كتابي الفتن والاهوال
مختصرُ استدرَاك الحافِظ الذّهبي على مُستدرَك أبي عبد اللهِ الحَاكم
كتاب املاحم والفتنكتابي الفتن والاهوال
مختصرُ استدرَاك الحافِظ الذّهبي على مُستدرَك أبي عبد اللهِ الحَاكم
كتاب الملاحم والفتن (1)
1086 - حديث عبادة بن الصامت:
بينا نحن مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقوف؛ إذ أقبل رجل، فقال: يا رسول الله، ما مدة (رجاء) (2) أمتك ... الحديث (3).
قال: صحيح.
قلت: إسناده مظلم.
__________
(1) في (ب): (كتاب الفتن والملاحم).
(2) في (أ): (رخاء)، ولم تنقط في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(3) قوله: (الحديث)، في (ب): (إلخ).
1086 - المستدرك (4/ 418 - 419): حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي ببغداد، ثنا أبو إسماعيل السلمي، ثنا سليمان بن عبد الله الدمشيقي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا يزيد بن سعيد بن ذي عصوان، عن يزيد بن عطاء، عن معاذ بن سعد السكسكي، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: بينما نحن مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقوف، إذ أقبل رجل، فقال: يا رسول الله، ما مدة رجاء أمتك، قال: فسكت عنه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم-، حتى سأله ثلاث مرات، ثم صلى الرجل، فقال له = = رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي، رجاءُ أمتي مائة سنة"، قال: فقال: يا رسول الله، فهل لتلك من إمارة، أو آية، أو علامة؟ قال: "نعم: القذف، والخسف، والرجف، وإرسال الشياطين الملجمة عن الناس".
تخريجه:
الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 325) من طريق إسماعيل بن عياش، عن يزيد بن سعيد، به نحوه.
ومن طريق الِإمام أحمد أخرجه ابن الجوزي في العلل (2/ 369 - 370 رقم 1426).
وأخرجه القاضي عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريا" (ص 98) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي، حدثنما سعيد بن يزيد بن ذي عصوان العنسي، عن أبي عطاء يزيد بن أبي عطاء السكسكي، عن معاذ بن سعد السكسكي، فذكره بنحوه.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "إسناده مظلم"، وتقدم مراراً أن الذهبي -رحمه الله- يطلق هذه العبارة على الإسناد الذي فيه مجاهيل وهذا الإسناد فيه: معاذ بن سعد السكسكي، ويزيد بن عطاء.
أما معاذ بن سعد السكسكي فإنه مجهول -كما في التقريب (2/ 256 رقم 1200) -، وانظر التهذيب (10/ 191 رقم 356).
وأما يزيد بن عطاء، ويقال ابن أبي عطاء، أبو عطاء الشامي فإنه: مقبول -كما في التقريب (2/ 369 رقم 299)، وانظر التهذيب (11/ 351 رقم 672).
وأما يزيد بن سعيد بن ذي عُصوان العنسي، السكسكي، الشامي، الداراني، فإنه صدوق، ذكره القاضي عبد الجابر في الموضع السابق من = = تاريخ داريا، وسماه: سعيد بن يزيد، وقال الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة (ص 295 رقم 1183): "ذكره أبو علي في تاريخ داريا، لكنه قلبه، فقال: سعيد بن يزيد، وهو وهم".
وذكر القاضي في الموضع السابق أن أبا زرعة الدمشقي قال: "سعيد بن يزيد بن ذي عصوان من الثقات".
وذكر الحافظ في الموضع السابق أن ابن شاهين وثقه في كتاب "الأفراد"، وأن ابن حبان ذكره في الثقات، وقال: "ربما أخطأ"، وانظر لسان الميزان (6/ 687 - 288 رقم، 1019).
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة معاذ السكسكي، وجهالة حال يزيد بن عطاء، والله أعلم.
1087 - حديث الحارث بن (عُمَيْرة) (1):
قدمت من الشام إلى المدينة في طلب العلم، فسمعت معاذ بن جبل يقول: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "المتحابون في الله لهم منابر من نور يوم القيامة ... " الحديث (2).
قال: صحيح.
قلت: فيه عبد الأعلى تركه أبو داود (3).
__________
(1) في (أ): (عمرة).
(2) من قوله: (فسمعت معاذ بن جبل) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (إلخ).
(3) في التهذيب (6/ 98): قال أبو داود: "ليس بشيء".
1087 - المستدرك (4/ 419 - 420): أخبرني محمد بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا نعيم بن حماد المروزي بمصر، ثنا الفضل بن موسى، ثنا عبد الأعلى بن أبي المساور، عن عكرمة، عن الحارث بن عميرة، قال: قدمت من الشام إلى المدينة في طلب العلم، فسمعت معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "المتحابون في الله لهم منابر من نور يوم القيامة يغبطهم الشهداء"، فأقمت معه، فذكرت له الشام، وأهلها، وأشعارها، فتجهز إلى الشام، فخرجت معه، فسمعته يقول لعمرو بن العاص -رضي الله عنهما- لقد صحبتُ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأنت أضل من حمار أهله. فأصاب ابنه الطاعون، وامرأته، فماتا جميعاً، فحفر لهما قبراً واحداً، فَدُفنا، ثم رجعنا إلى معاذ، وهو ثقيل، فبكينا حوله، فقال: إن كنتم تبكون على العلم فهذا كتاب الله بين أظهركم، فاتبعوه، فإن أشكل عليكم شيء من تفسيره فعليكم بهؤلاء الثلاثة: عويمر = = أبي الدرداء، وابن أم عبد، وسلمان الفارسي، وإياكم وزلة العالم، وجدال المنافق. فأقمت شهراً، ثم خرجت إلى العراق، فأتيت ابن مسعود -رضي الله عنه- فقال: نعم الحي أهل الشام، لولا أنهم يشهمون على أنفسهم بالنجاة، قلت: صدق معاذ، قال: وما قال؟ قلت: أوصاني بك، وبعويمر أبي الدرداء، وسلمان الفارسي، وقال: إياكم وزلة العالم، وجدال المنافق، ثم تَنَحَّيْت، فقال لي: يا ابن أخي، إنما كانت زلة مني، فأقمت عنده شهراً، ثم أتيت سلمان الفارسي، فسمعته يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف"، فأقمت عنده شهراً يقسم الليل ويقسم النهار بينه وبين خادمه".
تخريجه:
الحديث أخرجه الخطيب في تاريخه (8/ 206) من طريق خلاد بن يحيى، حدثنا عبد الأعلى بن المساور، فذكر منه قول سلمان: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: يقول: "إن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه -كما في مختصره لابن منظور (6/ 160) وتهذيبه لابن بدران (3/ 456).
وأخرجه الخطيب من طريق عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن الحارث بن عميرة قال: قدمت إلى سلمان إلى المدائن، فوجدته في مدبغة له يعرك إهاباً له بكفيه، فلما سلمت عليه قال: مكانك حتى أخرج إليك، قال الحارث: والله ما أراك تعرفني يا أبا عبد الله، قال: بلى، قد عَرَفَتْ روحي روحك قبل أن أعرفك، فإن الأرواح عند الله جنود مجندة، فما تعارف منها في الله ائتلف، وما كان في غير الله اختلف.
قال الخطيب: "هكذا رواه عبد الرحمن بن غنم، عن الحارث بن عميرة = = (موقوفاً)، ورفعه عكرمة مولى ابن عباس، عن الحارث"، ثم ذكره من الطريق السابقة.
وأخرج ابن عساكر هذا الحديث بطوله بمعنى سياق الحاكم، وفيه زيادة -كما في مختصره لابن منظور (6/ 160 - 162) وتهذيبه لابن بدران (3/ 457 - 458) -.
وقد أخرجه الحاكم (3/ 270)، وتقدم تخريجه برقم (678) من طريق أبي إدريس الخولاني، عن يزيد بن عميرة قال: لما حضر معاذ بن جبل -رضي الله عنه- الموت، قيل له: أوصنا يا أبا عبد الرحمن، قال: أجلسوني، فإن العلم، والِإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما -يقول ذلك ثلاث مرات-، فالتمسوا العلم عند أربعة: عند عويمر أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود، وعند الله بن سلام الذي كان يهودياً فأسلم، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنه عاشر عشرة في الجنة".
وقد صححه الذهبي، وتقدم أنه حسن لذاته.
وأما قوله: "المتحابون في الله لهم منابر من نور يوم القيامة يغبطهم الشهداء"، فقد: أخرجه الترمذي (7/ 65 - 66 رقم 2499) في الزهد، باب ما جاء في الحب في الله.
وابن حبان في صحيحه (ص 621 - 622 رقم 2510).
أما الترمذي فمن طريق عطاء بن أبي رباح، عن أبي مسلم الخولاني، وأما ابن حبان فمن طريق أبي حازم، عن أبي إدريس الخولاني، كلاهما عن معاذ -رضي الله عنه-، ولفظ الترمذي: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور، يغبطهم النبيون والشهداء". اهـ.
وأما لفظ ابن حبان فقال فيه: سمعت رسول الله -صلى الله عليه =
(7/3245)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وسلم- يقول: "المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء". اهـ. وهو عنده جزء من حديث طويل.
قال الترمذي عقبه: "هذا حديث حسن صحيح".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "عبد الأعلى تركه أبو داود".
وعبد الأعلى هذا هو ابن أبي المساور الزهري، مولاهم، أبو مسعود الجرار -بالجيم، ورائين-، الكوفي، وهو متروك، وكذبه ابن معين. / الكامل (5/ 1953 - 1954)، والتقريب (1/ 465 رقم 787) والتهذيب (6/ 98 رقم 202).
وقد خالف عبد الأعلى هذا من هو أحسن حالاً منه، وهو شهر بن حوشب بروايته الحديث من طريق الحارث موقوفاً على سلمان -كما تقدم-.
وشهر تقدم في الحديث (614) أنه: صدوق كثير الإرسال والأوهام.
وأما ثناء معاذ -رضي الله عنه- على أبي الدرداء، وسلمان، وابن مسعود -رضي الله عنهم- فتقدم أنه جاء من طريق يزيد بن عميرة، وأنه حسن، وزاد معهم رابعاً هو عبد الله بن سلام -رضي الله عنه
وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: "المتحابون في الله ... " الحديث، فتقدم أن له طريقين عن معاذ، أخرج الأولى الترمذي، وصححه، وصحح الأخرى ابن حبان.
وطريق الترمذي بيان حال رجالها كالتالي:
أبو مسلم الخولاني، اسمه عبد الله بن ثُوَب؛ وهو ثقة عابد. / الجرح =
(7/3246)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والتعديل (5/ 20 رقم 90)، والتقريب (2/ 473 رقم 71)، والتهذيب (12/ 235 - 236 رقم 1068).
وعطاء بن أبي رباح، القرشي، مولاهم، المكيي، فهو ثقة فقيه فاضل كثير الإرسال، تقدمت ترجمته في الحديث (629).
والراوي عن عطاء هو حبيب بن أبي مرزوق الرُّقي، وهو ثقة فاضل. / سؤالات البرقاني للدارقطني (ص 23 رقم 89)، والتقريب (1/ 150 رقم 129)، والتهذيب (2/ 190 رقم 348).
ورواه عن حبيب: جعفر بن بُرقان الكلابي وتقدم في الحديث (822) أنه صدوق يهم في حديث الزهري، وليس هذا من حديثه عن الزهري.
وعن جعفر رواه كثير بن هشام الكلابي، أبو سهل الرقي، وتقدم في الحديث (823) أيضاً أنه ثقة.
وشيخ الترمذي هو أحمد بن منيع بن عبد الرحمن، أبو جعفر البغوي، الأصم، وهو ثقة حافظ من رجال الجماعة./ تاريخ بغداد (5/ 160 رقم 2606)، والتقريب (1/ 27 رقم128)، والتهذيب (1/ 84 - 85 رقم 144).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بإسناد الحاكم لشدة ضعف عبد الأعلى بن أبي المساور، ومخالفته لرواية شهر بن حوشب وهو أقوى منه كما في دراسة الِإسناد.
وبعض أجزاء الحديث جاءت من طرق أخرى.
فثناء معاذ على الثلاثة تقدم أنه حسن لذاته.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "المتحابون في الله ... " هو من طريق الترمذي حسن لذاته كما يتضح من دراسة إلِإسناد، فإذا انضمت إليه رواية ابن حبان تقوى بها. =
(7/3247)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الأرواح جنود ... " الحديث، أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2031 - 2032 رقم 159 و160) في البر والصلة، باب الأرواح جنود مجندة من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وهو عند البخاري تعليقاً (6/ 369 رقم 3336) في الأنبياء، باب الأرواح جنود مجندة، والله أعلم.
(7/3248)
1088 - حديث حسان بن عطية، عن ذي مخمر (1): رجل من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وهو ابن أخي النجاشي، أنه سمع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "تصالحون الروم صلحاً آمناً حتى تغزون أنتم، وهم عندواً ... " الحديث (2).
قال: صحيح.
قلت: منقطع (3).
__________
(1) قوله: (ذي مخمر) ليس في (ب).
(2) من قوله: (أنه سمع) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (إلخ).
(3) قوله: (قلت: منقطع) ليس في التلخيص المطبوع والمخطوط، وإنما فيه إقرار الذهبي للحاكم على تصحيحه.
1088 - المستدرك (4/ 421): حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي بمرو، ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، ثنا محمد بن كثير المصيصي، حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن ذي مخمر -رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهو ابن أخ النجاشي- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "تصالحون الروم صلحاً آمناً، حتى تغزون أنتم وهم عدواً من ورائهم، فتنصرون، وتغنمون، وتنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيقول قائل من الروم: غلب الصليب، ويقول قائل من المسلمين: بل الله غلب، فيتداولانها بينهم، فيثور المسلم إلى صليبهم -وهم منهم غير بعيد-، فيدقه، ويثور الروم إلى كاسر صليبهم، فيقتلونه، ويثور المسلمون إلى أسلحتهم، فيقتلون، فيكرم الله عز وجل تلك العصابة من المسلمين بالشهادة، فيقول الروم: كفيناك جد العرب، فيغدرون، فيجتمعون للملحمة، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً". =
(7/3249)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= تخريجه:
الحديث له عن ذي مخمر، ويقال: مخبر -بالباء الموحدة- خمس طرق:
الأولى: يرويها حسان بن عطية، عن خالد بن معدان، عنه، به.
الثانية: يرويها يحيى السيباني، عنه، به.
الثالثة: ابن محيريز، عنه به.
الرابعة: يرويها يزيد بن صليح، عنه، به.
الخامسة: يرويها راشد بن سعد، عنه، به.
* أما الطريق الأولى: التي يرويها حسان بن عطية، عن خالد بن معدان، عن ذي مخمر، فهي، طريق الحاكم التي أخرجها من طريق محمد بن كثير المصيصي، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن ذي مخمر.
كذا رواه محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن حسان، عن ذي مخمر، ولم يذكر خالد بن معدان.
وخالفه عيسى بن يونس، والوليد بن مسلم، وروح، ومحمد بن مصعب فرووه عن الأوزاعي، عن حسان، عن خالد بن معدان، عن ذي مخمر.
أما رواية عيسى بن يونس، فأخرجها:
أبو داود في سننه (3/ 210 - 211 رقم 2767) في الجهاد، باب في صلح العدو.
و (4/ 481 رقم 4292) في الملاحم، باب ما يذكر من ملاحم الروم.
وابن ماجه (2/ 1369 رقم 4089) في الفتن، باب الملاحم.
والطبراني في الكبير (4/ 278 رقم 4230).
وأبو نعيم في المعرفة (1/ ل 229 ب). =
(7/3250)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ولفظ أبي داود في الموضع الأول مختصراً، وأما في الموضع الثاني، ولفظ الباقين فنحو لفظ الحاكم، إلا أنهم لم يذكروا آخر الحديث، وإنما قالوا: "فيدقَّه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة".
وأما رواية الوليد بن مسلم، فأخرجها:
ابن ماجه في الموضع السابق.
وابن حبان في صحيحه (ص 463 رقم 1874 و1875).
ولفظها نحو لفظ الحاكم.
وأما روايتا روح، ومحمد بن مصعب، فأخرجهما: الإمام أحمد في المسند (4/ 91) و (5/ 371 - 372 و409) بنحوه، وفي بعض الروايات شيء من، الاختصار.
* الطريق الثانية: يرويها يحيى السيباني، عن ذي مخمر، به، أخرجها:
الطبراني في الكبر (4/ 279 رقم 4231).
وأبو نعيم في المعرفة (1/ لـ 230 أ).
كلاهما من طريق إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن ذي مخبر، به نحو لفظ الحاكم، وفيه زيادة.
* الطريق الثالثة: يرويها إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن رافع، عن ابن محيريز، عن ذي مخبر، به مثل سابقه.
أخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (4232).
وأشار إليه أبو نعيم في الموضع السابق.
* الطريق الرابعة: أخرجها الطبراني في الموضع السابق برقم (4233) من طريق حريز بن عثمان، عن يزيد بن صليح، عن ذي مخبر، به نحو سابقه. =
(7/3251)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= * الطريق الخامسة: أخرجها الطبراني أيضاً برقم (4229) من طريق بقية بن الوليد، عن صفوان بن عمرو، قال: حدثني راشد بن سعد، حدثني ذو مخمر، به مختصراً.
دراسة الإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، فتعقبه المتعقب بقوله: "منقطع".
ومن خلال ما تقدم في تخريج الحديث يتضح أن محمد بن كثير المصيصي رواه عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن ذي مخمر بإسقاط خالد بن معدان.
وخالفه عيسى بن يونس، والوليد بن مسلم، وروح، ومحمد بن مصعب فرووه على الصواب عن الأوزاعي، عن حسان، عن خالد بن معدان، عن ذي مخمر.
وبه يتضح أن في إسناد الحاكم انقطاع بين حسان، وذي مخمر، وهذا الذي قصده المتعقب. والخطأ فيه من محمد بن كثير بن أبي عطاء الثقفي الصنعاني، أبو يوسف، فإنه كثير الغلط، مع كونه صدوقاً./ الكامل (6/ 2258 - 2259)، والتقريب (2/ 203 رقم 653)، والتهذيب (9/ 415 - 417 رقم 683).
والحديث مداره على الأوزاعي، يرويه عن حسان بن عطية، عن خالد بن معدان، عن ذي مخمر.
وخالد بن معدان الكلاعي، الحمصي، أبو عبد الله ثقة عابد يرسل كثيراً، روى له الجماعة./ طبقات ابن سعد (7/ 455)، وثقات العجلي (142 رقم 370)، والتقريب (1/ 218 رقم 80)، والتهذيب (3/ 118 - 120 رقم 222).
وحسان بن عطية المحاربي، مولاهم، أبو بكر الدمشقي ثقة فقيه عابد من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (3/ 236 رقم 1044)، والتقريب =
(7/3252)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= (1/ 162 رقم 237)، والتهذيب (2/ 251 رقم 460).
وعبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي، أبو عمرو الفقيه، ثقة جليل من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (5/ 666 رقم 1257)، والتقريب (1/ 493 رقم 1064)، والتهذيب (6/ 238 - 242 رقم 484).
ورواه عن الأوزاعي جماعة، منهم: شيخ الإمام أحمد روح بن عبادة بن العلاء القيسي، وتقدم في الحديث (859) أنه: ثقة فاضل.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف محمد بن كثير من قبل حفظه، ومخالفته للرواة الآخرين بإسقاط خالد بن معدان من إسناده، وهو صحيح لغيره بالطريق الأخرى، ومنها طريق الإمام أحمد التي رواها عن روح بن عبادة فإنها صحيحة لذاتها كما يتضح من دراسة الِإسناد، والله أعلم.
(7/3253)
1089 - حديث سعد بن أبي وقاص:
أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: (لن) (1) يعجزني (2) عند ربي أن (يؤجَّل) (3) أمتي نصف يوم"، قيل: وما نصف يوم؟ قال: "خمسمائة سنة".
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: لا والله، فيه ابن أبي مريم ضعيف، ولم يرويا له شيئاً.
__________
(1) ليست في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال: (الخ) إشارة لاختصار متنه.
(3) في (أ): (تؤجل)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
1089 - المستدرك (4/ 424) هذا الحديث أورده الحاكم شاهداً لحديث أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ثم قال: وشاهده: ما أخبرنا أبو النضر الفقيه، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا محمد بن المتوكل العسقلاني، ثنا الوليد بن مسلم، أنبأ أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال، فذكره بلفظه.
تخريجه:
الحديث أخرجه أحمد في المسند (1/ 170 مرتين).
وأبو نعيم في الحلية (6/ 117) من طريقين.
كلاهما من طريق أبي بكر بن أبي مريم، به نحوه، إلا أن إحدى =
(7/3254)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= روايات الإمام أحمد، وأبي نعيم فيها: "سألت راشداً: ما نصف اليوم؟ قال: خمسمائة سنة، هذا لفظ أبي نعيم، ومثله لفظ أحمد، إلا أنه قال في أوله: "هل بلغك ماذا النصف ... ".
وأما الطريق الأخرى عند أبي نعيم فلفظها نحو لفظ الحاكم.
وأما رواية الإمام أحمد الأخرى فلفظها نحوه أيضاً، إلا أنه قال فيه: "فقيل لسعد: وكم نصف يوم؟ قال: خمسمائة سنة".
وبنحو رواية الِإمام أحمد هذه أخرجه أبو داود في سننه (4/ 517 رقم 4350) في الملاحم، باب قيام الساعة، من طريق شريح بن عبيد، عن سعد بن أبي وقاص، به.
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "لا والله، ابن أبي مريم ضعيف، ولم يرويا له شيئاً".
وأبو بكر بن أبي مريم هذا تقدم في الحديث (712) أنه ضعيف، سُرِق بيته فاختلط، ولم يخرج له أحد من الشيخين شيئاً".
وأما الطريق الأخرى التي أخرجها أبو داود من طريق شريح بن عبيد، فإن فيها انقطاعاً فشريح بن عبيد لم يدرك سعداً -رضي الله عنه -كما في التهذيب (4/ 328) -.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف ابن أبي مريم.
والطريق الأخرى التي أخرجها أبو داود من طريق شريح ضعيفة لانقطاعها.
والحديث بمجموع هذين الطريقين يكون حسناً لغيره، إلا أن تفسير نصف اليوم بأنه خمسمائة عام ليس بمرفوع إليه -صلى الله عليه وسلم-، فهو =
(7/3255)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إما من تفسير سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، وهو الأقرب؛ لاتفاق رواية شريح، وبعض طرق أبي بكر بن أبي مريم على ذلك، من تفسير راشد بن سعد.
ويشهد للحديث رواية أبي ثعلبة الخشني المتقدم ذكرها عند الحاكم بلفظ: "لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم".
ولأجل هذا الحديث أورد الحاكم حديث سعد شاهداً له، ثم قال عن حديث أبي ثعلبة: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وأقرة الذهبي.
وأخرجه أيضاً أبو داود في الموضع السابق من سننه برقم (4349) بمثل لفظ الحاكم، وكلاهما من طريق عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني، به.
وهذا إسناد حسن بيان حال رجاله كالتالي:
جبير بن نُفَيْر تقدم في الحديث (683) أنه ثقة جليل مخضرم.
وابنه عبد الرحمن ثقة./ الجرح والتعديل (5/ 221 رقم 1041)، والتقريب (1/ 475 رقم 894)، والتهذيب (6/ 154 رقم 312).
ومعاوية بن صالح تقدم في الحديث (678) أنه: صدوق إمام.
وعبد الله بن وهب تقدم في الحديث (624) أنه: ثقة فقيه حافظ عابد.
وعليه فيكون الحديث بهذا اللفظ صحيحاً لغيره بمجموع هذه الطرق، وصححه الشيخ الألباني في سلسلته الصحيحة (4/ 197 رقم 1643)، والله أعلم.
(7/3256)
1090 - حديث أبي قتادة مرفوعاً:
"الآيات بعد المائتين".
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: أحسبه موضوعاً، وفيه عون بن عمارة ضعفوه.
__________
1090 - المستدرك (4/ 428): حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن سليمان السعدي، ثنا عون بن عمارة العنبري، حدثني عبد الله بن المثنى، عن (عمه) ثمامة، عن أنس بن مالك، عن أبي قتادة -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال، فذكره بلفظه.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن ماجه (2/ 1348 رقم 4057) في الفتن، باب الآيات.
وابن الجوزي في الموضوعات (3/ 197 - 198).
كلاهما من طريق عون بن عمارة، عن عبد الله بن المثنى، عن أبيه، عن جده، عن أنس بن مالك، عن أبي قتادة، به مثله، ورواية ابن الجوزي له من طريق محمد بن يونس الكديمي، عن عون بن عمارة، ولذا اتهم به الكديمي فقال عقب الحديث: "هذا حديث موضوع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعون، وابن المثنى ضعيفان، غير أن المتهم به الكديمي، قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات".
وتعقبه السيوطي في اللآليء (2/ 394) بقوله: "هو بريء منه، فقد أخرجه ابن ماجه ... "، ثم ذكر طريق ابن ماجه، والحاكم، وتعقب الذهبي.
والحديث ذكره الحافظ ابن كثير في النهاية (1/ 12) وقال: "لا يصح، ولو صح فمحمول، على ما وقع من الفتنة بسبب القول بخلق القرآن، =
(7/3257)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والمحنة للإمام أحمد بن حنبل، وأصحابه من أئمة الحديث -كما بسطنا ذلك هنالك-". اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر في التهذيب (8/ 173) أن البخاري ذكر هذا الحديث، وقال: "فقد مضى مائتان، ولم يأت من الآيات شيء".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "أحسبه موضوعاً، وعون ضعفوه".
وعون هذا هو ابن عمارة القيسي، أبو محمد البصري، ضعيف./ الكامل (5/ 2019)، والتقريب (2/ 90 رقم 802)، والتهذيب (8/ 173 رقم 311).
