ماجه ... "، ثم ذكر طريق ابن ماجه، والحاكم، وتعقب الذهبي.

والحديث ذكره الحافظ ابن كثير في النهاية (1/ 12) وقال: "لا يصح، ولو صح فمحمول، على ما وقع من الفتنة بسبب القول بخلق القرآن، =

(7/3257)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والمحنة للإمام أحمد بن حنبل، وأصحابه من أئمة الحديث -كما بسطنا ذلك هنالك-". اهـ.

ونقل الحافظ ابن حجر في التهذيب (8/ 173) أن البخاري ذكر هذا الحديث، وقال: "فقد مضى مائتان، ولم يأت من الآيات شيء".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "أحسبه موضوعاً، وعون ضعفوه".

وعون هذا هو ابن عمارة القيسي، أبو محمد البصري، ضعيف./ الكامل (5/ 2019)، والتقريب (2/ 90 رقم 802)، والتهذيب (8/ 173 رقم 311).

والحاكم -رحمه الله- هنا صحح حديثه، وعلى شرط الشيخين، مع أنه قال عنه: "أدركته، ولم أكتب عنه، وكان منكر الحديث، ضعيف الحديث"، وقال أيضاً: "يحدث عن حميد، وهشام بن حسان بالمناكير"، ذكر هذا الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من التهذيب.

وشيخ عمارة هو عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك وتقدم في الحديث (563) أنه صدوق كثير الغلط.

هذا وفي إسناد الحاكم قال: (حدثني عبد الله بن المثنى، عن جده ثمامة، عن أنس).

وأما إسناد ابن ماجه فقال فيه: (عن عبد الله بن المثنى بن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أبيه، عن جده أنس بن مالك).

وأما إسناد ابن الجوزي ففيه خطأ مطبعي، وهو على الصواب في اللآليء، هكذا: (عبد الله بن المثنى، عن أبيه، عن جده، عن أنس).

وقد حكم الحافظ المزي على إسناد ابن ماجه بهذه النسبة بالوهم، فقال في =

(7/3258)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= تهذيب الكمال (3/ 1302 - 1303) بعد أن ذكر نسبه عند ابن ماجه: "هكذا وقع عنده (أي ابن ماجه) نسب عبد الله بن المثنى في هذا الحديث، وذلك وهم، ليس في نسبه: ثمامة، إنما ثمامة عمه، وهو معروف مشهور، وقد تقدم في موضعه على الصواب. وفيه وهم آخر، وهو قوله: عن أبيه، عن جده، وإنما يروي عبد الله بن المثنى عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس، وغيره -كما تقدم في ترجمته-، ولا نعرف له رواية عن أبيه، ولا لغيره، لا في هذا الحديث، ولا في غيره، والله أعلم"، ثم قال: "وقد أخبرنا به عالياً على الصواب ... " فذكر الحديث من طريق القطيعي، حدثنا محمد بن يونس (وهو الكديمي)، حدثنا عون بن عمارة، قال: حدثنا عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس، فذكره.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف عون بن عمارة، وما قيل عن عبد الله بن المثنى من كثرة الغلط.

وأما متنه فقد استنكره من تقدم من الأئمة لمخالفته للواقع، وحكم عليه الألباني بالوضع في ضعيف الجامع (2/ 274 رقم 2264)، وعزا تخريجه لسلسلته الضعيفة رقم (1966)، ولما يطبع، والله أعلم.

(7/3259)

1091 - حديث مُرَّة البَهْزي (1) مرفوعاً:

" (يفتح) (2) على الأرض فتن كَصَيَاصِىَّ البقر (3) ... الحديث.

قال: صحيح.

قلت: فيه سعيد بن هبيرة اتهمه ابن حبان (4).

__________

(1) في المستدرك وتلخيصه المطبوعين: (النمري)، وفي المستدرك المخطوط: (النميري)، وسقط أول الِإسناد من التلخيص المخطوط.

(2) في (أ) و (ب): (يقع)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) صَيَاصِيَّ البقر: أي قرونها، واحدتها،: صيصِية -بالتخفيف-، شبَّه الفتنة بها لشدَّتها وصعوبة الأمر فيها. النهاية (3/ 67).

(4) في المجروحين (1/ 326 - 327).

1091 - المستدرك (4/ 423): أخبرني الحسن بن حكيم المروزي، ثنا أحمد بن إبراهيم الشذوري، ثنا سعيد بن هبيرة، ثنا محمد بن سليم، ثنا قتادة، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، عن مرة (البهزي)، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "يفتح على الأرض فتن كصياصي البقر"، فمر رجل مقنع، فقال: "هذا يومئذ على الحق"، فقمت إليه، فأخذت بمجامع ثوبه، فقلت: هذا هو يا رسول الله؟ قال: "هذا"، فإذا هو عثمان.

تخريجه:

الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 33).

وابنه عبد الله في زياداته على الفضائل (1/ 449 - 450 رقم 720).

والقطيعي في زياداته على الفضائل أيضاً (1/ 508 رقم 829). =

(7/3260)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والطبراني في الكبر (20/ 315 رقم 750).

جميعهم من طريق أبي هلال محمد بن سليم، عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق، عن مرة، به، نحوه.

ورواه كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق، عن هرمي بن الحارث، وأسامة بن خريم، عن مرة البهزي، به، هكذا بزيادة هرمي، وأسامة بين عبد الله بن شقيق، ومرة البهزي، فخالف أبا هلال بذلك.

أخرجه هذه الرواية الِإمام أحمد في المسند (5/ 33 و 35).

وابن أبي عاصم في السنَّة (2/ 591 رقم 1296).

وابن حبان في صحيحه (ص 539 رقم 2195).

والطبراني في الكبير (20/ 315 - 316 رقم 751).

جميعهم من طريق كهمس، عن عبد الله بن شقيق، ثنا هرمي بن الحارث، وأسامة بن خريم، وكانا يغازيان، فحدثاني حديثاً، ولا يشعر كل واحد منهما أن صاحبه حدثنيه، عن مرة البهزي، كذا رواية أحمد، ونحوه ابن حبان، وابن أبي عاصم، إلا أن ابن أبي عاصم قال: (يقاربان) بدل قوله: (يغازيان)، وعند الطبراني: (يضاربان)، ولم يذكر الطبراني التحديث.

وللحديث ثلاث طرق أخرى عن مرة البهزي.

الأولى: يرويها أبو الأشعث.

والثانية: يرويها جبير بن نفير.

والثالثة: يرويها ابن جابر.

* أما الطريق الأولى: التي يرويها أبو الأشعث، فأخرجها: أحمد في المسند (4/ 236). =

(7/3261)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والترمذي في سننه (10/ 198 - 199 رقم 3788) في مناقب عثمان من كتاب المناقب، باب منه.

والقطيعي في زياداته على الفضائل (1/ 507 - 508 رقم 828).

أما الإمام أحمد فمن طريق وهيب بن خالد.

وأما الترمذي فمن طريق عبد الوهاب الثقفي.

وأما القطيعي فمن طريق حماد بن زيد.

ثلاثتهم عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني قال: قامت خطباء بإيلياء في إمارة معاوية -رضي الله تعالى عنه-، فتكلموا، وكان آخر من تكلم مرة بن كعب، فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قمت، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر فتنة، فقربها، فمر رجل مقنَّع، فقال: "هذا يومئذ وأصحابه على الحق، والهدى"، فقلت: هذا يا رسول الله؟ وأقلبت بوجهه إليه، فقال: "هذا"، فإذا هو عثمان -رضي الله تعالى عنه-.

هذا لفظ أحمد، ولفظ الترمذي، والقطيعي نحوه.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".

* أما الطريق الثانية: التي يرويها جبير بن نفير، فأخرجها:

ابن أبي عاصم في السنة (2/ 591 رقم 1295).

والطبراني في الكبير (20/ 316 - 317 رقم 753).

كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن سليم بن عامر، عن جبير بن نفير، قال: كنا معسكرين مع معاوية بعد قتل عثمان -رضي الله عنهما-، فقام مرة بن كعب البهزي، فقال: أما والله لولا شيء سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قمت هذا المقام. قال: فلما سمع معاوية ذكر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أجْلَسَ الناس، =

(7/3262)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= فقال: بينا نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلوس إذ مر عثمان مرجلًا معدقاً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لتخرجن فتنة من تحت رجلي، أو من تحت قدمي هذا ومن اتبعه يومئذ على الهدي"، فقمت حتى أخذت بمنكب عثمان حتى لفته إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: هذا؟ قال: نعم، هذا ومن اتبعه يومئذ على الهدى"، فقام عبد الله بن حوالة الأنصاري من عند المنبر، فقال: إنك لصاحب هذا؟ قال: نعم، قال: أما والله إني حاضر ذلك المجلس، ولو كنت أعلم أن لي في الجيش مصدقاً لكنت أول من تكلم به.

هذا سياق الطبراني، وأما ابن أبي عاصم فأحال على حديث عبد الله بن حوالة الذي قبله فقال: "نحوه"، وحديث ابن حوالة بمعنى ما ذكر الطبراني.

* أما الطريق الثالثة: التي يرويها ابن جابر فأخرجها:

ابن أبي عاصم في الموضع السابق برقم (1293) من طريق أبي سلمة سليمان بن سليم، عن جابر قال، فذكره نحو لفظ الطبراني السابق، إلا أنه ذكر أن المتكلم هو عبد الله بن حوالة، وأن المصدق له هو مرة بن كعب.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "سعيد اتهمه ابن حبان".

وسعيد هذا هو ابن هبيرة المروزي وهو: متروك؛ قال عنه أبو حاتم: ليس بالقوي؛ روى أحاديث أنكرها أهل العلم. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات، كأنه كان يضعها، أو توضع له فيجيب فيها، لا يحل الاحتجاج به بحال.

وقال الخليلي: له غرائب يسأل عنها، ثم روى له حديثاً، وقال: لا نعرف =

(7/3263)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= لهذا المتن، إسناداً، غير هذ. اهـ. من المجروحين (1/ 326 - 327)، واللسان (3/ 48 - 49 رقم 181).

قلت: ولم ينفرد سعيد بالحديث، بل تابعه بهز وعبد الصمد عند الِإمام أحمد، وسليمان بن حرب عند ابنه عبد الله، والقطيعي، والطبراني، ثلاثتهم عن محمد بن سليم، به.

ومحمد بن سليم، أبو هلال الراسبي فيه لين مع كونه صدوقاً، تقدم ذلك في الحديث (960)، وقد أخطأ في إسناد هذا الحديث، فأسقط منه الواسطة بين عبد الله بن شقيق، ومرة بن كعب، وهما هرمي بن الحارث، وأسامة بن خريم، حيث رواه كهمس بإثبات هذه الواسطة.

وكهمس هو ابن الحسن التميمي، أبو الحسن البصري، ثقة روى له الجماعة. / الجرح والتعديل (7/ 170 - 171 رقم 972)، التهذيب (8/ 450 رقم 816)، والتقريب (2/ 137 رقم 75).

وأما هرمي بن الحارث فترجم له البخاري في تاريخه (8/ 243 رقم 2870) وسكت عنه، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 111 رقم 466) وبيض له، وذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 514)، وجميعهم قالوا: (هرم بن الحارث).

وأسامة بن خريم ذكره البخاري أيضاً (2/ 21 رقم 1555) وسكت عنه، وابن أبي حاتم (2/ 283 رقم 1024) وبيض له، وذكره ابن حبان في ثقاته (4/ 44)، ولم يذكروا أنه روى عنهما سوى عبد الله بن شقيق، فهما مجهولان، وتتقوى رواية كل واحد منهما بالآخر، وتقدم قول عبد الله بن شقيق عنهما: "وكانا يغازيان، فحدثاني حديثاً، ولا يشعر كل واحد منهما أن صاحبه حدثنيه، عن مرة البهزي".

وعبد الله بن شقيق العُقيلي، بصري ثقة، فيه نصب. / الجرح والتعديل (5/ 81 رقم 376)، والتقريب (1/ 422 رقم 377)، والتهذيب (5/ 253 - 254 رقم 444). =

(7/3264)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأما الطريق التي رواها أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن مرة، فتقدم أن الترمذي قال عن الحديث من هذه الطريق: "حديث حسن صحيح".

وبيان حال رجال إسناده كالتالي:

أبو الأشعث الصنعاني اسمه شراحيل بن آده، وتقدم في الحديث (1007) أنه: ثقة.

وأبو قلابة اسمه عبد الله بن زيد بن عمرو الجَرْمي، وهو ثقة فاضل كثير الِإرسال، من رجال الجماعة، قال العجلي: فيه نصب يسير./ الجرح والتعديل (5/ 57 - 58 رقم 268)، والتقريب (1/ 417 رقم 319)، والتهذيب (5/ 224 - 226 رقم 387).

وأيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني ثقة ثبت حجة روى له الجماعة. / الجرح والتعديل (2/ 255 - 256 رقم 915)، والتهذيب (1/ 397 - 399 رقم 733).

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لما تقدم في دراسة الِإسناد، ومتنه صحيح لغيره بمجموع الطرق الأخرى، ومنها الطريق التي أخرجها الإمام أحمد، والترمذي، وغيرهما من طريق أيوب السختياني، فإنها صحيحة لذاتها -كما يتضح من دراسة الِإسناد-، وقد صححها الترمذي -كما سبق-، والله أعلم.

(7/3265)

1092 - حديث عبد الله بن (عمرو) (1) مرفوعاً:

"يكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على (المياثر) (2) حتى (يأتوا) (3) أبواب المساجد ... " الحديث (4).

قال: على شرط البخاري ومسلم (5).

قلت: عبد الله بن (عياش) (6) القتباني المذكور في إسناده، وأن كان احتج به مسلم، فقد ضعفه أبو داود، والنسائي، وقال أبو حاتم هو قريب من ابن لهيعة (7).

__________

(1) في (أ): (عمر).

(2) في (أ): (المنابر)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

والمياثر جاءت مفسرة في الحديث بأنها السروج العظام.

(3) في (أ): (يأتون)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(4) من قوله: (يركبون) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).

(5) في (ب) قدم مسلماً على البخاري، فقال: (م خ).

(6) في (أ): (عباس)، ولم تنقط في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(7) انظر الجرح والتعديل (5/ 126 رقم 580)، والتهذيب (5/ 351 رقم 603).

1092 - المستدرك (4/ 436): حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، ثنا الحسين بن محمد بن زياد، ثنا هارون بن معروف، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش القتباني، عن أبيه، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "سيكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن فإنهن =

(7/3266)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ملعونات، لو كان وراءكم أمة من الأمم لخدمنهم كما خدمكم نساء الأمم قبلكم"، فقلت "لأبي: وما المياثر؟ قال: سروجاً عظاماً (كذا!). اهـ.

وقوله: (لخدمهم) كذا في المستدرك وتلخيصه المخطوطين والمطبوعين، ولعل الصواب: (لخدمنهم)، كما يظهر من سياق من أخرج الحديث.

تخريجه:

الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 223).

وابن حبان في صحيحه (ص 351 رقم 1454).

والطبراني في الصغير (2/ 127 - 128).

وفي الأوسط -كما في مجمع البحرين (ص 401 / المكية) -. وذكره في المجمع (5/ 137)، وعزاه للكبير أيضاً.

جميعهم من طريق عبد الله بن عياش القتباني، به، ولفظ أحمد وابن حبان نحو لفظ الحاكم، إلا أنهما قالا: "سروج -وعند ابن حبان: سرج-، كأشباه الرجال".

وعند أحمد أيضاً: "لخدمن نساؤكم نساءهم"، وعند ابن حبان: "خدمهن نساؤكم".

وأما لفظ الطبراني فمختصر.

قال الهيثمي في الموضع السابق: "رجال أحمد رجال الصحيح".

وقال الشيخ أحمد شاكر في حاشية المسند (12/ 36):"إسناده صحيح".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "عبد الله، وإن كان احتج به مسلم، فقد ضعفه أبو داود، والنسائي، وقال أبو حاتم: هو قريب من ابن لهيعة". =

(7/3267)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وعبد الله هذا هو ابن عياش بن عباس القتباني، أبو حفص المصري، وهو صدوق يغلط. / الجرح والتعديل (5/ 126 رقم 580)، والتقريب (1/ 439 رقم 529)، والتهذيب (5/ 351 رقم 603).

هذا وقد نص الذهبي هنا على أن مسلماً احتج بعبد الله القتباني، وهو ظاهر صنيع المزي -رحمه الله- حيث قال: "روى له مسلم حديثاً واحداً" -كما في الموضع السابق من التهذيب-، لكن نفى ذلك ابن حجر -رحمه الله-، وتعقب المزي على قوله السابق بقوله: "حديث مسلم في الشواهد، لا في الأصول"، وقال في التقريب: "أخرج له مسلم في الشواهد"، وذكر قول الحافظ هذا الشيخ أحمد شاكر في الموضع السابق، ثم تعقبه بقوله: "هكذا قال الحافظ، ولكن الحديث المشار إليه في صحيح مسلم (2/ 13) جاء به أصلاً للحديث، ثم أتبعه بروايتين شاهدتين له، فحديثه عنده في الأصول، لا في الشواهد، يدرك ذلك من تأمل الأسانيد، وأنصف".اهـ.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لما تقدم عن حال عبد الله القتباني.

ويشهد لبعضه ما أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1680 رقم 125) في اللباس والزينة، باب النساء الكاسيات العاريات المائلات، المميلات، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات، عاريات، مميلات، مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا، وكذا".

(7/3268)

1093 - حديث أبي هريرة مرفوعاً:

"والذي بعثني بالحق لا تنقصني هذه الدنيا حتى يقع بهم الخسف، والمسخ، والقذف ... " الحديث (1).

قلت: فيه سليمان اليمامي ضعفوه، والخبر منكر.

__________

(1) من قوله: (يقع) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).

1093 - المستدرك (4/ 437): حدثني علي بن حمشاذ العدل، ثنا محمد بن المغيرة الهمداني، ثنا القاسم بن الحكم العرني، ثنا سليمان بن أبي سليمان، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "والذي بعثني بالحق لا تنقصني هذه الدنيا حتى يقع بهم الخسف، والمسخ، والقذف"، قالوا: ومتى ذلك يا نبي الله بأبي أنت وأمي؟ قال: "إذا رأيت النساء قد ركبن السروج، وكثرت القينات، وشهد شهادات الزور، وشرب المسلمون في آنية أهل الشرك: الذهب والفضة، واستغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، فاستذفروا، واعتمدوا"، وقال هكذا بيده، وستر وجهه.

تخريجه:

الحديث أخرجه البزار في مسنده (4/ 146 رقم 3405) من طريق القاسم بن الحكم، به نحوه مختصراً.

وابن عدي في الكامل (3/ 1125) من طريق سليمان بن داود اليمامي، به نحوه.

والطبراني في الأوسط بنحوه -كما في المجمع (8/ 10) -، قال الهيثمي: "وفيه سليمان بن داود اليمامي، وهو متروك".

وأخرجه البيهقي في الشعب -كما في كنز العمال (14/ 280 رقم 38730) -، وذكر أن البيهقي ضعفه. =

(7/3269)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم وسكت عنه، وتعقبه الذهبي بقوله: "سليمان هو اليمامي، ضعفوه، والخبر منكر".

وسليمان بن داود اليمامي هذا تقدم في الحديث (912) أنه: ضعيف.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف سليمان اليمامي.

وأما النكارة التي ذكرها الذهبي فيقصد بها تفرد سليمان هذا بالحديث، حيث لم أجد من تابعه عليه بهذا السياق، والله أعلم.

(7/3270)

1094 - حديث (سعد) (1) مرفوعاً:

"إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ... " الحديث.

قلت: على شرط مسلم (2).

__________

(1) في (أ) و (ب): (سهل)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) هذه العبارة إنما هي للحاكم، حيث قال بعد أن أخرج الحديث: "هذا الحديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وأقرة الذهبي، فالظاهر أن في نسخة ابن الملقن تصحيفاً، أو تحريفاً، أو أن نظره أخطأ، فظن الحاكم للحديث تعقيباً من الذهبي، فنسبه إليه.

1094 - المستدرك (4/ 441) هذا الحديث، والحديث الآخر قبله أوردهما الحاكم شاهدين لحديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن بين أيديكم فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها"، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: "كونوا أحلاس بيوتكم".

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، وهكذا رواه أبو بكرة الأنصاري، وسعد بن مالك، عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-".

ثم ذكر حديث أبي بكرة، ثم قال:

أما حديث سعد بن مالك، فأخبرناه أحمد بن سلمان الفقيه، ثنا أبو داود، ثنا عمرو بن عون، ثنا هشيم، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدي، عن سعد بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:"إنها ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، والساعي خير من الراكب، والراكب خير من الموضع". =

(7/3271)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قال الحاكم: "وهذا الحديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. فقد صار هذا باب كبير، ولم يخرجاه، وإنما أخرجه أبو داود أحد أئمة هذا العلم".

تخريجه:

الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/ 185).

والترمذي في سننه (6/ 436 - 438 رقم 2290) في الفتن، باب ما جاء أنه تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم.

كلاهما من طريق قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن بسر بن سعيد، أن سعد بن أبي وقاص قال عند فتنة عثمان بن عفان: أشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي"، قال: أفرأيت إن دخل علي بيتي، وبسط يده إلي ليقتلني؟ قال: "كن كابن آدم"، وهذا لفظهما.

قال الترمذي عقبه: "هذا حديث حسن، وروى بعضهم هذا الحديث عن ليث بن سعد، وزاد في هذا الإسناد رجلاً، وقد روي هذا الحديث عن سعد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، من غير هذا الوجه".

قلت: أما ذكره لرواية الحديث من غير هذا الوجه فلعله يقصد بها طريق أبي عثمان النهدي التي أخرجها الحاكم.

وأما قوله: "روى بعضهم هذا الحديث عن ليث بن سعد، وزاد في هذا الِإسناد رجلاً"، فلم أجد هذه الرواية التي عن الليث بزيادة الرجل، وتطرق الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف"، وكذا الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على المسند (3/ 28 - 29) لهذا الاختلاف، ولم يذكرا من أخرج هذه الرواية عن الليث. وإنما أخرج الحديث أبو داود في سننه (4/ 456 رقم 4257) في الفتن، باب في النهي والسعي في الفتنة من =

(7/3272)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= طريق مفضل، عن عياش، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعي أنه سمع سعد بن أبي وقاص، فذكره بزيادة حسين بين بسر، وسعد.

وقد أخرج الِإمام أحمد الحديث (1/ 168 - 169) من طريق ابن لهيعة، ثنا بكير بن عبد الله بن الأشج، أنه سمع عبد الرحمن بن حسين يحدث أنه سمع سعد بن أبي وقاص يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، ويكون الماشي فيها خيراً من الساعي"، وقال: وأراه قال: "والمضطجع فيها خير من القاعد".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأقره الذهبي، وبيان حال رجال إسناده كالتالي:

أبو عثمان النهدي تقدم في الحديث (872) أنه: ثقة ثبت عابد مخضرم، من رجال الجماعة.

وداود بن أبي هند القُشيري، مولاهم، البصري ثقة متقن، كان يهم بآخره، روى له مسلم./ الجرح والتعديل (3/ 411 - 412 رقم 1881)، والتقريب (1/ 235 رقم 45)، التهذيب (3/ 204 رقم 388).

وهُشَيم -بالتصغير- ابن بشير بن القاسم بن دينار السلمي تقدم في الحديث (499) أنه ثقة ثبت روى له الجماعة، لكنه كثير التدليس من الثالثة، وقد عنعن هنا.

وعمرو بن عون تقدم في الحديث (992) أنه ثقة ثبت من رجال الجماعة.

وأبو داود هو السجستاني صاحب السنن ثقة حافظ من كبار العلماء تقدمت ترجمته في الحديث (1033).

وشيخ الحاكم أحمد بن سلمان الفقيه النجاد تقدم في الحديث (808) أنه: صدوق. =

(7/3273)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= هذا وفي سند الحديث اختلاف أشار إليه الترمذي.

وكما تقدم فقد تطرق الحافظ ابن حجر، والشيخ أحمد شاكر لهذا الاختلاف.

أما ابن حجر فعبارته في "النكت الظراف" (3/ 279 - 280)، ولا تخلو العبارة من شيء من التصحيف أثبته المحقق كما هو، وأشار لذلك، وهذا نص كلام الحافظ هناك: حديثاً "إنها ستكون فتنة ... " الحديث. في الفتن (29)، عن قتيبة، عن الليث، عن عياش، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عنه، به ... ، إلى أن قال: وروى بعضهم هذا عن الليث، وزاد في الإسناد رجلاً.

وكتب على الهامش: الرجل حسين الأشجعي. قلت (القائل ابن حجر): وقد ذكره عن قريب (يعني المزي)، فقال: حسين، ويقال: حسيل، وذكر الحديث من عند (الفتن 2:2)، وفيه زيادة: حسين بن عبد الرحمن الأشجعي، بين بسر، وسعد، لكنه من رواية مفضل بن فضالة، عن عياش به. وعسى (كذا في النص) أن تفسير من أبهم ت: أنه زاد (بعض من روى): عن الليث، فإنه لو زاد (بعض من روى) ذلك (عليه) لقال: زاد على الليث، فهو قال: (يعني الترمذي): زاد عنه. انتهى.

وقد أخرجه أحمد (ج 1، ص 185)، وأبو خيثمة، في مسنديهما، عن قتيبة، به.

وأخرجه أحمد (ج 1، ص 168) من طريق ابن لهيعة، عن عياش، (و) زاد الرجل، لكنه قال: عبد الرحمن بن حسين، فقلبه. اهـ.

وقال الشيخ أحمد شاكر بعد أن ذكر رواية الترمذي: وزيادة الرجل التي يشير إليها الترمذي: هي ما في رواية أبي داود (4: 161)، من طريق المفضل، عن عياش، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعي، أنه سمع سعد بن أبي وقاص. =

(7/3274)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وبسر بن سعيد: تابعي ثقة، ثبت سماعه من سعد، وكان يجالسه -كما في التاريخ الكبير (1/ 2/ 123 - 124) -، فالظاهر عندي أن الِإسنادين صحيحان، وأن عبد الرحمن بن حسين، وبسر بن سعيد سمعاه من سعد، وسمعه منهما بكير بن الأشج، ويحتمل أن يكون في رواية أبي داود شيء من الوهم، ويكون صوابها: عن بكير، عن بسر بن سعيد، وحسين بن عبد الرحمن. اهـ.

وأما سند الحديث عند الإمام أحمد والترمذي، فبيان حال رجاله كالتالي:

بُسْر بن سعيد المدني العابد ثقة جليل روى له الجماعة. / الجرح والتعديل (2/ 423 رقم 1680)، والتهذيب (1/ 437 رقم 804)، والتقريب (1/ 97 رقم 35).

وبُكَيْر بن عبد الله الأشج، مولى بني مخزوم ثقة روى له الجماعة. / الجرح والتعديل (2/ 403 رقم 1585)، والتهذيب (1/ 491 رقم 908)، والتقريب (1/ 108 رقم 137).

وعياش بن عباس القتباني تقدم في الحديث (1025) أنه: ثقة.

والليث بن سعد في الحديث (489) أنه: إمام مشهور ثقة ثبت فقيه.

وقتيبة بن سعيد تقدم في الحديث (678) أنه: ثقة ثبت.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم، رجاله رجال مسلم إلى طبقة شيوخه، لكن في سنده هشيم وهو مدلس من الثالثة كما تقدم، وقد عنعن، فالحديث ضعيف بهذا الِإسناد لأجله، وقد صح الحديث من الطريق التي أخرجها الإمام أحمد، والترمذي، كلاهما من طريق قتيبة، عن الليث، عن عياش، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن سعد، به، والله أعلم.

(7/3275)

1095 - حديث أنس مرفوعاً:

"لا مهدي إلا عيسى (1) ابن مريم".

قلت: فيه يحيى بن السكن ضعفه صالح جزرة (2).

__________

(1) قوله: (عيسى) ليس في (ب).

(2) في (أ): (صالح بن جزرة)، والعبارة في الميزان (4/ 380).

1095 - هذا الحديث سقط من المستدرك المطبوع، وهو في التلخيص (4/ 441)، وسأثبته من المستدرك المخطوط.

وقد ساق الحاكم في المستدرك (4/ 441) الحديث من طريق الشافعي، أنبأ محمد بن خالد الجَنَدي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدين إلا إدباراً، ولا الناس إلا شحّاً، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم".

قال الحاكم -كما في المخطوط، ونحوه التلخيص المطبوع-: "هذا حديث يعد في أفراد الشافعي -رضي الله عنه-، وليس كذلك، فقد حدث به غيره"، ثم قال:

حدثني أبو أحمد عبد الرحمن بن عبد الله بن يزداد الرازي المذكر ببخارى من أصل كتابه العتيق، ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد الهدي، بمصر، حدثني أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي، ثنا صامت بن معاذ، ثنا يحيى بن السكن، ثنا محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الناس إلا شحًّا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم".

قلت: كذا في المخطوط، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه =

(7/3276)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وسلم-، مرسلاً، وظاهر صنيع الذهبي في التلخيص أنه ليس بمرسل، لأنه عطف على حديث الشافعي الموصول، فقال: " ... ثنا يحيى بن السكن، ثنا محمد بن خالد الجندي، فذكره". اهـ.

قال الحاكم عقب الحديث: "قال صامت بن معاذ: عدلت إلى الجَنَد مسيرة يومين من صنعاء، فدخلت على محدث لهم، فطلبت هذا الحديث، فوجدته (في المخطوط: فوجده) عنده، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مثله. وقد روى بعضهم هذا المتن، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال: أما حديث عبد العزيز، عن أنس بن مالك، فحدثناه ... "، فذكره كما في المطبوع.

تخريجه:

الحديث له عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- طريقان:

* الأولى: يرويها الحسن البصري.

* الثانية: يرويها عبد العزيز بن صهيب.

أما الطريق الأولى: التي يرويها الحسن بن البصري، فأخرجها الحاكم هنا من طريقين:

(أ) الطريق التي يرويها يحيى بن السكن، عن محمد بن خالد الجَنَدي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، فذكره مرسلاً، كذا في المستدرك المخطوط.

والظاهر أن الصواب وصله، لأن البيهقي رواه من طريق الحاكم في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" (ص 299 - 300) موصولًا.

وكذا أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (2/ 69 - 70 رقم 900) من =

(7/3277)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= طريق أبي سعيد المفضل بن محمد الجندي، عن صامت بن معاذ، عن زيد بن السكن (وهو يحيى بن السكن كما سيأتي في دراسة الإسناد)، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذكره.

(ب) الطريق التي اشتهر بها هذا الحديث، ويرويها الشافعي، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

والحديث من هذه الطريق أخرجه الحاكم، وتقدم ذكره آنفاً.

ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق (ص 296 - 298).

وأخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 340 - 341 رقم 4039) في الفتن، باب شدة الزمان.

وابن عبد البر في جامع بيان العلم (1/ 188).

وأبو نعيم في الحلية (9/ 161).

والقضاعي في مسند الشهاب (2/ 68 - 69 رقم 898 و 899).

والخطيب في تاريخه (4/ 220 - 221).

ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (3/ 379 - 380 رقم 1447).

وأخرجه المزي في تهذيب الكمال (3/ 1193).

والذهبي في تذكرة الحفاظ (2/ 527 - 528).

والسبكي في طبقات الشافعية (2/ 172).

جميعهم من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن الشافعي، به، عدا رواية ابن عبد البر -رحمه الله-، فإنها من طريق الطحاوي، عن المزني، عن الشافعي، به. =

(7/3278)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والحديث أخرجه أيضاً أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"، والسِّلَفي في الطيوريات -كما في الضعيفة للألباني (1/ 103) -.

وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (ل 23 أ)، باب ما جاء في خروج المهدي -كما في حاشية "عقد الدرر في أخبار المنتظر" (ص 61) -، وهذا الحديث ليس ضمن ما طبع من كتاب "البعث والنشور"، وكله بسبب العجلة في إخراج تراث المسلمين بهذه الصورة التي لا تبرأ بها ذمة طالب العلم القائم على إخراج الكتاب.

وأما الطريق الثانية: التي يرويها عبد العزيز بن صهيب فأخرجها الحاكم عقب هذه الرواية، وليس فيها: "لا مهدي إلا عيسى ابن مريم".

دراسه الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم لا لاستدراكه على الشيخين: وإنما لبيان علته، وسيأتي نقل كلامه، وأعل الذهبي هذه الطريق بقوله: "يحيى بن السكن ضعفه صالح جزرة".

ويحيى بن السكن هذا ضعفه صالح جزرة كما قال الذهبي، وضعفه كذلك الدارقطني، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال عنه الذهبي: ليس بالقوي. / ثقات ابن حبان (9/ 253)، والميزان (4/ 380 رقم 9525)، واللسان (1/ 28 رقم 42)، و (6/ 259 رقم 911).

قلت: وقد يقال ليحيى هذا: (زيد) -كما في التهذيب (9/ 143)، وطبقات الشافعية (2/ 173) -.

وللحديث علة أخرى، وهي أن الراوي للحديث عن يحيى بن السكن هو صامت بن معاذ، وقد ذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: "يهم ويغرب"./ اللسان (3/ 178 رقم 723)، وذكر له الحافظ ابن حجر في الموضع السابق حديثاً يرويه عن المثنى بن الصباح، ثم قال: "وهذا باطل بلا ريب، فإن كان صامت حفظه فهو من تخليط المثنى، والذي أظنه أنه من أوهام صامت، والله أعلم، ثم تبين لي أنه صحفه ... ". =

(7/3279)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأما الطريق الأخرى التي رواها الشافعي، فقد أعِلّت بالآتي:

1 - تدليس الحسن البصري.

2 - الانقطاع بين الحسن، وأبان بن صالح.

3 - جهالة محمد بن خالد الجندي الذي عليه مدار الحديث.

4 - تفرد يونس بن عبد الأعلى بالحديث عن الشافعي، وتدليسه للحديث.

5 - الاختلاف في سند الحديث.

وفيما يلي بيان هذه العلل، ومناقشتها:

1 - تدليس الحسن البصري:

أعل الشيخ ناصر الدين الألباني الحديث بهذه العلة، في سلسلته الضعيفة (1/ 103)، ولم أجد من أعله سواه بها- برغم كثرة من تكلم في الحديث-.

والحسن البصري -رحمه الله- وصف بالتدليس، لكن تحمل الأئمة تدليسه، وذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من طبقات المدلسين، وتقدم ذلك في الحديث (709).

وعليه فينبغي توجيه الكلام إلى علل سوى هذه، وهي التى تكلم عنها بعض العلماء، ومنها:

2 - الانقطاع بين أبان بن صالح، والحسن البصري.

قال الذهبي في الميزان (3/ 535): "وأبان بن صالح صدوق، وما علمت به بأساً، لكن قيل: إنه لم يسمع من الحسن، ذكره ابن الصلاح في أماليه". اهـ.

قلت: أما الحافظ المزي في تهذيب الكمال (1/ 47) فذكر أنه روى عن =

(7/3280)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحسن، ولم يتعقبه الحافظ ابن حجر بشيء في التهذيب (1/ 94 - 95)، فالله أعلم.

3 - جهالة محمد بن خالد الجَنَدي الذي عليه مدار الحديث.

قال الحاكم عن محمد بن خالد هذا: "مجهول"، وتبعه عليه البيهقي -كما سيأتي-.

وقال الآبري: محمد بن خالد غير معروف عند أهل الصناعة من أهل النقل.

وقال ابن الصلاح: محمد بن خالد شيخ مجهول، فتعقبه الذهبي بقوله: "قد وثقه يحيى بن معين، والله أعلم، وروى عنه ثلاثة رجال سوى الشافعي".

وانتقد ابن عبد البر حديثاً من طريق الجندي هذا، يرويه عن المثنى بن الصباح، فقال: محمد بن خالد، والمثنى بن الصباح متروكان.

وذكره الأزدي في الضعفاء، وقال: منكر الحديث./ انظر العلل المتناهية (2/ 380)، والميزان (3/ 535)، وطبقات الشافعية (2/ 173)، والتهذيب (9/ 143 - 145).

وقال الحافظ ابن كثير في النهاية (1/ 32) عن الحديث: "إنه حديث مشهور بمحمد بن خالد الجندي، الصنعاني، المؤذن، شيخ الشافعي، وروى عنه غير واحد أيضاً، وليس هو بمجهول كما زعمه الحاكم، بل قد روي عن ابن معين أنه وثقه"، وسيأتي ذكر بقية كلام ابن كثير.

وكان الحافظ ابن حجر لم يلتفت إلى توثيق يحيى بن معين للرجل، ولا إلى تضعيف ابن عبد البر وغيره، فقال في التقريب (2/ 157 رقم 176): "مجهول"، وهو الذي تميل إليه، النفس.

4 - تفرد يونس بن عبد الأعلى بالحديث عن الشافعي وتدليسه للحديث.

(7/3281)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وقد أعل الذهبي -رحمه الله- الحديث بهذه العلة، فقال في الموضع السابق من الميزان في ترجمة الجندي: (قلت: حديثه: لا مهدي إلا عيسى ابن مريم"، وهو خبر منكر أخرجه ابن ماجه، ووقع لنا موافقة من حديث يونس بن عبد الأعلى، وهو ثقة، تفرد به عن الشافعي، فقال في روايتنا: (عن)، هكذا بلفظ: (عن الشافعي). وقال في جزء عتيق بمرة عندي من حديث يونس بن عبد الأعلى، قال: حُدّثت عن الشافعي، فهو على هذا منقطع، على أن جماعة رووه عن يونس، قال: حدثنا الشافعي، والصحيح أنه لم يسمعه منه). اهـ. وقال -أي الذهبي- في تذكرة الحفاظ (2/ 527) في ترجمة يونس: "له حديث منكر عن الشافعي"، ثم ذكره.

وقال ابن السبكي في طبقات الشافعية (2/ 171): (لم يتكلم أحد في يونس، ولا نقموا عليه إلا تفرده عن الشافعي بالحديث الذي في متنه: "ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم"، فإنه لم يروه عن الشافعي غيره، ولكن ذلك غير قادح، فالرجل ثقة ثبت.

وكان شيخنا الذهبي -رحمه الله- يُنَبّه على فائدة، وهي أن حديثه المذكور عن الشافعي إنما قال فيه: حُدّثت عن الشافعي، ولم يقل: حدثني الشافعي، قال: هكذا هو موجود في كتاب يونس، رواية أبي طاهر أحمد بن محمد المديني، عنه. ورواه جماعة عنه، عن الشافعي، فكأن دلّسه بلفظه: (عن)، وأسقط ذكر من حدثه به عن الشافعي، فالله أعلم. هذا كلام شيخنا -رحمه الله تعالى-. (قال ابن السبكي):

وأنا أقول: قد صرح الرواة عن يونس بأنه قال: حدثنا الشافعي، ثم ذكره من طرق عن يونس، وفيها تصريحه بالحديث، ثم قال: "وقيل: إن الشافعي تفرد به، عن محمد بن خالد الجندي، وليس كذلك، إذ قد تابعه عليه زيد بن السكن، وعلي بن المزيد اللّحَجِيّ، فروياه عن محمد بن خالد. =

(7/3282)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وتكلم جماعة في هذا الحديث، والصحيح فيه أن الجندي تفرد به". اهـ.

قلت: وقد تكلم بعضهم في يونس بسبب هذا الحديث كما أشار لذلك ابن السبكي آنفاً. فقد روى الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق -كما في تهذيب الكمال المزي (3/ 1194) -، عن أحمد بن محمد بن رشدين، قال: حدثني أبو الحسن على بن عبيد الله الواسطي، قال: رأيت محمد بن إدريس الشافعي في المنام، فسمعته يقول: كذب عليّ يونس في حديث الجندي، حديث الحسن، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم - في المهدي، قال الشافعي: ما هذا من حديثي، ولا حدثت به، كذب علي يونس. اهـ. وذكر هذه القصة الحافظ ابن كثير في النهاية (1/ 32)، فتعقبها بقوله: (قلت: يونس بن عبد الأعلى الصدفي من الثقات، لا يطعن فيه بمجرد منام). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" (2/ 167 - 168): "والحديث الذي فيه: "لا مهدي فيه إلا عيسى ابن مريم" رواه ابن ماجه، وهو حديث ضعيف، رواه عن يونس بن عبد الأعلى، وروي عنه أنه قال عن حديث الشافعي، وفي الخلعيات، وغيرها: حدثنا يونس، عن الشافعي، ولم يقل: حدثنا الشافعي، ثم قال عن حديث محمد بن خالد الجندي: وهذا تدليس يدل على توهين الحديث، ومن الناس من يقول إن الشافعي لم يروه". اهـ.

قلت: الحديث لا شك في أن يونس بن عبد الأعلى سمعه من الشافعي، فقد رواه عنه جمع من الرواة، وبعضهم من الأئمة، وقالوا: حدثنا، وذكر جملة منهم ابن السبكي في الطبقات، وهناك أمر آخر، وهو: أن رواية ابن عبد البر -رحمه الله- للحديث من طريق الطحاوي، قال: حدثنا المزني، قال: حدثنا الشافعي، فذكره، وهذا يدل على أن يونس بن عبد الأعلى قد توبع على الحديث، إلا أن يكون في رواية ابن عبد البر علة خفيت عليّ، وهذا ما أخشاه، لأن مثل هذه المتابعة يبعد أن تخفى على الأئمة مثل الذهبي، وابن حجر، وغيرهما، ومن فوائدها الذب عن يونس بما ألصق =

(7/3283)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= به من تهم لروايته هذا الحديث، وحبذا لو قُدِر لي الاطلاع على مخطوط "جامع بيان العلم" للتأكد من سلامة الرواية من التصحيف، خاصة وإن إحدى طرق الحديث عند السبكي من طريق الطحاوي، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، فالله أعلم.

5 - أما العلة الخامسة فإنها مبنيّة على ما سبق نقله عن الحاكم، وروايته لقصة صامت بن معاذ، وقوله: "عدلت إلى الجَنْد -مسيرة يومين من صنعاء- فدخلت على محدث لهم، فطلبت هذا الحديث، فوجدته عنده، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مثله".

وعلق البيهقي على هذه القضية بقوله: "فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي، وهو مجهول، عن أبان بن أبي عياش، وهو متروك، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتّة إسناداً". اهـ. من العلل المتناهية (2/ 380)، والتهذيب (9/ 144)، والسياق من التهذيب.

وقال الذهبي في الميزان (3/ 536) بعد أن ذكر رواية صامت بن معاذ: "قلت: فانكشف ووهى".

لكن الذي يظهر أن البيهقي تراجع عن كلامه السابق، وهذا هو الِإنصاف، فإنه قال في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" (ص 300) بعد أن ذكر قصة صامت هذه: "فإن كانت الرواية عن محمد بن خالد صحيحة، وقد رواه مرة أخرى بخلافها، كان هذا تخليطاً من جهته بروايته مرة هكذا، ومرة هكذا، إلا أن في صحتها عنه نظراً؛ فإنه عن محدث مجهول".اهـ.

قلت: ويعني بالمحدث المجهول الرجل المبهم الذي قال عنه صامت: "فدخلت على محدث لهم"، ولم يذكر اسمه، وبالإضافة لذلك فالقصة من طريق صامت بن معاذ، وتقدم الكلام عنه آنفاً وأنه "يهم ويغرب"، وعليه =

(7/3284)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= فلا يعل الحديث بهذه الحادثة التي لم تثبت، لكن يعل بأمور أخرى كما سيأتي.

وقد قدح العلماء في هذا الحديث، واستنكروا جملة من متنه، وهي قوله:

"لا مهدي إلا عيسى بن مريم"، حتى إن بعضهم حكم عليه بالوضع، وهذه بعض عبارات من تكلم عن هذا الحديث:

فمنهم: الإمام النسائي صاحب السنن، قال: "هذا حديث منكر". / العلل المتناهية (2/ 380)، ومنهم أبو عبد الله الحاكم، حيث قال عقب هذا الحديث: "فذكرت ما انتهى إلى من علة هذا الحديث تعجباً، لا محتجاً به في المستدرك على الشيخين -رضي الله عنهما-، فإن أولى من هذا الحديث ذكره في هذا الموضع: حديث سفيان الثوري، وشعبة، وزائدة، وغيرهم من أئمة المسلمين، عن عاصم بن بهدلة، عن زِرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلًا، كما كانت ملئت جوراً وظلماً". اهـ.

وقال أبو الحسن محمد بن الحسين الأبري الحافظ في "مناقب الشافعي": "قد تواترت الأخبار، واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، يعني في المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، ويملأ الأرض عدلًا، وأنه يَخْرج عيسى ابن مريم، فيساعده على قتل الدجال بباب لُدّ بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة، وعيسى صلوات الله عليه يصلي خلفه، في طول من قصته وأمره، ومحمد بن خالد الجندي، وإن كان يذكر عن يحيى بن معين ما ذكرته (يعني من توثيقه)، فإنه غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنفل". اهـ. من تهذيب الكمال (3/ 1194).

وحكم الصنعاني على الحديث بالوضع في "الدر الملتقط" (ص 34 رقم =

(7/3285)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= 44)، وتبعه عليه الهندي في "تذكرة الموضوعات" (ص 223)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص 510 - 511 رقم 127).

وقال الحافظ ابن كثير في النهاية (1/ 32): (وهذا الحديث فيما يظهر بادي الرأي، مخالف للأحاديث التي أوردناها في إثبات مهديّ غير عيسى ابن مريم، إما قبل نزوله كما هو الأظهر والله أعلم، وإما بعده، وعند التأمل لا يتنافيان، بل يكون المراد من ذلك: أن المهدي حق المهديّ هو عيسى ابن مريم، ولا ينفي ذلك أن يكون غيره مهدياً أيضاً، والله أعلم). اهـ.

أقول: وتَقَصّي كلام الأئمة عن الحديث يطول، ولم أجد من حكم عليه بالصحة، أو الحسن، وجميع كلامهم منصبّ على إعلال الحديث بهذه الجملة منه: "لا مهدي إلا عيسى"، ومن أراد الاستفاضة، فعليه بمراجعة:

المستدرك (4/ 441 - 442)، والعلل المتناهية (2/ 379 - 380)، والتذكرة للقرطبي (2/ 722 - 723)، وعقد الدر في أخبار المنتظر للسلمي (ص 60 - 64)، ومنهاج السنة لشيخ الِإسلام ابن تيمية (2/ 167 - 168)، والمنار المنيف لتلميذه ابن القيم (ص 141 - 143)، والميزان للذهبي (3/ 535 - 536)، وطبقات الشافعية لابن السبكي (2/ 171 - 173)، والنهاية لابن كثير (1/ 32)، وتهذيب الكمال للمزي (3/ 1193 - 1194)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (9/ 143 - 145)، و"العرف الوردي" للسيوطي مع الحاوي للفتاوي له (2/ 85)، و"لوامع الأنوار البهية" (2/ 84)، والسلسلة الضعيفة للألباني (1/ 103 - 105)، حيث قال عنه: "منكر".

الحكم على الحديث.

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لما تقدم عن حال محمد بن خالد الجندي، ونكارة متنه كما قال النسائي، وغيره من العلماء المتقدم ذكرهم، والله أعلم.

(7/3286)

1096 - حديث رافع بن بشر السلمي، عن أبيه:

أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (1): "تخرج نار ... " الحديث (2).

قلت: رافع مجهول.

__________

(1) قوله: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال) ليس في (ب)، وفيه: (مرفوعاً).

(2) قوله: (الحديث) ليس في (ب).

1096 - المستدرك (4/ 442 - 443) هذا الحديث ذكره الحاكم شاهداً لحديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في سفر، فلما رجعنا تعجل الناس، فدخلوا المدينة، فسأل عنهم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأخبر أنهم تعجلوا إلى المدينة، فقال: "يوشك أن يدعوها أحسن ما كانت، ليت شعري، متى تخرج نار من جبل الوراق فتضيء لها أعناق البخت ببصري، سروجاً كضوء النهار".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، وشاهده حديث رافع السلمي الذي": أخبرناه أحمد بن كامل القاضي، ثنا محمد بن سعد بن الحسن العوفي، ثنا عثمان بن عمر بن فارس، أنبأ عبد الحميد بن جعفر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين -رضي الله عنهم-، عن رافع بن بشر السلمي، عن أبيه، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: "تخرج نار من حبس سيل تسير بسير بطيئة، تكمن بالليل، وتسير بالنهار، تغدو، وتروح، يقال: غدت النار أيها الناس فاغدوا، قالت النار أيها الناس فقيلوا، راحت النار أيها الناس فروحوا، من أدركته أكلته".

تخريجه:

الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 443). =

(7/3287)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ومن طريقه ابن الأثير في أسد الغابة (1/ 220 - 221).

وأخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 233 - 234 رقم 934).

ومن طريقه ابن حبان في صحيحه (ص 467 رقم 1892).

وأخرجه الطبراني في الكبير (2/ 30 رقم 1229).

وأبو نعيم في المعرفة (1/ ل 96 أ).

جميعهم من طريق عبد الحميد بن جعفر، به نحوه، وجميعهم قالوا: "تسير سير بطيئة الإبل"، وهذا أوضح معنى من سياق الحاكم.

قال الهيثمي في المجمع (8/ 12): "رواه أحمد، والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، غير رافع، وهو ثقة".

دراسة الإسناد:

الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث المتقدم ذكره، فتعقبه الذهبي بقوله: "رافع مجهول". ورافع هذا هو ابن بشر، ويقال: بشير، السلمي، ذكره ابن حبان في ثقاته، وروى عنه ابنه بشير، وأبو جعفر الباقر، فهو مجهول الحال./ ثقات ابن حبان (4/ 236)، وتعجيل النفعة (ص 85 رقم 300).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة حال رافع بن بشر السلمي.

وأما خروج النار التي تضيء أعناق الإبل ببصرى فثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى".

أخرجه البخاري في صحيحه (13/ 78 رقم 7118) في الفتن، باب خروج النار. =

(7/3288)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ومسلم (4/ 2227 - 2228 رقم 42) في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز.

واللفظ لهما.

وقد وقع ما أخبر به -صلَّى الله عليه وسلم- سنة أربع وخسين وستمائة للهجرة، حتى شاهد أهل بصرى أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز، في المدينة النبوية، وهي تُسيل الصخر حتى يصير كالرصاص المذاب، ثم يصير مثل الفحم الأسود، وكان الناس يسيرون على ضوئها بالليل إلى تيماء، واستمرت على ذلك شهراً، إلى غير ذلك من أخبار هذه النار التي تجدها مفصلة في التذكرة للقرطبي (2/ 745 - 746)، والبداية لابن كثير (13/ 187 - 193).

(7/3289)

1097 - حديث عاصم الأنصاري مرفوعاً:

"يوشك أن (تخرج) (1) من حبس سيل (نار) (2) تضيء أعناق الإِبل ببصري " (3).

قال: صحيح.

قلت: منكر؛ فيه إبراهيم بن إسماعيل أبو مُجمع ضعيف، وإسماعيل بن أبي (أويس) (4) متكلم فيه.

__________

(1) في (أ): (يخرج)، ولم تنقط في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) ليست في (أ)، و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) من قوله: (من حبس) إلى هنا ليس في (ب).

(4) في (أ): (يونس)، وليست في (ب)، لأنه اكتفى بقوله: (قلت: منكر)، ولم يذكر بقية التعقيب، وقوله: (أويس) كذا في المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

1097 - المستدرك (4/ 443) قال الحاكم عقب الحديث السابق: "وقد رَوَى عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في ذكر أشراط الساعة خروج النار من أرض الحجاز: عاصم بن عدي الأنصاري، وأبو هريرة، وأبو ذر الغفاري، وقد تقدم ذكره. أما حديث عاصم بن عدي ": فحدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ العباس بن الفضل الأسفاطي، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا عباية بن بكر بن أبي ليلى المزني، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال: حدثني أبو البداح بن عاصم الأنصاري، عن أبيه، أنه قال: سأَلَنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حدثان ما قدم، فقال:"أين حبس سيل؟ " قلنا: لا ندري، فمر بي رجل من بني سليم، فقلت: من أين جئت؟ قال: من حبس سيل، فدعوت بنعلي، فانحدرت إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقلت: يا رسول الله، سألتنا عن حبس سيل، وإنه لم يكن لنا به علم، وإنه مر بي هذا الرجل، =

(7/3290)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= فسألته، فزعم أن به أهله، فسأله رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: "أين أهلك؟ " قال: بحبس سيل، فقال: "أخّر أهلك، فإنه يوشك أن تخرج منه نار تضيء أعناق الإبل ببصرى".

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 137 رقم 458) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، به نحوه، وفي المسند عنده سَقْط، وأظنه من الطباعة.

قال الهيثمي في المجمع (8/ 13): "فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وهو ضعيف".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "منكر، وإبراهيم ضعيف، وإسماعيل متكلم فيه". وإبراهيم هذا هو ابن إسماعيل بن مُجمع -بوزن اسم الفاعل- الأنصاري، أبو إسحاق، المدني، وهو ضعيف./ الكامل (1/ 233 - 234)، والتقريب (1/ 32 رقم 175)، والتهذيب (1/ 105 - 106 رقم 183).

وإسماعيل بن أبي أويس تقدم في الحديث (751) أنه: صدوق: إلا أنه أخطأ في أحاديث من حفظه.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، والكلام عن حفظ إسماعيل بن أبي أويس.

وأما قول الذهبي -رحمه الله- عن الحديث: "منكر"، فلعله يقصد به تفرد من تقدم من الرواة بهذا السياق للحديث، وإلا فإن إخباره -صلى الله عليه وسلم- بخروج النار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى ثابت في الصحيحين، وتقدم تخريجه في الحديث السابق، والله أعلم.

(7/3291)

1098 - حديث معاذ بن أنس مرفوعاً:

"لا تزال الأمة على شريعة ما لم يظهر فيهم ثلاث: مما لم يقبض منهم العلم ... " الحديث (1).

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: منكر، وفيه (زَبَّان) (2) بن فائد، (ولم) (3) يخرجا له.

__________

(1) من قوله: (ما لم يظهر) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).

(2) في (أ) و (ب): (زياد)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

(3) ليست في (أ).

1098 - المستدرك (4/ 444): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنبأ ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "لا تزال الأمة على شريعة ما لم تظهر فيهم ثلاث: ما لم يقبض منهم العلم، ويكثر فيهم ولد الخبث، ويظهر فيهم السقارون"، قالوا: وما السقارون يا رسول الله؟ قال: "بشر يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إذا تلاقوا: التلاعن".

تخريجه:

الحديث أخرجه أحمد في المسند (3/ 439).

والطبراني في الكبير (20/ 195 رقم 439).

كلاهما من طريق زبان بن فائد، به نحوه، إلا أن عندهما: (ولد الحنث)، بالنون، و: (الصقارون)، بالصاد. =

(7/3292)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي بقوله: "منكر، وزبان لم يخرجا له".

وزَبَّان هذا هو ابن فائد -بالفاء-، البصري، أبو جُوين -بالجيم مصغراً-، المصري، وهو ضعيف الحديث مع صلاحه، وعبادته، ولم يخرج له الشيخان في صحيحهما شيئاً./ الجرح والتعديل (3/ 616 رقم 2788)، والتقريب (1/ 257 رقم 10)، والتهذيب (3/ 308 رقم 574).

قلت: ومع ضعف زبان، فقد تفرد بالحديث، وهذا الذي دعى الذهبي إلى الحكم عليه بالنكارة.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف زبان بن فائد، ومتنه منكر كما قال الذهبي لتفرد زبان به، حيث لم أجد من تابعه عليه، والله أعلم.

(7/3293)

1099 - حديث أبي سعيد مرفوعا:

"تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة، فيصبح القوم، فيقولون: من صعق البارحة؟ فيقولون: صعق فلان، وفلان" (1).

قال: على شرط مسلم.

قلت: فيه عمارة المعْوَلي) (2)، وهو ثقة لم يخرجوا له (3).

__________

(1) من قوله (عند اقتراب) إلى هنا ليس في (ب).

(2) في (أ): (المغولي) -بالغين-، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه ومصادر الترجمة.

(3) في (ب): (قلت: عمارة ثقة لم يخرجوا له)، وهذه عبارة التلخيص، والمراد بقوله: "لم يخرجوا له" يعني أصحاب الكتب الستة، وهو كذلك حيث لم يترجم له في رجال الكتب الستة.

1099 - المستدرك (4/ 444): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ومحمد بن أحمد بن بالويه، قالا: ثنا موسى بن الحسن بن عباد، ثنا محمد بن مصعب القرقساني، ثنا عمارة المعولي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث أخرجه أحمد في المسند (3/ 64 - 65) من طريق محمد بن مصعب، به نحوه.

قال الهيثمي في المجمع (8/ 9): "رواه أحمد، عن محمد بن مصعب، وهو ضعيف". =

(7/3294)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: "عمارة ثقة لم يخرجوا له"، ولم يعلَّ الحديث بمحمد بن مصعب القرقساني الراوي للحديث عن عمارة، مع أنه أعل الحديث رقم (614) به، فقد قال الحاكم عن الحديث هناك: "على شرط البخاري ومسلم"، فتعقبه الذهبي بقوله: بل منقطع ضعيف، فإن شداداً لم يدرك أم الفضل، ومحمد بن مصعب ضعيف".

ومحمد بن مصعب القرقساني تقدم في الحديث (614) أنه: صدوق كثير الغلط.

وأما عمارة بن مهران العابد، أبو سعيد المَعْوَلي، البصري، فإنه: ثقة، وثقه ابن معين، وابن حبان، وقال أبو حاتم: شيخ. اهـ. من الجرح والتعديل (6/ 369 رقم 2035)، والثقات لابن حبان (7/ 262)، ولم يذكره الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة.

وأما نسبته فاختلف في ضبطها، هل هي بكسر الميم، أو فتحها، ورجح السمعاني في الأنساب (12/ 358 - 359)، أنها بفتح الميم، وسكون العين المهملة، وفتح الواو، وفي آخرها اللام، نسبة إلى معولة، بطن من الأزد، وتبعه على ذلك الذهبي في "المشتبه" (ص 606)، وخالفه ابن الأثير في "اللباب" (3/ 238) فرجح أن الصواب: بكسر الميم، وفتح الواو.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لما تقدم عن حفظ محمد بن مصعب.

وأما عمارة المعولي فإنه لم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة، وهو ثقة كما تقدم، والله أعلم.

(7/3295)

1100 - و 1101 - حديث خارجة بن الصلت البُرْجُمي، قال:

دخلت مع عبد الله يوماً المسجد، فإذا القوم ركوع، فمر رجل، فسلم عليه، فقال: صدق الله ورسوله، فسألته عن ذلك، فقال: إنه لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقاً ... الحديث (1).

قال: صحيح.

قلت: موقوف، (وبشير ثقة احتج به مسلم) (2).

__________

(1) من قوله: (فإذا القوم ركوع) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).

(2) في (أ) و (ب): (قلت: موقوف، وفيه بشير ثقة احتج به مسلم)، وما أثبته من التلخيص، وزاد فيه: "وسمع هذا منه أبو نعيم".

وإنما لم أثبت عبارة ابن الملقن؛ لأن بشيراً ليس في إسناد حديث خارجة بن الصلت، وإنما هذا الحديث عبارة عن حديثين، الأول: يرويه أبو نعيم، عن بشير بن سلمان هذا، عن سيار أبي الحكم، عن طارق بن شهاب، عن ابن مسعود، والثاني: يرويه عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن حصين، عن عبد الأعلى بن الحكم، عن خارجة. وإنما أتى الحاكم بحديث خارجة لتقوية رواية بشير، وسيأتي ذكر كلامه في ذلك.

1100 - المستدرك (4/ 445 - 446): أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله التاجر، ثنا السري بن خزيمة، ثنا أبو نعيم، ثنا بشير بن سلمان، عن سيار أبي الحكم، عن طارق بن شهاب، قال: كنا عند عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- جلوساً، فجاء آذنه، فقال: قد قامت الصلاة، فقام، وقمنا معه، فدخلنا المسجد، فرأى الناس ركوعاً في مقدم المسجد، فكبر، وركع، ومشى، وفعلنا مثل ما فعل. قال: فمر رجل مسرع، فقال: السلام عليكم يا أبا عبد الرحمن، فقال: صدق الله، وبلَّغ رسوله -صلى =

(7/3296)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الله عليه وسلم- فلما صلينا، رجع، فولج أهله، وجلسنا في مكانه ننتظره حتى يخرج. فقال بعضنا لبعض: أيكم يسأله؟ فقال طارق: أنا أسأله، فسأله طارق، فقال: سلم عليك الرجل، فرددت عليه: صدق الله، وبلغ رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال عبد الله: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشوَّ التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وحتى يخرج الرجل بماله إلى أطراف الأرض، فيرجع، فيقول: لم أربح شيئاً".

تخريجه:

الحديث أخرجه أحمد في مسنده (1/ 407 - 408) من طريق أبي أحمد الزبيري، ثنا بشير بن سلمان، فذكر القصة بنحو ما هنا، ولفظ المرفوع عنده، قال فيه: "إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان الشهادة، وظهور القلم".

ثم أخرجه الإمام أحمد أيضاً (1/ 419 - 420) مختصراً، من طريق يحيى بن آدم، أنا بشير أبو إسماعيل، به.

وأخرجه البزار في مسنده (4/ 147 رقم 3407) من طريق أبي أحمد، ثنا بشير أبو إسماعيل، به، ولم يذكر القصة، ولفظه: "إن من اقتراب الساعة السلام بالمعرفة، وأن يجتاز الرجل بالمسجد لا يصلي فيه"، والحديث له ألفاظ روى الحاكم وأحمد بعضها، وهذا الذي عند البزار بعضه، وسيأتي ذكر ذلك في الحديث الآتي.

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، وقرن الكلام عنه بالحديث الآتي حيث قال: "وقد أسند هذه الكلمات بشير بن سلمان في روايته، ثم صار الحديث برواية شعبة هذه صحيحاً، ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله: "موقوف، وبشير ثقة احتج به مسلم، وسمع هذا منه أبو نعيم"، ويعني الذهبي بقوله: =

(7/3297)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= "موقوف" الحديث الآتي، وأما هذا الحديث فمرفوع، وبيان حال رجال إسناده كالتالي:

طارق بن شهاب تقدم في الحديث (510) أنه ثقة صحابي رأى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يسمع منه.

وسيار أبو الحكم العنزي تقدم في الحديث (1021) أنه: ثقة.

وبشير بن سلمان تقدم في الحديث السابق أيضاً أنه: ثقة يغرب، وهو من رجال مسلم.

وأبو نعيم الفضل بن دكين تقدم في الحديث (606) أنه: ثقة ثبت.

والسري بن خزيمة تقدم في الحديث (575) أنه: ثقة حافظ إمام حجة.