والحاكم -رحمه الله- هنا صحح حديثه، وعلى شرط الشيخين، مع أنه قال عنه: "أدركته، ولم أكتب عنه، وكان منكر الحديث، ضعيف الحديث"، وقال أيضاً: "يحدث عن حميد، وهشام بن حسان بالمناكير"، ذكر هذا الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من التهذيب.
وشيخ عمارة هو عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك وتقدم في الحديث (563) أنه صدوق كثير الغلط.
هذا وفي إسناد الحاكم قال: (حدثني عبد الله بن المثنى، عن جده ثمامة، عن أنس).
وأما إسناد ابن ماجه فقال فيه: (عن عبد الله بن المثنى بن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أبيه، عن جده أنس بن مالك).
وأما إسناد ابن الجوزي ففيه خطأ مطبعي، وهو على الصواب في اللآليء، هكذا: (عبد الله بن المثنى، عن أبيه، عن جده، عن أنس).
وقد حكم الحافظ المزي على إسناد ابن ماجه بهذه النسبة بالوهم، فقال في =
(7/3258)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= تهذيب الكمال (3/ 1302 - 1303) بعد أن ذكر نسبه عند ابن ماجه: "هكذا وقع عنده (أي ابن ماجه) نسب عبد الله بن المثنى في هذا الحديث، وذلك وهم، ليس في نسبه: ثمامة، إنما ثمامة عمه، وهو معروف مشهور، وقد تقدم في موضعه على الصواب. وفيه وهم آخر، وهو قوله: عن أبيه، عن جده، وإنما يروي عبد الله بن المثنى عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس، وغيره -كما تقدم في ترجمته-، ولا نعرف له رواية عن أبيه، ولا لغيره، لا في هذا الحديث، ولا في غيره، والله أعلم"، ثم قال: "وقد أخبرنا به عالياً على الصواب ... " فذكر الحديث من طريق القطيعي، حدثنا محمد بن يونس (وهو الكديمي)، حدثنا عون بن عمارة، قال: حدثنا عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس، فذكره.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف عون بن عمارة، وما قيل عن عبد الله بن المثنى من كثرة الغلط.
وأما متنه فقد استنكره من تقدم من الأئمة لمخالفته للواقع، وحكم عليه الألباني بالوضع في ضعيف الجامع (2/ 274 رقم 2264)، وعزا تخريجه لسلسلته الضعيفة رقم (1966)، ولما يطبع، والله أعلم.
(7/3259)
1091 - حديث مُرَّة البَهْزي (1) مرفوعاً:
" (يفتح) (2) على الأرض فتن كَصَيَاصِىَّ البقر (3) ... الحديث.
قال: صحيح.
قلت: فيه سعيد بن هبيرة اتهمه ابن حبان (4).
__________
(1) في المستدرك وتلخيصه المطبوعين: (النمري)، وفي المستدرك المخطوط: (النميري)، وسقط أول الِإسناد من التلخيص المخطوط.
(2) في (أ) و (ب): (يقع)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(3) صَيَاصِيَّ البقر: أي قرونها، واحدتها،: صيصِية -بالتخفيف-، شبَّه الفتنة بها لشدَّتها وصعوبة الأمر فيها. النهاية (3/ 67).
(4) في المجروحين (1/ 326 - 327).
1091 - المستدرك (4/ 423): أخبرني الحسن بن حكيم المروزي، ثنا أحمد بن إبراهيم الشذوري، ثنا سعيد بن هبيرة، ثنا محمد بن سليم، ثنا قتادة، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، عن مرة (البهزي)، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "يفتح على الأرض فتن كصياصي البقر"، فمر رجل مقنع، فقال: "هذا يومئذ على الحق"، فقمت إليه، فأخذت بمجامع ثوبه، فقلت: هذا هو يا رسول الله؟ قال: "هذا"، فإذا هو عثمان.
تخريجه:
الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 33).
وابنه عبد الله في زياداته على الفضائل (1/ 449 - 450 رقم 720).
والقطيعي في زياداته على الفضائل أيضاً (1/ 508 رقم 829). =
(7/3260)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والطبراني في الكبر (20/ 315 رقم 750).
جميعهم من طريق أبي هلال محمد بن سليم، عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق، عن مرة، به، نحوه.
ورواه كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق، عن هرمي بن الحارث، وأسامة بن خريم، عن مرة البهزي، به، هكذا بزيادة هرمي، وأسامة بين عبد الله بن شقيق، ومرة البهزي، فخالف أبا هلال بذلك.
أخرجه هذه الرواية الِإمام أحمد في المسند (5/ 33 و 35).
وابن أبي عاصم في السنَّة (2/ 591 رقم 1296).
وابن حبان في صحيحه (ص 539 رقم 2195).
والطبراني في الكبير (20/ 315 - 316 رقم 751).
جميعهم من طريق كهمس، عن عبد الله بن شقيق، ثنا هرمي بن الحارث، وأسامة بن خريم، وكانا يغازيان، فحدثاني حديثاً، ولا يشعر كل واحد منهما أن صاحبه حدثنيه، عن مرة البهزي، كذا رواية أحمد، ونحوه ابن حبان، وابن أبي عاصم، إلا أن ابن أبي عاصم قال: (يقاربان) بدل قوله: (يغازيان)، وعند الطبراني: (يضاربان)، ولم يذكر الطبراني التحديث.
وللحديث ثلاث طرق أخرى عن مرة البهزي.
الأولى: يرويها أبو الأشعث.
والثانية: يرويها جبير بن نفير.
والثالثة: يرويها ابن جابر.
* أما الطريق الأولى: التي يرويها أبو الأشعث، فأخرجها: أحمد في المسند (4/ 236). =
(7/3261)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والترمذي في سننه (10/ 198 - 199 رقم 3788) في مناقب عثمان من كتاب المناقب، باب منه.
والقطيعي في زياداته على الفضائل (1/ 507 - 508 رقم 828).
أما الإمام أحمد فمن طريق وهيب بن خالد.
وأما الترمذي فمن طريق عبد الوهاب الثقفي.
وأما القطيعي فمن طريق حماد بن زيد.
ثلاثتهم عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني قال: قامت خطباء بإيلياء في إمارة معاوية -رضي الله تعالى عنه-، فتكلموا، وكان آخر من تكلم مرة بن كعب، فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قمت، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر فتنة، فقربها، فمر رجل مقنَّع، فقال: "هذا يومئذ وأصحابه على الحق، والهدى"، فقلت: هذا يا رسول الله؟ وأقلبت بوجهه إليه، فقال: "هذا"، فإذا هو عثمان -رضي الله تعالى عنه-.
هذا لفظ أحمد، ولفظ الترمذي، والقطيعي نحوه.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
* أما الطريق الثانية: التي يرويها جبير بن نفير، فأخرجها:
ابن أبي عاصم في السنة (2/ 591 رقم 1295).
والطبراني في الكبير (20/ 316 - 317 رقم 753).
كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن سليم بن عامر، عن جبير بن نفير، قال: كنا معسكرين مع معاوية بعد قتل عثمان -رضي الله عنهما-، فقام مرة بن كعب البهزي، فقال: أما والله لولا شيء سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قمت هذا المقام. قال: فلما سمع معاوية ذكر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أجْلَسَ الناس، =
(7/3262)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فقال: بينا نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلوس إذ مر عثمان مرجلًا معدقاً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لتخرجن فتنة من تحت رجلي، أو من تحت قدمي هذا ومن اتبعه يومئذ على الهدي"، فقمت حتى أخذت بمنكب عثمان حتى لفته إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: هذا؟ قال: نعم، هذا ومن اتبعه يومئذ على الهدى"، فقام عبد الله بن حوالة الأنصاري من عند المنبر، فقال: إنك لصاحب هذا؟ قال: نعم، قال: أما والله إني حاضر ذلك المجلس، ولو كنت أعلم أن لي في الجيش مصدقاً لكنت أول من تكلم به.
هذا سياق الطبراني، وأما ابن أبي عاصم فأحال على حديث عبد الله بن حوالة الذي قبله فقال: "نحوه"، وحديث ابن حوالة بمعنى ما ذكر الطبراني.
* أما الطريق الثالثة: التي يرويها ابن جابر فأخرجها:
ابن أبي عاصم في الموضع السابق برقم (1293) من طريق أبي سلمة سليمان بن سليم، عن جابر قال، فذكره نحو لفظ الطبراني السابق، إلا أنه ذكر أن المتكلم هو عبد الله بن حوالة، وأن المصدق له هو مرة بن كعب.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "سعيد اتهمه ابن حبان".
وسعيد هذا هو ابن هبيرة المروزي وهو: متروك؛ قال عنه أبو حاتم: ليس بالقوي؛ روى أحاديث أنكرها أهل العلم. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات، كأنه كان يضعها، أو توضع له فيجيب فيها، لا يحل الاحتجاج به بحال.
وقال الخليلي: له غرائب يسأل عنها، ثم روى له حديثاً، وقال: لا نعرف =
(7/3263)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لهذا المتن، إسناداً، غير هذ. اهـ. من المجروحين (1/ 326 - 327)، واللسان (3/ 48 - 49 رقم 181).
قلت: ولم ينفرد سعيد بالحديث، بل تابعه بهز وعبد الصمد عند الِإمام أحمد، وسليمان بن حرب عند ابنه عبد الله، والقطيعي، والطبراني، ثلاثتهم عن محمد بن سليم، به.
ومحمد بن سليم، أبو هلال الراسبي فيه لين مع كونه صدوقاً، تقدم ذلك في الحديث (960)، وقد أخطأ في إسناد هذا الحديث، فأسقط منه الواسطة بين عبد الله بن شقيق، ومرة بن كعب، وهما هرمي بن الحارث، وأسامة بن خريم، حيث رواه كهمس بإثبات هذه الواسطة.
وكهمس هو ابن الحسن التميمي، أبو الحسن البصري، ثقة روى له الجماعة. / الجرح والتعديل (7/ 170 - 171 رقم 972)، التهذيب (8/ 450 رقم 816)، والتقريب (2/ 137 رقم 75).
وأما هرمي بن الحارث فترجم له البخاري في تاريخه (8/ 243 رقم 2870) وسكت عنه، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 111 رقم 466) وبيض له، وذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 514)، وجميعهم قالوا: (هرم بن الحارث).
وأسامة بن خريم ذكره البخاري أيضاً (2/ 21 رقم 1555) وسكت عنه، وابن أبي حاتم (2/ 283 رقم 1024) وبيض له، وذكره ابن حبان في ثقاته (4/ 44)، ولم يذكروا أنه روى عنهما سوى عبد الله بن شقيق، فهما مجهولان، وتتقوى رواية كل واحد منهما بالآخر، وتقدم قول عبد الله بن شقيق عنهما: "وكانا يغازيان، فحدثاني حديثاً، ولا يشعر كل واحد منهما أن صاحبه حدثنيه، عن مرة البهزي".
وعبد الله بن شقيق العُقيلي، بصري ثقة، فيه نصب. / الجرح والتعديل (5/ 81 رقم 376)، والتقريب (1/ 422 رقم 377)، والتهذيب (5/ 253 - 254 رقم 444). =
(7/3264)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأما الطريق التي رواها أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن مرة، فتقدم أن الترمذي قال عن الحديث من هذه الطريق: "حديث حسن صحيح".
وبيان حال رجال إسناده كالتالي:
أبو الأشعث الصنعاني اسمه شراحيل بن آده، وتقدم في الحديث (1007) أنه: ثقة.
وأبو قلابة اسمه عبد الله بن زيد بن عمرو الجَرْمي، وهو ثقة فاضل كثير الِإرسال، من رجال الجماعة، قال العجلي: فيه نصب يسير./ الجرح والتعديل (5/ 57 - 58 رقم 268)، والتقريب (1/ 417 رقم 319)، والتهذيب (5/ 224 - 226 رقم 387).
وأيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني ثقة ثبت حجة روى له الجماعة. / الجرح والتعديل (2/ 255 - 256 رقم 915)، والتهذيب (1/ 397 - 399 رقم 733).
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لما تقدم في دراسة الِإسناد، ومتنه صحيح لغيره بمجموع الطرق الأخرى، ومنها الطريق التي أخرجها الإمام أحمد، والترمذي، وغيرهما من طريق أيوب السختياني، فإنها صحيحة لذاتها -كما يتضح من دراسة الِإسناد-، وقد صححها الترمذي -كما سبق-، والله أعلم.
(7/3265)
1092 - حديث عبد الله بن (عمرو) (1) مرفوعاً:
"يكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على (المياثر) (2) حتى (يأتوا) (3) أبواب المساجد ... " الحديث (4).
قال: على شرط البخاري ومسلم (5).
قلت: عبد الله بن (عياش) (6) القتباني المذكور في إسناده، وأن كان احتج به مسلم، فقد ضعفه أبو داود، والنسائي، وقال أبو حاتم هو قريب من ابن لهيعة (7).
__________
(1) في (أ): (عمر).
(2) في (أ): (المنابر)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
والمياثر جاءت مفسرة في الحديث بأنها السروج العظام.
(3) في (أ): (يأتون)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(4) من قوله: (يركبون) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).
(5) في (ب) قدم مسلماً على البخاري، فقال: (م خ).
(6) في (أ): (عباس)، ولم تنقط في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(7) انظر الجرح والتعديل (5/ 126 رقم 580)، والتهذيب (5/ 351 رقم 603).
1092 - المستدرك (4/ 436): حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، ثنا الحسين بن محمد بن زياد، ثنا هارون بن معروف، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش القتباني، عن أبيه، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "سيكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن فإنهن =
(7/3266)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ملعونات، لو كان وراءكم أمة من الأمم لخدمنهم كما خدمكم نساء الأمم قبلكم"، فقلت "لأبي: وما المياثر؟ قال: سروجاً عظاماً (كذا!). اهـ.
وقوله: (لخدمهم) كذا في المستدرك وتلخيصه المخطوطين والمطبوعين، ولعل الصواب: (لخدمنهم)، كما يظهر من سياق من أخرج الحديث.
تخريجه:
الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 223).
وابن حبان في صحيحه (ص 351 رقم 1454).
والطبراني في الصغير (2/ 127 - 128).
وفي الأوسط -كما في مجمع البحرين (ص 401 / المكية) -. وذكره في المجمع (5/ 137)، وعزاه للكبير أيضاً.
جميعهم من طريق عبد الله بن عياش القتباني، به، ولفظ أحمد وابن حبان نحو لفظ الحاكم، إلا أنهما قالا: "سروج -وعند ابن حبان: سرج-، كأشباه الرجال".
وعند أحمد أيضاً: "لخدمن نساؤكم نساءهم"، وعند ابن حبان: "خدمهن نساؤكم".
وأما لفظ الطبراني فمختصر.
قال الهيثمي في الموضع السابق: "رجال أحمد رجال الصحيح".
وقال الشيخ أحمد شاكر في حاشية المسند (12/ 36):"إسناده صحيح".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "عبد الله، وإن كان احتج به مسلم، فقد ضعفه أبو داود، والنسائي، وقال أبو حاتم: هو قريب من ابن لهيعة". =
(7/3267)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وعبد الله هذا هو ابن عياش بن عباس القتباني، أبو حفص المصري، وهو صدوق يغلط. / الجرح والتعديل (5/ 126 رقم 580)، والتقريب (1/ 439 رقم 529)، والتهذيب (5/ 351 رقم 603).
هذا وقد نص الذهبي هنا على أن مسلماً احتج بعبد الله القتباني، وهو ظاهر صنيع المزي -رحمه الله- حيث قال: "روى له مسلم حديثاً واحداً" -كما في الموضع السابق من التهذيب-، لكن نفى ذلك ابن حجر -رحمه الله-، وتعقب المزي على قوله السابق بقوله: "حديث مسلم في الشواهد، لا في الأصول"، وقال في التقريب: "أخرج له مسلم في الشواهد"، وذكر قول الحافظ هذا الشيخ أحمد شاكر في الموضع السابق، ثم تعقبه بقوله: "هكذا قال الحافظ، ولكن الحديث المشار إليه في صحيح مسلم (2/ 13) جاء به أصلاً للحديث، ثم أتبعه بروايتين شاهدتين له، فحديثه عنده في الأصول، لا في الشواهد، يدرك ذلك من تأمل الأسانيد، وأنصف".اهـ.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لما تقدم عن حال عبد الله القتباني.
ويشهد لبعضه ما أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1680 رقم 125) في اللباس والزينة، باب النساء الكاسيات العاريات المائلات، المميلات، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات، عاريات، مميلات، مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا، وكذا".
(7/3268)
1093 - حديث أبي هريرة مرفوعاً:
"والذي بعثني بالحق لا تنقصني هذه الدنيا حتى يقع بهم الخسف، والمسخ، والقذف ... " الحديث (1).
قلت: فيه سليمان اليمامي ضعفوه، والخبر منكر.
__________
(1) من قوله: (يقع) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).
1093 - المستدرك (4/ 437): حدثني علي بن حمشاذ العدل، ثنا محمد بن المغيرة الهمداني، ثنا القاسم بن الحكم العرني، ثنا سليمان بن أبي سليمان، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "والذي بعثني بالحق لا تنقصني هذه الدنيا حتى يقع بهم الخسف، والمسخ، والقذف"، قالوا: ومتى ذلك يا نبي الله بأبي أنت وأمي؟ قال: "إذا رأيت النساء قد ركبن السروج، وكثرت القينات، وشهد شهادات الزور، وشرب المسلمون في آنية أهل الشرك: الذهب والفضة، واستغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، فاستذفروا، واعتمدوا"، وقال هكذا بيده، وستر وجهه.
تخريجه:
الحديث أخرجه البزار في مسنده (4/ 146 رقم 3405) من طريق القاسم بن الحكم، به نحوه مختصراً.
وابن عدي في الكامل (3/ 1125) من طريق سليمان بن داود اليمامي، به نحوه.
والطبراني في الأوسط بنحوه -كما في المجمع (8/ 10) -، قال الهيثمي: "وفيه سليمان بن داود اليمامي، وهو متروك".
وأخرجه البيهقي في الشعب -كما في كنز العمال (14/ 280 رقم 38730) -، وذكر أن البيهقي ضعفه. =
(7/3269)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= دراسة الإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم وسكت عنه، وتعقبه الذهبي بقوله: "سليمان هو اليمامي، ضعفوه، والخبر منكر".
وسليمان بن داود اليمامي هذا تقدم في الحديث (912) أنه: ضعيف.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف سليمان اليمامي.
وأما النكارة التي ذكرها الذهبي فيقصد بها تفرد سليمان هذا بالحديث، حيث لم أجد من تابعه عليه بهذا السياق، والله أعلم.
(7/3270)
1094 - حديث (سعد) (1) مرفوعاً:
"إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ... " الحديث.
قلت: على شرط مسلم (2).
__________
(1) في (أ) و (ب): (سهل)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2) هذه العبارة إنما هي للحاكم، حيث قال بعد أن أخرج الحديث: "هذا الحديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وأقرة الذهبي، فالظاهر أن في نسخة ابن الملقن تصحيفاً، أو تحريفاً، أو أن نظره أخطأ، فظن الحاكم للحديث تعقيباً من الذهبي، فنسبه إليه.
1094 - المستدرك (4/ 441) هذا الحديث، والحديث الآخر قبله أوردهما الحاكم شاهدين لحديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن بين أيديكم فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها"، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: "كونوا أحلاس بيوتكم".
قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، وهكذا رواه أبو بكرة الأنصاري، وسعد بن مالك، عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-".
ثم ذكر حديث أبي بكرة، ثم قال:
أما حديث سعد بن مالك، فأخبرناه أحمد بن سلمان الفقيه، ثنا أبو داود، ثنا عمرو بن عون، ثنا هشيم، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدي، عن سعد بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:"إنها ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، والساعي خير من الراكب، والراكب خير من الموضع". =
(7/3271)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال الحاكم: "وهذا الحديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. فقد صار هذا باب كبير، ولم يخرجاه، وإنما أخرجه أبو داود أحد أئمة هذا العلم".
تخريجه:
الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/ 185).
والترمذي في سننه (6/ 436 - 438 رقم 2290) في الفتن، باب ما جاء أنه تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم.
كلاهما من طريق قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن بسر بن سعيد، أن سعد بن أبي وقاص قال عند فتنة عثمان بن عفان: أشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي"، قال: أفرأيت إن دخل علي بيتي، وبسط يده إلي ليقتلني؟ قال: "كن كابن آدم"، وهذا لفظهما.
قال الترمذي عقبه: "هذا حديث حسن، وروى بعضهم هذا الحديث عن ليث بن سعد، وزاد في هذا الإسناد رجلاً، وقد روي هذا الحديث عن سعد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، من غير هذا الوجه".
قلت: أما ذكره لرواية الحديث من غير هذا الوجه فلعله يقصد بها طريق أبي عثمان النهدي التي أخرجها الحاكم.
وأما قوله: "روى بعضهم هذا الحديث عن ليث بن سعد، وزاد في هذا الِإسناد رجلاً"، فلم أجد هذه الرواية التي عن الليث بزيادة الرجل، وتطرق الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف"، وكذا الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على المسند (3/ 28 - 29) لهذا الاختلاف، ولم يذكرا من أخرج هذه الرواية عن الليث. وإنما أخرج الحديث أبو داود في سننه (4/ 456 رقم 4257) في الفتن، باب في النهي والسعي في الفتنة من =
(7/3272)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= طريق مفضل، عن عياش، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعي أنه سمع سعد بن أبي وقاص، فذكره بزيادة حسين بين بسر، وسعد.
وقد أخرج الِإمام أحمد الحديث (1/ 168 - 169) من طريق ابن لهيعة، ثنا بكير بن عبد الله بن الأشج، أنه سمع عبد الرحمن بن حسين يحدث أنه سمع سعد بن أبي وقاص يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، ويكون الماشي فيها خيراً من الساعي"، وقال: وأراه قال: "والمضطجع فيها خير من القاعد".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وأقره الذهبي، وبيان حال رجال إسناده كالتالي:
أبو عثمان النهدي تقدم في الحديث (872) أنه: ثقة ثبت عابد مخضرم، من رجال الجماعة.
وداود بن أبي هند القُشيري، مولاهم، البصري ثقة متقن، كان يهم بآخره، روى له مسلم./ الجرح والتعديل (3/ 411 - 412 رقم 1881)، والتقريب (1/ 235 رقم 45)، التهذيب (3/ 204 رقم 388).
وهُشَيم -بالتصغير- ابن بشير بن القاسم بن دينار السلمي تقدم في الحديث (499) أنه ثقة ثبت روى له الجماعة، لكنه كثير التدليس من الثالثة، وقد عنعن هنا.
وعمرو بن عون تقدم في الحديث (992) أنه ثقة ثبت من رجال الجماعة.
وأبو داود هو السجستاني صاحب السنن ثقة حافظ من كبار العلماء تقدمت ترجمته في الحديث (1033).
وشيخ الحاكم أحمد بن سلمان الفقيه النجاد تقدم في الحديث (808) أنه: صدوق. =
(7/3273)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= هذا وفي سند الحديث اختلاف أشار إليه الترمذي.
وكما تقدم فقد تطرق الحافظ ابن حجر، والشيخ أحمد شاكر لهذا الاختلاف.
أما ابن حجر فعبارته في "النكت الظراف" (3/ 279 - 280)، ولا تخلو العبارة من شيء من التصحيف أثبته المحقق كما هو، وأشار لذلك، وهذا نص كلام الحافظ هناك: حديثاً "إنها ستكون فتنة ... " الحديث. في الفتن (29)، عن قتيبة، عن الليث، عن عياش، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عنه، به ... ، إلى أن قال: وروى بعضهم هذا عن الليث، وزاد في الإسناد رجلاً.
وكتب على الهامش: الرجل حسين الأشجعي. قلت (القائل ابن حجر): وقد ذكره عن قريب (يعني المزي)، فقال: حسين، ويقال: حسيل، وذكر الحديث من عند (الفتن 2:2)، وفيه زيادة: حسين بن عبد الرحمن الأشجعي، بين بسر، وسعد، لكنه من رواية مفضل بن فضالة، عن عياش به. وعسى (كذا في النص) أن تفسير من أبهم ت: أنه زاد (بعض من روى): عن الليث، فإنه لو زاد (بعض من روى) ذلك (عليه) لقال: زاد على الليث، فهو قال: (يعني الترمذي): زاد عنه. انتهى.
وقد أخرجه أحمد (ج 1، ص 185)، وأبو خيثمة، في مسنديهما، عن قتيبة، به.
وأخرجه أحمد (ج 1، ص 168) من طريق ابن لهيعة، عن عياش، (و) زاد الرجل، لكنه قال: عبد الرحمن بن حسين، فقلبه. اهـ.
وقال الشيخ أحمد شاكر بعد أن ذكر رواية الترمذي: وزيادة الرجل التي يشير إليها الترمذي: هي ما في رواية أبي داود (4: 161)، من طريق المفضل، عن عياش، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعي، أنه سمع سعد بن أبي وقاص. =
(7/3274)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وبسر بن سعيد: تابعي ثقة، ثبت سماعه من سعد، وكان يجالسه -كما في التاريخ الكبير (1/ 2/ 123 - 124) -، فالظاهر عندي أن الِإسنادين صحيحان، وأن عبد الرحمن بن حسين، وبسر بن سعيد سمعاه من سعد، وسمعه منهما بكير بن الأشج، ويحتمل أن يكون في رواية أبي داود شيء من الوهم، ويكون صوابها: عن بكير، عن بسر بن سعيد، وحسين بن عبد الرحمن. اهـ.
وأما سند الحديث عند الإمام أحمد والترمذي، فبيان حال رجاله كالتالي:
بُسْر بن سعيد المدني العابد ثقة جليل روى له الجماعة. / الجرح والتعديل (2/ 423 رقم 1680)، والتهذيب (1/ 437 رقم 804)، والتقريب (1/ 97 رقم 35).
وبُكَيْر بن عبد الله الأشج، مولى بني مخزوم ثقة روى له الجماعة. / الجرح والتعديل (2/ 403 رقم 1585)، والتهذيب (1/ 491 رقم 908)، والتقريب (1/ 108 رقم 137).
وعياش بن عباس القتباني تقدم في الحديث (1025) أنه: ثقة.
والليث بن سعد في الحديث (489) أنه: إمام مشهور ثقة ثبت فقيه.
وقتيبة بن سعيد تقدم في الحديث (678) أنه: ثقة ثبت.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم، رجاله رجال مسلم إلى طبقة شيوخه، لكن في سنده هشيم وهو مدلس من الثالثة كما تقدم، وقد عنعن، فالحديث ضعيف بهذا الِإسناد لأجله، وقد صح الحديث من الطريق التي أخرجها الإمام أحمد، والترمذي، كلاهما من طريق قتيبة، عن الليث، عن عياش، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن سعد، به، والله أعلم.
(7/3275)
1095 - حديث أنس مرفوعاً:
"لا مهدي إلا عيسى (1) ابن مريم".
قلت: فيه يحيى بن السكن ضعفه صالح جزرة (2).
__________
(1) قوله: (عيسى) ليس في (ب).
(2) في (أ): (صالح بن جزرة)، والعبارة في الميزان (4/ 380).
1095 - هذا الحديث سقط من المستدرك المطبوع، وهو في التلخيص (4/ 441)، وسأثبته من المستدرك المخطوط.
وقد ساق الحاكم في المستدرك (4/ 441) الحديث من طريق الشافعي، أنبأ محمد بن خالد الجَنَدي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدين إلا إدباراً، ولا الناس إلا شحّاً، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم".
قال الحاكم -كما في المخطوط، ونحوه التلخيص المطبوع-: "هذا حديث يعد في أفراد الشافعي -رضي الله عنه-، وليس كذلك، فقد حدث به غيره"، ثم قال:
حدثني أبو أحمد عبد الرحمن بن عبد الله بن يزداد الرازي المذكر ببخارى من أصل كتابه العتيق، ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد الهدي، بمصر، حدثني أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي، ثنا صامت بن معاذ، ثنا يحيى بن السكن، ثنا محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الناس إلا شحًّا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم".
قلت: كذا في المخطوط، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه =
(7/3276)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وسلم-، مرسلاً، وظاهر صنيع الذهبي في التلخيص أنه ليس بمرسل، لأنه عطف على حديث الشافعي الموصول، فقال: " ... ثنا يحيى بن السكن، ثنا محمد بن خالد الجندي، فذكره". اهـ.
قال الحاكم عقب الحديث: "قال صامت بن معاذ: عدلت إلى الجَنَد مسيرة يومين من صنعاء، فدخلت على محدث لهم، فطلبت هذا الحديث، فوجدته (في المخطوط: فوجده) عنده، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مثله. وقد روى بعضهم هذا المتن، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال: أما حديث عبد العزيز، عن أنس بن مالك، فحدثناه ... "، فذكره كما في المطبوع.
تخريجه:
الحديث له عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- طريقان:
* الأولى: يرويها الحسن البصري.
* الثانية: يرويها عبد العزيز بن صهيب.
أما الطريق الأولى: التي يرويها الحسن بن البصري، فأخرجها الحاكم هنا من طريقين:
(أ) الطريق التي يرويها يحيى بن السكن، عن محمد بن خالد الجَنَدي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، فذكره مرسلاً، كذا في المستدرك المخطوط.
والظاهر أن الصواب وصله، لأن البيهقي رواه من طريق الحاكم في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" (ص 299 - 300) موصولًا.
وكذا أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (2/ 69 - 70 رقم 900) من =
(7/3277)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= طريق أبي سعيد المفضل بن محمد الجندي، عن صامت بن معاذ، عن زيد بن السكن (وهو يحيى بن السكن كما سيأتي في دراسة الإسناد)، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذكره.
(ب) الطريق التي اشتهر بها هذا الحديث، ويرويها الشافعي، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
والحديث من هذه الطريق أخرجه الحاكم، وتقدم ذكره آنفاً.
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق (ص 296 - 298).
وأخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 340 - 341 رقم 4039) في الفتن، باب شدة الزمان.
وابن عبد البر في جامع بيان العلم (1/ 188).
وأبو نعيم في الحلية (9/ 161).
والقضاعي في مسند الشهاب (2/ 68 - 69 رقم 898 و 899).
والخطيب في تاريخه (4/ 220 - 221).
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (3/ 379 - 380 رقم 1447).
وأخرجه المزي في تهذيب الكمال (3/ 1193).
والذهبي في تذكرة الحفاظ (2/ 527 - 528).
والسبكي في طبقات الشافعية (2/ 172).
جميعهم من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن الشافعي، به، عدا رواية ابن عبد البر -رحمه الله-، فإنها من طريق الطحاوي، عن المزني، عن الشافعي، به. =
(7/3278)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والحديث أخرجه أيضاً أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"، والسِّلَفي في الطيوريات -كما في الضعيفة للألباني (1/ 103) -.
وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (ل 23 أ)، باب ما جاء في خروج المهدي -كما في حاشية "عقد الدرر في أخبار المنتظر" (ص 61) -، وهذا الحديث ليس ضمن ما طبع من كتاب "البعث والنشور"، وكله بسبب العجلة في إخراج تراث المسلمين بهذه الصورة التي لا تبرأ بها ذمة طالب العلم القائم على إخراج الكتاب.
وأما الطريق الثانية: التي يرويها عبد العزيز بن صهيب فأخرجها الحاكم عقب هذه الرواية، وليس فيها: "لا مهدي إلا عيسى ابن مريم".
دراسه الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم لا لاستدراكه على الشيخين: وإنما لبيان علته، وسيأتي نقل كلامه، وأعل الذهبي هذه الطريق بقوله: "يحيى بن السكن ضعفه صالح جزرة".
ويحيى بن السكن هذا ضعفه صالح جزرة كما قال الذهبي، وضعفه كذلك الدارقطني، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال عنه الذهبي: ليس بالقوي. / ثقات ابن حبان (9/ 253)، والميزان (4/ 380 رقم 9525)، واللسان (1/ 28 رقم 42)، و (6/ 259 رقم 911).
قلت: وقد يقال ليحيى هذا: (زيد) -كما في التهذيب (9/ 143)، وطبقات الشافعية (2/ 173) -.
وللحديث علة أخرى، وهي أن الراوي للحديث عن يحيى بن السكن هو صامت بن معاذ، وقد ذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: "يهم ويغرب"./ اللسان (3/ 178 رقم 723)، وذكر له الحافظ ابن حجر في الموضع السابق حديثاً يرويه عن المثنى بن الصباح، ثم قال: "وهذا باطل بلا ريب، فإن كان صامت حفظه فهو من تخليط المثنى، والذي أظنه أنه من أوهام صامت، والله أعلم، ثم تبين لي أنه صحفه ... ". =
(7/3279)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأما الطريق الأخرى التي رواها الشافعي، فقد أعِلّت بالآتي:
1 - تدليس الحسن البصري.
2 - الانقطاع بين الحسن، وأبان بن صالح.
3 - جهالة محمد بن خالد الجندي الذي عليه مدار الحديث.
4 - تفرد يونس بن عبد الأعلى بالحديث عن الشافعي، وتدليسه للحديث.
5 - الاختلاف في سند الحديث.
وفيما يلي بيان هذه العلل، ومناقشتها:
1 - تدليس الحسن البصري:
أعل الشيخ ناصر الدين الألباني الحديث بهذه العلة، في سلسلته الضعيفة (1/ 103)، ولم أجد من أعله سواه بها- برغم كثرة من تكلم في الحديث-.
والحسن البصري -رحمه الله- وصف بالتدليس، لكن تحمل الأئمة تدليسه، وذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من طبقات المدلسين، وتقدم ذلك في الحديث (709).
وعليه فينبغي توجيه الكلام إلى علل سوى هذه، وهي التى تكلم عنها بعض العلماء، ومنها:
2 - الانقطاع بين أبان بن صالح، والحسن البصري.
قال الذهبي في الميزان (3/ 535): "وأبان بن صالح صدوق، وما علمت به بأساً، لكن قيل: إنه لم يسمع من الحسن، ذكره ابن الصلاح في أماليه". اهـ.
قلت: أما الحافظ المزي في تهذيب الكمال (1/ 47) فذكر أنه روى عن =
(7/3280)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الحسن، ولم يتعقبه الحافظ ابن حجر بشيء في التهذيب (1/ 94 - 95)، فالله أعلم.
3 - جهالة محمد بن خالد الجَنَدي الذي عليه مدار الحديث.
قال الحاكم عن محمد بن خالد هذا: "مجهول"، وتبعه عليه البيهقي -كما سيأتي-.
وقال الآبري: محمد بن خالد غير معروف عند أهل الصناعة من أهل النقل.
وقال ابن الصلاح: محمد بن خالد شيخ مجهول، فتعقبه الذهبي بقوله: "قد وثقه يحيى بن معين، والله أعلم، وروى عنه ثلاثة رجال سوى الشافعي".
وانتقد ابن عبد البر حديثاً من طريق الجندي هذا، يرويه عن المثنى بن الصباح، فقال: محمد بن خالد، والمثنى بن الصباح متروكان.
وذكره الأزدي في الضعفاء، وقال: منكر الحديث./ انظر العلل المتناهية (2/ 380)، والميزان (3/ 535)، وطبقات الشافعية (2/ 173)، والتهذيب (9/ 143 - 145).
وقال الحافظ ابن كثير في النهاية (1/ 32) عن الحديث: "إنه حديث مشهور بمحمد بن خالد الجندي، الصنعاني، المؤذن، شيخ الشافعي، وروى عنه غير واحد أيضاً، وليس هو بمجهول كما زعمه الحاكم، بل قد روي عن ابن معين أنه وثقه"، وسيأتي ذكر بقية كلام ابن كثير.
وكان الحافظ ابن حجر لم يلتفت إلى توثيق يحيى بن معين للرجل، ولا إلى تضعيف ابن عبد البر وغيره، فقال في التقريب (2/ 157 رقم 176): "مجهول"، وهو الذي تميل إليه، النفس.
4 - تفرد يونس بن عبد الأعلى بالحديث عن الشافعي وتدليسه للحديث.
(7/3281)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد أعل الذهبي -رحمه الله- الحديث بهذه العلة، فقال في الموضع السابق من الميزان في ترجمة الجندي: (قلت: حديثه: لا مهدي إلا عيسى ابن مريم"، وهو خبر منكر أخرجه ابن ماجه، ووقع لنا موافقة من حديث يونس بن عبد الأعلى، وهو ثقة، تفرد به عن الشافعي، فقال في روايتنا: (عن)، هكذا بلفظ: (عن الشافعي). وقال في جزء عتيق بمرة عندي من حديث يونس بن عبد الأعلى، قال: حُدّثت عن الشافعي، فهو على هذا منقطع، على أن جماعة رووه عن يونس، قال: حدثنا الشافعي، والصحيح أنه لم يسمعه منه). اهـ. وقال -أي الذهبي- في تذكرة الحفاظ (2/ 527) في ترجمة يونس: "له حديث منكر عن الشافعي"، ثم ذكره.
وقال ابن السبكي في طبقات الشافعية (2/ 171): (لم يتكلم أحد في يونس، ولا نقموا عليه إلا تفرده عن الشافعي بالحديث الذي في متنه: "ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم"، فإنه لم يروه عن الشافعي غيره، ولكن ذلك غير قادح، فالرجل ثقة ثبت.
وكان شيخنا الذهبي -رحمه الله- يُنَبّه على فائدة، وهي أن حديثه المذكور عن الشافعي إنما قال فيه: حُدّثت عن الشافعي، ولم يقل: حدثني الشافعي، قال: هكذا هو موجود في كتاب يونس، رواية أبي طاهر أحمد بن محمد المديني، عنه. ورواه جماعة عنه، عن الشافعي، فكأن دلّسه بلفظه: (عن)، وأسقط ذكر من حدثه به عن الشافعي، فالله أعلم. هذا كلام شيخنا -رحمه الله تعالى-. (قال ابن السبكي):
وأنا أقول: قد صرح الرواة عن يونس بأنه قال: حدثنا الشافعي، ثم ذكره من طرق عن يونس، وفيها تصريحه بالحديث، ثم قال: "وقيل: إن الشافعي تفرد به، عن محمد بن خالد الجندي، وليس كذلك، إذ قد تابعه عليه زيد بن السكن، وعلي بن المزيد اللّحَجِيّ، فروياه عن محمد بن خالد. =
(7/3282)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وتكلم جماعة في هذا الحديث، والصحيح فيه أن الجندي تفرد به". اهـ.
قلت: وقد تكلم بعضهم في يونس بسبب هذا الحديث كما أشار لذلك ابن السبكي آنفاً. فقد روى الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق -كما في تهذيب الكمال المزي (3/ 1194) -، عن أحمد بن محمد بن رشدين، قال: حدثني أبو الحسن على بن عبيد الله الواسطي، قال: رأيت محمد بن إدريس الشافعي في المنام، فسمعته يقول: كذب عليّ يونس في حديث الجندي، حديث الحسن، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم - في المهدي، قال الشافعي: ما هذا من حديثي، ولا حدثت به، كذب علي يونس. اهـ. وذكر هذه القصة الحافظ ابن كثير في النهاية (1/ 32)، فتعقبها بقوله: (قلت: يونس بن عبد الأعلى الصدفي من الثقات، لا يطعن فيه بمجرد منام). اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" (2/ 167 - 168): "والحديث الذي فيه: "لا مهدي فيه إلا عيسى ابن مريم" رواه ابن ماجه، وهو حديث ضعيف، رواه عن يونس بن عبد الأعلى، وروي عنه أنه قال عن حديث الشافعي، وفي الخلعيات، وغيرها: حدثنا يونس، عن الشافعي، ولم يقل: حدثنا الشافعي، ثم قال عن حديث محمد بن خالد الجندي: وهذا تدليس يدل على توهين الحديث، ومن الناس من يقول إن الشافعي لم يروه". اهـ.
قلت: الحديث لا شك في أن يونس بن عبد الأعلى سمعه من الشافعي، فقد رواه عنه جمع من الرواة، وبعضهم من الأئمة، وقالوا: حدثنا، وذكر جملة منهم ابن السبكي في الطبقات، وهناك أمر آخر، وهو: أن رواية ابن عبد البر -رحمه الله- للحديث من طريق الطحاوي، قال: حدثنا المزني، قال: حدثنا الشافعي، فذكره، وهذا يدل على أن يونس بن عبد الأعلى قد توبع على الحديث، إلا أن يكون في رواية ابن عبد البر علة خفيت عليّ، وهذا ما أخشاه، لأن مثل هذه المتابعة يبعد أن تخفى على الأئمة مثل الذهبي، وابن حجر، وغيرهما، ومن فوائدها الذب عن يونس بما ألصق =
(7/3283)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= به من تهم لروايته هذا الحديث، وحبذا لو قُدِر لي الاطلاع على مخطوط "جامع بيان العلم" للتأكد من سلامة الرواية من التصحيف، خاصة وإن إحدى طرق الحديث عند السبكي من طريق الطحاوي، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، فالله أعلم.
5 - أما العلة الخامسة فإنها مبنيّة على ما سبق نقله عن الحاكم، وروايته لقصة صامت بن معاذ، وقوله: "عدلت إلى الجَنْد -مسيرة يومين من صنعاء- فدخلت على محدث لهم، فطلبت هذا الحديث، فوجدته عنده، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مثله".
وعلق البيهقي على هذه القضية بقوله: "فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي، وهو مجهول، عن أبان بن أبي عياش، وهو متروك، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتّة إسناداً". اهـ. من العلل المتناهية (2/ 380)، والتهذيب (9/ 144)، والسياق من التهذيب.
وقال الذهبي في الميزان (3/ 536) بعد أن ذكر رواية صامت بن معاذ: "قلت: فانكشف ووهى".
لكن الذي يظهر أن البيهقي تراجع عن كلامه السابق، وهذا هو الِإنصاف، فإنه قال في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" (ص 300) بعد أن ذكر قصة صامت هذه: "فإن كانت الرواية عن محمد بن خالد صحيحة، وقد رواه مرة أخرى بخلافها، كان هذا تخليطاً من جهته بروايته مرة هكذا، ومرة هكذا، إلا أن في صحتها عنه نظراً؛ فإنه عن محدث مجهول".اهـ.
قلت: ويعني بالمحدث المجهول الرجل المبهم الذي قال عنه صامت: "فدخلت على محدث لهم"، ولم يذكر اسمه، وبالإضافة لذلك فالقصة من طريق صامت بن معاذ، وتقدم الكلام عنه آنفاً وأنه "يهم ويغرب"، وعليه =
(7/3284)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فلا يعل الحديث بهذه الحادثة التي لم تثبت، لكن يعل بأمور أخرى كما سيأتي.
وقد قدح العلماء في هذا الحديث، واستنكروا جملة من متنه، وهي قوله:
"لا مهدي إلا عيسى بن مريم"، حتى إن بعضهم حكم عليه بالوضع، وهذه بعض عبارات من تكلم عن هذا الحديث:
فمنهم: الإمام النسائي صاحب السنن، قال: "هذا حديث منكر". / العلل المتناهية (2/ 380)، ومنهم أبو عبد الله الحاكم، حيث قال عقب هذا الحديث: "فذكرت ما انتهى إلى من علة هذا الحديث تعجباً، لا محتجاً به في المستدرك على الشيخين -رضي الله عنهما-، فإن أولى من هذا الحديث ذكره في هذا الموضع: حديث سفيان الثوري، وشعبة، وزائدة، وغيرهم من أئمة المسلمين، عن عاصم بن بهدلة، عن زِرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلًا، كما كانت ملئت جوراً وظلماً". اهـ.
وقال أبو الحسن محمد بن الحسين الأبري الحافظ في "مناقب الشافعي": "قد تواترت الأخبار، واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، يعني في المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، ويملأ الأرض عدلًا، وأنه يَخْرج عيسى ابن مريم، فيساعده على قتل الدجال بباب لُدّ بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة، وعيسى صلوات الله عليه يصلي خلفه، في طول من قصته وأمره، ومحمد بن خالد الجندي، وإن كان يذكر عن يحيى بن معين ما ذكرته (يعني من توثيقه)، فإنه غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنفل". اهـ. من تهذيب الكمال (3/ 1194).
وحكم الصنعاني على الحديث بالوضع في "الدر الملتقط" (ص 34 رقم =
(7/3285)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 44)، وتبعه عليه الهندي في "تذكرة الموضوعات" (ص 223)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص 510 - 511 رقم 127).
وقال الحافظ ابن كثير في النهاية (1/ 32): (وهذا الحديث فيما يظهر بادي الرأي، مخالف للأحاديث التي أوردناها في إثبات مهديّ غير عيسى ابن مريم، إما قبل نزوله كما هو الأظهر والله أعلم، وإما بعده، وعند التأمل لا يتنافيان، بل يكون المراد من ذلك: أن المهدي حق المهديّ هو عيسى ابن مريم، ولا ينفي ذلك أن يكون غيره مهدياً أيضاً، والله أعلم). اهـ.
أقول: وتَقَصّي كلام الأئمة عن الحديث يطول، ولم أجد من حكم عليه بالصحة، أو الحسن، وجميع كلامهم منصبّ على إعلال الحديث بهذه الجملة منه: "لا مهدي إلا عيسى"، ومن أراد الاستفاضة، فعليه بمراجعة:
المستدرك (4/ 441 - 442)، والعلل المتناهية (2/ 379 - 380)، والتذكرة للقرطبي (2/ 722 - 723)، وعقد الدر في أخبار المنتظر للسلمي (ص 60 - 64)، ومنهاج السنة لشيخ الِإسلام ابن تيمية (2/ 167 - 168)، والمنار المنيف لتلميذه ابن القيم (ص 141 - 143)، والميزان للذهبي (3/ 535 - 536)، وطبقات الشافعية لابن السبكي (2/ 171 - 173)، والنهاية لابن كثير (1/ 32)، وتهذيب الكمال للمزي (3/ 1193 - 1194)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (9/ 143 - 145)، و"العرف الوردي" للسيوطي مع الحاوي للفتاوي له (2/ 85)، و"لوامع الأنوار البهية" (2/ 84)، والسلسلة الضعيفة للألباني (1/ 103 - 105)، حيث قال عنه: "منكر".
الحكم على الحديث.
الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لما تقدم عن حال محمد بن خالد الجندي، ونكارة متنه كما قال النسائي، وغيره من العلماء المتقدم ذكرهم، والله أعلم.
(7/3286)
1096 - حديث رافع بن بشر السلمي، عن أبيه:
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (1): "تخرج نار ... " الحديث (2).
قلت: رافع مجهول.
__________
(1) قوله: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال) ليس في (ب)، وفيه: (مرفوعاً).
(2) قوله: (الحديث) ليس في (ب).
1096 - المستدرك (4/ 442 - 443) هذا الحديث ذكره الحاكم شاهداً لحديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في سفر، فلما رجعنا تعجل الناس، فدخلوا المدينة، فسأل عنهم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأخبر أنهم تعجلوا إلى المدينة، فقال: "يوشك أن يدعوها أحسن ما كانت، ليت شعري، متى تخرج نار من جبل الوراق فتضيء لها أعناق البخت ببصري، سروجاً كضوء النهار".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، وشاهده حديث رافع السلمي الذي": أخبرناه أحمد بن كامل القاضي، ثنا محمد بن سعد بن الحسن العوفي، ثنا عثمان بن عمر بن فارس، أنبأ عبد الحميد بن جعفر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين -رضي الله عنهم-، عن رافع بن بشر السلمي، عن أبيه، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: "تخرج نار من حبس سيل تسير بسير بطيئة، تكمن بالليل، وتسير بالنهار، تغدو، وتروح، يقال: غدت النار أيها الناس فاغدوا، قالت النار أيها الناس فقيلوا، راحت النار أيها الناس فروحوا، من أدركته أكلته".
تخريجه:
الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 443). =
(7/3287)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريقه ابن الأثير في أسد الغابة (1/ 220 - 221).
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 233 - 234 رقم 934).
ومن طريقه ابن حبان في صحيحه (ص 467 رقم 1892).
وأخرجه الطبراني في الكبير (2/ 30 رقم 1229).
وأبو نعيم في المعرفة (1/ ل 96 أ).
جميعهم من طريق عبد الحميد بن جعفر، به نحوه، وجميعهم قالوا: "تسير سير بطيئة الإبل"، وهذا أوضح معنى من سياق الحاكم.
قال الهيثمي في المجمع (8/ 12): "رواه أحمد، والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، غير رافع، وهو ثقة".
دراسة الإسناد:
الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث المتقدم ذكره، فتعقبه الذهبي بقوله: "رافع مجهول". ورافع هذا هو ابن بشر، ويقال: بشير، السلمي، ذكره ابن حبان في ثقاته، وروى عنه ابنه بشير، وأبو جعفر الباقر، فهو مجهول الحال./ ثقات ابن حبان (4/ 236)، وتعجيل النفعة (ص 85 رقم 300).
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة حال رافع بن بشر السلمي.
وأما خروج النار التي تضيء أعناق الإبل ببصرى فثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى".
أخرجه البخاري في صحيحه (13/ 78 رقم 7118) في الفتن، باب خروج النار. =
(7/3288)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومسلم (4/ 2227 - 2228 رقم 42) في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز.
واللفظ لهما.
وقد وقع ما أخبر به -صلَّى الله عليه وسلم- سنة أربع وخسين وستمائة للهجرة، حتى شاهد أهل بصرى أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز، في المدينة النبوية، وهي تُسيل الصخر حتى يصير كالرصاص المذاب، ثم يصير مثل الفحم الأسود، وكان الناس يسيرون على ضوئها بالليل إلى تيماء، واستمرت على ذلك شهراً، إلى غير ذلك من أخبار هذه النار التي تجدها مفصلة في التذكرة للقرطبي (2/ 745 - 746)، والبداية لابن كثير (13/ 187 - 193).
(7/3289)
1097 - حديث عاصم الأنصاري مرفوعاً:
"يوشك أن (تخرج) (1) من حبس سيل (نار) (2) تضيء أعناق الإِبل ببصري " (3).
قال: صحيح.
قلت: منكر؛ فيه إبراهيم بن إسماعيل أبو مُجمع ضعيف، وإسماعيل بن أبي (أويس) (4) متكلم فيه.
__________
(1) في (أ): (يخرج)، ولم تنقط في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2) ليست في (أ)، و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(3) من قوله: (من حبس) إلى هنا ليس في (ب).
(4) في (أ): (يونس)، وليست في (ب)، لأنه اكتفى بقوله: (قلت: منكر)، ولم يذكر بقية التعقيب، وقوله: (أويس) كذا في المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.
1097 - المستدرك (4/ 443) قال الحاكم عقب الحديث السابق: "وقد رَوَى عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في ذكر أشراط الساعة خروج النار من أرض الحجاز: عاصم بن عدي الأنصاري، وأبو هريرة، وأبو ذر الغفاري، وقد تقدم ذكره. أما حديث عاصم بن عدي ": فحدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ العباس بن الفضل الأسفاطي، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا عباية بن بكر بن أبي ليلى المزني، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال: حدثني أبو البداح بن عاصم الأنصاري، عن أبيه، أنه قال: سأَلَنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حدثان ما قدم، فقال:"أين حبس سيل؟ " قلنا: لا ندري، فمر بي رجل من بني سليم، فقلت: من أين جئت؟ قال: من حبس سيل، فدعوت بنعلي، فانحدرت إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقلت: يا رسول الله، سألتنا عن حبس سيل، وإنه لم يكن لنا به علم، وإنه مر بي هذا الرجل، =
(7/3290)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فسألته، فزعم أن به أهله، فسأله رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: "أين أهلك؟ " قال: بحبس سيل، فقال: "أخّر أهلك، فإنه يوشك أن تخرج منه نار تضيء أعناق الإبل ببصرى".
تخريجه:
الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 137 رقم 458) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، به نحوه، وفي المسند عنده سَقْط، وأظنه من الطباعة.