وشيخ الحاكم محمد بن عبد الله بن أبي الوزير التاجر تقدم في الحديث (498) أني لم أجد من ترجم له، غير أنه لم ينفرد به، فقد رواه الِإمام أحمد من طريق شيخه أبي أحمد الزبيري، عن بشير بن سلمان.

وأبو أحمد الزبيري اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير، وتقدم في الحديث (606) أنه ثقة ثبت.

لكن للحديث علة خفيت على الشيخين أحمد شاكر، والألباني، فصحح كل منهما الحديث لذاته بإسناد الِإمام أحمد.

أما أحمد شاكر ففي حاشيته على المسند (5/ 333 رقم 3870)، وأما الألباني ففي السلسلة الصحيحة (2/ 250 رقم 647).

وهذه العلة تقدم الكلام عنها في الحديث رقم (1021) وهو أن بشير بن سلمان كان يخطيء في اسم شيخه، فيقول: سيار أبو الحكم، والصواب أن اسم شيخه: سيار أبو حمزة، وأبو الحكم ثقة، أما أبو حمزة فمقبول كما تقدم هناك. =

(7/3298)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم فيه شيخه ابن أبي الوزير، وتقدم أني لم أجد له ترجمة، لكنه لم ينفرد بالحديث كما سبق، وعليه فعلة الحديث جهالة حال سيار أبي حمزة، والله أعلم.

1101 - المستدرك (4/ 446): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضى، ثنا عمرو بن مرزوق، أنبأ شعبة، عن حصين، عن عبد الأعلى بن الحكم رجل من بني عامر، عن خارجة بن الصلت البرجمي، قال: دخلت مع عبد الله يوماً المسجد، فإذا القوم ركوع، فمر رجل، فسلم عليه، فقال: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، فسألته عن ذلك، فقال: أنه لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقاً، وحتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة، وحتى تَتّجر المرأة وزوجها، وحتى تغلو الخيل والنساء، ثم ترخص فلا تغلو إلى يوم القيامة.

قال الحاكم عقبه:"هذا حديث صحيح الِإسناد، وقد أسند هذه الكلمات بشير بن سلمان في روايته، ثم صار الحديث برواية شعبة هذه صحيحاً، ولم يخرجاه".

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 343 رقم 9487) من طريق زائدة، عن حصين، عن عبد الأعلى بن الحكم، عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: أتينا المسجد مع عبد الله بن مسعود، فقال عبد الله: كان يقال: إن من اقتراب الساعة أن تتخذ المساجد طرقاً.

وأخرجه أيضاً برقم (9486) من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن حصين، عن عبد الأعلى قال: دخلت المسجد مع ابن مسعود، فذكره بنحو رواية الحاكم هنا هكذا بإسقاط خارجة. =

(7/3299)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وللحديث طرق أخرى عن ابن مسعود، منها:

1 - ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/ 387).

والطبراني في الكبير (9/ 344 رقم 949).

كلاهما من طريق عبد الله بن نمير، عن مجالد، عن عامر، عن الأسود بن يزيد، فذكر قصة دخولهم المسجد، وسلام الرجل، وفيه: فلما انصرف سأله بعض القوم: لم قلت حين سلم عليك الرجل: صدق الله ورسوله؟ قال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن من أشراط الساعة إذا كانت التحية على المعرفة".

2 - ومنها: ما أخرجه أحمد أيضاً (1/ 405 - 406) من طريق شريك، عن عياش العامري، عن الأسود بن هلال، عن ابن مسعود، فذكر المرفوع نحو لفظ سابقه، ولم يذكر القصة.

3 - ومنها: ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2/ 283 - 284 رقم 1326).

والطبراني في الكبير (9/ 343 - 344 رقم 9489).

كلاهما من طريق الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، قال: لقي عبد الله رجل، فقال: السلام عليك يا ابن مسعود، فقال عبد الله: صدق الله ورسوله، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين، وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف، وأن يبرد الصبي الشيخ" وهذا لفظ ابن خزيمة.

4 - ومنها: ما أخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (9490) من طريق ميمون أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، فذكره بنحو سابقه، وزاد: "وحتى يبلغ التاجر بين الأفقين فلا يجد ربحاً". =

(7/3300)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعلّها الذهبي بقوله: "موقوف"، يعني أنه من قول ابن مسعود، ولم يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وبتأمل الحديث، والروايات الأخرى يترجح أن الحديث مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس بموقوف، بدليل الآتي:

1 - قول ابن مسعود في الحديث: "صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله"، وبعد أن سئل عن سبب قوله هذا، ذكر الحديث، فهذه قرينة قوية على أن ابن مسعود قصد تفسير قوله هذا بما يناسبه.

2 - بقية الطرق الأخرى فيها التصريح برفع ابن مسعود الحديث إليه -صلى الله عليه وسلم-، ومنها الحديث السابق برقم (1100).

3 - لو سلمنا بأنه موقوف على ابن مسعود، فإنه مرفوع حكماً، لأن هذا أمر غيبي لا يقال من قبل الرأي.

هذا ومدار الحديث على عبد الأعلى بن الحكم الكلبي، ويقال: الكلابي، وهو مجهول الحال، ذكره البخاري في تاريخه (6/ 70 رقم 1739)، وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم (6/ 25 رقم 130)، وبيض له، وذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 128)، وروى عنه حصين بن عبد الرحمن، وجعفر بن برقان.

وقد اختلف على حصين في رواية الحديث عن عبد الأعلى هذا، عن ابن مسعود مباشرة، أو عن عبد الأعلى، عن خارجة بن الصلت، عن ابن مسعود.

وعبد الأعلى مختلف في روايته عن ابن مسعود.

قال البخاري في الموضع السابق: سمع ابن مسعود، وحذيفة، وأبا موسى -رضي الله عنهم-، قولهم، قال كثير بن هشام: حدثنا جعفر، حدثنا عبد الأعلى. =

(7/3301)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وقال أبو عوانة: عن حصين، حدثنا عبد الأعلى بن الحكم، سمع خارجة، سمع ابن مسعود، وأوضح هذا المعنى ابن أبي حاتم بقوله: "سمع ابن مسعود، وحذيفة، ومنهم من يدخل بينه وبين ابن مسعود: خارجة بن الصلت".

قلت: أما رواية حصين عنه هنا فالراجح أنها بإدخال خارجة بينه وبين ابن مسعود؛ لأن الراوي عن حصين عند الحاكم هو أمير المؤمنين في الحديث: شعبة.

وتابعه زائدة عند الطبراني.

وخالفهما سفيان الثوري عند الطبراني أيضاً، وتقدم ذكر ذلك.

لكن رواية سفيان يرويها عنه عبد الرزاق، وعنه إسحاق بن إبراهيم الدبري، وإسحاق له عن عبد الرزاق أحاديث منكرة، نقل ابن حجر في اللسان (1/ 349 - 350) عن ابن الصلاح أنه قال: "ذكر أحمد أن عبد الرزاق عمي، فكان يلقن فيتلقن، فسماع من سمع منه بعدما عمي لا شيء. قال ابن الصلاح: وقد وجدت فيما روى الدبري، عن عبد الرزاق أحاديث أسْتنكرها جداً، فأحلت أمرها على الدبري؛ لأن سماعه منه متأخر جداً، والمناكير التي تقع في حديث عبد الرزاق فلا يلحق الدبري منه تبعة، إلا أنه صحف، أو حرف، وإنما الكلام في الأحاديث التي عنده في غير التصانيف، فهي التي فيها المناكير، وذلك لأجل سماعه منه في حالة الاختلاط، والله أعلم". اهـ.

وأما الطريق الثالثة التي يرويها سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن ابن مسعود، ففي سندها الحكم بن عبد الملك القرشي، وتقدم في الحديث (544) أنه ضعيف.

وأما الطريق الرابعة التي يرويها علقمة ففي سندها ميمون أبو حمزة الأعور، القصاب، مشهور بكنيته، وهو ضعيف./ الكامل (6/ 2407)، والتقريب (2/ 292 رقم 1561)، والتهذيب (10/ 395 - 396 رقم 711). =

(7/3302)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لجهالة حال عبد الأعلى بن الحكم.

لكن قوله: "حتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة، وحتى تَتجّر المرأة وزوجها". يشهد له الحديث السابق برقم (1100)، فيكون حسناً لغيره.

وقوله: "لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقاً يشهد له الطريقان الثالثة والرابعة، فيكون حسناً لغيره أيضاً.

وأما قوله: "تغلو الخيل والنساء، ثم ترخص فلا تغلو إلى يوم القيامة" فلم أجد ما يشهد له، فيبقى على ضعفه، والله أعلم.

(7/3303)

1102 - حديث سلمة بن نُفَيل السكوني، قال:

بينا نحن عند رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فجاء رجل، فقال: يا نبي الله، هل أُتيت بطعام (من) (1) السماء؟ ... الحديث.

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه أرطأة بن المنذر، ولم يخرجا له، وهو ثبت (2)، والخبر من غرائب الصحاح.

__________

(1) في (أ) و (ب): (في)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) في (ب): (قلت: فيه أرطأة بن المنذر ثبت لم يخرجا له).

1102 - المستدرك (4/ 447 - 448): حدثنا أبو محمد جعفر بن صالح بن هانيء، ثنا محمد بن إسماعيل بن مهران، ثنا صفوان بن صالح الدمشقي، ومحمد بن المصطفى الحمصي، قالا: ثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي، ثنا أرطأة بن المنذر، قال: سمعت ضمرة بن حبيب يقول: سمعت سلمة بن نفيل السكوني يقول -وكان من أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: بينا نحن جلوس عند النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فجاء رجل، فقال: يا نبي الله، هل أتيت بطعام من السماء؟ فقال: "أتيت بطعام مسخنة"، قال: فهل كان فيه فضل عندك؟ قال: "نعم"، قال: فما فعل به؟ قال: "رفع إلى السماء، وهو يوحى إلي أني غير لابث فيكم إلا قليلاً، ولستم لابثين بعدي إلا قليلاً، بل تلبثون حتى تقولوا: متى متى، ثم تأتون أفناداً، ويفني بعضكم بعضاً، وبين يدي الساعة موتان شديد، وبعده سنوات الزلزال". اهـ. وما كان فيه من اختلاف عن المطبوع فهو تصويب من المخطوط.

(7/3304)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= تخريجه:

الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 104).

والدارمي في سننه (1/ 32 رقم 56) في باب ما أكرم النبي -صلى الله عليه وسلم- من المقدمة.

وابن جان في صحيحه (ص 460 رقم 1861).

والطبراني في الكبير (7/ 59 رقم 6356).

جميعهم من طريق أرطأة بن المنذر، به نحوه، عدا ابن حبان، فإنه قال فيه: كنا جلوساً عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو يوحى إليه فقال: "إني غير لابث ... " الحديث بنحوه، ولم يذكر سؤال الرجل له، وجوابه.

وأخرجه أيضاً البزار، وأبو يعلى -كما في المجمع (7/ 306) -، ثم قال الهيثمي عقبه: "رجاله ثقات".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "لم يخرجا لأرطأة، وهو ثبت، والخبر من غرائب الصحاح".

وأرطأة هذا هو ابن المنذر بن الأسود الألهاني، أبو عدي الحمصي، وهو ثقة، ولم يرو له أحد من الشيخين في صحيحه./ الجرح والتعديل (2/ 326 - 327 رقم 1249)، التقريب (1/ 50 رقم 339)، والتهذيب (1/ 198 رقم 373).

وضمرة بن حبيب تقدم في الحديث (1011) أنه: ثقة.

وفي إسناد الحاكم شيخه أبو محمد جعفر بن صالح بن هانيء لم أجد له ترجمة.

لكن الراوي عن أرطأة في المسند هو شيخ الِإمام أحمد أبو المغيرة الحمصي، واسمه عبد القدوس بن الحجاج، وتقدم في الحديث (683) أنه: ثقة. =

(7/3305)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم يتوقف الحكم عليه على معرفة حال شيخه جعفر بن صالح بن هانيء، ولو عرفت حاله بالعدالة والضبط لما كان الحديث على شرط الشيخين، ولا أحدهما على مراد الذهبي؛ لكونهما لم يخرجا لأرطأة بن المنذر، لكن الحديث بإسناد أحمد صحيح لذاته كما يتضح من دراسة الإسناد.

وقول الذهبي عن الحديث: "من غرائب الصحاح" لعله يقصد به غرابة متنه، وإلا فالحديث جاء بعضه من طريق ابن عباس، ورجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يكنى: أبا سعيد، ذكر هذين الحديثين السيوطي في الخصائص (2/ 56) وعزاهما لابن عساكر، وفيهما قصة إنزال الطعام، وحديث أبي سعيد أقرب إلى سياق الحاكم.

قال السيوطي عن حديث ابن عباس: "فيه حفص بن عمر الدمشقي عرف بصاحب حديث القطف، قال البخاري: لا يتابع عليه". اهـ. والله أعلم.

(7/3306)

1103 - حديث أبي قتادة (1) مرفوعاً:

"يبايع رجل بين الركن والمقام، ولن يستحل هذا البيت إلا أهله ... " الحديث (2).

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه سعيد بن سمعان، وما خرجا له شيئاً، ولا (3) روى عنه غير ابن أبي ذئب، وقد تكلم فيه (4).

__________

(1) الحديث لأبي هريرة يحدث به أبو قتادة، وابن الملقن جعله هنا من حديث أبي قتادة.

(2) من قوله: (ولن يستحل) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).

(3) قوله: (ولا)، في (ب): (وما).

(4) في التلخيص المطبوع، والنسخة المخطوطة منه التي لدي هكذا: "ما خرجا لابن سمعان شيئاً، ولا روى عنه ابن أبي ذئب، وقد تكلم فيه"، هكذا بحذف كلمة: (غير)، وقد نبه على هذا الخطأ الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في حاشية المسند (15/ 36)، فقال: (وقع في مختصر الذهبي المطبوع "ولا روى عنه ابن أبي ذئب"، بحذف كلمة: "غير"، وهو خطأ من طابع أو ناسخ، وهي ثابتة في مخطوطة مختصر الذهبي التي عندي).اهـ.

1013 - المستدرك (4/ 452 - 453): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا أسد بن موسى، ثنا أبي ذئب.

وحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، واللفظ له، ثنا حامد بن أبي حامد المقري، ثنا إسحاق بن سليمان الرازي، قال: سمعت ابن أبي ذئب يحدث عن سعيد بن سمعان، قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يحدث أبا قتادة، أن النبي -صلى الله عليه وآله =

(7/3307)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وسلم- قال: "يبايع رجل بين الركن والمقام، ولن يستحلَّ هذا البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب. ثم تجيء الحبشة، فتخربه خراباً لا يعمر بعده أبداً، وهم الذين يستخرجون كنزه".

تخريجه:

الحديث أخرجه الطيالسي في مسنده (ص312 - 313 رقم 2373).

وابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 52 - 53 رقم 19091).

وأحمد في مسنده (2/ 291 و312 و 328 و351).

وعلي بن الجعد في مسنده (2/ 1005 رقم 2911).

جميعهم من طريق ابن أبي ذئب، به نحوه.

دراسه الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "ما خرجا لابن سمعان شيئاً، ولا روى عنه غير ابن أبي ذئب، وقد تكلم فيه".

قلت: أما سعيد بن سمعان الأنصاري، الزُّرَقي، مولاهم، المدني، فإنه ثقة؛ وثقه النسائي، وابن حبان، والدارقطني، وقال الحاكم: تابعي معروف، وضعفه الأزدي، وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة لم يصب الأزدي في تضعيفه"./ سؤالات البرقاني للدارقطني (ص 33 رقم 182)، والتهذيب (4/ 45 رقم 72)، والتقريب (1/ 298 رقم 190).

وأما الذهبي -رحمه الله- فاختلف كلامه عن سعيد هذا.

فهو هنا يميل إلى قول من تكلم فيه.

وفي الميزان (2/ 143 رقم 3206) قال: "فيه جهالة، ضعفه الأزدي، وقواه غيره، وقال النسائي: ثقة".

وفي الكاشف (1/ 363 رقم 1923) مال إلى قول من وثقه، فقال: =

(7/3308)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= "وُثِّق"، وأكد ذلك في ديوان الضعفاء (ص 121 رقم 1617) فقال: "ثقة، ضعفه الأزدي".

وأما قول الذهبي: "ولا روى عنه غير ابن أبي ذئب" فيفسره حكمه على الرجل بالجهالة في الموضع السابق من الميزان، ومثله في الغني في الضعفاء له (1/ 261 رقم 2409)، وهذا ليس بصحيح؛ لأن سعيداً هذا روى عنه راويان آخران -كما في ترجمته في الموضع السابق من التهذيب-.

وأما كون البخاري ومسلم لم يخرجا لسعيد هذا شيئاً فهو كذلك كما في مرجعي ترجمته السابقين.

وبقية رجال إسناد الحاكم بيان حالهم كالتالي:

ابن أبي ذئب اسمه محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث ابن أبي ذئب القرشي، العامري، أبو الحارث المدني، وهو ثقة فقيه فاضل من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (7/ 313 - 314 رقم 1704)، والتقريب (2/ 184 رقم 462)، والتهذيب (9/ 303 رقم 503).

ورواه عن ابن أبي ذئب اثنان، أحدهما:

أسد بن موسى، وتقدم في الحديث (806) أنه: صدوق يغرب.

والآخر إسحاق بن سليمان الرازي، أبو يحيى، وهو ثقة فاضل من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (2/ 223 - 224 رقم 773)، والتقريب (1/ 58 رقم 402)، والتهذيب (1/ 234 رقم 436).

ورواه عن أسد: الربيع بن سليمان، وتقدم في الحديث (806) أنه: ثقة.

ورواه عن إسحاق بن سليمان: حامد بن أبي حامد المقريء، واسمه حامد بن محمود بن حرب النيسابوري، مقدم القراء في نيسابور، كذا قال ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 202)، وذكره ابن حبان في ثقاته (8/ 219). =

(7/3309)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأما شيخا الحاكم فهما محمد بن يعقوب الأصم، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم، وهما إمامان تقدمت ترجمتاهما في الحديثين (531) و (523).

والحديث رواه الطيالسي مباشرة عن شيخه ابن أبي ذئب في الموضع السابق من مسنده.

الحكم على الحديث:

الحديث صحيح لغيره بمجموع إسنادي الحاكم، وليس هو على شرط الشيخين، ولا أحدهما على مراد الذهبي، لكونهما لم يخرجا لسعيد بن سمعان، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في الموضع السابق، والألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 119 - 120 رقم 579)، والله أعلم.

(7/3310)

1104 - حديث عياش (1) بن أبي ربيعة مرفوعاً:

"تجيء (2) ريح بين يدي الساعة يقبض فيها روح على مؤمن" (3).

قلت: فيه انقطاع.

_________

(1) في (ب): (عباس).

(2) قوله: (تجيء) لم تنقط في (ب)، وفي المستدرك وتلخيصه: (يجىء)، وما أثبته من (أ).

(3) من قوله: (يقبض) إلى هنا ليس في (ب).

1104 - هذا الحديث أشار مصحح المستدرك المطبوع إلى أنه أضافه من التلخيص (4/ 455)، ولم يذكره في التلخيص بجميع الإسناد، فأثبته من المستدرك المخطوط، حيث قال الحاكم: أخبرنا محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن عياش بن أبي ربيعة، قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول، فذكره بلفظه.

قال الحاكم عقبه: "إن كان نافع سمع من عياش المخزومي، فإنه صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

وبنفس الإسناد أعاده الحاكم (4/ 489)، وبلفظ: "تجيء الريح بين يدي الساعة فتقبض روح كل مؤمن".

قال الحاكم عقبه: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي.

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا، وفي الموضع الآخر من طريق عبد الرزاق، عن معمر، به. =

(7/3311)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه عبد الرزاق في جامع معمر الملحق بمصنفه (11/ 381 - 382 رقم 20802)، بمثل لفظ الحاكم هنا.

ومن طريقه أخرجه أحمد في المسند (3/ 420).

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم هنا على شرط الشيخين بقيد سماع نافع من عياش، فتعقبه الذهبي بقوله: "فيه انقطاع".

ثم أخرجه الحاكم مرة أخرى، وصححه على شرط الشيخين، ولم يذكر القيد الذي ذكره هنا، وأقره الذهبي.

وأما الانقطاع الذي أعل الذهبي به الحديث هنا فهو الذي أشار إليه الحاكم بقوله: "إن كان نافع سمع من عياش المخزومي".

والحق أنه لم يسمع منه، فقد حكم المزي -رحمه الله- في تهذيب الكمال (2/ 1075) على روايته عنه بالإرسال. والسبب في ذلك أن عياش بن أبي ربيعة آخر ما قيل في وفاته: إنها كانت في خلافة عمر -رضي الله عنه-، وحدد ذلك بأنه في سنة خمس عشرة، وقيل يوم اليرموك، وقيل قبل ذلك./ انظر التهذيب (8/ 197).

وأما نافع مولى ابن عمر فقد قال أبو زرعة عنه: نافع مولى ابن عمر عن عثمان: مرسل، فأقره العلائي في جامع التحصيل (ص 358) بقوله: "وهذا واضح".

ونقل محقق جامع التحصيل في الحاشية، أن بهامش النسخة الظاهرية ما نصه: "وفي سنن أبي داود روايته عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وهي واضحة الإرسال، وقد قال أبو محمد المنذري في مختصر السنن: نافع عن عمر: منقطع". اهـ.

قلت: ووفاة عمر، وعثمان -رضي الله عنهما- بعد وفاة عياش -رضي الله عنه-. =

(7/3312)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحكم علي الحديث:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف للانقطاع المتقدم بيانه، ولم يتنبه الشيخ الألباني لهذا الانقطاع، فنقل تصحيح الحاكم للحديث في الموضع الآخر، وموافقة الذهبي له، وقال: "وهو كما قالا"./ السلسلة الصحيحة (4/ 383).

والحديث ذكره صاحب كنز العمال (14/ 229 رقم 38509)، وعزاه أيضاً للبخاري، ومسلم، وهذا وهم منه -رحمه الله-، وإنما أخرج مسلم في صحيحه (4/ 2250 - 2255 و 2258 - 2259 رقم 110 و 116) في الفتن، باب ذكر الدجال، وصفته، وما معه، وباب في خروج الدجال، ومكثه في الأرض ... ، أخرج حديثي النواس بن سمعان، وعبد الله بن عمرو بن العاص الطويلين في ذكر الدجال، ونزول عيسى، وفي حديث النواس قال: "فبينما هم كذلك، إذ بعث الله ريحاً طيبة، فتأخذهم تحت أباطهم، فتقبض روح كل مؤمن، وكل مسلم ... " الحديث.

وفي حديث ابن عمرو قال: "ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير، أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه ... " الحديث.

قلت: وعليه فالحديث بهذين الشاهدين يكون صحيحاً لغيره، والله أعلم.

(7/3313)

1105 - حديث عبد الله بن عمرو:

أن رجلًا من أعداء المسلمين بالأندلس يقال له: ذو العرف يجمع من قبائل الشرك جمعاً عظيماً ... ، الحديث بطوله.

قال: على شرط البخاري ومسلم موقوف.

قلت: ليس على شرطهما، فإن فيه (أبا) (1) قَبِيل، ولم يخرجا له، وعبد الله بن صالح، ولم يخرج له مسلم؛ (لضعفه) (2)، والبخاري لم يكد يفصح به (3).

__________

(1) في (أ) و (ب): (أبو)، وفي التلخيص: (فإنهما لم يخرجا لأبي قبيل)، وسيأتي ذكر تمام العبارة.

(2) ما بين القوسين ليس في (أ).

(3) انظر كلام الحافظ ابن حجر في التهذيب (5/ 260 - 261) عن الخلاف في إخراج البخاري لعبد الله بن صالح.

1105 - المستدرك (4/ 460 - 462): أخبرنا أبو منصور محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي، ثنا أبو سهل بسر بن سهل اللباد، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، حدثني أبو قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، أن رجلاً من أعداء المسلمين بالأندلس، يقال له: ذو العرف، يجمع من قبائل الشرك جمعاً عظيماً، يعرف من بالأندلس أن لا طاقة لهم، فيهرب أهل القوة من المسلمين في السفن، فيجيزون إلى طنجة، ويبقى ضعفة الناس، وجماعتهم ليس لهم سفن يجيزون عليها، فيبعث الله لهم وعلاّ، ويعبر لهم في البحر، فيجيز الوعل لا يغطي الماء أظلافه، فيراه الناس، فيقولون: الوعل، الوعل، اتبعوه، فيجيز الناس على أثره كلهم، ثم يصير البحر على ما كان عليه، ويجيز العدو في المراكب، فإذا حس بهم أهل إفريقية هربوا كلهم من إفريقية، ومعهم من كان بالأندلس من المسلمين، حتى يدخلوا الفسطاط، =

(7/3314)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ويقبل ذلك العدو حتى ينزلوا فيما بين مَرْبُوط إلى الأهرام مسيرة خمس برد، فيملأون ما هنالك شرّاً فتخرج إليهم راية المسلمين على الجسر، فينصرهم الله عليهم، فيهزمونهم، ويقتلونهم إلى لُوبَية مسيرة عشر ليال، ويستوقد أهل الفسطاط بعجلهم، وأداتهم سبع سنين، وينفلت ذو العرف من القتل، ومعه كتاب لا ينظر فيه إلا وهو منهزم، فيجد فيه ذكر الإسلام، وأنه يؤمر فيه بالدخول في السلم، فيسأل الأمان على نفسه، وعلى من أجابه إلى الإسلام من أصحابه الذين أقبلوا معه، فيُسلم، ويصير من المسلمين، ثم يأتي العام الثاني رجل من الحبشة، يقال له: أسيس، وقد جمع جمعاً عظيماً، فيهرب المسلمون منهم من أسوان، حتى لا يبقى بها، ولا فيما دونها أحد من المسلمين إلا دخل الفسطاط، فينزل أسيس بجيشه مَنْف، وهو على رأس بريد من الفسطاط، فتخرج إليهم راية المسلمين على الجسر، فينصرهم الله عليهم، فيقتلونهم، ويأسرونهم، حتى يباع الأسود بعباءة.

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح موقوف الإسناد، على شرط الشيخين، وهو أصل في معرفة وقوع الفتن بمصر، ولم يخرجاه، ومنف هو الذي يقول منصور الفقيه -رحمه الله- فيه:

سألت أمس قصوراً بعين شمس، ومنف ... عن أهلها: أين حَلُّوا، فلم يجبني بحرف" اهـ.

قلت: وقوله: (مربوط) كذا في المطبوع، وفي المخطوط: (تونوط)، وأظن المطبوع أصوب؛ ف: (مَربُوط) -بالفتح، ثم السكون، وباء موحدة، وآخره طاء مهملة-: من قرى الإسكندرية./ معجم البلدان (5/ 99).

وقوله: (لُوبيَة) -بالضم، ثم السكون، وباء موحدة، وياء مثناة من تحت-: مدينة بين الإسكندرية وبَرْقة./ المرجع السابق (ص 25).

وأما: (المنفُ) -بالفتح، ثم السكون، وفاء- فهو: اسم مدينة فرعون بمصر. / المرجع السابق (ص 213). =

(7/3315)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على أنه موقوف على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "ليس على شرطهما، فإنهما لم يخرجا لأبي قبيل، ولا روى مسلم لعبد الله بن صالح شيئاً لضعفه، والبخاري لم يكد يفصح به".

قلت: أما أبو قبيل فاسمه حُيَيَّ -وقيل: حَيْ، والأول أشهر-، ابن هانيء بن ناضر -بنون معجمة- أبو قَبِيل -بفتح القاف، وكسر الموحدة، بعدها تحتانية، المصري، وهو ثقة، وثقه الإمام أحمد، وابن معين في رواية، وأبو زرعة، ويعقوب بن سفيان الفسوي، والعجلي، وأحمد بن صالح المصري. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال يعقوب بن شيبة: له علم بالملاحم، والفتن. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان يخطيء وذكره الساجي في الضعفاء، وحَكى عن ابن معين أنه ضعفه. اهـ. من الجرح والتعديل (3/ 275 رقم 1227)، والتهذيب (3/ 72 - 73).

قلت: وجرح الساجي له غير مفسر، ولعله اعتمد على ما حكاه عن ابن معين، مع أنه ورد عنه ما يخالفه.

وكذا جرح ابن حبان له غير مفسر، وهو معروف بتشدده في الجرح -رحمه الله-، وعليه فتوثيق الأئمة المتقدم ذكرهم أولى بالقبول في حق هذا الراوي، وهذا ما رجحه الشيخ عبد العزيز التخيفي في رسالته عن المتكلم فيهم من رجال التقريب (1/ 362 - 364).

وأما كون البخاري ومسلم لم يخرجا لأبي قبيل شيئاً، فهو كذلك حيث لم يذكر في الموضع السابق من التهذيب أنه روى له أحد من الشيخين في صحيحه، وانظر أيضاً الكاشف (1/ 264 رقم 1305).

وأما عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث فتقدم في الحديث (587) أنه: صدوق كثير الغلط، ورجح الحافظ ابن حجر في التهذيب (5/ 260 - 261 و262 - 263) أن البخاري أخرج له في صحيحه، على خلاف في ذلك، فإن ثبت، فيكون البخاري انتقى من حديثه ما تيقَّن من سلامته من الغلط. =

(7/3316)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وفي الإسناد أيضاً الراوي عن عبد الله بن صالح هذا، وهو أبو سهل بسر بن سهل اللباد -كذا في المطبوع-، وفي المخطوط: (بشر)، ولم أجد أحداً بهذا الاسم، أو ذاك، أو بهذه النسبة.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهدا الإسناد لما تقدم في دراسة الإسناد، ومع ذلك فهو موقوف على عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله ممن أخذ عن أهل الكتاب بعض الأخبار.

ففي حديث في أشراط الساعة أخرجه ابن أبي شيبة (15/ 67 - 69 رقم 19135) عن أبي زرعة، جاء فيه: "ثم قال عبد الله (يعني ابن عمرو)، وكان يقرأ الكتب ... " فذكر الحديث بطوله.

(7/3317)

1106 - حديث كعب، قال:

إن المعاقل ثلاثة: (فمعقل) (1) الناس يوم الملاحم بدمشق ... ، الخ (2).

قلت: منقطع واه (3).

__________

(1) في (أ): (فمعاقل)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) من قوله: (المعاقل) إلى هنا ليس في (ب)، وفي موضعها بياض بقدرها.

(3) قوله: (واه) ليس في التلخيص المطبوع والمخطوط.

1106 - المستدرك (4/ 462): حدثنا محمد، ثنا بحر، ثنا ابن وهب، أخبرني معاوية، عن الحسن بن جابر، وأبي الزاهرية، عن كعب، قال: إن المعاقل ثلاثة: فمعقل الناس يوم الملاحم بدمشق، ومعقل الناس يوم الدجال نهر أبي قطرس، يمرق من الناس من يقول ببيت المقدس، ومعقلهم يوم يأجوج ومأجوج بطور سيناء.

دراسه الإسناد:

الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بالانقطاع، ويعني به بين كعب، والراويين عنه، وهما: الحسن بن جابر، وأبو الزاهرية.

وأبو الزاهرية اسمه حدير بن كريب الحضرمي، الحمصي.

والحسن هو ابن جابر اللخمي، وقيل الكندي.

ولم يُذكر في ترجمتهما في التهذيب (2/ 218 و 259)، وتهذيب الكمال (1/ 238 و253) أنهما رويا عن كعب، أو نُفي ذلك عنهما.

وكعب بن مالك اختلف في وفاته، فقيل: سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: أيام قتل علي -يعني سنة أربعين- وقيل قبل ذلك./ انظر التهذيب (8/ 440 - 441).

وأبو الزاهرية، الأكثر على أنه مات حوالي سنة مائة، وقيل: سنة تسع وعشرين ومائة -كما في ترجمته في التهذيب-. =

(7/3318)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأما الحسن بن جابر ففي ترجمته في التهذيب النص من ابن حبان على أنه توفي سنة ثمان وعشرين ومائة.

قلت: أما أبو الزاهرية فسماعه من كعب محتمل على القول بأنه مات حوالي سنة مائة.

وأما على القول الآخر فيستبعد سماعه هو والحسن بن جابر من كعب، إلا أن يكونا مُعَمَّريْن، ولم يذكر عنهما ذلك.

والذهبي -رحمه الله- من المؤرخين المشهورين، وقد حكم على الإسناد بالانقطاع، ولم أجد له مخالفاً، فقوله حجة؛ لدقة معرفته -رحمه الله- بأحوال الرجال، ووفياتهم.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لانقطاعه المتقدم بيانه.

(7/3319)

1107 - حديث كعب أيضاً:

مصر آمنة من الخراب حتى تخرب الجزيرة ... الخ.

قلت: منقطع واه (1).

__________

(1) الحديث بكامله ليس في (ب).

1107 - المستدرك (4/ 462 - 463): حدثنا محمد، ثنا بحر، ثنا ابن وهب، قال: وأخبرني معاوية، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن كعب، قال: الجزيرة، آمنة من الخراب حتى تخرب أرمينية، ومصر آمنة من الخراب حتى تخرب الجزيرة، والكوفة آمنة من الخراب حتى تخرب مصر، ولا تكون الملحمة حتى تخرب الكوفة، ولا تفتح مدينة الكفر حتى تكون الملحمة، ولا يخرج الدجال حتى تفتح مدينة الكفر.

دراسة الإسناد:

الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله: "منقطع واه".

ويقصد بالانقطاع مثل ما في الحديث السابق: بين كعب بن مالك، والراوي عنه، وهو هنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وتقدم في الحديث (1089) أنه: ثقة، وفي التهذيب (6/ 154) ذكر أن وفاته كانت في سنة ثمان عشرة ومائة، وتقدم الخلاف في وفاة كعب في الحديث السابق، وأن بعضهم جعلها في سنة أربعين للهجرة، وبعضهم قبلها، وبعضهم أوصلها إلى سنة إحدى وخمسين، فيكون الفرق بين وفاة كعب وعبد الرحمن أقل ما هنالك سبعاً وستين عاماً، وقد يصل إلى ثمان وسبعين، أو أكثر، فإذا ما أضيف إليه سِنّ التحمل ترجح به القول بأنه لم يسمع من كعب إلا أن يكون من المعمرين، ولم أجد من نص عليه، وهذا ما اختاره الذهبي، وبموجبه حكم على الحديث بالانقطاع.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لانقطاعه. =

(7/3320)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأما قول الذهبي عن الحديث: "واه"، فالظاهر أنه لأجل متنه، فإني لم أجد لسنده علة سوى الانقطاع.

وأما متنه، فإن كان المقصود فيه بمدينة الكفر: القسطنطينية، وهو الأظهر، فالتاريخ يبطل الحديث، لأنها فتحت، ولم يخرب شيء من المدن المذكورة، والله أعلم.

(7/3321)

1108 - حديث عبد الله:

أتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم-، فخرج إلينا مستبشراً ... الحديث.

قلت: هذا موضوع.

__________

1108 - المستدرك (4/ 464): أخبرني أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، ثنا محمد بن عثمان بن سعيد القرشي، ثنا يزيد بن محمد الثقفي، ثنا حنان بن سدير، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: أتينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فخرج إلينا مستبشراً يعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به، ولا سكتنا إلا ابتدأنا، حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن، والحسين، فلما رآهم التزمهم، وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله، ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟! فقال: "إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً، وتشريداً في البلاد، حتي ترتفع رايات سود من المشرق، فيسألون الحق، فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، ثم يسألونه، فلا يعطونه، فيقاتلون، فينصرون، فمن أدركه منكم، أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي، ولو حبواً على الثلج، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض، فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً، وظلماً".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 235 - 236 رقم 19573).

وابن ماجه في سننه (2/ 1366 رقم 4082) في الفتن، باب خروج المهدي. =

(7/3322)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وابن عدي في الكامل (7/ 2729).

ثلاثتهم من طريق يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، به نحوه، ولفظ ابن عدي مختصر.

وأخرجه نعيم بن حماد في الفتن، وأبو نعيم -كما في "عقد الدرر للسلمي" (ص 191 - 192)، و"العرف الوردي للسيوطي" (2/ 60 - الحاوي-).

دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وأعله الذهبي بقوله: "موضوع"،

ولم يبين السبب.

وعلته: حنان بن سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي، الكوفي، ذكره الحافظ في اللسان (2/ 367 - 368 رقم 1510)، وذكر أن الدارقطني قال: إنه من شيوخ الشيعة، وصدق فيما قال -رحمه الله-، فإن الطوسي ذكره في فهرسه من شيوخ الشيعة (ص 119 رقم 260)، وأثنى عليه، ووثقه، وهذا الحديث مما تفرح به الرافضة لنصرة مذهبهم، وإنما يروى من طريق يزيد بن أبي زياد كما تقدم، وهو ضعيف كما سبق في الحديث (635)، وفي التهذيب (11/ 329 - 330) نقل عن ابن فضيل أنه قال عن يزيد هذا: من أئمة الشيعة الكبار، وقال ابن عدي في الموضع السابق عنه: "هو من شيعة الكوفة"، بل إن هذا الحديث مما أخذ عليه، فقال وكيع كما في التهذيب: "يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله: حديث الرايات، ليس بشيء" على، وذكر ابن عدي -كما سبق- الحديث في كامله ضمن الأحاديث المنتقدة على يزيد، وقال: "هذا الحديث لا أعلم يرويه بهذا الإسناد عن إبراهيم غير يزيد بن أبي زياد".

قلت: ولا شك بأن هذا الشيعي حنان بن سدير فرح برواية يزيد للحديث، فركب له هذه المتابعة حتى يرتقي الحديث بها عند من لديه تسمُّح في قبول المتابعات، دون الإلتفات إلى المتون. =

(7/3323)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم حكم عليه الذهبي -رحمه الله- بالوضع لوجود حنان الشيعي في سنده، ولكونه انفرد بهذه الطريق فيما يخدم مذهب الشيعة.

وأما من طريق يزيد بن أبي زياد فهو ضعيف جداً لما تقدم بيانه عن حاله، وعن نقد العلماء لحديثه هذا، والله أعلم.

وأما آخر الحديث وهو قوله: "رجل من أهل بيتي ... " الحديث، فإنه صحيح، وسيأتي في الحديث رقم (1150 و 1151).

(7/3324)

1109 - حديث عبد الله مرفوعاً:

"أحذركم سبع فتن: فتنة تقبل (من) (1) المدينة، وفتنة بمكة، وفتنة من اليمن ... " الحديث (2).

قال: صحيح.

قلت: فيه نعيم بن حماد، وهذا من أوابده (3).

__________

(1) ليست في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) من قوله: (فتنة تقبل) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).

(3) قوله: (وهذا من أوابده) ليس في (ب).

1109 - المستدرك (4/ 468 - 469): أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسن، ثنا الفضل بن محمد بن المسيب، ثنا نعيم بن حماد، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا الوليد بن عياش أخو أبي بكر بن عياش، عن إبراهيم، عن علقمة: قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "أحذركم سبع فتن تكون بعدي: فتنة تقبل من المدينة، وفتنة بمكة، وفتنة تقبل من اليمن، وفتنة تقبل من الشام، وفتنة تقبل من المشرق، وفتنة تقبل من المغرب، وفتنة من بطن الشام، وهي السفياني".

قال: فقال: ابن مسعود: منكم من يدرك أولها، ومن هذه الأمة من يدرك آخرها.

قال الوليد بن عياش: فكانت فتنة المدينة من قبل طلحة والزبير، وفتنة مكة فتنة عبد الله بن الزبير، وفتنة الشام من قبل بني أمية، وفتنة المشرق من قبل هؤلاء.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "هذا من أوابد نعيم". =

(7/3325)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ونعيم هذا هو ابن حماد بن معاوية، وتقدم في الحديث (751) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.

وفي سنده أيضاً الوليد بن عياش أخو أبي بكر بن عياش، ولم أجد من ترجم له.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف نعيم بن حماد، وجهالة الوليد بن عياش.

(7/3326)

1110 - حديث معمر:

حدثني شيخ لنا: أن امرأة جاءت إلى بعض أزواج النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالت لها: أدعي الله أن يطلق لي يدي، قالت: وما شأن يدك؟ ... الحديث (1).

قلت: سنده واه (2).

__________

(1) من قوله: (أزواج) إلى هنا ليس في (ب).

(2) الحديث قال عنه الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، فحكى الذهبي في التلخيص قول الحاكم هذا بعبارته المختصرة: (خ م)، ثم أوضح مقصد الحاكم بقوله: "قلت: يعني خبر أبي هريرة، وأما المنام فسنده واه". اهـ، وبيانه: أن الحاكم -رحمه الله- ساق الحديث هكذا:

1110 - المستدرك (4/ 471 - 472): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة حرسها الله تعالى، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: إني لأعلم فتنة يوشك أن يكون الذي قبلها معها كنفحة أرنب، وإني لأعلم المخرج منها، قلنا: وما المخرج منها؟ قال: أمسك يدي حتى يجيء من يقتلني.

قال معمر: وحدثني شيخ لنا: ان امرأة جاءت إلى بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقالت لها: ادعي الله أن يطلق لي يدي، قالت: وما شأن يدك؟ قالت: كان لي أبوان، فكان أبي كثير المال، كثير المعروف، كثير الفضل، كثير الصدقة، ولم يكن عند أمي من ذلك شيء، لم أرها تصدقت بشيء قط، غير أنا نحرنا بقرة، فأعطيت مسكيناً شحمة في يده، وألبسته خرقة، فماتت أمي، ومات أبي، فرأيت أبي على نهر يسقي الناس، فقلت: يا أبتاه، هل رأيت أمي؟ قال: لا، أوَ ماتت؟ قلت: بلى، قال: فذهبت ألتمسها، فوجدتها قائمة عريانة، ليس عليها إلا تلك الخرقة، وتلك الشحمة في يدها، وهي تضرب بها في يدها =

(7/3327)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الأخرى، ثم تعض أثرها، وتقول: واعطشاه، فقلت: يا أمه، ألا أسقيك؟ قالت: بلى، فذهبت إلى أبي، فذكرت ذلك له، وأخذت من عنده إناء، فسقيتها، فنبه بي بعض من كان عندها قائماً، فقال: من سقاها أشلّ الله يده، فاستيقظت، وقد شلت يدي.

قال الحاكم عقبه: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وبين الذهبي أن الحاكم يقصد بحكمه هذا حديث أبي هريرة المتقدم، وأما المنام، فقال عنه: "سنده واه".

دراسة الإسناد:

إنما أعلّ الذهبي الحديث بقوله المتقدم؛ لإبهام شيخ معمر في الرواية، حيث قال: "حدثني شيخ لنا".

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لإبهام شيخ معمر.

(7/3328)

1111 - حديث عثمان بن أبي العاص مرفوعاً:

"يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين، ومصر بالجزيرة، ومصر بالشام ... " الحديث (1).

قال: على شرط مسلم.

قلت: فيه سعيد بن هبيرة، وهو (2) واه.

__________

(1) من قوله: (مصر بملتقى البحرين) إلى هنا ليس في (ب).

(2) قوله: (وهو) ليس في (ب).

1111 - المستدرك (4/ 478): أخبرني الحسن بن حكيم المروزي، ثنا أحمد بن إبراهيم الشذوري، ثنا سعيد بن هبيرة، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، وعلي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، قال: أتينا عثمان بن أبي العاص يوم الجمعة لنعارض مصحفنا بمصحفه، فلما حضرت الجمعة أمرنا، فاغتسلنا، وتطيبنا، ورحنا إلى المسجد، فجلسنا إلى رجل يحدث، ثم جاء عثمان بن أبي العاص، فتحولنا إليه، فقال عثمان -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين، ومصر بالجزيرة، ومصر بالشام. فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيخرج الدجال في عراض الجيش، فيهزم من قبل المشرق، فأول مصر يرده: المصر الذي بملتقى البحرين، فتصير أهلها ثلاث فرق: فرقة تقيم، وتقول: نشامّه، وننظر ما هو؟ وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم، ثم يأتي الشام، فينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق، فيبعثون بسرح لهم، فيصاب سرحهم، فيشتد ذلك عليهم، وتصيبهم مجاعة شديدة، وجهد، حتى إن أحدهم ليحرق وَتَرَ قوسه، فيأكله، فبينما هم كذلك، إذ ناداهم مناد من السحر: يا أيها الناس، أتاكم الغوث، فيقول بعضهم لبعض: إن هذا لصوت رجل شبعان، فينزل عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام- عند صلاة الفجر، فيقول له إمام الناس: تقدم =

(7/3329)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= يا روح الله، فصل بنا، فيقول: إنكم معشر هذه الأمة أمراء، بعضكم على بعض، تقدم أنت، فصل بنا، فيتقدم، فيصلي بهم، فإذا انصرف، أخذ عيسى -صلوات الله عليه- حربته نحو الدجال، فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص، فتقع حربته بين ثندوته، فيقتله، ثم ينهزم أصحابه، فليس شيء يومئذ يحبس منهم أحداً، حتى إن الحجر يقول: يا مؤمن، هذا كافر، فاقتله .... ".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 136 - 137 رقم 19324) من طريق أسود بن عامر.

وأحمد في المسند (4/ 216 - 217 و 217) من طريق يزيد بن هارون، وعفان بن مسلم.

والطبراني في الكبير (9/ 51 - 52 رقم 8392) من طريق محمد بن عبد الله الخزاعي.

جميعهم عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، به نحوه.

وأخرجه أبو يعلى، وابن عساكر -كما كنز العمال (14/ 328 - 329 رقم 38829) - قال الهيثمي في المجمع (7/ 342): "فيه علي بن زيد وفيه ضعف، وقد وثق، وبقية رجالهما رجال الصحيح".

وأخرجه الحاكم عقب هذا الحديث مباشرة من طريق جعفر بن محمد بن شاكر، وإبراهيم بن إسحاق، وإسحاق بن الحسن الحربي، ثلاثتهم قالوا: أخبرنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن زيد، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة قال: أمنا عثمان بن أبي العاص، ثم ذكر الحديث مثله سواه، قال الحاكم: "ولم يذكر أيوب، والله أعلم"، وقال الذهبي في التلخيص: "هذا المحفوظ". =

(7/3330)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: "ابن هبيرة واه".

وابن هبيرة هذا هو سعيد بن هبيرة المروزي، وتقدم في الحديث (1091) أنه: متروك.

وأما بقية الطرق الأخرى فمدارها على علي بن زيد بن جدعان، وتقدم في الحديث (492) أنه: ضعيف.

ولم يذكر أحد من الرواة الذين رووا الحديث عن حماد: (أيوب)، عدا سعيد بن هبيرة.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بإسناد الحاكم هذا لشدة ضعف سعيد بن هبيرة، وهو ضعيف فقط من بقية الطرق لضعف علي بن زيد بن جدعان، والله أعلم.

(7/3331)

1112 - حديث أبي ذر مرفوعاً:

"إذا بلغت بنو أمية أربعين (1) اتخذوا عباد الله خَوَلاً (2)، ومال الله نُحْلاً (3)، وكتاب الله دَغَلاً " (4).

قلت: على ضعف رواية (5) ابن أبي مريم: منقطع.

__________

(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال: (الخ) إشارة لاختصار متنه.

(2) خَوَلاً: أي: خدماً وعبيداً، يعني أنهم يستخدمونهم، ويستعبدونهم. / النهاية (2/ 88).

(3) نُحْلاً: أي يصير الفيء عطاء من غير استحقاق./ النهاية (5/ 29).

(4) دَغَلاً: أي يخدعون به الناس./ النهاية (2/ 123).

(5) قوله: (رواية) ليس في (ب)، وفي التلخيص: (قلت: على ضعف رواته منقطع).

1112 - المستدرك (4/ 479): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحجازي بحمص، ثنا بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول، فذكره بلفظه، ثم قال: حدثنا أبو بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا نعيم بن حماد، ثنا بقية بن الوليد، وعبد القدوس بن الحجاج، قالا: ثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن أبي ذر -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول، فذكره بلفظه أيضاً.

تخريجه:

الحديث له عن أبي ذر -رضي الله عنه- طريقان:

* الأولى: يرويها راشد بن سعد، وعنه أبو بكر بن أبي مريم، وهي طريق الحاكم هذه. =

(7/3332)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

* الثانية: يرويها حلام بن جذل الغفاري، قال: سمعت أبا ذر جندب بن جنادة الغفاري يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولًا، وعباد الله خولاً، ودين الله دغلاً".

قال حلام: فأنكر ذلك على أبي ذر، فشهد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر"، وأشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قاله.

أخرجه الحاكم (4/ 479 - 480) من طريق شريك، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن حلام، به.

والجزء الأخير من هذا الحديث تقدم في الحديث (712)، وتقدم هناك أن ابن جرير الطبري قال: "هذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح؛ لعلل"، ثم ذكر منها:

"إن حلاماً الغفاري عندهم مجهول غير معروف في نقلة الآثار، ولا يجوز الاحتجاج بمجهول في الدين".

دراسة الإسناد:

الحديث أعله الذهبي بالانقطاع، وضعف ابن أبي مريم.

أما الانقطاع فيقصد به بين راشد بن سعد، وأبي ذر، فإن بين وفاتيهما نحواً من ثمانين عاماً -كما يتضح في ترجمتيهما في التهذيب (3/ 226) و (12/ 91) -.

وقد جاء النص في ترجمة راشد بن سعد على أن روايته عن سعد بن أبي وقاص مرسلة، فمن باب أولى روايته عن أبي ذر؛ لأن سعداً -رضي الله عنه- اختلف في سنة وفاته، فأكثر ما قيل سنة ثمان وخمسين، وأقل ما قيل سنة إحدى وخمسين كما في التهذيب (3/ 484).

وأما أبو ذر -رضي الله عنه- فإنه توفي سنة إثنتين وثلاثين. =

(7/3333)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وقد نص الحافظ ابن كثير على هذا الانقطاع، فقال في البداية والنهاية (6/ 242): "وهذا منقطع بين راشد بن سعد، وبين أبي ذر". اهـ.

وأما أبو بكر بن أبي مريم فتقدم في الحديث (712) أنه: ضعيف.

ومع ضعف ابن أبي مريم، والانقطاع بين راشد بن سعد وأبي ذر، فإن في متن الحديث اختلافاً عن رواية شريك للحديث، والتي تؤيدها الروايات الأخرى التي سيأتي ذكرها.

فرواية ابن أبي مريم هكذا: "إذا بلغت بنو أمية أربعين".

ورواية شريك هكذا: "إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً".

وشريك -رحمه الله- تقدم في الحديث (497) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.

والراوي للحديث عن أبي ذر هو حلام الغفاري، وتقدم كلام الطبري عنه آنفاً.

وقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 308 رقم 1370)، وقال: حلام بن جزل -بالزاي-، وبيض له، وذكر أن أبا الطفيل روى عنه، وهنا يروي عنه شقيق بن سلمة، فهو مجهول الحال.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً للانقطاع المتقدم بيانه، وضعف أبي بكر بن أبي مريم، واختلاف متنه عن الرواية الأخرى، وهي وإن كانت ضعيفة لضعف شريك من قبل حفظه، وجهالة حال حلام الغفاري، إلا أن لها ما يؤيدها من الشواهد من حديث أبي سعيد، وأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهم-.

أما حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- فأخرجه الحاكم (4/ 480) شاهداً لرواية شريك السابقة. =

(7/3334)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 80).

وأبو يعلى في مسنده (2/ 383 - 384 رقم 1152).

والبزار في مسنده (2/ 245 - 246 رقم 1620 و 1621).

والبيهقي في الدلائل (6/ 705).

جميعهم من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فذكره بمثل لفظ شريك، إلا أن في لفظ أحمد وأبي يعلى: "دين الله دخلاً".

وعطية العوفي تقدم في الحديث (583) أنه: ضعيف، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله.

وأما حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فيرويه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عنه.

واختلف فيه على العلاء، في المسند، والمتن.

فرواه البيهقي في الدلائل (6/ 507) من طريق سليمان بن بلال، عن العلاء، به بمثل لفظ سابقه، إلا أنه قال: "أربعين رجلاً" بدلاً من "ثلاثين".

ولعل هذا في رواية البيهقي فقط، فإن الشيخ الألباني ذكر في سلسلته الصحيحة (2/ 379) أن تماماً أخرج الحديث في فوائده من طريق سليمان بن بلال، ولم يذكر هذا الفرق.

ورواه الخطابي في غريب الحديث (2/ 436) من طريق علي بن حجر، نا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، موقوفاً عليه بنحو لفظ الإمام أحمد السابق.

وذكر الشيخ الألباني في الموضع السابق أن أبا يعلى رواه في مسنده، وابن خزيمة في حديث علي بن حجر، وعنه ابن عساكر، ثم قال الألباني: "هذا إسناد صحيح على شرط مسلم"، ولم يعتبر الاختلاف مؤثراً في الرواية. =

(7/3335)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، الزرقي ثقة ثبت روى له الجماعة./ الجرح والتعديل (2/ 162 - 163 رقم 546)، والتقريب (1/ 68 رقم 495)، والتهذيب (1/ 287 رقم 533).

وسليمان بن بلال تقدم في الحديث (676) أنه: ثقة.

أقول: فرواية إسماعيل بن جعفر أرجح من رواية سليمان بن بلال؛ لأن إسماعيل أوثق، وهي وإن كانت موقوفة، إلا أنها في حكم المرفوع، لأن أبا هريرة يخبر عن أمر ليس للرأي فيه مجال.

وأما حديث معاوية -رضي الله عنه- فأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق ابن لهيعة، عن أبي قبيل، أن ابن موهب أخبره، فذكر الحديث، وفيه قصة، ورفع الحديث بمثل لفظ شريك، إلا أنه قال: "إذا بلغ بنو الحكم".

وابن لهيعة تقدم مراراً أنه: ضعيف.

وبالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، وصححه الألباني في الموضع السابق، وانظر التعليق على الحديث (1115).

(7/3336)

1113 - حديث أبي هريرة مرفوعاً:

"هلاك هذه الأمة على يدي أغيلمة من قريش" (1).

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه ابن أبي مريم ضعيف، وما خرجا له شيئاً.

__________

(1) من قوله: (على يدي) إلى هنا ليس في (ب).

1113 - المستدرك (4/ 479)، هذا الحديث قرنه بالرواية الأخرى للحديث السابق، وتقدم ذكرها، وسندها: قال الحاكم: حدثنا أبو بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا نعيم بن حماد، ثنا بقية بن الوليد، وعبد القدوس بن الحجاج، قالا: ثنا أبو بكر بن أبي مريم، فذكر الحديث السابق، ثم قال: قال أبو بكر بن أبي مريم، وحدثني عمار بن أبي عمار، أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول، فذكر الحديث بلفظه.

تخريجه:-

الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (6/ 612 رقم 3605) في المناقب: باب علامات النبوة في الِإسلام.

و (13/ 9) في الفتن، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء".

وأخرجه أحمد في المسند (2/ 324).

كلاهما من طريق عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي، عن جده، عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "هلاك أمتي على يَدَي غلمة من قريش".

وأخرجه الإمام أحمد أيضاً (2/ 328) من طريق مالك بن ظالم، عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "هلاك أمتي على رؤوس غلمة أمراء سفهاء من قريش". =

(7/3337)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "أبو بكر ضعيف، وما خرجا له شيئاً".

وأبو بكر بن أبي مريم تقدم مراراً أنه: ضعيف، ولم يخرج له أحد من الشيخين.

الحكم علي الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم، وليس هو على شرط الشيخين على مراد الذهبي، ولم ينفرد ابن أبي مريم بالحديث، فقد أخرجه البخاري، والإمام أحمد من غير طريقه كما تقدم، والله أعلم.

(7/3338)

1114 - حديث عبد الرحمن بن عوف، قال:

كان لا يولد لأحد مولود (1) إلا أتي به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدعا له. فأدخل عليه مروان، فقال: (هو) (2) الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون".

قال: صحيح.

قلت: لا والله، وفيه ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف (3) كذبه أبو حاتم (4).

__________

(1) قوله: (مولود)، في (ب): (بمولود)، وإلى هذا الموضع ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال: (الخ) إشارة لاختصار متنه.

(2) في (أ): (هذا)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) قوله: (مولى عبد الرحمن بن عوف) ليس في (ب).

(4) الجرح والتعديل (8/ 395 رقم 1811).

1114 - المستدرك (4/ 479)، هذا الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث السابق، حيث قال عقبه: ولهذا الحديث توابع، وشواهد على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وصحابته الطاهرين، والأئمة من التابعين، لم يسعني إلا ذكرها، فذكرت بعض ما حضرني منها، فمنها:

ما حدثناه أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة حرسها الله تعالى، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، أنبأ عبد الرزاق.

وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا محمد بن عبد السلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، ومحمد بن رافع القشيري، وسلمة بن شبيب المستملي، قالوا: ثنا عبد الرزاق بن همام الإمام، قال: حدثني أبي، عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به النبي -صلى الله عليه وآله =

(7/3339)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وسلم-، فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم، فقال: "هو الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "لا والله، وميناء كذبه أبو حاتم".

ومِيناء هذا هو ابن أبي مِيناء الخزاز، وتقدم في الحديث (601) أنه: متروك، ورمي بالرفض، وكذبه أبو حاتم.

الحكم على الحديث:

الحديث موضوع بهذا الإسناد لما تقدم عن حال ميناء، وكذا حكم عليه الشيخ الألباني في سلسلته الضعيفة (1/ 353 - 354 رقم 348).

(7/3340)

1115 - حديث محمد بن زياد، قال:

لما بايع معاوية لابنه قال مروان (1): سنة أبي بكر وعمر، (فقال) (2) عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر، فقال مروان: أنزل فيك:

{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا (17)} [الأحقاف: 17] (3).

فبلغ عائشة، فقالت: كذب والله، ما هو به، ولكن رسول الله لعن (أبا) (4) مروان، ومروان في صلبه.

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه انقطاع؛ محمد لم يسمع من عائشة.

__________

(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال: (الخ) إشارة لاختصار متنه.

(2) في (أ): (قال)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) الآية (17) من سورة الأحقاف.

(4) ليست في (أ)، ولا في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، وعليه يستقيم الكلام.

1115 - المستدرك (4/ 481): حدثنا علي بن محمد بن عقبة بن محمد الشيباني، ثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي الحافظ، ثنا علي بن الحسين الدرهمي، ثنا أمية بن خالد، عن شعبة، عن محمد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه.

يزيد، قال مروان: سنة أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر، فقال: أنزل الله فيك:

{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا ... (17)} الآية.

قال: فبلغ عائشة -رضي الله عنها-، فقالت: كذب والله، ما هو به، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لعن أبا مروان، ومروان في صلبه، فمروان قصص من لعنة الله عز وجل. =

(7/3341)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= تخريجه:

الحديث أخرجه النسائي في التفسير من الكبرى -كما في تحفة الأشراف (12/ 296 رقم 17587)، وتفسير ابن كثير (4/ 159) -، من طريق علي بن الحسين، حدثنا أمية بن خالد، فذكره بنحوه، وفي آخره: "فمروان فضض من لعنة الله".

وأخرجه عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه -كما في الدر المنثور (7/ 444)، وفيه: "فمروان فضفض من لعنة الله".

وأخرجه الإسماعيلي في مستخرجه -كما في فتح الباري (8/ 576) -.

وللحديث طريق أخرى يرويها عبد الله البهي، أخرجها ابن أبي حاتم -كما في الموضع السابق من تفسير ابن كثير.

والبزار في مسنده (2/ 247 رقم 1624).

وأبو يعلى في مسنده -كما في فتح الباري (8/ 577) -.

ثلاثتهم من طريق: إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهي المدني، قال: إني لفي المسجد حي خطب مروان، فقال: إن الله تعالى قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأياً حسناً، وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر عمر -رضي الله عنهما- فقال عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنهما-: أهرقلية؟ إن أبا بكر -رضي الله عنه- والله ما جعلها في أحد من ولده، ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية في ولده إلا رحمة، وكرامة لولده. فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: أف لكما؟ فقال عبد الرحمن -رضي الله عنه-: ألست ابن اللعين الذي لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أباك؟ قال: وسمعتها عائشة -رضي الله عنها-، فقالت: يا مروان، أنت القائل لعبد الرحمن -رضي الله عنه- كذا، وكذا؟ كذبت، ما فيه نزلت، ولكن نزلت في فلان بن فلان، ثم انتحب مروان، ثم نزل عن المنبر حتى أتى باب حجرتها، فجعل يكلمها حتى انصرف. اهـ. وهذا سياق ابن أبي حاتم، وسياق البزار بمعناه. =

(7/3342)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قال الهيثمي في المجمع (5/ 241):"إسناده حسن".

وأصل القصة في صحيح البخاري، بغير هذا السياق.

فالحديث أخرجه البخاري في صحيحه (8/ 576) في تفسير سورة الأحقاف من كتاب التفسير، باب: (والذي قال لوالديه ... )، من طريق يوسف بن ماهك، قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية، فخطب يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايَع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة، فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه:

{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي (17)} [الأحقاف: 17].

فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن، إلا أن الله أنزل عُذري. اهـ. ولم يذكر اللعن.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي بقوله:"فيه انقطاع؛ محمد لم يسمع من عائشة".

ومحمد هذا هو ابن زياد القرشي، الجمحي، مولاهم، أبو الحارث المدني وهو ثقة ثبت، وثقه أحمد، وابن معين، والترمذي، والنسائي، وغيرهم، وقد نص المزي على أنه روى عن عائشة، ووافقه ابن حجر، ولم أجد من نص على أنه لم يسمع منها غير الذهبي هنا، ولم أجد من كتب التراجم من نص على سنة وفاته./ انظر الجرح والتعديل (7/ 257 رقم 1407)، وتهذيب الكمال (3/ 1198 - 1199)، والتهذيب (9/ 169 - 170).

وأما بقية الإسناد فبيان حال رجاله كالتالي:

شعبة بن الحجاج إمام مشهور تقدمت ترجمته في الحديث (532).

وأمية بن خالد بن الأسود القيسي، أبو عبد الله البصري صدوق روى له =

(7/3343)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= مسلم. / الجرح والتعديل (2/ 302 - 303 رقم 1123)، والتقريب (1/ 83 رقم 630)، والتهذيب (1/ 370 - 371 رقم 676).

وعلي بن الحسين بن مطر الدّرهمي، البصري. صدوق. / الجرح والتعديل (6/ 179 رقم 980)، والتقريب (2/ 35 رقم 322)، والتهذيب (7/ 307 - 308 رقم 521).