قال الهيثمي في المجمع (8/ 13): "فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وهو ضعيف".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "منكر، وإبراهيم ضعيف، وإسماعيل متكلم فيه". وإبراهيم هذا هو ابن إسماعيل بن مُجمع -بوزن اسم الفاعل- الأنصاري، أبو إسحاق، المدني، وهو ضعيف./ الكامل (1/ 233 - 234)، والتقريب (1/ 32 رقم 175)، والتهذيب (1/ 105 - 106 رقم 183).
وإسماعيل بن أبي أويس تقدم في الحديث (751) أنه: صدوق: إلا أنه أخطأ في أحاديث من حفظه.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، والكلام عن حفظ إسماعيل بن أبي أويس.
وأما قول الذهبي -رحمه الله- عن الحديث: "منكر"، فلعله يقصد به تفرد من تقدم من الرواة بهذا السياق للحديث، وإلا فإن إخباره -صلى الله عليه وسلم- بخروج النار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى ثابت في الصحيحين، وتقدم تخريجه في الحديث السابق، والله أعلم.
(7/3291)
1098 - حديث معاذ بن أنس مرفوعاً:
"لا تزال الأمة على شريعة ما لم يظهر فيهم ثلاث: مما لم يقبض منهم العلم ... " الحديث (1).
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: منكر، وفيه (زَبَّان) (2) بن فائد، (ولم) (3) يخرجا له.
__________
(1) من قوله: (ما لم يظهر) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).
(2) في (أ) و (ب): (زياد)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.
(3) ليست في (أ).
1098 - المستدرك (4/ 444): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنبأ ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "لا تزال الأمة على شريعة ما لم تظهر فيهم ثلاث: ما لم يقبض منهم العلم، ويكثر فيهم ولد الخبث، ويظهر فيهم السقارون"، قالوا: وما السقارون يا رسول الله؟ قال: "بشر يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إذا تلاقوا: التلاعن".
تخريجه:
الحديث أخرجه أحمد في المسند (3/ 439).
والطبراني في الكبير (20/ 195 رقم 439).
كلاهما من طريق زبان بن فائد، به نحوه، إلا أن عندهما: (ولد الحنث)، بالنون، و: (الصقارون)، بالصاد. =
(7/3292)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي بقوله: "منكر، وزبان لم يخرجا له".
وزَبَّان هذا هو ابن فائد -بالفاء-، البصري، أبو جُوين -بالجيم مصغراً-، المصري، وهو ضعيف الحديث مع صلاحه، وعبادته، ولم يخرج له الشيخان في صحيحهما شيئاً./ الجرح والتعديل (3/ 616 رقم 2788)، والتقريب (1/ 257 رقم 10)، والتهذيب (3/ 308 رقم 574).
قلت: ومع ضعف زبان، فقد تفرد بالحديث، وهذا الذي دعى الذهبي إلى الحكم عليه بالنكارة.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف زبان بن فائد، ومتنه منكر كما قال الذهبي لتفرد زبان به، حيث لم أجد من تابعه عليه، والله أعلم.
(7/3293)
1099 - حديث أبي سعيد مرفوعا:
"تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة، فيصبح القوم، فيقولون: من صعق البارحة؟ فيقولون: صعق فلان، وفلان" (1).
قال: على شرط مسلم.
قلت: فيه عمارة المعْوَلي) (2)، وهو ثقة لم يخرجوا له (3).
__________
(1) من قوله (عند اقتراب) إلى هنا ليس في (ب).
(2) في (أ): (المغولي) -بالغين-، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه ومصادر الترجمة.
(3) في (ب): (قلت: عمارة ثقة لم يخرجوا له)، وهذه عبارة التلخيص، والمراد بقوله: "لم يخرجوا له" يعني أصحاب الكتب الستة، وهو كذلك حيث لم يترجم له في رجال الكتب الستة.
1099 - المستدرك (4/ 444): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ومحمد بن أحمد بن بالويه، قالا: ثنا موسى بن الحسن بن عباد، ثنا محمد بن مصعب القرقساني، ثنا عمارة المعولي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فذكره بلفظه.
تخريجه:
الحديث أخرجه أحمد في المسند (3/ 64 - 65) من طريق محمد بن مصعب، به نحوه.
قال الهيثمي في المجمع (8/ 9): "رواه أحمد، عن محمد بن مصعب، وهو ضعيف". =
(7/3294)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: "عمارة ثقة لم يخرجوا له"، ولم يعلَّ الحديث بمحمد بن مصعب القرقساني الراوي للحديث عن عمارة، مع أنه أعل الحديث رقم (614) به، فقد قال الحاكم عن الحديث هناك: "على شرط البخاري ومسلم"، فتعقبه الذهبي بقوله: بل منقطع ضعيف، فإن شداداً لم يدرك أم الفضل، ومحمد بن مصعب ضعيف".
ومحمد بن مصعب القرقساني تقدم في الحديث (614) أنه: صدوق كثير الغلط.
وأما عمارة بن مهران العابد، أبو سعيد المَعْوَلي، البصري، فإنه: ثقة، وثقه ابن معين، وابن حبان، وقال أبو حاتم: شيخ. اهـ. من الجرح والتعديل (6/ 369 رقم 2035)، والثقات لابن حبان (7/ 262)، ولم يذكره الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة.
وأما نسبته فاختلف في ضبطها، هل هي بكسر الميم، أو فتحها، ورجح السمعاني في الأنساب (12/ 358 - 359)، أنها بفتح الميم، وسكون العين المهملة، وفتح الواو، وفي آخرها اللام، نسبة إلى معولة، بطن من الأزد، وتبعه على ذلك الذهبي في "المشتبه" (ص 606)، وخالفه ابن الأثير في "اللباب" (3/ 238) فرجح أن الصواب: بكسر الميم، وفتح الواو.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لما تقدم عن حفظ محمد بن مصعب.
وأما عمارة المعولي فإنه لم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة، وهو ثقة كما تقدم، والله أعلم.
(7/3295)
1100 - و 1101 - حديث خارجة بن الصلت البُرْجُمي، قال:
دخلت مع عبد الله يوماً المسجد، فإذا القوم ركوع، فمر رجل، فسلم عليه، فقال: صدق الله ورسوله، فسألته عن ذلك، فقال: إنه لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقاً ... الحديث (1).
قال: صحيح.
قلت: موقوف، (وبشير ثقة احتج به مسلم) (2).
__________
(1) من قوله: (فإذا القوم ركوع) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).
(2) في (أ) و (ب): (قلت: موقوف، وفيه بشير ثقة احتج به مسلم)، وما أثبته من التلخيص، وزاد فيه: "وسمع هذا منه أبو نعيم".
وإنما لم أثبت عبارة ابن الملقن؛ لأن بشيراً ليس في إسناد حديث خارجة بن الصلت، وإنما هذا الحديث عبارة عن حديثين، الأول: يرويه أبو نعيم، عن بشير بن سلمان هذا، عن سيار أبي الحكم، عن طارق بن شهاب، عن ابن مسعود، والثاني: يرويه عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن حصين، عن عبد الأعلى بن الحكم، عن خارجة. وإنما أتى الحاكم بحديث خارجة لتقوية رواية بشير، وسيأتي ذكر كلامه في ذلك.
1100 - المستدرك (4/ 445 - 446): أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله التاجر، ثنا السري بن خزيمة، ثنا أبو نعيم، ثنا بشير بن سلمان، عن سيار أبي الحكم، عن طارق بن شهاب، قال: كنا عند عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- جلوساً، فجاء آذنه، فقال: قد قامت الصلاة، فقام، وقمنا معه، فدخلنا المسجد، فرأى الناس ركوعاً في مقدم المسجد، فكبر، وركع، ومشى، وفعلنا مثل ما فعل. قال: فمر رجل مسرع، فقال: السلام عليكم يا أبا عبد الرحمن، فقال: صدق الله، وبلَّغ رسوله -صلى =
(7/3296)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الله عليه وسلم- فلما صلينا، رجع، فولج أهله، وجلسنا في مكانه ننتظره حتى يخرج. فقال بعضنا لبعض: أيكم يسأله؟ فقال طارق: أنا أسأله، فسأله طارق، فقال: سلم عليك الرجل، فرددت عليه: صدق الله، وبلغ رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال عبد الله: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشوَّ التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وحتى يخرج الرجل بماله إلى أطراف الأرض، فيرجع، فيقول: لم أربح شيئاً".
تخريجه:
الحديث أخرجه أحمد في مسنده (1/ 407 - 408) من طريق أبي أحمد الزبيري، ثنا بشير بن سلمان، فذكر القصة بنحو ما هنا، ولفظ المرفوع عنده، قال فيه: "إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان الشهادة، وظهور القلم".
ثم أخرجه الإمام أحمد أيضاً (1/ 419 - 420) مختصراً، من طريق يحيى بن آدم، أنا بشير أبو إسماعيل، به.
وأخرجه البزار في مسنده (4/ 147 رقم 3407) من طريق أبي أحمد، ثنا بشير أبو إسماعيل، به، ولم يذكر القصة، ولفظه: "إن من اقتراب الساعة السلام بالمعرفة، وأن يجتاز الرجل بالمسجد لا يصلي فيه"، والحديث له ألفاظ روى الحاكم وأحمد بعضها، وهذا الذي عند البزار بعضه، وسيأتي ذكر ذلك في الحديث الآتي.
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، وقرن الكلام عنه بالحديث الآتي حيث قال: "وقد أسند هذه الكلمات بشير بن سلمان في روايته، ثم صار الحديث برواية شعبة هذه صحيحاً، ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله: "موقوف، وبشير ثقة احتج به مسلم، وسمع هذا منه أبو نعيم"، ويعني الذهبي بقوله: =
(7/3297)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "موقوف" الحديث الآتي، وأما هذا الحديث فمرفوع، وبيان حال رجال إسناده كالتالي:
طارق بن شهاب تقدم في الحديث (510) أنه ثقة صحابي رأى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يسمع منه.
وسيار أبو الحكم العنزي تقدم في الحديث (1021) أنه: ثقة.
وبشير بن سلمان تقدم في الحديث السابق أيضاً أنه: ثقة يغرب، وهو من رجال مسلم.
وأبو نعيم الفضل بن دكين تقدم في الحديث (606) أنه: ثقة ثبت.
والسري بن خزيمة تقدم في الحديث (575) أنه: ثقة حافظ إمام حجة.
وشيخ الحاكم محمد بن عبد الله بن أبي الوزير التاجر تقدم في الحديث (498) أني لم أجد من ترجم له، غير أنه لم ينفرد به، فقد رواه الِإمام أحمد من طريق شيخه أبي أحمد الزبيري، عن بشير بن سلمان.
وأبو أحمد الزبيري اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير، وتقدم في الحديث (606) أنه ثقة ثبت.
لكن للحديث علة خفيت على الشيخين أحمد شاكر، والألباني، فصحح كل منهما الحديث لذاته بإسناد الِإمام أحمد.
أما أحمد شاكر ففي حاشيته على المسند (5/ 333 رقم 3870)، وأما الألباني ففي السلسلة الصحيحة (2/ 250 رقم 647).
وهذه العلة تقدم الكلام عنها في الحديث رقم (1021) وهو أن بشير بن سلمان كان يخطيء في اسم شيخه، فيقول: سيار أبو الحكم، والصواب أن اسم شيخه: سيار أبو حمزة، وأبو الحكم ثقة، أما أبو حمزة فمقبول كما تقدم هناك. =
(7/3298)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم فيه شيخه ابن أبي الوزير، وتقدم أني لم أجد له ترجمة، لكنه لم ينفرد بالحديث كما سبق، وعليه فعلة الحديث جهالة حال سيار أبي حمزة، والله أعلم.
1101 - المستدرك (4/ 446): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضى، ثنا عمرو بن مرزوق، أنبأ شعبة، عن حصين، عن عبد الأعلى بن الحكم رجل من بني عامر، عن خارجة بن الصلت البرجمي، قال: دخلت مع عبد الله يوماً المسجد، فإذا القوم ركوع، فمر رجل، فسلم عليه، فقال: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، فسألته عن ذلك، فقال: أنه لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقاً، وحتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة، وحتى تَتّجر المرأة وزوجها، وحتى تغلو الخيل والنساء، ثم ترخص فلا تغلو إلى يوم القيامة.
قال الحاكم عقبه:"هذا حديث صحيح الِإسناد، وقد أسند هذه الكلمات بشير بن سلمان في روايته، ثم صار الحديث برواية شعبة هذه صحيحاً، ولم يخرجاه".
تخريجه:
الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 343 رقم 9487) من طريق زائدة، عن حصين، عن عبد الأعلى بن الحكم، عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: أتينا المسجد مع عبد الله بن مسعود، فقال عبد الله: كان يقال: إن من اقتراب الساعة أن تتخذ المساجد طرقاً.
وأخرجه أيضاً برقم (9486) من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن حصين، عن عبد الأعلى قال: دخلت المسجد مع ابن مسعود، فذكره بنحو رواية الحاكم هنا هكذا بإسقاط خارجة. =
(7/3299)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وللحديث طرق أخرى عن ابن مسعود، منها:
1 - ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/ 387).
والطبراني في الكبير (9/ 344 رقم 949).
كلاهما من طريق عبد الله بن نمير، عن مجالد، عن عامر، عن الأسود بن يزيد، فذكر قصة دخولهم المسجد، وسلام الرجل، وفيه: فلما انصرف سأله بعض القوم: لم قلت حين سلم عليك الرجل: صدق الله ورسوله؟ قال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن من أشراط الساعة إذا كانت التحية على المعرفة".
2 - ومنها: ما أخرجه أحمد أيضاً (1/ 405 - 406) من طريق شريك، عن عياش العامري، عن الأسود بن هلال، عن ابن مسعود، فذكر المرفوع نحو لفظ سابقه، ولم يذكر القصة.
3 - ومنها: ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2/ 283 - 284 رقم 1326).
والطبراني في الكبير (9/ 343 - 344 رقم 9489).
كلاهما من طريق الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، قال: لقي عبد الله رجل، فقال: السلام عليك يا ابن مسعود، فقال عبد الله: صدق الله ورسوله، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين، وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف، وأن يبرد الصبي الشيخ" وهذا لفظ ابن خزيمة.
4 - ومنها: ما أخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (9490) من طريق ميمون أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، فذكره بنحو سابقه، وزاد: "وحتى يبلغ التاجر بين الأفقين فلا يجد ربحاً". =
(7/3300)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وأعلّها الذهبي بقوله: "موقوف"، يعني أنه من قول ابن مسعود، ولم يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وبتأمل الحديث، والروايات الأخرى يترجح أن الحديث مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس بموقوف، بدليل الآتي:
1 - قول ابن مسعود في الحديث: "صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله"، وبعد أن سئل عن سبب قوله هذا، ذكر الحديث، فهذه قرينة قوية على أن ابن مسعود قصد تفسير قوله هذا بما يناسبه.
2 - بقية الطرق الأخرى فيها التصريح برفع ابن مسعود الحديث إليه -صلى الله عليه وسلم-، ومنها الحديث السابق برقم (1100).
3 - لو سلمنا بأنه موقوف على ابن مسعود، فإنه مرفوع حكماً، لأن هذا أمر غيبي لا يقال من قبل الرأي.
هذا ومدار الحديث على عبد الأعلى بن الحكم الكلبي، ويقال: الكلابي، وهو مجهول الحال، ذكره البخاري في تاريخه (6/ 70 رقم 1739)، وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم (6/ 25 رقم 130)، وبيض له، وذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 128)، وروى عنه حصين بن عبد الرحمن، وجعفر بن برقان.
وقد اختلف على حصين في رواية الحديث عن عبد الأعلى هذا، عن ابن مسعود مباشرة، أو عن عبد الأعلى، عن خارجة بن الصلت، عن ابن مسعود.
وعبد الأعلى مختلف في روايته عن ابن مسعود.
قال البخاري في الموضع السابق: سمع ابن مسعود، وحذيفة، وأبا موسى -رضي الله عنهم-، قولهم، قال كثير بن هشام: حدثنا جعفر، حدثنا عبد الأعلى. =
(7/3301)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقال أبو عوانة: عن حصين، حدثنا عبد الأعلى بن الحكم، سمع خارجة، سمع ابن مسعود، وأوضح هذا المعنى ابن أبي حاتم بقوله: "سمع ابن مسعود، وحذيفة، ومنهم من يدخل بينه وبين ابن مسعود: خارجة بن الصلت".
قلت: أما رواية حصين عنه هنا فالراجح أنها بإدخال خارجة بينه وبين ابن مسعود؛ لأن الراوي عن حصين عند الحاكم هو أمير المؤمنين في الحديث: شعبة.
وتابعه زائدة عند الطبراني.
وخالفهما سفيان الثوري عند الطبراني أيضاً، وتقدم ذكر ذلك.
لكن رواية سفيان يرويها عنه عبد الرزاق، وعنه إسحاق بن إبراهيم الدبري، وإسحاق له عن عبد الرزاق أحاديث منكرة، نقل ابن حجر في اللسان (1/ 349 - 350) عن ابن الصلاح أنه قال: "ذكر أحمد أن عبد الرزاق عمي، فكان يلقن فيتلقن، فسماع من سمع منه بعدما عمي لا شيء. قال ابن الصلاح: وقد وجدت فيما روى الدبري، عن عبد الرزاق أحاديث أسْتنكرها جداً، فأحلت أمرها على الدبري؛ لأن سماعه منه متأخر جداً، والمناكير التي تقع في حديث عبد الرزاق فلا يلحق الدبري منه تبعة، إلا أنه صحف، أو حرف، وإنما الكلام في الأحاديث التي عنده في غير التصانيف، فهي التي فيها المناكير، وذلك لأجل سماعه منه في حالة الاختلاط، والله أعلم". اهـ.
وأما الطريق الثالثة التي يرويها سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن ابن مسعود، ففي سندها الحكم بن عبد الملك القرشي، وتقدم في الحديث (544) أنه ضعيف.
وأما الطريق الرابعة التي يرويها علقمة ففي سندها ميمون أبو حمزة الأعور، القصاب، مشهور بكنيته، وهو ضعيف./ الكامل (6/ 2407)، والتقريب (2/ 292 رقم 1561)، والتهذيب (10/ 395 - 396 رقم 711). =
(7/3302)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لجهالة حال عبد الأعلى بن الحكم.
لكن قوله: "حتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة، وحتى تَتجّر المرأة وزوجها". يشهد له الحديث السابق برقم (1100)، فيكون حسناً لغيره.
وقوله: "لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقاً يشهد له الطريقان الثالثة والرابعة، فيكون حسناً لغيره أيضاً.
وأما قوله: "تغلو الخيل والنساء، ثم ترخص فلا تغلو إلى يوم القيامة" فلم أجد ما يشهد له، فيبقى على ضعفه، والله أعلم.
(7/3303)
1102 - حديث سلمة بن نُفَيل السكوني، قال:
بينا نحن عند رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فجاء رجل، فقال: يا نبي الله، هل أُتيت بطعام (من) (1) السماء؟ ... الحديث.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: فيه أرطأة بن المنذر، ولم يخرجا له، وهو ثبت (2)، والخبر من غرائب الصحاح.
__________
(1) في (أ) و (ب): (في)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2) في (ب): (قلت: فيه أرطأة بن المنذر ثبت لم يخرجا له).
1102 - المستدرك (4/ 447 - 448): حدثنا أبو محمد جعفر بن صالح بن هانيء، ثنا محمد بن إسماعيل بن مهران، ثنا صفوان بن صالح الدمشقي، ومحمد بن المصطفى الحمصي، قالا: ثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي، ثنا أرطأة بن المنذر، قال: سمعت ضمرة بن حبيب يقول: سمعت سلمة بن نفيل السكوني يقول -وكان من أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: بينا نحن جلوس عند النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فجاء رجل، فقال: يا نبي الله، هل أتيت بطعام من السماء؟ فقال: "أتيت بطعام مسخنة"، قال: فهل كان فيه فضل عندك؟ قال: "نعم"، قال: فما فعل به؟ قال: "رفع إلى السماء، وهو يوحى إلي أني غير لابث فيكم إلا قليلاً، ولستم لابثين بعدي إلا قليلاً، بل تلبثون حتى تقولوا: متى متى، ثم تأتون أفناداً، ويفني بعضكم بعضاً، وبين يدي الساعة موتان شديد، وبعده سنوات الزلزال". اهـ. وما كان فيه من اختلاف عن المطبوع فهو تصويب من المخطوط.
(7/3304)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= تخريجه:
الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 104).
والدارمي في سننه (1/ 32 رقم 56) في باب ما أكرم النبي -صلى الله عليه وسلم- من المقدمة.
وابن جان في صحيحه (ص 460 رقم 1861).
والطبراني في الكبير (7/ 59 رقم 6356).
جميعهم من طريق أرطأة بن المنذر، به نحوه، عدا ابن حبان، فإنه قال فيه: كنا جلوساً عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو يوحى إليه فقال: "إني غير لابث ... " الحديث بنحوه، ولم يذكر سؤال الرجل له، وجوابه.
وأخرجه أيضاً البزار، وأبو يعلى -كما في المجمع (7/ 306) -، ثم قال الهيثمي عقبه: "رجاله ثقات".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "لم يخرجا لأرطأة، وهو ثبت، والخبر من غرائب الصحاح".
وأرطأة هذا هو ابن المنذر بن الأسود الألهاني، أبو عدي الحمصي، وهو ثقة، ولم يرو له أحد من الشيخين في صحيحه./ الجرح والتعديل (2/ 326 - 327 رقم 1249)، التقريب (1/ 50 رقم 339)، والتهذيب (1/ 198 رقم 373).
وضمرة بن حبيب تقدم في الحديث (1011) أنه: ثقة.
وفي إسناد الحاكم شيخه أبو محمد جعفر بن صالح بن هانيء لم أجد له ترجمة.
لكن الراوي عن أرطأة في المسند هو شيخ الِإمام أحمد أبو المغيرة الحمصي، واسمه عبد القدوس بن الحجاج، وتقدم في الحديث (683) أنه: ثقة. =
(7/3305)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم يتوقف الحكم عليه على معرفة حال شيخه جعفر بن صالح بن هانيء، ولو عرفت حاله بالعدالة والضبط لما كان الحديث على شرط الشيخين، ولا أحدهما على مراد الذهبي؛ لكونهما لم يخرجا لأرطأة بن المنذر، لكن الحديث بإسناد أحمد صحيح لذاته كما يتضح من دراسة الإسناد.
وقول الذهبي عن الحديث: "من غرائب الصحاح" لعله يقصد به غرابة متنه، وإلا فالحديث جاء بعضه من طريق ابن عباس، ورجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يكنى: أبا سعيد، ذكر هذين الحديثين السيوطي في الخصائص (2/ 56) وعزاهما لابن عساكر، وفيهما قصة إنزال الطعام، وحديث أبي سعيد أقرب إلى سياق الحاكم.
قال السيوطي عن حديث ابن عباس: "فيه حفص بن عمر الدمشقي عرف بصاحب حديث القطف، قال البخاري: لا يتابع عليه". اهـ. والله أعلم.
(7/3306)
1103 - حديث أبي قتادة (1) مرفوعاً:
"يبايع رجل بين الركن والمقام، ولن يستحل هذا البيت إلا أهله ... " الحديث (2).
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: فيه سعيد بن سمعان، وما خرجا له شيئاً، ولا (3) روى عنه غير ابن أبي ذئب، وقد تكلم فيه (4).
__________
(1) الحديث لأبي هريرة يحدث به أبو قتادة، وابن الملقن جعله هنا من حديث أبي قتادة.
(2) من قوله: (ولن يستحل) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).
(3) قوله: (ولا)، في (ب): (وما).
(4) في التلخيص المطبوع، والنسخة المخطوطة منه التي لدي هكذا: "ما خرجا لابن سمعان شيئاً، ولا روى عنه ابن أبي ذئب، وقد تكلم فيه"، هكذا بحذف كلمة: (غير)، وقد نبه على هذا الخطأ الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في حاشية المسند (15/ 36)، فقال: (وقع في مختصر الذهبي المطبوع "ولا روى عنه ابن أبي ذئب"، بحذف كلمة: "غير"، وهو خطأ من طابع أو ناسخ، وهي ثابتة في مخطوطة مختصر الذهبي التي عندي).اهـ.
1013 - المستدرك (4/ 452 - 453): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا أسد بن موسى، ثنا أبي ذئب.
وحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، واللفظ له، ثنا حامد بن أبي حامد المقري، ثنا إسحاق بن سليمان الرازي، قال: سمعت ابن أبي ذئب يحدث عن سعيد بن سمعان، قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يحدث أبا قتادة، أن النبي -صلى الله عليه وآله =
(7/3307)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وسلم- قال: "يبايع رجل بين الركن والمقام، ولن يستحلَّ هذا البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب. ثم تجيء الحبشة، فتخربه خراباً لا يعمر بعده أبداً، وهم الذين يستخرجون كنزه".
تخريجه:
الحديث أخرجه الطيالسي في مسنده (ص312 - 313 رقم 2373).
وابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 52 - 53 رقم 19091).
وأحمد في مسنده (2/ 291 و312 و 328 و351).
وعلي بن الجعد في مسنده (2/ 1005 رقم 2911).
جميعهم من طريق ابن أبي ذئب، به نحوه.
دراسه الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "ما خرجا لابن سمعان شيئاً، ولا روى عنه غير ابن أبي ذئب، وقد تكلم فيه".
قلت: أما سعيد بن سمعان الأنصاري، الزُّرَقي، مولاهم، المدني، فإنه ثقة؛ وثقه النسائي، وابن حبان، والدارقطني، وقال الحاكم: تابعي معروف، وضعفه الأزدي، وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة لم يصب الأزدي في تضعيفه"./ سؤالات البرقاني للدارقطني (ص 33 رقم 182)، والتهذيب (4/ 45 رقم 72)، والتقريب (1/ 298 رقم 190).
وأما الذهبي -رحمه الله- فاختلف كلامه عن سعيد هذا.
فهو هنا يميل إلى قول من تكلم فيه.
وفي الميزان (2/ 143 رقم 3206) قال: "فيه جهالة، ضعفه الأزدي، وقواه غيره، وقال النسائي: ثقة".
وفي الكاشف (1/ 363 رقم 1923) مال إلى قول من وثقه، فقال: =
(7/3308)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "وُثِّق"، وأكد ذلك في ديوان الضعفاء (ص 121 رقم 1617) فقال: "ثقة، ضعفه الأزدي".
وأما قول الذهبي: "ولا روى عنه غير ابن أبي ذئب" فيفسره حكمه على الرجل بالجهالة في الموضع السابق من الميزان، ومثله في الغني في الضعفاء له (1/ 261 رقم 2409)، وهذا ليس بصحيح؛ لأن سعيداً هذا روى عنه راويان آخران -كما في ترجمته في الموضع السابق من التهذيب-.
وأما كون البخاري ومسلم لم يخرجا لسعيد هذا شيئاً فهو كذلك كما في مرجعي ترجمته السابقين.
وبقية رجال إسناد الحاكم بيان حالهم كالتالي:
ابن أبي ذئب اسمه محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث ابن أبي ذئب القرشي، العامري، أبو الحارث المدني، وهو ثقة فقيه فاضل من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (7/ 313 - 314 رقم 1704)، والتقريب (2/ 184 رقم 462)، والتهذيب (9/ 303 رقم 503).
ورواه عن ابن أبي ذئب اثنان، أحدهما:
أسد بن موسى، وتقدم في الحديث (806) أنه: صدوق يغرب.
والآخر إسحاق بن سليمان الرازي، أبو يحيى، وهو ثقة فاضل من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (2/ 223 - 224 رقم 773)، والتقريب (1/ 58 رقم 402)، والتهذيب (1/ 234 رقم 436).
ورواه عن أسد: الربيع بن سليمان، وتقدم في الحديث (806) أنه: ثقة.
ورواه عن إسحاق بن سليمان: حامد بن أبي حامد المقريء، واسمه حامد بن محمود بن حرب النيسابوري، مقدم القراء في نيسابور، كذا قال ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 202)، وذكره ابن حبان في ثقاته (8/ 219). =
(7/3309)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأما شيخا الحاكم فهما محمد بن يعقوب الأصم، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم، وهما إمامان تقدمت ترجمتاهما في الحديثين (531) و (523).
والحديث رواه الطيالسي مباشرة عن شيخه ابن أبي ذئب في الموضع السابق من مسنده.
الحكم على الحديث:
الحديث صحيح لغيره بمجموع إسنادي الحاكم، وليس هو على شرط الشيخين، ولا أحدهما على مراد الذهبي، لكونهما لم يخرجا لسعيد بن سمعان، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في الموضع السابق، والألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 119 - 120 رقم 579)، والله أعلم.
(7/3310)
1104 - حديث عياش (1) بن أبي ربيعة مرفوعاً:
"تجيء (2) ريح بين يدي الساعة يقبض فيها روح على مؤمن" (3).
قلت: فيه انقطاع.
_________
(1) في (ب): (عباس).
(2) قوله: (تجيء) لم تنقط في (ب)، وفي المستدرك وتلخيصه: (يجىء)، وما أثبته من (أ).
(3) من قوله: (يقبض) إلى هنا ليس في (ب).
1104 - هذا الحديث أشار مصحح المستدرك المطبوع إلى أنه أضافه من التلخيص (4/ 455)، ولم يذكره في التلخيص بجميع الإسناد، فأثبته من المستدرك المخطوط، حيث قال الحاكم: أخبرنا محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن عياش بن أبي ربيعة، قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول، فذكره بلفظه.
قال الحاكم عقبه: "إن كان نافع سمع من عياش المخزومي، فإنه صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وبنفس الإسناد أعاده الحاكم (4/ 489)، وبلفظ: "تجيء الريح بين يدي الساعة فتقبض روح كل مؤمن".
قال الحاكم عقبه: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي.
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا، وفي الموضع الآخر من طريق عبد الرزاق، عن معمر، به. =
(7/3311)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه عبد الرزاق في جامع معمر الملحق بمصنفه (11/ 381 - 382 رقم 20802)، بمثل لفظ الحاكم هنا.
ومن طريقه أخرجه أحمد في المسند (3/ 420).
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم هنا على شرط الشيخين بقيد سماع نافع من عياش، فتعقبه الذهبي بقوله: "فيه انقطاع".
ثم أخرجه الحاكم مرة أخرى، وصححه على شرط الشيخين، ولم يذكر القيد الذي ذكره هنا، وأقره الذهبي.
وأما الانقطاع الذي أعل الذهبي به الحديث هنا فهو الذي أشار إليه الحاكم بقوله: "إن كان نافع سمع من عياش المخزومي".
والحق أنه لم يسمع منه، فقد حكم المزي -رحمه الله- في تهذيب الكمال (2/ 1075) على روايته عنه بالإرسال. والسبب في ذلك أن عياش بن أبي ربيعة آخر ما قيل في وفاته: إنها كانت في خلافة عمر -رضي الله عنه-، وحدد ذلك بأنه في سنة خمس عشرة، وقيل يوم اليرموك، وقيل قبل ذلك./ انظر التهذيب (8/ 197).
وأما نافع مولى ابن عمر فقد قال أبو زرعة عنه: نافع مولى ابن عمر عن عثمان: مرسل، فأقره العلائي في جامع التحصيل (ص 358) بقوله: "وهذا واضح".
ونقل محقق جامع التحصيل في الحاشية، أن بهامش النسخة الظاهرية ما نصه: "وفي سنن أبي داود روايته عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وهي واضحة الإرسال، وقد قال أبو محمد المنذري في مختصر السنن: نافع عن عمر: منقطع". اهـ.
قلت: ووفاة عمر، وعثمان -رضي الله عنهما- بعد وفاة عياش -رضي الله عنه-. =
(7/3312)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الحكم علي الحديث:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف للانقطاع المتقدم بيانه، ولم يتنبه الشيخ الألباني لهذا الانقطاع، فنقل تصحيح الحاكم للحديث في الموضع الآخر، وموافقة الذهبي له، وقال: "وهو كما قالا"./ السلسلة الصحيحة (4/ 383).
والحديث ذكره صاحب كنز العمال (14/ 229 رقم 38509)، وعزاه أيضاً للبخاري، ومسلم، وهذا وهم منه -رحمه الله-، وإنما أخرج مسلم في صحيحه (4/ 2250 - 2255 و 2258 - 2259 رقم 110 و 116) في الفتن، باب ذكر الدجال، وصفته، وما معه، وباب في خروج الدجال، ومكثه في الأرض ... ، أخرج حديثي النواس بن سمعان، وعبد الله بن عمرو بن العاص الطويلين في ذكر الدجال، ونزول عيسى، وفي حديث النواس قال: "فبينما هم كذلك، إذ بعث الله ريحاً طيبة، فتأخذهم تحت أباطهم، فتقبض روح كل مؤمن، وكل مسلم ... " الحديث.
وفي حديث ابن عمرو قال: "ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير، أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه ... " الحديث.
قلت: وعليه فالحديث بهذين الشاهدين يكون صحيحاً لغيره، والله أعلم.
(7/3313)
1105 - حديث عبد الله بن عمرو:
أن رجلًا من أعداء المسلمين بالأندلس يقال له: ذو العرف يجمع من قبائل الشرك جمعاً عظيماً ... ، الحديث بطوله.
قال: على شرط البخاري ومسلم موقوف.
قلت: ليس على شرطهما، فإن فيه (أبا) (1) قَبِيل، ولم يخرجا له، وعبد الله بن صالح، ولم يخرج له مسلم؛ (لضعفه) (2)، والبخاري لم يكد يفصح به (3).
__________
(1) في (أ) و (ب): (أبو)، وفي التلخيص: (فإنهما لم يخرجا لأبي قبيل)، وسيأتي ذكر تمام العبارة.
(2) ما بين القوسين ليس في (أ).
(3) انظر كلام الحافظ ابن حجر في التهذيب (5/ 260 - 261) عن الخلاف في إخراج البخاري لعبد الله بن صالح.
1105 - المستدرك (4/ 460 - 462): أخبرنا أبو منصور محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي، ثنا أبو سهل بسر بن سهل اللباد، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، حدثني أبو قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، أن رجلاً من أعداء المسلمين بالأندلس، يقال له: ذو العرف، يجمع من قبائل الشرك جمعاً عظيماً، يعرف من بالأندلس أن لا طاقة لهم، فيهرب أهل القوة من المسلمين في السفن، فيجيزون إلى طنجة، ويبقى ضعفة الناس، وجماعتهم ليس لهم سفن يجيزون عليها، فيبعث الله لهم وعلاّ، ويعبر لهم في البحر، فيجيز الوعل لا يغطي الماء أظلافه، فيراه الناس، فيقولون: الوعل، الوعل، اتبعوه، فيجيز الناس على أثره كلهم، ثم يصير البحر على ما كان عليه، ويجيز العدو في المراكب، فإذا حس بهم أهل إفريقية هربوا كلهم من إفريقية، ومعهم من كان بالأندلس من المسلمين، حتى يدخلوا الفسطاط، =
(7/3314)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ويقبل ذلك العدو حتى ينزلوا فيما بين مَرْبُوط إلى الأهرام مسيرة خمس برد، فيملأون ما هنالك شرّاً فتخرج إليهم راية المسلمين على الجسر، فينصرهم الله عليهم، فيهزمونهم، ويقتلونهم إلى لُوبَية مسيرة عشر ليال، ويستوقد أهل الفسطاط بعجلهم، وأداتهم سبع سنين، وينفلت ذو العرف من القتل، ومعه كتاب لا ينظر فيه إلا وهو منهزم، فيجد فيه ذكر الإسلام، وأنه يؤمر فيه بالدخول في السلم، فيسأل الأمان على نفسه، وعلى من أجابه إلى الإسلام من أصحابه الذين أقبلوا معه، فيُسلم، ويصير من المسلمين، ثم يأتي العام الثاني رجل من الحبشة، يقال له: أسيس، وقد جمع جمعاً عظيماً، فيهرب المسلمون منهم من أسوان، حتى لا يبقى بها، ولا فيما دونها أحد من المسلمين إلا دخل الفسطاط، فينزل أسيس بجيشه مَنْف، وهو على رأس بريد من الفسطاط، فتخرج إليهم راية المسلمين على الجسر، فينصرهم الله عليهم، فيقتلونهم، ويأسرونهم، حتى يباع الأسود بعباءة.
قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح موقوف الإسناد، على شرط الشيخين، وهو أصل في معرفة وقوع الفتن بمصر، ولم يخرجاه، ومنف هو الذي يقول منصور الفقيه -رحمه الله- فيه:
سألت أمس قصوراً بعين شمس، ومنف ... عن أهلها: أين حَلُّوا، فلم يجبني بحرف" اهـ.
قلت: وقوله: (مربوط) كذا في المطبوع، وفي المخطوط: (تونوط)، وأظن المطبوع أصوب؛ ف: (مَربُوط) -بالفتح، ثم السكون، وباء موحدة، وآخره طاء مهملة-: من قرى الإسكندرية./ معجم البلدان (5/ 99).
وقوله: (لُوبيَة) -بالضم، ثم السكون، وباء موحدة، وياء مثناة من تحت-: مدينة بين الإسكندرية وبَرْقة./ المرجع السابق (ص 25).
وأما: (المنفُ) -بالفتح، ثم السكون، وفاء- فهو: اسم مدينة فرعون بمصر. / المرجع السابق (ص 213). =
(7/3315)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على أنه موقوف على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "ليس على شرطهما، فإنهما لم يخرجا لأبي قبيل، ولا روى مسلم لعبد الله بن صالح شيئاً لضعفه، والبخاري لم يكد يفصح به".
قلت: أما أبو قبيل فاسمه حُيَيَّ -وقيل: حَيْ، والأول أشهر-، ابن هانيء بن ناضر -بنون معجمة- أبو قَبِيل -بفتح القاف، وكسر الموحدة، بعدها تحتانية، المصري، وهو ثقة، وثقه الإمام أحمد، وابن معين في رواية، وأبو زرعة، ويعقوب بن سفيان الفسوي، والعجلي، وأحمد بن صالح المصري. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال يعقوب بن شيبة: له علم بالملاحم، والفتن. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان يخطيء وذكره الساجي في الضعفاء، وحَكى عن ابن معين أنه ضعفه. اهـ. من الجرح والتعديل (3/ 275 رقم 1227)، والتهذيب (3/ 72 - 73).
قلت: وجرح الساجي له غير مفسر، ولعله اعتمد على ما حكاه عن ابن معين، مع أنه ورد عنه ما يخالفه.
وكذا جرح ابن حبان له غير مفسر، وهو معروف بتشدده في الجرح -رحمه الله-، وعليه فتوثيق الأئمة المتقدم ذكرهم أولى بالقبول في حق هذا الراوي، وهذا ما رجحه الشيخ عبد العزيز التخيفي في رسالته عن المتكلم فيهم من رجال التقريب (1/ 362 - 364).
وأما كون البخاري ومسلم لم يخرجا لأبي قبيل شيئاً، فهو كذلك حيث لم يذكر في الموضع السابق من التهذيب أنه روى له أحد من الشيخين في صحيحه، وانظر أيضاً الكاشف (1/ 264 رقم 1305).
وأما عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث فتقدم في الحديث (587) أنه: صدوق كثير الغلط، ورجح الحافظ ابن حجر في التهذيب (5/ 260 - 261 و262 - 263) أن البخاري أخرج له في صحيحه، على خلاف في ذلك، فإن ثبت، فيكون البخاري انتقى من حديثه ما تيقَّن من سلامته من الغلط. =
(7/3316)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وفي الإسناد أيضاً الراوي عن عبد الله بن صالح هذا، وهو أبو سهل بسر بن سهل اللباد -كذا في المطبوع-، وفي المخطوط: (بشر)، ولم أجد أحداً بهذا الاسم، أو ذاك، أو بهذه النسبة.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهدا الإسناد لما تقدم في دراسة الإسناد، ومع ذلك فهو موقوف على عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله ممن أخذ عن أهل الكتاب بعض الأخبار.
ففي حديث في أشراط الساعة أخرجه ابن أبي شيبة (15/ 67 - 69 رقم 19135) عن أبي زرعة، جاء فيه: "ثم قال عبد الله (يعني ابن عمرو)، وكان يقرأ الكتب ... " فذكر الحديث بطوله.
(7/3317)
1106 - حديث كعب، قال:
إن المعاقل ثلاثة: (فمعقل) (1) الناس يوم الملاحم بدمشق ... ، الخ (2).
قلت: منقطع واه (3).
__________
(1) في (أ): (فمعاقل)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2) من قوله: (المعاقل) إلى هنا ليس في (ب)، وفي موضعها بياض بقدرها.
(3) قوله: (واه) ليس في التلخيص المطبوع والمخطوط.
1106 - المستدرك (4/ 462): حدثنا محمد، ثنا بحر، ثنا ابن وهب، أخبرني معاوية، عن الحسن بن جابر، وأبي الزاهرية، عن كعب، قال: إن المعاقل ثلاثة: فمعقل الناس يوم الملاحم بدمشق، ومعقل الناس يوم الدجال نهر أبي قطرس، يمرق من الناس من يقول ببيت المقدس، ومعقلهم يوم يأجوج ومأجوج بطور سيناء.
دراسه الإسناد:
الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بالانقطاع، ويعني به بين كعب، والراويين عنه، وهما: الحسن بن جابر، وأبو الزاهرية.
وأبو الزاهرية اسمه حدير بن كريب الحضرمي، الحمصي.
والحسن هو ابن جابر اللخمي، وقيل الكندي.
ولم يُذكر في ترجمتهما في التهذيب (2/ 218 و 259)، وتهذيب الكمال (1/ 238 و253) أنهما رويا عن كعب، أو نُفي ذلك عنهما.
وكعب بن مالك اختلف في وفاته، فقيل: سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: أيام قتل علي -يعني سنة أربعين- وقيل قبل ذلك./ انظر التهذيب (8/ 440 - 441).
وأبو الزاهرية، الأكثر على أنه مات حوالي سنة مائة، وقيل: سنة تسع وعشرين ومائة -كما في ترجمته في التهذيب-. =
(7/3318)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأما الحسن بن جابر ففي ترجمته في التهذيب النص من ابن حبان على أنه توفي سنة ثمان وعشرين ومائة.
قلت: أما أبو الزاهرية فسماعه من كعب محتمل على القول بأنه مات حوالي سنة مائة.
وأما على القول الآخر فيستبعد سماعه هو والحسن بن جابر من كعب، إلا أن يكونا مُعَمَّريْن، ولم يذكر عنهما ذلك.
والذهبي -رحمه الله- من المؤرخين المشهورين، وقد حكم على الإسناد بالانقطاع، ولم أجد له مخالفاً، فقوله حجة؛ لدقة معرفته -رحمه الله- بأحوال الرجال، ووفياتهم.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لانقطاعه المتقدم بيانه.
(7/3319)
1107 - حديث كعب أيضاً:
مصر آمنة من الخراب حتى تخرب الجزيرة ... الخ.
قلت: منقطع واه (1).
__________
(1) الحديث بكامله ليس في (ب).
1107 - المستدرك (4/ 462 - 463): حدثنا محمد، ثنا بحر، ثنا ابن وهب، قال: وأخبرني معاوية، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن كعب، قال: الجزيرة، آمنة من الخراب حتى تخرب أرمينية، ومصر آمنة من الخراب حتى تخرب الجزيرة، والكوفة آمنة من الخراب حتى تخرب مصر، ولا تكون الملحمة حتى تخرب الكوفة، ولا تفتح مدينة الكفر حتى تكون الملحمة، ولا يخرج الدجال حتى تفتح مدينة الكفر.
دراسة الإسناد:
الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله: "منقطع واه".
ويقصد بالانقطاع مثل ما في الحديث السابق: بين كعب بن مالك، والراوي عنه، وهو هنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وتقدم في الحديث (1089) أنه: ثقة، وفي التهذيب (6/ 154) ذكر أن وفاته كانت في سنة ثمان عشرة ومائة، وتقدم الخلاف في وفاة كعب في الحديث السابق، وأن بعضهم جعلها في سنة أربعين للهجرة، وبعضهم قبلها، وبعضهم أوصلها إلى سنة إحدى وخمسين، فيكون الفرق بين وفاة كعب وعبد الرحمن أقل ما هنالك سبعاً وستين عاماً، وقد يصل إلى ثمان وسبعين، أو أكثر، فإذا ما أضيف إليه سِنّ التحمل ترجح به القول بأنه لم يسمع من كعب إلا أن يكون من المعمرين، ولم أجد من نص عليه، وهذا ما اختاره الذهبي، وبموجبه حكم على الحديث بالانقطاع.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لانقطاعه. =
(7/3320)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأما قول الذهبي عن الحديث: "واه"، فالظاهر أنه لأجل متنه، فإني لم أجد لسنده علة سوى الانقطاع.
وأما متنه، فإن كان المقصود فيه بمدينة الكفر: القسطنطينية، وهو الأظهر، فالتاريخ يبطل الحديث، لأنها فتحت، ولم يخرب شيء من المدن المذكورة، والله أعلم.
(7/3321)
1108 - حديث عبد الله:
أتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم-، فخرج إلينا مستبشراً ... الحديث.
قلت: هذا موضوع.
__________
1108 - المستدرك (4/ 464): أخبرني أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، ثنا محمد بن عثمان بن سعيد القرشي، ثنا يزيد بن محمد الثقفي، ثنا حنان بن سدير، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: أتينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فخرج إلينا مستبشراً يعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به، ولا سكتنا إلا ابتدأنا، حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن، والحسين، فلما رآهم التزمهم، وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله، ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟! فقال: "إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً، وتشريداً في البلاد، حتي ترتفع رايات سود من المشرق، فيسألون الحق، فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، ثم يسألونه، فلا يعطونه، فيقاتلون، فينصرون، فمن أدركه منكم، أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي، ولو حبواً على الثلج، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض، فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً، وظلماً".
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 235 - 236 رقم 19573).
وابن ماجه في سننه (2/ 1366 رقم 4082) في الفتن، باب خروج المهدي. =
(7/3322)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن عدي في الكامل (7/ 2729).
ثلاثتهم من طريق يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، به نحوه، ولفظ ابن عدي مختصر.
وأخرجه نعيم بن حماد في الفتن، وأبو نعيم -كما في "عقد الدرر للسلمي" (ص 191 - 192)، و"العرف الوردي للسيوطي" (2/ 60 - الحاوي-).
دراسة الإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وأعله الذهبي بقوله: "موضوع"،
ولم يبين السبب.
وعلته: حنان بن سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي، الكوفي، ذكره الحافظ في اللسان (2/ 367 - 368 رقم 1510)، وذكر أن الدارقطني قال: إنه من شيوخ الشيعة، وصدق فيما قال -رحمه الله-، فإن الطوسي ذكره في فهرسه من شيوخ الشيعة (ص 119 رقم 260)، وأثنى عليه، ووثقه، وهذا الحديث مما تفرح به الرافضة لنصرة مذهبهم، وإنما يروى من طريق يزيد بن أبي زياد كما تقدم، وهو ضعيف كما سبق في الحديث (635)، وفي التهذيب (11/ 329 - 330) نقل عن ابن فضيل أنه قال عن يزيد هذا: من أئمة الشيعة الكبار، وقال ابن عدي في الموضع السابق عنه: "هو من شيعة الكوفة"، بل إن هذا الحديث مما أخذ عليه، فقال وكيع كما في التهذيب: "يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله: حديث الرايات، ليس بشيء" على، وذكر ابن عدي -كما سبق- الحديث في كامله ضمن الأحاديث المنتقدة على يزيد، وقال: "هذا الحديث لا أعلم يرويه بهذا الإسناد عن إبراهيم غير يزيد بن أبي زياد".
قلت: ولا شك بأن هذا الشيعي حنان بن سدير فرح برواية يزيد للحديث، فركب له هذه المتابعة حتى يرتقي الحديث بها عند من لديه تسمُّح في قبول المتابعات، دون الإلتفات إلى المتون. =
(7/3323)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم حكم عليه الذهبي -رحمه الله- بالوضع لوجود حنان الشيعي في سنده، ولكونه انفرد بهذه الطريق فيما يخدم مذهب الشيعة.
وأما من طريق يزيد بن أبي زياد فهو ضعيف جداً لما تقدم بيانه عن حاله، وعن نقد العلماء لحديثه هذا، والله أعلم.
وأما آخر الحديث وهو قوله: "رجل من أهل بيتي ... " الحديث، فإنه صحيح، وسيأتي في الحديث رقم (1150 و 1151).
(7/3324)
1109 - حديث عبد الله مرفوعاً:
"أحذركم سبع فتن: فتنة تقبل (من) (1) المدينة، وفتنة بمكة، وفتنة من اليمن ... " الحديث (2).
قال: صحيح.
قلت: فيه نعيم بن حماد، وهذا من أوابده (3).
__________
(1) ليست في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2) من قوله: (فتنة تقبل) إلى هنا ليس في (ب)، وبعده قال: (الخ).
(3) قوله: (وهذا من أوابده) ليس في (ب).
1109 - المستدرك (4/ 468 - 469): أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسن، ثنا الفضل بن محمد بن المسيب، ثنا نعيم بن حماد، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا الوليد بن عياش أخو أبي بكر بن عياش، عن إبراهيم، عن علقمة: قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "أحذركم سبع فتن تكون بعدي: فتنة تقبل من المدينة، وفتنة بمكة، وفتنة تقبل من اليمن، وفتنة تقبل من الشام، وفتنة تقبل من المشرق، وفتنة تقبل من المغرب، وفتنة من بطن الشام، وهي السفياني".
قال: فقال: ابن مسعود: منكم من يدرك أولها، ومن هذه الأمة من يدرك آخرها.
قال الوليد بن عياش: فكانت فتنة المدينة من قبل طلحة والزبير، وفتنة مكة فتنة عبد الله بن الزبير، وفتنة الشام من قبل بني أمية، وفتنة المشرق من قبل هؤلاء.
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "هذا من أوابد نعيم". =
(7/3325)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ونعيم هذا هو ابن حماد بن معاوية، وتقدم في الحديث (751) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.
وفي سنده أيضاً الوليد بن عياش أخو أبي بكر بن عياش، ولم أجد من ترجم له.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف نعيم بن حماد، وجهالة الوليد بن عياش.
(7/3326)
1110 - حديث معمر:
حدثني شيخ لنا: أن امرأة جاءت إلى بعض أزواج النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالت لها: أدعي الله أن يطلق لي يدي، قالت: وما شأن يدك؟ ... الحديث (1).
قلت: سنده واه (2).
__________
(1) من قوله: (أزواج) إلى هنا ليس في (ب).
(2) الحديث قال عنه الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، فحكى الذهبي في التلخيص قول الحاكم هذا بعبارته المختصرة: (خ م)، ثم أوضح مقصد الحاكم بقوله: "قلت: يعني خبر أبي هريرة، وأما المنام فسنده واه". اهـ، وبيانه: أن الحاكم -رحمه الله- ساق الحديث هكذا:
1110 - المستدرك (4/ 471 - 472): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة حرسها الله تعالى، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: إني لأعلم فتنة يوشك أن يكون الذي قبلها معها كنفحة أرنب، وإني لأعلم المخرج منها، قلنا: وما المخرج منها؟ قال: أمسك يدي حتى يجيء من يقتلني.