والراوي عن علي هذا هو أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم بن جعفر، الكندي، الصيرفي، المعروف بـ: ابن الخنازيري، وصفه الحاكم هنا بقوله: "الحافظ"، وترجم له الخطيب في التاريخ (4/ 384 رقم 2263)، ولم يذكر عنه جرحاً، ولا تعديلًا، وذكره السمعاني في الأنساب (5/ 199)، ولم يذكر عنه أيضاً جرحاً، ولا تعديلًا.

وشيخ الحاكم أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني، الكوفي إمام ثقة أمين. / السير (15/ 443 - 444 رقم 254).

ولم ينفرد ابن الخنازيري بالحديث، فقد تابعه النسائي، فروى الحديث عن علي بن الحسين كما سبق.

وأما الطريق الأخرى التي أخرجها البزار، وابن أبي حاتم ففي سندها عبد الله البهي، وتقدم في الحديث (648) أنه صدوق يخطيء.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم فيه ابن الخنازيري، وتقدم أني لم أجد من ذكره بجرح، أو تعديل سوى ما جاء عنه في إسناد الحاكم من وصفه بـ: "الحافظ"، غير أنه لم ينفرد بالحديث كما تقدم، بل تابعه النسائي، فيكون الحديث حسن الإسناد لغيره، ويزداد قوة بالطريق الأخرى التي رواها عبد الله البهي، وتقدم الكلام عنها، وبعض القصة في صحيح البخاري كما سبق، عدا ذكر لعنه -صلى الله عليه وسلم- لأبي مروان، وهذا اللفظ يشهد له، حديث ابن الزبير الآتي برقم (1117)، ولفظه: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن الحكم وولده"، وسيأتي أن =

(7/3344)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ظاهر سنده الصحة، وأما متنه، ومتن هذا الحديث الذي معنا فمشكل، ولذا قال ابن القيم -رحمه الله- في المنار المنيف (ص 117): (وحديث: عدد الخلفاء من ولد العباس: كذب، وكذا أحاديث ذم الوليد، وذم مروان بن الحكم). اهـ.

وقال الذهبي -رحمه الله- في السير (2/ 108) في ترجمة الحكم: "وُيروى في سبِّه أحاديث لم تصح". اهـ.

قلت: وقد ساق الحافظ ابن كثير الحديث كما سبق، ولم يتكلم عنه بشيء، وقد حسن الهيثمي سنده، وهكذا الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فإنه ذكر في الفتح (8/ 576 و 577) حديثي محمد بن زياد، وعبد الله البهي، عن عائشة -رضي الله عنها- وسكت عنهما، وقد نص في مقدمة الفتح (ص 4) على أنه يسوق ما يتعلق بالحديث من غرض صحيح بشرط الصحة، أو الحسن فيما يورده من ذلك، بل قال في الفتح (13/ 11): "وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان، وما ولد، أخرجها الطبراني، وغيره، غالبها فيه مقال، وبعضها جيد". اهـ.

وقال ابن الأثير -رحمه الله- في أسد الغابة (1/ 515) في ترجمة الحكم: "وقد روي في لعنه، ونفيه أحاديث كثيرة، لا حاجة إلى ذكرها، إلا أن الأمر المقطوع به: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مع حلمه، وإغضائه على ما يكره، ما فعل به ذلك (يعني نفيه للطائف) إلا لأمر عظيم، ولم يزل منفياً حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما ولي أبو بكر الخلافة، قيل له في الحكم ليردّه إلى المدينة، فقال: ما كنت لأحل عقدة عقدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك عمر، فلما ولي عثمان -رضي الله عنهما- الخلافة رده، وقال: كنت قد شفعت فيه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوعدني برده". اهـ.

قلت: وقد أجاب شيخ الِإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في منهاج السنة (3/ 195 - 198) عن دعوى نفي النبي -صلى الله عليه وسلم- =

(7/3345)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= للحكم هذه التي ذكر ابن الأثير بإجابة مطولة ومن ضمن ما قال فيها: (وقصة نفي الحكم ليست في الصحاح، ولا لها إسناد يعرف به أمرها، ومن الناس من يروي: أنه حاكى النبي -صلى الله عليه وسلم- في مشيته، ومنهم من يقول غير ذلك ... )، ثم قال: (وأما استكتابه (يعني: عثمان) مروان، فمروان لم يكن له في ذلك ذنب؛ لأنه كان صغيراً، لم يجر عليه القلم، ومات النبي -صلى الله عليه وسلم- ومروان لم يبلغ الحلم باتفاق أهل العلم، بل غايته أن يكون له عشر سنين، أو قريب منها، وكان مسلماً باطناً، وظاهراً، يقرأ القرآن، ويتفقه في الدين، ولم يكن قبل الفتنة معروفاً بشيء يعاب فيه، فلا ذنب لعثمان في استكتابه، وأما الفتنة فأصابت من هو أفضل من مروان، ولم يكن مروان ممن يحاد الله ورسوله، وأما أبوه الحكم فهو من الطلقاء، والطلقاء حسن إسلام أكثرهم، وبعضهم فيه نظر، ومجرد ذنب يعزر عليه لا يوجب أن يكون منافقاً في الباطن، والمنافقون تجري عليهم في الظاهر أحكام الإسلام، ولم يكن أحد من الطلقاء بعد الفتح يظهر المحادة لله ورسوله، بل يرث، ويورث، ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين، وتجري عليه أحكام الإسلام التي تجري على غيره ... ) إلخ.

قلت: وقوله في الحديث الآتي برقم (1117): "لعن الحكم وولده" يعارضه قوله جل وعلا:

{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)} [النجم: 38] (الآية 38 من سورة النجم).

إذ لو صح لعن الحكم، فما ذنب ولده حتى تشملهم اللعنة؟! خاصة وفيهم من عده أهل السنة خامس الخلفاء الراشدين، وهو: عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- وفيهم من عرف بالتقى والصلاح كيزيد بن الوليد بن عبد الملك، المعروف بـ: الناقص، بل إن بني أمية ممن نصر الله بهم الدين، فنشروه في سائر المعمورة، ورفعوا رايات الجهاد، وهم الذين اتسعت الفتوحات في وقتهم، قال ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية (9/ 87 - 88): (فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية، ليس لهم شغل =

(7/3346)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= إلا ذلك، قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض، ومغاربها، وبرها، وبحرها، وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعباً، لا يتوجه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه، وكان في عساكرهم، وجيوشهم في الغزو الصالحون، والأولياء، والعلماء، من كبار التابعين، في كل جيش منهم شرذمة عظيمة، ينصر الله بهم دينه، فقتيبة بن مسلم يفتح في بلاد الترك، يقتل، ويسبي، ويغنم، حتى وصل إلى تخوم الصين، وأرسل إلى ملكه يدعوه، فخاف منه، وأرسل له الهدايا، وتحفاً، وأموالاً كثيرة، هدية، وبعث يستعطفه، مع قوته، وكثرة جنده، بحيث أن ملوك النواحي كلها تؤدي إليه الخراج خوفا منه، ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها، فما مات الحجاج رجع الجيش كما مر. ثم إن قتيبة قتل بعد ذلك، قتله بعض المسلمين.

ومسلمة بن عبد الملك بن مروان، وابن أمير المؤمنين: الوليد، وأخوه الآخر، يفتحون في بلاد الروم، ويجاهدون بعساكر الشام حتى وصلوا إلى القسطنطينية، وبنى بها مسلمة جامعاً يعبد الله فيه، وامتلأت قلوب الفرنج منهم رعباً.

ومحمد بن القاسم ابن أخي الحجاج يجاهد في بلاد الهند، ويفتح مدنها، في طائفة من جيش العراق، وغيرهم.

وموسى بن نصير يجاهد في بلاد المغرب، ويفتح مدنها، وأقاليمها، في جيوش الديار المصرية، وغيرهم.

وكل هذه النواحي إنما دخل أهلها في الإسلام، وتركوا عبادة الأوثان.

وقبل ذلك قد كان الصحابة في زمن عمر، وعثمان فتحوا غالب هذه النواحي، ودخلوا في مبانيها، بعد هذه الأقاليم الكبار، مثل الشام، ومصر، والعراق، واليمن، وأوائل بلاد الترك، إلى ما وراء النهر، وأوائل بلاد المغرب، وأوائل بلاد الهند، فكان سوق الجهاد قائماً في القرن الأول من بعد الهجرة، إلى انقضاء دولة بني أمية، وفي أثناء خلافة بني العباس، =

(7/3347)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= مثل أيام المنصور، وأولاده، والرشيد، وأولاده، في بلاد الروم، والترك، والهند.

وقد فتح محمود بن سبكتين، وولده في أيام ملكهم بلاداً كثيرة من بلاد الهند.

ولما دخل طائفة ممن هرب، من بني أمية إلى بلاد المغرب، وتملكوها، أقاموا سوق الجهاد في الفرنج بها. ثم لما بطل الجهاد من هذه المواضع رجع العدو إليها، فأخذ منها بلاداً كثيرة، وضعف الإسلام فيها". هـ.

قلت: ولا شك في أن هذه القوة أقضت مضاجع الأعداء، ليس في عصر الأمويين فقط، وإنما منذ وقت مبكر، في بداية عصر الخلفاء الراشدين، فاندس الأعداء في صفوف المسلمين، فمنهم من بطش ظاهراً كأبي لؤلؤة المجوسي، ومنهم من حاك الخطط والمؤامرات في الخفاء كعبد الله بن سبأ، وكثر الطعن في من كان هدفه نشر الإسلام، ومنهم بنو أمية، فمثل هذه الأحاديث انتقدها من سبق من الأئمة، وها هو البخاري -رحمه الله- يخرج الحديث، ولم يذكر اللعن، وها هو الإمام أحمد -رحمه الله- يخرج الحديث الآتي برقم (1117)، فلا يفصح باسم الحكم، وإنما قال: "فلان"، ولو سلمنا بصحة الحديث فإنه ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "اللهم إني أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر، فأي المؤمنين آذيته: شتمتُه، لعنتُه، جلدتُه، فاجعلها له صلاة، وزكاة، وقُرْبة تقرّبه بها إليك يوم القيامة".

أخرجه البخاري في صحيحه (11/ 171 رقم 6361) في الدعوات، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من آذيته، فاجعلها له زكاة ورحمة".

ومسلم (4/ 2007 - 2009 رقم 89 و 90 و 91 و 92 و 93) في البر والصلة، باب من لعنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو سبه، أو دعا عليه، وليس هو أهلاً لذلك ...

كلاهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري مختصر.

أقول: فلو صح حديث اللعن، لحمل على هذا الحديث، والله أعلم.

(7/3348)

1116 - حديث الحكم بن أبي العاص (1):

أنه استأذن على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعرف صوته، فقال: "ائذنوا له عليه لعنة الله، وعلى جميع من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم، وقليل ما هم ... " الحديث (2).

قال: صحيح.

قلت: لا والله؛ فيه أبو الحسن (الجزري) (3) من المجاهيل.

__________

(1) الحديث من مسند عمرو بن مرة الجهني، وإنما نسبه ابن الملقن إلى الحكم لتعلقه به، كحديث ذي اليدين، والخثعمية، وغيرهما.

(2) من قوله: (فعرف صوته) إلى هنا ليس في (ب).

(3) في (أ): (الحوري)، وما أثبته من (ب)، وسند المستدرك وتلخيصه.

1116 - المستدرك (4/ 481): حدثني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا الحسين بن الفضل، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا علي بن الحكم البناني، عن أبي الحسن الجزري، عن عمرو بن مرة الجهني، وكانت له صحبة، أن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فعرف النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- صوته، وكلامه، فقال: "ائذنوا له، عليه لعنة الله، وعلى من يخرج من صلبه، إلا المؤمن منهم، وقليل ما هم. يشرفون في الدنيا، ويضعون في الآخرة، ذوو مكر، وخديعة، يعطون في الدنيا، وما لهم في الآخرة من خلاق".

تخريجه:

الحديث ذكره الهيثمي في المجمع (5/ 242 - 243)، وعزاه للطبراني، وقال: "فيه أبو الحسن الجزري، وهو مستور، وبقية رجاله ثقات".

وذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (6/ 243) من طريق الدارمي، عن مسلم بن إبراهيم، عن سعد بن زيد، عن علي بن الحكم، به نحوه.

(7/3349)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسه الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "لا والله، فأبو الحسن من المجاهيل".

وأبو الحسن الجزري هذا شامي مجهول -كما في التقريب (2/ 411 رقم 40)، والتهذيب (12/ 73 رقم 292) -.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة أبي الحسن الجزري.

وله شاهد مرسل من حديث محمد بن كعب القرظي قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحكم، وما ولد، إلا الصالحين منهم، وهم قليل".

قال محمد: "فصرحتها لعمر" -يعني ابن عبد العزيز-.

أخرجه أبو زكريا يزيد بن محمد الأزدي في "تاريخ الموصل" (ص 4)، من طريق عبد الرزاق، حدثنا أبي، عن عمر بن أبي بكر القرشي، عن محمد بن كعب القرظي، به.

وهذا الحديث بالإضافة لإرساله، فلا يصلح للاستشهاد؛ لكونه لم يثبت عن مرسله؛ فإن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، القرشي مقبول. / ثقات ابن حبان (7/ 167)، والتقريب (2/ 52 رقم 390)، والتهذيب (7/ 429 رقم 700).

وهمام بن نافع الحميري، الصنعاني، والد عبد الرزاق مقبول أيضاً. / الضعفاء للعقيلي (4/ 371)، والتقريب (2/ 321 رقم 111)، والتهذيب (11/ 67 رقم 107).

وعليه فالحديث باق على ضعفه.

وله شاهد في الحديث قبله وبعده، لكن ينظر الكلام عن المتن في الحديث المتقدم برقم (115)، والله أعلم.

(7/3350)

1117 - حديث ابن الزبير:

أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لعن الحكم وولده (1).

قال: صحيح.

قلت: فيه أحمد بن محمد (الرشديني) (2) ضعفه ابن عدي (3).

__________

(1) في (ب): (حديث ابن الزبير مرفوعاً: أنه لعن الحكم وولده).

(2) في (أ): (المرسديني)، وفي (ب): (المرسدي)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

(3) في الكامل (1/ 201).

1117 - المستدرك (4/ 481)، هذا الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث السابق، فقال: وشاهده: حديث عبد الله بن الزبير الذي حدثناه ابن نصير الخلدي -رحمه الله- ثنا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري بمصر، ثنا إبراهيم بن منصور الخراساني، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن محمد بن سوقة، عن الشعبي، عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لعن الحكم وولده.

تخريجه:

الحديث أخرجه البزار في مسنده (2/ 247 رقم 1623)، من طريق شيخه أحمد بن منصور بن سيار، ثنا عبد الرزاق، ثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: سمعت عبد الله بن الزبير يقول وهو مستند إلى الكعبة: ورب هذا البيت لقد لعن الله الحكم، وما ولد على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-.

قال البزار: "لا نعلمه عن ابن الزبير إلا بهذا الإسناد، ورواه محمد بن فضيل أيضاً، عن إسماعيل، عن الشعبي، عن ابن الزبير". =

(7/3351)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ورواه الإمام أحمد في المسند (4/ 5): ثنا عبد الرزاق، فذكر الحديث بمثل سياق البزار، إلا أنه لم يذكر اسم الحكم، وإنما قال: "فلاناً، وما ولد من صلبه".

وكذا رواه الطبراني في الكبير -كما في المجمع (5/ 241) -.

قال الهيثمي: "رجال أحمد رجال الصحيح".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "الرشديني ضعفه ابن عدي".

والرشديني هذا اسمه أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد، أبو جعفر المصري وهو مختلف فيه؛ فقد كذبه أحمد بن صالح المصري، وقال مسلمة في الصلة: كان ثقة عالماً بالحديث، وقال ابن يونس: كان من حفاظ الحديث، وأهل الصنعة.

والأرجح أنه ضعيف فقط كما هو رأي ابن عدي فيه؛ فإنه ساق له بعض الأحاديث التي انتقدت عليه، وقال: "وابن رشدين هذا صاحب حديث كثير، حدث عنه الحفاظ بحديث مصر، وأنكرت عليه أشياء مما رواه، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه". اهـ. من الكامل (1/ 201)، واللسان (1/ 257 - 258 رقم 804).

قلت: ولم ينفرد أحمد هذا بالحديث، فقد رواه عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به.

وتقدم أن البيهقي قال عن هذا الإسناد: "رجاله رجال الصحيح".

وقد رواه عن عبد الرزاق الإمام أحمد، وأحمد بن منصور شيخ البزار.

وليس في رواية الإمام أحمد التصريح باسم الحكم، وصرح به أحمد بن منصور بن سيّار الرمادي، وهو ثقة حافظ./ الجرح والتعديل (2/ 78 رقم 169)، والتقريب (1/ 26 رقم 127)، والتهذيب (1/ 83 - 84 رقم 143). =

(7/3352)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأما بقية رجال الإسناد فبيان حالهم كالتالي:

الشعبي اسمه عامر بن شراحيل، وهو ثقة مشهور، فقيه فاضل من رجال الجماعة، تقدمت ترجمته في الحديث (598).

وإسماعيل بن أبي خالد الأحمسي، مولاهم، البجلي، ثقة ثبت من رجال الجماعة تقدمت ترجمته في الحديث رقم (720).

وأما سفيان بن عيينة، وعبد الرزاق، فإمامان مشهوران تقدمت ترجمتهما في الحديثين رقم (510) و (984).

لكن عبد الرزاق -رحمه الله- رماه كثير من الأئمة بالتشيع -كما في التهذيب (6/ 310 - 315)، وأورده ابن عدي في كامله (5/ 1948 - 1952)، وقال في آخر ترجمته:

"ولعبد الرزاق بن همام أصناف، وحديث كثير، وقد رحل إليه ثقات المسلمين، وأئمتهم، وكتبوا عنه، ولم يروا بحديثه بأساً، إلا أنهم نسبهه إلى التشيع، وقد روى أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليها أحد من الثقات، فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث، ولما رواه في مثالب غيرهم مما لم أذكره في كتابي هذا، وأما في باب الصدق، فأرجو أنه لا بأس به، إلا أنه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت، ومثالب آخرين مناكير".

قلت: ولا أشك في أن ابن عدي -رحمه الله- لو ذكر أحاديث المثالب التي رواها عبد الرزاق، ووقف على هذا الحديث، لعدّه منها، وليته فعل، غير أن قوله: "ومثالب، آخرين مناكير" يدخل فيه هذا الحديث الذي فيه مخالفة لقوله تعالى:

{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)} [النجم: 38]،

وفيه وقيعة بسلف الأئمة كعمر بن عبد العزيز، وحاشاه من ذلك، وقد مضى الكلام عن هذه المسألة في الحديث (1115)، فليرجع إليه. =

(7/3353)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحكم علي الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف أحمد الرشديني، وظاهر سنده الصحة بالطريق الأخرى التي رواها الإمام أحمد، والبزار، غير أنه معلول المتن بما تقدم عن حال عبد الرزاق بن همام الصنعاني، وبما سبق ذكره في التعليق على الحديث (1115)، والله أعلم.

(7/3354)

1118 - حديث كثير بن عبد الله المزني (1)، عن أبيه، عن جده قال:

سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو يقول:

"لا تذهب الدنيا يا علي بن أبي طالب"، قال: لبيك يا رسول الله، قال: "اعلم أنكم ستقاتلون بني الأصفر، (ويقاتلهم) (2) من بعدكم من المؤمنين ... " الحديث (3).

قلت: كثير واه.

__________

(1) في (ب): (ابن المزني).

(2) في (أ): (ويقاتلونهم)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) من قوله: (قال سمعت) إلى هنا ليس في (ب).

1118 - المستدرك (4/ 483): أخبرني أبو بكر بن أبي نصر المزكي بمرو، ثنا أحمدبن محمد بن عيسى القاضي، ثنا عبد الله بن مسلمة، ثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني.

وحدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، وله اللفظ، أنبأ الحسين بن علي بن زياد، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، ثنا كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو يقول: "لا تذهب الدنيا يا علي بن أبي طالب"، قال علي: لبيك يا رسول الله.

قال: "إعلم أنكم ستقاتلون بني الأصفر، أو يقاتلهم من بعدكم من المؤمنين، وتخرج إليهم روقة المؤمنين أهل الحجاز الذين يجاهدون في سبيل الله، لا تأخذهم في الله لومة لائم حتى يفتح الله عز وجل عليهم قسطنطينية، ورومية بالتسبيح، والتكبر، فينهدم حصنها، فيصيبون نيلاً عطيماً لم يصيبوا مثله قط، حتى أنهم يقتسمون بالترس، ثم يصرخ صارخ: يا أهل الأسلام، قد خرج المسيح الدجال في بلادكم، وذراريكم، فينفض الناس عن المال، فمنهم الأخذ، ومنهم التارك، فالأخذ نادم، والتارك =

(7/3355)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= نادم، يقولون: من هذا الصائح؟ فلا يعلمون من هو، فيقولون: ابعثوا طليعة إلى لُدّ، فإن يكن المسيح قد خرج، فيأتونكم بعلمه، فيأتون، فينظرون، فلا يرون شيئاً، ويرون الناس شاكين، فيقولون: ما صرخ الصارخ إلا لنبأ، فاعتزموا، ثم ارشدوا، فيعتزمون أن نخرج بأجمعنا إلى لدّ، فإن يكن بها المسيح الدجال نقاتله حتى يحكم الله بيننا وبينه، وهو خير الحاكمين. وإن يكن الأخرى، فإنها بلادكم، وعشائركم، وعساكركم رجعتم إليها".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن ماجه (2/ 1370 - 1371 رقم 4094) في الفتن، باب الملاحم.

والطبراني في الكبر (17/ 15 - 16 رقم 9).

كلاهما من طريق كثير، به نحوه، إلا أن ابن ماجه لم يذكر بقية الحديث من قوله: "يقولون من هذا الصائح؟ ".

قال الهيثمي في المجمع (6/ 220): "فيه كثير بن عبد الله، وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حديثه".

دراسة الإسناد:

الحديث أعله الذهبي بقوله: "كثير واه".

وهو كثير بن عبد الله المزني الذي تقدم في الحديث (796) أنه: متروك.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف كثير المزني.

وأصل الحديث في صحيح مسلم (4/ 2238 رقم 2920) في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، فيتمنى أن يكون مكان الميت؛ من البلاء، من حديث ثور بن زيد الدّيلي، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- =

(7/3356)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قال: "سمعتم بمدينة جانب منها في البر، وجانب منها في البحر؟ " قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فهذا جاؤوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح، ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيسقط أحد جانبيها".

قال ثور: لا أعلمه إلا قال: "الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيُفَرّجُ لهم، فيدخلوها، فيغنموا، فبينما هم يقتسمون الغنائم، إذ جاءهم الصريخ، فقال: إن الدجال قد خرج، فيتركون على شيء ويرجعون". اهـ. والله أعلم.

(7/3357)

1119 - حديث أبي سَرِيْحة (1)، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (2):

"يكون للدابة ثلاث خرجات من الدهر ... " إلخ.

قال: صحيح!.

قلت: فيه طلحة بن عمرو الحضرمي ضعفوه، وتركه أحمد (3).

__________

(1) قوله: (أبي سريحة) ليس في أصل (ب)، ومعلق بهامشها مع الإشارة لدخوله في الصلب.

(2) قوله: (عن النبي -صلى الله عليه وسلم-) في (ب): (مرفوعاً).

(3) قوله: (الحضرمي) و (وتركه أحمد) ليس في (ب)، والإمام أحمد قال عنه: "لا شيء متروك الحديث"./ الكامل (4/ 1426).

1119 - المستدرك (4/ 484): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا عمرو بن محمد العنقزي، ثنا طلحة بن عمرو الحضرمي، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي، عن أبي الطفيل، عن أبي سريحة الأنصاري -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "يكون للدابة ثلاث خرجات من الدهر. تخرج أول خرجة بأقصى اليمن، فيشفوا ذكرها بالبادية، ولا يدخل ذكرها القرية -يعني مكة-، ثم يمكث (كذا!) زماناً طويلًا بعد ذلك، ثم تخرج خرجة أخرى قريباً من مكة، فينشر ذكرها في أهل البادية، وينشر ذكرها بمكة، ثم تكمن زماناً طويلًا، ثم بينما الناس في أعظم المساجد حرمة، وأحبها إلى الله، وأكرمها على الله تعالى: المسجد الحرام، لم يرعهم إلا وهي في ناحية المسجد تدنوا، وتربوا بين الركن الأسود، وبين باب بني مخزوم، عن يمين الخارج، في وسط من ذلك، فيرفض الناس عنها شتى، ومعاً، ويثبت لها عصابة من المسلمين عرفوا =

(7/3358)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أنهم لن يعجزوا الله، فخرجت عليهم تنفض عن رأسها التراب، فبدأت بهم، فجلت عن وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدرِّيَّة، ثم ولت في الأرض لا يدركها طالب، ولا يعجزها هارب، حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه، فتقول: أي فلان، الآن تصلي؟ فيلتفت إليها، فتسمه في وجهه، ثم تذهب، فيتجاور الناس في ديارهم، ويصطحبون في أسفارهم، ويشتركون في الأموال يعرف المؤمن الكافر، حتى إن الكافر يقول: يا مؤمن، اقضني حقي، ويقول المؤمن: يا كافر اقضني حقي".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، وهو ابن حديث في ذكر دابة الأرض، ولم يخرجاه".

تخريجه:

الحديث أخرجه الطيالسي في مسنده (ص 144 رقم 1069).

والطبراني في الكبر (3/ 193 رقم 3035).

وفي الأحاديث الطوال المطبوع مع الكبير (25/ 262 - 263 رقم 34).

كلاهما من طريق طلحة بن عمرو، به نحوه، ولم يذكر الطيالسي: "بأقصى اليمن"، وإنما قال: "تخرج في أقصى البادية".

وأخرجه أيضاً عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في البعث والنشور -كما في الدر المنثور (6/ 381) -.

دراسه الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "طلحة ضعفوه، وتركه أحمد".

وطلحة هذا هو ابن عمرو بن عثمان الحضرمي، المكي، وهو متروك. / الكامل (4/ 1426 - 1427)، والتقريب (1/ 379 رقم 37)، والتهذيب (5/ 23 - 24 رقم 38). =

(7/3359)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وقد خالفه الرواة الآخرون فرووه عن أبي الطفيل، عن حذيفة موقوفاً -كما سيأتي في الحديث الآتي-.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف طلحة بن عمرو، ومخالفته للرواة الآخرين الذين رووه موقوفاً على حذيفة -كما سيأتي في الحديث الآتي، وقد صح سنده إلى أبي سريحة حذيفة بن أسيد.

(7/3360)

1120 - حديث حذيفة:

إن الدابة تخرج ثلاث خرجات ... إلخ.

قلت: على شرط البخاري ومسلم (1).

__________

(1) هذا التعقيب ليس من الذهبي، وإنما هو كلام الحاكم عن الحديث، وأما التلخيص ففيه إقرار الذهبي للحاكم على قوله.

1120 - المستدرك (4/ 484 - 485): حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا محمد بن عبد السلام، ثنا يحيى بن يحيى، أنبأ عبد الأعلى، عن هشام بن حسان، عن قيس بن سعد، عن أبي الطفيل، قال: كنا جلوساً عند حذيفة، فذكرت الدابة، فقال حذيفة -رضي الله عنه-: إنها تخرج ثلاث خرجات، في بعض البوادي، ثم تكمن، ثم تخرج في بعض القرى، حتى يذعروه (كذا!)، حتى تهريق فيها الأمراء الدماء، ثم تكمن، قال: فبينما الناس عند أعظم المساجد، وأفضلها، وأشرفها، حتى قلنا: المسجد الحرام، وما سماه، إذا ارتفعت الأرض، ويهرب الناس، ويبقى عامة من المسلمين يقولون: إنه لن ينجيَّنا من أمر الله شيء فتخرج، فتجلو وجوههم حتى تجعلها كالكواكب الدرية، وتتبع الناس جيران في الرباع، شركاء في الأموال، وأصحاب في الإسلام.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن جرير في تفسيره (20/ 14 - 15) من طريق معمر، عن قيس بن سعد، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد، فذكره بنحوه، وفي آخره قال: "وتبقى طائفة من المؤمنين، ويقولون: إنه لا ينجينا من الله شيء، فتخرج عليهم الدابة تجلو وجوههم مثل الكوكب الدري، ثم تنطلق، فلا يدركها طالب، ولا يفوتها هارب، وتأتي الرجل يصلي، فيقول (كذا! ولعل الصواب: فتقول): والله ما كنت من أهل الصلاة، فيلتفت إليها، فتخطمه، قال: تجلو وجه المؤمن، وتخطم الكافر. قلنا فما للناس يومئذ؟ قال: جيران في الرباع، وشركاء في الأموال، وأصحاب في الأسفار.

(7/3361)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه أيضاً في الموضع نفسه من طريق الفرات القزاز، عن عامر بن واثلة أبي الطفيل، به بمعناه.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 66 - 67 رقم 19132) من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن أبي الطفيل، به بمعناه مختصراً.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وأقره الذهبي، ورجال إسناده بيان حالهم كالتالي:

أبو الطفيل عامر بن واثلة صحابي. / انظر التهذيب (5/ 82 رقم 135).

وقيس بن سعد المكي ثقة روى له مسلم في صحيحه، والبخاري تعليقاً. / الجرح والتعديل (7/ 99 رقم 562)، والتقريب (2/ 128 رقم 143)، والتهذيب (8/ 397 رقم 701).

وهشام بن حسان الأزدي تقدم في الحديث (661) أنه: ثقة من رجال الجماعة.

وعبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري، السَّامي -بالمهملة-، ثقة من رجال الجماعة. / الجرح والتعديل (6/ 28 رقم 147)، والتقريب (1/ 465 رقم 784)، والتهذيب (6/ 96 رقم 199).

ويحيى بن يحيى بن بكير التيمي الحنظلي، أبو زكريا النيسابوري تقدم في الحديث (732) أنه ثقة ثبت إمام، أخرج له الشيخان، وهو من شيوخهما.

ومحمد بن عبد السلام بن بشار النيسابوري، الوراق، الزاهد، شيخ خراسان، كان صواماً، قوَّاماً، ربانياً، ثقة. / تذكرة الحفاظ (2/ 649) في نهاية ترجمة الخشني، وانظر السير (13/ 460 رقم 228).

وشيخ الحاكم أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله بن عنبر بن عطاء =

(7/3362)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= السلمي، مولاهم، العنبري، النيسابوري تقدم في الحديث (732) أيضاً أنه إمام ثقة.

الحكم علي الحديث:

الحديث بهذا الإسناد صحيح موقوف على أبي سريحة حذيفة بن أسيد، رجاله ثقات رجال الشيخين إلى طبقة شيوخهما، عدا قيس بن سعد، فإن البخاري إنما روى له تعليقاً.

ومثل هذا الحديث له حكم الرفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه إخبار عن أمر غيبي، لا مجال للرأي فيه، والله أعلم.

(7/3363)

1121 - حديث ابن عمر:

(يبيت) (1) الناس يسيرون إلى جمع، (وتبيت) (2) دابة الأرض تسري إليهم، فيصبحون وقد جعلتهم بين رأسها وذنبها ... ، الحديث (3).

قال: صحيح.

قلت: فيه عبد الرحمن بن (البَيَّلماني) (4)، وهو ضعيف، وكذا الوليد بن جُمَيع.

__________

(1) في (أ) و (ب): (بينا)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) في (أ): (وثبت) وليست في (ب) وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) من قوله: (وتبيت) إلى هنا ليس في (ب).

(4) في (أ): (السليماني).

1121 - المستدرك (4/ 485): حدثنا أبو زكريا العنبري، ثنا محمد بن عبد السلام، ثنا يحيى بن يحيى، أنبأ محمد بن فضيل، ثنا الوليد بن جميع، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: يبيت الناس يسيرون إلى جمع، وتبيت دابة الأرض تسري إليهم، فيصبحون وقد جعلتهم بين رأسها، وذنبها، فما من مؤمن إلا تمسحه، ولا منافق، ولا كافر إلا تخطمه، وإن التوبة لمفتوحة، ثم يخرج الدجال، فيأخذ المؤمن منه كهيئة الزكمة، وتدخل في مسامع الكافر، والمنافق، حتى يكون كالشيء الحنيذ، وإن التوبة لمفتوحة، ثم تطلع الشمس من مغربها.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 180 - 181 رقم 19451) من طريق وكيع، عن الوليد بن عبد الله بن جميع، عن =

(7/3364)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= عبد الملك بن المغيرة، عن ابن البيلماني، عن ابن عمر قال: تخرج الدابة ليلة جمع، والناس يسيرون إلى منى، فتحملهم بين عجزها (كذا، وفي الدر: نحرها)، وذنبها، فلا يبقى منافق إلا خطمته، وتمسح المؤمن، قال: فيصبحون وهم أشر من الدجال.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 382)، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "ابن البيلماني ضعيف، وكذا الوليد".

وابن البيلماني اسمه عبد الرحمن، وتقدم في الحديث (764) أنه: ضعيف.

وأما الوليد بن عبد الله بن جُمَيْع، الزهري، المكي، نزيل الكوفة، فإنه: صدوق، إلا أنه يهم، ورمي بالتشيع. / الجرح والتعديل (9/ 8 رقم 34)، والتقريب (2/ 333 رقم 64)، والتهذيب (11/ 138 رقم 230).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف ابن البيلماني، وضعف الوليد بن عبد الله بن جميع من قبل حفظه.

(7/3365)

1122 - حديث أبي سعيد مرفوعاً:

"إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلاً (وتشريداً) (1) ... " الحديث.

قال: صحيح.

قلت: لا والله، كيف وفيه إسماعيل بن (2) رافع متروك، ولم يصح المسند إليه؟

__________

(1) في (أ)، و (ب): (شديداً)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) قوله: (إسماعيل بن) ليس في أصل (ب)، ومعلق بهامشها مع الإشارة لدخوله في الصلب.

1122 - المستدرك (4/ 487): أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد، ثنا نعيم بن حماد، ثنا الوليد بن مسلم، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عن أبي نضرة، قال: قال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً، وإن أشد قومنا لنا بغضاً: بنو أمية، وبنو المغيرة، وبنو مخزوم".

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق نعيم بن حماد.

ونعيم أخرجه في "الفتن" -كما في كنز العمال (11/ 169 رقم 31074) -.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "لا والله، كيف وإسماعيل متروك، ثم لم يصح المسند إليه؟ ".

أما إسماعيل فهو ابن رافع بن عويمر الأنصاري، المدني، نزيل البصرة، =

(7/3366)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

=يكنى: أبا رافع، وهو ضعيف الحفظ./ الكامل (1/ 277 - 279)، والتقريب (1/ 69 رقم507)، والتهذيب (1/ 294 - 296 رقم 547).

وأما قول الذهبي: "لم يصح المسند إليها -يعني إلى أبي رافع هذا-، فلأن في المسند إليه علتين:

1 - تدليس الوليد بن مسلم.

2 - ضعف نعيم بن حماد من قبل حفظه.

أما الوليد بن مسلم فتقدم في الحديث (639) أنه: ثقة، إلا أنه كثير التدليس، والتسوية، وعده الحافظ في الطبقة الرابعة من طبقات المدلسين، وقد عنعن هنا.

وأما نعيم بن حماد فتقدم في الحديث (751) أنه: صدوق، إلا أنه يخطيء كثيراً.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد للعلل المتقدم ذكرها في دراسة الإسناد.

وقوله: "إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً"، تقدم في الحديث (1108) ما يشهد له، غير أنه لا يفرح به، فهو موضوع كما تقدم هناك، والله أعلم.

(7/3367)

1123 - حديث أبي هريرة، قال:

ولد لأخي أم سلمة غلام (1)، فسموه الوليد، (فذكر) (2) ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "سميتموه بأسامي فراعنتكم، ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له: الوليد، هو شر على هذه الأمة من فرعون على قومه".

قال الزهري: (إن) (3) استخلف الوليد بن يزيد فهو هو، وإلا فالوليد بن عبد الملك.

قال: على شرط البخاري ومسلم (4).

__________

(1) في (ب): (غلاماً).

(2) في (أ): (فذكرت)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) ليست في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(4) من قوله: (فذكر ذلك) إلى هنا، ليس في (ب)، وبعد قوله: (فسموه الوليد) قال: (إلى آخره) اختصاراً من الناسخ للحديث، وهو اختصار مخلّ كما سيأتي في الحديث بعده.

1123 - المستدرك (4/ 494): أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسن، ثنا الفضل بن محمد بن المسيب، ثنا نعيم بن حماد، ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، فذكره بلفظه.

تخريجه:

هذا الحديث من الأحاديث التي أخرجها الإمام أحمد في مسنده كما سيأتي، وانتقدت على المسند، وتصدى الحافظ ابن حجر للذب عنها في كتابه المشهور: "القول المسدد في الذب عن المسند للإمام أحمد". =

(7/3368)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= فالحديث يرويه ابن المسيب، وعنه الزهري، وله عن الزهري ثلاث طرق:

* الطريق الأولى: طريق الأوزاعي، وله عنه خمس طرق:

1 - طريق الوليد بن مسلم، وهي طريق الحاكم هذه، واختلف على الوليد فيها: فروى الحديث عنه نعيم بن حماد في الفتن -كما في الكنز (11/ 257 رقم 31442) -.

وعن نعيم رواه الحاكم.

قال نعيم: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، فذكر الحديث هكذا على أنه من مسند أبي هريرة.

وخالف نعيماً محمد بن خالد السكسكي، فأرسله عن ابن المسيب.

وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/ 349 - 350): حدثني محمد بن خالد بن العباس السكسكي، حدثني الوليد بن مسلم، حدثني أبو عمرو الأوزاعي، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، قال: ولد لأخي أم سلمة، فذكر الحديث بنحوه، ولم يذكر قول الزهري، وإنما قال عقبه: "قال أبو عمرو الأوزاعي: فكأن الناس يرون أنه الوليد بن عبد الملك، ثم رأينا أنه الوليد بن يزيد؛ لفتنة الناس به حتى خرجوا عليه، فقتلوه، وانفتحت على الأمة الفتنة والهرج". اهـ.

ومن طريق الفسوي أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 505).

2 - طريق إسماعيل بن عياش، واختلف عليه فيها أيضاً:

فأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 18) من طريق أبي المغيرة، ثنا ابن عياش، قال: حدثني الأوزاعي، وغيره، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: ولد لأخي أم سلمة، فذكره بنحوه هكذا على أنه من مسند عمر بن الخطاب. ومن طريق الإمام أحمد أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 158 - 159)، و (2/ 46 - 47). =

(7/3369)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه ابن حبان في المجروحين (1/ 125)، وأظنه من طريق أبي اليمان، عن إسماعيل، به بنحوه، ثم قال: "هذا خبر باطل، ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا، ولا عمر رواه، ولا سعيد حدث به، ولا الزهري رواه، ولا هو من حديث الأوزاعي بهذا الإسناد". اهـ.

وذكر ابن الجوزي كلام ابن حبان هذا، وقوله عن إسماعيل:

"وإسماعيل بن عياش لما كبر تغير حفظه فكثر الخطأ في حديثه، وهو لا يعلم"، ثم قال ابن الجوزي: "ولعل هذا الحديث قد أدخل عليه في كبره، أو قد رواه وهو مختلط. قال أحمد بن حنبل: كان إسماعيل يروي عن كل ضرب". ثم قال ابن الجوزي: "وهذه الرواية بعيدة عن الصحة، ولو صحَّت، دلَّت على ثبوت الحديث، والوليد بن يزيد أولى بها من الوليد بن عبد الملك؛ لأنه كان مشهوراً بالإلحاد (مبارزاً) بالعناد، وقد كان اسم فرعون: الوليد". اهـ.

وتعقب الحافظ ابن حجر ابن حبان على عبارته السابقة بكلام طويل في القول المسدد (ص 12 - 13)، ومضمونه أن رواية إسماعيل عن الشاميين عند الجمهور قوية، وهذا منها، وأنه لم يجد من نسب إسماعيل إلى الاختلاط، وإنما نسبوه إلى سوء الحفظ في حديثه عن غير الشاميين، كأنه إذا رحل إلى الحجاز، أو العراق اتكل على حفظه، فيخطيء في أحاديثهم، ثم قال:

(ومع كون إسماعيل بهذا الوصف، وحديثه المتقدم عن شامي، فلم ينفرد به -كما قال ابن حبان، وابن الجوزي-، وإنما انفرد بذكر عمر فيه خاصة، على أن الرواة عنه لم يتفقوا على ذلك.

فقد رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وأبو نعيم في دلائل النبوة من طريقه، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي إسماعيل، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، =

(7/3370)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قال: ولد لأخي أم سلمة، فذكر الحديث، وليس فيه: عمر. نعم رواه سليمان بن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل، عن إسماعيل بن عياش، فذكر فيه: عمر)، ثم ساقه ابن حجر بسند هو إلى سليمان هذا، قال: (فذكر مثل حديث أبي المغيرة سواء، وزاد فيه بعد قوله: "بأسماء فراعنتكم: غيروا اسمه": فسموه عبد الله، فإنه سيكون ... "، والبقية سواء). اهـ.

قلت: ومع ما ذكره الحافظ من الاختلاف على إسماعيل في الحديث، فهناك اختلاف عليه، آخر. فالحديث أخرجه أبو زكريا الأزدي في "تاريخ الموصل" (ص 56): حدثني أحمد بن بشر، عن منصور بن أبي مزاحم، عن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن (الزهري) (في الأصل: الزبيري)، قال: ولد ... ، فذكره بنحوه عن الزهري مرسلاً، وفيه قال: "اسمه عبد الرحمن"، وذكر قول الزهري: إن استخلف الوليد ... إلخ.

3 - طريق بشر بن بكر.

أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 505) من طريقه: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، قال: حدثني سعيد بن المسيب، قال: ولد لأخي أم سلمة، فذكره بنحوه، ثم قال البيهقي عقبه: "هذا مرسل حسن".

4 - طريق الهقل بن زياد.

أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الوليد، من طريق الهقل بن زياد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: ولد لأخي أم سلمة غلام، فسموه: الوليد، ... الحديث، ذكره الحافظ ابن حجر في القول المسدد (ص 15)، وذكر الطريق الأخرى الآتية:

5 - طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، قال: ولد لآل أم سلمة ولد، فسموه الوليد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تسمون الوليد بأسماء فراعنتكم؟ "، فسموه عبد الله.

أخرجه ابن عساكر أيضاً كما في الموضع السابق. =

(7/3371)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ._________

= *الطريق الثانية: طريق عبد الرازق، غن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، فذكره، ولم يذكر عمر.

قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق (ص 16): "أما رواية معمر فرويناها في الجزء الثاني من أمالي عبد الرزاق"، ثم ذكره.

وأخرجه أبو زكريا الأزدي في تاريخ الموصل (ص 56)، من طريق أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن (الزهري) (وفي الأصل: الزبيري)، قال: أراد رجل أن يسمي ابنه الوليد، فنهاه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال: "سيكون رجل يدعى الوليد، يعمل في أمتي كما يعمل فرعون في قومه".

قلت: هكذا ذكره مرسلاً عن الزهري، ولم يذكر ابن المسيب.

* الطريق الثالثة: طريق محمد بن الوليد الزبيدي.

ذكرها الحافظ ابن حجر في الموضع السابق، وقال: "يحتمل أنه الذي أبهمه إسماعيل بن عياش، لأنه شامي أيضاً ... وأما رواية الزبيدي فظفرت بها في بعض الأجزاء، ولم يحضرني الآن اسم مخرجها".

قلت: سبق في رواية الإمام أحمد للحديث أن ابن عياش قال: "حدثنا الأوزاعي، وغيره"، ومال الحافظ إلى أن هذا المبهم هو الزبيدي.

دراسه الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، ولم يتعقبه الذهبي بشيء، وإنما تعقبه على الحديث الآتي الذي جعله تبعاً لهذا الحديث.

وأما هذا الحديث فإن في سنده نعيم بن حماد، وتقدم في الحديث (751) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.

وقد خالفه شيخ يعقوب بن سفيان الفسوي، واسمه: محمد بن خالد بن العباس بن رملي السكسكي، إلا أني لم أجد من ذكره سوى ابن حبان في ثقاته (9/ 93)، ولم يذكر أنه روى عنه سوى الفسوي، فهو مجهول، إلا =

(7/3372)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أن روايته عن الوليد بن مسلم موافقة لرواية الأكثر، ولذا حكم الحافظ ابن حجر على رواية نعيم بن حماد بالشذوذ، فقال في الموضع السابق: "وأما رواية نعيم بن حماد له عن الوليد بذكر أبي هريرة فيه، فشاذة".اهـ.

قلت: والوليد بن مسلم تقدم في الحديث (639) أنه كثير التدليس والتسوية، وقد عنعن فيما بينه، وبين شيخه فمن فوقه، إلا أن ابن حجر أجاب عن هذا بقوله: "وفي تصريح بشر بن بكر عن الأوزاعي بأن الزهري حدثه به ما يدفع تعليل من تعلله (كذا) بتدليس الوليد بن مسلم تدليس التسوية". اهـ.

قلت: هذا متوجه فيما بين شيخه فمن فوقه، لكن روايته عن الأوزاعي بالعنعنة، مع وصفه بكثرة التدليس تعتبر علة قادحة في روايته هو للحديث عن الأوزاعي، فلا يُدرى، أسمعه منه، أم لا؟.

وأما رواية الإمام أحمد فأعلها الحافظ ابن حجر بقوله: "وغاية ما ظهر في طريق إسماعيل بن عياش من العلة: أن ذكر عمر فيه لم يتابع عليه".اهـ.

قلت: قد ذكر للشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- علة أخرى، فقال عن الحديث في حاشيته على المسند (1/ 202): "إسناده ضعيف لانقطاعه؛ سعيد بن المسيب لم يدرك عمر إلا صغيراً، فروايته عنه مرسلة، إلا رواية صرح فيها أنه يذكر فيها يوم نعى عمرُ النعمانَ بن مقرن على المنبر، ثم إن ذكر عمر في الإسناد خطأ لعله من ابن عياش".اهـ ثم ذكر قول الحافظ السابق.

وقد رجح ابن حجر أن الحديث من رواية أم سلمة، فقال: "الظاهر أنه من رواية أم سلمة؛ لاطباق معمر، والزبيدي، عن الزهري، وبشر بن بكر، والوليد بن مسلم، عن الأوزاعي على عدم ذكر عمر فيه، والله أعلم. وأما رواية نعيم بن حماد عن الوليد بذكر أبي هريرة فيه، فشاذة".اهـ. =

(7/3373)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= لكن تعقبه الشيخ أحمد شاكر بقوله: "وهذا أيضاً ليس بشيء؛ لأني لم أجد في الروايات التي ذكرها الحافظ أن ابن المسيب روى هذا الحديث عن أم سلمة، فإن على الروايات عن ابن المسيب: ولد لأخي أم سلمة ... الخ، ليس فيها: عن أم سلمة. وهذا الحديث مما إدعى فيه بعض الحفاظ أنه موضوع، منهم الحافظ العراقي، وقد أطال الحافظ ابن حجر الرد عليه لإثبات أن له أصلاً، في كتاب القول المسدد (ص 5 - 6، و11 - 16)، وفي كثير مما قال تكلف، ومحاولة، والظاهر عندي ما قلت: أنه ضعيف لانقطاعه". اهـ.

قلت: إن كان قصد الشيخ أحمد شاكر بالانقطاع إرسال ابن المسيب له بعدم ذكر أحد من الصحابة، فنعم، وهو الذي يتفق مع كلامه المتقدم. وإن كان قصده بين ابن المسيب، وعمر، فإنه قد خطأ هذه الرواية، ولذا فالذي يظهر أن علة الحديث إرسال ابن المسيب له، هذا إن سلم من الاضطراب وأخذنا بترجيح ابن حجر لرواية معمر، والزبيدي، عن الزهري، وبشر بن بكر، والوليد بن مسلم في رواية، عن الأوزاعي.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لما تقدم في دراسة الإسناد.

وهو ضعيف فقط بالطريق الأخرى التي أرسلها المسيب، وتقدم في الحديث (1115) أن ابن القيم -رحمه الله- حكم على الأحاديث التي في ذم الوليد بالكذب.

ولو صح الحديث لكان المقصود به الوليد بن يزيد كما سيأتي في الحديث الآتي، والله أعلم.

(7/3374)

1124 - قال (1): هو الوليد بن يزيد، بلا شك، ولا مِرْية.

فقد حدثنا، وساق إسناداً إلى إسماعيل بن (عبيد الله) (2) قال: قدم أنس بن مالك على الوليد بن يزيد، فقال له: ماذا سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يذكر الساعة؟ (3).

فقال: سمعته يقول: "أنتم والساعة كهاتين".

قلت: إنما قدم على الوليد بن عبد الملك (4).

__________

(1) أي الحاكم.

(2) في (أ): (عبد الله)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، والتهذيب (1/ 317 رقم 576).

(3) كذا في (أ)، والمستدرك وتلخيصه المخطوطين والمطبوعين.

(4) جميع هذا الحديث ليس في (ب)، لأن الناسخ اختصره مع الحديث السابق، بسياقه بعض عبارة الحديث السابق، وقوله: (إلى آخره) بعد قوله: (فسموه الوليد) وهو اختصار مخلّ.

1124 - المستدرك (4/ 494)، قال الحاكم عقب الحديث السابق: هو الوليد بن يزيد، بلا شك، ولا مرية، فقد حدثنا أبو العباس الأصم، ثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني، ثنا بشر بن بكر، أخبرنا الأوزاعي، حدثني إسماعيل بن عبيد الله، قال: قدم أنس بن مالك على الوليد بن يزيد، فقال له الوليد: ماذا سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يذكر الساعة؟ فقال: سمعته يقول: "أنتم والساعة كهاتين".

قال الحاكم: "قد اتفق الشيخان على إخراجه من حديث شعبة، عن قتادة، وأبي التياح، عن أنس".

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم من طريق إسماعيل بن عبيد الله، عن أنس بهذا =

(7/3375)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= السياق، وعلى أن أنساً -رضي الله عنه- قدم على الوليد بن يزيد، وذكر أن الشيخين قد اتفقا على إخراج هذا الحديث من طريق شعبة عن قتادة، وأبي التياح، عن أنس، وهو كذلك، لكنهما أخرجا أصل الحديث، ولم يذكرا قدوم أنس على الوليد.

فالحديث أخرجه البخاري في صحيحه (11/ 347 رقم 6504) في الرقاق، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بعثت أنا والساعة كهاتين".

ومسلم (4/ 2268 - 2269 رقم 133 و 134) في الفتن، باب قرب الساعة.

وأحمد في المسند (3/ 123 - 124 و130 و 131 و 222 و 274 - 275 و 278).

والترمذي في سننه (6/ 459 - 460 رقم 2311) في الفتن، باب ما جاء في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بعثت أنا والساعة كهاتين".

وعبد بن حميد في مسنده (ص 218 رقم 1164).

جميعهم من طريق شعبة، عن قتادة، وأبي التياح، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "بعثت أنا والساعة كهاتين"، ولم يذكر الترمذي، وعبد بن حميد أبا التياح.

قال شعبة في بعض الروايات: وسمعت قتادة يقول في قصصه: كفضل إحداهما على الأخرى، فلا أدري، أذكره عن أنس، أو قاله قتادة؟.

وفي بعضها: وقرن شعبة بين إصبعيه، المسبَّحة، والوسطى، يحكيه.

وتابع شعبة عليه أبان العطار، وسعيد بن أبي عروبة.

أخرجهما الإمام أحمد في المسند (3/ 193 و218 و 283).

وتابع قتادة، وأبا التياح: حمزة الضبي، ومعبد، وزياد بن أبي زياد مولى ابن عباس. =

(7/3376)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أما رواية حمزة الضبي فأخرجها مسلم في الموضع السابق برقم (134) مقرونة برواية أبي التياح.

وأخرجها أحمد (3/ 222 و 278) مقرونة بروايتي قتادة، وأبي التياح.

وأما رواية معبد فأخرجها مسلم في الموضع السابق برقم (135).

وأما رواية زياد بن أبي زياد فأخرجها الإمام أحمد (3/ 237).

دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم للاستدلال على أن المقصود بالحديث السابق:

"سميتموه بأسامي فراعنتكم ... " الحديث، هو الوليد بن يزيد، وذكر قصة قدوم أنس على الوليد بن يزيد، وكأنه ظن اختيار أنس لهذا الحديث ليحدث به الوليد عن قصد، وإيماء منه إلى أنه المقصود بالحديث السابق، وتعقبه الذهبي بقوله: "إنما قدم على الوليد بن عبد الملك".

وأنس بن مالك -رضي الله عنه توفي سنة ثلاث وتسعين للهجرة، والوليد بن يزيد إنما ولد سنة تسعين، وقيل: سنة اثنتين وتسعين، وتولى الخلافة سنة خمس وعشرين ومائة.

أما الوليد بن عبد الملك فإنه الذي كان على الخلافة أيام أنس بن مالك، فإنه تولى سنة ست وثمانين، ومات سنة ست وتسعين./ انظر سير أعلام النبلاء (4/ 347 - 348) و (5/ 370 - 373)، والبداية والنهاية (9/ 70) و (10/ 2).

ولا يعني هذا أن المقصود بالحديث -على فرض صحته- هو الوليد بن عبد الملك، فإن كلام أهل العلم متجه على أن المقصود به -لو صح-: الوليد بن يزيد.

وتقدم قول الزهري: "إن استخلف الوليد بن يزيد فهو هو، وإلا فالوليد بن عبد الملك".

وقول الأوزاعي: "فكان الناس يرون أنه الوليد بن عبد الملك، ثم رأينا أنه =

(7/3377)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الوليد بن يزيد؛ لفتنة الناس به حتى خرجوا عليه، فقتلوه، وانفتحت على الأمة الفتنة والهرج".

وقول ابن الجوزي: "الوليد بن يزيد أولى بها من الوليد بن عبد الملك؛ لأنه كان مشهوراً بالإلحاد، مبارزاً بالعناد".

وهذا الذي رآه الحاكم بقوله: "هو الوليد بن يزيد بلا شك، ولا مرية".

وأورد الحديث الذهبي في ترجمة الوليد بن يزيد في السير (5/ 371)، ولم يورده في ترجمة الوليد بن عبد الملك.

وقال ابن كثير في البداية (6/ 241): "الإخبار عن الوليد بما فيه له من الوعيد الشديد، وإن صح فهو الوليد بن يزيد، لا الوليد بن عبد الملك". اهـ. ثم ذكر الحديث.

وأما إسناد الحاكم لهذا الحديث فبيان حال رجاله كالتالي:

الراوي للحديث عن أنس هو إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي، مولاهم، الدمشقي، أبو عبد الحميد، وهو ثقة من رجال الشيخين، وهو مؤدب وله عبد الملك بن مروان./ الجرح والتعديل (2/ 182 - 183 رقم 621)، والتهذيب (1/ 317 - 318 رقم 576)، والتقريب (1/ 72 رقم 534).

وأما الأوزاعي فهو ثقة فقيه جليل من رجال الجماعة، تقدمت ترجمته في الحديث (1088).

وبشر بن بكر التّنيسي، أبو عبد الله البجلي، ثقة يغرب، روى له البخاري. / الجرح والتعديل (2/ 352 رقم 1336)، والتقريب (1/ 98 رقم 46)، والتهذيب (1/ 443 - 444 رقم 815).

وبحر بن نصر بن سابق الخولاني تقدم في الحديث (661) أنه ثقة.

وقد تصحف اسم بحر هذا في المستدرك وتلخيصه المطبوعين هكذا: =

(7/3378)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= (يحيى بن نصر)، ولم ينسبه، وما أثبته من المستدرك المخطوط، وهو منسوب فيه.

وأما شيخ الحاكم أبو العباس الأصم فتقدم في الحديث (531) أنه: ثقة إمام محدث.

الحكم على الحديث:

الحديث صحيح بإسناد الحاكم، لكن ذكره لقدوم أنس على الوليد بن يزيد غلط، والصواب ما ذكره الذهبي أن قدومه كان على الوليد بن عبد الملك، والله أعلم.

(7/3379)

1125 - حديث أنس مرفوعاً:

"والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة على رجل (1) يقول: لا إله إلا الله، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر".

قال: على شرط مسلم.

قلت: فيه سنان بن سعد، ولم يرو له مسلم.

__________

(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال: (الخ) إشارة لاختصار متنه.

1125 - المستدرك (4/ 495): حدثني محمد بن صالح بن هانيء، ثنا محمد بن إسماعيل، ومحمد بن رجاء، ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدثني عمي، ثنا عمرو بن الحارث، وابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث له عن أنس -رضي الله عنه- ثلاث طرق:

* الطريق الأولى: طريق سنان بن سعد، وهي التي أخرجها الحاكم هنا.

وأخرجه الخطيب في تاريخه (3/ 82) من طريق عمير بن مرداس، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم السلمي البصري، حدثنا ابن لهيعة، فذكره بمثله سواء.

وأخرجه ابن جرير -كما في كنز العمال (14/ 244 رقم 38575) -.

* الطريق الثانية: طريق ثابت البناني، عنه -رضي الله عنه-.

وله عن ثابت طريقان:

1 - طريق معمر عنه، مرفوعاً بلفظ: "لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله الله". =

(7/3380)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أخرجه عبد الرزاق في جامع معمر الملحق بالمصنف (11/ 402 رقم 40847).

ومن طريق عبد الرازق أخرجه عبد بن حميد في مسنده (ص 232 رقم 1245).

ومن طريق عبد بن حميد أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 131 رقم 234) في الإيمان، باب ذهاب الإيمان آخر الزمان.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه (ص 472 رقم 1911) من طريق نوح بن حبيب، حدثنا عبد الرزاق، فذكره بلفظ: "لا تقوم الساعة على أحد يقول: لا إله إلا الله".

2 - طريق حماد بن سلمة.

أخرجه أحمد في المسند (3/ 268).

ومسلم في الموضع السابق.

كلاهما من طريق عفان، عن حماد، عن ثابت، عن أنس، به نحوه.

وأخرجه الحاكم قبل هذا الحديث من طريق علي بن عثمان اللاحقي، وعبد الصمد، قالا: ثنا حماد بن سلمة، ثنا ثابت، عن أنس مرفوعاً: "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله، وحتى تمر المرأة بقطعة النعل، فتقول: قد كان لهذه رجل مرة، وحتى يكون الرجل قيم خمسين امرأة، وحتى تمطر السماء، ولا تنبت الأرض".

قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وسكت عنه الذهبي.

* الطريق الثالثة: طريق حميد الطويل، وله عنه ثلاث طرق:

1 - طريق ابن أبي عدي، عنه، عن أنس، به نحوه.

أخرجه أحمد في المسند (3/ 107). =

(7/3381)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والترمذي في سننه (6/ 451 رقم 2303) في الفتن، باب ما جاء في أشراط الساعة، وقال: "حديث حسن".

2 - طريق خالد بن الحارث، عن حميد، عن أنس نحوه، ولم يرفعه.

أخرجه الترمذي عقب الحديث السابق برقم (2304)، ثم قال: "وهذا أصح من الحديث الأول".

قال المباركفوري -رحمه الله- في الحاشية: الآن خالد بن الحارث أوثق من ابن أبي عدي".

قلت: بل رواية ابن أبي عدي، ورفعه للحديث أرجح؛ لأنه قد توبع في الطريق الآتية التي هي:

3 - طريق يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس، به نحوه.

أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 201).

وعبد بن حميد في مسنده (ص 260 رقم 1410).

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: "سنان لم يرو له مسلم".

وسنان هذا هو ابن سعد، ويقال: سعد بن سنان، وتقدم في الحديث (1049) أنه: صدوق له أفراد، ولم يرو له أحد من الشيخين في صحيحيهما.

وفي سنده أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وتقدم في الحديث (519) أنه: صدوق تغير بآخره.

ولم ينفرد أحمد بالحديث، بل تابعه عمير بن مرداس عند الخطيب، عن عبد الرحمن بن إبراهيم السلمي البصري، عن ابن لهيعة، به.

وعمير بن مرداس الزريقي ذكره الحافظ في اللسان (4/ 381 رقم 1139)، وذكر أن ابن حبان ذكره في ثقاته، وقال عنه: يغرب. =

(7/3382)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وشيخه عبد الرحمن السلمي لم أجد له ترجمة.

وأما ابن لهيعة فقد تابعه عمرو بن الحارث في رواية أحمد بن عبد الرحمن بن وهب.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لاختلاط أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، لكنه حسن لغيره بالطريق الأخرى التي أخرجها الخطيب من طريق عمير بن مرداس، عن السلمي.

وشطر الحديث الأول صحيح أخرجه مسلم، وغيره من طرق أخرى كما تقدم.

وأما شطره الثاني: "ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر" فهو حسن لغيره فقط، وله شاهد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "لا تقوم الساعة على رجل يقول: لا اله إلا الله، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر".

أخرجه الخطيب في تاريخه (8/ 262) من طريق حكيم بن نافع الرقي، عن عطاء الخراساني، عن أبي هريرة، به.

وسنده ضعيف.

عطاء الخراساني لم يسمع من أبي هريرة -كما في التهذيب (7/ 212) -.

وحكيم بن نافع الرَّقي ضعيف، وثقه ابن معين مرة، وضعفه أخرى، وقال أبو زرعة: ليس بشيء.

وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث. وقال الساجي: عنده مناكير. وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه./ انظر تاريخ بغداد (8/ 262 - 263)، والميزان (1/ 586 رقم 2226)، واللسان (2/ 344 رقم 1397).

(7/3383)

1126 - حديث أبي هريرة مرفوعاً:

"لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد (لله) (1) فيه حاجة ... الحديث (2).

قال: صحيح.

قلت: فيه سليمان بن أبي سليمان هالك، والخبر شبه خرافة.

__________

(1) ليست في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) من قوله: (حتى لا يبقى) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).

1126 - المستدرك (4/ 495): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا محمد بن المغيرة الهمداني، ثنا القاسم بن الحكم العرني، ثنا سليمان بن أبي سليمان، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد لله فيه حاجة، وحتى توجد المرأة نهاراً جهاراً تنكح وسط الطريق لا ينكر ذلك أحد، ولا يغيره، فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول: لو نحيتها عن الطريق قليلاً، فذاك فيهم مثل أبي بكر، وعمر فيكم".

تخريجه:

الحديث ذكره في كنز العمال (14/ 247 - 248 رقم 38588)، وعزاه للحاكم فقط.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "بل سليمان هالك، والخبر شبه خرافة".

وسليمان هذا هو ابن أبي سليمان الزهري، اليمامي، وهو ضعيف، =

(7/3384)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ضعفه أبو حاتم، وقال ابن عدي: "يروي عن يحيى بن أبي كثير أحاديث ليست بمحفوظة ... في بعض أحاديثه ورواياته عن يحيى بعض الإنكار مما لا يرويه عن يحيى غيره".

وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما خالف. اهـ. من الكامل لابن عدي (3/ 1109 - 1110)، واللسان (3/ 95 رقم 322).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف سليمان اليمامي، لا سيما في روايته عن يحيى بن أبي كثير كما هنا.

ويشهد لبعضه ما أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2250 - 2255 رقم 110) في الفتن، باب ذكر الدجال، وصفته، وما معه، من حديث النواس بن سمعان الطويل في ذكر الدجال، وبعض أشراط الساعة، وفي آخره قال -صلى الله عليه وسلم-: "ويبقى شرار الناس يتهارجون، فيها تهارج الحُمُر، فعليهم تقوم الساعة".

قال النووي -رحمه الله- في شرحه لصحيح مسلم (18/ 70): "يتهارجون تهارج الحمر: أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير، ولا يكترثون لذلك. والهَرْج -بإسكان الراء-: الجماع، يقال: هرج زوجته: أي جامعها، يهرجها -بفتح الراء، وضمها، وكسرها-".اهـ.

وفي النهاية (5/ 257): " الهَرْجُ، كثرة النكاح، يقال: بات يَهْرُجُها لَيْلَتَه، جَمْعاء".اهـ.

وتقدم في الحديث (710) ما يشهد لبعضه، لكنه ضعيف جداً.

وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- يرفعه: "والذي نفسي بيده، لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة، فيفترشها في الطريق، فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائطه". =

(7/3385)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أخرجه أبو يعلى في مسنده -كما في المجمع (7/ 331) -، ثم قال الهيثمي عقبه: "رجاله رجال الصحيح".

وله شواهد أخرى بهذا المعنى ذكرها الألباني، في سلسلته الصحيحة (1/ 245 - 247 رقم 481)، وصحح الحديث بمجموعها بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا في الطريق تسافد الحمير". اهـ. والله أعلم.

(7/3386)

1127 - حديث علي:

يظهر السفياني على الشام، ثم يكون بينهم وقعة ... الخ (1).

قلت: خبر واه.

__________

(1) من قوله: (ثم يكون) إلى هنا ليس في (ب).

1127 - المستدرك (4/ 501 - 502): أخبرني محمد بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا نعيم بن حماد، ثنا الوليد، ورشدين، قالا: ثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: يظهر السفياني على الشام، ثم يكون بينهم وقعة بقرقيسا حتى تشبع طير السماء، وسباع الأرض من جيفهم، ثم ينفتق عليهم فتق من خلفهم، فتقبل طائفة منهم حتى يدخلوا أرض خراسان، وتقبل خيل السفياني في طلب أهل خراسان، ويقتلون شيعة آل محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- بالكوفة، ثم يخرج أهل خراسان في طلب المهدي.

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق نعيم بن حماد.

ونعيم أخرجه في الفتن -كما في كنز العمال (11/ 284 رقم 31537) -.

دراسة الإسناد:

الحديث أعله الذهبي بقوله: "خبر واه".

وفي سنده ابن لهيعة، ونعيم بن حماد.

أما ابن لهيعة فتقدم في الحديث (614) أنه: ضعيف، ومدلس من الخامسة، وقد عنعن هنا.

وأما نعيم بن حماد فتقدم في الحديث (751) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف ابن لهيعة وتدليسه، وما قيل عن نعيم بن حماد من كثرة الخطأ.

(7/3387)

1128 - حديث عبد الله بن عمرو:

يحج الناس معاً، (وُيعرِّفون) (1) على غير إمام، فبينما هم نزول بمنى إذ أخذهم (كالْكَلَب) (2)، فثارت القبائل، فاقتتلوا ... الحديث (3).

قلت: سنده ساقط، وفيه محمد، أظنه المصلوب.

__________

(1) في (أ): (وتعروك)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

ومعنى قوله: (يُعرِّفون): أي: يقفون بعرفة./ انظر النهاية (3/ 218).

(2) في (أ): (كالغلبه)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

والكَلَبُ -بالتحريك-: داء يعرض للإنسان من عضِّ الكَلْب الكَلِب، فيصيبه شبه الجنون فلا يعض أحداً إلا كَلِب، وتعرض له أعراض رديئة، ويمتنع من شرب الماء حتى يموت عطشاً./ النهاية (4/ 195).

(3) من قوله: (معاً، ويعرفون) إلى هنا ليس في (ب).

1128 - المستدرك (4/ 503 - 504) هذا الحديث ساقه الحاكم شاهداً لحديث قبله، وسياقهما قال فيه: أخبرني محمد بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمد، ثنا نعيم بن حماد، ثنا أبو يوسف المقدسي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "في ذي القعدة تجاذب القبائل، وتغادر، فينهب الحاج، فتكون ملحمة بمنى يكثر فيها القتلى، وتسيل فيها الدماء، حتى تسيل دماؤهم على عقبة الجمرة، وحتى يهرب صاحبهم، فيأتي بين الركن والمقام، فيبايع وهو كاره، يقال له: إن أبيت ضربنا عنقك، يبايعه مثل عدة أهل بدر، يرضى عنهم ساكن السماء، وساكن الأرض".

قال أبو يوسف: فحدثني محمد بن عبد الله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: يحج الناس معاً، ويُعرِّفون معاً على غير إمام، فبينما هم نزول بمنى، إذ أخذهم كالكلب، =

(7/3388)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= فثارت القبائل بعضها إلى بعض، واقتتلوا، حتى تسيل العقبة دماً، فيفزعون إلى خيرهم، فيأتونه وهو ملصق وجهه إلى الكعبة يبكي، كأني أنظر إلى دموعه، فيقولون: هلم، فلنبايعك، فيقول: وَيَحْكم، كم عهد قد نقضتموه، وكم دم قد سفكتموه، فيبايع كرهاً، فإذا أدركتموه فبايعوه، فإنه المهدي في الأرض، والمهدي في السماء.

تخريجه:

أما الحديث الأول فإن الحاكم أخرجه من طريق نعيم بن حماد.

ونعيم أخرجه في الفتن -كما في الكنز (14/ 269 - 270 رقم8686/ 3) -.

وأما الحديث الثاني فذكره السيوطي في "العرف الوردي" (2/ 76 من الحاوي)، وعزاه للحاكم فقط.

دراسه الإسناد:

الحديث أعله الذهبي بقوله: "سنده ساقط، ومحمد أظنه المصلوب".

ومحمد هذا اسمه في الإسناد: محمد بن عبد الله، غير منسوب، والمصلوب الذي ظنه الذهبي هذا، اسمه: محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي، المصلوب، وتقدم في الحديث (680) أنه: كذاب.

وإنما قال الذهبي قوله السابق مع الاختلاف في الاسم؛ لأن المصلوب هذا قلبوا اسمه على مائة وجه ليخفى -كما في التقريب (2/ 164 رقم 248) -.

وفي سند الحديث أيضاً نعيم بن حماد، وكذا في الحديث الذي قبله، الذي ساق الحاكم هذا الحديث شاهداً له، ونعيم تقدم في الحديث (751) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم موضوع إن كان محمد بن عبد الله الذي في سنده هو المصلوب، لنسبته إلى الكذب، وإلا فيكون ضعيفاً لجهالته، وضعف نعيم بن حماد من قبل حفظه، وكذا الحديث الذي قبله ضعيف لأجل نعيم، والله أعلم.

(7/3389)

1129 - حديث أبي سعيد:

خطبنا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من بعد العصر إلى مُغَيْرِبان (1) الشمس خطبة حفظها من حفظها، ونسيها من نسيها، فذكرها بطولها (2).

قلت: فيه ابن جدعان، صالح الحديث.

__________

(1) في التلخيص: (مغرب)، وفي المستدرك -كما سيأتي- (مغربان)، وليست في (ب)، وما أثبته من (أ).

(2) من قوله: (إلى مغيربان) إلى هنا ليس في (ب).

1129 - المستدرك (4/ 505 - 506): أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العدل، ثنا محمد بن أيوب، ثنا علي بن عثمان اللاحقي، وموسى بن إسماعيل، قالا: ثنا حماد بن سلمة، أنبأ علي بن زيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- صلاة العصر، ثم قام خطيباً بعد العصر، إلى مغربان الشمس، حفظها من حفظها، ونسيها من نسيها، وأخبر فيها بما هو كائن إلى يوم القيامة، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، ثم قال:

"أما بعد، فإن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى، فمنهم من يولد مؤمناً، ويحيى مؤمناً، ويموت مؤمناً، ومنهم من يولد كافراً، ويحيى كافراً، ويموت كافراً، ومنهم من يولد مؤمناً، ويحيى مؤمناً، ويموت كافراً، ومنهم من يولد كافراً، ويحيى كافراً، ويموت مؤمناً، ألا إن الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم، ألم تروا إلى حمرة عينيه، وانتفاخ أوداجه؟ فإذا وجد أحدكم من ذلك شيئاً، فليلزق بالأرض، إلا أن خير الرجال من كان بطيء الغضب، سريع الفيء، وشر الرجال من كان سريع الغضب، بطيء الفيء، فإذا كان الرجل سريع الغضب، سريع الفيء، فإنها بها، وإذا كان الرجل بطيء الغضب، =

(7/3390)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= بطيء الفيء، فإنها بها، ألا إن خير التجار: من كان حسن القضاء، حسن الطلب، وشر التجار: من كان سيء القضاء، سيء الطلب. فإذا كان الرجل حسن القضاء سيء الطلب، فإنها بها، وإذا كان الرجل سيء القضاء، حسن الطلب، فإنها بها، ألا لا يمنعن رجلاً مهابةُ الناس أن يقول بالحق إذا علمه، ألا إن لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته، ألا وإن أكبر الغدر غدر إمام عامة، ألا وإن الغادر لواؤه عند اسْتِهِ، ألا وإن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، فلما كان مغربان الشمس، قال: "إن مثل ما بقي من الدنيا فيما مضى منها كمثل ما بقي من يومكم هذا فيما مضى".

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث تفرد بهذه السياقة علي بن زيد بن جدعان القرشي، عن أبي نضرة، والشيخان -رضي الله عنهما- لم يحتجا بعلي بن زيد".

تخريجه:

الحديث أخرجه سعيد بن منصور في سننه (ل 198).

والطيالسي في مسنده (ص 286 - 287 رقم 2156).

والحميدي في مسنده (2/ 231 - 332 رقم 752).

وأحمد في المسند (3/ 19 و 61).

والترمذي (6/ 428 - 432 رقم 2286) في الفتن، باب ما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة.

جميعهم من طريق علي بن زيد، به بطوله نحوه، إلا أن في بعض الفقرات تقديماً وتأخيراً، ولم يذكر سعيد والطيالسي والترمذي قوله: "ألا وإن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".

ولم يذكر الحميدي قوله: "ألا إن خير التجار ... " إلى قوله: "أن يقول الحق إذا علمه"، وقوله: "فلما كان مغربان ... " الخ. =

(7/3391)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه الإمام أحمد أيضاً (3/ 7 و 70) من طريقين عن علي بن زيد، به.

أما الموضع الأول فلفظه: "إن الله عز وجل مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون. ألا وإن لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه بقدر غدرته".

وأما الموضع الثاني فلفظه: "ألا إن لكل غادر لواءً يوم القيامة بقدر غدرته، ألا ولا غدر أعظم من إمام عامة".

وأخرجه ابن ماجه (2/ 1325 و 1328 رقم4000 و4007) في الفتن، باب فتنة النساء، وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من طريق حماد بن زيد، عن علي بن زيد به.

أما الموضع الأول فلفظه: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام خطيباً، فكان فيما قال: "إن الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء".

وذكر خطبته في الموضع الثاني، ثم قال: فكان فيما قال: "ألا لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه".

قال: فبكى أبو سعيد، وقال: قد والله رأينا أشياء، فَهِبْنا.

وقد جات بعض ألفاظ الحديث من طرق أخرى عن أبي نضرة، وأبي سعيد -رضي الله عنه-.

فقوله: "إن الدنيا حلوة، خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء".

أخرجه أحمد في المسند (3/ 22).

ومسلم في صحيحه (4/ 2098 رقم 99) في الذكر، باب أكثر أهل الجنة الفقراء ...

والنسائي في عشرة النساء من الكبرى -كما في التحفة (3/ 463 رقم 4345) -. =

(7/3392)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والبيهقي في الأداب (ص 403 رقم 883).

جميعهم من طريق شعبة عن أبي مسلمة قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكره بنحوه.

وقوله: "ألا إن لكل غادر لواءً يوم القيامة بقدر غدرته، ألا وإن أكبر الغدر غدر إمام عامة، ألا وإن الغادر لواؤه عند استه".

أخرجه أحمد في المسند (3/ 46).

ومسلم (3/ 1361 رقم 16) في الجهاد والسير، باب تحريم الغدر، كلاهما من طريق المستمر بن الرّيان، عن أبي نضرة، به، وليس في هذه الطريق: "ألا وإن الغادر لواؤه عند استه"، لكنها في الطريق الأخرى عند مسلم برقم (15) من طريق شعبة عن خليد، عن أبي نضرة، به، بهذه الزيادة فقط، وهي عند أحمد من نفس الطريق (3/ 35 و 64).

وأخرجه أحمد في المسند (3/ 39) من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد، به بلفظ: "يرفع للغادر لواء بغدره يوم القيامة، فيقال: هذا لواء غدرة فلان".

وأما قوله: "ألا لا يمنعن رجلاً مهابة الناس أن يقول الحق إذا علمه".

فأخرجه أحمد في المسند (3/ 5 و 44 و 47 و 50 و 53 و 71 و 84 و 87 و 92) من طريق سليمان التيمي، وأبي سلمة، والمستمر، وقتادة، والجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، ومن طريقين آخرين عن الحسن البصري، عن أبي سعيد، ومن طريق أبي البختري، عن رجل مبهم، عن أبي سعيد، جميعهم، به بنحوه، ومعناه.

وأخرجه الطيالسي في مسنده (ص 287 رقم 2158): حدثنا المستمر بن الريان، عن أبي نضرة، به نحوه.

وأما قوله: "ألا وإن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".

(7/3393)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= فأخرجه أبو داود (4/ 514 رقم 4344) في الملاحم، باب الأمر والنهي.

والترمذي (6/ 395 - 396 رقم 2265) في الفتن، باب أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر.

وابن ماجه (2/ 1329 رقم 4011) في الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثلاثتهم من طريق إسرائيل، عن محمد بن جحادة، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد، به نحوه.

دراسه الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، ولم يصححه، وتقدم أنه ذكر أن علي بن زيد بن جدعان تفرد بالحديث بهذا السياق، وقال: "والشيخان -رضي الله عنهما- لم يحتجا بعلي بن زيد"، فتعقبه الذهبي بقوله: "ابن جدعان صالح الحديث".

قلت: وعلي بن زيد بن جدعان هذا تقدم في الحديث (492) أنه ضعيف.

والحاكم -رحمه الله- في مستدركه متردد في إخراج حديث علي بن زيد.

فقد تقدم في الحديث (895) أنه قال: "لم أخرج من أول هذا الكتاب إلى هنا لعلي بن زيد بن جدعان القرشي -رحمه الله- حرفاً واحداً"، واعتذر عن إخراجه لحديثه بقوله: "لم أحفظ في أكل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزنجبيل سواه، فخرجته"، مع أنه سبق أن أخرج له محتجاً به قبل ذلك كما بينته هناك.

وأخرج الحاكم حديثاً في (4/ 517) وقال: "تفرد به علي بن زيد القرشي، عن أبي عثمان النهدي، ولم يحتجا بعلي"، ولم يتعقبه الذهبي بشيء.

وتقدم أن بعض ألفاظ الحديث أتت من طرق أخرى غير طريق ابن جدعان. =

(7/3394)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= فمنها ما أخرجه مسلم في صحيحه كما سبق.

ومنها قوله: "ألا لا يمنعن ... "، وتقدم أنه له طرقاً كثيرة عن أبي نضرة، وأن الحسن البصري رواه عن أبي سعيد.

ولا يشك المطلع على هذه الطرق أن الحديث بهذا اللفظ ثابت بها، ومنها الطريق التي رواها الطيالسي: حدثنا المستمر بن الريان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، به.

فأبو نضرة اسمه المنذر بن مالك، وتقدم في الحديث (738) أنه: ثقة.

والمستمر بن الرّيّان -بالتحتانية- الإِيادي، الزهراني ثقة عابد. / الجرح والتعديل (8/ 430 - 431 رقم 1968)، والتقريب (2/ 241 رقم 1045)، والتهذيب (10/ 104 - 105 رقم 195).

ومنها قوله: "ألا وإن أفضل الجهاد ... "، فقد جاء من طريق أخرى يرويها عن أبي سعيد: عطية العوفي، وتقدم في الحديث (583) أنه: ضعيف ومدلس من الرابعة.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم وسياقه، لضعف علي بن زيد بن جدعان.

وقوله في الحديث: "إن الدنيا حلوة خضرة ... " و: "لكل غادر لواء ... ".

هذان اللفظان صحيحان أخرجهما مسلم وغيره كما تقدم.

وقوله: "ألا لا يمنعن ... " صحيح أيضاً جاء من طرق كثيرة عن أبي نضرة، ومنها الطريق التي أخرجها الطيالسي، وسندها صحيح كما سبق.

وقوله: "ألا وإن أفضل الجهاد ... " حسن لغيره بمجموع الطريقين: طريق علي بن زيد، وطريق عطية العوفي، وله شواهد من حديث =

(7/3395)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أبي أمامة، وطارق بن شهاب، وجابر بن عبد الله، ومرسل للزهري، ذكرها الشيخ الألباني في سلسلته الصحيحة (1/ 262 رقم 491)، وصحح الحديث بمجموعها.

وأما قوله: فلما كان مغربان الشمس قال: "إن مثل ما بقي من الدنيا فيما مضى منها كمثل ما بقي من يومكم هذا فيما مضى"، فله شاهد من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كنا جلوساً عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، والشمس على قُعَيْقِعَان بعد العصر، فقال: "ما أعماركم في أعمار من مضى، إلا كما بقي من النهار فيما مضى منه".

أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 115 - 116) من طريق شريك، عن سلمة بن كهيل، عن مجاهد، عن ابن عمر، به.

قال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في حاشيته على المسند (8/ 176): "سنده صحيح". اهـ.

وفي سنده شريك القاضي وتقدم في الحديث (497) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.

فالحديث بمجموع هذين الطريقين يكون حسناً لغيره، مع أن أصله في صحيح البخاري (2/ 38 رقم 557) في المواقيت، باب من أدرك من العصر قبل الغروب، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس ... " الحديث.

وأما قوله في حديث شريك السابق: "والشمس على قعيقعان ... " الخ.

فقُعَيْقِعَان اسم جبل بمكة. / انظر معجم البلدان (4/ 379).

وأما باقي الحديث فلم أجد ما يشهد له، فهو باق على ضعفه، والله أعلم.

(7/3396)

1130 - حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-:

أنه كان يقول: "لن تنفكّوا بخير ما استغنى أهل بدوكم عن (أهل) (1) حضركم ... " الحديث.

قال: صحيح.

قلت: كلا؛ فيه (سعيد) (2) بن سنان متهم ساقط (3).

__________

(1) ليست في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) في (أ): (سعد).

(3) في (ب): (قلت: لا، فيه سعيد متهم).

1130 - المستدرك (4/ 507 - 508): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، ثنا بشر بن بكر، ثنا أبو المهدي سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن أبي شجرة كثيرة بن مرة، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه كان يقول: "لن تنفكوا بخير ما استغنى أهل بدوكم عن أهل حضركم". قال: "ولتسوقنهم السنين، والسنات حتى يكونوا معكم في الديار، ولا تمتنعوا منهم؛ لكثرة من يستر عليكم منهم"، قال: "يقولون: طالما جعنا، وشبعتم، وطالما شقينا، ونعمتم، فواسونا اليوم، ولتستصعبن بكم الأرض حتى يغبط أهل حضركم أهل بدوكم من استصعاب الأرض"، قال: "ولتميلن بكم الأرض ميلة يهلك منها من هلك، ويبقى من بقي، حتى تعتق الرقاب، ثم تهدأ بكم الأرض بعد ذلك، حتى يندم المعتقون"، قال: "ثم تميل بكم الأرض من بعد ذلك ميلة أخرى، فيهلك فيها من هلك، ويبقى من بقى، حتى تعتق الرقاب، ثم تهدأ بكم الأرض، فيقولون: ربنا نعتق، ربنا نعتق، فيكذبهم الله: كذبتم، كذبتم، أنا أعتق"، قال: "وليبتلين أخريات هذه الأمة بالرجف، فإن تابوا تاب الله عليهم"، قال: =

(7/3397)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= "وإن عادوا أعاد الله عليهم بالرجف، والقذف، والخذف، والخسف، والمسخ، والصواعق. فإذا قيل: هلك الناس، هلك الناس، فقد هلكوا، ولن يعذب الله تعالى أمة حتى تغدر"، قالوا: وما غدرها؟ قال: "يعترفون بالذنوب، ولا يتوبون". ولتطمئن القلوب بما فيها من برها، وفجورها، كما تطمئن الشجرة بما فيها، حتى لا يستطيع محسن أن يزداد إحساناً، ولا يستطيع مسيء استعتاباً، وذلك بأن الله عز وجل قال:

{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}، (الآية 14 من سورة المطففين).

تخريجه:

الحديث أخرجه نعيم بن حماد في الفتن -كما في الكنز (11/ 185 رقم 31148) -.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "سعيد متهم ساقط".

وسعيد هذا هو ابن سنان الحنفي، وتقدم في الحديث (1008) أنه: متروك.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف سعيد بن سنان.

(7/3398)

1131 - حديث أبي أمامة مرفوعاً:

"الشام صفوة الله من بلاده (1)، يسوق إليها صفوة عباده ... الحديث (2).

قال: على شرط مسلم.

قلت: كلا (3)، فيه عُفَيْر بن مَعْدان هالك.

__________

(1) في (ب): (أرضه).

(2) من قوله: (يسوق) إلى هنا ليس في (ب).

(3) في (ب): (قلت: لا ... ) الخ.

1131 - المستدرك (4/ 509 - 510): أخبرني محمد بن عبد الله بن قريش، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا صفوان بن صالح، ثنا الوليد بن مسلم، أخبرني أبو عائذ عفير بن معدان، أنه سمع سليم بن عامر الكلاعي يحدث عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "الشام صفوة الله من بلاده، يسوق إليها صفوة عبادة، من خرج من الشام إلى غيرها، فبسخطه، ومن دخل من غيرها، فبرحمته".

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 201 رقم 7718) من طريق الوليد بن مسلم، عن عفير، به نحوه.

وأخرجه أيضاً (8/ 229 رقم 7796) من طريق عبد العزيز بن عبيد الله، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صفوة الله من أرضه الشام، وفيها صفوته من خلقه، وعباده، وليدخلن الجنة من أمتي ثلة لا حساب عليهم، ولا عذاب".

قال الهيثمي في المجمع (10/ 59) عن الطريق الأولى: "فيه عفير بن معدان، وهو ضعيف".

وقال عن الأخرى: "فيه عبد العزيز بن عبيد الله الحمصي، وهو ضعيف". =

(7/3399)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: "كلا، وعفير هالك".

وعفير هذا هو ابن معدان الحمصي، المؤذن، تقدم في الحديث (1007) أنه: ضعيف.

وأما الطريق الأخرى التي أخرجها الطبراني ففي سندها عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب، الحمصي، وتقدم في الحديث (855) أنه: ضعيف.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف عفير بن معدان.

وقوله: "الشام صفوة الله من بلاده، يسوق إليها صفوة عباده" حسن لغيره بالطريق الأخرى التي رواها عبد العزيز الحمصي.

ويشهد لهذا اللفظ أيضاً حديث عبد الله بن حوالة الأزدي -رضي الله عنه- مرفوعاً: "أتدري ما يقول الله في الشام؟ إن الله عز وجل يقول: يا شام، أنت صفوتي من بلادي، أدخل فيك خيرتي من عبادي، إن الله تكفل لي بالشام، وأهله".

ذكره الهيثمي في المجمع (10/ 58 - 59) وقال: "رواه الطبراني من طريقين، ورجال أحدهما رجال الصحيح، غير صالح بن رستم، وهو ثقة".

وحديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قام يوماً في الناس، فقال: "أيها الناس، توشكون أن تكونوا أجناداً مجندة: جند بالشام، وجند بالعراق، وجند باليمن"، فقال ابن حوالة: يا رسول الله، إن أدركني ذلك الزمان، فاختر لي، قال: "إني أختار لك الشام، فإنه خيرة المسلمين، وصفوة الله من بلاده، يجتبي إليها =

(7/3400)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= صفوته من خلقه، فمن أبى، فليلحق بيمنه، وليسق من غدره، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله".

أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 251 رقم 627).

قال الهيثمي في الموضع السابق: "رجاله ثقات".

قلت: فالحديث بهذين الشاهدين يكون صحيحاً لغيره، عدا قوله: "من خرج من الشام ... " الخ، فلم أجد ما يشهد له، والله أعلم.

(7/3401)

1132 - حديث أبي أمامة مرفوعاً:

"أنزلت علي النبوة في ثلاثة أمكنة (1): بمكة، والمدينة، وبالشام".

قال: صحيح.

قلت: لا.

__________

(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب).

1132 - هذا الحديث سقط من المستدرك المطبوع، وهو في التلخيص (4/ 510) ببعض سنده، وكامل متنه، وما أثبته من المستدرك المخطوط، قال الحاكم: "أخبرني أبو بكر بن قريش، أخبرنا الحسن بن سفيان، ثنا صفوان بن صالح، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا عفير بن معدان، عن سليم بن عامر الكلاعي، عن أبي أمامة، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "أنزلت علي النبوة في ثلاثة أمكنة: بمكة، والمدينة، والشام".

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 201 رقم 7717) بمثله، ولم يقل: "علي".

قال الهيثمي في المجمع (7/ 157): "فيه عفير بن معدان، وهو ضعيف".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "لا"، ولم يبين السبب، وذلك لأن هذا الإسناد تقدم قريباً، فهو نفس إسناد الحديث السابق تماماً، وعلته عفير بن معدان، وتقدم أنه: ضعيف.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف عفير بن معدان، والله أعلم.

(7/3402)

1132 - حديث ابن عمر:

أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (1) سئل عن طعام المؤمنين (2) في زمن الدجال، فقال: "طعام الملائكة: التسبيح، والتقديس، فمن كان منطقه يومئذ التسبيح، والتقديس أذهب الله عنه الجوع".

قال: على شرط مسلم.

قلت: فيه سعيد بن سنان (متهم) (3) تالف (4).

__________

(1) في (ب): (حديث ابن عمر مرفوعاً).

(2) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب).

(3) ليست في (أ)، وما أثبته من (ب)، والتلخيص.

(4) في (ب): (قلت: ابن سنان متهم)، وفي التلخيص: (قلت: كلا، فسعيد متهم تالف).

1133 - المستدرك (4/ 511): أخبرنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو، ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، ثنا سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- سئل عن طعام المؤمنين في زمن الدجال، قال: "طعام الملائكة" قالوا: وما طعام الملائكة؟ قال: "طعامهم منطقهم بالتسبيح، والتقديس. فمن كان منطقه يومئذ التسبيح، والتقديس أذهب الله عنه الجوع، فلم يخشَ جوعاً".

دراسه الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: "كلا، فسعيد متهم تالف".

وسعيد هذا هو ابن سنان الحنفي، وتقدم في الحديث (1008) أنه: متروك. =

(7/3403)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف سعيد بن سنان.

وله شاهد من حديث أبي أمامة، وأسماء بنت يزيد بن السكن، وعائشة -رضي الله عنهم-.

أما حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- فأخرجه ابن ماجه (2/ 1359 - 1363 رقم 4077) في الفتن، باب فتنة الدجال، وهو حديث طويل جداً، وفي آخره: قيل فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: "التهليل، والتكبير، والتسبيح، والتحميد، وُيجْري ذلك عليهم مجرى الطعام".

أخرجه ابن ماجه من طريق يحيى بن أبي عمرو السيباني، أبي زرعة الحمصي، عن أبي أمامة، رفعه.

وفي إسناد ابن ماجه هذا سقط نبه عليه المزي في تحفة الأشراف (4/ 174 - 175 رقم 4896)، فقال بعد أن عزا الحديث لابن ماجه: "عن علي بن محمد، عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عن أبي عمرو السيباني، عن أبي أمامة، به بتمامه، كذا قال، وكذا رواه سهل بن عثمان، عن المحاربي، وهو وهم فاحش". اهـ.

قلت: الصواب أنه عن السيباني، عن عمرو بن عبد الله الحضرمي، عن أبي أمامة، كذا ساق الحديث أبو داود (4/ 497 رقم 4322) في الملاحم، باب خروج الدجال، وليس في حديثه موضع الشاهد من حديثنا هذا.

وذكر الحافظ ابن حجر في النكت الظراف أنه وقع على الصواب في نسخة صحيحة لسنن ابن ماجه قابلها المسوري، والحديث بهذا الإسناد ضعيف.

عمرو بن عبد الله الشيباني الحضرمي، أبو عبد الجبار الشامي هذا الذي سقط من إسناد ابن ماجة: مقبول -كما في التقريب (2/ 74 رقم 627) -، وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال الذهبي: =

(7/3404)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= مجهول، ما علمت روى عنه سوى يحيى بن أبي عمرو السيباني. / الثقات للعجلي (ص 365 رقم 1271)، والثقات لابن حبان (5/ 179)، والميزان (3/ 271 رقم 6396)، وديوان الضعفاء (ص 235 رقم 3188)، والتهذيب (8/ 68 رقم 104).

وأما حديث أسماء بنت يزيد بن السكن -رضي الله عنها- فأخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 453 - 454 و 455 - 456) من طريقين، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أسماء، رفعته، فذكرت حديثاً طويلاً، وفي آخره قال -صلى الله عليه وسلم-: "يكفي المؤمنين عن الطعام، والشراب يومئذ: التكبير، والتسبيح، والتحميد"، وفي اللفظ الآخر: "يجزيهم ما يجزي أهل السماء من التسبيح، والتقديس".

وهذا سند ضعيف لأمرين:

1 - شهر بن حوشب تقدم في الحديث (614) أنه: صدوق كثير الإرسال، والأوهام.

2 - قتادة تقدم في الحديث (729) أنه مدلس من الثالثة، وقد عنعن هنا.

وأما حديث عائشة -رضي الله عنها- فأخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 75 - 76 و125) من طريق عبد الصمد، وعفان، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن عائشة -رضي الله عنها-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر جهداً يكون بين يدي الدجال، فقالوا: أي المال خير يومئذ؟ قال: "غلام شديد يسقي أهله الماء، وأما الطعام فليس"، قالوا: فما طعام المؤمنين يومئذ؟ قال: "التسبيح، والتقديس، والتحميد، والتهليل"، قالت عائشة: فأين العرب يومئذ؟ قال: "العرب يومئذ قليل".

وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف علي بن زيد بن جدعان -كما تقدم في الحديث (492) ... وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق الثلاث يكون حسناً لغيره، والله أعلم.

(7/3405)

1134 - حديث شعيب بن عمر (1) قال:

حججنا، فأخذنا بطريق المنكدر، وكان الناس إذ ذاك يأخذون فيه، فضللنا الطريق ... الحديث (2).

قال: أخرجه ابن خزيمة، ولم يضعفه (3).

قلت: شعيب مجهول، والخبر منكر (4).

__________

(1) في التلخيص: (عمير).

(2) من قوله: (وكان الناس) إلى هنا ليس في (ب).

(3) قوله: (قلت: أخرجه ابن خزيمة، ولم يضعفه) ليس في (ب).

(4) في التلخيص: (والحديث منكر بمرة).

1134 - المستدرك (4/ 512 - 513): أخبرني عبد الله بن محمد بن زياد العدل، ثنا محمد بن إسحاق الإمام، ثنا محمد بن محمد بن مرزوق، ثنا صالح بن عمر بن شعيب، قال: سمعت جدي شعيب بن عمر الأزرق قال: حججنا، فمررنا بطريق المنكدر، وكان الناس إذ ذاك يأخذون فيه، فضللنا الطريق، قال: فبينا نحن كذلك، إذ نحن بأعرابي كأنما نبع علينا من الأرض، فقال: يا شيخ، تدري أين أنت؟ قلت: لا، قال: أنت بالربائب، وهذا التل الأبيض الذي تراه: عظام بكر بن وائل، وتغلب، وهذا قبر كليب، وأخيه مهلهل. قال: فدلنا على الطريق، ثم قال: ها هنا رجل له من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- صحبة، هل لكم فيه؟ قال: فقلت: نعم، قال: فذهب بنا إلى شيخ معصوب الحاجبين بعصابة، في قبة أدم، فقلنا له: من أنت؟ قال: أنا العدَّاء بن خالد فارس الصحبا في الجاهلية، قال: فقلنا له: حدثنا -رحمك الله- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بحديث، قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، إذ قام قومة له، كأنه مفزع، ثم رجع، فقال: "أحذركم الدجالين الثلاث"، فقال ابن مسعود: بأبي أنت وأمي يارسول الله، قد أخبرتنا عن الدجال الأعور، وعن =

(7/3406)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أكذب الكذابين، فمن الثالث؟ فقال: رجل يخرج في قوم أولهم مثبور، وآخرهم مثبور، عليهم اللعنة دائبة في فتنة الجارفة، وهو الدجال الأليس، يأكل عباد الله"، قال محمد: وهو أبعد الناس من سننه.

قال الحاكم عقبه: "من شرط الإمام أبي بكر محمد بن إسحاق -رضي الله عنه- إذا روى حديثاً لا يصححه أن يقول في روايته: قد روي عن فلان، وفلان، وأنا أعرفه بعدالة، كذا وكذا. وقد أخرج هذا الحديث ابن خزيمة على شرط الصحيح، وهو القدوة في هذا العلم".

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 14 رقم 18).

قال الهيثمي في المجمع (7/ 334): "فيه جماعة لم أعرفهم".

قلت: الطبراني أخرجه من طريق محمد بن محمد بن مرزوق، به نحوه، إلا أن فيه: "بالذوائب" بدل قوله: "بالربائب".

و: "فارس الضحياء" بدل قوله: "فارس الصحبا".

و: "الأطلس" بدل قوله: "الأليس".

ولم يذكر قوله: "قال محمد ... " إلخ.

دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، وذكر أن ابن خزيمة أخرج هذا الحديث على شرط الصحيح، ومضمونه أنه موافق له على تصحيحه له، فتعقبه الذهبي بقوله: "شعيب مجهول، والحديث منكر بمرة".

والحديث في سنده شعيب بن عمر هذا الذي يروي الحديث عن العداء بن خالد، قال عنه الذهبي هنا: "مجهول"، ولم أجد من ترجم له سواه.

والراوي عنه ابن ابنه: صالح بن عمر بن شعيب ولم أجد من ترجم له.

الحكم على الحديث:

الحديث في سنده صالح بن عمر بن شعيب، ولم أجد من ترجم له، والحكم على الحديث متوقف على معرفة حاله، والله أعلم.

(7/3407)

1135 - حديث مجاهد، عن ابن عباس، قال لي:

لو لم أر أنك مثل أهل البيت ما حدثتك بهذا الحديث، فذكره (1).

قال: صحيح.

قلت: أين له الصحة، وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر (2) مجمع على ضعفه، وأبوه ليس بذاك (2)؟!

__________

(1) من قوله: (قال لي) إلى هنا ليس في (ب).

(2) قوله: (فيه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر) و (أبوه ليس بذاك) لم تتضح في (ب).

1135 - المستدرك (4/ 514): أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، إملاء ببغداد، قال: قريء على يحيى بن حفص بن الزبرقان، وأنا أسمع، ثنا خلف بن تميم أبو عبد الرحمن الكوفي، ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر، عن أبيه، عن مجاهد، قال: قال لي عبد الله بن عباس: لو لم أسمع أنك مثل أهل البيت ما حدثتك بهذا الحديث، قال: فقال مجاهد: فإنه في ستر لا أذكره لمن نكره، قال: فقال ابن عباس: منا أهل البيت أربعة: منا السفاح، ومنا المنذر، ومنا المنصور، ومنا المهدي، قال فقال له مجاهد: فبيِّن هؤلاء الأربعة، فقال: أما السفاح فربما قتل أنصاره، وعفا عن عدوه، وأما المنذر، قال: فإنه يعطي المال الكثير، لا يتعاظم في نفسه، ويمسك القليل من حقه، وأما المنصور فإنه يعطي النصر على عدوه الشطر مما كان يعطي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، يرعب منه عدوه على مسيرة شهرين، والمنصور يرعب عدوه منه على مسيرة شهر، وأما المهدي الذي يملأ الأرض عدلًا كما ملئت جوراً، وتأمن السباع، وتلقي الأرض أفلاذ كبدها، قال: قلت: وما أفلاذ كبدها؟ قال: أمثال الإسطوانة من الذهب والفضة. =

(7/3408)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

تخريجه:

الحديث له عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أربع طرق:

* الطريق الأولى: يرويها مجاهد عن ابن عباس، وهى طريق الحاكم هذه.

* الطريق الثانية: يرويها سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

وله عن سعيد طريقان:

1 - يرويها المنهال بن عمرو الأسدي، عن سعيد، عن ابن عباس قال: منا ثلاثة: منا السفاح، ومنا المنصور، ومنا المهدي.

أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على الفضائل (2/ 966 رقم 1891)، واللفظ له.

والفسوي في المعرفة (1/ 535 - 536)، وعنده في أوله قصة، وزاد في أخره: "والمهدي يدفعها إلى عيسى بن مريم".

والدولابي في الكنى (1/ 141).

والخطيب في تاريخه (1/ 64).

وعلقمه ابن الجوزي في العلل (1/ 292).

ولفظ الخطيب وابن الجوزي مثل لفظ عبد الله بن أحمد، ولفظ الدولابي نحوه.

2 - يرويها سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه كان إذا سمعهم يقولون: يكون في هذه الأمة اثنا عشر خليفة، قال: ما أحمقكم! إن بعد الأثنى عشر ثلاثة منا: السفاح، والمنصور، والمهدي يسلمها إلى الدجال.

قال أبو أسامة أحد رواة الحديث: تأويل هذا عندنا: أن ولد المهدي يكونون بعده إلى خروج الدجال. =

(7/3409)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أخرجه ابن قتيبة في عيون الأخبار (1/ 204): حدثني محمد بن عبيد، قال: حدثنا أبو أسامة، عن زائدة، عن سماك، عن سعيد بن جبير، به.

* الطريق الثالثة: يرويها أبو عوانة، عن الأعمش، عن الضحاك، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "منا السفاح، ومنا المنصور، ومنا المهدي".

أخرجه الخطيب في تاريخه (1/ 62 - 63) من طريق أبي قلابة الرقاشي، عن أبي ربيعة، عن أبي عوانة، به.

ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 289 - 290 رقم 469).

وأخرجه الخطيب أيضاً (1/ 63) من طريق محمد بن الفرج الأزرق، عن يحيى بن غيلان، عن أبي عوانة، به.

ومن طريقه ابن الجوزي في الموضع السابق برقم (470).

* الطريق الرابعة: يرويها أحمد بن راشد الهلالي، عن سعيد بن خثيم، عن حنظلة، عن طاووس، عن ابن عباس، ذكر حديثاً طويلًا فيه قصة، وفي آخره قال -صلى الله عليه وسلم-: "نعم يا عباس، إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك، ولولدك، منهم السفاح، ومنهم المنصور، ومنهم المهدي".

أخرجه الخطيب في تاريخه (1/ 63 - 64).

ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 291 رقم 471).

قال ابن الجوزي عن الحديث: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففي طريقه الأول: أبو قلابة عبد الملك بن محمد، قال الدارقطني: هو كثير الخطأ، ويحدث من حفظه، فكثر خطؤه. وفيه أبو ربيعة واسمه زيد بن عوف، وقد سبق آنفاً القدح فيه. وفي طريقه الثاني: محمد بن الفرج، قال الدارقطي: هو ضعيف، ويطعن عليه في اعتقاده، ثم في الطريقين الضحاك، وقد ضعفه يحيى بن سعيد، وكان لا يحدث عنه".

(7/3410)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وقال عن الطريق الرابعة: "هذا الحديث لا يصح، في إسناده حنظلة، قال يحيى بن سعيد: كان قد اختلط، وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال أحمد: منكر الحديث، يحدث بأعاجيب".

وقال عن الطريق الأولى من الثانية: "المنهال قد ضعفه يحيى بن معين.

وقال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج به".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "أين منه الصحة، وإسماعيل مجمع على ضعفه، وأبوه ليس بذاك؟! ".

وإسماعيل هذا هو ابن إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي، الكوفي، وهو ضعيف -كما في التقريب (1/ 66 رقم 477) -، وانظر الجرح والتعديل (2/ 152 - 153 رقم 512)، والتهذيب (1/ 279 رقم 514).

وأبوه إبراهيم بن مهاجر تقدم في الحديث (903) أنه: صدوق فيه لين.

* وأما الطريق الثانية، ففي طريقها الثانية محمد بن عبيد شيخ ابن قتيبة، ولم أعرفه، ومع ذلك فقوله في الحديث: "والمهدي يسلمها إلى الدجال" مما لم يتابع عليه، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة التي لا تحصى كثرة في أن المهدي وأصحابه يقاتلون الدجال، فيخرج عيسى بن مريم، فيقتل الدجال، ولم يسلم المهدي الإمارة إلى الدجال. / انظر في ذلك "عقد الدرر في أخبار المنتظر" للسلمي، والنهاية لابن كثير (1/ 24 - 32).

* وأما الطريق الثالثة، فيرويها الضحاك بن مزاحم الهلالي، عن ابن عباس، والضحاك لم يسمع من ابن عباس، نص على ذلك كثير من الأئمة، منهم عبد الملك بن ميسرة، وشعبة، وحشاش، وأبو زرعة، وابن حبان، وابن عدي، وغيرهم بل باعتراف الضحاك نفسه. / انظر المراسيل لابن أبي حاتم (ص 94 - 97 رقم 152)، وقد استنكر هذا =

(7/3411)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحديث بعض الأئمة، فقال ابن حبان: "الضحاك لا يصح سماعه من ابن عباس، فلعل الآفة من المجهول الذي سمعه الضحاك منه، والله أعلم"، واستنكر الذهبي أيضاً هذا الحديث في الميزان (4/ 4) وانظر اللسان (5/ 340).

ومع الانقطاع بين الضحاك، وابن عباس، ففي الطريق الأولى لحديث الضحاك هذا أبو ربيعة زيد بن عوف، ويقال: فهد بن عوف، وتقدم في الحديث (675) أنه: متروك.

* وأما الطريق الرابعة، فقد أعلها ابن الجوزي بحنظلة، وقد تفرد بسياقها أحمد بن راشد الهلالي.

وأحمد هذا ذكره الذهبي في الميزان (1/ 97 رقم 375)، وقال: "أحمد بن راشد الهلالي، عن سعيد بن خثيم بخبر باطل في ذكر بني العباس"، ثم ذكر بعض الحديث، وقال: "فسرد حديثاً ركيكاً ... رواه أبو بكر بن أبي داود، وجماعة، عن أحمد بن راشد، فهو الذي اختلقه بجهل". اهـ.

الحكم علي الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف كل من: إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر وأبيه.

وأمثل طرقه الأخرى هي الطريق التي يرويها المنهال بن عمرو من الطريق الثانية، والحديث معلول المتن أيضاً، ذكره ابن الجوزي في العلل، وأعله، ولم يعتبر بتعدد طرقه، وكذا الحافظ الذهبي حكم على متنه بالنكارة، وقال ابن القيم في المنار المنيف (ص 117):"كل حديث في مدح المنصور، والسفاح، والرشيد، فهو كذب"، وإعلال هؤلاء العلماء لمتن هذا الحديث ليس عن هوى، وعاطفة، وإنما لأن متنه مخالف لما صح من الأحاديث في أن المهدي من ذرية علي بن أبي طالب، لا من ذرية العباس -كما سيأتي في الحديث (1150)، و (1151) -.

(7/3412)

1136 - حديث أبي وائل، قال عبد الله (1):

كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير، ويربوا فيها الصغير؟ (2) ... إِلخ.

(قلت: على شرط البخاري ومسلم) (3).

__________

(1) قوله: (قال عبد الله) ليس في (ب).

(2) من قوله: (بهرم) إلى هنا ليس في (ب).

(3) في (أ): (قلت: أخرجه البخاري ومسلم).

1136 - المستدرك (4/ 514 - 515): حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسن الحيري، ثنا محمد بن عبد الوهاب، ثنا يعلى بن عبيد، ثنا الأعمش، عن شقيق، قال: قال عبد الله: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير، ويربوا فيها الصغير، ويتخذها الناس سنة، فإذا غيرت قالوا: غيرت السنَّة؟ قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا كثرت قراؤكم، وقلت فقهاؤكم، وكثرت أموالكم، وقلّت أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 24 رقم 19003): حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: قال عبد الله: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربوا فيه الصغير، ويهرم فيها الكبير، ويتخذها الناس سنة، فإن غير منها شيء، قيل: غيرت السنَّة؟ قالوا: متى يكون ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا كثرت قراؤكم، وقلت أمناؤكم، وكثرت أمراؤكم، وقلت فقهاؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة.

وأخرجه عبد الرزاق في "جامع معمر" الملحق بالمصنف (11/ 359 - 360 رقم 20742) من طريق قتادة، أن ابن مسعود قال، فذكره بنحو لفظ ابن أبي شيبة، وزاد: "وتفقه لغير الدين".

وأخرجه نعيم بن حماد في الفتن -كما في الكنز (11/ 254 رقم 31430) -. =

(7/3413)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 136) من طريق محمد بن نبهان، حدثني يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عبد الله، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكره مرفوعاً بنحو لفظ عبد الرزاق، ثم قال أبو نعيم عقبه: "كذا رواه محمد بن نبهان مرفوعاً، والمشهور من قبل عبد الله موقوف".

دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم وسكت عنه، وتعقبه الذهبي بقوله: (خ م)، أي على شرط البخاري ومسلم، وبيان حال رجال الإسناد كالتالي:

فشقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل، الكوفي ثقة مخضرم من رجال الجماعة -كما في التقريب (1/ 354 رقم 96) -، وانظر الجرح والتعديل (4/ 371 رقم 1613)، والتهذيب (4/ 361 - 363 رقم 609).

وسليمان بن مهران الأعمش تقدم في الحديث (712) أنه: ثقة حافظ ورع من رجال الجماعة.

ويعلى بن عبيد بن أبي أمية الكوفي، أبو يوسف الطنافسي ثقة إلا في حديثه عن الثوري ففيه لين، وهو من رجال الجماعة أيضاً -كما في التقريب (2/ 378 رقم 408) -، وانظر الجرح والتعديل (9/ 304 - 305 رقم 1312)، والتهذيب (11/ 402 - 403 رقم 779).

ويعلى هذا ليس من شيوخ البخاري ومسلم، وإنما الذي هو من شيوخهما الراوي عنه واسمه محمد بن عبد الوهاب بن حبيب بن مهران العبدي، وتقدم في الحديث (717) أنه ثقة عارف، لكن لم يرد عنه الشيخان شيئاً في الصحيحين، ولعله لحصول الحديث لهما عالياً من غير طريقه، فإنه متأخر الطبقة قليلاً، توفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين، وقد قيل: إن البخاري روى حديثاً عن أبي أحمد، عن أبي غسان، فقيل هو هذا، وقيل: غيره. =

(7/3414)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أما الراوي عن محمد بن عبد الوهاب هذا فهو أبو الطيب محمد بن أحمد بن الحسن الحيري، المناديلي، المؤذن، ذكره السمعاني في الأنساب (12/ 434 - 435)، وقال: "كان من الصالحين". اهـ.

وقد روى ابن أبي شيبة الحديث من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، وأبو معاوية تقدم في الحديث (676) أنه: ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش.

وقد رواه عبد الرزاق من طريق معمر، عن قتادة، عن ابن مسعود، به.

وأما رواية أبي نعيم للحديث من طريق محمد بن نبهان، عن يزيد بن أبي زياد، عن النخعي، عن علقمة، عن ابن مسعود مرفوعاً، ففي سندها محمد بن نبهان هذا، وأظنه محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن نبهان بن طريف بن عاصم، الرازي، ويقال: محمد بن طريف، و: محمد بن نبهان، فإن كان هو، فإنه يضع الحديث -كما في تاريخ بغداد (3/ 397)، والميزان (4/ 72 رقم 8344)، واللسان (5/ 435 رقم 1429)، و (5/ 211 رقم 729)، إلا فلم أعرفه.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لجهالة حال شيخه أبي الطيب الحيري، ولو صح الحديث لما كان على شرط الشيخين، ولا أحدهما على مراد الذهبي؛ لكونهما لم يخرجا في الصحيح عن محمد بن عبد الوهاب.

والحديث صحيح لغيره بالطريق التي رواها ابن أبي شيبة، وتؤيدها الطريق التي رواها عبد الرزاق.

وأما الطريق المرفوعة، فإن كان محمد بن نبهان الذي في سندها هو المتقدم ذكره، فإنها موضوعة لأجله، والله أعلم.

(7/3415)

1137 - حديث أنس، قال:

دخلت على عائشة، فقال رجل: يا أم المؤمنين، حدثينا عن الزلزلة، فأعرضت عنه ... إلخ (1).

قال: على شرط مسلم (2).

قلت: بل (3) أحسبه موضوعاً على أنس، وفيه نعيم منكر الحديث إلى الغاية، مع أن البخاري (روى) (4) عنه.

__________

(1) قوله: (فأعرضت عنه ... إلخ) ليس في (ب).

(2) قوله: (قال: على شرط مسلم) ليس في التلخيص المطبوع، وما أثبته من (أ) و (ب)، والمستدرك.

(3) قوله: (بل) ليس في (ب).

(4) في (أ): (يروي).

1137 - المستدرك (4/ 516): أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسن، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا نعيم بن حماد، ثنا بقية بن الوليد، عن يزيد بن عبد الله الجهني، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: دخلت على عائشة -رضي الله عنها-، ورجل معها، فقال الرجل: يا أم المؤمنين: حدثينا عن الزلزلة، فأعرضت عنه بوجهها، قال أنس: فقلت لها: حدثينا يا أم المؤمنين عن الزلزلة، فقالت: يا أنس، إن حدثتك عنها عشت حزيناً، وبعثت حين تبعث، وذلك الحزن في قلبك، فقلت: يا أماه، حدثينا، فقالت: إن المرأة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت ما بينها وبين الله عز وجل من حجاب. وإن تطيبت لغير زوجها كان عليها ناراً وشناراً، فإذا استحلوا الزنا، وشربوا الخمور بعد هذا، وضربوا المعازف، غار الله في سمائه، فقال للأرض: تزلزلي بهم، فإن تابوا، ونزعوا، وإلا هدمها عليهم، فقال أنس: عقوبة لهم، قالت: رحمة وبركة، وموعظة للمؤمنين، ونكالاً، وسخطة، وعذاباً للكافرين. قال أنس: فما سمعت بعد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حديثاً =

(7/3416)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أنا أشد به فرحاً مني بهذا الحديث، بل أعيش فرحاً، وأبعث حين أبعث وذلك الفرح في قلبي، أو قال: في نفسي.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، فتعقبه الذهبي بقوله: "بل أحسبه موضوعاً على أنس، ونعيم منكر الحديث إلى الغاية، مع أن البخاري روى عنه".

والحديث يرويه يزيد بن عبد الله الجهني، عن أنس، عن عائشة.

ويزيد هذا ذكره الذهبي في الميزان (4/ 431 رقم 9720)، ولم يذكر أنه روى عن أنس، وإنما قال: "عن هاشم الأدقص، وعنه بقية، لا يصح خبره"، وخبره الذي قال عنه الذهبي: لا يصح، غير هذا الحديث الذي معنا.

والراوي عن يزيد هذا هو بقية بن الوليد، وتقدم في الحديث (736) أنه: كثير التدليس عن الضعفاء، من الطبقة الرابعة من المدلسين، وهم الذين اتفق الأئمة على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم عن الضعفاء، والمجاهيل، وقد عنعن هنا.

والراوي عنه نعيم بن حماد، وتقدم في الحديث (751) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد للعلل المتقدم ذكرها في دراسة الإسناد.

(7/3417)

1138 - حديث أبي هريرة مرفوعاً:

" (تكون) (1) هَدَّةٌ (2) في شهر رمضان توقظ النائم، وتفزع اليقظان ... " الحديث (3).

قلت: ذا موضوع.

قال الحاكم: غريب المتن، (ومسلمة) (4) لا تقوم به حجة.

قلت: بل هو ساقط متروك (5).

__________

(1) في (أ): (يكون)، ولم تنقط في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) الهَدَّة: الخسف، وصوت ما يقع من السحاب. / انظر النهاية (5/ 250).

(3) من قوله: (في شهر) إلى هنا ليس في (ب).

(4) في (أ): (ومثله) وليس في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(5) من قوله: (قال الحاكم) إلى هنا ليس في (ب).

1138 - المستدرك (4/ 517 - 518): أخبرني أبو بكر محمد بن المؤمل بن الحسن، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا نعيم بن حماد، ثنا ابن وهب، عن مسلمة بن علي، عن قتادة، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "تكون هدة في شهر رمضان توقظ النائم، وتفزع اليقظان، ثم تظهر عصابة في شوال، ثم معممة في ذي الحجة، ثم تنتهك المحارم في المحرم، ثم يكون موت في صفر، ثم تتنازع القبائل في الربيع، ثم العجب كل العجب بين جمادي ورجب، ثم ناقة مقتبة خير من دسكرة تُقل مائة ألف".

قال الحاكم: "قد احتج الشيخان -رضي الله عنهما- برواة هذا الحديث عن آخرهم، غير مسلمة بن علي الخشني، وهو حديث غريب المتن، ومسلمة أيضاً ممن لا تقوم الحجة به".

تخريجه:

الحديث له عن أبي هريرة -رضي الله عنه- ثلاث طرق: =

(7/3418)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= * الطريق الأولى: يرويها مسلمة بن علي، عن قتادة، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، وهي طريق الحاكم هذه التي أخرجها من طريق نعيم بن حماد.

ونعيم أخرجه في الفتن -كما في الكنز (14/ 279 رقم 38724) -.

وذكره ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 191).

* الطريق الثانية: يرويها عبد الواحد بن قيس، سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يكون في رمضان هدة، توقظ النائم، وتقعد القائم، وتخرج العواتق من خدورها، وفي شوال همهمة، وفي ذي القعدة تميز القبائل بعضها من بعض، وفي ذي الحجة تراق الدماء، وفي المحرم أمر عظيم، وهو عند انقطاع ملك هؤلاء"، قالوا: يا رسول الله، من هم؟ قال: "الذين يأبون في ذلك الزمان".

أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 52) من طريق عنبسة بن أبي صغيرة الهمداني، عن الأوزاعي، حدثني عبد الواحد بن قيس، فذكره، ثم قال العقيلي عقبه: "ليس لهذا الحديث أصل من حديث ثقة، ولا من وجه يثبت".

ومن طريق العقيلي أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 190 - 191)، إلا أنه قال في آخره: "الذين يكونون في ذلك الزمان".

* الطريق الثالثة: يرويها شهر بن حوشب عن أبي هريرة، واختلف على شهر في الحديث.

فذكر ابن الجوزي في الموضع السابق أنه رواه: إسماعيل بن عياش، عن ليس، عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة موقوفاً: "يكون في رمضان هدة توقظ النائم، وتقعد القائم، وتخرج العواتق من خدورها"، ولم أجد من أخرجه من هذا الوجه.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 313 رقم 516) من طريق البختري بن =

(7/3419)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= عبد الحميد، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة مرفوعاً: "في شهر رمضان: الصوت، وفي ذي القعدة تميز القبائل، وفي ذي الحجة يسيب الحاج".

قال الهيثمي في المجمع (7/ 310): "فيه شهر بن حوشب، وفيه ضعف، والبختري بن عبد الحميد لم أعرفه".

قلت: وقوله: (يسيب الحاج) كذا في الأوسط، وفي المجمع، واللآليء المصنوعة (2/ 386) نقلاً عن الأوسط: (يسلب الحاج).

وأخرجه نعيم بن حماد في الفتن -كما في اللآليء (2/ 387) من طريق الوليد، عن عقبة، عن شهر بن حوشب، مرسلاً بلفظ: "يكون في رمضان صوت، وفي شوال همهمة، وفي ذي القعدة تتحارب القبائل، وفي ذي الحجة ينتهب الحاج، وفي المحرم ينادي مناد من السماء: ألا إن صفوة الله من خلقه: فلان، واسمعوا له وأطيعوا".

قال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

قال يحيى بن سعيد: عبد الواحد بن قيس شبه لا شيء. وقال العقيلي: ليس لهذا الحديث أصل عن ثقة، ولا من وجه ثابت. وأما مسلمة بن علي، فقال يحيى: مسلمة ليس بشيء. وقال النسائي والدارقطني: متروك.

وأما إسماعيل، وليث، وشهر، فثلاثتهم ضعفاء مجروحين". اهـ.

وذكر الذهبي هذا الحديث في الميزان (2/ 675) من طريق العقيلي، ثم قال: "هذا كذب على الأوزاعي، فأساء العقيلي كونه ساق هذا في ترجمة عبد الواحد، وهو بريء منه، وهو لم يلق أبا هريرة، وإنما روايته عنه مرسلة، إنما أدرك عروة، ونافعاً".

قلت: والذهبي -رحمه الله- يقصد بقوله: "هذا كذب على الأوزاعي"، =

(7/3420)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أن الأوزاعي لم يحدث بهذا الحديث، والتهمة فيه متوجهة إلى الراوي عن الأوزاعي، وهو عنبسة بن أبي صغيرة الهمداني، فإنه ذكره في الميزان (3/ 301 رقم 6511)، وقال: "أتى عن الأوزاعي بخبر باطل"، والظاهر أن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- عند ذكره لكلام الذهبي هذا في اللسان (4/ 383)، والظاهر أنه لم يستحضر هذا الحديث، ولذا فسر كلام الذهبي بقوله: "والخبر المذكور أخرجه الطبراني"، ثم ساق حديثاً في ذكر الهدنة بين المسلمين، والروم، وفيه إشارة للمهدي، ثم قال: "وما أدري، لم حكم على هذا الحديث بالبطلان!! ولم يحك تضعيف عنبسة غيره" -يعني الذهبي-.

دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، واستغرب متنه، وقال: "مسلمة ممن لا تقوم الحجة به". وأعل الذهبي الحديث بقوله: "ذا موضوع"، وذكر كلام الحاكم عن مسلمة، فتعقبه بقوله: "بل هو ساقط متروك".

ومسلمة هذا هو ابن علي الخُشَني -بضم الخاء، وفتح الشين المعجمة، ثم نون-، أبو سعيد الدمشقي، البلاطي، وهو متروك -كما قال الذهبي ... ، وكما في التقريب (2/ 249 رقم 1125) -، وانظر الكامل لابن عدي (6/ 2314)، والتهذيب (10/ 146 - 147 رقم 278). وفي سند الحديث أيضاً نعيم بن حماد، وتقدم في الحديث (751) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.

وأما الطريق التي رواها العقيلي عن عبد الواحد بن قيس، فلها ثلاث علل:

1 - الانقطاع بين عبد الواحد، وأبي هريرة.

2 - عبد الواحد بن قيس متكلم في حفظه.

3 - تفرد عنبسة بن أبي صغيرة بالحديث عن الأوزاعي، وتوجه التهمة إليه. =

(7/3421)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أما الانقطاع بين عبد الواحد بن قيس وأبي هريرة، فقد نص عليه كثير من الأئمة. قال صالح بن محمد البغدادي: "روى عن أبي هريرة، ولم يسمع منه". وقال ابن حبان: "لا يعتبر بمقاطيعه، ولا بمراسيله، ولا برواية الضعفاء عنه. وهو الذي يروي عن أبي هريرة، ولم يره"، ولذا حكم المزي على روايته عن أبي هريرة بالإرسال، وأقره ابن حجر، وتقدم أن الذهبي قال: "لم يلق أبا هريرة، وإنما روايته عنه مرسلة". /

انظر التهذيب (6/ 439 - 440 رقم 919).

فإنه قيل: قد صرح عبد الواحد هنا بسماعه للحديث من أبي هريرة، فهل هذا يعني أنه مجروح العدالة؟ فالجواب: إن عبد الواحد هذا صدوق، إلا أن له أوهاماً -كما في التقريب (1/ 526 رقم 1391) -، فقد وثقه يحيى بن معين في رواية، والعجلي، وأبو زرعة الدمشقي، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقال أبو حاتم: لا يعجبني حديثه، وفي رواية عنه: يكتب حديثه وليس بالقوي، وقال يحيى بن سعيد: شبه لا شيء، وفي رواية عن ابن معين: لم يكن بذاك، ولا قريب./ انظر الجرح والتعديل (6/ 23 رقم 120)، والكامل لابن عدي (5/ 1935)، والموضع السابق من التهذيب، أقول: فذكر السماع في هذه الرواية عبد الواحد بريء منه: لبرائته من هذا الحديث أصلاً كما نص على ذلك الذهبي آنفاً بقوله: "أساء العقيلي كونه ساق هذا في ترجمة عبد الواحد، وهو بريء منه"، وكان قال قبله: "هذا كذب على الأوزاعي"، فالمتهم به -على رأي الذهبي- هو: عنبسة بن أبي صغيرة الهمداني -كما سبق-.

وأما الطريق الثالثة: وهي التي مدارها على شهر بن حوشب، ففيها الاختلاف المتقدم ذكره على شهر، وشهر تقدم في الحديث (614) أنه: صدوق كثير الأوهام، هذا بالإضافة لما في الطرق من العلل الأخرى، التي تقدم ذكر بعضها عن ابن الجوزي، والهيثمي، والطريق الثالثة فيها نعيم بن حماد، والوليد بن مسلم، وتقدم الكلام مراراً عنهما، أما نعيم، =

(7/3422)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= فصدوق يخطيء كثيراً، وأما الوليد فكثير التدليس والتسوية، وقد عنعن فيما بينه وبين شيخه، فمن فوقه.

الحكم علي الحديث:

الحديث سنده ضعيف جداً، لشدة ضعف مسلمة، وضعف نعيم من قبل حفظه.

والطريقان الثانية، والثالثة سنداهما ضعيفان جداً أيضاً لما سبق في دراسة الإسناد.

وقد حكم على الحديث بالوضع ابن الجوزي، والذهبي -كما سبق-، والله أعلم.

(7/3423)

1139 - حديث حذيفة مرفوعاً:

"يوشك أن يملأ الله أيديكم من العجم (1)، ويجعلهم (أسداً لا يفرون) (2)، فيضربون رقابكم، ويأكلون فيئكم" (3).

قال: صحيح. قلت: بل محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي المذكور فيه واه كأبيه (4).

__________

(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده: (الحديث) إشارة لاختصار متنه.

(2) في (أ): (أشداء لا يفردون)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) بعد نهاية متن الحديث في (أ) قال: (الحديث) على أن للحديث بقية، وليس الأمر كذلك؛ لأنه أتى بمتنه كاملاً.

(4) في (ب): (قلت: بل محمد الرهاوي واه)، وفي التلخيص: (قلت: بل محمد واه كأبيه)، وما أثبته من (أ).

1139 - المستدرك (4/ 519): أخبرنا أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالري، ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، ثنا محمد بن يزيد بن سنان، ثنا أبي، ثنا سليمان الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فذكره بلفظه، إلا أن المستدرك المطبوع والمخطوط جاء فيه أول لفظ الحديث هكذا: "يوشك أن يملأ أيديكم"، والتلخيص موافق لسياق ابن الملقن.

تخريجه:

الحديث أخرجه البزار في مسنده (4/ 129 رقم 3365).

وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 13).

كلاهما من طريق محمد بن يزيد، به مثله، إلا أن في لفظ أبي نعيم:"ثم يصيرون"، بدلًا من قوله: "فيجعلهم".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "بل محمد واه كأبيه". =

(7/3424)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ومحمد بن يزيد بن سنان الرهاوي تقدم في الحديث (1013) أنه: ليس بالقوي وأبوه تقدم في الحديث (594) أنه: ضعيف.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لما تقدم عن حال يزيد الرهاوي، وابنه محمد، وهو صحيح لغيره لشواهده، فقد جاء من طريق سمرة بن جندب، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمرو، وأبي هريرة -رضي الله عنهم-.

أما حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه-، فيرويه يونس بن عبيد، عن الحسن البصري، عن سمرة، به نحوه.

أخرجه الِإمام أحمد في المسند (5/ 11 و 17 و 21 و 22).

والبزار في مسنده (4/ 129 رقم 3366).

والطبراني في الكبير (7/ 268 رقم 6921).

والعقيلي في الضعفاء (2/ 16).

وأبو نعيم في الحلية (3/ 24 - 25).

وفي أخبار أصبهان (1/ 13).

وهذا سند رجاله ثقات، يونس بن عبيد، والحسن البصري إمامان تقدمت ترجمتهما في الحديثين (498)، و (709). لكن في سماع الحسن البصري من سمرة بن جندب كلام طويل انظره في التهذيب (2/ 269)، والذي يظهر أنه سمع منه أحاديث معدودة، وقال الهيثمي في المجمع (7/ 310) عن هذا الحديث: "رجال أحمد رجال الصحيح".

وأما حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-، فأخرجه:

البزار في مسنده (4/ 128 رقم 3364).

والعقيلي في الضعفاء (2/ 16). =

(7/3425)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= كلاهما من طريق إبراهيم بن المستمر، عن خالد بن يزيد بن مسلم الغنوي، عن البراء بن يزيد الغنوي، عن قتادة، عن أنس، مرفوعاً بنحو.

قال الهيثمي في المجمع (7/ 310): "فيه خالد بن يزيد بن مسلم، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".

قلت: خالد بن يزيد بن مسلم الغنوي، قال عنه العقيلي في الموضع السابق: "بصري، الغالب على حديثه الوهم"، ثم ساق الحديث من طريقه، وقال: "ليس لهذا الحديث من حديث قتادة أصل، إنما يروي هذا عن الحسن، عن سمرة"، ثم ذكره.

وأما قول الهيثمي -رحمه الله-: "وبقية رجاله ثقات"، فليس بصحيح، فإن في سند الحديث البراء بن عبد الله بن يزيد الغنوي، البصري، وربما نسب إلى جده، فقيل: البراء بن يزيد، وقيل، هما اثنان، والبراء هذا ضعيف -كما في التقريب (1/ 95 رقم 17) -، وانظر الكامل لابن عدي (2/ 481)، والتهذيب (1/ 426 - 427 رقم 786).

وقتادة تقدم في الحديث (729) أنه مدلس من الثالثة، وقد عنعن هنا، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لما تقدم.

وأما حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- مرفوعاً، فلفظه نحوه.

أخرجه البزار في الموضع السابق برقم (3363).

والطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين المكية (ص 421) -.

ومن طريقه، وطريق أخرى أخرجه أبو نعيم في أخبار اصبهان (1/ 13).

ثلاثتهم من طريق عبد الله بن عبد القدوس، عن الليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، به.

وأخرجه البزار أيضاً في الموضع نفسه من طريق عبد الله بن عبد القدوس، عن يونس بن خباب، عن مجاهد، عن عبد الله، به. =

(7/3426)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قال الهيثمي في المجمع (7/ 311): "رواه البزار، والطبراني في الكبير، والأوسط، وفيه عبد الله بن عبد القدوس، وثقه ابن حبان، وجماعة، ويونس بن خباب ضعيف جداً".

قلت: الحديث يرويه عن مجاهد: الليث بن أبي سليم، ويونس بن خباب، ورواه عنهما عبد الله بن عبد القدوس.

أما الليث فتقدم في الحديث (492) أنه ضعيف اختلط، فلم يتميز حديثه.

وأما يونس بن خباب فتقدم في الحديث (853) أنه: صدوق يخطيء، ورمي بالرفض.

وأما عبد الله بن عبد القدوس التميمي السعدي، فتقدم في الحديث (583) أنه: صدوق يخطيء، ورمي بالرفض.

وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لما تقدم.

وأما حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فذكره الهيثمي في الموضع السابق من المجمع بنحوه، وعزاه للطبراني في الكبير، وقال: "رجال الصحيح".

قلت: فالحديث بمجموع هذه الطرق يكون صحيحاً لغيره، والله أعلم.

(7/3427)

1140 - حديث (سعد) (1) مر فوعاً:

"شيطان (الردهة) (2) (يحتدره) (3) رجل من بجيلة يقال له: (الأشهب) (4)، أو ابن الأشهب راعي الخيل (5).

قال: صحيح.

قلت: ما أبعده من الصحة وأنكره!.

__________

(1) في (أ) و (ب): (سعيد)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) في (أ): (المهدرة).

والرَّدْهة: النقرة في الجبل يستنقع فيها الماء، وقيل: الردهة: قُلَّة الرابية. / النهاية (2/ 216).

(3) ما بين المعكوفين ليس في (أ)، وفي (ب)، والتلخيص: (يهدره)، وفي المستدرك المخطوط: (يتهدده)، وما أثبته من المستدرك المطبوع، وأغلب مصادر التخريج، ومنها تهذيب اللغة للأزهري (6/ 197 - 198)، حيث فسره بقوله: "أي يسقطه"، وهو الذي رجحه الشيخ أحمد شاكر في حاشية المسند (3/ 76)، والشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه على مسند الحميدي (1/ 40)، وكذا هو في مجمع الزوائد (6/ 234).

(4) في (أ) و (ب): (الأشعث)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(5) قوله: (أو ابن الأشهب راعي الخيل) ليس في (ب).

1140 - المستدرك (4/ 521): حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ بشر بن موسى، ثنا الحميدي، (ثنا سفيان)، عن العلاء بن أبي العباس -وكان شيعياً-، عن أبي الطفيل، عن بكر بن قرواش، سمع سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "شيطان الردهة يحتدره رجل من بجيلة يقال له: الأشهب، أو ابن الأشهب راعي الخيل"، وراعي الخيل علامة في القوم الظلمة". =

(7/3428)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق الحميدي.

والحميدي أخرجه في مسنده (1/ 39 - 40 رقم 74): ثنا سفيان، ثنا العلاء بن أبي العباس، أنه سمع أبا الطفيل يحدث عن بكر بن قرواش، عن سعد بن أبي وقاص، ذكر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذا الثدية، فقال: "شيطان الردهة، راعي الجبل، أو راع للجبل، يحتدره رجل من بجيلة، يقال له: الأشهب، أو: ابن الأشهب، علامة في قوم ظلمة".

قال سفيان: فأخبرني عمار الدهني، أنه جاء به رجل متهم، يقال له: الأشهب، أو: ابن الأشهب.

هذا وقد سقط قوله: (ثنا سفيان) من المستدرك، وتلخيصه، المطبوعين، والمخطوطين.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 179).

وابن أبي شيبة في المصنف (15/ 322 - 323 رقم 19767).

والفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 315 - 316).

وأبو يعلى في مسنده (2/ 97 - 98 و118 - 119 رقم 753 و 784).

والبزار في مسنده (2/ 361 - 362 رقم 1854).

والعقيلي في الضعفاء (1/ 151).

وابن عدي في الكامل (2/ 462).

والأزهري في تهذيب اللغة (6/ 197 - 198).

والبيهقي في الدلائل (6/ 433 - 434).

جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به، ولفظ أحمد مختصر، ولفظ الباقين بنحو سياق الحميدي. =

(7/3429)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قال العقيلي: "في قصة ذي الثدية (في الأصل: الثديين) أسانيد صحاح، نظير هذا اللفظ، فأما هذا اللفظ، فلا يعرف إلا عن بكر بن قرواش".

وقال الهيثمي في المجمع (6/ 234): "رواه أبو يعلى، وأحمد باختصار، والبزار، ورجاله ثقات".

وقال الشيخ أحمد شاكر في الموضع السابق: "إسناده صحيح"، وهذا من تساهله هو والهيثمي -رحمهما الله-، وسيأتي بيان علة الحديث.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "ما أبعده من الصحة، وأنكره! ".

وفي الميزان (1/ 347) ذكر الحديث، وقال: "الحديث منكر".

وعلة الحديث بكر بن قرواش الكوفي، الراوي للحديث عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، فإنه مجهول، روى عنه أبو الطفيل فقط، ووثقه العجلي، وابن حبان، وقال علي بن المديني: لم أسمع بذكره إلا في هذا الحديث، وقال البخاري: فيه نظر، وذكره العقيلي في الضعفاء، وابن عدي في الكامل، وقال: ما أقل ما له من الروايات، وقال الذهبي: لا يعرف. اهـ. من الضعفاء للعقيلي (1/ 151)، والكامل لابن عدي (2/ 462)، والميزان (1/ 347 رقم 1291)، وتعجيل المنفعة (ص 39 رقم 99).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة بكر بن قرواش، والنكارة التي قصدها الذهبي: لأجل تفرد بكر هذا بالحديث.

(7/3430)

1141 - حديث ابن مسعود مرفوعاً:

"خروج الدابة بعد طلوع الشمس ... " الحديث (1).

قال: أخرجته تعجباً، وفيه عبد الوهاب بن حسين، وهو مجهول (2).

قلت: ذا موضوع والسلام (3).

__________

(1) قوله: (الحديث) ليس في (ب)، وما أثبته من (أ)، والمستدرك وتلخيصه على أن للحديث بقية.

(2) من قوله: (قال: أخرجته) إلى هنا ليس في (ب).

(3) قوله: (والسلام) ليس في (ب).

1141 - المستدرك (4/ 521 - 522): أخبرني أبو بكر محمد بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمد بن المسيب، ثنا نعيم بن حماد، ثنا ابن لهيعة، عن عبد الوهاب بن حسين، عن محمد بن ثابت البناني، عن أبيه، عن الحارث، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "خروج الدابة بعد طلوع الشمس من مغربها، فإذا خرجت لطمت إبليس وهو ساجد. ويتمتع المؤمنون في الأرض بعد ذلك أربعين سنة لا يتمنون شيئاً إلا أعطوه، ووجدوه، ولا جور، ولا ظلم، وقد أسلم الأشياء لرب العالمين، طوعاً وكرهاً، حتى أن السبع لا يؤذي دابة، ولا طيراً، ويلد المؤمن، فلا يموت حتى يتم أربعين سنة بعد خروج دابة الأرض، ثم يعود فيهم الموت، فيمكثون كذلك ما شاء الله، ثم يسرع الموت في المؤمنين، فلا يبقى مؤمن، فيقول الكافر: قد كنا مرعوبين من المؤمنين، فلم يبق منهم أحد، وليس تقبل منا توبة، فيتهارجون في الطرق تهارج البهائم، ثم يقوم أحدهم بأمه، وأخته، وابنته، فينكحها وسط الطريق، يقوم عنها واحد، وينزو عليها آخر، لا ينكر، ولا يغير.

فأفضلهم يومئذ من يقول: لو تَنَحَيّتُم عن الطريق كان أحسن، فيكونون كذلك، حتى لا يبقى أحد من أولاد النكاح، ويكون أهل الأرض أولاد السفاح، فيمكثون كذلك ما شاء الله، ثم يعقر الله أرحام النساء ثلاثين =

(7/3431)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= سنة لا تلد امرأة، ولا يكون في الأرض طفل، ويكون كلهم أولاد الزنا، شرار الناس، وعليهم تقوم الساعة".

قال الحاكم: "محمد بن ثابت بن أسلم البناني من أعز البصريين، وأولاد التابعين، إلا أن عبد الوهاب بن الحسين مجهول"، وكان قد قال قبل الحديث: "حديث إسناده خارج عن الكتب الثلاث (يعني: الصحيحين، والمستدرك)، أخرجته تعجباً، إذ هو قريب مما نحن فيه".

دراسة الِإسناد:

الحديث صرح الحاكم فيما تقدم من كلامه بأنه إنما أخرج الحديث تعجباً، ولم يصححه، وقال عن عبد الوهاب بن حسين أحد رواة الحديث: "مجهول"، فتعقبه الذهبي بقوله عن الحديث: "ذا موضوع، والسلام" ولم يبين سبب حكمه على الحديث بالوضع.

والحاكم أخرج هذا الحديث من طريق نعيم بن حماد، عن ابن لهيعة، عن عبد الوهاب بن حسين، عن محمد بن ثابت البناني: عن أبيه، عن الحارث، عن ابن مسعود.

فالراوي للحديث عن ابن مسعود هو: الحارث الأعور، وتقدم في الحديث (695) أنه: ضعيف غال في التشيع.

ومحمد بن ثابت البناني تقدم في الحديث (982) أنه: ضعيف.

وعبد الوهاب بن حسين ذكره الحافظ في اللسان (4/ 87 رقم 162)، وذكر كلام الحاكم هنا، وتعقب الذهبي، فهو: مجهول كما قال الحاكم.

وابن لهيعة تقدم في الحديث (614) أنه: ضعيف، ومدلس من الخامسة، وقد عنعن هنا.

ونعيم بن حماد، تقدم مراراً كثيرة أنه: صدوق يخطيء كثيراً.

الحكم على الحديث:

الحديث له علل كثيرة كما تقدم، وقد حكم عليه الذهبي بالوضع، والذي يظهر أنه نظر إلى الإسناد والمتن معاً، فحكم عليه بما تقدم، وحكمه ملاق مع وجود هذه العلل المذكورة، والله أعلم.

(7/3432)

1142 - حديث حذيفة مرفوعاً:

"لن تفنى أمتي حتى يظهر فيهم التمايز، والتمايل، والمقامع" (1) ... الحديث (2).

قال: صحيح.

قلت: بل فيه سعيد بن سنان متهم (3).

__________

(1) قوله: (التمايز، والتمايل، والمقامع) مفسر في نفس الحديث -كما سيأتي-.

(2) من قوله: (حتى يظهر) إلى هنا ليس في (ب).

(3) في (ب): (قلت: سعيد بن سنان متهم)، وفي التلخيص: (قلت: بل سعيد متهم به)، وما أثبته من (أ).

1142 - المستدرك (4/ 524): أخبرني محمد بن المؤمل، ثنا الفضيل بن محمد بن المسيب، ثنا نعيم بن حماد، ثنا عثمان بن كثير بن دينار، عن سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن أبي شجرة كثير بن مرة، عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "لن تفنى أمتي حتى يظهر فيهم التمايز، والتمايل، والمقاطع"، قلت: يا رسول الله، ما التمايز؟ قال: "التمايز عصبية يحدثها الناس بعدي في الإسلام"، قلت: فما التمايل؟ قال: "تميل القبيلة على القبيلة، فتستحل حرمتها"، قلت: فما المقامع؟ قال: "سير الأمصار بعضها إلى بعض، تختلف أعناقهم في الحرب".

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق نعيم بن حماد.

ونعيم أخرجه في الفتن -كما في الكنز (11/ 215 رقم 31277) -. =

(7/3433)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسه الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "بل سعيد متهم به".

وسعيد هذا هو ابن سنان، وتقدم في الحديث (1008) أنه: متروك.

ونعيم: صدوق يخطيء كثيراً كما تقدم.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف سعيد بن سنان، وضعف نعيم من قبل حفظه.

(7/3434)

1143 - حديث ابن عمر، قال:

كنت في الحَطِيم (1) مع حذيفة، فذكر حديثاً، ثم قال: لتنقضن عرى الِإسلام عروة عروة ... الحديث (2).

قال: صحيح.

قلت: بل منكر، فيه عبد الأعلى بن عامر ضعفه أحمد، وأبو زرعة (3)، وجَهْضَم بن عبد الله، وهو ثقة (4)، ومحمد بن سنان كذبه أبو داود (5).

__________

(1) الحَطِيمُ: بمكة، قيل: هو ما بين المقام إلى الباب، وقيل: ما بين الركن، والمقام، وزمزم والحجر، وقيل: ما بين الركن الأسود، والباب، وقيل: هو حجر مكة، مما يلي الميزاب، سمي حطيماً: لأن البيت رُبِّع، وترك محطوماً، وقيل غير ذلك. / انظر معجم البلدان (2/ 273).

(2) من قوله: (مع حذيفة) إلى هنا ليس في (ب).

(3) الجرح والتعديل (6/ 25 - 26 رقم 134)، والتهذيب (6/ 94 - 95 رقم 197).

(4) في التلخيص (قلت: بل منكر، فعبد الأعلى ضعفه أحمد، وأبو زرعة، وأما جهضم فثقة).

(5) من قوله: (فيه عبد الأعلى) إلى هنا ليس في (ب)، وانظر تاريخ بغداد (5/ 343 - 346).

1143 - المستدرك (4/ 528 - 529): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن سنان القزاز، ثنا عمرو بن يونس بن القاسم اليمامي، ثنا جهضم بن عبد الله القيسي، عن عبد الأعلى بن عامر، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كنت في الحطيم مع حذيفة، فذكر حديثاً، ثم قال: "لتنقضن عرى الِإسلام عروة، عروة، وليكونن أئمة مضلون، وليخرجن على أثر ذلك الدجالون الثلاثة"، =

(7/3435)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قلت: يا أبا عبد الله، قد سمعت هذا الذي تقول من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-؟ قال: نعم، سمعته، وسمعته يقول: "يخرج الدجال من يهودية أصبهان، عينه اليمنى ممسوحة، والأخرى كأنها زهرة، تشق الشمس شقاً، ويتناول الطير من الجوِّ، له ثلاث صيحات يسمعهن أهل المشرق، وأهل المغرب، ومعه جبلان: جبل من دخان، ونار، وجبل من شجر، وأنهار، ويقول: هذه الجنة، وهذه النار"، وسمعته يقول: "يخرج من قبله كذاب"، قال: قلت: فما الثالث؟ قال: "إنه أكذب الكذابين، إنه يخرج من قبل المشرق يتبعه حشارة العرب، وسفلة الموالي، أولهم مثبور، وآخرهم مثبور، هلاكهم على قدر سلطانهم، عليهم اللعنة من الله دائمة"، قال: قلت: العجب كل العجب! قال: وأعجب من ذلك سيكون، فإذا سمعت به، فالهرب الهرب، قال: قلت: فكيف أصنع بمن خلفت؟ قال: مرهم، فليلحقوا برؤوس الجبال، قال: قلت: فإن لم يتركوا، وذاك؟ قال: مرهم أن يكونوا أحلاساً من أحلاس بيوتهم، قال: قلت: فإن لم يتركوا، وذاك؟ قال: يا ابن عمر، زمان خوف، وهرج، وسلب، قال: فقلت: يا أبا عبد الله، ما لهذا الهرج من فرج؟ قال: بلى، إنه ليس من هرج إلا وله فرج، ولكن، أين ما يبقى لها؟ إنها فتنة يقال لها الجارفة، تأتي على صريح العرب، وصريح الموالي، وذوي الكنوز، وبقية الناس، ثم تنجلي عن أقل من القليل.

تخريجه:

الحديث ذكره في كنز العمال (14/ 197 رقم 38362)، وعزاه للحاكم فقط.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:

"بل منكر، فعبد الأعلى ضعفه أحمد، وأبو زرعة، وأما جهضم فثقة، ومحمد بن سنان كذبه أبو داود". =

(7/3436)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أما عبد الأعلى الذي ضعفه أحمد، وأبو زرعة، فهو ابن عامر الثعلبي، تقدم في الحديث (1067) أنه: صدوق يهم.

وأما جهضم بن عبد الله بن أبي الطفيل القيسي، مولاهم، اليمامي، فإنه: ثقة، وإنما أخذ عليه في روايته عن المجاهيل، قال ابن معين: ثقة، إلا أن حديثه منكر، يعني ما روى عن المجهولين. وقال أبو حاتم: ثقة، إلا أنه يحدث أحياناً عن المجهولين. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الِإمام أحمد: كان رجلاً صالحاً، لم يكن به بأس. اهـ. من الجرح والتعديل (2/ 534 رقم 2219)، والتهذيب (2/ 120 - 121 رقم 195).

وأما محمد بن سنان بن يزيد بن الذيال القزاز، فتقدم في الحديث (531) أنه: ضعيف.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف محمد بن سنان، وما قيل عن عبد الأعلى من الوهم.

وأما النكارة التي قصدها الذهبي بقوله: "بل منكر"، فهي تفرد محمد بن سنان هذا، بالحديث، حيث لم أجد من تابعه عليه، والله أعلم.

(7/3437)

1144 - حديث أبي سعد الخدري (1) مرفوعاً:

"ألا إن كل نبي قد (2) أنذر أمته الدجال ... " الخ (3).

قلت: فيه (4) عطية ضعيف.

__________

(1) قوله: (الخدري) ليس في (ب).

(2) قوله: (قد) ليس في (ب).

(3) قوله: (الخ) ليس في (ب)، وما أثبته من (أ)، وهو الصواب؛ لأن للحديث بقية.

(4) قوله: (فيه) ليس في (ب)، والتلخيص، وما أثبته من (أ).

1144 - المستدرك (4/ 537 - 539): أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق البغوي العدل ببغداد، ثنا جعفر بن محمد بن شاكر، ثنا محمد بن سابق، ثنا أبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن، عن فراس، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "ألا على نبي قد أنذر أمته الدجال، وإنه يومه هذا قد أكل الطعام، وإني عاهد عهداً لم يعهده نبي لأمته قبلي، ألا إن عينه اليمنى ممسوحة الحدقة، جاحظة، فلا تخفى، كأنها نخاعة في جنب حائط، ألا وإن عينه اليسرى كأنها كوكب دُرِّيِّ، معه مثل الجنة، ومثل النار، فالنار روضة خضراء، والجنة غبراء، ذات دخان، ألا وإن بين يديه رجلين ينذران أهل القرى، كلما دخلا قرية أنذرا أهلها، فإذا خرجا منها دخلها أول أصحاب الدجال، ويدخل القرى كلها، غير مكة والمدينة حرماً عليه، والمؤمنون متفرقون في الأرض، فيجمعهم الله له، فيقول رجل من المؤمنين لأصحابه: لأنطلقن إلى هذا الرجل فلأنظرن أهو الذي أنذرنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أم لا؟ ثم ولَّى فقال له أصحابه: والله لا ندعك تأتيه، ولو أنا نعلم أنه يقتلك إذا أتيته، خلينا سبيلك، ولكنا نخاف أن يفتنك، فأبى عليهم الرجل المؤمن إلا أن يأتيه، فانطلق يمشي حتى أتى مسلحة من مسالحه، فأخذوه فسألوه ما شأنك؟ =

(7/3438)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وما تريد؟ قال لهم: أريد الدجال الكذاب، قالوا: إنك تقول ذلك؟ قال: نعم، فأرسلوا إلى الدجال: إنا قد أخذنا من يقول كذا وكذا، فنقتله أو نرسله إليك؟ قال: أرسلوه إلي، فانطلق به حتى أتي به الدجال، فلما رآه عرفه لنعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال له الدجال: ما شأنك؟ فقال العبد المؤمن: أنت الدجال الكذاب الذي أنذرناك رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال له الدجال: أنت تقول هذا؟ قال: نعم، قال له الدجال: لتطيعني فيما أمرتك، وإلا شققتك شقتين، فنادى العبد المؤمن، فقال: أيها الناس هذا المسيح الكذاب، فمن عصاه فهو في الجنة، ومن أطاعه فهو في النار، فقال له الدجال: والذي أحلف به لتطيعني، أو لأشقنك شقين، فنادى العبد المؤمن، فقال: أيها الناس هذا المسيح الكذاب، فمن عصاه فهو في الجنة، ومن أطاعه فهو في النار، قال: فمد برجله، فوضع حديدته على عجب ذنبه، فشقه شقين، فلما فعل به ذلك، قال الدجال لأوليائه: أرأيتم إن أحييت هذا لكم، ألستم تعلمون أني ربكم؟ قالوا: بلى، قال عطية: فحدثني أبو سعيد الخدري: أن نبي الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: فضرب إحدى شقيه، أو الصعيد عنده، فاستوى قائماً، فلما رآه أولياؤه صدقوه، وأيقنوا أنه ربهم، وأجابوه، واتبعوه، قال الدجال للعبد المؤمن: ألا تؤمن بي؟ قال المؤمن: لأنا الآن أشد فيك بصيرة من قبل، ثم نادى في الناس: ألا إن هذا المسيح الكذاب، فمن أطاعه فهو في النار، ومن عصاه فهو في الجنة، فقال الدجال: والذي أحلف به، لتطيعني أو لأذبحنك، أو لألقينك في النار، فقال له المؤمن: والله لا أطيعك أبداً، فأمر به، فاضجع"، قال: فقال لي أبو سعيد: إن نبي الله -صلَّى الله عليه وآله وسلم- قال: "ثم جعل صفيحتين من نحاس بين تراقيه، ورقبته"، قال: وقال أبو سعيد: ما كنت أدري ما النحاس قبل يومئذ، فذهب ليذبحه، فلم يستطع، ولم يسلط عليه بعد قتله إياه، قال: فإن نبي الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- قال: "فأخذ بيديه ورجليه، فألقاه في الجنة، وهي غبراء ذات دخان، يحسبها النار، فذلك الرجل أقرب أمتي =

(7/3439)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= مني درجة"، قال: فقال أبو سعيد: ما كان أصحاب محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- يحسبون ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حتى سلك عمر سبيله، قال: ثم قلت له: فكيف يهلك؟ قال: الله أعلم، قال: فقلت: أخبرت أن عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام- هو يهلكه، فقال: الله أعلم، غير أنه يهلكه الله ومن تبعه، قال: قلت: فمن يكون بعده؟ قال: حدثني نبي الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "أنهم يغرسون بعده الغروس ويتخذون من بعده الأموال"، قال: قلت: سبحان الله! أبعد الدجال يغرسون الغروس ويتخذون من بعده الأموال؟! قال: نعم، حدثني بذلك رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.

قال الحاكم: "هذا أعجب حديث في ذكر الدجال تفرد به عطية بن سعد بن أبي سعيد الخدري ولم يحتج الشيخان بعطية".

تخريجه:

الحديث ذكره في الكنز (14/ 309 - 311 رقم 38784)، وعزاه للحاكم فقط.

وقد أخرج الحديث عبد بن حميد في مسنده (ص 171 - 172 رقم 895): حدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا الحجاج، عن عطية، عن أبي سعيد، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنه لم يكن نبي إلا وقد أنذر بالدجال أمته ... " ثم ذكر الحديث بطوله بمعناه، ولفظ الحاكم أتم.

وأخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 332 - 334 رقم 1074) بنحو سياق الحاكم، وأخرجه أيضاً مختصراً (2/ 516 رقم 1366).

وأخرج ابن ماجه (2/ 1359 - 1363 رقم 4077) في الفتن، باب فتنة الدجال، أخرج حديث أبي أمامة الباهلي الذي تقدمت الِإشارة إليه، وبيان ما في سنده من إشكال في تخريج الحديث رقم (1133)، وهو حديث طويل جداً في ذكر الدجال، وبعض الفتن في آخر الزمان، =

(7/3440)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وعند ذكر الرجل المؤمن الذي يقتله الدجال، قال أبو الحسن الطنافسي أحد رواة الحديث: فحدثنا المحاربي، ثنا عبيد الله بن الوليد الوصَّافي، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم-: "ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة"، قال: قال أبو سعيد: والله ما كنا نرى أن ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب، حتى مضى سبيله.

وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (3/ 79) من طريق مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد، به مختصراً، بلفظ: "إني خاتم ألف نبي، وأكثر ما بعث نبي يتبع، إلا قد حذر أمته الدجال، وإني قد بيَّن لي من أمره ما لم يبن لأحد، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وعينه اليمنى عوراء جاحظة، ولا تخفى، كأنها نخامة في حائط مجصص، وعينه اليسرى كأنها كوكب درِّي، معه من كل لسان، ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء، وصورة النار سوداء تداخن".

وقد جاء بعض الحديث في صحيح مسلم.

فقد أخرج مسلم في صحيحه (4/ 2256 - 2257 رقم 112 و113) في الفتن، باب في صفة الدجال، وتحريم المدينة عليه، وقتله المؤمن، وإحيائه، من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبي الودَّاك، كلاهما عن أبي سعيد، رفعه، وهذا لفظ أبي الوداك: "يخرج الدجال، فيتوجه قبله رجل من المؤمنين، فتلقاه المسالح، مسالح الدجال، فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج، قال: فيقولون له: أو ما تؤمن بربِّنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء، فيقولون: اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحداً دونه؟ قال: فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس، هذا الدجال الذي ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فيأمر الدجال به، فيُشَبَّح، فيقول: خذوه وشجُّوه، فيوسع ظهره، وبطنه ضرباً، قال: فيقول: أو ما تؤمن بي؟ قال: فيقول: أنت المسيح الكذاب، قال: فيؤمر به، فيؤشر بالمئشار من مفرقه حتى يُفَرِّق بين رجليه، قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين، =

(7/3441)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ثم يقول له: قم فيستوي قائماً، قال: ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة، قال: ثم يقول: يا أيها الناس، إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس، قال: فيأخذه الدجال ليذبحه، فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاساً، فلا يستطيع إليه سبيلًا، قال: فيأخذ بيديه، ورجليه، فيقذف به، فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة". قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين".

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، ولم يصححه، وذكر أن عطية تفرد به، وأن الشيخين لم يحتجا بعطية، وتعقبه الذهبي بقوله: "عطية ضعيف".

وعطية هذا هو ابن سعد العوفي، وتقدم في الحديث (583) أنه: ضعيف، ومدلس من الرابعة، وقد عنعن هنا.

وقد أخرج مسلم بعض الحديث -كما تقدم-.

وأخرج الِإمام أحمد بعضه من طريق مجالد، عن أبي الوداك.

ومجالد بن سعيد تقدم في الحديث (648) أنه: ليس بالقوي.

وشيخ الِإمام أحمد في هذه الرواية اسمه: عبد المتعال بن عبد الوهاب الأنصاري، أبو سعيد، وهو مجهول الحال، ذكره الحافظ في تعجيل المنفعة (ص 176 رقم 669)، وذكر أنه روى عنه ثلاثة، ولم يذكر عنه جرحاً ولا تعديلاً.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف عطية العوفي، وكثير من لفظه أخرجه مسلم، فهو صحيح لغيره، وبعضه مما لم يخرجه مسلم أخرجه الِإمام أحمد في الطريق الأخرى، وهي وإن كانت ضعيفة لضعف مجالد، وجهالة حال شيخ الِإمام أحمد، إلا أنها تتقوى بطريق عطية فيكون لفظها حسناً لغيره.

واللفظ الزائد عما في الطريقين اللتين أخرجهما مسلم، والطريق التي أخرجها الِإمام أحمد، هذا اللفظ يبقى على ضعفه. والله أعلم.

(7/3442)

1145 - حديث أنس مرفوعاً:

"سيدرك (1) رجال (2) من أمتي عيسى بن مريم، ويشهدون قتال الدجال".

قلت: منكر، وفيه (3) عباد بن منصور، وهو (3) ضعيف.

__________

(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب).

(2) في المستدرك المخطوط، والتلخيص، وكنز العمال (14/ 335): (رجلان)، وهو لا يتفق مع آخر الحديث: (يشهدون)، عدا الكنز، فإن فيه: (ويشهدان)، وما أثبته من (أ).

(3) قوله: (وفيه) و (وهو) ليس في (ب).

1145 - المستدرك (4/ 544 - 545): حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، وأبو محمد بن زياد الدورقي، قالا: ثنا الِإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثنا محمد بن حسان الأزرق، ثنا ريحان بن سعيد، ثنا عباد -هو ابن منصور-، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "سيدرك رجال من أمتي عيسى بن مريم -عليهما الصلاة والسلام-، ويشهدون قتال الدجال".

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق ابن خزيمة.

وابن خزيمة أخرجه -كما في الكنز (14/ 335 رقم 38854) -.

وأخرجه أبو يعلى في مسنده (5/ 203 رقم 2820) من طريق ريحان بن سعيد، به مثل لفظ الحاكم.

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، ولم يتكلم عنه بشيء، وأعله الذهبي بقوله: "منكر، وعباد ضعيف". =

(7/3443)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أما عباد هذا فهو ابن منصور، وتقدم في الحديث (936) أنه: صدوق تغير بآخره، ومدلس من الرابعة، وقد عنعن هنا.

وأما قوله عن الحديث: "منكر"، فلأنه من رواية ريحان بن سعيد، عن عباد، عن أيوب، عن أبي قلابة.

وهذه الرواية تكلم فيها العلماء، وعدوها منكرة.

قال البرديجي: فأما حديث ريحان، عن عباد، عن أيوب، عن أبي قلابة، فهي مناكير. وذكر ابن حبان ريحان هذا في الثقات، وقال: يعتبر حديثه من غير روايته عن عباد. وقال العجلي: ريحان الذي يروي عن عباد منكر الحديث. اهـ. من ثقات ابن حبان (8/ 245)، والتهذيب (3/ 301 رقم 563).

قلت: وريحان بن سعيد بن المثنى، السامي، الناجي، أبو عصمة البصري هذا: صدوق ربما أخطأ -كما في التقريب (1/ 255 رقم 128) -، قال عنه ابن معين: ما أرى به بأساً، وقال النسائي، وأبو حاتم: لا بأس به، وزاد أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به. وقال البرقاني، عن الدارقطني: ريحان بن سعيد بصري يحتج به، وقال الآجري: سألت أبا داود عنه، فكأنه لم يرضه، وضعفه ابن قانع. / انظر الجرح والتعديل (3/ 517 رقم 2335)، وسؤالات البرقاني للدارقطني (ص 30 رقم 151)، والموضع السابق من التهذيب.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لاختلاط عباد، وتدليسه، وضعف رواية ريحان عنه كما سبق، والله أعلم.

(7/3444)

1146 - حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً:

"أول الآيات خروجاً طلوع الشمس" (1).

قلت: ذا في مسلم.

__________

(1) قوله: (طلوع الشمس) ليس في (ب).

1146 - المستدرك (4/ 547 - 548): حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، ثنا محمد بن عبد الوهاب بن حبيب العبدي، ثنا جعفر بن عون العمري، أنبأ أبو حيان التيمي، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، قال: جلس إلى مروان ثلاثة نفر بالمدينة، فسمعوه يحدث عن الآيات: أولها خروج الدجال، فقام النفر من عند مروان، فجلسوا إلى عبد الله بن عمرو، فحدثوه بما قال مروان، فقال عبد الله: لم يقل مروان شيئاً، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، أو الدابة، أيهما كانت أولًا، فالأخر على إثرها قريباً"، ثم أنشأ يحدث، قال: وذلك أن الشمس إذا غربت، أتت تحت العرش، فسجدت، واستأذنت في الرجوع، فيؤذن لها، حتى إذا أراد الله أن تطلع من مغربها، أتت تحت العرش، فسجدت، واستأذنت في الرجوع، فلم يرد عليها شيء، قال: ثم تعود تستأذن في الرجوع، فلا يرد عليها شيء، وعلمت أن لو أذن لها لم تدرك المشرق، قال: يا رب ما أبعد المشرق! من لي بالناس؟ حتى إذا كان الليل، أتت فاستأذنت، فقال لها: اطلعي من مكانك"، قال: وكان عبد الله يقرأ الكتب، فقرأ: وذلك:

{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا (158)} [الأنعام: 158].

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق أبي حيان التيمي، عن أبي زرعة، عن عبد الله بن عمرو، به، ثم قال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله: "ذا في مسلم". =

(7/3445)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أقول: وهو كذلك.

فالحديث أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2260 رقم 118) من طريق أبي حيان التيمي، به نحوه، ولم يذكر بقية الحديث من قوله: "ثم أنشأ يحدث ... " الخ، لكن إحدى طرقه أخرجها من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر، عن أبي حيان، به.

وابن أبي شيبة أخرج الحديث في مصنفه (15/ 67 - 69 رقم 19135): حدثنا محمد بن بشر، حدثني أبو حيان، فذكر الحديث بنحو سياق الحاكم إلا أن في روايته: "قال عبد الله، وكان يقرأ الكتب: وأظن أولها خروجاً: طلوع الشمس من مغربها، وذاك أنها كلما غربت ... " الخ، فقدم، وأخر، وزاد العبارة السابقة.

وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (2/ 201).

وأبو داود في سننه (4/ 490 - 491 رقم 4310) في الملاحم، باب أمارات الساعة.

وابن ماجه (2/ 1353 رقم 4069) في الفتن، باب طلوع الشمس من مغربها.

وابن جرير في تفسيره (8/ 98 - 99).

وابن مندة في "الِإيمان" (3/ 898 - 899 رقم 1005 و1006).

والبغوي في شرح السنَّة (15/ 93 رقم 4291).

جميعهم من طريق أبي حيان، به، ولفظ أحمد، وابن جرير، وأحد لفظي ابن مندة نحو لفظ ابن أبي شيبة، ولفظ أبي داود مختصر، وابن ماجه أشد اختصاراً منه، ولفظ ابن مندة الآخر نحو لفظ مسلم، والبغوي أخرجه من طريق مسلم، مختصراً. =

(7/3446)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم ومسلم، كلاهما من طريق أبي حيان التيمي، ورجال إسناد الحاكم إلى أبي حيان هم كالتالي:

الراوي عن أبي حيان هو جعفر بن عون العبدي، وتقدم في الحديث (717) أنه: ثقة.

ومحمد بن عبد الوهاب بن حبيب الفراء العبدي تقدم في الحديث (717) أيضاً أنه: ثقة عارف.

وشيخ الحاكم الحسن بن يعقوب، أبو الفضل العدل تقدم في الحديث (951) أنه: شيخ صدوق نبيل.

الحكم علي الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم حسن لذاته، وهو صحيح لغيره بالطرق التي رواها مسلم، وغيره.

(7/3447)

1147 - حديث أبي نضرة، قال:

حدث عثمان مثلًا للفتنة: مثل رهط ثلاثة (اصطحبوا) (1) في سفر، فَسَرَوا ليلًا ... الخ (2).

قلت: فيه علي بن عاصم، وهو واه.

__________

(1) في (أ): (اصطبخوا) وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) من قوله: (مثل رهط) إلى هنا ليس في (ب).

1147 - المستدرك (4/ 549 - 550): حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه ببغداد، ثنا أحمد بن حيان بن ملاعب، ثنا علي بن عاصم، ثنا الجريري، عن أبي نضرة، قال: حدث عثمان -رضي الله عنه- مثلاً للفتنة، فقال: إنما مثل الفتنة مثل رهط ثلاثة اصطحبوا في سفر، فساروا ليلاً، فاجتمعوا إلى مفرق ثلاثة، فقال أحدهم: يمنة، فأخذ يمنة، فضل الطريق، وقال الآخر: يسرة، فأخذ يسرة، فضل الطريق، وقال الثالث: ألزم مكاني حتى أصبح، فآخذ الطريق.

قال علي بن عاصم: وحدثني عوف، عن أبي المنهال، عن أبي العالية، قال: كنا نتحدث: أنه سيأتي على الناس زمان خير أهله من يرى الحق قريباً، فيجانب الفتن.

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، ولم يتكلم عنه بشيء، وأعله الذهبي بقوله: "علي واه".

وعلي هذا هو ابن عاصم بن صهيب الواسطي، وتقدم في الحديث (797) أنه: صدوق يخطيء.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف علي من قبل حفظه.

(7/3448)

1148 - حديث (عمر) (1):

سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق (منصورين) (2) حتى يأتي أمر الله ... " الخ (3).

قلت: (على شرط البخاري ومسلم) (4).

__________

(1) في (أ) و (ب): (ابن عمر)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، وتؤيده مصادر التخريج الآتية.

(2) في (أ) و (ب): (منصورون)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) قوله: (الخ) ليس في (ب).

(4) في (أ): (قلت: أخرجه البخاري ومسلم).

وفي المستدرك المطبوع، قال الحاكم: "حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".

وما أثبته من (ب)؛ لكونه الموافق لعبارة الحاكم، وبيانه كما يلي: الحديث أخرجه الحاكم، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، كذا في المستدرك المخطوط، والتلخيص المطبوع، والمخطوط، لكن آخر الحديث عبارته كالآتي: "صدق نبي الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان ذلك كالذي قلت"، فآخر كلمة في متن الحديث: (قلت)، وبعدها قال الذهبي على عادته: (خ م)، فالتبس الأمر على ابن الملقن، وظنه تعقيباً من الذهبي، فأورد الحديث هكذا، وإلا فالصواب أن الحديث من الأحاديث التي وافق الذهبي الحاكم في الحكم عليها، ولم يخرج أحد من الشيخين الحديث من طريق عمر -رضي الله عنه-.

1148 - المستدرك (4/ 550): أخبرني أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، أنبأ صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، ثنا (عبيد الله) بن عمر بن ميسرة، ثنا =

(7/3449)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي الأسود الديلي، قال: انطلقت أنا وزرعة بن ضمرة الأشعري إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فلقينا عبد الله بن عمرو، فقال: يوشك أن لا يبقى في أرض العجم من العرب إلا قتيل، أو أسير يحكم في دمه، فقال زرعة: أيظهر المشركون على الِإسلام؟ فقال: ممن أنت؟ قال: من بني عامر بن صعصعة، فقال: لا تقوم الساعة حتى تدافع نساء بني عامر على ذي الخلصة -وثن كان يسمى في الجاهلية-. قال: فذكرنا لعمر بن الخطاب قول عبد الله بن عمرو، فقال عمر -ثلاث مرار-: عبد الله بن عمرو أعلم بما يقول، فخطب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يوم الجمعة، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- يقول: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورين حتى يأتي أمر الله"، قال: فذكرنا قول عمر لعبد الله بن عمرو، فقال: صدق نبي الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا كان ذلك كالذي قلت.

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

تخريجه:

الحديث له عن عمر -رضي الله عنه- طريقان:

* الأولى: يرويها أبو الأسود الديلي، وهي طريق الحاكم هذه.

* الثانية: يرويها سليمان بن الربيع العدوي، وكان قد أخرجها الحاكم (4/ 449): حدثني محمد بن صالح بن هانيء، ثنا يحيى بن محمد بن يحيى، ثنا أبو الوليد، ثنا همام، عن قتادة، عن ابن بريدة، عن سليمان بن الربيع، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي. =

(7/3450)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه الطيالسي في مسنده (ص 9): حدثنا همام، عن قتادة، عن عبد الله بن بريدة، عن سليمان بن الربيع العدوي، قال: لقينا عمر، فقلنا له: إن عبد الله بن عمرو حدثنا بكذا، وكذا، فقال عمر: عبد الله بن عمرو أعلم بما يقول -قالها ثلاثاً-، ثم نودي بالصلاة جامعة، فاجتمع إليه الناس، فخطبهم عمر، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله عز وجل".

وأخرجه البخاري في تاريخه (4/ 12) من طريق همام، به.

ومن طريق الطيالسي أخرجه الدارمي في سننه (2/ 133 رقم 2438) في الجهاد، باب: لا يزال طائفة من هذه الأمة يقاتلون على الحق، واقتصر على ذكر المرفوع فقط، بنحوه.

وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 288)، وقال: "رواه الطبراني في الصغير، والكبير، ورجال الكبير رجال الصحيح".

أقول: ولم أجده في مسند عمر من الكبير المطبوع، ولا في الصغير.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم هنا على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وبيان حال رجال إسناده كالتالي:

أبو الأسود الدِّيلي تقدم في الحديث (571) أنه ثقة فاضل مخضرم، روى له الجماعة.

وقتادة بن دعامة السدوسي تقدم في الحديث (729) أنه ثقة ثبت من رجال الجماعة، لكنه مدلس من الثالثة، وقد عنعن هنا.

وهشام بن أبي عبد الله سَنْبَر -على وزن جعفر-، أبو بكر الدستوائي: ثقة ثبت، من رجال الجماعة، ورمي بالقدر -كما في التقريب (2/ 319 رقم 89) -، وانظر الجرح والتعديل (9/ 59 رقم 240)، والتهذيب (11/ 43 - 45 رقم 85). =

(7/3451)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وابنه معاذ صدوق، ربما وهم، من رجال الجماعة- كلاهما التقريب (2/ 257 رقم 1211) -، ذكره ابن حبان في ثقاته، ووثقه ابن قانع، وابن معين في رواية، وفي رواية عنه قال: صدوق، وليس بحجة، وقال ابن عدي: ربما يغلط في الشيء بعد الشيء، وأرجو أنه: صدوق. اهـ.

من الكامل لابن عدي (6/ 2426 - 2427)، والتهذيب (10/ 196 - 197 رقم 368).

وعبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ثقة ثبت من رجال الشيخين ومن شيوخهما -كما في التقريب (1/ 537 رقم 1489) -، وانظر الجرح والتعديل (5/ 327 رقم 1547)، والتهذيب (7/ 40 - 41 رقم 72).

وقد تصحف اسم عبيد الله هذا في المستدرك المطبوع والمخطوط إلى: عبد الله.

وأما صالح بن محمد بن عمرو بن حبيب الحافظ، المعروف بـ: صالح جزرة، فإنه: ثقة إمام حافظ حجة./ انظر تاريخ بغداد (9/ 322 رقم 4862)، والسير (14/ 23 رقم 12).

وأما شيخ الحاكم أبو نصر أحمد بن سهل بن حمدويه الفقيه فلم أجد له ترجمة، ولا أظنه الذي ترجم له الذهبي في السير (16/ 445)، لأن كنيته: أبو حامد، وترجم الصفدي في الوافي، (6/ 408) لآخر اسمه: أحمد بن سهل الهمداني، أبو نصر، لكن ليس هو شيخ الحاكم، ذاك شاعر، لم يذكر عنه ما يدل على أنه ممن تلقى علم الحديث، بخلاف شيخ الحاكم، فإن رواية الحاكم عنه في المستدرك بلغت تسعة وستين -كما في فهرس الشيخ الميرة (ص 94) -.

وأما الطريق الأخرى التي رواها الطيالسي، ففي سندها قتادة، وتقدم قبل قليل أنه: ثقة مدلس من الثالثة، وقد عنعن.

وفي سندها أيضاً الراوي للحديث عن عمر، واسمه: سليمان بن الربيع العدوي، وهو مجهول؛ ذكره البخاري في تاريخه (4/ 12 رقم 1797)، =

(7/3452)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم (4/ 117 رقم 507)، وبيض له، وذكره ابن حبان في ثقاته (4/ 309)، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى عبد الله بن بريدة.

وللحديث علتان أيضاً بالِإضافة لما سبق، قال البخاري في الموضع السابق: "لا يعرف سماع قتادة من ابن بريدة، ولا ابن بريدة من سليمان".

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم رجاله رجال الشيخين إلى طبقة شيوخهما، لكن الحديث ضعيف من هذه الطريق لعنعنة قتادة، وما قيل عن معاذ بن هشام من الوهم، وعدم معرفة حال شيخ الحاكم.

والطريق الأخرى أيضاً ضعيفة لجهالة سليمان بن الربيع، وعنعنة قتادة، وما ذكره البخاري من عدم معرفة سماع قتادة من ابن بريدة، وسماع ابن بريدة من سليمان.

لكن الحديث ثبت في الصحيحين من غير هذه الطريق.

فقد أخرج البخاري في صحيحه (6/ 632 رقم 3640) في المناقب، باب منه.

و (13/ 293 رقم 7312) في الاعتصام، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلَّم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق".

و (13/ 442 رقم 7459) في التوحيد باب قول الله تعالى: {إنما قولنا لشيءٍ إذا أردناه .... }.

ومسلم (3/ 1523 رقم 171) في الِإمارة، باب قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تزال ... ".

كلاهما من حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلَّم- قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله، وهم ظاهرون"، وهذا أحد ألفاظ البخاري.

وللحديث طرق أخرى عن عدة من الصحابة، في صحيح البخاري بعضها، وأكثرها في الموضع السابق من صحيح مسلم.

(7/3453)

1149 - حديث إسحاق بن عبد الله (أن) (1) عوف بن مالك الأشجعي:

أتى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في فتح (له) (2)، فسلم عليه ... الحديث.

قال: صحيح.

قلت: فيه انقطاع.

__________

(1) في (أ) و (ب): (ابن)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) في (أ): (ملة).

1149 - المستدرك (4/ 551 - 552): أخبرني أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران، حدثتي أبي، ثنا أبو الطاهر، وأبو الربيع المصريان، قالا: ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن شريح، عن ربيعة بن سيف المعافري، عن إسحاق بن عبد الله، أن عوف بن مالك الأشجعي أتى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- في فتح له، فسلم عليه، ثم قال: هنيئاً لك يا رسول الله، قد أعز الله نصرك، وأظهر دينك، وضعت الحرب أوزارها بجرانها، قال: ورسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- في قبة من أدم، فقال: "ادخل يا عوف"، فقال: أدخل كلي أو بعضي؟ فقال: "ادخل كلك"، فقال: "إن الحرب لن تضع أوزارها حتى تكون ست، أولهن: موتي"، فبكى عوف، قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "قل: إحدى، والثانية: فتح بيت المقدس، والثالثة: فتنة تكون في الناس كقعاص الغنم، والرابعة: فتنة تكون في الناس لا يبقى أهل بيت إلا دخل عليهم نصيباً منها، والخامسة: يولد في بني الأصفر غلام من أولاد الملوك، يشب في اليوم كما يشب الصبي في الجمعة، ويشب في الجمعة كما يشب الصبي في الشهر، ويشب في الشهر كما يشب الصبي في السنة، فلما بلغ اثنتي عشرة سنة ملكوه عليهم، فقام بين أظهرهم، فقال: إلى متى يغلبنا هؤلاء القوم على مكارم أرضنا؟ إني رأيت أن أسير =

(7/3454)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= إليهم، حتى أخرجهم منها، فقام الخطباء، فحسنوا له رأيه، فبعث في الجزائر، والبرية بصنعة السفن، ثم حمل فيها المقاتلة، حتى ينزل بين أنطاكية، والعريش".

قال ابن شريح: فسمعت من يقول: إنهم اثنا عشر غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً، فيجتمع المسلمون إلى صاحبهم ببيت المقدس، وأجمعوا في رأيهم أن يسيروا إلى مدينة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- حتى يكون مسالحهم بالسرح، وخيبر، قال ابن أبي جعفر: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "يخرجوا أمتي من منابت الشيح"، قال: وقال: الحارث بن يزيد: إنهم سيقيموا فيها هنالك، فيفر منهم الثلث، ويقتل منهم الثلث، فيهزمهم الله عز وجل بالثلث الصابر، وقال خالد بن يزيد: يومئذ يضرب الله بسيفه، ويطعن برمحه، ويتبعه المسلمون حتى يبلغوا المضيق الذي عند القسطنطينية، فيجدونه قد يبس ماؤه، فيجيزون إلى المدينة حتى ينزلوا بها، فيهدم الله جدرانهم بالتكبير، ثم يدخلونها، فيقتسمون أموالهم بالأترسة، وقال أبو قبيل المعافري: فبينما هم على ذلك، إذ جاءهم راكب، فقال: أنتم ها هنا، والدجال قد خالفكم في أهليكم؟، وإنما كانت كذبة، فمن سمع العلماء في ذلك أقام على ما أصابه، وأما غيرهم، فانفضوا، ويكون المسلمون يبنون المساجد في القسطنطنية، ويغزون وراء ذلك، حتى يخرج الدجال، السادسة.

تخريجه:

الحديث لم أجد من أخرجه من طريق إسحاق، ولا بهذا السياق، وقد ذكره في الكنز (14/ 560 - 562 رقم 39600) -، وعزاه للحاكم فقط.

لكن جاء الحديث من طرق أخرى عن عوف، بسياق آخر.

فقد أخرجه البخاري في صحيحه (6/ 277 رقم 3176) في الجزية، باب ما يحذر من الغدر، من طريق بسر بن عبيد الله، أنه سمع أبا إدريس، قال: سمعت عوف بن مالك، قال: أتيت النبي -صلى الله عليه =

(7/3455)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وسلم- في غزوة تبوك، وهو في قبة من أدم، فقال: "أعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم مُوتانٌ يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال، حتى يعطى الرجل مائة دينار، فيظل ساخطاً، ثم فتنة، لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم، وبين بني الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً".

قوله: "كقعاص الغنم"، القُعاص: داء يأخذ الغنم، لا يُلبثها أن تموت. / النهاية (4/ 88).

ومن طريق بسر أخرجه:

أبو داود في سننه (5/ 271 - 272 رقم 5000) في الأدب، باب ما جاء في المزاح.

وابن ماجه (2/ 1341 - 1342 و 1371 رقم 4042 و4095) في الفتن، باب أشراط الساعة، وباب الملاحم.

والطبراني في الكبير (18/ 40 - 41 رقم 70).

ومن طريقه الضياء المقدسي في "فضائل بيت المقدس" (ص 69 - 70 رقم 41).

وأخرجه ابن مندة في "الِإيمان" (3/ 893 رقم 998).

جميعهم، به نحو سياق البخاري، عدا لفظ أبي داود، فمختصر، وكذا أحد لفظى ابن ماجه.

وقد رواه عن عوف جماعة آخرون، بنحو سياق البخاري، منهم:

هشام بن يوسف عند الِإمام أحمد في المسند (6/ 22).

وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عند أحمد أيضاً (6/ 24).

وعند الطبراني (18/ 54 - 55 رقم 98).

وعند بحشل في تاريخ واسط (ص 52 - 53).

وجبير بن نفير عند أحمد أيضاً (6/ 25). =

(7/3456)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وعند الطبراني (18/ 41 - 42 رقم 71 و 72).

وعند ابن مندة (3/ 893 - 894 و894 - 895 رقم 999 و1000).

ومحمد بن أبي محمد عند أحمد أيضاً (6/ 27).

وعند الطبراني (18/ 80 - 81 رقم 150).

وضمرة بن حبيب، وعبد الله بن الديلم، وعلي العقيلي عند الطبراني (18/ 64 و 66 و 79 رقم119 و122 و148).

هذا ولم يذكر البخاري في روايته قصة دخول عوف على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقوله: أدخل بعضي، أو كلي، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "بل كلك"، وقد ذكرها معظم الرواة السابقين.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "فيه انقطاع"، ويعني به: بين إسحاق بن عبد الله، وعوف بن مالك، لكن إسحاق بن عبد الله هذا لم أستطع تمييزه عن سواه؛ لأن في طبقته رواة كثيرين من اسمه: إسحاق بن عبد الله، منهم:

إسحاق بن عبد الله بن جعفر الهاشمي، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وإسحاق بن عبد الله المدني، مولى زائدة. / انظر التقريب (1/ 58 - 59).

ولم أجد في ترجمة أحد من هؤلاء أنه أرسل عن عوف، أو أنه روى عنه ربيعة بن سيف المعافري، ولم أجد في ترجمة ربيعة في تهذيب الكمال (1/ 407) أنه روى عن أحد اسمه: إسحاق بن عبد الله.

والحديث جاء من طريق أخرى بالسياق المتقدم ذكره، وتقدم أن البخاري أخرجه من إحدى تلك الطرق.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم للانقطاع الذي ذكره الذهبي، وأصل الحديث أخرجه البخاري، وتقدم سياق متنه.

(7/3457)

1150 - حديث أبي سعيد مرفوعاً:

"المهدي منا أهل البيت ... " الحديث (1).

قال: على شرط مسلم.

قلت: فيه (2) عمران القطان، وهو (2) ضعيف، ولم يخرج له مسلم.

__________

(1) قوله: (الحديث) ليس في (ب).

(2) قوله: (فيه)، و (وهو) ليس في (ب).

1150 - المستدرك (4/ 557): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا عمرو بن عاصم الكلابي، ثنا عمران القطان، ثنا قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "المهدي منا أهل البيت، أشم الأنف، أقنى، أجلى، يملأ الأرض قسطاً وعدلًا كما ملئت جوراً وظلماً، يعيش هكذا"، وبسط يساره، وأصبعين من يمينه المسبحة، والِإبهام، وعقد ثلاثة.

تخريجه:

الحديث أخرجه أبو داود في سننه (4/ 474 - 475 رقم 4285) في المهدي، من طريق عمران، به، بلفظ: "المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً، وظلماً، ويملك سبع سنين".

وأخرجه بحشل في تاريخ واسط (ص 135) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عطاء بن عجلان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يقوم في آخر الزمان رجل من عترتي، حسن الوجه، أجلى الجبين، أقنى الأنف، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يملك كذا وكذا". =

(7/3458)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه نعيم بن حماد في الفتن، وأبو نعيم في "صفة المهدي"، والبيهقي في "البعث والنشور" -كما في "عقد الدر للسلمي" (ص 99 - 100)، و"العرف الوردي" للسيوطي (2/ 58 الحاوي) -.

وعزاه السلمي أيضاً للنسائي، ولعله في الكبرى، مع أني لم أجد في مظانه من تحفة الأشراف.

وأصل الحديث في صحيح مسلم (4/ 2235 رقم 68 و 69) في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل ... ، من طريق سعيد بن يزيد، وداود بن أبي هند، كلاهما عن أبي نضرة، به، ولفظ حديث سعد: "من خلفائكم خليفة يحثو المال حثياً، لا يعده عدداً".

ولفظ حديث داود: "يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال، ولا يعده".

ومن طريق سعيد أخرجه:

الِإمام أحمد في المسند (3/ 48 - 49 و 60).

وأبو يعلى في مسنده (2/ 470 رقم 1294).

ومن طريق داود أخرجه:

الإِمام أحمد أيضاً (3/ 5 و 38).

وأبو يعلى (2/ 421 رقم 1216).

وأخرجه الإِمام أحمد أيضاً (3/ 96) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، به بلفظ: "ليبعثن الله عز وجل في هذه الأمة خليفة يحثي المال حثياً، ولا يعده عداً".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: "عمران ضعيف، ولم يخرج له مسلم".

وهو عمران بن دَاوَر -بفتح الواو، بعدها راء-، أبو العوام القطان، =

(7/3459)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= البصري، وهو صدوق يهم، قاله البخاري، وقال الإمام أحمد: أرجو أن يكون صالح الحديث، ووثقه عفان، والعجلي، وابن شاهين، وابن حبان، وقال الساجي: صدوق، وقال أبو داود: ما سمعت إلا خيراً، وقال مرة: ضعيف، وفسر ذلك بأنه أفتى فتوى شديدة بسفك الدم، أقول: وليس ذلك بقادح، وقد رد الحافظ ابن حجر قول من وصفه بأنه كان حرورياً يرى السيف على أهل القبلة، وضعفه النسائي أيضاً، وقال ابن معين، ليس بالقوي، وقال مرة: ليس بشيء، لم يرو عنه يحيى بن سعيد، وقال الفلاّس: كان ابن مهدي يحدث عنه، وكان يحيى لا يحدث عنه، وقال الدارقطني: كان كثير المخالفة والوهم، وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه. اهـ.

من الكامل (5/ 1742 - 1743)، والتقريب (2/ 83 رقم 724)، والتهذيب (8/ 130 - 132 رقم 225)، ولم يرو له مسلم كما يتضح من التقريب، والتهذيب.

وفي الإسناد قتادة، وقد عنعن، وتقدم في الحديث (729) أنه ثقة مدلس من الثالثة.

وأما الطريق الأخرى التي أخرجها بحشل في تاريخ واسط، ففي سندها عطاء بن عجلان الحنفي وتقدم في الحديث (1027) أنه متروك.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الاسناد لتدليس قتادة، وما تقدم عن حال عمران القطان، والطريق الأخرى ضعيفة جداً لشدة ضعف عطاء بن عجلان.

وتقدم أن أصل الحديث في صحيح مسلم بسياق آخر، وأما هذا السياق، فصح عن أبي سعيد من طريق أخرى يرويها عنه أبو الصديق الناجي، وهي الآتية.

(7/3460)

1151 - حديث أبي سعيد مرفوعاً:

"تملأ الأرض جوراً، فيخرج من عترتي (1) ... " الحديث.

قلت: خرجه مسلم (2).

__________

(1) في (ب): (رجل من أمتي).

(2) قوله: (قلت: خرجه مسلم) كذا في (أ)، وفي (ب): (قلت: م)، وهي محتملة لموافقة ما في (أ)، ولـ: (على شرط مسلم)، وأما التلخيص المطبوع، والمخطوط، فإنه ذكر الحديث فيه، وسكت عنه، وفي المستدرك: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه).

وقوله: (خرجه مسلم) ليس بصحيح، فإن مسلماً لم يخرج الحديث.

1151 - المستدرك (4/ 558): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا أسد بن موسى، ثنا حماد بن سلمة، عن مطر، وأبي هارون، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "تملأ الأرض جوراً، وظلماً، فيخرج رجل من عترتي، فيملك سبعاً، أو تسعاً، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً". اهـ. وفي المستدرك المطبوع لم يذكر متن الحديث بتمامه، وفي سنده شيء من التصحيف، فأثبت الصواب من المخطوط.

تخريجه:

الحديث يرويه أبو الصديق الناجي، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-.

وله عن أبي الصديق تسع طرق:

* الطريق الأولى، والثانية: يرويها مطر الوراق، وأبو هارون العبدي، كلاهما عن أبي الصديق، به، وهي طريق الحاكم هذه.

وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (3/ 70) من طريق الحسن بن موسى، عن =

(7/3461)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= حماد بن سلمة، عن مطر، وأبي هارون، به مثله، ولم يذكر قوله: "كما ملئت جوراً وظلماً".

وأخرجه الإمام أحمد أيضاً (3/ 17) من طريق شيبان أبي معاوية.