قال معمر: وحدثني شيخ لنا: ان امرأة جاءت إلى بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقالت لها: ادعي الله أن يطلق لي يدي، قالت: وما شأن يدك؟ قالت: كان لي أبوان، فكان أبي كثير المال، كثير المعروف، كثير الفضل، كثير الصدقة، ولم يكن عند أمي من ذلك شيء، لم أرها تصدقت بشيء قط، غير أنا نحرنا بقرة، فأعطيت مسكيناً شحمة في يده، وألبسته خرقة، فماتت أمي، ومات أبي، فرأيت أبي على نهر يسقي الناس، فقلت: يا أبتاه، هل رأيت أمي؟ قال: لا، أوَ ماتت؟ قلت: بلى، قال: فذهبت ألتمسها، فوجدتها قائمة عريانة، ليس عليها إلا تلك الخرقة، وتلك الشحمة في يدها، وهي تضرب بها في يدها =
(7/3327)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الأخرى، ثم تعض أثرها، وتقول: واعطشاه، فقلت: يا أمه، ألا أسقيك؟ قالت: بلى، فذهبت إلى أبي، فذكرت ذلك له، وأخذت من عنده إناء، فسقيتها، فنبه بي بعض من كان عندها قائماً، فقال: من سقاها أشلّ الله يده، فاستيقظت، وقد شلت يدي.
قال الحاكم عقبه: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وبين الذهبي أن الحاكم يقصد بحكمه هذا حديث أبي هريرة المتقدم، وأما المنام، فقال عنه: "سنده واه".
دراسة الإسناد:
إنما أعلّ الذهبي الحديث بقوله المتقدم؛ لإبهام شيخ معمر في الرواية، حيث قال: "حدثني شيخ لنا".
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لإبهام شيخ معمر.
(7/3328)
1111 - حديث عثمان بن أبي العاص مرفوعاً:
"يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين، ومصر بالجزيرة، ومصر بالشام ... " الحديث (1).
قال: على شرط مسلم.
قلت: فيه سعيد بن هبيرة، وهو (2) واه.
__________
(1) من قوله: (مصر بملتقى البحرين) إلى هنا ليس في (ب).
(2) قوله: (وهو) ليس في (ب).
1111 - المستدرك (4/ 478): أخبرني الحسن بن حكيم المروزي، ثنا أحمد بن إبراهيم الشذوري، ثنا سعيد بن هبيرة، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، وعلي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، قال: أتينا عثمان بن أبي العاص يوم الجمعة لنعارض مصحفنا بمصحفه، فلما حضرت الجمعة أمرنا، فاغتسلنا، وتطيبنا، ورحنا إلى المسجد، فجلسنا إلى رجل يحدث، ثم جاء عثمان بن أبي العاص، فتحولنا إليه، فقال عثمان -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين، ومصر بالجزيرة، ومصر بالشام. فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيخرج الدجال في عراض الجيش، فيهزم من قبل المشرق، فأول مصر يرده: المصر الذي بملتقى البحرين، فتصير أهلها ثلاث فرق: فرقة تقيم، وتقول: نشامّه، وننظر ما هو؟ وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم، ثم يأتي الشام، فينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق، فيبعثون بسرح لهم، فيصاب سرحهم، فيشتد ذلك عليهم، وتصيبهم مجاعة شديدة، وجهد، حتى إن أحدهم ليحرق وَتَرَ قوسه، فيأكله، فبينما هم كذلك، إذ ناداهم مناد من السحر: يا أيها الناس، أتاكم الغوث، فيقول بعضهم لبعض: إن هذا لصوت رجل شبعان، فينزل عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام- عند صلاة الفجر، فيقول له إمام الناس: تقدم =
(7/3329)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يا روح الله، فصل بنا، فيقول: إنكم معشر هذه الأمة أمراء، بعضكم على بعض، تقدم أنت، فصل بنا، فيتقدم، فيصلي بهم، فإذا انصرف، أخذ عيسى -صلوات الله عليه- حربته نحو الدجال، فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص، فتقع حربته بين ثندوته، فيقتله، ثم ينهزم أصحابه، فليس شيء يومئذ يحبس منهم أحداً، حتى إن الحجر يقول: يا مؤمن، هذا كافر، فاقتله .... ".
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 136 - 137 رقم 19324) من طريق أسود بن عامر.
وأحمد في المسند (4/ 216 - 217 و 217) من طريق يزيد بن هارون، وعفان بن مسلم.
والطبراني في الكبير (9/ 51 - 52 رقم 8392) من طريق محمد بن عبد الله الخزاعي.
جميعهم عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، به نحوه.
وأخرجه أبو يعلى، وابن عساكر -كما كنز العمال (14/ 328 - 329 رقم 38829) - قال الهيثمي في المجمع (7/ 342): "فيه علي بن زيد وفيه ضعف، وقد وثق، وبقية رجالهما رجال الصحيح".
وأخرجه الحاكم عقب هذا الحديث مباشرة من طريق جعفر بن محمد بن شاكر، وإبراهيم بن إسحاق، وإسحاق بن الحسن الحربي، ثلاثتهم قالوا: أخبرنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن زيد، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة قال: أمنا عثمان بن أبي العاص، ثم ذكر الحديث مثله سواه، قال الحاكم: "ولم يذكر أيوب، والله أعلم"، وقال الذهبي في التلخيص: "هذا المحفوظ". =
(7/3330)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: "ابن هبيرة واه".
وابن هبيرة هذا هو سعيد بن هبيرة المروزي، وتقدم في الحديث (1091) أنه: متروك.
وأما بقية الطرق الأخرى فمدارها على علي بن زيد بن جدعان، وتقدم في الحديث (492) أنه: ضعيف.
ولم يذكر أحد من الرواة الذين رووا الحديث عن حماد: (أيوب)، عدا سعيد بن هبيرة.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بإسناد الحاكم هذا لشدة ضعف سعيد بن هبيرة، وهو ضعيف فقط من بقية الطرق لضعف علي بن زيد بن جدعان، والله أعلم.
(7/3331)
1112 - حديث أبي ذر مرفوعاً:
"إذا بلغت بنو أمية أربعين (1) اتخذوا عباد الله خَوَلاً (2)، ومال الله نُحْلاً (3)، وكتاب الله دَغَلاً " (4).
قلت: على ضعف رواية (5) ابن أبي مريم: منقطع.
__________
(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال: (الخ) إشارة لاختصار متنه.
(2) خَوَلاً: أي: خدماً وعبيداً، يعني أنهم يستخدمونهم، ويستعبدونهم. / النهاية (2/ 88).
(3) نُحْلاً: أي يصير الفيء عطاء من غير استحقاق./ النهاية (5/ 29).
(4) دَغَلاً: أي يخدعون به الناس./ النهاية (2/ 123).
(5) قوله: (رواية) ليس في (ب)، وفي التلخيص: (قلت: على ضعف رواته منقطع).
1112 - المستدرك (4/ 479): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحجازي بحمص، ثنا بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول، فذكره بلفظه، ثم قال: حدثنا أبو بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا نعيم بن حماد، ثنا بقية بن الوليد، وعبد القدوس بن الحجاج، قالا: ثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن أبي ذر -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول، فذكره بلفظه أيضاً.
تخريجه:
الحديث له عن أبي ذر -رضي الله عنه- طريقان:
* الأولى: يرويها راشد بن سعد، وعنه أبو بكر بن أبي مريم، وهي طريق الحاكم هذه. =
(7/3332)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
* الثانية: يرويها حلام بن جذل الغفاري، قال: سمعت أبا ذر جندب بن جنادة الغفاري يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولًا، وعباد الله خولاً، ودين الله دغلاً".
قال حلام: فأنكر ذلك على أبي ذر، فشهد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر"، وأشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قاله.
أخرجه الحاكم (4/ 479 - 480) من طريق شريك، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن حلام، به.
والجزء الأخير من هذا الحديث تقدم في الحديث (712)، وتقدم هناك أن ابن جرير الطبري قال: "هذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح؛ لعلل"، ثم ذكر منها:
"إن حلاماً الغفاري عندهم مجهول غير معروف في نقلة الآثار، ولا يجوز الاحتجاج بمجهول في الدين".
دراسة الإسناد:
الحديث أعله الذهبي بالانقطاع، وضعف ابن أبي مريم.
أما الانقطاع فيقصد به بين راشد بن سعد، وأبي ذر، فإن بين وفاتيهما نحواً من ثمانين عاماً -كما يتضح في ترجمتيهما في التهذيب (3/ 226) و (12/ 91) -.
وقد جاء النص في ترجمة راشد بن سعد على أن روايته عن سعد بن أبي وقاص مرسلة، فمن باب أولى روايته عن أبي ذر؛ لأن سعداً -رضي الله عنه- اختلف في سنة وفاته، فأكثر ما قيل سنة ثمان وخمسين، وأقل ما قيل سنة إحدى وخمسين كما في التهذيب (3/ 484).
وأما أبو ذر -رضي الله عنه- فإنه توفي سنة إثنتين وثلاثين. =
(7/3333)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد نص الحافظ ابن كثير على هذا الانقطاع، فقال في البداية والنهاية (6/ 242): "وهذا منقطع بين راشد بن سعد، وبين أبي ذر". اهـ.
وأما أبو بكر بن أبي مريم فتقدم في الحديث (712) أنه: ضعيف.
ومع ضعف ابن أبي مريم، والانقطاع بين راشد بن سعد وأبي ذر، فإن في متن الحديث اختلافاً عن رواية شريك للحديث، والتي تؤيدها الروايات الأخرى التي سيأتي ذكرها.
فرواية ابن أبي مريم هكذا: "إذا بلغت بنو أمية أربعين".
ورواية شريك هكذا: "إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً".
وشريك -رحمه الله- تقدم في الحديث (497) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.
والراوي للحديث عن أبي ذر هو حلام الغفاري، وتقدم كلام الطبري عنه آنفاً.
وقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 308 رقم 1370)، وقال: حلام بن جزل -بالزاي-، وبيض له، وذكر أن أبا الطفيل روى عنه، وهنا يروي عنه شقيق بن سلمة، فهو مجهول الحال.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً للانقطاع المتقدم بيانه، وضعف أبي بكر بن أبي مريم، واختلاف متنه عن الرواية الأخرى، وهي وإن كانت ضعيفة لضعف شريك من قبل حفظه، وجهالة حال حلام الغفاري، إلا أن لها ما يؤيدها من الشواهد من حديث أبي سعيد، وأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهم-.
أما حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- فأخرجه الحاكم (4/ 480) شاهداً لرواية شريك السابقة. =
(7/3334)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 80).
وأبو يعلى في مسنده (2/ 383 - 384 رقم 1152).
والبزار في مسنده (2/ 245 - 246 رقم 1620 و 1621).
والبيهقي في الدلائل (6/ 705).
جميعهم من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فذكره بمثل لفظ شريك، إلا أن في لفظ أحمد وأبي يعلى: "دين الله دخلاً".
وعطية العوفي تقدم في الحديث (583) أنه: ضعيف، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله.
وأما حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فيرويه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عنه.
واختلف فيه على العلاء، في المسند، والمتن.
فرواه البيهقي في الدلائل (6/ 507) من طريق سليمان بن بلال، عن العلاء، به بمثل لفظ سابقه، إلا أنه قال: "أربعين رجلاً" بدلاً من "ثلاثين".
ولعل هذا في رواية البيهقي فقط، فإن الشيخ الألباني ذكر في سلسلته الصحيحة (2/ 379) أن تماماً أخرج الحديث في فوائده من طريق سليمان بن بلال، ولم يذكر هذا الفرق.
ورواه الخطابي في غريب الحديث (2/ 436) من طريق علي بن حجر، نا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، موقوفاً عليه بنحو لفظ الإمام أحمد السابق.
وذكر الشيخ الألباني في الموضع السابق أن أبا يعلى رواه في مسنده، وابن خزيمة في حديث علي بن حجر، وعنه ابن عساكر، ثم قال الألباني: "هذا إسناد صحيح على شرط مسلم"، ولم يعتبر الاختلاف مؤثراً في الرواية. =
(7/3335)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، الزرقي ثقة ثبت روى له الجماعة./ الجرح والتعديل (2/ 162 - 163 رقم 546)، والتقريب (1/ 68 رقم 495)، والتهذيب (1/ 287 رقم 533).
وسليمان بن بلال تقدم في الحديث (676) أنه: ثقة.
أقول: فرواية إسماعيل بن جعفر أرجح من رواية سليمان بن بلال؛ لأن إسماعيل أوثق، وهي وإن كانت موقوفة، إلا أنها في حكم المرفوع، لأن أبا هريرة يخبر عن أمر ليس للرأي فيه مجال.
وأما حديث معاوية -رضي الله عنه- فأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق ابن لهيعة، عن أبي قبيل، أن ابن موهب أخبره، فذكر الحديث، وفيه قصة، ورفع الحديث بمثل لفظ شريك، إلا أنه قال: "إذا بلغ بنو الحكم".
وابن لهيعة تقدم مراراً أنه: ضعيف.
وبالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، وصححه الألباني في الموضع السابق، وانظر التعليق على الحديث (1115).
(7/3336)
1113 - حديث أبي هريرة مرفوعاً:
"هلاك هذه الأمة على يدي أغيلمة من قريش" (1).
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: فيه ابن أبي مريم ضعيف، وما خرجا له شيئاً.
__________
(1) من قوله: (على يدي) إلى هنا ليس في (ب).
1113 - المستدرك (4/ 479)، هذا الحديث قرنه بالرواية الأخرى للحديث السابق، وتقدم ذكرها، وسندها: قال الحاكم: حدثنا أبو بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا نعيم بن حماد، ثنا بقية بن الوليد، وعبد القدوس بن الحجاج، قالا: ثنا أبو بكر بن أبي مريم، فذكر الحديث السابق، ثم قال: قال أبو بكر بن أبي مريم، وحدثني عمار بن أبي عمار، أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول، فذكر الحديث بلفظه.
تخريجه:-
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (6/ 612 رقم 3605) في المناقب: باب علامات النبوة في الِإسلام.
و (13/ 9) في الفتن، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء".
وأخرجه أحمد في المسند (2/ 324).
كلاهما من طريق عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي، عن جده، عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "هلاك أمتي على يَدَي غلمة من قريش".
وأخرجه الإمام أحمد أيضاً (2/ 328) من طريق مالك بن ظالم، عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "هلاك أمتي على رؤوس غلمة أمراء سفهاء من قريش". =
(7/3337)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "أبو بكر ضعيف، وما خرجا له شيئاً".
وأبو بكر بن أبي مريم تقدم مراراً أنه: ضعيف، ولم يخرج له أحد من الشيخين.
الحكم علي الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم، وليس هو على شرط الشيخين على مراد الذهبي، ولم ينفرد ابن أبي مريم بالحديث، فقد أخرجه البخاري، والإمام أحمد من غير طريقه كما تقدم، والله أعلم.
(7/3338)
1114 - حديث عبد الرحمن بن عوف، قال:
كان لا يولد لأحد مولود (1) إلا أتي به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدعا له. فأدخل عليه مروان، فقال: (هو) (2) الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون".
قال: صحيح.
قلت: لا والله، وفيه ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف (3) كذبه أبو حاتم (4).
__________
(1) قوله: (مولود)، في (ب): (بمولود)، وإلى هذا الموضع ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال: (الخ) إشارة لاختصار متنه.
(2) في (أ): (هذا)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(3) قوله: (مولى عبد الرحمن بن عوف) ليس في (ب).
(4) الجرح والتعديل (8/ 395 رقم 1811).
1114 - المستدرك (4/ 479)، هذا الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث السابق، حيث قال عقبه: ولهذا الحديث توابع، وشواهد على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وصحابته الطاهرين، والأئمة من التابعين، لم يسعني إلا ذكرها، فذكرت بعض ما حضرني منها، فمنها:
ما حدثناه أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة حرسها الله تعالى، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، أنبأ عبد الرزاق.
وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا محمد بن عبد السلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، ومحمد بن رافع القشيري، وسلمة بن شبيب المستملي، قالوا: ثنا عبد الرزاق بن همام الإمام، قال: حدثني أبي، عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به النبي -صلى الله عليه وآله =
(7/3339)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وسلم-، فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم، فقال: "هو الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "لا والله، وميناء كذبه أبو حاتم".
ومِيناء هذا هو ابن أبي مِيناء الخزاز، وتقدم في الحديث (601) أنه: متروك، ورمي بالرفض، وكذبه أبو حاتم.
الحكم على الحديث:
الحديث موضوع بهذا الإسناد لما تقدم عن حال ميناء، وكذا حكم عليه الشيخ الألباني في سلسلته الضعيفة (1/ 353 - 354 رقم 348).
(7/3340)
1115 - حديث محمد بن زياد، قال:
لما بايع معاوية لابنه قال مروان (1): سنة أبي بكر وعمر، (فقال) (2) عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر، فقال مروان: أنزل فيك:
{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا (17)} [الأحقاف: 17] (3).
فبلغ عائشة، فقالت: كذب والله، ما هو به، ولكن رسول الله لعن (أبا) (4) مروان، ومروان في صلبه.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: فيه انقطاع؛ محمد لم يسمع من عائشة.
__________
(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال: (الخ) إشارة لاختصار متنه.
(2) في (أ): (قال)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(3) الآية (17) من سورة الأحقاف.
(4) ليست في (أ)، ولا في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، وعليه يستقيم الكلام.
1115 - المستدرك (4/ 481): حدثنا علي بن محمد بن عقبة بن محمد الشيباني، ثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي الحافظ، ثنا علي بن الحسين الدرهمي، ثنا أمية بن خالد، عن شعبة، عن محمد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه.
يزيد، قال مروان: سنة أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر، فقال: أنزل الله فيك:
{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا ... (17)} الآية.
قال: فبلغ عائشة -رضي الله عنها-، فقالت: كذب والله، ما هو به، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لعن أبا مروان، ومروان في صلبه، فمروان قصص من لعنة الله عز وجل. =
(7/3341)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= تخريجه:
الحديث أخرجه النسائي في التفسير من الكبرى -كما في تحفة الأشراف (12/ 296 رقم 17587)، وتفسير ابن كثير (4/ 159) -، من طريق علي بن الحسين، حدثنا أمية بن خالد، فذكره بنحوه، وفي آخره: "فمروان فضض من لعنة الله".
وأخرجه عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه -كما في الدر المنثور (7/ 444)، وفيه: "فمروان فضفض من لعنة الله".
وأخرجه الإسماعيلي في مستخرجه -كما في فتح الباري (8/ 576) -.
وللحديث طريق أخرى يرويها عبد الله البهي، أخرجها ابن أبي حاتم -كما في الموضع السابق من تفسير ابن كثير.
والبزار في مسنده (2/ 247 رقم 1624).
وأبو يعلى في مسنده -كما في فتح الباري (8/ 577) -.
ثلاثتهم من طريق: إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهي المدني، قال: إني لفي المسجد حي خطب مروان، فقال: إن الله تعالى قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأياً حسناً، وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر عمر -رضي الله عنهما- فقال عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنهما-: أهرقلية؟ إن أبا بكر -رضي الله عنه- والله ما جعلها في أحد من ولده، ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية في ولده إلا رحمة، وكرامة لولده. فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: أف لكما؟ فقال عبد الرحمن -رضي الله عنه-: ألست ابن اللعين الذي لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أباك؟ قال: وسمعتها عائشة -رضي الله عنها-، فقالت: يا مروان، أنت القائل لعبد الرحمن -رضي الله عنه- كذا، وكذا؟ كذبت، ما فيه نزلت، ولكن نزلت في فلان بن فلان، ثم انتحب مروان، ثم نزل عن المنبر حتى أتى باب حجرتها، فجعل يكلمها حتى انصرف. اهـ. وهذا سياق ابن أبي حاتم، وسياق البزار بمعناه. =
(7/3342)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال الهيثمي في المجمع (5/ 241):"إسناده حسن".
وأصل القصة في صحيح البخاري، بغير هذا السياق.
فالحديث أخرجه البخاري في صحيحه (8/ 576) في تفسير سورة الأحقاف من كتاب التفسير، باب: (والذي قال لوالديه ... )، من طريق يوسف بن ماهك، قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية، فخطب يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايَع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة، فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه:
{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي (17)} [الأحقاف: 17].
فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن، إلا أن الله أنزل عُذري. اهـ. ولم يذكر اللعن.
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي بقوله:"فيه انقطاع؛ محمد لم يسمع من عائشة".
ومحمد هذا هو ابن زياد القرشي، الجمحي، مولاهم، أبو الحارث المدني وهو ثقة ثبت، وثقه أحمد، وابن معين، والترمذي، والنسائي، وغيرهم، وقد نص المزي على أنه روى عن عائشة، ووافقه ابن حجر، ولم أجد من نص على أنه لم يسمع منها غير الذهبي هنا، ولم أجد من كتب التراجم من نص على سنة وفاته./ انظر الجرح والتعديل (7/ 257 رقم 1407)، وتهذيب الكمال (3/ 1198 - 1199)، والتهذيب (9/ 169 - 170).
وأما بقية الإسناد فبيان حال رجاله كالتالي:
شعبة بن الحجاج إمام مشهور تقدمت ترجمته في الحديث (532).
وأمية بن خالد بن الأسود القيسي، أبو عبد الله البصري صدوق روى له =
(7/3343)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مسلم. / الجرح والتعديل (2/ 302 - 303 رقم 1123)، والتقريب (1/ 83 رقم 630)، والتهذيب (1/ 370 - 371 رقم 676).
وعلي بن الحسين بن مطر الدّرهمي، البصري. صدوق. / الجرح والتعديل (6/ 179 رقم 980)، والتقريب (2/ 35 رقم 322)، والتهذيب (7/ 307 - 308 رقم 521).
والراوي عن علي هذا هو أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم بن جعفر، الكندي، الصيرفي، المعروف بـ: ابن الخنازيري، وصفه الحاكم هنا بقوله: "الحافظ"، وترجم له الخطيب في التاريخ (4/ 384 رقم 2263)، ولم يذكر عنه جرحاً، ولا تعديلًا، وذكره السمعاني في الأنساب (5/ 199)، ولم يذكر عنه أيضاً جرحاً، ولا تعديلًا.
وشيخ الحاكم أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني، الكوفي إمام ثقة أمين. / السير (15/ 443 - 444 رقم 254).
ولم ينفرد ابن الخنازيري بالحديث، فقد تابعه النسائي، فروى الحديث عن علي بن الحسين كما سبق.
وأما الطريق الأخرى التي أخرجها البزار، وابن أبي حاتم ففي سندها عبد الله البهي، وتقدم في الحديث (648) أنه صدوق يخطيء.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم فيه ابن الخنازيري، وتقدم أني لم أجد من ذكره بجرح، أو تعديل سوى ما جاء عنه في إسناد الحاكم من وصفه بـ: "الحافظ"، غير أنه لم ينفرد بالحديث كما تقدم، بل تابعه النسائي، فيكون الحديث حسن الإسناد لغيره، ويزداد قوة بالطريق الأخرى التي رواها عبد الله البهي، وتقدم الكلام عنها، وبعض القصة في صحيح البخاري كما سبق، عدا ذكر لعنه -صلى الله عليه وسلم- لأبي مروان، وهذا اللفظ يشهد له، حديث ابن الزبير الآتي برقم (1117)، ولفظه: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن الحكم وولده"، وسيأتي أن =
(7/3344)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ظاهر سنده الصحة، وأما متنه، ومتن هذا الحديث الذي معنا فمشكل، ولذا قال ابن القيم -رحمه الله- في المنار المنيف (ص 117): (وحديث: عدد الخلفاء من ولد العباس: كذب، وكذا أحاديث ذم الوليد، وذم مروان بن الحكم). اهـ.
وقال الذهبي -رحمه الله- في السير (2/ 108) في ترجمة الحكم: "وُيروى في سبِّه أحاديث لم تصح". اهـ.
قلت: وقد ساق الحافظ ابن كثير الحديث كما سبق، ولم يتكلم عنه بشيء، وقد حسن الهيثمي سنده، وهكذا الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فإنه ذكر في الفتح (8/ 576 و 577) حديثي محمد بن زياد، وعبد الله البهي، عن عائشة -رضي الله عنها- وسكت عنهما، وقد نص في مقدمة الفتح (ص 4) على أنه يسوق ما يتعلق بالحديث من غرض صحيح بشرط الصحة، أو الحسن فيما يورده من ذلك، بل قال في الفتح (13/ 11): "وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان، وما ولد، أخرجها الطبراني، وغيره، غالبها فيه مقال، وبعضها جيد". اهـ.
وقال ابن الأثير -رحمه الله- في أسد الغابة (1/ 515) في ترجمة الحكم: "وقد روي في لعنه، ونفيه أحاديث كثيرة، لا حاجة إلى ذكرها، إلا أن الأمر المقطوع به: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مع حلمه، وإغضائه على ما يكره، ما فعل به ذلك (يعني نفيه للطائف) إلا لأمر عظيم، ولم يزل منفياً حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما ولي أبو بكر الخلافة، قيل له في الحكم ليردّه إلى المدينة، فقال: ما كنت لأحل عقدة عقدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك عمر، فلما ولي عثمان -رضي الله عنهما- الخلافة رده، وقال: كنت قد شفعت فيه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوعدني برده". اهـ.
قلت: وقد أجاب شيخ الِإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في منهاج السنة (3/ 195 - 198) عن دعوى نفي النبي -صلى الله عليه وسلم- =
(7/3345)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= للحكم هذه التي ذكر ابن الأثير بإجابة مطولة ومن ضمن ما قال فيها: (وقصة نفي الحكم ليست في الصحاح، ولا لها إسناد يعرف به أمرها، ومن الناس من يروي: أنه حاكى النبي -صلى الله عليه وسلم- في مشيته، ومنهم من يقول غير ذلك ... )، ثم قال: (وأما استكتابه (يعني: عثمان) مروان، فمروان لم يكن له في ذلك ذنب؛ لأنه كان صغيراً، لم يجر عليه القلم، ومات النبي -صلى الله عليه وسلم- ومروان لم يبلغ الحلم باتفاق أهل العلم، بل غايته أن يكون له عشر سنين، أو قريب منها، وكان مسلماً باطناً، وظاهراً، يقرأ القرآن، ويتفقه في الدين، ولم يكن قبل الفتنة معروفاً بشيء يعاب فيه، فلا ذنب لعثمان في استكتابه، وأما الفتنة فأصابت من هو أفضل من مروان، ولم يكن مروان ممن يحاد الله ورسوله، وأما أبوه الحكم فهو من الطلقاء، والطلقاء حسن إسلام أكثرهم، وبعضهم فيه نظر، ومجرد ذنب يعزر عليه لا يوجب أن يكون منافقاً في الباطن، والمنافقون تجري عليهم في الظاهر أحكام الإسلام، ولم يكن أحد من الطلقاء بعد الفتح يظهر المحادة لله ورسوله، بل يرث، ويورث، ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين، وتجري عليه أحكام الإسلام التي تجري على غيره ... ) إلخ.
قلت: وقوله في الحديث الآتي برقم (1117): "لعن الحكم وولده" يعارضه قوله جل وعلا:
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)} [النجم: 38] (الآية 38 من سورة النجم).
إذ لو صح لعن الحكم، فما ذنب ولده حتى تشملهم اللعنة؟! خاصة وفيهم من عده أهل السنة خامس الخلفاء الراشدين، وهو: عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- وفيهم من عرف بالتقى والصلاح كيزيد بن الوليد بن عبد الملك، المعروف بـ: الناقص، بل إن بني أمية ممن نصر الله بهم الدين، فنشروه في سائر المعمورة، ورفعوا رايات الجهاد، وهم الذين اتسعت الفتوحات في وقتهم، قال ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية (9/ 87 - 88): (فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية، ليس لهم شغل =
(7/3346)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إلا ذلك، قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض، ومغاربها، وبرها، وبحرها، وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعباً، لا يتوجه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه، وكان في عساكرهم، وجيوشهم في الغزو الصالحون، والأولياء، والعلماء، من كبار التابعين، في كل جيش منهم شرذمة عظيمة، ينصر الله بهم دينه، فقتيبة بن مسلم يفتح في بلاد الترك، يقتل، ويسبي، ويغنم، حتى وصل إلى تخوم الصين، وأرسل إلى ملكه يدعوه، فخاف منه، وأرسل له الهدايا، وتحفاً، وأموالاً كثيرة، هدية، وبعث يستعطفه، مع قوته، وكثرة جنده، بحيث أن ملوك النواحي كلها تؤدي إليه الخراج خوفا منه، ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها، فما مات الحجاج رجع الجيش كما مر. ثم إن قتيبة قتل بعد ذلك، قتله بعض المسلمين.
ومسلمة بن عبد الملك بن مروان، وابن أمير المؤمنين: الوليد، وأخوه الآخر، يفتحون في بلاد الروم، ويجاهدون بعساكر الشام حتى وصلوا إلى القسطنطينية، وبنى بها مسلمة جامعاً يعبد الله فيه، وامتلأت قلوب الفرنج منهم رعباً.
ومحمد بن القاسم ابن أخي الحجاج يجاهد في بلاد الهند، ويفتح مدنها، في طائفة من جيش العراق، وغيرهم.
وموسى بن نصير يجاهد في بلاد المغرب، ويفتح مدنها، وأقاليمها، في جيوش الديار المصرية، وغيرهم.
وكل هذه النواحي إنما دخل أهلها في الإسلام، وتركوا عبادة الأوثان.
وقبل ذلك قد كان الصحابة في زمن عمر، وعثمان فتحوا غالب هذه النواحي، ودخلوا في مبانيها، بعد هذه الأقاليم الكبار، مثل الشام، ومصر، والعراق، واليمن، وأوائل بلاد الترك، إلى ما وراء النهر، وأوائل بلاد المغرب، وأوائل بلاد الهند، فكان سوق الجهاد قائماً في القرن الأول من بعد الهجرة، إلى انقضاء دولة بني أمية، وفي أثناء خلافة بني العباس، =
(7/3347)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مثل أيام المنصور، وأولاده، والرشيد، وأولاده، في بلاد الروم، والترك، والهند.
وقد فتح محمود بن سبكتين، وولده في أيام ملكهم بلاداً كثيرة من بلاد الهند.
ولما دخل طائفة ممن هرب، من بني أمية إلى بلاد المغرب، وتملكوها، أقاموا سوق الجهاد في الفرنج بها. ثم لما بطل الجهاد من هذه المواضع رجع العدو إليها، فأخذ منها بلاداً كثيرة، وضعف الإسلام فيها". هـ.
قلت: ولا شك في أن هذه القوة أقضت مضاجع الأعداء، ليس في عصر الأمويين فقط، وإنما منذ وقت مبكر، في بداية عصر الخلفاء الراشدين، فاندس الأعداء في صفوف المسلمين، فمنهم من بطش ظاهراً كأبي لؤلؤة المجوسي، ومنهم من حاك الخطط والمؤامرات في الخفاء كعبد الله بن سبأ، وكثر الطعن في من كان هدفه نشر الإسلام، ومنهم بنو أمية، فمثل هذه الأحاديث انتقدها من سبق من الأئمة، وها هو البخاري -رحمه الله- يخرج الحديث، ولم يذكر اللعن، وها هو الإمام أحمد -رحمه الله- يخرج الحديث الآتي برقم (1117)، فلا يفصح باسم الحكم، وإنما قال: "فلان"، ولو سلمنا بصحة الحديث فإنه ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "اللهم إني أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر، فأي المؤمنين آذيته: شتمتُه، لعنتُه، جلدتُه، فاجعلها له صلاة، وزكاة، وقُرْبة تقرّبه بها إليك يوم القيامة".
أخرجه البخاري في صحيحه (11/ 171 رقم 6361) في الدعوات، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من آذيته، فاجعلها له زكاة ورحمة".
ومسلم (4/ 2007 - 2009 رقم 89 و 90 و 91 و 92 و 93) في البر والصلة، باب من لعنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو سبه، أو دعا عليه، وليس هو أهلاً لذلك ...
كلاهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري مختصر.
أقول: فلو صح حديث اللعن، لحمل على هذا الحديث، والله أعلم.
(7/3348)
1116 - حديث الحكم بن أبي العاص (1):
أنه استأذن على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعرف صوته، فقال: "ائذنوا له عليه لعنة الله، وعلى جميع من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم، وقليل ما هم ... " الحديث (2).
قال: صحيح.
قلت: لا والله؛ فيه أبو الحسن (الجزري) (3) من المجاهيل.
__________
(1) الحديث من مسند عمرو بن مرة الجهني، وإنما نسبه ابن الملقن إلى الحكم لتعلقه به، كحديث ذي اليدين، والخثعمية، وغيرهما.
(2) من قوله: (فعرف صوته) إلى هنا ليس في (ب).
(3) في (أ): (الحوري)، وما أثبته من (ب)، وسند المستدرك وتلخيصه.
1116 - المستدرك (4/ 481): حدثني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا الحسين بن الفضل، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا علي بن الحكم البناني، عن أبي الحسن الجزري، عن عمرو بن مرة الجهني، وكانت له صحبة، أن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فعرف النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- صوته، وكلامه، فقال: "ائذنوا له، عليه لعنة الله، وعلى من يخرج من صلبه، إلا المؤمن منهم، وقليل ما هم. يشرفون في الدنيا، ويضعون في الآخرة، ذوو مكر، وخديعة، يعطون في الدنيا، وما لهم في الآخرة من خلاق".
تخريجه:
الحديث ذكره الهيثمي في المجمع (5/ 242 - 243)، وعزاه للطبراني، وقال: "فيه أبو الحسن الجزري، وهو مستور، وبقية رجاله ثقات".
وذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (6/ 243) من طريق الدارمي، عن مسلم بن إبراهيم، عن سعد بن زيد، عن علي بن الحكم، به نحوه.
(7/3349)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= دراسه الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "لا والله، فأبو الحسن من المجاهيل".
وأبو الحسن الجزري هذا شامي مجهول -كما في التقريب (2/ 411 رقم 40)، والتهذيب (12/ 73 رقم 292) -.
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة أبي الحسن الجزري.
وله شاهد مرسل من حديث محمد بن كعب القرظي قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحكم، وما ولد، إلا الصالحين منهم، وهم قليل".
قال محمد: "فصرحتها لعمر" -يعني ابن عبد العزيز-.
أخرجه أبو زكريا يزيد بن محمد الأزدي في "تاريخ الموصل" (ص 4)، من طريق عبد الرزاق، حدثنا أبي، عن عمر بن أبي بكر القرشي، عن محمد بن كعب القرظي، به.
وهذا الحديث بالإضافة لإرساله، فلا يصلح للاستشهاد؛ لكونه لم يثبت عن مرسله؛ فإن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، القرشي مقبول. / ثقات ابن حبان (7/ 167)، والتقريب (2/ 52 رقم 390)، والتهذيب (7/ 429 رقم 700).
وهمام بن نافع الحميري، الصنعاني، والد عبد الرزاق مقبول أيضاً. / الضعفاء للعقيلي (4/ 371)، والتقريب (2/ 321 رقم 111)، والتهذيب (11/ 67 رقم 107).
وعليه فالحديث باق على ضعفه.
وله شاهد في الحديث قبله وبعده، لكن ينظر الكلام عن المتن في الحديث المتقدم برقم (115)، والله أعلم.
(7/3350)
1117 - حديث ابن الزبير:
أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لعن الحكم وولده (1).
قال: صحيح.
قلت: فيه أحمد بن محمد (الرشديني) (2) ضعفه ابن عدي (3).
__________
(1) في (ب): (حديث ابن الزبير مرفوعاً: أنه لعن الحكم وولده).
(2) في (أ): (المرسديني)، وفي (ب): (المرسدي)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.
(3) في الكامل (1/ 201).
1117 - المستدرك (4/ 481)، هذا الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث السابق، فقال: وشاهده: حديث عبد الله بن الزبير الذي حدثناه ابن نصير الخلدي -رحمه الله- ثنا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري بمصر، ثنا إبراهيم بن منصور الخراساني، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن محمد بن سوقة، عن الشعبي، عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لعن الحكم وولده.
تخريجه:
الحديث أخرجه البزار في مسنده (2/ 247 رقم 1623)، من طريق شيخه أحمد بن منصور بن سيار، ثنا عبد الرزاق، ثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: سمعت عبد الله بن الزبير يقول وهو مستند إلى الكعبة: ورب هذا البيت لقد لعن الله الحكم، وما ولد على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
قال البزار: "لا نعلمه عن ابن الزبير إلا بهذا الإسناد، ورواه محمد بن فضيل أيضاً، عن إسماعيل، عن الشعبي، عن ابن الزبير". =
(7/3351)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ورواه الإمام أحمد في المسند (4/ 5): ثنا عبد الرزاق، فذكر الحديث بمثل سياق البزار، إلا أنه لم يذكر اسم الحكم، وإنما قال: "فلاناً، وما ولد من صلبه".
وكذا رواه الطبراني في الكبير -كما في المجمع (5/ 241) -.
قال الهيثمي: "رجال أحمد رجال الصحيح".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "الرشديني ضعفه ابن عدي".
والرشديني هذا اسمه أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد، أبو جعفر المصري وهو مختلف فيه؛ فقد كذبه أحمد بن صالح المصري، وقال مسلمة في الصلة: كان ثقة عالماً بالحديث، وقال ابن يونس: كان من حفاظ الحديث، وأهل الصنعة.
والأرجح أنه ضعيف فقط كما هو رأي ابن عدي فيه؛ فإنه ساق له بعض الأحاديث التي انتقدت عليه، وقال: "وابن رشدين هذا صاحب حديث كثير، حدث عنه الحفاظ بحديث مصر، وأنكرت عليه أشياء مما رواه، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه". اهـ. من الكامل (1/ 201)، واللسان (1/ 257 - 258 رقم 804).
قلت: ولم ينفرد أحمد هذا بالحديث، فقد رواه عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به.
وتقدم أن البيهقي قال عن هذا الإسناد: "رجاله رجال الصحيح".
وقد رواه عن عبد الرزاق الإمام أحمد، وأحمد بن منصور شيخ البزار.
وليس في رواية الإمام أحمد التصريح باسم الحكم، وصرح به أحمد بن منصور بن سيّار الرمادي، وهو ثقة حافظ./ الجرح والتعديل (2/ 78 رقم 169)، والتقريب (1/ 26 رقم 127)، والتهذيب (1/ 83 - 84 رقم 143). =
(7/3352)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأما بقية رجال الإسناد فبيان حالهم كالتالي:
الشعبي اسمه عامر بن شراحيل، وهو ثقة مشهور، فقيه فاضل من رجال الجماعة، تقدمت ترجمته في الحديث (598).
وإسماعيل بن أبي خالد الأحمسي، مولاهم، البجلي، ثقة ثبت من رجال الجماعة تقدمت ترجمته في الحديث رقم (720).
وأما سفيان بن عيينة، وعبد الرزاق، فإمامان مشهوران تقدمت ترجمتهما في الحديثين رقم (510) و (984).
لكن عبد الرزاق -رحمه الله- رماه كثير من الأئمة بالتشيع -كما في التهذيب (6/ 310 - 315)، وأورده ابن عدي في كامله (5/ 1948 - 1952)، وقال في آخر ترجمته:
"ولعبد الرزاق بن همام أصناف، وحديث كثير، وقد رحل إليه ثقات المسلمين، وأئمتهم، وكتبوا عنه، ولم يروا بحديثه بأساً، إلا أنهم نسبهه إلى التشيع، وقد روى أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليها أحد من الثقات، فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث، ولما رواه في مثالب غيرهم مما لم أذكره في كتابي هذا، وأما في باب الصدق، فأرجو أنه لا بأس به، إلا أنه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت، ومثالب آخرين مناكير".
قلت: ولا أشك في أن ابن عدي -رحمه الله- لو ذكر أحاديث المثالب التي رواها عبد الرزاق، ووقف على هذا الحديث، لعدّه منها، وليته فعل، غير أن قوله: "ومثالب، آخرين مناكير" يدخل فيه هذا الحديث الذي فيه مخالفة لقوله تعالى:
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)} [النجم: 38]،
وفيه وقيعة بسلف الأئمة كعمر بن عبد العزيز، وحاشاه من ذلك، وقد مضى الكلام عن هذه المسألة في الحديث (1115)، فليرجع إليه. =
(7/3353)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الحكم علي الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف أحمد الرشديني، وظاهر سنده الصحة بالطريق الأخرى التي رواها الإمام أحمد، والبزار، غير أنه معلول المتن بما تقدم عن حال عبد الرزاق بن همام الصنعاني، وبما سبق ذكره في التعليق على الحديث (1115)، والله أعلم.
(7/3354)
1118 - حديث كثير بن عبد الله المزني (1)، عن أبيه، عن جده قال:
سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو يقول:
"لا تذهب الدنيا يا علي بن أبي طالب"، قال: لبيك يا رسول الله، قال: "اعلم أنكم ستقاتلون بني الأصفر، (ويقاتلهم) (2) من بعدكم من المؤمنين ... " الحديث (3).
قلت: كثير واه.
__________
(1) في (ب): (ابن المزني).
(2) في (أ): (ويقاتلونهم)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(3) من قوله: (قال سمعت) إلى هنا ليس في (ب).
1118 - المستدرك (4/ 483): أخبرني أبو بكر بن أبي نصر المزكي بمرو، ثنا أحمدبن محمد بن عيسى القاضي، ثنا عبد الله بن مسلمة، ثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني.
وحدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، وله اللفظ، أنبأ الحسين بن علي بن زياد، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، ثنا كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو يقول: "لا تذهب الدنيا يا علي بن أبي طالب"، قال علي: لبيك يا رسول الله.
قال: "إعلم أنكم ستقاتلون بني الأصفر، أو يقاتلهم من بعدكم من المؤمنين، وتخرج إليهم روقة المؤمنين أهل الحجاز الذين يجاهدون في سبيل الله، لا تأخذهم في الله لومة لائم حتى يفتح الله عز وجل عليهم قسطنطينية، ورومية بالتسبيح، والتكبر، فينهدم حصنها، فيصيبون نيلاً عطيماً لم يصيبوا مثله قط، حتى أنهم يقتسمون بالترس، ثم يصرخ صارخ: يا أهل الأسلام، قد خرج المسيح الدجال في بلادكم، وذراريكم، فينفض الناس عن المال، فمنهم الأخذ، ومنهم التارك، فالأخذ نادم، والتارك =
(7/3355)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= نادم، يقولون: من هذا الصائح؟ فلا يعلمون من هو، فيقولون: ابعثوا طليعة إلى لُدّ، فإن يكن المسيح قد خرج، فيأتونكم بعلمه، فيأتون، فينظرون، فلا يرون شيئاً، ويرون الناس شاكين، فيقولون: ما صرخ الصارخ إلا لنبأ، فاعتزموا، ثم ارشدوا، فيعتزمون أن نخرج بأجمعنا إلى لدّ، فإن يكن بها المسيح الدجال نقاتله حتى يحكم الله بيننا وبينه، وهو خير الحاكمين. وإن يكن الأخرى، فإنها بلادكم، وعشائركم، وعساكركم رجعتم إليها".
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن ماجه (2/ 1370 - 1371 رقم 4094) في الفتن، باب الملاحم.
والطبراني في الكبر (17/ 15 - 16 رقم 9).
كلاهما من طريق كثير، به نحوه، إلا أن ابن ماجه لم يذكر بقية الحديث من قوله: "يقولون من هذا الصائح؟ ".
قال الهيثمي في المجمع (6/ 220): "فيه كثير بن عبد الله، وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حديثه".
دراسة الإسناد:
الحديث أعله الذهبي بقوله: "كثير واه".
وهو كثير بن عبد الله المزني الذي تقدم في الحديث (796) أنه: متروك.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف كثير المزني.
وأصل الحديث في صحيح مسلم (4/ 2238 رقم 2920) في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، فيتمنى أن يكون مكان الميت؛ من البلاء، من حديث ثور بن زيد الدّيلي، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- =
(7/3356)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال: "سمعتم بمدينة جانب منها في البر، وجانب منها في البحر؟ " قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فهذا جاؤوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح، ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيسقط أحد جانبيها".
قال ثور: لا أعلمه إلا قال: "الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيُفَرّجُ لهم، فيدخلوها، فيغنموا، فبينما هم يقتسمون الغنائم، إذ جاءهم الصريخ، فقال: إن الدجال قد خرج، فيتركون على شيء ويرجعون". اهـ. والله أعلم.
(7/3357)
1119 - حديث أبي سَرِيْحة (1)، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (2):
"يكون للدابة ثلاث خرجات من الدهر ... " إلخ.
قال: صحيح!.
قلت: فيه طلحة بن عمرو الحضرمي ضعفوه، وتركه أحمد (3).
__________
(1) قوله: (أبي سريحة) ليس في أصل (ب)، ومعلق بهامشها مع الإشارة لدخوله في الصلب.
(2) قوله: (عن النبي -صلى الله عليه وسلم-) في (ب): (مرفوعاً).
(3) قوله: (الحضرمي) و (وتركه أحمد) ليس في (ب)، والإمام أحمد قال عنه: "لا شيء متروك الحديث"./ الكامل (4/ 1426).
1119 - المستدرك (4/ 484): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا عمرو بن محمد العنقزي، ثنا طلحة بن عمرو الحضرمي، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي، عن أبي الطفيل، عن أبي سريحة الأنصاري -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "يكون للدابة ثلاث خرجات من الدهر. تخرج أول خرجة بأقصى اليمن، فيشفوا ذكرها بالبادية، ولا يدخل ذكرها القرية -يعني مكة-، ثم يمكث (كذا!) زماناً طويلًا بعد ذلك، ثم تخرج خرجة أخرى قريباً من مكة، فينشر ذكرها في أهل البادية، وينشر ذكرها بمكة، ثم تكمن زماناً طويلًا، ثم بينما الناس في أعظم المساجد حرمة، وأحبها إلى الله، وأكرمها على الله تعالى: المسجد الحرام، لم يرعهم إلا وهي في ناحية المسجد تدنوا، وتربوا بين الركن الأسود، وبين باب بني مخزوم، عن يمين الخارج، في وسط من ذلك، فيرفض الناس عنها شتى، ومعاً، ويثبت لها عصابة من المسلمين عرفوا =
(7/3358)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أنهم لن يعجزوا الله، فخرجت عليهم تنفض عن رأسها التراب، فبدأت بهم، فجلت عن وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدرِّيَّة، ثم ولت في الأرض لا يدركها طالب، ولا يعجزها هارب، حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه، فتقول: أي فلان، الآن تصلي؟ فيلتفت إليها، فتسمه في وجهه، ثم تذهب، فيتجاور الناس في ديارهم، ويصطحبون في أسفارهم، ويشتركون في الأموال يعرف المؤمن الكافر، حتى إن الكافر يقول: يا مؤمن، اقضني حقي، ويقول المؤمن: يا كافر اقضني حقي".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، وهو ابن حديث في ذكر دابة الأرض، ولم يخرجاه".
تخريجه:
الحديث أخرجه الطيالسي في مسنده (ص 144 رقم 1069).
والطبراني في الكبر (3/ 193 رقم 3035).
وفي الأحاديث الطوال المطبوع مع الكبير (25/ 262 - 263 رقم 34).
كلاهما من طريق طلحة بن عمرو، به نحوه، ولم يذكر الطيالسي: "بأقصى اليمن"، وإنما قال: "تخرج في أقصى البادية".
وأخرجه أيضاً عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في البعث والنشور -كما في الدر المنثور (6/ 381) -.
دراسه الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "طلحة ضعفوه، وتركه أحمد".
وطلحة هذا هو ابن عمرو بن عثمان الحضرمي، المكي، وهو متروك. / الكامل (4/ 1426 - 1427)، والتقريب (1/ 379 رقم 37)، والتهذيب (5/ 23 - 24 رقم 38). =
(7/3359)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد خالفه الرواة الآخرون فرووه عن أبي الطفيل، عن حذيفة موقوفاً -كما سيأتي في الحديث الآتي-.
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف طلحة بن عمرو، ومخالفته للرواة الآخرين الذين رووه موقوفاً على حذيفة -كما سيأتي في الحديث الآتي، وقد صح سنده إلى أبي سريحة حذيفة بن أسيد.
(7/3360)
1120 - حديث حذيفة:
إن الدابة تخرج ثلاث خرجات ... إلخ.
قلت: على شرط البخاري ومسلم (1).
__________
(1) هذا التعقيب ليس من الذهبي، وإنما هو كلام الحاكم عن الحديث، وأما التلخيص ففيه إقرار الذهبي للحاكم على قوله.
1120 - المستدرك (4/ 484 - 485): حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا محمد بن عبد السلام، ثنا يحيى بن يحيى، أنبأ عبد الأعلى، عن هشام بن حسان، عن قيس بن سعد، عن أبي الطفيل، قال: كنا جلوساً عند حذيفة، فذكرت الدابة، فقال حذيفة -رضي الله عنه-: إنها تخرج ثلاث خرجات، في بعض البوادي، ثم تكمن، ثم تخرج في بعض القرى، حتى يذعروه (كذا!)، حتى تهريق فيها الأمراء الدماء، ثم تكمن، قال: فبينما الناس عند أعظم المساجد، وأفضلها، وأشرفها، حتى قلنا: المسجد الحرام، وما سماه، إذا ارتفعت الأرض، ويهرب الناس، ويبقى عامة من المسلمين يقولون: إنه لن ينجيَّنا من أمر الله شيء فتخرج، فتجلو وجوههم حتى تجعلها كالكواكب الدرية، وتتبع الناس جيران في الرباع، شركاء في الأموال، وأصحاب في الإسلام.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن جرير في تفسيره (20/ 14 - 15) من طريق معمر، عن قيس بن سعد، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد، فذكره بنحوه، وفي آخره قال: "وتبقى طائفة من المؤمنين، ويقولون: إنه لا ينجينا من الله شيء، فتخرج عليهم الدابة تجلو وجوههم مثل الكوكب الدري، ثم تنطلق، فلا يدركها طالب، ولا يفوتها هارب، وتأتي الرجل يصلي، فيقول (كذا! ولعل الصواب: فتقول): والله ما كنت من أهل الصلاة، فيلتفت إليها، فتخطمه، قال: تجلو وجه المؤمن، وتخطم الكافر. قلنا فما للناس يومئذ؟ قال: جيران في الرباع، وشركاء في الأموال، وأصحاب في الأسفار.
(7/3361)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه أيضاً في الموضع نفسه من طريق الفرات القزاز، عن عامر بن واثلة أبي الطفيل، به بمعناه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 66 - 67 رقم 19132) من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن أبي الطفيل، به بمعناه مختصراً.
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وأقره الذهبي، ورجال إسناده بيان حالهم كالتالي:
أبو الطفيل عامر بن واثلة صحابي. / انظر التهذيب (5/ 82 رقم 135).
وقيس بن سعد المكي ثقة روى له مسلم في صحيحه، والبخاري تعليقاً. / الجرح والتعديل (7/ 99 رقم 562)، والتقريب (2/ 128 رقم 143)، والتهذيب (8/ 397 رقم 701).
وهشام بن حسان الأزدي تقدم في الحديث (661) أنه: ثقة من رجال الجماعة.
وعبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري، السَّامي -بالمهملة-، ثقة من رجال الجماعة. / الجرح والتعديل (6/ 28 رقم 147)، والتقريب (1/ 465 رقم 784)، والتهذيب (6/ 96 رقم 199).
ويحيى بن يحيى بن بكير التيمي الحنظلي، أبو زكريا النيسابوري تقدم في الحديث (732) أنه ثقة ثبت إمام، أخرج له الشيخان، وهو من شيوخهما.
ومحمد بن عبد السلام بن بشار النيسابوري، الوراق، الزاهد، شيخ خراسان، كان صواماً، قوَّاماً، ربانياً، ثقة. / تذكرة الحفاظ (2/ 649) في نهاية ترجمة الخشني، وانظر السير (13/ 460 رقم 228).
وشيخ الحاكم أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله بن عنبر بن عطاء =
(7/3362)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= السلمي، مولاهم، العنبري، النيسابوري تقدم في الحديث (732) أيضاً أنه إمام ثقة.
الحكم علي الحديث:
الحديث بهذا الإسناد صحيح موقوف على أبي سريحة حذيفة بن أسيد، رجاله ثقات رجال الشيخين إلى طبقة شيوخهما، عدا قيس بن سعد، فإن البخاري إنما روى له تعليقاً.