وأبو يعلى في مسنده (2/ 367 رقم 1128) من طريق عدي بن أبي عمارة.

كلاهما عن مطر، به، بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي أجلى، أقنى، يملأ الأرض عدلًا كما ملئت قبله ظلماً، يكون سبع سنين"، وهذا لفظ أحمد، ولفظ أبي يعلى نحوه.

* الطريق الثالثة: يرويها مطرف المعلى، عن أبي الصديق.

أخرجه الإمام أحمد (3/ 28): ثنا عبد الصمد، ثنا حماد بن سلمة، أنا مطرف المعلى، به، بمثله، ولم يذكر أيضاً قوله: "ملئت ... ".

* الطريق الرابعة: يرويها عوف الأعرابي، عن أبي الصديق.

أخرجه الِإمام أحمد في المسند (3/ 36).

وأبو يعلى في مسنده (2/ 274 - 275 رقم 987).

كلاهما من طريق عوف، عن أبي الصديق، به نحوه.

* الطريق الخامسة: يرويها زيد العمي، عن أبي الصديق.

أخرجه الحاكم عقب هذا الحديث.

وأحمد في المسند (3/ 21 - 22 و 26 - 27).

والترمذي في سننه (6/ 487 رقم 2333) في الفتن، باب ما جاء في الهدي.

وابن ماجه (2/ 1366 - 1367 رقم 4083) في الفتن، باب خروج المهدي. =

(7/3462)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= جميعهم من طريق زيد، به، وأحد لفظي أحمد: "يكون في أمتي المهدي، فإن طال عمره، أو قصر عمره عاش سبع سنين، أو ثمان سنين، أو تسع سنين، يملأ الأرض قسطاً وعدلًا، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها".

وأما لفظ الحاكم، فقال فيه: "يكون في أمتي المهدي، إن قصر فسبع، وإلا فتسع، تنعم أمتي فيه نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتي الأرض أكلها، ولا تدخر عنهم شيئاً، والمال يومئذ كدوس، يقوم الرجل، فيقول: يا مهدي أعطني، فيقول: خذ".

ولفظ ابن ماجه مثل لفظ الحاكم، ولفظ أحمد الآخر، ولفظ الترمذي نحو لفظ الحاكم.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه، عن أبي سعيد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

* الطريق السادسة: يرويها العلاء بن بشير، عن أبي الصديق، به بلفظ: "أبشركم بالمهدي، يبعث في أمتي على اختلاف من الناس، وزلازل، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء، وساكن الأرض، يقسم المال صحاحاً"، فقال له رجل: ما صحاحاً؟ قال: "بالسوية بين الناس -قال:- ويملأ الله قلوب أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- غنى، ويسعهم عدله، حتى يأمر منادياً، فينادي، فيقول: من له في مالٍ حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل، فيقول: ائت السادن -يعني الخازن-، فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالًا، فيقول له: احث، حتى إذا جعله في حجره، وأبرزه، ندم، فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفساً، أو عجز عني ما وسعهم؟! قال: فيرده، فلا يقبل منه، فيقال له: إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه، فيكون كذلك سبع سنين، أو ثمان سنين، أو تسع سنين، ثم لا خير من العيش بعده، أو قال: ثم لا خير في الحياة بعده". =

(7/3463)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أخرجه الِإمام أحمد في المسند (3/ 37 و 52) من طريق المعلى بن زياد المعولي، عن العلاء بن بشير، به.

* الطريق السابعة: يرويها معاوية بن قرة، عن أبي الصديق، به بلفظ:

"ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، لم يسمع بلاء أشد منه، حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة، حتى تملأ الأرض جوراً وظلماً، لا يجد المؤمن ملجأً يلتجي إليه من الظلم، فيبعث الله عز وجل رجلاً من عترتي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلًا، كما ملئت ظلماً وجوراً، يرضى عنه ساكن السماء، وساكن الأرض، لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلا أخرجته، ولا السماء من قطرها شيئاً إلا صبه الله عليهم مدراراً، يعيش فيهم سبع سنين، أو ثمان، أو تسع، تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خير".

أخرجه الحاكم (4/ 465).

وعبد الرازق في جامع معمر الملحق بمصنفه (11/ 371 - 372 رقم 20770).

أما الحاكم فمن طريق عمر بن عبيد الله العدوي، وأما عبد الرزاق فمن طريق أبي هارون، كلاهما عن معاوية بن قرة، به، واللفظ للحاكم، ولفظ عبد الرزاق نحوه، قال الحاكم: "صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله: "سنده مظلم"، وهو من الأحاديث التي فات ابن الملقن إيرادها.

* الطريق الثامنة: يرويها سليمان بن عبيد، عن أبي الصديق، به بلفظ: "يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً، أو ثمانياً -يعني: حججاً-".

أخرجه الحاكم قبل هذا الحديث، وقال: "صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. =

(7/3464)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= * الطريق التاسعة: يرويها أبو واصل، عن أبي الصديق عن الحسن بن يزيد السعدي أحد بني بهدلة، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسِول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يخرج رجل من أمتي يقول بسنَّتي، ينزل الله عز وجل له القطر من السماء، وتخرج له الأرض من بركتها، تملأ الأرض منه قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يعمل على هذه الأمة سبع سنين، وينزل بيت المقدس".

أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 47 رقم 1079).

ومن طريقه الضياء المقدسي في "فضائل بيت المقدس" (ص 72 رقم 44).

قال الطبراني عقبه: "روى هذا الحديث جماعة عن أبي الصدّيق، فلم يُدخل أحد ممن رواه بينه وبين أبي سعيد أحداً، إلا أبو واصل".

وقال الهيثمي في المجمع (7/ 317): "فيه من لم أعرفهم".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي، وفي نسخة ابن الملقن: "خرَّجه مسلم".

أقول: ولم يخرجه مسلم.

وأما الحديث بسند الحاكم هذا، فيرويه مطر الوراق، وأبو هارون العبدي، كلاهما عن أبي الصديق الناجي.

أما أبو هارون العبدي، فاسمه. عمارة بن جوين، وتقدم في الحديث (1029) أنه: شيعي كذاب.

وأما مطر الوراق، فتقدم في الحديث (878) أنه: صدوق كثير الخطأ.

وقد جاء الحديث من طرق أخرى غير طريق مطر هذه، ومنها: الطريق الرابعة التي يرويها عوف الأعرابي.

(7/3465)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وعوف تقدم في الحديث (962) أنه: ثقة رمي بالقدر والتشيع.

ورواه عن عوف اثنان:

1 - محمد بن جعفر غندر، وهو ثقة تقدم ذلك في الحديث (667)، وعن غندر هذا رواه الِإمام أحمد في المسند.

2 - الراوي عن عوف عند أبي يعلى، هو يحيى بن سعيد القطان، تقدم في الحديث (911) أنه: ثقة متقن حافظ، إمام قدوة.

وعن يحيى رواه زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة النسائي، وهو ثقة ثبت من شيوخ البخاري ومسلم، وروى عنه مسلم أكثر من ألف حديث -كما في التقريب (1/ 264 رقم 73) -، وانظر الجرح والتعديل (3/ 591 رقم 2680)، والتهذيب (3/ 342 - 344 رقم 637).

وعن زهير رواه أبو يعلى.

وأما الراوي للحديث عن أبي سعيد، فهو أبو الصديق الناجي، واسمه بكر بن عمرو، وقيل: ابن قيس، وهو ثقة من رجال الجماعة -كما في التقريب (1/ 106 رقم 122) -، وانظر الجرح والتعديل (2/ 390 رقم 1518)، والتهذيب (1/ 486 رقم 894).

الحكم علي الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف مطر الوراق من قبل حفظه، وهو صحيح لغيره بالطرق الأخرى، ومنها الطريق الرابعة التي رواها أحمد، وأبو يعلى، وسندها صحيح كما يتضح من دراسة الإِسناد، والله أعلم.

(7/3466)

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

مختصرُ استدرَاك الحافِظ الذّهبي على مُستدرَك أبي عبد اللهِ الحَاكم

كتاب الأهْوال

1152 - حديث أبي هريرة مرفوعاً:

"إن طَرْف صاحب الصُّور مذ وكل به مستعدّ ينظر نحو العرش، مخافة أن يؤمر قبل أن يرتدَّ إليه طرفه، كأن عينيه كوكبان دُرِّيان" (1).

قال: صحيح.

قلت: على شرط مسلم (2).

__________

(1) من قوله: (مذ وكل به) إلى هنا ليس في (ب).

(2) في (أ) قال: (على شرط مسلم والنسائي).

1152 - المستدرك (4/ 558 - 559): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن هشام بن ملاس النمري، ثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، ثنا يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في الأهوال -كما في النهاية لابن كثير (1/ 213) -، من طريق مروان بن معاوية، وعبد الواحد بن زياد، كلاهما عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، به نحوه. وذكر الحافظ ابن حجر الحديث في الفتح (11/ 368) وحسن إسناده من طريق الحاكم. =

(7/3467)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله: "على شرط مسلم".

وفي سنده مروان بن معاوية الفزاري وتقدم في الحديث (960) أنه ثقة حافظ من رجال الجماعة، إلا أنه مدلس من الثالثة، ويدلس أيضاً تدليس الشيوخ، وقد عنعن هنا، وليس هو من شيوخ مسلم.

وأما الذي في طبقة شيوخ مسلم، فهو الراوي عن مروان هذا، واسمه: محمد بن هشام بن ملاس النمري، الدمشقي، أبو جعفر، وهو صدوق -كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 116 رقم 519)، لكنه ليس من رجال الكتب الستة، فضلاً عن أن يكون مسلم قد روى عنه.

ولم ينفرد مروان بن معاوية بالحديث عن عبيد الله بن عبد الله الأصم، بل تابعه عند ابن أبي الدنيا: عبد الواحد بن زياد العبدي، مولاهم، وهو ثقة من رجال الجماعة، إلا في حديثه عن الأعمش، ففيه مقال، وليس هذا الحديث من روايته عن الأعمش. / التقريب (1/ 526 رقم 1383)، والجرح والتعديل (6/ 20 - 21 رقم 108)، والتهذيب (6/ 434 - 435 رقم 912).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لتدليس مروان الفزاري، وليس هو على شرط مسلم على مراد الذهبي، لأن مروان ليس من شيوخ مسلم، فبينه وبينه واسطة، والراوي عنه هنا محمد بن هشام بن ملاس، ولم يخرج له مسلم، ولم ينفرد مروان بالحديث كما سبق، بل تابعه عبد الواحد بن زياد، وتقدم أنه: ثقة، لكن شيخ ابن أبي الدنيا هنا اسمه عبد الله بن جرير، ولم أعرفه، وذكر الذهبي في الميزان (2/ 400): عبد الله بن جرير الذي يروي عن ابن نمير، وهو في طبقة شيخ ابن أبي الدنيا، فلست أدري، أهو هو، أم لا؟

فإذا لم يتبين من حال هذا الشيخ ما يمنع من الاعتبار بروايته، فالحديث يكون حسناً لغيره بمجموع هذين الطريقين، والله أعلم.

(7/3468)

1153 - حديث ابن عباس مرفوعاً:

"كيف أنعم، وصاحب الصور قد التقم القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه؟ قالوا: وكيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبنا الله، ونعم الوكيل، على الله توكلنا" (1).

قلت: فيه عطية وهو ضعيف (2).

__________

(1) من قوله: (قد التقم) إلى هنا ليس في (ب).

(2) في (ب): (قلت: عطية ضعيف).

1153 - المستدرك (4/ 559)، هذا الحديث سقط من سنده في المستدرك المطبوع بعض رجال الِإسناد، وأشار لذلك المحقق في الهامش، وأثْبَتُّ السقط من المخطوط.

قال الحاكم: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد القرشي بالكوفة، ثنا الحسين بن علي العامري، ثنا أسباط بن محمد القرشي، ثنا مطرف بن طريف الحارثي، عن عطية، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله عز وجل:

{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ (101)} [المؤمنون: 101].

قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "كيف أنعم، وصاحب الصور قد التقم القرن، وحنى جبهته، وأصغى بسمعه ينتظر متى يؤمر؟ " قال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: كيف نقول يا رسول الله؟ قال: "قولوا: حسبنا الله، ونعم الوكيل، على الله توكلنا".

وقد سقط من المطبوع أيضاً كلام الحاكم عن هذا الحديث، وحديث آخر أورده الحاكم عقبه وها أنا أثبته من المخطوط.

قال الحاكم عقب الحديث السابق: "مدار هذا الحديث على عطية بن سعد العوفي -رحمه الله-، وهو كبير المحل في أقرانه من التابعين، ولم يخرج عنه الشيخان -رضي الله عنهما- في الصحيحين. =

(7/3469)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وقد حدثنا أبو بكر بن إسحاق، وعلي بن حمشاذ العدل، قالا: ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان، ثنا مطرف، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وأصغى بسمعه، وحنى جبينه، ينتظر أن يؤمر، فينفخ؟ " فقال المسلمون: فماذا نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا: "حسبنا الله، ونعم الوكيل، على الله توكلنا"، وقد كتبناه من حديث الأعمش، عن أبي صالح عن أبي لسعيد". اهـ. ثم ساقه، وهو الحديث الآتي.

تخريجه:

الحديث أخرجه الِإمام أحمد في المسند (1/ 326).

وابن جرير في التفسير (29/ 150 - 151).

والطبراني في الكبير (12/ 128 رقم 12670 و 12671).

وابن أبي حاتم في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (4/ 441) -.

جميعهم من طريق مطرف، عن عطية، به نحوه.

وأخرجه ابن جرير (ص 151) من الموضع السابق من طريق محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي، ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، به نحوه.

وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 131) وعزاه للطبراني في الكبير فقط، ثم قال: "فيه عطية، وهو ضعيف".

وذكره أيضاً (10/ 331) وقال: "رواه أحمد، والطبراني في الأوسط باختصار، عنه، وفيه عطية العوفي، وهو ضعيف، وفيه توثيق لين".

وضعفه الشيخ أحمد شاكر في حاشية المسند (5/ 7) لأجل عطية. =

(7/3470)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الِإسناد:

الحديث أعله الذهبي بقوله: "عطية ضعيف".

وعطية هذا هو ابن سعد العوفي، وتقدم في الحديث (777) أنه: ضعيف، ومدلس من الرابعة، وقد عنعن هنا.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف عطية، وتدليسه، وهو صحيح لغيره بالطرق الأخرى الآتي ذكرها في الحديث الآتي.

(7/3471)

1154 - قال: وعن أبي سعيد مرفوعاً نحوه.

قلت: فيه أبو يحيى (التيمي) (1)، وهو واه.

__________

(1) في (أ): (الجماني) -بالجيم-، وفي (ب): (الحماني) -بالحاء -، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

1154 - المستدرك (4/ 559)، هذا الحديث كسابقه سقط من سنده في المطبوع بعض رجال الِإسناد، وأشار لذلك المحقق في الهامش، وأثبت السقط من المخطوط.

وتقدم أن الحاكم ذكر الحديث من طريق عطية، عن أبي سعيد، ثم قال عقبه: "وقد كتبناه من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد"، ثم ساقه، فقال: حدثناه أبو علي الحافظ، أخبرنا الإمام أبو بكر بن إسحاق، وعلي بن العباس البجلي، قالا: ثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج، ثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيمي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "كيف أنعم، وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته، وأصغى بسمعه، ينتظر متى يؤمر، فينفخ؟ " قلنا: يا رسول الله، فكيف نقول؟ قال: "قولوا: حسبنا الله، ونعم الوكيل، توكلنا على الله".

قال الحاكم عقبه: "لم نكتبه من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، إلا بهذا الِإسناد، ولولا أن أبا يحيى التيمي على الطريق، لحكمت للحديث بالصحة على شرط الشيخين -رضي الله عنهما-.

ولهذا الحديث أصل من حديث زيد بن أسلم، عن بن يسار، عن أبي سعيد". اهـ. ثم ساقه، وهو الحديث الآتي.

تخريجه:

الحديث له عن أبي سعيد -رضي الله عنه- طريقان:

* الأولى: يرويها الأعمش، عن أبي صالح، عنه -رضي الله عنه-. =

(7/3472)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وله عن الأعمش -رحمه الله- ثلاث طرق:

1 - يرويها أبو يحيى التيمي، وهي طريق الحاكم هذه.

2 - يرويها جرير.

أخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 339 - 340 رقم 1084).

وابن أبي الدنيا في الأهوال -كما في النهاية لابن كثير (1/ 212) -.

وابن حبان في صحيحه (ص 637 رقم 2569).

ثلاثتهم من طريق عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، رفعه بنحوه.

3 - يرويها أبو مسلم قائد الأعمش، عن الأعمش، به نحوه.

أخرجه الخطيب في تاريخه (3/ 363).

* الطريق الثانية: يرويها عطية العوفي، عن أبي سعيد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، به نحوه، وهي الطريق التي أخرجها الحاكم من طريق الحميدي، وليست في المستدرك المطبوع، وسبق ذكرها بتمامها من المخطوط في الحديث السابق.

والحميدي أخرج الحديث في مسنده (2/ 332 - 333 رقم 754).

وأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 557 رقم 1597).

وأحمد في المسند (3/ 7 و 73).

وعبد بن حميد في مسنده (ص 170 رقم 884).

والترمذي في سننه (7/ 118 رقم 2548) في صفة القيامة، باب ما جاء في الصور، و (9/ 115 - 116 رقم 3294) في تفسير سورة الزمر من كتاب التفسير.

وأبو يعلى في مسند أبي هريرة من مسنده -كما في النهاية لابن كثير (1/ 212) -. =

(7/3473)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والطبراني في الصغير (1/ 24).

وأبو نعيم في الحلية (5/ 105) و (7/ 130 و 312).

والبيهقي في "شعب الِإيمان" (1/ 235).

والخطيب في تاريخه (3/ 363).

والبغوي في شرح السنة (15/ 102 - 103 رقم 4298 و 4299).

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، وتوقف عن الحكم على الحديث بالصحة لوجود أبي يحيى التيمي في سنده، فتعقبه الذهبي بقوله: "أبو يحيى واه".

وأبو يحيى هذا اسمه إسماعيل بن إبراهيم الأحول، أبو يحيى التيمي، الكوفي، وهو ضعيف -كما في التقريب (1/ 66 رقم 481) -، وانظر الجرح والتعديل (2/ 155 رقم 514)، والتهذيب (1/ 281 رقم 518).

ولم ينفرد أبو يحيى هذا بالحديث، بل تابعه عليه جرير، وأبو مسلم قائد الأعمش.

وطريق جرير تقدم أنه رواها أبو يعلى، وابن أبي الدنيا، وابن حبان، جميعهم من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد.

وأبو صالح السمان اسمه ذكوان، وتقدم في الحديث (874) أنه: ثقة ثبت من رجال الجماعة.

وسليمان بن مهران الأعمش تقدم في الحديث (712) أنه: ثقة حافظ ورع، من رجال الجماعة أيضاً.

وجرير بن عبد الحميد تقدم في الحديث (681) أنه: ثقة من رجال الجماعة. =

(7/3474)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وعثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبْسي، أبو الحسن بن أبي شيبة تقدم في الحديث (1058) أنه ثقة حافظ شهير، له أوهام، وهو من رجال الشيخين.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف أبي يحيى التيمي، وهو صحيح لغيره بالطريق الأخرى التي رواها جرير بن عبد الحميد، وسندها صحيح، رجاله رجال الشيخين -كما سبق-، وكذا قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (3/ 67).

(7/3475)

1155 - حديث أبي سعيد مرفوعاً:

"ما من صباح إلا وملكان يناديان، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً" الحديث (1).

قلت: فيه خارجة وهو ضعيف (2).

__________

(1) من قوله: (وملكان يناديان) إلى هنا ليس في (ب).

(2) في (ب): (قلت: خارجة ضعيف).

1155 - المستدرك (4/ 559): تقدم في الحديث السابق أن الحاكم قال عقبه: "ولهذا الحديث أصل من حديث زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد"، ثم قال: حدثنا علي بن عيسى الحيري، ثنا محمد بن عمرو بن النضر بن عمرو الجرشي، وجعفر بن محمد بن الحسين، قالا: ثنا يحيى بن يحيى، أنبأ خارجة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "ما من صباح إلا وملكان يناديان، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً، وملكان موكلان بالصور، ينتظران متى يؤمران فينفخان، وملكان يناديان، يقول أحدهما: ويل للرجال من النساء، ويقول الآخر: ويل للنساء من الرجال".

قال الحاكم عقبه: "تفرد به خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم".

تخريجه:

الحديث أخرجه البزار في مسنده (4/ 153 رقم 3424) من طريق وكيع بن الجراح، عن خارجة، به مثل لفظ الحاكم، وعنده زيادة.

والحديث أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده -كما في "مصباح الزجاجة" للبوصيري (4/ 181) -، من طريق وكيع، عن خارجة، به =

(7/3476)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= بلفظ: "ما من صباح إلا وملكان يناديان: ويل للرجال من النساء، وويل للنساء من الرجال".

ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه عبد بن حميد في مسنده (ص 183 رقم 961).

وابن ماجه في سننه (2/ 1325 رقم 3999).

وابن عدي في الكامل (3/ 922).

وأخرجه ابن ماجه في الموضع نفسه من طريق علي بن محمد، وابن عدي (ص 923) من طريق موسى بن خالد بن الريان، كلاهما، عن وكيع، به مثل لفظ ابن أبي شيبة.

قال البزار عقبه: "لا نعلم رواه بهذا الإسناد إلا خارجة، وهو صالح".

وقال البوصيري في الموضع السابق: "هذا إسناد فيه خارجة، وهو ضعيف".

وقال الهيثمي في المجمع (10/ 331): "فيه خارجة بن مصعب الخراساني، وهو ضعيف جداً، وقال يحيى بن يحيى: مستقيم الحديث، وبقية رجاله ثقات".

دراسة الِإسناد:

الحديث أعله الذهبي بقوله: "خارجة ضعيف".

وخارجة هذا هو ابن مصعب بن خارجة الضبعي وتقدم في الحديث (520) أنه متروك.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لشدة ضعف خارجة.

وأما قوله: "ما من صباح إلا وملكان يناديان، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً، فهذا الجزء من الحديث أخرجه: =

(7/3477)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= البخاري في صحيحه (3/ 304 رقم 1442) في الزكاة، باب قول الله تعالى:

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ... (5)} (الآية 5 من سورة الليل).

ومسلم (2/ 700 رقم 57) في الزكاة، باب في المنفق والممسك.

كلاهما من حديث أبي هريرة، مرفوعاً بنحوه.

وأما قوله: "وملكان موكلان بالصور، ينتظران متى يؤمران، فينفخان"، فثبت في الأحاديث الثلاثة السابقة أن الموكل بالصور ملك واحد، لا اثنان، وهذا مما يؤكد ضعف هذا الحديث بتلك الزيادة، ولم أجد للفظه الأخير ما يشهد له، أو ينفيه، إلا أن التحذير من فتنة النساء ثابت في أحاديث صحيحة أخرى، تقدم بعضها في تخريج الحديث رقم (1129).

(7/3478)

1156 - حديث لقيط بن عامر:

أنه (1) خرج وافداً إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ومعه نَهيك بن مالك بن عاصم بن المنتفق (2) ... ، الحديث بطوله.

قال: صحيح رواته مدنيون.

قلت: فيه يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري، وهو ضعيف (3)، ولا ينبغي أن يدخل هذا في الصحاح؛ لنكارته، وجهالة دَلْهم بن الأسود المذكور فيه (4).

__________

(1) قوله: (أنه) ليس في أصل (ب)، ومعلق بهامشها مع الِإشارة لدخوله في الصلب.

(2) من قوله: (إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-) إلى هنا ليس في (ب).

(3) في (ب): (قلت: فيه يعقوب بن محمد الزهري ضعيف).

(4) قوله: (ولا ينبغي أن يدخل هذا ... ) إلخ ليس في التلخيص المطبوع، ولا المخطوط، وما أثبته من (أ) و (ب)، والذي يظهر أنه من زيادات ابن الملقن.

1156 - المستدرك (4/ 560 - 564): أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي، ثنا محمد بن سعد العوفي، ثنا يعقوب بن عيسى، ثنا عبد الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم بن الأسود، عن عبد الله بن حاجب بن عامر، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر، أنه خرج وافداً إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ومعه نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال: فقدمنا المدينة لانسلاخ رجب، فصلينا معه صلاة الغداة، فقام رسول الله -صلَّى الله عليه وآله وسلم- في الناس خطيباً، فقال: "يا أيها الناس، إني قد خبَّأت لكم صوتي منذ أربعة =

(7/3479)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أيام؛ لأسمعكم، فهل من امريء بعثه قومه، قالوا: أعلم لنا ما يقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه، أو حديث صاحبه، أو يلهيه الضلال، ألا إني مسؤول: هل بلَّغت؟ ألا فاسمعوا تعيشوا، ألا فاسمعوا تعيشوا، ألا إجلسوا، فجلس الناس، وقمت أنا وصاحبي، حتى إذا فرغ لنا فؤاده، وبصره، قلت: يا رسول الله، إني أسألك عن حاجتي، فلا تعجلن علي، قال: "سل عما شئت"، قلت: يا رسول الله، هل عندك من علم الغيب؟ فضحك لعمر الله، وهز رأسه، وعلم أني ابتغي بسقطه، فقال: "ضن ربك بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله"، وأشار بيده، فقلت: وما هن يا رسول الله؟ قال: "علم المنيَّة، قد علم متى منية أحدكم، ولا تعلمونه، وعلم يوم الغيث، يشرف عليكم آزلين مشفقين فظل يضحك، وقد علم أن فرجكم قريب"، قال لقيط: قلت: يا رسول الله، لن نعدم من رب يضحك خيراً، "وعلم ما في غد، وقد علم ما أنت طاعم في غد، ولا تعلمه، وعلم يوم الساعة،، قال وأحسبه ذكر ما في الأرحام، قال فقلنا: يا رسول الله، علِّمنا مما تُعَلِّم الناس، وما تعلم، فإنا من قبيل لا يصدقون تصديقنا من مذحج التي تربو علينا، وخَثْعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها، قال: "تلبثون ما لبثتم، ثم يتوفى نبيكم، ثم تلبثون ما لبثتم، ثم تبعث الصيحة، فلعمر إلهك، ما تدع على ظهر الأرض شيئاً إلا مات، والملائكة الذين مع ربك، فخلت الأرض، فأرسل ربك السماء تهضب من تحت العرش، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل، ولا مدفن ميت، إلا شقت القبر عنه، حتى يخلقه من قبل رأسه، فيستوي جالساً يقول ربك: مهيم، فيقول: يا رب أمس؛ لعهده بالحياة، يحسبه حديثاً بأهله"، فقلت: يا رسول الله، كيف يجمعنا بعدما تمزقنا الرياح، والبِلى، والسباع؟ قال: "أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله: الأرض أشرفت عليها مدرة بالية، فقلت: لا تحيى أبداً، فأرسل ربك عليها السماء، فلم تلبث عليها أياماً، حتى أشرفت عليها، فإذا هي شربة واحدة، ولعمر إلهك، لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء، على أن =

(7/3480)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= يجمع نبات الأرض، فتخرجون من الأجداث، من مصارعكم، فتنظرون إليه ساعة، وينظر إليكم"، قال قلت: يا رسول الله، كيف وهو شخص واحد، ونحن ملأ الأرض، ننظر إليه وينظر إلينا؟ قال: "أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله: الشمس والقمر. آية منه قريبة صغيرة، ترونهما في ساعة واحدة، ويريانكم، ولا تضامون في رؤيتهما، ولعمر إلهك، لهو على أن يراكم وترونه، أقدر منهما على أن يريانكم وترونهما"، قلت: يا رسول الله، فما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه؟ قال: "تعرضون عليه، بادية له صفحاتكم، ولا تخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك بيده غرفة من الماء، فينضح بها قبلكم، فلعمر إلهك، ما تخطي وجه واحد منكم قطرة، فأما المؤمن فتدع وجهه مثل الرَّيْطة البيضاء، وأما الكافر، فتخطمه بمثل الحمم الأسود، ثم ينصرف نبيكم -صلى الله عليه وآله وسلم-، فيمر على أثره الصالحون، -أو قال: ينصرف على أثره الصالحون، قال فيسلكون جسراً من النار يطأ أحدكم الجمرة، فيقول: حس، فيقول: ربك: أو إنه، قال: فيطلعون على حوض الرسول على أظما والله ناهلة، ما رأيتها قط، لعمر إلهك، ما يبسط -أو قال: ما يسقط- واحد منكم يده، إلا وضع عليها قدح يطهره من الطوف، والبول، والأذى، وتخلص الشمس والقمر -أو قال: تحبس الشمس والقمر-، فلا ترون منهها واحداً"، فقلت: يا رسول الله، فبم نبصر يومئذ؟ قال: "مثل بصر ساعتك هذه، وذلك في يوم أسفرته الأرض وواجهت به الجبال"، قلت: يا رسول الله، فبم نجازى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال: "الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها، أو تغفر"، قلت: يا رسول الله، فما الجنة وما النار؟ قال: "لعمر إلهك، إن الجنة لها ثمانية أبواب، ما منهن بابان إلا وبينهما مسيرة الراكب سبعين عاماً، وإن للنار سبعة أبواب، ما منهن بابان إلا وبينهما مسيرة الراكب سبعين عاماً"، قلت: يا رسول الله، على ما يطلع من الجنة؟ قال: "أنهار من عسل مصفى، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من كأس مالها صداع، ولا ندامة، ومن ماء غير آسن، وبفاكهة، لعمر إلهك ما تعلمون، وخير من مثله معه، أزواج مطهرة"، قلت: يا رسول الله، أو لنا فيها أزواج =

(7/3481)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= مصلحات؟ قال: "الصالحات للصالحين، تلذذونهن مثل لذاتكم في الدنيا، ويلذذن بكم، غير أن لا توالد"، قلت: يا رسول الله، هذا أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه، ثم قلت: يا رسول الله، على ما أبايعك، قال: فبسط يده، وقال: "على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإياك والشرك، لا تشرك بالله شيئاً، أو لا تشرك مع الله غيره"، فقلت: وإن لنا ما بين المشرق والمغرب، فقبض وبسط أصابعه، وظن أني مشترط شيئاً لا يعطينيه، فقلت: نحل منها حيث شئنا، ولا يجني امرؤ إلا على نفسه، قال: ذلك لك، حل منها حيث شئت، ولا تجن عليك إلا نفسك، فبايعناه، ثم انصرفنا، فقال: "إن هذين لعمر إلهك من أصدق الناس، وأتقى الناس لله في الأول والآخر"، فقال كعب بن فلان -أحد بني بكر بن كلاب-: من هم يا رسول الله؟ قال: "بنو المنتفق"، فأقبلت عليه، فقلت: يا رسول الله، هل أحد ممن مضى منا في جاهلية من خير؟ فقال رجل من عرض قريش: إن أباك المنتفق في النار، فكأنه وقع حر بين جلدي، ووجهي، ولحمي؛ مما قال لأبي على رؤوس الناس، فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول الله، ثم نظرت، فإذا الآخرى أجمل، فقلت: وأهلك يا رسول الله، قال: "وأهلي، لعمر الله ما أتيت عليه من قبر قريش، أو عامري، مشرك، فقل: أرسلني إليك محمد، فأبشر بما يسؤك، تجر على وجهك وبطنك في النار"، فقلت: فبم أفعل ذلك بهم يا رسول الله، وكانوا على عمل يحسبون أن لا دين إلا إياه، وكانوا يحسبونهم مصلحين؟ قال: "ذلك بأن الله بعث في آخر على سبع أمم نبياً، فمن أطاع نبيه كان من المهتدين، ومن عصى نبيه كان من الضالين".

قال الحاكم: "هذا حديث جامع في الباب، صحيح الإسناد، كلهم مدنيون، ولم يخرجاه".

تخريجه:

هذا الحديث مداره على دلهم بن الأسود. =

(7/3482)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ودلهم يرويه من طريقين:

* الطريق الأولى: في سندها اختلاف بين دلهم ولقيط.

فالحاكم أخرجه هنا من طريق يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري، عن عبد الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم بن الأسود، عن عبد الله بن حاجب بن عامر، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر.

كذا جاء في المستدرك وتلخيصه المطوعين.

وأما في المخطوطين فهكذا: يعقوب، عن عبد الرحمن بن المغيرة، عن دلهم بن الأسود، عن عبد الله بن الأسود بن عامر اليحصبي، عن عمه لقيط بن عامر، به.

وسياق المطبوع هو الأقرب لما في بقية المصادر، مع وجود الاختلاف الذي سيأتي بيانه، وسياق المطبوع هذا يوافقه ما ذكره ابن حجر -رحمه الله- في الِإصابة (5/ 687) في ترجمة لقيط بن عامر، حيث قال: "ومن حديثه ما أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند، وأبو حفص بن شاهين، والطبراني، من طريق عبد الرحمن بن عياش الأنصاري، ثم السمعي، عن دلهم بن الأسود، عن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر ... ". اهـ.

قلت: أما إسناد ابن شاهين، فلم أطلع عليه. وأما إسناد عبد الله بن أحمد، والطبراني، فليس كما ذكر ابن حجر، وسيأتي بيان ذلك.

والحديث أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (ص 186 - 190) من طريق يعقوب الزهري، عن الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم بن الأسود، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر، به بطوله هكذا ولم يذكر عبد الله بن حاجب، فأصبح الحديث من رواية دلهم، عن أبيه، لا عن عبد الله بن حاجب.

وأخرجه البخاري في تاريخه (3/ 249 - 250). =

(7/3483)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (4/ 13 - 14).

وفي السنة (2/ 155 - 158).

ومن طريقه ابن كثير في النهاية (1/ 244 - 251).

كلاهما من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، عن عبد الرحمن بن المغيرة، به، بمثل إسناد ابن خزيمة السابق، ولم يذكر البخاري متنه بتمامه، وأما عبد الله فساقه في كلا الموضعين بطوله، وابن كثير من طريقه بطوله.

وأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب "السنة" (1/ 231 و286 - 289 رقم 524 و636)، من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم بن الأسود، عن جده عبد الله، عن عمه لقيط بن عامر، به بطوله في الموضع الثاني، ومختصراً في الأول، هكذا عن عبد الله جد دلهم، عن عمه لقيط، ولم يقل عن أبيه، عن عمه كما ذكر الحاكم.

وأخرجه أبو داود في سننه (3/ 577 - 578 رقم 3266) في الأيمان والنذور، باب ما جاء في يمين النبي -صلى الله عليه وسلم-، ما كانت؟

قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد الملك بن عياش السمعي، الأنصاري، عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر، فذكره مختصراً.

هكذا في السنن، وهكذا ذكره المزي في تحفة الأشراف (8/ 333 - 334 رقم 11177)، بإسقاط عبد الرحمن بن المغيرة، وتسمية عبد الرحمن بن عياش: (عبد الملك بن عياش)، وقد نبَّه المزي -رحمه الله- على هذا الاختلاف، فقال عقبه: "هكذا وجدت هذا الحديث في باب لغو اليمين، في نسخة ابن كردوس، بخطه، من رواية أبي سعيد بن الأعرابي، وفي أوله: "حدثنا أبو داود، حدثنا الحسن بن علي"، وأخشى أن يكون من =

(7/3484)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= زيادات ابن الأعرابي، فإني لم أجده في باقي الروايات، ولم يذكره أبو القاسم، والله أعلم. وقد وقع فيه وهم في غير موضع، رواه غير واحد، عن إبراهيم بن حمزة الزبيري، عن عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن عبد الرحمن بن عياش السمعي، عن دلهم، عن أبيه، عن جده، عن عمه لقيط بن عامر، وعن دلهم، عن أبيه، عن عاصم بن لقيط، وتابعه (أي ابن حمزة) إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد الرحمن بن المغيرة". اهـ. وأكد ذلك في تهذيب الكمال (2/ 810)، فقال: "ووقع في الأصل الذي نقلت منه، وهو بخط أبي يعلى بن كردوس، ما صورته: "حدثنا أبو داود، حدثنا الحسن بن علي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد الملك بن عياش السمعي، عن دلهم بن الأسود، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر"، وفي ذلك وهم، وإسقاط، والصواب ما كتبناه، وهو حديث مشهور بهذا الِإسناد، رواه غير واحد، عن إبراهيم بن حمزة الزبيري، وعن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد الرحمن بن المغيرة". بن عبد الرحمن الحزامي، عن عبد الرحمن بن عياش، وهكذا قيده الأمير أبو نصر بن ماكولا، وقال فيه بعض الرواة: عبد الرحمن بن العباس، فالله أعلم، وقد وقع لنا حديثه عالياً جداً ... "، ثم رواه من طريق الطبراني، وفيه: "عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق، عن جده ... "، ثم قال المزي: "هكذا وقع في هذه الرواية: "عن دلهم، عن جده"، والمحفوظ: "عن أبيه، عن جده" -كما تقدم التنبيه عليه". اهـ.

قلت: وقد جاء الحديث في بعض نسخ سنن أبي داود على الصواب هكذا: "إبراهيم بن حمزة، ثنا عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي، ثنا عبد الرحمن بن عياش السمعي"، نبه على ذلك السهارنفوري -رحمه الله- في بذل المجهود (14/ 231 - 233).

* الطريق الثانية: يرويها دلهم بن الأسود، عن أبيه الأسود، عن عاصم بن لقيط بن عامر، أن لقيط بن عامر ... الحديث بطوله. =

(7/3485)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أخرجه مقروناً بالرواية السابقة: البخاري في تاريخه، وعبد الله بن أحمد في كلا الموضعين، ومن طريقه ابن كثير في النهاية، وأخرجه ابن أبي عاصم، وأبو داود.

جميعهم بهذا الِإسناد، لا اختلاف فيه، مقروناً بالرواية السابقة.

وأخرجه بطوله الطبراني في الكبير (19/ 211 - 214 رقم 477) من طريق مصعب بن إبراهيم بن حمزة الزبيري، وعبد الله بن الصقر العسكري، قالا: ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، فذكره عن دلهم بن الأسود، عن عاصم بن لقيط، بإسقاط الأسود والد دلهم من الِإسناد، وأغلب ظني أنه خطأ من الطباعة، فإن الطبراني رواه على الصواب، موافقاً لرواية السابقين، فقد أخرجه المزي في تهذيب الكمال (2/ 810) من طريقه هذه، على الصواب.

وذكر القرطبي الحديث في التذكرة (ص 213)، وعزاه للطيالسي في مسنده، ولم أجده في المطبوع منه.

وذكره ابن كثير في البداية (5/ 800 - 830)، وعزاه للبيهقي في البعث والنشور.

وذكره ابن القيم في زاد المعاد (3/ 673 - 678)، وفي حادي الأرواح (ص 192 - 196)، وعزاه أيضاً للحافظ أبي أحمد العسال في كتاب "المعرفة"، ولأبي الشيخ في كتاب "السنَّة"، ولابن مندة، وابن مردويه، وأبي نعيم.

وعزاه الحافظ ابن حجر في الِإصابة (5/ 687) لابن شاهين.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري ضعيف".

ويعقوب هذا تقدم في الحديث (622) أنه: صدوق كثير الوهم، لكنه =

(7/3486)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= لم ينفرد بالحديث، بل تابعه عليه إبراهيم بن حمزة الزبيري، وابراهيم بن المنذر الحزامي -كما سبق-، فكان ينبغي للمتعقب إعلال الحديث بالعلل الأخرى الآتية:

1 - عبد الرحمن بن عياش السَّمَعي، المدني، القبائي مقبول -كما في التقريب (1/ 494 رقم 1073) -، ذكره ابن حبان في ثقاته (7/ 71)، ولم يرو عنه سوى عبد الرحمن بن المغيرة، وانظر التهذيب (6/ 247 رقم 493).

2 - دَلْهَم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب العُقيلي مقبول أيضاً -كما في التقريب (1/ 236 رقم 59) -، ذكره ابن حبان في ثقاته (6/ 291 - 292)، ولم يرو عنه سوى عبد الرحمن بن عياش، وانظر التهذيب (3/ 212 رقم 402)، وقال الذهبي في الميزان (2/ 28 رقم 2678): "دلهم بن الأسود، عداده في التابعين، لا يعرف، سمع أباه، وعنه عبد الرحمن بن عياش السمعي وحده، وثقه ابن حبان". اهـ.

3 - عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق، ابن أخي لقيط بن عامر، وجدّ دلهم: مجهول -كما في التقريب (1/ 407 رقم 238) -، وانظر التهذيب (5/ 178 رقم 305).

وقال الذهبي في الميزان (2/ 405 رقم 4255): "لا يعرف".

4 - إن كان ما في سند الحاكم صحيحاً، فحاجب بن عامر، والد عبد الله السابق لم أجد له ترجمة.

هذا بالِإضافة للاختلاف في سند الحديث الذي تقدمت الِإشارة إليه.

والطريق الأخرى فيها العلتان الأولى والثانية، بالإظافة إلى أن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر مقبول -كما في التقريب (1/ 76 رقم 574) -، لم يوثقه سوى ابن حبان في ثقاته (4/ 32)، ولم يرو عنه سوى ابنه دلهم، وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب (1/ 340 - 341) قال الذهبي: محله الصدق، ولم أجد عبارة الذهبي هذه، وقد ذكره في =

(7/3487)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الكاشف (1/ 131 رقم 426)، ولم يتكلم عنه بشيء، وذكره في الميزان (1/ 256 رقم 982)، وقال: "ما روى عنه سوى ولده دلهم، له حديث واحد"، ومقتضى إيراده له في الميزان هكذا دون إشعار منه بقبول روايته عنده: أنه لا يحتج به.

هذا وقد بالغ ابن القيم -رحمه الله- في محاولة تصحيحه لهذا الحديث، فقال في حادي الأرواح (ص 192): "قال محمد -يعني البخاري-: قال إسحاق بن إبراهيم في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة، كان في ساعة، كما يشتهي، ولكن لا يشتهي" -قال محمد-: وقد روي عن أبي ذر (كذا، والصواب: أبي رزين) بن العقيلي، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد" ... ، وأما حديث أبي رزين الذي أشار إليه البخاري، فهو حديثه الطويل، ونحن نسوقه بطوله؛ نجمل به كتابنا، فعليه من الجلالة، والمهابة، ونور النبوة ما ينادي على صحته ... " فذكره.

وقال في زاد المعاد (3/ 677 - 678): "هذا حديث كبير جليل، تنادي جلالته، وفخامته، وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة، لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني، رواه عنه إبراهيم بن حمزة الزبيري، وهما من كبار علماء المدينة، ثقتان محتج بهما في الصحيح، احتج بهما إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري، ورواه أئمة أهل السنة في كتبهم، وتلقَّوْه بالقبول، وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه، ولا في أحد من رواته"، ثم ذكر رواته الذين أخرجوه، وقال: "قال ابن مندة: روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصغاني، وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقد رواه بالعراق بمجمع العلماء، وأهل الدين جماعة من الأئمة، منهم: أبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل، ولم ينكره أحد، ولم يتكلم في إسناده، بل روَوْه على سبيل القبول والتسليم، ولا ينكر هذا =

(7/3488)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحديث إلا جاحد، أو جاهل، أو مخالف للكتاب والسنَّة، هذا كلام أبي عبد الله بن مندة". اهـ.

وقال في حادي الأرواح (ص 196): "قال أبو الخير بن حمدان: هذا حديث كبير ثابت مشهور، وسألت شيخنا أبا الحجاج المزي عنه، فقال: عليه جلال النبوة". اهـ.

وأما الحافظ ابن كثير -رحمه الله-، فإنه ساق الحديث في البداية (5/ 80 - 83)، قال عقبه: "هذا حديث غريب جداً، وألفاظه في بعضها نكارة، وقد أخرجه الحافظ البيهقي في كتاب البعث والنشور ... ".

وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب (5/ 57): "هو حديث غريب جداً".

وضعفه الشيخ الألباني في حاشيته على السنَّة لابن أبي عاصم، والشيخان شعيب، وعبد القادر الأرناؤوطيان في حاشية زاد المعاد.

الحكم على الحديث:

ومن خلال ما تقدم في دراسة الإسناد يتضح أن الحديث ضعيف بهذا الِإسناد، وأما تصحيح ابن القيم له بما تقدم من كلامه فلا يسلم له به، لأن العلماء السابقين كانوا يروون الحديث بإسناده، وكانوا إذ ذاك أهل صنعة، ولم يقل أحد ممن ذكر: إنه لا يروي إلا الحديث الذي صح عنده، ولم يذكره -حسبما أعلم- أحد ممن ألَّف في الصحيح في ما اشترط فيه الصحة، والله أعلم.

(7/3489)

1157 - حديث أبي ذر مرفوعاً:

"إن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج" الحديث.

قلت: فيه الوليد بن جُمَيْع، روى له مسلم متابعة واحتج به النسائي (1).

__________

(1) هذا الحديث ليس في (ب).

1157 - المستدرك (4/ 564): أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، أنبأ يحيى بن أبي طالب، ثنا زيد بن الحباب، حدثني الوليد بن جميع القرشي، حدثني أبو الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد، عن أبي ذر -رضي الله عنه-، قال: حدثني الصادق المصدوق -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن الناس يحشرون ثلاثة أفواج: فوجاً طاعمين، كاسيين راكبين، وفوجاً يمشون، ويسعون، وفوجاً تسحبهم الملائكة على وجوههم إلى النار"، فقلنا: يا أبا ذر، قد عرفنا هؤلاء، وهؤلاء، فما بال الذين يمشون، ويسعون؟ قال: يلقي الله الآفة على الظهر، فلا ظهر".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد إلى الوليد بن جميع، ولم يخرجاه".

وقوله: (فوجاً) كذا في جميع النسخ بالنصب، وعند من أخرج الحديث: (فوج) بالرفع.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 247 رقم 16243).

والِإمام أحمد في المسند (5/ 164 - 165).

والنسائي في سننه (4/ 116 - 117) في كتاب الجنائز، باب البعث.

والبيهقي في البعث والنشور -كما في النهاية لابن كثير (1/ 229) -. =

(7/3490)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= جميعهم من طريق الوليد بن جميع، به نحوه، وعندهم زيادة في آخره: "حتى إن الرجل ليكون له الحديقة المعجبة، فيعطيها بالشارف ذات القتب، فلا يقدر عليها"، وهذا لفظ أحمد، ولفظ النسائي والبيهقي وابن أبي شيبة نحوه.

دراسة الِإسناد:

الحديث صحح الحاكم سنده إلى الوليد بن جميع، فتعقبه الذهبي بقوله: "الوليد قد روى له مسلم متابعة، واحتج به النسائي".

والوليد هذا هو ابن عبد الله بن جميع الزهري، وتقدم في الحديث (1121) أنه: صدوق يهم، ورمي بالتشيع.

وأما قول الذهبي إن مسلماً روى للوليد متابعة، فإن مسلماً قد روى للوليد احتجاجاً، واستشهاداً، فيمكن أن الذهبي اطلع على موضع الاستشهاد، ولم يطلع على موضع، الاحتجاج. أما الموضع الذي احتج فيه مسلم بالوليد بن جميع، فهو كتاب الجهاد، باب الوفاء بالعهد (3/ 1414 رقم 98)، عن الوليد بن جميع، حدثنا أبو الطفيل، حدثنا حذيفة بن اليمان، قال: ما منعني أن أشهد بدراً، إلا أني خرجت أنا، وأبي حسيل، قال: فأخَذَنا كفار قريش، قالوا: إنكم تريدون محمداً؟ فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله، وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معهم، فأتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخبرناه الخبر، فقال: "انصرفا، نَفي لهم بعدهم، ونستعين الله عليهم".

وأما الموضع الذي استشهد به فيه، فهو في كتاب صفات المنافقين (4/ 2144 رقم 11)، عن الوليد بن جميع، حدثنا أبو الطفيل، قال: كان بين رجل من أهل العقبة، وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك بالله، كم كان أصحاب العقبة؟ قال: فقال له القوم: أخبره إذْ سألك. قال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم، فقد =

(7/3491)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= كان القوم خمسة عشر، وأشهد بالله: أن اثنى عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا منادي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ولا علمنا بما أراد القوم، وقد كان في حرة، فمشى، فقال: "إن الماء قليل، فلا يسبقني إليه أحد"، فوجد قوماً قد سبقوه، فلعنهم يومئذ.

هذا الحديث أخرجه مسلم شاهداً لحديث عمار بن ياسر، أخبرني حذيفة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "في أصحابي اثنا عشر منافقاً، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ... " الحديث.

والحاكم -رحمه الله- دقيق في كلامه عن هذا الحديث، فإنه لم يصحح جميع الإسناد، وإنما قال: "صحيح الإسناد إلى الوليد بن جميع".

وهو -أي الحاكم- ممن انتقد مسلماً على احتجاجه بالوليد بن جميع، فإنه ذكر الوليد هذا في كتابه "المدخل إلى الصحيح" (2/ 64) الترجمة رقم (3042)، وقال: "الوليد بن جميع: عنه، عن أبي الطفيل، عن حذيفة. حديثه في كتاب الجهاد. وقد روى عنه في موضع آخر من الكتاب مستشهداً، ولو لم يذكره، لكان أولى؛ فقد حدثونا عن عمرو بن علي، قال: كان يحيى بن سعيد يحدث عن الوليد بن جميع. غير أن مسلماً على شرطه في الاستشهاد باللين من المحدثين، إذا قدم الأصل، عن الثقة الثبت". اهـ.

وأما قول الذهبي عن الوليد بن جميع: "احتج به النسائي"، فلم أجد الموضع الذي أخرج فيه النسائي حديث الوليد، وفي ترجمة الوليد في التهذيب (11/ 138) رمز له برمز النسائي.

الحكم على ابحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف الوليد بن جميع من قبل حفظه.

(7/3492)

1158 - حديث نعمان بن سعد قال:

كنا جلوساً عند علي فقرأ:

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)} [مريم: 85] (1).

قال: لا والله، (ما) (2) على أرجلهم يحشرون، (و) (2) لا يساقون سوقاً، ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة ... ، الحديث (3).

قال: صحيح.

قلت: لا.

__________

(1) الآية (85) من سورة مريم.

(2) ما بين المعكوفين ليس في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، وعليه يستقيم المعنى.

(3) من قوله: (فقرأ) إلى هنا ليس في (ب).

1158 - المستدرك (4/ 565): حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ موسى بن إسحاق القاضي، حدثنا منجاب بن الحارث، ثنا علي بن مسهر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، قال: كنا جلوساً عند علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فقرأ:

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)} [مريم: 85].

قال: لا والله، ما على أرجلهم يحشرون، ولا يساقون سوقاً، ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة، لم تنظر الخلائق إلى مثلها، رحالهم الذهب، وأزمتها الزبرجد، فيقعدون عليها حتى يقرعوا باب الجنة.

تخريجه:

الحديث أعاده الحاكم هنا، وكان قد رواه (2/ 377): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا أبو معاوية، وثنا =

(7/3493)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أبو عبد الله محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الوهاب، ثنا يعلى بن عبيد، قالا: ثنا عبد الرحمن بن إسحاق، فذكره بنحوه، ثم قال: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله: "بل عبد الرحمن هذا لم يرو له مسلم، ولا لخاله النعمان، وضعفوه".

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 119 رقم 15861).

وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/ 155).

وابن جرير في التفسير (16/ 126).

جميعهم من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، به نحوه.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (5/ 539)، وعزاه أيضاً لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في البعث.

دراسة الِإسناد:

الحديث سبق أن صححه الحاكم على شرط مسلم، وأما هنا فصححه فقط، ولم يذكر أنه على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي هنا بقوله: "لا"، أي ليس بصحيح، ولم يذكر سبب رفضه لتصحيح الحاكم، وكان قد قال عن تصحيح الحاكم للحديث سابقاً على شرط مسلم: "بل عبد الرحمن هذا لم يرو له مسلم، ولا لخاله النعمان، وضعفوه".

وعبد الرحمن هذا هو ابن إسحاق الواسطي، وتقدم في الحديث (937) أنه: ضعيف.

وخاله النعمان بن سعد تقدم في الحديث (1008) أنه: مقبول، أي حيث يتابع، وإلا فضعيف.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإِسناد لضعف عبد الرحمن بن إسحاق، وجهالة حال خاله النعمان، وضعَّف الحديث أيضاً الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في حاشيته على المسند (2/ 337 رقم 1332).

(7/3494)

1159 - حديث عائشة مرفوعاً في تفسير:

{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى (94)} [الأنعام: 94] الآية (1).

قال: صحيح.

قلت: فيه انقطاع.

__________

(1) رقم (94) من سورة الأنعام.

1159 - المستدرك (4/ 565): حدثنا أبو البعاس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن سعيد بن أبي هلال حدثه، أنه سمع عثمان بن عبد الرحمن القرظي يقول: قرأت عائشة -رضي الله عنها- قول الله عز وجل:

{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (94)} [الأنعام: 94].

فقالت: يا رسول الله، واسوأتاه!! إن الرجال، والنساء يحشرون جميعاً، ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "لكل امريء منهم يومئذ شأن يغنيه، لا ينظر الرجال إلى النساء، ولا النساء إلى الرجال، شغل بعضهم عن بعض".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن جرير في تفسيره (7/ 278)، من طريق عبد الله بن وهب، به مثله.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (3/ 323)، وعزاه لابن أبي حاتم أيضاً.

وأخرجه الحاكم قبل هذا الحديث بأحاديث (ص 564) من طريق بقية بن الوليد، ثنا محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة -رضي الله عنها-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يبعث الناس يوم القيامة حفاة، عراة، غرلًا"، فقالت عائشة: يا رسول الله، فكيف بالعورات؟ فقال: "لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه". وبمثله سياق الحاكم، من طريق بقية أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 89 - 90). =

(7/3495)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذه الزيادة، إنما اتفق الشيخان -رضي الله عنهما- على حديثي: عمرو بن دينار، والمغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بطوله، دون ذكر العورات فيه"، وأقره الذهبي على أنه شرط مسلم، كذا في التلخيص المخطوط، وأما المطبوع، ففيه أن الذهبي سكت عنه، ولم يتعقب الذهبي الحاكم على كلامه السابق بشيء، مع أن الشيخين -رحمهما الله- قد أخرجا حديث عائشة -رضي الله عنها- وفيه ذكر العورات، لا كما ذكر الحاكم مع أنهما اتفقا على إخراج حديث ابن عباس فقط.

فالحديث أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 377 - 378 رقم 6527) في الرقاق، باب الحشر.

ومسلم في صحيحه (4/ 2194 رقم 56) في الجنة، وصفة نعيمها، وأهلها، باب فناء الدنيا، وبيان الحشر يوم القيامة.

كلاهما من طريق حاتم بن أبي صغيرة، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يحشر الناس يوم القيامة حفاة، عراة، غرلًا"، قلت: يا رسول الله، النساء والرجال جميعاً، ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال -صلى الله عليه وسلم-: "يا عائشة، الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض"، وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري نحوه، إلا أنه قال: "الأمر أشد من أن يهمهم ذاك".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "فيه انقطاع"، ويعني به بين عثمان بن عبد الرحمن القرظي، وعائشة -رضي الله عنها-.

وعثمان بن عبد الرحمن القرظي هذا لم أجد له ترجمة، وكذا في حاشية تفسير الطبري بتحقيق الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-، وأخيه محمود =

(7/3496)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= (11/ 545)، حيث قال: "وأما "القرظي" فقد بينه الحاكم في المستدرك في إسناده، وأنه: "عثمان بن عبد الرحمن القرظي"، ولكن مع هذا البيان، لم يزل مجهولاً، فإني لم أجد له ترجمة، ولا ذكراً في شيء من الكتب"، ثم قال عن الانقطاع الذي ذكره الذهبي: "وانقطاع هذا الِإسناد، كما بينه الذهبي، هو فيما أرجح: أن عثمان بن عبد الرحمن القرظي لم يسمع من عائشة".اهـ.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد للانقطاع الذي ذكره الذهبي، وجهالة عثمان القرظي. وقد صح الحديث من غير هذه الطريق كما سبق، فقد أخرجه الشيخان من طريق القاسم، عن عائشة، وأخرجه الحاكم من طريق عروة عنها، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، والله أعلم.

(7/3497)

1160 - حديث أبي (سريحة) (1) الغفاري مرفوعاً:

"يحشر رجلان من مزينة هما آخر الناس" الحديث (2).

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه إسحاق بن يحيى بن طلحة، قال أحمد: متروك (3).

__________

(1) في (أ): (تريحة).

(2) من قوله: (من مزينة) إلى هنا ليس في (ب).

(3) الكامل لابن عدي (1/ 326)، والتهذيب (1/ 254).

1160 - المستدرك (4/ 566): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر الخولاني، ثنا عبد الله بن وهب، أنبأ إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، عن معبد بن خالد، قال: دخلت المسجد، فإذا فيه شيخ يتفلَّى، فسلمت عليه، فرد علي السلام، وجلست إليه، فقلت: من أنت يا عم؟ فقال: من أنت يا ابن أخي؟ قلت: أنا معبد بن خالد، فقال: مرحباً بك، قد عرفت أباك، كان معي بدمشق، وإني وأباك لأول فارسين وقفا بباب عذراء -مدينة بالشام-، فقلت: من أنت؟ فقال: أنا أبو سريحة الغفاري، صاحب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقلت: حدثني عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: نعم، سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وآله وسلم- يقول: "يحشر رجلان من مزينة، هما آخر الناس يحشران، يقبلان من جبل قد تسوَّراه، حتى يأتيا معالم الناس، فيجدان الأرض وحوشاً، حتى يأتيا المدينة، فإذا بلغا أدنى المدينة، قالا: أين الناس؟ فلا يريان أحداً، فيقول أحدهما: الناس في دورهم، فيدخلان الدور، فإذا ليس فيها أحد، وإذا على الفرش الثعالب، والسنانير، فيقولان: أين الناس؟ فيقول أحدهما: الناس في المسجد، فيأتيان المسجد، فلا يجدان أحداً، فيقولان: أين الناس؟ =

(7/3498)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= فيقول أحدهما: الناس في السوق، شغلتهم الأسواق، فيخرجان حتى يأتيا الأسواق، فلا يجدان فيها أحداً، فينطلقان، حتى يأتيا الثنية، فإذا عليها ملكان، فيأخذان بأرجلهما، فيسحبانهما إلى أرض المحشر، وهما آخر الناس حشراً".

تخريجه:

الحديث ذكره في كنز العمال (14/ 365 - 366 رقم 38956)، وعزاه أيضاً لابن مردويه، وابن عساكر.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "إسحاق قال أحمد: متروك".

وإسحاق هذا هو ابن يحيى بن طلحة، تقدم في الحديث (724) أنه: ضعيف.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف إسحاق بن يحيى بن طلحة، وأصل الحديث في الصحيحين، واستدركه الحاكم عليهما، وفات الذهبي تعقبه عليه.

فقد أخرجه الحاكم قبل هذا الحديث من طريق الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن آخر من يحشر راعيان من مزينة، يريدان المدينة، ينعقان بغنمها، فيجدانها وحوشاً، حتى إذا بلغا ثنية الوداع، خرَّا على وجوههما".

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، مع أن الحديث في الصحيحين.

فقد أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 1010 رقم 499) في الحج، باب في =

(7/3499)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= المدينة حين يتركها أهلها، من طريق الليث، به، بلفظ: "يتركون المدينة على خير ما كانت، لا يغشاها إلا العوافي، ثم يخرج راعيان من مزينة، يريدان المدينة، ينعقان غنمهما، فيجدانها وحوشاً، حتى إذا بلغا ثنية الوداع، خرَّا على وجوههما".

وأخرجه البخاري في صحيحه (4/ 89 - 90 رقم 1874) في فضائل المدينة، باب من رغب عن المدينة، من طريق شعيب، عن الزهري، به، وأوله: "تتركون ... " وفيه: "وآخر من يحشر راعيان ... "، والباقي مثل لفظ مسلم.

وأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 559 رقم 1605).

وعبد الرزاق في جامع معمر (11/ 403 رقم 60851).

كلاهما من طريق الزهري، به، بنحو سياق البخاري.

(7/3500)

1161 - حديث ابن عباس:

تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1] (1)

ثم قال: "هل تدرون أي يوم [ذاك؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "ذاك يوم] (2) يقول الله: يا آدم، قم، فابعث بعث النار ... " الحديث (3).

قال: صحيح.

قلت: لم يخرجوه (4).

__________

(1) الآية (1) من سورة الحج.

(2) ما بين المعكوفين ليس في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك.

(3) من قوله: (ثم قال: هل تدرون) إلى هنا ليس في (ب).

(4) قوله: (قلت: لم يخرجوه) ليس في التلخيص؛ فإن الحاكم -رحمه الله- قال عقب الحديث: "هذا حديث صحيح بهذه الزيادة، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

1161 - المستدرك (4/ 568)، هذا الحديث أورده الحاكم شاهداً لحديث عمران بن حصين الذي رواه قبله بمعناه، ثم قال عقبه: "وقد روينا هذا الحديث عن عبد الله بن عباس"، ثم قال: حدثناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمد بن شاذان الجوهري، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عباد بن العوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: تلا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- هذه الآية، وعنده أصحابه:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)} [الحج: 1] إلى آخر الآية، فقال: "هل تدرون أي يوم ذاك؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "ذاك =

(7/3501)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= يوم يقول الله لآدم: قم، فابعث بعث النار -أو قال: بعثاً إلى النار-، فيقول: يا رب، من كم؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار، وواحد إلى الجنة"، فشق ذلك على القوم، ووقعت عليهم الكآبة، والحزن، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة"، ففرحوا، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: "اعملوا، وأبشروا، فإنكم بين خليقتين، لم يكونا مع أحد إلا كثرتاه، يأجوج، ومأجوج، وإنما أنتم في الناس -أو: في الأمم- كالشامة في جنب البعير -أو: كالرقمة في ذراع الناقة-، وإنما أمتي جزء من ألف جزء".

تخريجه:

الحديث أخرجه البزار في مسنده (3/ 59 - 60 رقم 2235).

وابن أبي حاتم في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (3/ 205) -.

كلاهما من طريق سعيد بن سليمان، به بلفظ أتم من لفظ الحاكم.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 5 - 6)، وعزاه أيضاً لابن جرير، وابن مردويه، ولم أجد ابن جرير أخرجه عند هذه الآية أول سورة الحج، ولم يعزه إليه ابن كثير، وإنما عزاه لابن أبي حاتم فقط.

دراسه الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وفي نسخة ابن الملقن: "لم يخرجوه"، ولعله يعني بصيغة الجمع هذه أصحاب الكتب الستة، فإن كان قصد ذلك، فنعم، وإن كان قصد الشيخين، فلا معنى لهذا التعقيب، لأن الحاكم سبقه إليه، فقال: "ولم يخرجاه".

وأما الحديث ففي سنده هلال بن خباب العبدي، مولاهم، أبو العلاء البصري، وهو ثقة، إلا أنه تغير بآخره، وثقه الإمام أحمد، وابن معين، وابن عمار الموصلي، والمفضل بن غسان الغلابي، وقال سفيان الثوري: ثقة، إلا أنه تغير؛ عمل فيه السن. وقال يحيى القطان: أتيت هلال بن =

(7/3502)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= خباب، وكان قد تغير قبل موته. وقال ابن الجنيد: سألت ابن معين عن هلال بن خباب، وقلت: إن يحيى القطان يزعم أنه تغير قبل أن يموت، واختلط؟ فقال: لا، ما اختلط، ولا تغير، قلت ليحيى: فثقة هو؟ قال: ثقة مأمون. اهـ. من الكامل (7/ 2580 - 2581)، والتهذيب (11/ 77 - 78 رقم 123).

قلت: وأما إنكار يحيى بن معين لكون هلال اختلط، فالذي يصار إليه في ذلك قول القطان، لأنه وقف على ذلك بنفسه، وهو مثبت، ومعه زيادة علم، والمثبت مقدم على النافي، وقد وافقه سفيان الثوري كما تقدم، ووافقه آخرون، فقد ذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: يخطيء، ويخالف، وذكره في المجروحين، وقال: اختلط في آخر عمره، فكأن يحدث بالشيء على التوهم، لا يجوز الاحتجاج إذا انفرد، ووصفه بالتغير أيضاً الساجي، والعقيلي، وأبو أحمد الحاكم، وذكره ابن الكيال في الكواكب النيرات (ص 431 رقم 66)، وانظر الموضع السابق من التهذيب.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لاختلاط هلال بن خباب بآخره، وهو صحيح لغيره بشواهده، ومنها حديث عمران بن حصين الذي أخرجه الحاكم قبل هذا الحديث، وحديث أبي سعيد -رضي الله عنه- في الصحيحين.

أخرجه البخاري (6/ 382 رقم 3348) في الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج.

و (8/ 441 رقم 4741) في التفسير، باب: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى (2)} [الحج: 2].

و (11/ 388 رقم 6530) في الرقاق، باب قوله عز وجل:

{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)} [الحج: 1].

و (13/ 453 رقم 7483) في التوحيد، باب قوله تعالى:

{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ... (23)} [سبأ: 23].

(7/3503)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه مسلم (1/ 201 - 202 رقم 379 و380) في الِإيمان، باب قوله: "يقول الله لآدم أخرج بعث النار ... ".

كلاهما من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك، وسعديك، والخير في يديك، فيقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف وتسعمائة وتسعة وتسعين، فعنده يشيب الصغير، وتضع على ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد". قالوا: يا رسول الله، وأينا ذلك الواحد؟ قال: "أبشروا فإن منكم رجلًا، ومن يأجوج ومأجوج ألف"، ثم قال: "والذي نفسي بيده، إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة"، فكبرنا، فقال: "أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة"، فكبرنا، فقال: "أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة"، فكبرنا، فقال: "ما أنتم في الناس، إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض -أو:- كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود".

(7/3504)

1162 - حديث عبد الله بن سلام:

"إن أعظم أيام الدنيا: يوم الجمعة" (الخ) (1).

قال: صحيح.

قلت: غريب موقوف (2).

__________

(1) قوله: (الخ) ليس في (ب).

(2) قوله: (قلت: غريب موقوف) ليس في التلخيص المطبوع، ولا في المخطوط، وإنما فيه موافقة الذهبي للحاكم على تصحيحه.

1162 - المستدرك (4/ 568 - 569): حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا محمد بن غالب، ثنا عفان، ومحمد بن كثير، قالا: ثنا مهدي بن ميمون، ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن بشر بن شغاف، عن عبد الله بن سلام، قال: وكنا جلوساً في المسجد يوم الجمعة، فقال: إن أعظم أيام الدنيا: يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة، وإن أكرم خليقة الله على الله: أبو القاسم -صلَّى الله عليه وآله وسلم-.

قال: قلت: يرحمك الله، فأين الملائكة؟ قال: فنظر إلي، وضحك، وقال: يا ابن أخي، هل تدري ما الملائكة؟ إنما الملائكة خلق كخلق السماء والأرض، والرياح والسحاب، وسائر الخلق الذي لا يعصي الله شيئاً، وإن الجنة في السماء، وإن النار في الأرض، فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة، أمة، ونبياً، نبياً، حتى يكون أحمد، وأمته آخر الأمم مركزاً، قال: فيقوم، فيتبعه أمته، برها، وفاجرها، ثم يوضع جسر جهنم، فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون فيها من شمال، ويمين، وينجو النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، والصالحون معه، فتتلقاهم الملائكة، فتريهم منازلهم من الجنة: على يمينك، على يسارك، حتى ينتهي إلى ربه عز وجل، فيلقى له كرسي عن يمين الله عز وجل، ثم ينادي مناد: أين عيسى، وأمته، فيقوم، فيتبعه أمته برها، وفاجرها، فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون فيها =

(7/3505)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= من شمال، ويمين، وينجو النبي -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-، والصالحون معه، فتتلقاهم الملائكة، فتريهم منازلهم في الجنة: على يمينك، على يسارك، حتى ينتهي إلى ربه، فيلقى له كرسي من الجانب الآخر، قال: ثم يتبعهم الأنبياء، والأمم، حتى يكون آخرهم نوح، رحم الله نوحاً.

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، وليس بوقوف؛ فإن عبد الله بن سلام على تقدمه في معرفة قديمة، من جملة الصحابة، وقد أسنده بذكر رسول الله -صلَّى الله عليه وآله وسلم- في غير موضع والله أعلم".

قلت: ولم يذكر الحاكم له طريقاً مرفوعاً.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا -كما في النهاية لابن كثير (2/ 197 - 198): حدثنا خالد بن خداش، حدثنا مهدي بن ميمون، فذكره بنحوه.

وأخرجه نعيم بن حماد في زوائد الزهد (ص 118 - 119 رقم 398) من طريق ابن المبارك، أنا معمر، عمن سمع محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، فذكره بنحوه.

وذكره ابن رجب في "التخويف من النار" (ص 173) وقال: "خرجه ابن خزيمة، وغيره".

قال ابن كثير بعد أن ساقه من طريق ابن أبي الدنيا: "وهذا موقوف على ابن سلام -رضي الله عنه"-.

دراسة الِإسناد:

الحديث صحح الحاكم سنده، ورجح أنه مرفوع، وأن عبد الله بن سلام قد أسنده بذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني رفعه في غير موضع، ووافقه الذهبي على تصحيحه، هذا في التلخيص المطبوع =

(7/3506)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والمخطوط، وفي نسخة ابن الملقن قال: "غريب موقوف"، وبيان حال رجال إسناده كالتالي:

بشر بن شغاف، الضبي البصري ثقة -كما في التقريب (1/ 99 رقم 59) -، وانظر الجرح والتعديل (2/ 359 رقم 1367)، والتهذيب (1/ 452 رقم 828).

ومحمد بن عبد الله بن أبي يعقوب التميمي تقدم في الحديث (810) أنه: ثقة.

ومهدي بن ميمون الأزدي، المعولي، أبو يحيى البصري ثقة من رجال الجماعة -كما في التقريب (2/ 279 رقم 1418) -، وانظر الجرح والتعديل (8/ 335 - 336 رقم 1547)، والتهذيب (10/ 326 - 327 رقم 571).

ورواه عن مهدي اثنان: عفان بن مسلم، ومحمد بن كثير.

وعفان بن مسلم تقدم في الحديث (728) أنه: ثقة.

ومحمد بن غالب، الملقب بـ: تمتام تقدم في الحديث (707) أنه: ثقة.

وشيخ الحاكم محمد بن أحمد بن بالويه تقدم في الحديث (757) أنه: صدوق.

الحكم على الحديث:

الحديث سنده حسن لذاته من طريق الحاكم -كما يتضح من دراسة الإسناد -.

وأما ترجيح الحاكم لكونه مرفوعا، مرفوعاً وأن ابن سلام -رضي الله عنه- قد رفعه في موضع آخر، فإنه لم يذكر له طريقاً مرفوعاً كما تقدم، ولم أجد من رواه عن عبد الله بن سلام مرفوعاً، وأما هذا الحديث، وإن كان لبعض فقراته شواهد، فإنه بهذا السياق جميعه لا يكون له حكم الرفع؛ لاحتمال كون عبد الله بن سلام حدث به من بعض الكتب الإسرائيلية التي هو من أعلم الناس بها، لكونه كان يهودياً، ثم أسلم. =

(7/3507)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأما قوله: "إن أعظم أيام الدنيا: يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة"، فيشهد له حديث أوس بن أوس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أفضل أيامكم: يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة ... " الحديث.

أخرجه أبو داود في سننه (1/ 635 رقم 1047) في الصلاة، باب فضل يوم الجمعة، وليلة الجمعة.

والنسائي (3/ 91) في الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبى -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة.

وابن ماجه (1/ 345 و 524 رقم1085 و 1636) في إقامة الصلاة، باب في فضل الجمعة، وفي الجنائز، باب ذكر وفاته، ودفنه -صلى الله عليه وسلم-.

ثلاثتهم من طريق حسين بن علي الجعفي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس، به.

وسنده صحيح.

أبو الأشعث الصنعاني شراحيل بن آدة، والحسين بن علي الجعفي ثقتان، تقدمت ترجمتهما في الحديثين (1007) و (681).

وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، أبو عتبة الشامي، الداراني: ثقة من رجال الجماعة -كما في التقريب (1/ 502 رقم 1153) -، وانظر الجرح والتعديل (5/ 299 - 300 رقم 1421)، والتهذيب (6/ 297 - 298 رقم 578).

(7/3508)

1163 - حديث ابن عباس:

أنه قرأ: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان: 25] (1).

قال: سماء الدنيا، وتنزل الملائكة ... ، الحديث بطوله (2).

قلت: إسناده قوي.

__________

(1) الآية (25) من سورة الفرقان.

(2) من قوله: (قال: سماء الدنيا) إلى هنا ليس في (ب).

1163 - المستدرك (4/ 569 - 570): أخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق الخراساني العدل ببغداد، ثنا أحمد بن الوليد الفحام، ثنا روح بن عبادة، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أنه قرأ:

{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)} [الفرقان: 25].

قال: تشقق سماء الدنيا، وتنزل الملائكة على على سماء، وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والأنس، فيقول أهل الأرض: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء الثانية، وهم أكثر من أهل السماء الدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء الثالثة، وهم أكثر من أهل السماء الثانية، وسماء الدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء الرابعة، وهم أكثر من أهل السماء الثالثة، والثانية، والدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء الخامسة، وهم أكثر من أهل السماء الرابعة، والثالثة، والثانية، والدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء السادسة، وهم أكثر من أهل السماء الخامسة، والرابعة، والثالثة، والثانية، والدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء السابعة، وهم أكثر من أهل السماء السادسة، والخامسة، والرابعة، والثالثة، والثانية، =

(7/3509)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل الكروبيون، وهم أكثر من أهل السموات السبع، والأرضين، وحملة العرش، لهم قرون كعوب، ككعوب القنا، ما بين قدم أحدهم كذا، وكذا، ومن أخمص قدمه إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام، ومن كعبه إلى ركبته مسيرة خمسمائة، ومن ركبته إلى أرنبته مسيرة خمسمائة عام، ومن ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمسمائة عام.

قال الحاكم عقبه: "رواة هذا الحديث عن آخرهم محتج بهم، غير علي بن زيد بن جدعان القرشي، وهو، وإن كان موقوفاً على ابن عباس، فإنه عجيب بمرة".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير -كما في تفسير ابن كثير (3/ 315 - 316) -، من طريق مؤمل، عن حماد بن سلمة، به نحو سياق الحاكم.

وبنحو هذا السياق أورده السيوطي في الدر المنثور (6/ 248 - 249)، وعزاه أيضاً لعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في الأهوال، وابن جرير، وابن المنذر، ولم يفرق السيوطي -رحمه الله- بين لفظ ابن جرير، واللفظ الذي ساقه، فابن جرير أخرج الحديث في تفسيره (19/ 6 - 7) من طريق مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، به، وفيه: "بن كعب على ملك، وركبته مسيرة سبعين سنة، وبين فخذه، ومنكبه مسيرة سبعين سنة"، فهذا لا يتفق مع لفظ الحاكم، ومن وافقه.

قال ابن كثير -رحمه الله- بعد أن ذكر الحديث في الموضع السابق من تفسيره: "مداره على علي بن زيد بن جدعان، وفيه ضعف في سياقاته غالباً، وفيها نكارة شديدة". =

(7/3510)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الإسناد:

الحديث أعلَّه الحاكم بوجود علي بن زيد بن جدعان في سنده، وقال عنه: "عجيب بمرة"، فتعقبه الذهبي بقوله: "إسناده قوي".

ومدار الحديث كما قال الحافظ ابن كثير على علي بن زيد بن جدعان، وتقدم في الحديث (492) أنه: ضعيف.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف علي بن زيد، وتقدم أن الحافظ ابن كثير قال عن علي هذا: "وفيه ضعف، في سياقاته غالباً، وفيها نكارة شديدة".

(7/3511)

1164 - حديث أبي سعيد مرفوعاً:

(ليحبس) (1) أهل الجنة بعد ما يجاوزون الصراط" الحديث (2).

قال: صحيح.

قلت: غريب (3).

__________

(1) في (أ): (لتحبسن)، ولم تتضح نقطها في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) قوله: (بعدما يجاوزون الصراط ... الحديث) ليس في (ب).

(3) قوله: (قلت: غريب) ليس في التلخيص المطبوع، ولا في المخطوط، وإنما فيه إقرار الذهبي للحاكم على تصحيحه.

1164 - المستدرك (4/ 572): أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، ثنا يحيى بن أبي طالب، أنبأ عبد الوهاب بن عطاء، أنبأ سعيد، عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "ليحبس أهل الجنة بعدما يجاوزون الصراط على قنطرة، فيؤخذ لبعضهم من بعض مظالمهم التي تظالموها في الدنيا، حتى إذا هذبوا، ونُقُّوا، أذن في دخول الجنة، فلأحدهم أعرف بمنزله في الآخرة منه بمنزله كان في الدنيا".

قال قتادة: قال أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود: ما يشبه إلا أهل جمعة انصرفوا من جمعتهم.

تخريجه:

هذا الحديث أخرجه الحاكم من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- ثم قال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وفاته هو، والذهبي، وابن الملقن أن البخاري -رحمه الله- أخرج الحديث في صحيحه (5/ 96 =

(7/3512)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= رقم 2440) في المظالم، باب قصاص المظالم، و (11/ 395 رقم 6535)، أخرجه من طريق سعيد بن أبي عروبة، وهشام، كلاهما عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيُقَصُّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا، ونُقُّوا، أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة، منه بمنزله كان في الدنيا".

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (14/ 37 - 38 و 38) من طريق سعيد بن أبي عروبة أيضاً به نحوه.

وأخرجه أيضاً عبد بن حميد في تفسيره، وابن أبي حاتم، والإسماعيلي، في مستخرجه، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن مندة -كما في فتح الباري (11/ 398 - 399)، والدر المنثور (5/ 84) -.

دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم من طريق سعيد بن أبي عروبة، وكذا البخاري أخرجه من طريق مقروناً بهشام.

وبيان حال رجال إسناد الحاكم إلى سعيد كالتالي:

عبد الوهاب بن عطاء تقدم في الحديث (1059) أنه صدوق ربما أخطأ، لكن روايته عن سعيد الراجح أنها حسنة؛ لثناء العلماء عليها.

ويحيى بن أبي طالب تقدم في الحديث (951) أنه صدوق.

وشيخ الحاكم الحسن بن يعقوب العدل تقدم في الحديث (951) أيضاً أنه شيخ صدوق نبيل.

الحكم على الحديث:

الحديث أخرجه الحاكم والبخاري كلاهما من طريق سعيد بن أبي عروبة، وإسناد الحاكم إلى سعيد حسن لذاته كما يتضح من دراسة الِإسناد، والله أعلم.

(7/3513)

1165 - حديث نافع (بن) (1) الأزرق:

أنه سأل ابن عباس عن قوله تعالى:

{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} [المرسلات: 35] (2) ... الخ (3).

قال: صحيح.

قلت: يحيى بن راشد المازني ضعفه النسائي (4).

__________

(1) ما بين المعكوفين من المستدرك وتلخيصه، وليس في (أ) و (ب).

(2) الآية (35) من سورة المرسلات.

(3) قوله: (الخ) ليس في (ب).

(4) الكامل لابن عدي (7/ 2667)، والتهذيب (11/ 207).

1165 - المستدرك (4/ 573): حدثني علي بن عيسى بن إبراهيم الحيري، ثنا الحسين بن محمد بن زياد الشيباني، حدثني محمد بن يحيى القطيعي، ثنا يحيى بن راشد المازني، ثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سأله نافع بن الأزرق عن قوله عز وجل:

{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)} [المرسلات: 35]

و: {فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)} [طه: 108] (الآية 108 من سورة طه)،

و: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27)} [الصافات: 27] (الآية 27 من سورة الصافات)،

و: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)} [الحاقة: 19] (الآية 19 من سورة الحاقة)،

فما هذا؟ قال: ويحك! هل سألت عن هذا أحداً قبلي؟ قال: لا، قال: أما إنك لو كنت سألت هلكت، أليس قال الله تبارك وتعالى:

{وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)} [الحج: 47] (الآية 47 من سور- الحج)

قال: بلى، وإن لكل مقدار يوم من هذه الأيام لون (كذا! والصواب: لوناً) من هذه الألوان. =

(7/3514)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "يحيى ضعفه النسائي".

ويحيى هذا هو ابن راشد المازني، تقدم في الحديث (960) أنه: ضعيف.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف يحيى المازني.

(7/3515)

1166 - حديث عبد الله بن عمرو:

"إذا كان يوم القيامة مدَّت الأرض" الحديث (1).

قال: فيه أبو المغيرة وهو مجهول.

قلت: ليَّنه سليمان التَّيْمي (2).

__________

(1) قوله: (الحديث) ليس في (ب).

(2) الميزان (4/ 576)، وفي الجرح والتعديل (9/ 439 رقم 2203) قال يحيى بن سعيد القطان: "ضعَّف سليمان التيمي أبا المغيرة القوَّاس".

1166 - المستدرك (4/ 575): أخبرنا أبو عبد الله الصفار، ثنا أحمد بن مهران، ثنا روح بن عبادة، أنبأ عوف، عن أبي المغيرة القواس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: إذا كان يوم القيامة مدَّت الأرض مدّ الأديم، وحشر الخلائق: الِإنس، والجن، والدواب، والوحوش، فإذا كان ذلك اليوم جعل القصاص بين الدواب، حتى تقص الشاة الجماء من القرناء بنطحتها، فإذا فرغ الله من القصاص بين الدواب، قال لها: كوني تراباً، فتكون تراباً، فيراها الكافر، فيقول:

{يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)} [النبأ: 40] (الآية 40 من سورة النبأ).

قال الحاكم عقبه: "رواته عن آخرهم ثقات، غير أن أبا المغيرة مجهول، وتفسير الصحابي مسند".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن جرير في تفسيره (30/ 26) من طريق محمد بن جعفر، وابن أبي عدي، قالا: ثنا عوف، عن أبي المغيرة، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، به نحوه.

دراسة الإسناد:

الحديث في سنده أبو المغيرة القوَّاس، وتقدم أن الحاكم قال عنه: =

(7/3516)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= "مجهول"، وتعقبه الذهبي بقوله: "ليَّنه سليمان التيمي"، وفي الميزان (4/ 576 رقم 10631) قال: ذكره سليمان التيمي، وليَّنه.

وقال ابن المديني: لا أعلم أحداً روى عنه، غير عوف.

ووثقه يحيى بن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. / الجرح والتعديل (9/ 439 رقم 2203)، واللسان (7/ 109 رقم 1180).

قلت: الراجح من حال أبي المغيرة أنه ثقة، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته، وأما الحاكم فإنه إن لم يعرفه، فقد عرفه ابن معين، وأما سليمان بن طرخان التيمي فإنه قد ضعف أبا المغيرة كما قاله يحيى بن سعيد القطان عنه، لكن سليمان التيمي هذا ليس من أهل الجرح والتعديل كما قاله الحافظ ابن حجر في التهذيب (9/ 45)، ولم يذكره الذهبي في "ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل"، والله أعلم.

وأما بقية رجال الِإسناد، فبيان حالهم كالتالي:

عوف بن أبي جميلة الأعرابي تقدم في الحديث (962) أنه ثقة.

وروح بن عبادة تقدم في الحديث (859) أنه ثقة فاضل.

وأحمد بن مهران الأصبهاني تقدم في الحديث (528) أنه مجهول الحال.

وشيخ الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار تقدم في الحديث (627) أنه إمام قدوة، محدث عصره.

ولم ينفرد أحمد بن مهران بالحديث، فإن ابن جرير أخرجه من طريق محمد بن جعفر غندر، وابن أبي عدي، كلاهما عن عوف، به.

ومحمد بن جعفر تقدم في الحديث (532) أنه ثقة.

والراوي عنهما هو شيخ ابن جرير محمد بن بشار بن عثمان العبدي، أبو بكر البصري، لقبه: بُنْدار، وهو ثقة روى له الجماعة./ الجرح والتعديل (7/ 214 رقم 1187)، والتهذيب (9/ 70 - 73 رقم 87)، والتقريب (2/ 147 رقم 71). =

(7/3517)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم فيه أحمد بن مهران الأصبهاني، وتقدم أنه مجهول الحال، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله، لكنه لم ينفرد به، فهو من طريق ابن جرير الطبري صحيح لذاته كما في دراسة الإسناد، وأما أبو المغيرة القوَّاس فالراجح من حاله أنه ثقة، فلا يُعلّ الحديث لأجله.

وله شاهد موقوف على أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: يُحشر الخلق كلهم يوم القيامة، البهائم، والدواب، والطير، وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذ، أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني تراباً، فلذلك يقول الكافر: (يا ليتني كنت تراباً).

أخرجه عبد الرزاق -كما في تفسير ابن كثير (2/ 131) -.

وابن جرير في تفسيره (30/ 26).

كلاهما من طريق معمر، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، به.

وهذا إسناد حسن إلى أبي هريرة.

يزيد بن الأصم عمرو بن عبيد بن معاوية تقدم في الحديث (823) أنه ثقة.

وجعفر بن برقان تقدم في الحديث (823) أنه: صدوق، يهم في حديث الزهري، وليس هذا من حديثه عن الزهري.

ومعمر بن راشد تقدم في الحديث (538) أنه: ثقة ثبت فاضل.

وأخرج مسلم في صحيحه (4/ 1997 رقم 60) في البر والصلة، باب تحريم الظلم، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لتؤدن الحقوق إِلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء".

(7/3518)

1167 - حديث عائشة مرفوعاً:

"الدواوين الثلاثة، فديوان لا يغفر الله منه شيئاً" الحديث بطوله (1).

قال: صحيح.

قلت: فيه صدقة بن موسى ضعفوه، ويزيد بن (بابَنوس) (2) فيه جهالة (3).

__________

(1) من قوله: (فديوان لا يغفر الله) إلى هنا ليس في (ب).

(2) في (أ): (باينوس)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

(3) في (ب): (قلت: صدقة بن موسى ضعفوه).

1167 - المستدرك (4/ 575 - 576): أخبرني أبو بكر ابن أبي نصر المزكي بمرو، ثنا عبد الله بن روح المدائني، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ صدقة بن موسى، عن أبي عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى اله عليه وآله وسلم-: "الدواوين ثلاثة، فديوان لا يغفر الله منه شيئاً، وديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وديوان لا يترك الله منه شيئاً. فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئاً: فالِإشراك بالله عز وجل، قال الله عز وجل:

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (48)} [النساء: 48]

(الآية 48 من سورة النساء)،

وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً قط: فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه، وأما الديوان الذي لا يترك منه شيئاً: فمظالم العباد بينهم، القصاص لا محالة".

تخريجه:

الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 240).

وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 2). =

(7/3519)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= كلاهما من طريق صدقة بن موسى، به نحوه، إلا أن أبا نعيم اختصر الحديث، قال: "وديوان لا يعبأ الله به ... " الحديث.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "صدقة ضعفوه، وابن بابنوس فيه جهالة".

وصدقة هذا هو ابن موسى، تقدم في الحديث (968) أنه: ضعيف.

وأما يزيد بن بابنوس -بموحدتين، بينهما ألف، ثم نون مضمومة، وواو ساكنة، ومهملة-، فهو بصري لا بأس به، قال الدارقطني: لا بأس به، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال أبو حاتم: مجهول، وقال أبو داود: كان شيعياً. / سؤالات البرقاني للدارقطني (ص 72 رقم 559)، والتهذيب (11/ 316 رقم 607).

الحكم على الحديث:

الحديث بهذا الِإسناد ضعيف لضعف صدقة بن موسى، وأما يزيد بن بابنوس فالراجح أنه لا بأس به، فلا يُعلّ الحديث لأجله.

وله شواهد من حديث سلمان، وأنس، وأبي هريرة -رضي الله عنهم-.

أما حديث سلمان -رضي الله عنه-، فلفظه قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "ذنب لا يغفر، وذنب لا يترك، وذنب يغفر.

فأما الذي لا يغفر: فالشرك بالله، وأما الذي يغفر: فذنب العبد بينه وبين الله عز وجل. وأما الذي لا يترك: فظلم العباد بعضهم بعضاً".

أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 310 رقم 6133).

وفي الصغير (1/ 40).

وابن حبان في المجروحين (3/ 102).

كلاهما من طريق أبي الربيع عبيد الله بن محمد الحارثي، عن يزيد بن =

(7/3520)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= سفيان بن عبد الله بن رواحة، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، به.

قال الهيثمي في المجمع (10/ 348): "فيه يزيد بن سفيان بن عبد الله بن رواحة، وهو ضعيف، تكلم فيه ابن حبان، وبقية رجاله ثقات".

وأما حديث أنس -رضي الله عنه- فأخرجه البزار في مسنده (4/ 158 - 159 رقم 3439)، عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره، وظلم لا يتركه، فأما الظلم الذي لا يغفره: فالشرك، قال الله:

{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} [لقمان: 13] (الآية 13 من سورة لقمان).

وأما الظلم الذي يغفره الله: فظلم العباد لأنفسهم، فيما بينهم، وبين ربهم. وأما الظلم الذي لا يتركه الله: فظلم العباد بعضهم بعضاً، حتى بدين لبعضهم من بعض".

قال الهيثمي في المجمع الموضع السابق: "رواه البزار عن شيخه أحمد بن مالك القشيري، ولم أعرفه، وبقية رجاله قد وثقوا على ضعفهم".

قلت: البزار رواه عن شيخه أحمد بن مالك القشيري، ثنا زائدة بن أبي الرَّقاد، عن زياد النميري، عن أنس، به.

وزياد بن عبد الله النميري، البصري: ضعيف -كما في التقريب (1/ 269 رقم 120، وانظر المجروحين لابن حبان (1/ 306)، والجرح والتعديل (3/ 536 رقم 2419)، والتهذيب (3/ 378 رقم 687) -.

وزائدة بن أبي الرُّقاد -بضم الراء، ثم قاف- الباهلي، أبو معاذ البصري، الصيرفي: منكر الحديث قاله عنه البخاري، والنسائي، وقال أبو حاتم: يحدث عن زياد النميري، عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة، ولا ندري منه، أو من زياد؟ وقال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير، لا يحتج بخبره، ولا يكتب إلا للاعتبار. =

(7/3521)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وقال ابن عدي: له أحاديث حسان، وهي أحاديث إفرادات، وفي بعض أحاديثه مما ينكر. اهـ. من الكامل (3/ 1083)، والتهذيب (3/ 305 رقم 570)، والتقريب (1/ 256 رقم 6).

وأما شيخ البزار، فتقدم كلام الهيثمي عنه، وعليه فالحديث بهذا الِإسناد ضعيف جداً؛ للعلل المتقدمة.

وأما حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فلفظه نحو لفظ حديث سلمان -رضي الله عنه-.

ذكره الهيثمي في الموضع السابق، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه طلحة بن عمرو، وهو متروك".

قلت: وعليه فحديث أنس، وأبي هريرة -رضي الله عنهما- لا يصلحان للاستشهاد، وأما بحديث سلمان فيرتقي الحديث إلى الحسن لغيره، والله أعلم.

(7/3522)

1168 - حديث سعيد بن أنس، (عن أنس بن مالك) (1):

بينا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- جالس، إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله، بأبي أنت وأمى؟ قال: "رجلان (من أمتي) (2) " الحديث بطوله (3).

قال: صحيح.

قلت: فيه عباد بن شيبة الحَبِطي، عن سعيد، والأول ضعيف، وشيخه لا يعرف (4).

__________

(1) في (أ): (سعيد بن أنس بن مالك)، وفي (ب): (سعيد بن أنس)، وما أثبته من المستدرك، وتلخيصه.

(2) في (أ): (فرا مني) وليس في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) من قوله: (عن أنس بن مالك) إلى هنا ليس في (ب).

(4) في (ب): (قلت: عباد بن شيبة الحبطي، عن سعيد، الأول لا يعرف، والثاني ضعيف)، ووضع على كل من قوله: (لا يعرف) وقوله: (ضعيف) إشارة التقديم والتأخير (م. م) معناها: وضع هذه مكان الأخرى.

1168 - المستدرك (4/ 576): حدثنا أبو منصور محمد بن القاسم العتكي، ثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أنس القرشي، ثنا عبد الله بن بكر السهمي، أنبأ عباد بن شيبة الحبطي، عن سعيد بن أنس، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جالس، إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله، بأبي أنت وأمي؟ قال: "رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يارب، خذ لي مظلمتي من أخي، فقال الله تبارك وتعالى للطالب: فكيف تصنع بأخيك، ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: يا رب، فليحمل من أوزاري"، قال: وفاضت عينا =

(7/3523)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- بالبكاء، ثم قال: "إن ذاك اليوم عظيم، يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله تعالى للطالب: ارفع بصرك، فانظر في الجنان، فرفع رأسه، فقال: يا رب، أرى مدائن من ذهب، وقصوراً من ذهب، مكللة باللؤلؤ، لأي نبي هذا، أو لأي صديق هذا، أو لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال: يا رب، ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك، قال: يا رب، فإني قد عفوت عنه، قال الله عز وجل: فخذ بيد أخيك، فأدخله الجنة"، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- عند ذلك: "اتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله تعالى يصلح بين المسلمين".

تخريجه.

الحديث أخرجه أبو يعلى في مسنده -كما في تفسير ابن كثير (2/ 285) -: حدثنا مجاهد بن موسى، حدثنا عبد الله بن (بكر)، حدثنا عباد بن شيبة الحبطي، فذكره بنحوه.

وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق -كما في كنز العمال (3/ 824 - 825 رقم 8863) -، ولم أجده في مكارم الأخلاق المطبوع.

وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 210) وعزاه أيضاً للبيهقي في البعث والنشور.

وأشار البخاري -رحمه الله- إلى الحديث في تاريخه (3/ 459)، فقال: "سعيد بن أنس، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في المظالم، لا يتابع عليه".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "عباد ضعيف، وشيخه لا يعرف".

أما عباد بن شيبة الحبطي، ويقال: عباد بن ثُبَيْت، فإنه ضعيف، ذكره =

(7/3524)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ابن حبان في المجروحين (2/ 171)، وقال: "منكر الحديث جداً على قلة روايته، لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من المناكير". اهـ. وانظر الميزان (2/ 366 رقم 4120).

وأما شيخه فهو سعيد بن أنس، وهو مجهول، قاله العقيلي، وتقدم أن البخاري قال عنه، وعن حديثه: "لا يتابع عليه"، وذكره ابن حبان في ثقاته. اهـ. من اللسان (3/ 24 رقم 80)، وقال الذهبي في ديوان الضعفاء (ص 118 رقم 1578) مثل ما قال هنا: "لا، يعرف".

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لجهالة سعيد بن أنس، وضعف عباد بن شيبة الحبطي.

(7/3525)

1169 - حديث جابر مرفوعاً:

"إن العار ليلزم المرء يوم القيامة، حتى يقول: يا رب لإِرسالك بي إلى النار أيسر على مما ألقى" (1).

قال: صحيح.

قلت: فيه (2) الفضل بن عيسى واه.

__________

(1) من قوله: (المرء يوم القيامة) إلى هنا ليس في (ب).

(2) قوله: (فيه) ليس في (ب).

ملحوظة: معلق بهامش (أ) بجانب هذا الحديث عبارة أشبه ما تكون بقوله: "إنما النار خير من العار، تدبر".

1169 - المستدرك (4/ 577): حدثنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا يحيى بن أبي طالب، أنبأ عبد الوهاب بن عطاء، أنبأ الفضل بن عيسى الرقاشي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن العار ليلزم المرء يوم القيامة، حتى يقول: يا رب، لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى، وإنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2039) من طريق الفضل، به نحوه.

وذكره في الكنز (3/ 512 رقم 7666)، وعزاه للحاكم فقط.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "الفضل واه".

والفضل هذا هو ابن عيسى بن أبان الرقاشي، أبو عيسى البصري =

(7/3526)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الواعظ، وهو منكر الحديث، ورمي بالقدر -كما في التقريب (2/ 111 رقم 48 - ، وانظر الجرح والتعديل (7/ 64 - 65 رقم 367)، والتهذيب (8/ 283 - 284 رقم 519).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف الفضل بن عيسى.

(7/3527)

1170 - حديث أبي ذر، (قال) (1):

"لو تعلمون (2) ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً ولما ساغ لكم الطعام والشراب" إلخ (3).

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه انقطاع، ثم يونس بن (خباب) (4) رافضي، و (5) لم يخرجا له.

__________

(1) ليست في (أ).

(2) في (ب): (تعلم).

(3) من قوله: (لضحكتم) إلى هنا ليس في (ب).

(4) في (أ): (جباب)، ولم تنقط في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

(5) الواو ليست في (ب)، والتلخيص.

1170 - المستدرك (4/ 579): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن مرزوق، ثنا شعبة، عن يونس بن خباب، قال سمعت مجاهداً يحدث، عن أبي ذر -رضي الله عنه-، قال: لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، ولما ساغ لكم الطعام، ولا الشراب، ولما نمتم على الفرش، ولهجرتم النساء، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون، وتبكون، ولوددت أن الله خلقني شجرة تعضد.

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق يونس بن خباب، عن مجاهد، عن أبي ذر، به.

وتابع يونس عليه إبراهيم بن مهاجر.

أخرجه وكيع في الزهد (1/ 261 - 264 و393 رقم 33 و159): حدثنا =

(7/3528)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أبي، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، قال: قال أبو ذر: أطَّت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع شبر، إلا وفيه ملك ساجد، ولو تعلمون ما أعلم، ما تلذذتم مع نسائكم على الفرشات، ولخرجتم إلى الصُّعدات تجأرون وتبكون. اهـ. هكذا لفظه في الموضع الأول، وساقه بنفس الإسناد في الموضع الثاني، ولفظه: وددت أني شجرة أعضد، وددت أني لم أخلق.

ومن طريق وكيع بهذا اللفظ الثاني أخرجه الإمام أحمد في الزهد (ص 182).

ورواه الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر، فخالف في ذلك يونس، وإبراهيم بن مهاجر، فوصله.

أخرجه هناد في الزهد (1/ 259 و269 - 270 رقم 450 و468): حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: والله لوددت أن الله خلقني يوم خلقني شجرة تعضد، ويؤكل ثمرها. اهـ. وهذا لفظه في الموضع الأول.

وأما لفظه في الموضع الثاني فهو: لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً. ولو تعلمون ما أعلم، لخرجتم إلى الصعدات، تجأرون وتبكون، ولو تعلمون ما أعلم، ما انبسطتم إلى نسائكم، وما تقاررتم على فرشكم.

ومن طريق هناد أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 164) بلفظ: والله لو تعلمون ما أعلم، ما انبسطتم إلى نسائكم، ولا تقاررتم على فرشكم، والله لوددت أن الله عز وجل خلقني يوم خلقني شجرة تعضد، ويؤكل ثمرها.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 341 رقم 16531) من طريق معاوية، به نحو لفظ هناد السابق، في الزهد، والحلية. =

(7/3529)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه ابن أبي عاصم في الزهد (ص 37 رقم 66) من طريق سفيان، عن الأعمش، به مختصراً بلفظ: وددت أني شجرة تعضد.

وقد جاء الحديث، عن أبي ذر، مرفوعاً.

أخرجه الحاكم بعد هذا الحديث بحديث، من طريق إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن مورق العجلي، عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع، إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله، والله لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله"، ولوددت أني كنت شجرة تعضد.

قال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقد رواه الحاكم قبل هذا الموضع (2/ 510) من طريق إسرائيل أيضاً، وقال: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وسكت عنه الذهبي.

وأخرجه الإِمام أحمد في المسند (5/ 173).

والترمذي في سننه (6/ 601 - 603 رقم 2414) في الزهد، باب ما جاء في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً".

وابن ماجه (2/ 1402 رقم 4190) في الزهد، باب الحزن والبكاء.

وأبو نعيم في الحلية (2/ 236 - 237).

والبيهقي في سننه (7/ 52) في النكاح، باب ما كان مطالباً برؤية مشاهدة الحق، مع معاشرة الناس بالنفس والكلام.

جميعهم من طريق إسرائيل، به نحوه. =

(7/3530)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، ويروى من غير هذا الوجه، أن أبا ذر قال: لوددت أني كنت شجرة تعضد، ويروى عن أبي ذر موقوفاً.

قلت: وقوله هنا في الحديث: "ولوددت أني كنت شجرة تعضد"، هذا اللفظ ليس ضمن اللفظ المرفوع، أوضحته رواية الإمام أحمد، وفيها: قال: فقال أبو ذر: والله لوددت أني شجرة تعضد.

وأخرجه عبد الله بن الِإمام أحمد في زوائد الزهد (ص 182) من طريق جعفر بن سليمان، عن رجل قد سماه، عن شهر بن حوشب، عن عائذ الله، عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده، لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، وما استقللتم على الفرش، ولا تمتعتم من الأزواج، ولا شبعتم من الطعام، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل"، فكأن أبوذر إذا حدث هذا الحديث يقول: يا ليتني شجرة تعضد.

دراسة الِإسناد:

الحديث رواه الحاكم هنا من طريق يونس بن خباب، عن مجاهد، عن أبي ذر، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله: "منقطع، ثم يونس رافضي لم يخرجا له".

أما يونس بن خباب، فتقدم في الحديث (853) أنه: صدوق يخطيء، ورمي بالرفض، ولم يخرج له أحد من الشيخين في صحيحهما -كما يتضح من مصادر ترجمته هناك.

وأما الانقطاع؛ فإن يونس هنا يروي الحديث عن مجاهد، عن أبي ذر.

ومجاهد -رحمه الله- نصوا في ترجمته في التهذيب (10/ 43 - 44) على أنه يسمع من علي، وسعد، ومعاوية، وكعب بن عجرة، الذين تأخرت سن وفاتهم عن أبي ذر -رضي الله عنه-.

فعلي -رضي الله عنه- تقدم مراراً أنه توفي سنة أربعين للهجرة، وأما =

(7/3531)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أبو ذر فإنه توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة -كما في التهذيب (12/ 91) -.

وقد روى الحديث عن مجاهد اثنان آخران.

أحدهما الأعمش، والآخر إبراهيم بن مهاجر.

أما الأعمش -رحمه الله- فإنه خالف يونس، فرواه عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر.

وأما إبراهيم بن مهاجر، فاختلف عليه في الحديث.

فرواه عنه والد وكيع، عن مجاهد، عن أبي ذر، ووالد وكيع هذا اسمه: الجراح بن مليح بن عدي الرَّؤاسي، وهو: صدوق، إلا أنه يهم، وثقة أبو الوليد الطيالسي، وأبو داود السجستاني، وقال النسائي، والعجلي، وابن معين: لا بأس به، وروي عن ابن معين تضعيفه، وقال ابن عدي: لا بأس به، وهو صدوق. وضعفه ابن سعد، وابن معين في رواية كما سبق، وابن عمار، وقال البرقاني: سألت الدارقطني عن الجراح، فقال: ليس بشيء، هو كثير الوهم، قلت: يعتبر؟ قال: لا.

وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به. وقال الأزدي: يتكلمون فيه، وليس بالمرضي عندهم. وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل. اهـ. من الجرح والتعديل (2/ 523 رقم 2175)، والتهذيب (2/ 66 - 68 رقم 108)، والتقريب (1/ 126 رقم 48).

ورواه إسرائيل، عنه -أي عن إبراهيم بن مهاجر-، عن مجاهد، عن مورق العجلي، عن أبي ذر -رضي الله عنه-، مرفوعاً.

وإسرائيل تقدم في الحديث (496) أنه: ثقة.

وقد يكون الاختلاف هذا من إبراهيم بن مهاجر نفسه، فإنه: صدوق، فيه لين -كما تقدم في الحديث (903) -.

وعليه فالراجح هي رواية الأعمش للحديث، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر، موقوفاً كما تقدم، لأن الأعمش ثقة حافظ ورع كما تقدم في الحديث (712). =

(7/3532)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأما مجاهد بن جبر، فتقدم في الحديث (1035) أنه: ثقة.

وعبد الرحمن بن أبي ليلى يسار الأنصاري، المدني، ثم الكوفي: ثقة، من رجال الجماعة، -كما في التقريب (1/ 496 رقم 1094) -، وانظر الجرح والتعديل (5/ 301 رقم 1424)، والتهذيب (6/ 260 - 262 رقم 515).

وأما الطريق التي أخرجها عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، ففي سندها الرجل المبهم، وشهر بن حوشب وتقدم في الحديث (614) أنه: صدوق كثير الأوهام.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لانقطاعه، وما تقدم عن حال يونس بن خباب.

وهو صحيح من الطريق الأخرى التي رواها الأعمش، موقوفاً على أبي ذر.

وأما قوله: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً"، فإنه جاء مرفوعاً إليه -صلى الله عليه وسلم-.

أخرجه البخاري في صحيحه (8/ 280 رقم 4621) و (11/ 319 رقم 6486)، في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، باب {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ (101)} [المائدة: 101] (آية "101" من سورة المائدة)،

وفي الرقاق، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً".

ومسلم (4/ 1832 رقم 134) في الفضائل، باب توقيره -صلى الله عليه وسلم-.

كلاهما من حديث أنس -رضي الله عنه-، رفعه بمثله.

(7/3533)

1171 - حديث عائشة، قالت:

"مرَّ بي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وأنا رافعة يدي وأنا أقول: اللهم حاسبني حساباً يسيراً (1) " الحديث.

قلت: الحُريش بن (الخِرِّيت) (2) قال البخاري: فيه نظر (3).

__________

(1) من قوله: (وأنا أقول) إلى هنا ليس في (ب).

(2) في (أ)، والمستدرك وتلخيصه: (الحريث)، ولم تتضح نقطها في (ب)، وما أثبته من مصادر الترجمة.

(3) التاريخ الكبير (3/ 114 رقم 386).

1171 - المستدرك (4/ 580)، أخرج الحاكم حديث عائشة -رضي الله عنها-، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "اللهم حاسبني حساباً يسيراً، قال فقلت: يا رسول الله، ما الحساب اليسير؟ قال: أن ينظر في سيئاته، ويتجاوز له عنها، إنه من نوقش الحساب يومئذ هلك، وكل ما يصيب المؤمن، يكفر الله عنه سيئاته، حتى الشوكة تشوكه".

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذه السياقة، وشاهده عن عائشة -رضي الله عنها-"، ثم قال: أخبرناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا موسى بن هارون، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا حرمي بن عمارة، ثنا الحريش بن الخريت، ثنا ابن أبي مليكة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: مر بي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأنا رافعة يدي، وأنا أقول: اللهم حاسبني حساباً يسيراً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "تدرين ما ذلك الحساب؟ " فقلت: ذكر الله في كتابه:

{فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8] (الآية (8) من سورة الإِنشقاق).

فقال لي: "يا عائشة، إن من حوسب خصم، ذلك الممر بين يدي الله تعالى". =

(7/3534)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق حرمي بن عمارة، عن الحريش بن خِرِّيت، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة -رضي الله عنها-، مرفوعاً.

وأخرجه ابن جرير الطبري (30/ 116) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن الحريش، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: من نوقش الحساب، أو: من حوسب، عُذِّب، قال: ثم قالت: إنما الحساب اليسير: عرض على الله، وهو يراهم.

وأصل الحديث في الصحيحين.

فقد أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 196 - 197 رقم 103) في العلم، باب من سمع شيئاً، فراجع حتى يعرفه.

و (8/ 697 رقم 4939) في التفسير.

باب: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8].

و (11/ 400 رقم 6536 و 6537) في الرقاق، باب: من نوقش الحساب عذب.

ومسلم (4/ 2204 و 2205 رقم 79 و80) في الجنة وصفة نعيمها، وأهلها، باب إثبات الحساب.

كلاهما من طريق ابن أبي ملكية، به بلفظ -والسياق للبخاري، ومسلم نحوه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك"، قلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله تعالى:

{{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 7 - 8]؟

فقال رسول اله -صلى الله عليه وسلَّم-: "إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة، إلا عذب". =

(7/3535)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (6/ 47 و91 و127 و206).

وأبو داود في سننه (3/ 471 - 472 رقم 3093) في الجنائز، باب عيادة النساء.

والترمذي (7/ 112 رقم 2543) في صفة القيامة، باب منه.

ثلاثتهم من طريق أبي مليكة، به نحوه.

دراسة الإسناد:

الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث الذي تقدم ذكره، وأعله الذهبي بقوله: "الحريش، قال البخاري: في حديثه نظر"، كذا في التلخيص المخطوط والمطبوع، والذي في التاريخ الكبير مثل ما أثبته ابن الملقن: (فيه نظر).

والحريش هذا هو ابن الخِرِّيت البصري، وهو ضعيف، قال عنه البخاري: فيه نظر، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه. / التاريخ الكبير (3/ 114 رقم 386)، والتهذيب (2/ 241 رقم 439)، والتقريب (1/ 160 رقم 217).

الحكم على الحديث:

الحديث من طريق الحاكم في سنده الحريش، وتقدم أنه ضعيف، لكنه صح من طرق أخرى عن ابن أبي مليكة، أخرجها الشيخان، وغيرهما كما تقدم.

(7/3536)

1172 - حديث ابن مسعود:

أنه سئل عن قوله تعالي:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] (1)؟

قال: داخلها.

قال: صحيح.

قلت: فيه داود بن الزبرقان، تركه أبو داود (2).

__________

(1) الآية (71) من سورة مريم.

(2) في سؤالات الآجري لأبي داود (ص 158 رقم 140): "داود بن الزبرقان ترك حديثه".

1172 - المستدرك (4/ 587): أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الجراح العدل بمرو، ثنا يحيى بن ساسويه، ثنا علي بن حجر، ثنا داود بن الزبرقان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن مرة الهمداني؛ أن ابن مسعود سئل عن قول الله عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (71)} [مريم: 71]، قال: وإن منكم إلا داخلها، كان على ربك حتماً مقضياً، ثم ينجي الذين اتقوا، ويذر الظالمين فيها جثياً.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (16/ 110) من طريق داود بن الزبرقان، عن السدي، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (71)} [مريم: 71]، فقال: داخلها.

دراسة الإسناد:

الحديث الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "داود، تركه أبو داود".

وداود هذا هو بن الزبرقان، تقدم في الحديث (661) أنه: متروك. =

(7/3537)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف داود بن الزبرقان.

ويشهد لمعناه ما أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 1942 رقم 163) في فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة، من طريق أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرتني أم مُبشِّر أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: عند حفصة: "لا يدخل النار -إن شاء الله- من أصحاب الشجرة أحد: الذين بايعوا تحتها"، قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (71)} [مريم: 71].

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "قد قال الله عز وجل:

{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} [مريم: 72]. اهـ.

والشاهد منه إقراره -صلى الله عليه وسلم- لحفصة بأن الورود هو الدخول، وإنما أنكر عليها ظاهر كلامها الذي يفهم منه الحكم على أصحاب الشجرة بالبقاء في النار.

(7/3538)

1173 - حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس، قال:

كان عبد الله بن رواحة (واضعاً) (1) رأسه في حجر امرأته، فبكى، فبكت امرأته ... إلخ (2).

قال: صحيح (3) على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه إرسال.

__________

(1) في (أ) و (ب): (واضع)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) قوله: (فبكى، فبكت امرأته ... ألخ) ليس في (ب).

(3) قوله: (صحيح) ليس في (ب)، والتلخيص، وما أثبته من (أ) والمستدرك.

1173 - المستدرك (4/ 588): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا سعيد بن محمد الحجواني بالكوفة، ثنا وكيع بن الجراح، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: بكى عبد الله بن رواحة، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي، فبكيت، قال: إني نُبِّئت أني واردها، ولم أُنَبَّأ أني صادرها.

حدثنا أبو العباس محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة حرسها الله تعالى، ثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، أنبأ عبد الرزاق، أنبأ ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: كان عبد الله بن رواحة واضعاً رأسه في حجر امرأته، فبكى، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي، فبكيت، قال: إني ذكرت قول الله عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (71)} [مريم: 71]، فلا أدري، أنجو منها، أم لا؟.

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم في الموضع الأول من طريق وكيع.

وأخرجه وكيع في الزهد (1/ 260 - 261 رقم 32). =

(7/3539)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 357 رقم 16576).

والإمام أحمد في الزهد (ص 249).

وهناد في الزهد (1/ 163 رقم 227).

وابن عساكر في تاريخ دمشق (ص 333 جزء عبد الله بن جابر - عبد الله بن زيد).

جميعهم من طريق وكيع، به.

وأخرجه الحاكم في الموضع الثاني من طريق عبد الرزاق.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أيضاً ابن جرير في تفسيره (16/ 110) بمثل سياق الحاكم.

والحديث أخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 104 رقم 310): أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، فذكره بنحوه.

ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق.

وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (لـ 152 ب- 153 أ): نا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: بكى عبد الله بن رواحة، فبكت امرأته، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي، فبكيت، قال: إني أعلم أني وارد النار، فلا أدري، أناج منها، أم لا؟

وأخرجه الطبري في الموضع السابق من طريق حكام، عن إسماعيل، به نحوه.

وللحديث طريق أخرى، يرويها بكر بن عبد الله المزني، قال: لما نزلت هذه الآية:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (71)} [مريم: 71]،

ذهب عبد الله بن رواحة إلى بيته، فبكى، فجاءت امرأته، فبكت، فجاءت الخادم، فبكت، وجاء أهل البيت، فجعلوا يبكون، فلما =

(7/3540)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= انقطعت عبرته، قال: يا أهلاه، ما الذي أبكاكم؟ قالوا: لا ندري، ولكن رأيناك بكيت، فبكينا، قال: إنه أنزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آية، ينبئني فيها ربي عز وجل، أني وارد النار، ولم ينبئني أني صادر عنها، فذلك الذي أبكاني.

أخرجه ابن المبارك في الموضع السابق برقم (309)، عن شيخه عباد المنقري، حدثنا بكر بن عبد الله المزني، فذكره.

ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق.

وأخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 118) من طريق محمد بن فليح، ثنا موسى بن عقبة، عن ابن شهاب الزهري، قال: زعموا أن ابن رواحة بكى حين أراد الخروج إلى مؤتة، فبكى أهله حين رأوه يبكي، فذكره بنحوه.

وأخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص 334) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، قال: وزعموا، والله أعلم، أن ابن رواحة، فذكره بنحو سابقه، لكن من قول موسى بن عقبة، ولم يذكر الزهري.

وأخرجه أبو نعيم في الموضع نفسه، من طريق عروة بن الزبير، قال: لما أراد ابن رواحة الخروج إلى أرض مؤتة من الشام، أتاه المسلمون يودعونه، فبكى، فقالوا له: ما يبكيك؟ قال: أما والله ما بي حب الدنيا، ولا صبابة لكم، ولكني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرأ هذه الآية:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)} [مريم: 71]،

فقد علمت أني وارد النار، ولا أدري كيف الصدر بعد الورود؟

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: =

(7/3541)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= "فيه إرسال"، وأصاب بذلك؛ فإن عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- توفي في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، في غزوة مؤتة سنة ثمان من الهجرة، ورواية قيس بن أبي حازم عنه مرسلة -كما في التهذيب (5/ 212) -.

والطريق الأخرى التي أخرجها ابن المبارك، عن شيخه عباد المنقري، عن بكر المزني، لها علتان:

1 - الِإرسال، فإن بكر بن عبد الله المزني لم يسمع إلا من صغار الصحابة كأنس، وابن عباس، وابن عمر، وروايته عن مثل أبي ذر، مرسلة. / انظر التهذيب (1/ 484).

2 - ضعف شيخ ابن المبارك عباد بن مسيرة المِنْقَري، ضعفه أحمد، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال مرة: حديثه ليس بالقوي، ولكنه يكتب. وقال أبو داود: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: لين الحديث. / انظر الكامل لابن عدي (4/ 1647)، والتهذيب (5/ 107 - 108)، والتقريب (1/ 394 رقم 114).

وأما الطريق الأخرى التي رواها الزهري، فإنها مرسلة؛ الزهري لم يدرك ابن رواحة أيضاً. وكذا الطريق التي رواها عروة بن الزبير، مرسلة -كما يتضح من ترجمة عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- في الموضع السابق من التهذيب.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لإرساله، وهو بمجموع الطرق المتقدمة يرتقي لدرجة الحسن لغيره.

(7/3542)

1174 - حديث عبد الله مرفوعاً:

"يجمع الله الناس يوم القيامة فيناديهم مناد) الحديث (1).

قال: صحيح، وأبو خالد الدَّالاني المذكور فيه كلهم يشهدون له بالصدق والِإتقان (2).

قلت: ما أنكره حديثاً، على جودة إسناده، وأبو خالد شيعي منحرف.

__________

(1) قوله: (فيناديهم مناد ... الحديث) ليس في (ب).

(2) من قوله: (وأبو خالد) إلى هنا ليس في (ب).

1174 - المستدرك (4/ 589 - 592): أخبرني أبو جعفر محمد بن دحيم الشيباني بالكوفة من أصل كتابه، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري، ثنا مالك بن إسماعيل النهدي، ثنا عبد السلام بن حرب، ثنا يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني، ثنا المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "يجمع الله الناس يوم القيامة، فينادي مناد: يا أيها الناس، ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم أن يولي على إنسان ما كان يعبد في الدنيا ويتولى؟ أليس ذلك عدل من ربكم؟ قالوا: بلى، قال: فينطلق على إنسان منكم إلى ما كان يتولى في الدنيا، ويمثل لهم ما كانوا يعبدون في الدنيا، وقال: يمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى، ويمثل لمن كان يعبد عزيراً شيطان عزير، حتى يمثل لهم الشجر، والعود، والحجر، ويبقى أهل الِإسلام جثوماً، فيقول لهم: ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس؟ فيقولون: إن لنا رباً ما رأيناه بعد، قال: فيقول: فبم تعرفون ربكم إن رأيتموه؟ قالوا: بيننا وبينه علامة، إن رأيناه عرفناه، قال: وما هي؟ قالوا: الساق، فيكشف عن ساق، قال: فيحني كل من كان لظهر طبق ساجداً ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر، يريدون السجود فلا يستطيعون، قال: ثم =

(7/3543)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= يؤمرون فيرفعون رؤوسهم، فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطي نوره دون ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك، حتى يكون آخر ذلك يعطى نوره على إبهام قدمه، يضيء مرة، ويطفيء مرة، فإذا أضاء قدم قدمه، وإذا طفىء قام، فيمرون على الصراط كحد السيف دحض مزلة، قال: فيقال: انجوا على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الرحل، ويرمل رملًا، فيمرون على قدر أعمالهم، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه يجر يداً، ويعلق يداً، ويجر رجلاً، ويعلق رجلاً، فتصيب جوانبه النار. قال: فيخلصون، فإذا خلصوا قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك، بعد إذ رأيناك، فقد أعطانا الله ما لم يعط أحداً، فينطلقون إلى ضحضاح عند باب الجنة، وهو مصفق منزلاً في أدنى الجنة، فيقولون: ربنا أعطنا ذلك المنزل، قال: فيقول لهم: تسألوني الجنة وهو مصفق وقد أنجيتكم من النار؟ هذا الباب لا يسمعون حسيسها فيقول لهم: لعلكم إن اعطيتموه أن تسألوني غيره؟ قال فيقولون: لا وعزتك لا نسألك غيره، وأي منزل يكون أحسن منه قال: فيعطوه، فيرفع لهم أمام ذلك منزل آخر كأن الذي أعطوه قبل ذلك حلم عند الذي رأوه، قال فيقول لهم: لعلكم إن اعطيتموه أن تسألوني غيره؟ فيقولون: لا وعزتك، لا نسألك غيره، وأي منزل أحسن منه، فيعطوه، ثم يسكتون قال: فيقال لهم: ما لكم لا تسألوني؟ فيقولون: ربنا قد سألنا حتى استحيينا، قال: فيقول لهم: ألم ترضوا إن أعطيتكم مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها؟ " قال: قال مسروق: فما بلغ عبد الله هذا المكان من الحديث إلا ضحك، قال: فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لقد حدثت بهذا الحديث مراراً، فما بلغت هذا المكان من هذا الحديث إلا ضحكت؟ قال: فقال عبد الله: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- يحدث بهذا الحديث مراراً فما بلغ هذا المكان من الحديث إلا ضحك حتى تبدو لهواته ويبدو آخر ضرس من أضراسه؛ لقول الِإنسان أتهزأ بي وأنت =

(7/3544)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الملك؟ قال: "فيقول الرب تبارك وتعالى: لا ولكني على ذلك قادر فسلوني، قال: فيقولون: ربنا الحقنا بالناس، فيقول لهم: الحقوا بالناس، قال: فينطلقون يرملون في الجنة، حتى يبدو للرجل منهم قصر من درَّة مجوَّفة، قال: فيخر ساجداً، قال: فيقال له: ارفع رأسك، فيرفع رأسه، فيقال: إنما هذا منزل من منازلك، قال: فينطلق فيستقبله رجل، فيقول: أنت ملك؟ فيقال: إنما ذلك قهرمان من قهارمتك، عبد من عبيدك، قال: فيأتيه فيقول: إنما أنا قهرمان من قهارمتك على هذا القصر تحت يدي ألف قهرمان كلهم على ما أنا عليه، قال: فينطلق به عند ذلك، حتى يفتح القصر وهو درة مجوفة سقايفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها، فيفتح له القصر، فيستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء سبعون ذراعاً، فيها ستون باباً، كل باب يفضي إلى جوهرة واحدة على غير لون صاحبتها في كل جوهرة سرر وأزواج وتصاريف، -أو قال: ووصائف-، قال: فيدخل فإذا هو بحوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته، وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضه ازدادت في عينه سبعين ضعفاً عما كان قبل ذلك، فيقول: لقد ازددت في عيني سبعين ضعفاً، وتقول له مثل ذلك، قال: فيشرف ببصره على ملكه مسيرة مائة عام"، قال: فقال عمر عند ذلك: يا كعب ألا تسمع إلى ما يحدثنا ابن أم عبد عن أدنى أهل الجنة ما له فكيف بأعلاهم؟ قال: يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، إن الله كان فوق العرش والماء، فخلق لنفسه داراً بيده، فزينها بما شاء، وجعل فيها من الثمرات والشراب، ثم أطبقها، فلم يرها أحد من خلقه منذ خلقها، لا جبريل ولا غيره من الملائكة، ثم قرأ كعب.

{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ (17)} [السجدة: 17]،

وخلق دون ذلك جنتين فزينهما بما شاء، وجعل فيهما ما ذكر من الحرير والسندس والاستبرق، وأراهما من شاء من خلقه من الملائكة، فمن كان كتابه في عليين، يرى في تلك الدار، فإذا ركب الرجل من أهل عليين في =

(7/3545)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ملكه، لم ينزل خيمة من خيام الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه، حتى إنهم يستنشقون ريحه، ويقولون: واهاً لهذه الريح الطيبة، ويقولون لقد أشرف علينا اليوم رجل من أهل عليين، فقال عمر: ويحك يا كعب! إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها، فقال كعب: يا أمير المؤمنين، إن لجهنم زفرة، ما من ملك مقرب، ولا نبي إلا يخر لركبتيه حتى يقول إبراهيم -خليل الله-: رب نفسي نفسي، وحتى لو كان لك عمل سبعين نبياً إلى عملك، لظننت أن لا تنجو منها.

قال الحاكم: "رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، غير أنهما لم يخرجا أبا خالد الدالاني في الصحيحين؛ لما ذكر من انحرافه عن السنَّة في ذكر الصحابة، فأما الأئمة المتقدمون فكلهم شهدوا لأبي خالد بالصدق والإِتقان، والحديث صحيح ولم يخرجاه، وأبو خالد الدالاني ممن يجمع حديثه في أئمة أهل الكوفة".

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 416 - 421 رقم 9763) من طريق عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني، به.

وأخرجه في الموضع نفسه من طريق محمد بن النضر الأزدي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، ثلاثتهم عن إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني، ثنا محمد بن سلمة الحراني، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، فذكره بنحوه.

وعبد الله بن أحمد أخرجه في كتاب السنَّة (2/ 177 - 181).

وأخرجه البيهقي في البعث والنشور (ص 252 - 254 رقم 434) من طريق محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن عبيد، به نحوه.

وأخرجه الطبراني أيضاً (9/ 421 رقم 9764) من طريق نعيم بن =

(7/3546)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= أبي هند، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، فذكره بنحوه هكذا، ولم يذكر مسروقاً في سنده.

وساقه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (4/ 365 - 367) بطوله إلى قوله: "وكبدها مرآته"، وعزاه لِإسحاق بن راهويه في مسنده، وقال: "هذا إسناد صحيح متصل، رجاله ثقات".

ورواه ابن أبي الدنيا -كما في الترغيب والترهيب للمنذري (4/ 246 - 248) -، ثم قال المنذري عقبه: "أحد طرق الطبراني صحيح ... ، وهو في مسلم، بنحوه، باختصار عنه".

وقال الهيثمي في المجمع (10/ 343): "رواه كله الطبراني من طرق، ورجال أحدها رجال الصحيح، غير أبي خالد الدالاني، وهو ثقة".