ومثل هذا الحديث له حكم الرفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه إخبار عن أمر غيبي، لا مجال للرأي فيه، والله أعلم.
(7/3363)
1121 - حديث ابن عمر:
(يبيت) (1) الناس يسيرون إلى جمع، (وتبيت) (2) دابة الأرض تسري إليهم، فيصبحون وقد جعلتهم بين رأسها وذنبها ... ، الحديث (3).
قال: صحيح.
قلت: فيه عبد الرحمن بن (البَيَّلماني) (4)، وهو ضعيف، وكذا الوليد بن جُمَيع.
__________
(1) في (أ) و (ب): (بينا)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2) في (أ): (وثبت) وليست في (ب) وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(3) من قوله: (وتبيت) إلى هنا ليس في (ب).
(4) في (أ): (السليماني).
1121 - المستدرك (4/ 485): حدثنا أبو زكريا العنبري، ثنا محمد بن عبد السلام، ثنا يحيى بن يحيى، أنبأ محمد بن فضيل، ثنا الوليد بن جميع، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: يبيت الناس يسيرون إلى جمع، وتبيت دابة الأرض تسري إليهم، فيصبحون وقد جعلتهم بين رأسها، وذنبها، فما من مؤمن إلا تمسحه، ولا منافق، ولا كافر إلا تخطمه، وإن التوبة لمفتوحة، ثم يخرج الدجال، فيأخذ المؤمن منه كهيئة الزكمة، وتدخل في مسامع الكافر، والمنافق، حتى يكون كالشيء الحنيذ، وإن التوبة لمفتوحة، ثم تطلع الشمس من مغربها.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 180 - 181 رقم 19451) من طريق وكيع، عن الوليد بن عبد الله بن جميع، عن =
(7/3364)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عبد الملك بن المغيرة، عن ابن البيلماني، عن ابن عمر قال: تخرج الدابة ليلة جمع، والناس يسيرون إلى منى، فتحملهم بين عجزها (كذا، وفي الدر: نحرها)، وذنبها، فلا يبقى منافق إلا خطمته، وتمسح المؤمن، قال: فيصبحون وهم أشر من الدجال.
وذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 382)، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم.
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "ابن البيلماني ضعيف، وكذا الوليد".
وابن البيلماني اسمه عبد الرحمن، وتقدم في الحديث (764) أنه: ضعيف.
وأما الوليد بن عبد الله بن جُمَيْع، الزهري، المكي، نزيل الكوفة، فإنه: صدوق، إلا أنه يهم، ورمي بالتشيع. / الجرح والتعديل (9/ 8 رقم 34)، والتقريب (2/ 333 رقم 64)، والتهذيب (11/ 138 رقم 230).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف ابن البيلماني، وضعف الوليد بن عبد الله بن جميع من قبل حفظه.
(7/3365)
1122 - حديث أبي سعيد مرفوعاً:
"إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلاً (وتشريداً) (1) ... " الحديث.
قال: صحيح.
قلت: لا والله، كيف وفيه إسماعيل بن (2) رافع متروك، ولم يصح المسند إليه؟
__________
(1) في (أ)، و (ب): (شديداً)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2) قوله: (إسماعيل بن) ليس في أصل (ب)، ومعلق بهامشها مع الإشارة لدخوله في الصلب.
1122 - المستدرك (4/ 487): أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد، ثنا نعيم بن حماد، ثنا الوليد بن مسلم، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عن أبي نضرة، قال: قال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً، وإن أشد قومنا لنا بغضاً: بنو أمية، وبنو المغيرة، وبنو مخزوم".
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق نعيم بن حماد.
ونعيم أخرجه في "الفتن" -كما في كنز العمال (11/ 169 رقم 31074) -.
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "لا والله، كيف وإسماعيل متروك، ثم لم يصح المسند إليه؟ ".
أما إسماعيل فهو ابن رافع بن عويمر الأنصاري، المدني، نزيل البصرة، =
(7/3366)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=يكنى: أبا رافع، وهو ضعيف الحفظ./ الكامل (1/ 277 - 279)، والتقريب (1/ 69 رقم507)، والتهذيب (1/ 294 - 296 رقم 547).
وأما قول الذهبي: "لم يصح المسند إليها -يعني إلى أبي رافع هذا-، فلأن في المسند إليه علتين:
1 - تدليس الوليد بن مسلم.
2 - ضعف نعيم بن حماد من قبل حفظه.
أما الوليد بن مسلم فتقدم في الحديث (639) أنه: ثقة، إلا أنه كثير التدليس، والتسوية، وعده الحافظ في الطبقة الرابعة من طبقات المدلسين، وقد عنعن هنا.
وأما نعيم بن حماد فتقدم في الحديث (751) أنه: صدوق، إلا أنه يخطيء كثيراً.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد للعلل المتقدم ذكرها في دراسة الإسناد.
وقوله: "إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً"، تقدم في الحديث (1108) ما يشهد له، غير أنه لا يفرح به، فهو موضوع كما تقدم هناك، والله أعلم.
(7/3367)
1123 - حديث أبي هريرة، قال:
ولد لأخي أم سلمة غلام (1)، فسموه الوليد، (فذكر) (2) ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "سميتموه بأسامي فراعنتكم، ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له: الوليد، هو شر على هذه الأمة من فرعون على قومه".
قال الزهري: (إن) (3) استخلف الوليد بن يزيد فهو هو، وإلا فالوليد بن عبد الملك.
قال: على شرط البخاري ومسلم (4).
__________
(1) في (ب): (غلاماً).
(2) في (أ): (فذكرت)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(3) ليست في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(4) من قوله: (فذكر ذلك) إلى هنا، ليس في (ب)، وبعد قوله: (فسموه الوليد) قال: (إلى آخره) اختصاراً من الناسخ للحديث، وهو اختصار مخلّ كما سيأتي في الحديث بعده.
1123 - المستدرك (4/ 494): أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسن، ثنا الفضل بن محمد بن المسيب، ثنا نعيم بن حماد، ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، فذكره بلفظه.
تخريجه:
هذا الحديث من الأحاديث التي أخرجها الإمام أحمد في مسنده كما سيأتي، وانتقدت على المسند، وتصدى الحافظ ابن حجر للذب عنها في كتابه المشهور: "القول المسدد في الذب عن المسند للإمام أحمد". =
(7/3368)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فالحديث يرويه ابن المسيب، وعنه الزهري، وله عن الزهري ثلاث طرق:
* الطريق الأولى: طريق الأوزاعي، وله عنه خمس طرق:
1 - طريق الوليد بن مسلم، وهي طريق الحاكم هذه، واختلف على الوليد فيها: فروى الحديث عنه نعيم بن حماد في الفتن -كما في الكنز (11/ 257 رقم 31442) -.
وعن نعيم رواه الحاكم.
قال نعيم: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، فذكر الحديث هكذا على أنه من مسند أبي هريرة.
وخالف نعيماً محمد بن خالد السكسكي، فأرسله عن ابن المسيب.
وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/ 349 - 350): حدثني محمد بن خالد بن العباس السكسكي، حدثني الوليد بن مسلم، حدثني أبو عمرو الأوزاعي، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، قال: ولد لأخي أم سلمة، فذكر الحديث بنحوه، ولم يذكر قول الزهري، وإنما قال عقبه: "قال أبو عمرو الأوزاعي: فكأن الناس يرون أنه الوليد بن عبد الملك، ثم رأينا أنه الوليد بن يزيد؛ لفتنة الناس به حتى خرجوا عليه، فقتلوه، وانفتحت على الأمة الفتنة والهرج". اهـ.
ومن طريق الفسوي أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 505).
2 - طريق إسماعيل بن عياش، واختلف عليه فيها أيضاً:
فأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 18) من طريق أبي المغيرة، ثنا ابن عياش، قال: حدثني الأوزاعي، وغيره، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: ولد لأخي أم سلمة، فذكره بنحوه هكذا على أنه من مسند عمر بن الخطاب. ومن طريق الإمام أحمد أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 158 - 159)، و (2/ 46 - 47). =
(7/3369)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن حبان في المجروحين (1/ 125)، وأظنه من طريق أبي اليمان، عن إسماعيل، به بنحوه، ثم قال: "هذا خبر باطل، ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا، ولا عمر رواه، ولا سعيد حدث به، ولا الزهري رواه، ولا هو من حديث الأوزاعي بهذا الإسناد". اهـ.
وذكر ابن الجوزي كلام ابن حبان هذا، وقوله عن إسماعيل:
"وإسماعيل بن عياش لما كبر تغير حفظه فكثر الخطأ في حديثه، وهو لا يعلم"، ثم قال ابن الجوزي: "ولعل هذا الحديث قد أدخل عليه في كبره، أو قد رواه وهو مختلط. قال أحمد بن حنبل: كان إسماعيل يروي عن كل ضرب". ثم قال ابن الجوزي: "وهذه الرواية بعيدة عن الصحة، ولو صحَّت، دلَّت على ثبوت الحديث، والوليد بن يزيد أولى بها من الوليد بن عبد الملك؛ لأنه كان مشهوراً بالإلحاد (مبارزاً) بالعناد، وقد كان اسم فرعون: الوليد". اهـ.
وتعقب الحافظ ابن حجر ابن حبان على عبارته السابقة بكلام طويل في القول المسدد (ص 12 - 13)، ومضمونه أن رواية إسماعيل عن الشاميين عند الجمهور قوية، وهذا منها، وأنه لم يجد من نسب إسماعيل إلى الاختلاط، وإنما نسبوه إلى سوء الحفظ في حديثه عن غير الشاميين، كأنه إذا رحل إلى الحجاز، أو العراق اتكل على حفظه، فيخطيء في أحاديثهم، ثم قال:
(ومع كون إسماعيل بهذا الوصف، وحديثه المتقدم عن شامي، فلم ينفرد به -كما قال ابن حبان، وابن الجوزي-، وإنما انفرد بذكر عمر فيه خاصة، على أن الرواة عنه لم يتفقوا على ذلك.
فقد رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وأبو نعيم في دلائل النبوة من طريقه، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي إسماعيل، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، =
(7/3370)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال: ولد لأخي أم سلمة، فذكر الحديث، وليس فيه: عمر. نعم رواه سليمان بن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل، عن إسماعيل بن عياش، فذكر فيه: عمر)، ثم ساقه ابن حجر بسند هو إلى سليمان هذا، قال: (فذكر مثل حديث أبي المغيرة سواء، وزاد فيه بعد قوله: "بأسماء فراعنتكم: غيروا اسمه": فسموه عبد الله، فإنه سيكون ... "، والبقية سواء). اهـ.
قلت: ومع ما ذكره الحافظ من الاختلاف على إسماعيل في الحديث، فهناك اختلاف عليه، آخر. فالحديث أخرجه أبو زكريا الأزدي في "تاريخ الموصل" (ص 56): حدثني أحمد بن بشر، عن منصور بن أبي مزاحم، عن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن (الزهري) (في الأصل: الزبيري)، قال: ولد ... ، فذكره بنحوه عن الزهري مرسلاً، وفيه قال: "اسمه عبد الرحمن"، وذكر قول الزهري: إن استخلف الوليد ... إلخ.
3 - طريق بشر بن بكر.
أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 505) من طريقه: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، قال: حدثني سعيد بن المسيب، قال: ولد لأخي أم سلمة، فذكره بنحوه، ثم قال البيهقي عقبه: "هذا مرسل حسن".
4 - طريق الهقل بن زياد.
أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الوليد، من طريق الهقل بن زياد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: ولد لأخي أم سلمة غلام، فسموه: الوليد، ... الحديث، ذكره الحافظ ابن حجر في القول المسدد (ص 15)، وذكر الطريق الأخرى الآتية:
5 - طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، قال: ولد لآل أم سلمة ولد، فسموه الوليد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تسمون الوليد بأسماء فراعنتكم؟ "، فسموه عبد الله.
أخرجه ابن عساكر أيضاً كما في الموضع السابق. =
(7/3371)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ._________
= *الطريق الثانية: طريق عبد الرازق، غن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، فذكره، ولم يذكر عمر.
قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق (ص 16): "أما رواية معمر فرويناها في الجزء الثاني من أمالي عبد الرزاق"، ثم ذكره.
وأخرجه أبو زكريا الأزدي في تاريخ الموصل (ص 56)، من طريق أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن (الزهري) (وفي الأصل: الزبيري)، قال: أراد رجل أن يسمي ابنه الوليد، فنهاه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال: "سيكون رجل يدعى الوليد، يعمل في أمتي كما يعمل فرعون في قومه".
قلت: هكذا ذكره مرسلاً عن الزهري، ولم يذكر ابن المسيب.
* الطريق الثالثة: طريق محمد بن الوليد الزبيدي.
ذكرها الحافظ ابن حجر في الموضع السابق، وقال: "يحتمل أنه الذي أبهمه إسماعيل بن عياش، لأنه شامي أيضاً ... وأما رواية الزبيدي فظفرت بها في بعض الأجزاء، ولم يحضرني الآن اسم مخرجها".
قلت: سبق في رواية الإمام أحمد للحديث أن ابن عياش قال: "حدثنا الأوزاعي، وغيره"، ومال الحافظ إلى أن هذا المبهم هو الزبيدي.
دراسه الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، ولم يتعقبه الذهبي بشيء، وإنما تعقبه على الحديث الآتي الذي جعله تبعاً لهذا الحديث.
وأما هذا الحديث فإن في سنده نعيم بن حماد، وتقدم في الحديث (751) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.
وقد خالفه شيخ يعقوب بن سفيان الفسوي، واسمه: محمد بن خالد بن العباس بن رملي السكسكي، إلا أني لم أجد من ذكره سوى ابن حبان في ثقاته (9/ 93)، ولم يذكر أنه روى عنه سوى الفسوي، فهو مجهول، إلا =
(7/3372)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أن روايته عن الوليد بن مسلم موافقة لرواية الأكثر، ولذا حكم الحافظ ابن حجر على رواية نعيم بن حماد بالشذوذ، فقال في الموضع السابق: "وأما رواية نعيم بن حماد له عن الوليد بذكر أبي هريرة فيه، فشاذة".اهـ.
قلت: والوليد بن مسلم تقدم في الحديث (639) أنه كثير التدليس والتسوية، وقد عنعن فيما بينه، وبين شيخه فمن فوقه، إلا أن ابن حجر أجاب عن هذا بقوله: "وفي تصريح بشر بن بكر عن الأوزاعي بأن الزهري حدثه به ما يدفع تعليل من تعلله (كذا) بتدليس الوليد بن مسلم تدليس التسوية". اهـ.
قلت: هذا متوجه فيما بين شيخه فمن فوقه، لكن روايته عن الأوزاعي بالعنعنة، مع وصفه بكثرة التدليس تعتبر علة قادحة في روايته هو للحديث عن الأوزاعي، فلا يُدرى، أسمعه منه، أم لا؟.
وأما رواية الإمام أحمد فأعلها الحافظ ابن حجر بقوله: "وغاية ما ظهر في طريق إسماعيل بن عياش من العلة: أن ذكر عمر فيه لم يتابع عليه".اهـ.
قلت: قد ذكر للشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- علة أخرى، فقال عن الحديث في حاشيته على المسند (1/ 202): "إسناده ضعيف لانقطاعه؛ سعيد بن المسيب لم يدرك عمر إلا صغيراً، فروايته عنه مرسلة، إلا رواية صرح فيها أنه يذكر فيها يوم نعى عمرُ النعمانَ بن مقرن على المنبر، ثم إن ذكر عمر في الإسناد خطأ لعله من ابن عياش".اهـ ثم ذكر قول الحافظ السابق.
وقد رجح ابن حجر أن الحديث من رواية أم سلمة، فقال: "الظاهر أنه من رواية أم سلمة؛ لاطباق معمر، والزبيدي، عن الزهري، وبشر بن بكر، والوليد بن مسلم، عن الأوزاعي على عدم ذكر عمر فيه، والله أعلم. وأما رواية نعيم بن حماد عن الوليد بذكر أبي هريرة فيه، فشاذة".اهـ. =
(7/3373)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لكن تعقبه الشيخ أحمد شاكر بقوله: "وهذا أيضاً ليس بشيء؛ لأني لم أجد في الروايات التي ذكرها الحافظ أن ابن المسيب روى هذا الحديث عن أم سلمة، فإن على الروايات عن ابن المسيب: ولد لأخي أم سلمة ... الخ، ليس فيها: عن أم سلمة. وهذا الحديث مما إدعى فيه بعض الحفاظ أنه موضوع، منهم الحافظ العراقي، وقد أطال الحافظ ابن حجر الرد عليه لإثبات أن له أصلاً، في كتاب القول المسدد (ص 5 - 6، و11 - 16)، وفي كثير مما قال تكلف، ومحاولة، والظاهر عندي ما قلت: أنه ضعيف لانقطاعه". اهـ.
قلت: إن كان قصد الشيخ أحمد شاكر بالانقطاع إرسال ابن المسيب له بعدم ذكر أحد من الصحابة، فنعم، وهو الذي يتفق مع كلامه المتقدم. وإن كان قصده بين ابن المسيب، وعمر، فإنه قد خطأ هذه الرواية، ولذا فالذي يظهر أن علة الحديث إرسال ابن المسيب له، هذا إن سلم من الاضطراب وأخذنا بترجيح ابن حجر لرواية معمر، والزبيدي، عن الزهري، وبشر بن بكر، والوليد بن مسلم في رواية، عن الأوزاعي.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لما تقدم في دراسة الإسناد.
وهو ضعيف فقط بالطريق الأخرى التي أرسلها المسيب، وتقدم في الحديث (1115) أن ابن القيم -رحمه الله- حكم على الأحاديث التي في ذم الوليد بالكذب.
ولو صح الحديث لكان المقصود به الوليد بن يزيد كما سيأتي في الحديث الآتي، والله أعلم.
(7/3374)
1124 - قال (1): هو الوليد بن يزيد، بلا شك، ولا مِرْية.
فقد حدثنا، وساق إسناداً إلى إسماعيل بن (عبيد الله) (2) قال: قدم أنس بن مالك على الوليد بن يزيد، فقال له: ماذا سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يذكر الساعة؟ (3).
فقال: سمعته يقول: "أنتم والساعة كهاتين".
قلت: إنما قدم على الوليد بن عبد الملك (4).
__________
(1) أي الحاكم.
(2) في (أ): (عبد الله)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، والتهذيب (1/ 317 رقم 576).
(3) كذا في (أ)، والمستدرك وتلخيصه المخطوطين والمطبوعين.
(4) جميع هذا الحديث ليس في (ب)، لأن الناسخ اختصره مع الحديث السابق، بسياقه بعض عبارة الحديث السابق، وقوله: (إلى آخره) بعد قوله: (فسموه الوليد) وهو اختصار مخلّ.
1124 - المستدرك (4/ 494)، قال الحاكم عقب الحديث السابق: هو الوليد بن يزيد، بلا شك، ولا مرية، فقد حدثنا أبو العباس الأصم، ثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني، ثنا بشر بن بكر، أخبرنا الأوزاعي، حدثني إسماعيل بن عبيد الله، قال: قدم أنس بن مالك على الوليد بن يزيد، فقال له الوليد: ماذا سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يذكر الساعة؟ فقال: سمعته يقول: "أنتم والساعة كهاتين".
قال الحاكم: "قد اتفق الشيخان على إخراجه من حديث شعبة، عن قتادة، وأبي التياح، عن أنس".
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم من طريق إسماعيل بن عبيد الله، عن أنس بهذا =
(7/3375)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= السياق، وعلى أن أنساً -رضي الله عنه- قدم على الوليد بن يزيد، وذكر أن الشيخين قد اتفقا على إخراج هذا الحديث من طريق شعبة عن قتادة، وأبي التياح، عن أنس، وهو كذلك، لكنهما أخرجا أصل الحديث، ولم يذكرا قدوم أنس على الوليد.
فالحديث أخرجه البخاري في صحيحه (11/ 347 رقم 6504) في الرقاق، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بعثت أنا والساعة كهاتين".
ومسلم (4/ 2268 - 2269 رقم 133 و 134) في الفتن، باب قرب الساعة.
وأحمد في المسند (3/ 123 - 124 و130 و 131 و 222 و 274 - 275 و 278).
والترمذي في سننه (6/ 459 - 460 رقم 2311) في الفتن، باب ما جاء في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بعثت أنا والساعة كهاتين".
وعبد بن حميد في مسنده (ص 218 رقم 1164).
جميعهم من طريق شعبة، عن قتادة، وأبي التياح، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "بعثت أنا والساعة كهاتين"، ولم يذكر الترمذي، وعبد بن حميد أبا التياح.
قال شعبة في بعض الروايات: وسمعت قتادة يقول في قصصه: كفضل إحداهما على الأخرى، فلا أدري، أذكره عن أنس، أو قاله قتادة؟.
وفي بعضها: وقرن شعبة بين إصبعيه، المسبَّحة، والوسطى، يحكيه.
وتابع شعبة عليه أبان العطار، وسعيد بن أبي عروبة.
أخرجهما الإمام أحمد في المسند (3/ 193 و218 و 283).
وتابع قتادة، وأبا التياح: حمزة الضبي، ومعبد، وزياد بن أبي زياد مولى ابن عباس. =
(7/3376)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أما رواية حمزة الضبي فأخرجها مسلم في الموضع السابق برقم (134) مقرونة برواية أبي التياح.
وأخرجها أحمد (3/ 222 و 278) مقرونة بروايتي قتادة، وأبي التياح.
وأما رواية معبد فأخرجها مسلم في الموضع السابق برقم (135).
وأما رواية زياد بن أبي زياد فأخرجها الإمام أحمد (3/ 237).
دراسة الإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم للاستدلال على أن المقصود بالحديث السابق:
"سميتموه بأسامي فراعنتكم ... " الحديث، هو الوليد بن يزيد، وذكر قصة قدوم أنس على الوليد بن يزيد، وكأنه ظن اختيار أنس لهذا الحديث ليحدث به الوليد عن قصد، وإيماء منه إلى أنه المقصود بالحديث السابق، وتعقبه الذهبي بقوله: "إنما قدم على الوليد بن عبد الملك".
وأنس بن مالك -رضي الله عنه توفي سنة ثلاث وتسعين للهجرة، والوليد بن يزيد إنما ولد سنة تسعين، وقيل: سنة اثنتين وتسعين، وتولى الخلافة سنة خمس وعشرين ومائة.
أما الوليد بن عبد الملك فإنه الذي كان على الخلافة أيام أنس بن مالك، فإنه تولى سنة ست وثمانين، ومات سنة ست وتسعين./ انظر سير أعلام النبلاء (4/ 347 - 348) و (5/ 370 - 373)، والبداية والنهاية (9/ 70) و (10/ 2).
ولا يعني هذا أن المقصود بالحديث -على فرض صحته- هو الوليد بن عبد الملك، فإن كلام أهل العلم متجه على أن المقصود به -لو صح-: الوليد بن يزيد.
وتقدم قول الزهري: "إن استخلف الوليد بن يزيد فهو هو، وإلا فالوليد بن عبد الملك".
وقول الأوزاعي: "فكان الناس يرون أنه الوليد بن عبد الملك، ثم رأينا أنه =
(7/3377)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الوليد بن يزيد؛ لفتنة الناس به حتى خرجوا عليه، فقتلوه، وانفتحت على الأمة الفتنة والهرج".
وقول ابن الجوزي: "الوليد بن يزيد أولى بها من الوليد بن عبد الملك؛ لأنه كان مشهوراً بالإلحاد، مبارزاً بالعناد".
وهذا الذي رآه الحاكم بقوله: "هو الوليد بن يزيد بلا شك، ولا مرية".
وأورد الحديث الذهبي في ترجمة الوليد بن يزيد في السير (5/ 371)، ولم يورده في ترجمة الوليد بن عبد الملك.
وقال ابن كثير في البداية (6/ 241): "الإخبار عن الوليد بما فيه له من الوعيد الشديد، وإن صح فهو الوليد بن يزيد، لا الوليد بن عبد الملك". اهـ. ثم ذكر الحديث.
وأما إسناد الحاكم لهذا الحديث فبيان حال رجاله كالتالي:
الراوي للحديث عن أنس هو إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي، مولاهم، الدمشقي، أبو عبد الحميد، وهو ثقة من رجال الشيخين، وهو مؤدب وله عبد الملك بن مروان./ الجرح والتعديل (2/ 182 - 183 رقم 621)، والتهذيب (1/ 317 - 318 رقم 576)، والتقريب (1/ 72 رقم 534).
وأما الأوزاعي فهو ثقة فقيه جليل من رجال الجماعة، تقدمت ترجمته في الحديث (1088).
وبشر بن بكر التّنيسي، أبو عبد الله البجلي، ثقة يغرب، روى له البخاري. / الجرح والتعديل (2/ 352 رقم 1336)، والتقريب (1/ 98 رقم 46)، والتهذيب (1/ 443 - 444 رقم 815).
وبحر بن نصر بن سابق الخولاني تقدم في الحديث (661) أنه ثقة.
وقد تصحف اسم بحر هذا في المستدرك وتلخيصه المطبوعين هكذا: =
(7/3378)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= (يحيى بن نصر)، ولم ينسبه، وما أثبته من المستدرك المخطوط، وهو منسوب فيه.
وأما شيخ الحاكم أبو العباس الأصم فتقدم في الحديث (531) أنه: ثقة إمام محدث.
الحكم على الحديث:
الحديث صحيح بإسناد الحاكم، لكن ذكره لقدوم أنس على الوليد بن يزيد غلط، والصواب ما ذكره الذهبي أن قدومه كان على الوليد بن عبد الملك، والله أعلم.
(7/3379)
1125 - حديث أنس مرفوعاً:
"والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة على رجل (1) يقول: لا إله إلا الله، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر".
قال: على شرط مسلم.
قلت: فيه سنان بن سعد، ولم يرو له مسلم.
__________
(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال: (الخ) إشارة لاختصار متنه.
1125 - المستدرك (