وأصل الحديث في صحيح مسلم كما قال المنذري -رحمه الله-، من حديث ابن مسعود.

فقد أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 173 و 174 و 174 - 175 رقم 308 و 309 و310) في الِإيمان، باب آخر أهل النار خروجاً، من طريق منصور، والأعمش، كلاهما عن إبراهيم، عن عبيدة، عن ابن مسعود، به مختصراً، ومن طريق ثابت، عن أنس، عن ابن مسعود، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- قال: "آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكبوا مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها، التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة، فيقول: أي رب، أدنني من هذه الشجرة، فلأستظل بظلها، وأشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم، لعليِّ إن أعطيتكها سألتني غيرها؟ فيقول: لا يا رب، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي رب، أدنني من هذه؛ لأشرب من مائها، =

(7/3547)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها}، فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها، فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة، هي أحسن من الأولين، فيقول: أي رب، أدنني من هذه؛ لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب، هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليها، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها، فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب، أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم، ما يَصْريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا، ومثلها معها؟ قال: يا رب، أتستهزىء مني، وأنت رب العالمين؟ "، فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: "من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزىء مني، وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزىء منك، ولكني على ما أشاء قادر.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "ما أنكره حديثاً، على جودة إسناده، وأبو خالد شيعي منحرف".

وأبو خالد الدالاني هذا اسمه يزيد بن عبد الرحمن، وتقدم في الحديث (492) أنه: صدوق يخطيء كثيراً، ولم أجد من وصفه بالتشيع سوى الذهبي هنا، وقول الحاكم آنفاً: "لما ذكر من انحرافه عن السنَّة في ذكر الصحابة".

ولم ينفرد أبو خالد هذا بالحديث، بل تابعه زيد بن أبي أنيسة كما سبق.

وزيد بن أبي أنيسة الجزري، أبو أسامة: ثقة، له أفراد، من رجال الجماعة -كما في التقريب (1/ 272 رقم 158) -، وانظر الجرح =

(7/3548)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= والتعديل (3/ 556 رقم 2517)، والتهذيب (3/ 397 - 398 رقم 729).

والراوي عنه أبو عبد الرحيم الحراني خالد بن أبي يزيد بن سماك بن رستم، الأموي، مولاهم: ثقة من رجال مسلم -كما في التقريب (1/ 221 رقم 101) -، وانظر الجرح والتعديل (3/ 361 - 362 رقم 1638)، والتهذيب (3/ 132 رقم 243).

والراوي عن أبي عبد الرحيم هو محمد بن سلمة الحراني، وتقدم في الحديث (661) أنه: ثقة.

وعن محمد الحراني رواه إسماعيل بن عبيد بن عمر بن أبي كريمة، الحراني الأموي، مولاهم، وهو ثقة، وثقه الدارقطني، وذكره ابن حبان في ثقاته، وروى عنه أبو زرعة. / انظر الجرح والتعديل (2/ 188 رقم 635)، والتهذيب (1/ 318 - 319 رقم 578).

وأما بقية رجال الإسناد فهم كالتالي:

مسروق بن الأجدع تقدم في الحديث (815)) أنه: ثقة فقيه عابد مخضرم، من رجال الجماعة.

وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود مشهور بكنيته، وقيل إن اسمه: عامر، وهو ثقة من رجال الجماعة -كما في التقريب (2/ 448 رقم 86) -، وانظر الجرح والتعديل (9/ 403 رقم 1335)، والتهذيب (5/ 75 رقم 121).

وأما المنهال بن عمرو الأسدي فتقدم في الحديث (592) أنه: صدوق.

الحكم على الحديث:

الحديث من طريق الحاكم في سنده أبو خالد الدالاني، وتقدم أنه: صدوق يخطيء كثيراً، فيكون الحديث من طريقه ضعيفاً، غير أنه لم ينفرد به، بل تابعه زيد بن أبي أنيسة، والحديث من طريقه حسن لذاته، وأصل الحديث في صحيح مسلم مختصراً كما تقدم، والله أعلم.

(7/3549)

1175 - حديث أنس مرفوعاً:

"ناركم هذه جزء من سبعين ناراً من جهنم" الحديث (1).

قال: صحيح.

قلت: فيه (2) جسر (3) بن فرقد، واهٍ، و (بكير) (4) بن بكَّار قال النسائي: ليس، بثقة (5).

__________

(1) من قوله: (جزء) إلى هنا ليس في (ب).

(2) قوله: (فيه) ليس في (ب)، والتلخيص.

(3) في المستدرك وتلخيصة: (حسين)، وما أثبته من (أ) و (ب)، ومصادر الترجمة.

(4) في (أ): (بكير)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

(5) من قوله: (وبكر) إلى هنا ليس في (ب)، وعبارة النسائي هذه في الضعفاء له (ص 26 رقم 87).

1175 - المستدرك (4/ 593): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا محمد بن مندة الأصبهاني، ثنا بكر بن بكار، ثنا حسين بن فرقد، ثنا الحسن، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: سمعت النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، ولولا أنها غمست في الماء مرتين ما استمتعتم بها، وأيم الله، إن كانت لكافية، وإنها لتدعو الله -أو: تستجير الله-: أن لا يعيدها في النار أبداً".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة".

تخريجه:

الحديث له عن أنس -رضي الله عنه- ثلاث طرق: =

(7/3550)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= * الأولى: يرويها بكر بن بكار، عن جسر بن فرقد، عن الحسن، عن أنس، وهي طريق الحاكم هذه.

* الطريق الثانية: يرويها نُفَيع أبو داود، عن أنس، به نحوه، ولم يذكر قوله: "وأيم الله إن كانت لكافية".

أخرجه هناد في الزهد (1/ 167 رقم 234).

وابن ماجه في سننه (2/ 1444 رقم 4318) في الزهد، باب صفة النار.

قال البوصيري في الزوائد (4/ 261): "نفيع ضعفه ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والفلاس والبخاري، والترمذي، والنسائي، وابن حبان، وغيرهم، وقال العقيلي: كان ممن يغلو في الرفض".

* الطريق الثالثة: يرويها زياد النميري، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ذكر ناركم، فقال: "إنها لجزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، وما وصلت إليكم حتى -أحسبه قال:- نُضحت مرتين بالماء؛ لتضيء لكم، ونار جهنم سوداء مظلمة".

أخرجه البزار (4/ 180 رقم 3489): حدثنا أحمد بن مالك القشيري، ثنا زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري.

قال الهيثمي في المجمع (10/ 388): "رجاله ضعفاء، على توثيق لين فيهم".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "جسر واه، وبكر قال النسائي: ليس بثقة".

وجَسْر هذا هو ابن فَرْقد القصاب، جعفر، البصري وتقدم في الحديث (526) أنه ضعيف.

وبكر بن بكار، أبو عمرو القيسي تقدم في الحديث (529) أنه ضعيف أيضاً. =

(7/3551)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأما الطريق الثانية التي رواها ابن ماجه، ففي سندها: نفيع بن الحارث، أبو داود الأعمى، مشهور بكنيته، وهو متروك -كما في التقريب (2/ 306 رقم 140) -، وانظر الكامل لابن عدي (7/ 2523 - 2524)، والتهذيب (10/ 470 - 472 رقم 847).

وأما الطريق الثالثة التي رواها البزار ففي سندها:

زياد بن عبد الله النميري، البصري وتقدم في الحديث (1167) أنه ضعيف.

والراوي عنه زائدة بن أبي الرقاد الباهلي، أبو معاذ البصري الصيرفي وتقدم في الحديث (1167) أنه: منكر الحديث.

وشيخ البزار أحمد بن مالك القشيري لم أجد أحداً بهذا الاسم، إلا أن يكون أحمد بن محمد بن مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي، وقد نسبه ابن حبان إلى جده فقال: أحمد بن مالك، كذا قال الحافظ ابن حجر في اللسان (1/ 292 رقم 864)، و (1/ 309 رقم 928)، والذي في المجروحين له (1/ 140): أحمد بن محمد بن مالك، ولم ينسبه إلى جده، فلعل النسخة التي بيد ابن حجر فيها نسبته إلى جده. قال ابن حبان عن أحمد هذا: منكر الحديث، يأتي بالأشياء المقلوبة التي لا يجوز الاحتجاج بها. وقال الدارقطني: ضعيف. / وانظر الميزان (1/ 150 رقم 585).

الحكم على الحديث:

الحديث من طريق الحاكم ضعيف؛ لضعف جسر بن فرقد، وبكر بن بكار، ولا ينجبر ضعفه بالطريقين الأخريين لشدة ضعفهما.

لكن صح الحديث من طريق أخرى، عدا قوله: "وإنها لتدعو الله، أو تستجير الله، أن لا يعيدها في النار أبداً"، فلم أجد ما يشهد له.

فقد أخرج البخاري في صحيحه (6/ 330 رقم 3265) في بدء الخلق، باب صفة النار، وأنها مخلوقة. =

(7/3552)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ومسلم (4/ 2184 رقم 30) في الجنة، وصفة نعيمها، وأهلها، باب في شدة حر نار جهنم.

كلاهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم"، قالوا: والله إن كانت لكافية، يا رسول الله!! قال: "فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً، كلهن مثل حرها".

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 244): حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، وضربت بالبحر مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد".

قال الحافظ ابن كثير في النهاية (2/ 214): "على شرط الصحيحين".

وصحح سنده الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على المسند (13/ 46).

(7/3553)

1176 - حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً:

"إن الأرضين بين كل أرض إلى التي تليها خمسمائة سنة ... "، الحديث بطوله.

قال: صحيح.

قلت: بل منكر، فيه عبد الله بن عياش (1) ضعفه أبو داود (2) (وعند مسلم) (3) أنه: ثقة، ودرّاج وهو كثير المناكير.

__________

(1) في المستدرك وتلخيصه المطبوعين: (عباس)، وما أثبته من (أ)، ومصادر التخريج، والترجمة، والحديث بكامله ليس في (ب).

(2) انظر الحديث رقم (1092).

(3) في (أ): (وعندهم)، وما أثبته من التلخيص.

1176 - المستدرك (4/ 594): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش، حدثني عبد الله ابن سليمان، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن الأرضين بين كل أرض إلى التي تليها مسيرة خمسمائة سنة، فالعليا منها على ظهر حوت قد التقى طرفاه في سماء الدنيا، والحوت على صخرة، والصخرة بيد ملك، والثانية مسجن الريح، فلما أراد الله أن يهلك عاداً أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحاً تهلك عاداً، قال: يا رب، أرسل عليهم من الريح قدر منخر الثور؟ فقال له الجبار تبارك وتعالى: إذا تكفي الأرض، ومن عليها، ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم، وهي التي قال الله عز وجل في كتابه العزيز:

{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)} [الذاريات: 42] (الآية "42 " من سورة الذاريات)،

والثالثة فيها حجارة جهنم والرابعة فيها كبريت جهنم". قالوا: =

(7/3554)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= يا رسول الله، أللنار كبريت؟ قال: "نعم، والذي نفسي بيده إن فيها لأودية من كبريت، لو أرسل فيها الجبال الرواسي لماعت، والخامسة فيها حيات جهنم، إن أفواهها كالأودية، تلسع الكافر اللسعة، فلا يبقى منه لحم على عظم، والسادسة فيها عقارب جهنم، إن أدنى عقربة منها كالبغال الموكفة، تضرب الكافر ضربة تنسيه ضربتها حر جهنم، والسابعة سقر، وفيها إبليس مصفد بالحديد، يد أمامه، ويد خلفه، فإذا أراد الله أن يطلقه لمن يشاء من عباده أطلقه".

قال الحاكم: "هذا حديث تفرد به أبو السمح، عن عيسى بن هلال، وقد ذكرت فيما تقدم عدالته بنص الِإمام يحيى بن معين -رضي الله عنه -، والحديث صحيح لم يخرجاه".

ملحوظة: من الحديث رقم (1175) إلى الآخر ليس موجوداً في مخطوطتي المستدرك وتلخيصه التي بيدي، وفي لفظ المطبوع بعض التصحيف، فصوبته من كنز العمال (6/ 157 - 158)؛ حيث ذكر الحديث، وعزاه للحاكم فقط، وهذا يعني أنه ساقه بلفظ الحاكم، وهو موافق لما في مصادر التخريج.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيرة -كما في تفسير ابن كثير (4/ 237)، و"تخريج أحاديث شرح المواقف" (ص 6 - 7) -.

وابن مندة في كتاب التوحيد (1/ 186 - 187 رقم 63).

كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، به، ولفظ ابن أبي حاتم نحوه، ولفظ ابن مندة مختصر، وعندهما جاء سند الحديث هكذا: "عبد الله بن سليمان، عن دراج، عن عيسى بن هلال"، دون ذكر أبي الهيثم بين دراج، وعيسى بن هلال.

قال ابن مندة عقبه: "هذا إِسناد متصل مشهور عند المصريين، وعيسى بن هلال روى عنه كعب بن علقمة، وعياش بن عباس. وعبد الله بن =

(7/3555)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= سليمان، وعبد الله بن عياش مشهوران. ودراج هو ابن سمعان، اسمه: عبد الرحمن بن أبي عمر".

وقال الحافظ ابن كثير: "هذا الحديث رفعه منكر والأقرب أن يكون موقوفاً على عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك، والله أعلم".

وأما السيوطي -رحمه الله- في "تخريج أحاديث شرح المواقف"، فإنه حسَّن إسناده.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "بل منكر، وعبد الله بن (عياش) القتباني ضعفه أبو داود وعند مسلم أنه ثقة، ودراج كثير المناكير".

قلت: أما عبد الله بن عياش القتباني، فتقدم في الحديث (1092) أنه: صدوق يغلط.

وأما قول الذهبي: "وعند مسلم أنه: "ثقة"، فيوضحه قوله في الحديث (1092): "عبد الله وإن كان احتج به مسلم، فقد ضعفه ... "، وسبق هناك ذكر الخلاف، هل احتج به مسلم، أو لا؟ وأن الراجح قول من قال: احتج به مسلم، وهذا الذي دعى الذهبي إلى القول بأن عبد الله هذا عند مسلم أنه: ثقة.

وأما درَّاج -بتثقيل الراء، وآخره جيم-، ابن سمعان، أبو السَّمح، فقد قيل: إن اسمه: عبد الرحمن، ودراج لقب، السهمي، مولاهم المصري، القاص، فإنه: صدوق، إلا في حديثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، فإنه ضعيف. قال الِإمام أحمد: أحاديث دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد فيها ضعف. وقال أبو داود: أحاديثه مستقيمة، إلا ما كان عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، ووثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته، وأخرج حديثه في صحيحه. وقال =

(7/3556)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= عثمان الدرامي: درَّاج، ومشرح بن هاعان ليسا بكل ذاك، وهما صدوقان.

وذكر له ابن عدي عدة أحاديث، جميعها من حديثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عدا حديثاً واحداً، فمن روايته عن ابن حجيرة، لكن الراوي عنه ابن لهيعة، ثم قال: "وعامة هذه الأحاديث التي أمليتها مما لا يتابع دراج عليه، وفيها ما قد روي عن غيره، ومن غير هذا الطريق ... " إلى أن قال: "وسائر أخبار دراج، غير ما ذكرت من هذه الأحاديث يتابعه الناس عليها، وأرجو إذا أخرجت (دراجاً)، وبرَّيته من هذه الأحاديث التي أنكرت عليه، أن سائر أحاديثه لا بأس بها، وتقرب صورته ما قال عنه يحيى بن معين". اهـ. من الكامل (3/ 979 - 982)، والتهذيب (3/ 208 - 209 رقم 397)، وانظر التقريب (1/ 235 رقم 54).

والواسطة بين عبد الله بن عياش، ودراج، هو عبد الله بن سليمان بن زرعة الحميري، أبو حمزة، المصري الطويل، وهو صدوق يخطيء -كما في التقريب (1/ 421 رقم 359) -، ذكره ابن حبان في ثقاته، وقال الوليد بن شجاع، عن ابن وهب، سمعت حيوة بن شريح يحدث عن عبد الله بن سليمان، وكانوا يرون أنه أحد الأبدال. وقال البزار: حدث بأحاديث لم يتابع على هذا (كذا). / الثقات لابن حبان (7/ 41)، والتهذيب (5/ 245 رقم 426).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لما تقدم عن حال عبد الله القتباني، وعبد الله الطويل، وأما درَّاج فلا يُعَلُّ به الحديث؛ لأن روايته هنا ليست من الطريق المنتقدة عليه، وتقدم أن الحافظ ابن كثير حكم على الحديث مرفوعاً بالنكارة؛ ورجح وقفه على عبد الله بن عمرو، على أنه من الِإسرائيليات التي أصابها يوم اليرموك. =

(7/3557)

1177 - حديث عبد الله (1) مرفوعاً.

"يؤتى بجهنم ولها سبعون ألف زمام، مع كل سبعون ألف ملك يُجَرُّونها (2) ".

قال: على شرط مسلم.

قلت: لكن فيه العلاء بن خالد الكاهلي (كذبه) (3) أبو سلمة (4) التبوذكي.

__________

(1) في (أ): (عبد الله بن عمر)، وفي (ب): (عبد الله بن عمرو)، وفي المستدرك وتلخيصه: (عبد الله) غير منسوب، وهو عبد الله بن مسعود كما في مصادر التخريج.

(2) من قوله: (مع كل زمام) إلى هنا ليس في (ب).

(3) في (أ) و (ب): (وثقه)، وما أثبته من التلخيص، وانظر التاريخ الكبير (6/ 516 - 157)، ودراسة الإِسناد.

(4) قوله: (أبو سلمة) كذا في (أ)، ومصادر الترجمة، وليس في (ب)، وفي التلخيص: (أبو مسلمة).

1177 - المستدرك (4/ 595): حدثنا محمد بن صالح بن هانيء، ثنا السري بن خزيمة، ثنا عثمان بن حفص، عن غياث، ثنا أبي العلاء بن خالد الكاهلي، عن شقيق، عن عبد الله -رضي الله عنه-، قال: قال الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "يؤتى بجهنم يومئذ، ولها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها".

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق حفص بن غياث، عن العلاء بن خالد الكاهلي، عن شقيق، عن عبد الله -وهو ابن مسعود-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وفاته هو، والذهبي، وابن الملقن أن مسلمًا أخرج الحديث =

(7/3558)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= (4/ 2184 رقم 29) في الجنة، وصفة نعيمها، وأهلها، باب في شدة حر نار جهنم، من طريق حفص بن غياث، به مثله سواء.

وأخرجه الترمذي (7/ 294 رقم 2698) في صفة جهنم، باب ما جاء في صفة النار.

والعقيلي في الضعفاء (3/ 344).

والمزي في تهذيب الكمال (2/ 1070).

ثلاثتهم من طريق العلاء، به.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (8/ 512)، وعزاه أيضاً لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.

وهذا الحديث من الأحاديث التي انتقدها الدارقطني -رحمه الله- على مسلم، فقال في التتبع (ص 289 - 290): "أخرج مسلم عن عمر بن حفص، عن أبيه، عن العلاء بن خالد، عن شقيق، عن عبد الله، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها"، قال: رفعه وهم؛ رواه الثوري ومروان، وغيرهما عن العلاء بن خالد، موقوفاً". اهـ.

قلت: أما رواية سفيان الثوري فأخرجها الترمذي عقب الحديث السابق برقم (2699).

وأما رواية مروان الفزاري فأخرجها ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 151 رقم 15964).

ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد (ص 197).

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (30/ 188).

والعقيلي في الضعفاء (3/ 344).

ثلاثتهم من طريق مروان، عن العلاء بن خالد، به نحوه، موقوفاً على ابن مسعود. =

(7/3559)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وأخرجه ابن أبي شيبة (13/ 167 رقم 16013) من طريق أسباط بن نصر، عن عاصم بن بهدلة، عن زر، قال عبد الله:

{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ (23)} [الفجر: 23] (الآية 23 من سورة الفجر)،

قال: جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام، مع كما زمام سبعون ألف ملك.

وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق من طريق يحيى بن واضح، ثنا الحسين، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ (23)} [الفجر: 23].

قال: فذكره بنحو سابقه، هكذا مقطوعاً.

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق السري بن خزيمة، عن عثمان بن حفص، عن غياث، ثنا أبي، ثنا العلاء بن خالد، فذكره، كذا جاء سند الحديث في المستدرك المطبوع، وأظنه خطأ، صوابه: (السري بن خزيمة، عن عمر بن حفص بن غياث، ثنا أبي، ثنا العلاء ... )، والذي دعاني لهذا الترجيح ما يلي:

1 - لم يذكروا لحفص بن غياث ابناً اسمه: غياث من الرواة عنه، وإنما ذكروا: عمر، وعَنَام. / انظر تهذيب الكمال (1/ 306).

2 - مدار هذا الحديث مرفوعاً على عمر بن حفص بن غياث عند جميع الذين وجدتهم أخرجوه.

وبالِإضافة لذلك فالسري بن خزيمة في طبقة من يروي عن عمر بن حفص بن غياث.

وتقدم أن مسلمًا أخرج الحديث من طريق عمر بن حفص، عن أبيه.

وأما السري بن خزيمة، فتقدم في الحديث (575) أنه: ثقة إمام حافظ حجة. =

(7/3560)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وشيخ الحاكم محمد بن صالح بن هانيء تقدم في الحديث (849) أن الأثرم قد أثنى عليه، وزكَّاه.

وأما إعلال الذهبي -رحمه الله- للحديث بالعلاء بن خالد الكاهلي، وقوله: "كذبه أبو سلمة التبوذكي"، فإنه وهم وقع فيه هو، وابن عدي، وابن الجوزي، ثم تراجع الذهبي عن قوله هذا في الميزان (3/ 99)، وبيان ذلك كما يلي:

فهناك ثلاثة رواة، في طبقة واحدة، وبينهم تشابه في الاسم، وهم:

العلاء بن خالد الأسدي الكاهلي.

والعلاء بن خالد القرشي، مولاهم، الواسطي.

والعلاء بن خالد بن وردان الحنفي، البصري.

فالذي رماه التبوذكي بالكذب هو العلاء بن خالد القرشي، الواسطي، وليس الكاهلي. / انظر التاريخ الكبير للبخاري (6/ 516 - 517 رقم3169 و3170 و3171 و 3172)، وتهذيب الكمال للمزي (2/ 1070)، والميزان (3/ 98 - 99 رقم 5725 و 5726 و5727)، وتهذيب التهذيب (8/ 179 - 180 رقم 321 و 322 و323).

وكما سبق فقد وقع في هذا الوهم ابن عدي، وابن الجوزي.

أما ابن عدي فإنه جعل الذي رمي بالكذب هو الكاهلي. / انظر الكامل (5/ 1862).

وأما ابن الجوزي، فقال الذهبي في الموضع السابق من الميزان: "قد خلط ابن الجوزي، فقال: العلاء بن خالد الكاهلي، عن عطاء، وقتادة، كذبه موسى بن إسماعيل (هو التبوذكي)، وقال ابن حبان: لا يحل ذكره، إلا بالقدح. قلت (القائل الذهبي): قد ذكرنا أن الكاهلي صدوق، موثق، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، فذكر ابن الجوزي الثقة، وما ذكر المجروح، بل قال: وثم آخران، يقال لهما: العلاء بن خالد، لم يقدح فيهما". اهـ. =

(7/3561)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قلت: فكلام الذهبي هذا يدل على تراجعه عن تعقبه على هذا الحديث هنا.

والعلاء بن خالد الكاهلي هذا صدوق كما قال الذهبي آنفاً، وكما في التقريب (2/ 91 رقم 812)، فقد احتج به مسلم في هذا الحديث، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو داود: أرجو أن يكون ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، لا بأس به، وذكره ابن حبان في ثقاته. / انظر المراجع السابقة، والجرح والتعديل (6/ 354 - 355 رقم 1957)، مع أنه خلط بين العلاء هذا وبين العلاء بن خالد بن وردان، فجعلهما واحداً.

وأما ما ذكره علي بن المديني، عن يحيى القطان من أنه قال: تركت العلاء بن خالد الأسدي على محمد، ثم كتبت عن الثوري، عنه، فإن هذا جرح مجمل، ولم يذكر سبب تركه إياه، ثم إذا كان تركه لجرح عنده، فلأي شيء كتب عن سفيان الثوري، عنه؟

وأما ذكر العقيلي له في الضعفاء (3/ 344) وقوله عنه: "يضطرب في حديثه"، فإنه ذكر حديثه هذا: "يؤتى بجهنم ... " من طريقين عنه، مرة مرفوعاً، ومرة موقوفاً، وعدَّ هذا اضطراباً منه، ولم أجد من حمَّل العلاء بن خالد تبعة الاختلاف في رفع الحديث ووقفه سوى العقيلي، ورأيه هنا لا يسلم له به، فإن الدارقطني -رحمه الله- أشار إلى جعل الوهم ممن دون العلاء كما سبق، فقال: "رفعه وهم؛ رواه الثوري، ومروان، وغيرهما، عن العلاء بن خالد، موقوفاً". اهـ. ولم يحمل العلاء تبعة الاختلاف، وقد فهم النووي -رحمه الله- من صنيع الدارقطني أنه حمل حفص بن غياث تبعة هذا الحديث، فقال في شرحه لصحيح مسلم (17/ 187 - 179): "هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال رفعه وهم؛ رواه الثوري، ومروان، وغيرهما، عن العلاء بن خالد، موقوفاً. =

(7/3562)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= قلت: (القائل النووي): وحفص ثقة حافظ إمام، فزيادته الرفع مقبولة كما سبق نقله عن الأكثرين، والمحققين". اهـ.

وقد رحج العقيلي في الموضع السابق الرواية الموقوفة بقوله عقب سياقه لها: "هذا أولى". اهـ.

الحكم على الحديث:

الحديث تقدم أن الراجح أن الحديث من رواية عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، وإسناد الحاكم إلى عمر حسن لذاته، وقد أخرج مسلم الحديث من طريق عمر هذا، والحديث بكلا الحالين صحيح، سواء كان مرفوعاً كما في رواية مسلم، أو موقوفاً كما رجحه الدارقطني، فالموقوف له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال بالرأي، والله أعلم.

(7/3563)

1178 - حديث أبي الزَّعْراء، قال:

ذكر الدجال عند عبد الله فقال: "يفترقون عند خروجه ثلاث فرق ... "، الحديث.

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: احتجا بأبي الزَّعْراء (1).

__________

(1) هذا الحديث وما بعده إلى نهاية الكتاب ليس في (ب).

1178 - المستدرك (4/ 598 - 600): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، ثنا أسد بن عاصم، ثنا الحسين بن حفص، ثنا سفيان بن سعيد، ثنا سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء قال: ذكر الدجال عند عبد الله، فقال: يفترق الناس عند خروجه ثلاث فرق، فرقة تتبعه، وفرقة تلحق بأهلها منابت الشيح، وفرقة تأخذ شط هذا الفرات يقاتلهم ويقاتلونه، حتى يقتلون بغربي الشام، فيبعثون طليعة فيهم فرس أشقر أو أبلق فيقتلون فلا يرجع منهم أحد، قال وأخبرني أبو صادق، عن ربيعة بن ناجذ أنه فرس أشقر قال: ويزعم أهل الكتاب أن المسيح عليه السلام ينزل فيقتله ويخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيبعث الله عليهم دابة مثل النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون فتنتن الأرض منهم فيجأر إلى الله عز وجل فيرسل ماء فيطهر الأرض منهم ويبعث الله ريحاً فيها زمهرير باردة فلا تدع على الأرض مؤمناً إلا كفته تلك الريح، ثم تقوم الساعة على شرار الناس، ثم يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض، فينفخ فيه فلا يبقى من خلق الله في السماوات والأرض، إلا مات إلا من شاء ربك، ثم يكون بين النفختين ما شاء الله، فليس من بني آدم أحد إلا في الأرض منه شيء، ثم يرسل الله ماء من تحت العرش كمني الرجال فتنبت لحمانهم وجثمانهم كما تنبت الأرض من الثرى، ثم قرأ عبد الله:

{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ ... (9)} [فاطر: 9]، =

(7/3564)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= حتى بلغ:

{كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)} [فاطر: 9] (الآية 9 من سورة فاطر).

ثم يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فينطلق كل روح إلى جسدها فتدخل فيه، فيقومون فيجيئون مجيئة رجل واحد قياماً لرب العالمين، ثم يتمثل الله تعالى للخلق فيلقى اليهود فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد عزيزاً، فيقول: هل يسركم الماء؟ قالوا: نعم، فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب، ثم قرأ عبد الله:

{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100)} (الآية "100" من سورة الكهف)،

ثم يلقى النصارى، فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد المسيح، فيقول: هل يسركم الماء؟ فيقولون: نعم، فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب، ثم كذلك من كان يعبد من دون الله شيئاً، ثم قرأ عبد الله:

{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)} [الصافات: 24] (الآية "24" من سورة الصافات)،

حتى يبقى المسلمون، فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله لا نشرك به شيئاً، فينتهرهم مرتين، أو ثلاثاً: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله لا نشرك به شيئاً، فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: إذا اعترف لنا سبحانه عرفناه، فعند ذلك يكشف عن ساق فلا يبقى مؤمن إلا خر لله ساجداً، ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد، كأنما فيها السفافيد، فيقولون: ربنا، فيقول: قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون، ثم يأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم، فيمر الناس بقدر أعمالهم زمراً، أوائلهم كلمح البرق، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، ثم كمر البهائم، حتى يمر الرجل سعياً، ثم يمر الرجل مشياً، حتى يجيء آخرهم رجل يتلبط على بطنه، فيقول: يا رب، لم أبطأت بي؟ قال: إني لم أبطأ بك، إنما أبطأ بك عملك، ثم يأذن الله تعالى في الشفاعة، فيكون أول شافع: روح الله القدس جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم =

(7/3565)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= عيسى، ثم يقوم نبيكم -صلى الله عليه وآله وسلم- فلا يشفع أحد فيما يشفع فيه، وهو المقام المحمود الذي ذكره الله تعالى:

{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} [الإسراء: 79] (الآية " 79" من سورة الإِسراء)،

فليس من نفس إلا وهي تنظر إلى بيت في الجنة، قال سفيان: أراه قال لو علمتم يوم يرى أهل الجنة، الذي في النار، فيقولون: لولا أن من الله علينا، ثم تشفع الملائكة، والنبيون، والشهداء، والصالحون، والمؤمنون فيشفعهم الله، ثم يقول: أنا أرحم الراحمين، فيخرج من النار أكثر مما أخرج جميع الخلق برحمته، حتى لا يترك أحداً فيه خير، ثم قرأ عبد الله:

{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)} [المدثر: 42] (الآية "42" من سورة المدثر)،

وقال بيده فعقده، فقالوا:

{لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46)} [المدثر: 43 - 46]،

هل ترون في هؤلاء من خير، وما يترك فيها أحد فيه خير؟ فإذا أراد الله أن لا يخرج أحداً، غير وجوههم، وألوانهم، فيجيء الرجل، فيشفع، فيقول: من عرف أحداً، فليخرجه، فيجيء، فلا يعرف أحداً، فيناديه رجل، فيقول: أنا فلان، فيقول: ما أعرفك، فعند ذلك قالوا:

{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)} [المؤمنون: من 107 - 108]

(الآيتان 107 و108 من سورة المؤمنون)،

فإذا قال ذلك انطبقت عليهم، فلم يخرج منهم بشر.

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 413 - 416 رقم 9761)، من طريق سفيان، فذكره بطوله نحوه.

قال الهيثمي في المجمع (10/ 330): "رواه الطبراني، وهو موقوف، =

(7/3566)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= مخالف للحديث الصحيح، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنا أول شافع".

وقال الألباني في تعليقه على العقيدة الطحاوية (ص 464): "له حكم المرفوع، لكنه منقطع بين أبي الزعراء، واسمه: يحيى بن الوليد، لم يرو عن أحد من الصحابة، بل عن بعض التابعين"، وضعفه لذلك.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: ما احتجا بأبي الزعراء".

وأبو الزعراء هذا اسمه يحيى بن الوليد الطائي، وهو لا بأس به قاله النسائي، وذكره ابن حبان في ثقاته في أتباع التابعين (7/ 609) ومعنى هذا أنه لم يرو عن أحد من الصحابة، وأما الشيخان فلم يرو له أحد منهما. / انظر التقريب (2/ 360 رقم 197)، والتهذيب (11/ 296 رقم 577).

وقوله في الحديث: "فيأذن الله تعالى في الشفاعة، فيكون أول شافع روح القدس: جبريل ... "، هذا مخالف لما في صحيح مسلم (1/ 188 رقم 330 و 331 و 332) في الِإيمان، باب في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنا أول الناس يشفع في الجنة ... "، من حديث أنس بن مالك، رفعه: "أنا أول الناس يشفع في الجنة" الحديث.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد، لانقطاعه، ومخالفة بعضه لما صح من الأحاديت كما، تقدم.

(7/3567)

1179 - حديث بهز، عن أبيه، عن جده، قال:

أتيت النبي -صلىَّ الله عليه وسلم- فقلت: يا نبي الله ما أتيتك حتى (حلفت) (1) أكثر من (هؤلاء -يعني كفيه-) (2) ... الحديث.

قال: صحيح.

قلت: فيه علي بن عاصم ضعيف (3).

__________

(1) في (أ)، والمستدرك، وتلخيصه: (خلفت)، وما أثبته من مصادر التخريج، وهو الذي يقتضيه السياق.

(2) في (أ): (عددها، ولا تغني كفيك)، وما أثبته من التلخيص، ولفظ المستدرك يأتي.

(3) قوله: (قلت: فيه علي بن عاصم ضعيف) ليس في التلخيص المطبوع.

1179 - المستدرك (4/ 600 - 601): أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، قال: قريء على يحيى بن جعفر بن الزبرقان وأنا أسمع، ثنا علي بن عاصم، ثنا بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقلت: يا نبي الله، ما أتيتك حتى (حلفت) أكثر من هؤلاء -يعني الكفين جميعاً-، (لا آتيك ولا آتي دينك)، وقد كنت امرءاً لا أعقل شيئاً، إلا ما علمني الله، ورسوله، فإني أسألك بوجه الله: بم بعثك ربنا؟ قال: "بالإسلام"، قال: فقلت: يا نبي الله، وما آية الإِسلام؟ قال: "أن تقول أسلمت وجهي لله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، كل مسلم عن مسلم محرم، أخوان يصيران، لا يقبل الله من مسلم أشرك بعد ما أسلم عملاً، حتى يفارق المشركين إلى المسلمين، ما لي آخذ بحجزكم عن النار؟ ألا وإن ربي داعي، ألا وأنه سائلي، هل بلغت عبادي؟ وإني قائل: رب قد أبلغتهم، فليبلغ شاهدكم غائبكم، ثم إنكم تدعون، مفدمة أفواهكم بالفدام، ثم أول =

(7/3568)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= ما يبين أحدكم فخذه، وكفه"، قال: قلت: يا رسول الله، هذا ديننا، وأين ما تحسن يكفك.

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق علي بن عاصم، عن بهز، به.

ولم ينفرد علي بالحديث، بل تابعه عليه جماعة.

فالحديث أخرجه عبد الرزاق في جامع معمر الملحق بالمصنف (11/ 130 رقم 20115)، من طريق معمر، عن بهز، به نحوه.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 407 - 408 رقم 969).

وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (5/ 4 - 5).

والمروزي في زياداته على الزهد المبارك (ص 350 رقم 987).

والطبراني في الكبير (19/ 408 رقم 972).

ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن بهز، به نحوه.

وأخرجه المروزي في الموضع نفسه مقروناً بالرواية السابقة، من طريق يزيد بن زريع، عن بهز، به.

وأخرجه الطبراني مقروناً بالرواية السابقة من طريق النضر بن شميل، وروح بن عبادة، كلاهما عن بهز، به.

وأخرجه النسائي في سننه (5/ 4 - 5 و82 - 83) في الزكاة، باب وجوب الزكاة، وباب من سأل بوجه الله عز وجل، من طريق المعتمر، عن بهز، به نحوه، ولم يذكر قوله: "ما لي آخذ بحجزكم ... " إلخ.

وأخرجه ابن عبد البر في الِإستعاب (3/ 60 - 62) في ترجمة حكيم، أبي معاوية بن حكيم، من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن بهز، به نحوه، وكان قد أخرجه من طريق ابن أبي خيثمة، قال: حدثنا الحوطي، حدثنا =

(7/3569)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= بقية بن الوليد، حدثنا سعيد بن سنان، عن يحيى بن جابر الطائي، عن معاوية بن حكيم، عن أبيه حكيم، أنه قال، فذكر الحديث، ثم قال ابن عبد البر عقبه: "هكذا ذكره ابن أبي خيثمة، وعلى هذا الإسناد عوَّل فيه، وهو إسناد ضعيف، ومن قبله أتى ابن أبي خيثمة فيه، والصواب في هذا الحديث ما أخبرنا به ... "، ثم ذكر الحديث من طريق عبد الوارث، ثم قال: "فهذا هو الحديث الصحيح بالإسناد الثابت المعروف، وإنما هو لمعاوية بن حيدة، لا لحكيم بن أبي معاوية. سئل يحيى بن معين عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، فقال: إسناد صحيح، وجده: معاوية بن حيدة، ثم قال ابن عبد البر: ومن دون بهز بن حكيم في هذا الِإسناد ثقات".

قلت: ولم ينفرد بهز بالحديث، بل تابعه عليه عمرو بن دينار، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عند الِإمام أحمد (4/ 446 - 447).

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وفي التلخيص المطبوع إقرار الذهبي له عليه، وفي نسخة ابن الملقن: "فيه علي بن عاصم ضعيف".

وعلي بن عاصم هذا تقدم في الحديث (797) أنه: صدوق يخطيء.

ولكنه لم ينفرد به، بل تابعه عليه جماعة من الرواة، منهم معمر في جامعه.

وأما بهز بن حكيم، وأبوه فتقدم في الحديث (866) أنهما: صدوقان.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم فيه علي بن عاصم، وتقدم أنه: صدوق يخطيء، فحديثه ضعيف لو انفرد به، لكنه توبع كما سبق، ومن ضمن المتابعات رواية معمر للحديث، عن بهز، وسندها حسن لذاته، وتقدم أن ابن عبد البر صحح الحديث، والله أعلم.

(7/3570)

1180 - حديث أبي هريرة مرفوعاً:

"لو أخذ سبع (خَلِفات) (1) بشحومهن فألقين من شفير جهنم لما انتهين إلى آخرها سبعين عاماً".

قلت: سنده صالح.

__________

(1) في (أ) بياض بقدر كلمة، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

والَخلِفة -بفتح الخاء، وكسر اللام-: الحامل من النَّوق. / النهاية (2/ 68).

1180 - المستدرك (4/ 606): أخبرنا الأستاذ أبو الوليد -رضي الله عنه-، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا أبو قتيبة، ثنا فرقد بن الحجاج أبو نصر، ثنا عقبة بن أبي الحسناء، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث ذكره في كنز العمال (14/ 524 رقم 39494)، وعزاه للحاكم فقط.

وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (2/ 371).

ومسلم في صحيحه (4/ 2184 - 2185 رقم 31).

كلاهما من طريق يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً، فسمعنا وجبة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أتدرون ما هذا؟ " قلنا الله ورسوله أعلم، قال: "هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين خريفاً، فالآن انتهى إلى قعرها.

هذا لفظ أحمد، ولفظ مسلم نحوه.

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وقال الذهبي: "سنده صالح". =

(7/3571)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وفي سنده عقبة بن أبي الحسناء، وفرقد بن الحجاج.

أما عقبة بن أبي الحسناء، فإن الذهبي هنا قَبِل حديثه، مع أنه نص على جهالته في الميزان (3/ 84 رقم 5685)، نقلاً عن أبي حاتم. ونقل عن ابن المديني أنه قال عنه: مجهول أيضاً.

وعقبة هذا ذكره البخاري في التاريخ (6/ 432 رقم 2891)، وسكت عنه، وذكر ابن أبي حاتم في الجرح (6/ 309 - 310 رقم 1724) عن أبيه أنه قال: شيخ، وذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 225 - 226).

وأما فرقد بن الحجاج القرشي، البصري، أبو نصر، فهو ضعيف، فقد نقل الذهبي في الموضع السابق من الميزان، عن أبي حاتم أنه قال عنه: مجهول، ثم تعقبه بقوله: أما فرقد، فقد حدث عنه ثلاث ثقات، وما علمت فيه قدحاً.

وفي الجرح والتعديل (7/ 82 رقم 465) نقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال عن فرقد هذا: هو شيخ، وذكره ابن حبان في ثقاته (7/ 322)، وقال عنه: يخطيء، وانظر اللسان (4/ 433 رقم 1324).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإِسناد لما تقدم عن حال عقبة، وفرقد، وهو صحيح لغيره بالطريق الأخرى التي أخرجها الإمام أحمد، ومسلم.

(7/3572)

1181 - حديث عبد الله أن رسول الله -صلىَّ الله عليه وسلَّم- قال: "أتيت بالبُراق" الحديث بطوله.

قال: تفرد به أبو حمزة ميمون الأعور وقد اختلفوا فيه.

قلت: ضعفه أحمد وغيره (1).

__________

(1) الجرح والتعديل (8/ 235 - 236 رقم 1061).

1181 - المستدرك (4/ 606 - 607): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا الحسن بن علي بن شبيب، ثنا عبيد الله بن محمد التيمي، ثنا حماد بن سلمة، ثنا أبو حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: أتيت بالبراق، فركبت خلف جبريل -عليه السلام- فسار بنا إذا ارتفع ارتفعت رجلاه، وإذا هبط ارتفعت يداه، قال: فسار بنا في أرض غمة منتنة، حتى أفضينا إلى أرض فيحاء طيبة، فقلت: يا جبريل إنا كنا نسير في أرض غمة منتنة، ثم أفضينا إلى أرض فيحاء طيبة؟ قال: تلك أرض النار، وهذه أرض الجنة، قال: فأتيت على رجل قائم يصلي، فقال: من هذا معك يا جبريل؟ قال: هذا أخوك محمد، فرحب بي ودعا لي بالبركة، وقال سل لأمتك اليسر، فقلت: من هذا يا جبريل؟ فقال: هذا أخوك عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام- قال: فسرنا فسمعت صوتاً وتذمراً فأتينا على رجل، فقال: من هذا يا جبريل؟ قال هذا أخوك محمد، فرحب بي ودعا لي بالبركة، وقال: سل لأمتك اليسر، فقلت: من هذا يا جبريل؟ فقال: هذا أخوك موسى، قلت: على من كان تذمره وصوته، قال: على ربه، قلت: على ربه!؟ قال: نعم، قد عرف ذلك من حدته، قال: ثم سرنا فرأينا مصابيح وضوءاً، قال: قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه شجرة أبيك إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- أتدنو منها؟ قلت: نعم فدنونا، فرحب بي ودعا لي بالبركة، ثم مضينا حتى أتينا بيت المقدس، فربطت الدابة، بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت المسجد، فنشرت لي الأنبياء من سمى الله عز وجل منهم، ومن لم يسم، فصليت =

(7/3573)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= بهم، إلا هؤلاء النفر الثلاثة، إبراهيم، وموسى، وعيسى -عليهم الصلاة والسلام -.

قال الحاكم: "هذا حديث تفرد به أبو حمزة ميمون الأعور، وقد اختلفت أقاويل أئمتنا فيه، وقد أتى بزيادات لم يخرجها الشيخان -رضي الله عنهما- في ذكر المعراج".

تخريجه:

الحديث أخرجه البزار في مسنده (1/ 48 - 49 رقم 59).

والطبراني في الكبير (10/ 84 - 85 رقم 9976).

كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن أبي حمزة، به نحوه.

وذكره الهيثمي في المجمع (1/ 74)، وعزاه أيضاً لأبي يعلى، ثم قال عن إسناد الطبراني في الكبير: "رجاله رجال الصحيح".

ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن عساكر في تاريخه -كما في تهذيبه (1/ 386) -.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (5/ 206)، وفي الخصائص (1/ 163)، وعزاه أيضاً للحارث بن أبي أسامة، وابن مردويه، وأبي نعيم في الدلائل، ولم أجده في المطبوع من الدلائل.

دراسة الإسناد:

الحديث أعله الذهبي بقوله عن أبي حمزة ميمون الأعور: "ضعفه أحمد، وغيره".

وميمون هذا تقدم في الحديث (1101) أنه: ضعيف، ومن خلال مصادر ترجمته هناك يتضح أنه لم يرو له أحد من الشيخين في صحيحيهما"، وعليه فقول الهيثمي عن إسناد الطبراني: "رجاله رجال الصحيح"، ليس في محله.

الحكم على الحديث:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف ميمون الأعور.

(7/3574)

1182 - حديث (ابن) (1) عمر:

في قصة هاروت وماروت.

قال: صحيح، (وترك حديث) (2) يحيى بن سلمة بن كهيل من المحالات التي يردها العقل.

قلت (3): قال النسائي: متروك، وقال أبو حاتم: منكر الحديث (4).

__________

(1) ما بين المعكوفين ليس (أ)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2) في (أ): (وتركه)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3) قوله: (قلت) ليس في التلخيص المطبوع، وما أثبته من (أ)، وهو الذي يقتضيه السياق.

(4) الضعفاء للنسائي (ص 109 رقم 631)، والجرح والتعديل (9/ 154 رقم 636).

1182 - المستدرك (4/ 607 - 608): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرويه الصفار ببغداد، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا أبو الجواب، ثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: أطلعت الحمراء بعد؟ فإذا رآها قال: لا مرحباً، ثم قال: إن ملكين من الملائكة: هاروت، وماروت، سألا الله تعالى أن يهبطهما إلى الأرض، فأهبطا إلى الأرض، فكانا يقضيان بين الناس، فإذا أمسيا تكلما بكلمات، وعرجا بها إلى السماء، فقيض لهما بامرأة من أحسن الناس، وألقيت عليهما الشهوة، فجعلا يؤخرانها، وألقيت في أنفسهما، فلم يزالا يفعلان حتى وعدتهما ميعاداً، فأتتهما للميعاد، فقالت: علماني الكلمة التي تعرجان بها، فعلماها الكلمة، فتكلمت بها، فعرجت بها إلى السماء، فمسخت، فجعلت كما ترون، فلما أمسيا، تكلما بالكلمة التي كانا يعرجان بها إلى السماء، فلم يعرجا، فبعث إليهما: إن شئتما، =

(7/3575)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= فعذاب الآخرة، وإن شئتما، فعذاب الدنيا، إلى أن تقوم الساعة على أن تلتقيان الله تعالى (كذا!!)، فإن شاء عذبكما، وإن شاء رحمكما، فنظر أحدهما إلى صاحبه، فقال أحدهما لصاحبه: بل نختار عذاب الدنيا ألف ألف ضعف، فهما يعذبان إلى أن تقوم الساعة.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، وترك حديث يحيى بن سلمة، عن أبيه من المحالات التي يردها العقل، فإنه لا خلاف أنه من أهل الصنعة، فلا ينكر لأبيه أن يخصه بأحاديث يتفرد بها عنه".

تخريجه:

الحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور (1/ 240)، وفي الحبائك في أخبار الملائك (ص 70 - 71)، وعزاه للحاكم فقط، ولم يذكر قوله: "على أن تلتقيان الله تعالى، فإن شاء عذبكما، وإن شاء رحمكما"، ولم أجد من أخرج الحديث من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عمر، حتى يمكن تصويب هذه العبارة، وقد يكون صوابها: "على أن تتقيا الله تعالى"، ولكن لم يتضح لي تناسب هذا المعنى مع السياق، فالله أعلم.

وقد جاء الحديث من طريق مجاهد، ونافع، وسالم، ثلاثتهم عن ابن عمر.

أما رواية مجاهد، فلفظها: قال مجاهد: كنت نازلًا على عبد الله بن عمر في سفر، فلما كان ذات ليلة، قال لغلامه: انظر هل طلعت الحمراء؟ لا مرحباً بها، ولا أهلًا ولا حياها الله؛ هي صاحبة الملكين، قالت الملائكة: يا رب، كيف تدع عصاة بني آدم، وهم يسفكون الدم الحرام، وينتهكون محارمك، ويفسدون في الأرض؟ قال: إني ابتليتهم، فلعل إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون؟ قالوا: لا، قال: فاختاروا من خياركم اثنين، فاختاروا هاروت، وماروت، فقال: لهما: إني مهبطكما إلى الأرض، وعاهد إليكما: ألا تشركا، ولا تزنيا، ولا تخونا، فأهبطا إلى الأرض، وألقى عليهما الشهوة، وأهبطت لهما الزُهْرَة في أحسن صورة امرأة، فتعرضت لهما، فراوداها عن نفسها، فقالت: إني على دين =

(7/3576)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= لا يصح لأحد أن يأتيني، إلا من كان على مثله، قالا: وما دينك؟ قالت: المجوسية، قالا: الشرك!! هذا شيء لا نقر به، فمكثت عنهما ما شاء الله تعالى، ثم تعرضت لهما، فراوداها عن نفسها، فقالت: ما شئتما، غير أن لي زوجاً، وأنا أكره أن يطلع على هذا مني، فأفتضح، فإن أقررتما لي بديني، وشرطتما لي أن تصعدا بي إلى السماء، فعلت، فأقرا لها بدينها، وأتياها فيما يريان، ثم صعدا بها إلى السماء، فلما انتهيا بها إلى السماء، اختطفت منهما، وقطعت أجنحتهما، فوقعا خائفين، نادمين، يبكيان، وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين، فإذا كان يوم الجمعة أجيب، فقالا: لو أتينا فلاناً، فسألناه، فطلب لنا التوبة، فأتياه، فقال: رحمكما الله، كيف يطلب التوبة أهل الأرض لأهل السماء؟! قالا: إنا قد ابتلينا، قال: ائتياني يوم الجمعة، فأتياه، فقال: ما أجبت فيكما بشيء، ائتياني في الجمعة الثانية، فأتياه، فقال: اختارا، فقد خيرتما، إن اخترتما معافاة الدنيا، وعذاب الآخرة، وإن أحببتما، فعذاب الدنيا، وأنتما يوم القيامة على حكم الله، فقال أحدهما: إن الدنيا لم يمض منها إلا القليل، وقال الآخر: ويحك، إني قد أطعتك في الأمر الأول، فأطعني الآن إن عذاباً يفنى، ليس كعذاب يبقى، فقال: إننا يوم القيامة على حكم الله، فأخاف أن يعذبنا، فقال: لا، إني أرجو إن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة، أن لا يجمعهما علينا، قال: فاختارا عذاب الدنيا، فجعلا في بكرات من حديد، في قليب مملوءة من نار، عاليهما سافلهما.

أخرجه ابن أبي حاتم بهذا السياق من طريق المنهال بن عمرو، ويونس بن خباب، كلاهما عن مجاهد، به -كما في تفسير ابن كثير (1/ 139 - 140) -.

وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (ل 112 أ)، من طريق العوام بن حوشب، عن مجاهد، به مختصراً.

وأما رواية نافع، فإنه يرويها عن ابن عمر، أنه سمع النبي -صلى الله =

(7/3577)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= عليه وسلم- يقول: فذكره هكذا مرفوعاً بنحو سياق مجاهد المطول، إلا أنه زاد فيه قتلهما للصبي، وشربهما للخمر، ولم يذكر مجيئهما للنبي، وإنما فيه: فخُيّرا بين عذاب الدنيا، والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا.

أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 134).

والبزار في مسنده (3/ 358 رقم 2938).

وعبد بن حميد في مسنده (ص 151 - 152).

وابن حبان في صحيحه (ص 425 رقم 1717).

وابن أبي حاتم في العلل (2/ 69).

وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 177 - 178 رقم 657).

والبيهقي في شعب الِإيمان (1/ 112 - 113 و 113).

جميعهم من طريق زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر، به، إلا أن لفظ ابن السني، وابن أبي حاتم مختصر.

وذكره السيوطي في الدر (1/ 114 - 115)، وعزاه أيضاً لابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات.

قال البزار عقبه: "رواه بعضهم، عن نافع، عن ابن عمر، موقوفاً، وإنما أتي رفع هذا عندي: من زهير؛ لأنه لم يكن بالحافظ، على أنه قد روى عنه ابن مهدي، وابن وهب، وأبو عامر، وغيرهم".

وقال أبو حاتم: "هذا حديث منكر".

وفي سلسلة الأحاديث الضعيفة للشيخ الألباني (1/ 206): "روى حنبل الحديث من طريق أحمد، ثم قال: قال أبو عبد الله -يعني الإِمام أحمد-: هذا منكر، وإنما يروى عن كعب. / ذكره في منتخب ابن قدامة (11/ 213) ". =

(7/3578)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= وللحديث طريق أخرى عن نافع، يرويها فرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح، عن نافع، به بنحو سياق الحاكم، إلا أنه رفعه، وفي آخره قال: فأوحى الله إليهما: أن ائتيا بابل، فانطلقا إلى بابل، فخسف بهما، وهما منكوسان بين السماء والأرض، معذبان إلى يوم القيامة.

أخرجه الخطيب في تاريخه (8/ 42 - 43) بتمامه.

ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 186 - 187).

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (1/ 458) مختصراً.

وله طريق أخرى أيضاً عن نافع، يرويها موسى بن سرجس، عنه، عن ابن عمر، مرفوعاً، بطوله.

أخرجه ابن مردويه في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (1/ 138) -، من طريق سعيد بن سلمة، عن موسى، به.

وأما رواية سالم، فإنه يرويها عن ابن عمر، عن كعب الأحبار قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم، وما يأتون من الذنوب، فقيل لهم: اختاروا منكم اثنين، فاختاروا هاروت، وماروت، فقيل لها: إني أرسل إلى بني آدم رسلاً، وليس بيني وبينكم رسول، انزلا، لا تشركا بي شيئاً، ولا تزنيا، ولا تشربا الخمر، قال كعب: فوالله ما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه إلى الأرض، حتى استكملا جميع ما نهيا عنه.

أخرجه عبد الرزاق في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (1/ 138) -.

ومن طريق ابن جرير في تفسيره (1/ 456 - 457).

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 186 رقم 16061).

والبيهقي في الشعب (1/ 113 - 114).

وذكره السيوطي في الدر (1/ 239 - 240)، وعزاه أيضاً لابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في العقوبات، وابن المنذر. =

(7/3579)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله عن يحيى بن سلمة بن كهيل: "قال النسائي: متروك، وقال أبو حاتم: منكر الحديث".

ويحيى هذا تقدم في الحديث (503) أنه: متروك.

لكن جاء الحديث من طرق أخرى، فروي مرة عن ابن عمر، مرفوعاً، ومرة موقوفاً، ومرة عنه، عن كعب الأحبار.

وقد اختلفت كلمة الأئمة عن قصة هاروت، وماروت، وثبوتها.

فالحاكم، وابن حبان صححا الحديث كما تقدم.

والهيثمي في المجمع (5/ 68) قال عن الطريق التي رواها يحيى بن أبي بكير، عن زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعاً، قال: "رجاله رجال الصحيح، خلا موسى بن جبير، وهو ثقة"، وذكر نحو قوله هذا أيضاً في (6/ 313 - 314).

وقال الحافظ ابن حجر في القول المسدد (ص 48): "له طرق كثيرة جمعتها في جزء مفرد، يكاد الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة، لكثرة طريقه الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها، والله أعلم".

وذكر السيوطي في اللآليء (1/ 159) قول ابن حجر هذا، وقال: "وقد وقفت على الجزء الذي جمعه، فوجدته أورد فيه بضعة عشر طريقاً، أكثرها موقوفاً، وأكثرها من تفسير ابن جرير، وقد جمعت أنا طرقها في التفسير المسند، وفي التفسير المأثور، فجاءت نيفاً وعشرين طريقاً، ما بين مرفوع، وموقوف، ولحديث ابن عمر بخصوصه طرق متعددة، من رواية نافع، وسالم، ومجاهد، وسعيد بن جبير، عنه، وورد من رواية علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وعائشة، وغيرهم، والله أعلم".

وأما الحافظ ابن كثير -رحمه الله-، فذهب إلى أن القصة ثابتة عن ابن عمر، لكن من، روايته عن كعب الأحبار، وأعل الطرق التي رويت =

(7/3580)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= عنه، مرفوعة، فقال عقب ذكره للحديث من طريق الإمام أحمد: "وهكذا رواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه، عن الحسن بن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن بكير، به، وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين، إلا موسى بن جبير هذا، وهو الأنصاري، السلمي، مولاهم، المديني، الحذاء، وروى عن ابن عباس، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، ونافع، وعبد الله بن كعب بن مالك، وروى عنه ابنه عبد السلام، وبكر بن مضر، وزهير بن محمد، وسعيد بن سلمة، وعبد الله بن لهيعة، وعمرو بن الحارث، ويحيى بن أيوب، وروى له أبو داود، وابن ماجه، وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل، ولم يحك فيه شيئاً من هذا، ولا هذا، فهو مستور الحال، وقد تفرد به، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وروي له متابع من وجه آخر ... "، ثم ذكر الحديث من طريق موسى بن سرجس، ومعاوية بن صالح كما تقدم، ثم قال: "وهذان أيضاً غريبان جداً، وأقرب ما يكون في هذا، أنه من رواية عبد الله بن عمر، عن كعب الأحبار، لا عن النبي -صلى الله عليه وسلَّم-، كما قال عبد الرزاق في تفسيره ... "، ثم ذكر الحديث من رواية سالم، عن أبيه عبد الله بن عمر، عن كعب الأحبار كما سبق، ثم قال: "فهذا أصح، وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الِإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث، ورجع إلى نقل كعب الأحبار، عن كتب بني إسرائيل، والله أعلم".

ثم ذكر الحديث من رواية مجاهد، موقوفاً على ابن عمر، وقال عقبه: "وهذا إسناد جيد، إلى عبد الله بن عمر، وقد تقدم في رواية ابن جرير من حديث معاوية بن صالح، عن نافع، عنه رفعه، وهذا أثبت، وأصح إسناداً، ثم هو -والله أعلم- من رواية ابن عمر، عن كعب -كما تقدم بيانه- من رواية سالم، عن أبيه". اهـ. كلامه -رحمه الله-، وبنحو هذا =

(7/3581)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= الترجيح قال أيضاً في البداية (1/ 37 - 38)، وهو ترجيح حسن؛ لأنه لا منافاة بين الرواية الموقوفة، والرواية عن كعب الأحبار، فقد يذكر ابن عمر كعباً، وقد لا يذكره، لكن المنافاة بين المرفوعة، والرواية عن كعب، ولن يلجأ ابن عمر -رضي الله عنهما- إلى ذكر الحديث عن كعب، وهو عنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإذا النظر قد استدعى ترجيح الرواية عن كعب لثقة رواتها، وشهرتهم.

فالحديث يرويه سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه، عن كعب، وهذا إسناد في غاية الصحة.

فسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً عابدا فاضلاً، كان يُشَبّه بأبيه في الهدي، والسّمت، روى له الجماعة -كما في التقريب (1/ 280 رقم 11) -، وانظر طبقات ابن سعد (5/ 195 - 201)، والتهذيب (3/ 436 - 438 رقم 807).

وموسى بن عقبة بن أبي عياش، الأسدي، مولى آل الزبير، تقدم في الحديث (509) أنه ثقة فقيه إمام في المغازي.

وسفيان الثوري تقدم في الحديث (832) أنه: ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة.

وقد نصر الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- ترجيح ابن كثير، وأعل الروايات المرفوعة، في حاشيته على المسند (9/ 29 - 33)، وذكر كلام الحافظ ابن حجر السابق، وأجاب عنه بقوله: "أما هذا الذي جزم به الحافظ، بصحة وقوع هذه القصة، صحة قريبة من القطع؛ لكثرة طرقها، وقوة مخارج أكثرها، فلا؛ فإنها كلها طرق معلولة، أو واهية، إلى مخالفتها الواضحة للعقل، لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط، بل من ناحية أن الكوكب الذي نراه صغيراً في عين الناظر، قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف، فأنى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة؟ "، ونقل أيضاً عن الشيخ رشيد =

(7/3582)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= رضا -رحمه الله- تعليقاً عن كلام ابن كثير السابق، فقال: "وقد علق أستاذنا السيد رشيد رضا -رحمه الله- على كلام ابن كثير في هذا الموضع، قال: من المحقق أن هذه القصة لم تذكر في كتبهم المقدسة، فإن لم تكن وضعت في زمن روايتها، فهي من كتبهم الخرافية، ورحم الله ابن كثير الذي بين لنا أن الحكاية خرافية إسرائيلية، وأن الحديث المرفوع لا يثبت". اهـ.، ولي على كلام الشيخ، وشيخه -رحمهما الله- ملاحظة، وهي:

أنهما دفعا القصة لعدم تقبل عقليهما لها وبخاصة الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-، وقوله: أنى يكون جسم المرأة ... الخ"، فمن تأمل قدرة الخالق جل وعلا، علم أنه لا يعجزه سبحانه أن يجعل الذرة في أي حجم شاء، ولذا فالقصة لا تدفع بهذا، وإنما لأن فيها قدحاً في عصمة الملائكة عليهم السلام، الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وقد شفى ابن كثير -رحمه الله-، وكفى بكلامه السابق، بل قال في تاريخه (1/ 37): "هذا أظنه من وضع الِإسرائيليين. وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار، وتلقاه عنه طائفة من السلف، فذكروه على سبيل الحكاية، والتحديث عن بني إسرائيل".

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لشدة ضعف يحيى بن سلمة بن كهيل، وأما الطرق الأخرى، فتقدم أن الصحيح منها: أن الحديث من رواية كعب الأحبار، والله أعلم. */هذا آخر ما أورده الحافظ الذهبي شكر الله سعيه على مستدرك أبي عبد الله الحاكم من اعتراضات، وفوائد، وقال:

علقته في مائة يوم، ويوم، فرحمه الله، ونفعنا به آمين.

قال جامعه العلامة ابن الملقن شكر الله صنيعه، وجزاه خير الجزاء:

وأنا علقته في أيام يسيرة بحرم القدس الشريف، آخرها يوم الأربعاء، من شهر محرم الحرام، سنة خمس وخمسين وسبعمائة.

قال: وأهمل الحافظ الذهبي مواضع كثيرة لم يعترض على الحاكم فيها، فكتبت حال تعليقي مواضع من ذهني. والعذر في عدم استيفائها: عدم الكتب، فإنها ببلدي مصر -حماها الله، وسائر بلاد الإسلام، وأهلها، وردني إليها سالماً في خير وعافية-.

وصلى الله على سيدنا محمد، وآله، وصحبه، وسلم.

قلت: والحمد لله على تحصيله، وتمامه، وشكراً له تعالى على إنعامه؛ بدءاً وختاماً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج8.كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم

ج8.كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي الشهير بابن رجبِ   ...